مدن لم ينصفها التاريخ
رشيد بكري
18/08/2014 07:49:00
من يخوض في تصفح تاريخ المغرب المعاصر برؤية ذات أبعاد نقدية صرفة ستتكون لديه فكرة إستنتاجية مفادها ثمة تمفصل كبير بين ما
سطرته أيادي النخب الساسوية بمعية الطغمة الحاكمة في مناهجها التعليمية المتحيزة ولوكته بشكل أعمى للناشئة حتى أ ضحى للأسف الحقيقة في شموليتها وبين ما ساهم في صنعه فعليا غالبية فئات الشعب المغربي الأحرار بدمائهم الزكية بعيدا عن لغة المراوغة و التملق واقتناص المناصب المتاحة بطرق ملتوية.
في غضون هذا التاريخ الجماهيري المنسي٬ أقبرت مدن عدة ذات إرث نضالي وتاريخي لا يستهان به وصنفت في اللائحة السوداء من قبل الأجهزة البوليسية الحاكمة لا لكون أن أبناءها مارقين ٬بل لأنهم وقفوا سدا منيعا في وجه أساليب القمع المخزني والاستبداد والفساد المستشري داخل أوساطه ورفعوا شعار العدالة للكل وتوزيع الثروات بشكل عادل وشفاف.
وتبعا لهذا٬ تأتي مدينة ابن أحمد آمزاب على القائمة السوداء٬ حيت أنها لم تنال حصة الأسد من الاستفادة سواء تعلق الأمر بمشروع فك العزلة الذي خطط له مباشرة في مغرب ما بعد الاستعمار أو من برنامج التنمية البشرية الذي دشن له في مغرب الراهن.
إذ ما يربوا من نصف سكانها يعيشون على الحضيض مع غياب تام وواضح لإقامة إي مشروع اقتصادي متواضع قد يحرك قاطرة التنمية في هذه المدينة الفقيرة٬ اللهم إن استثنى المرء معهد التكوين المهني للسياحة الذي أقيم هناك مدة عشر سنوات والذي تدرس به الأغلبية الساحقة من المناطق المجاورة و تساهم سوى بقسط ضئيل جدا لا يلبي على أي حال مطالب قاطني المدينة من الدخل الشهري٬ فضلا عن طرقها الغير معبدة التي لازلت العربات المجرورة بالحمير و البغال الوسيلة المستعملة بكثرة في تنقل سكانها٬ إلى جانب دروبها المشوهة عمرانيا والتي تعود إما للحقبة الاستعمار الفرنسي أو إلى الفترة المنسية لاستيطان التجار و الحرفيون اليهود هناك٬ هولاء الذين تركوا بصماتهم في أحياءها إلى حد لازلت بعض دروبها تحمل أسماءهم العبرية كدرب غويدة و جوزيف المتواجدان عند مدخل المدينة من ناحية طريق سطات الرئيسية ٬علاوة عن التداعي الذي أصابهم من جراء إطالة مدة الإهمال و النسيان في إعادة ترميمهم فاضحى جلهم مهجور ومهدم ٬ولاسيما حي القصبة العتيق ٬ناهيك عن الإرتسامات البناء الراهن التي لا تقل أهمية في هذا الشأن.
إن مدينة ابن أحمد التي أنجبت و لازلت أبرز رموز المعارضة الكبار بشتى أطيافهم الحزبية و مرجعياتهم الإيديولوجية كالدكتور عبد الكريم مطيع ٬أحد قيادي و مؤسسيي حركة الشبيبة الإسلامية سابقا والذي يقيم منفيا ببريطانيا بعد قيام الثورة الليبية و نوبير الأموي اليساري المشاكس بمنطقة ثلاثاء أولاد أو المعروف اختصارا بفيني التي لا تبعد إلا بضع كيلومترات قليلة عن مدينة ابن أحمد ليست الإستتناء ٬وإنما ثمة مدن أخرى طالها النسيان و التهميش رغم ما أبلته من بلاء حسن في دحر المستعمر و جره إلى حرب العصابات و المواجهة في الشوارع فاردت المئات منه جثتا مرمية على قارعة الطريق كما كتبه الفرنسيون عن ملحمة وادي زم و خريبكة و آبي جعد وكذا خنيفرة و مولاي بوعزة.
رشيد بكري
18/08/2014 07:49:00
من يخوض في تصفح تاريخ المغرب المعاصر برؤية ذات أبعاد نقدية صرفة ستتكون لديه فكرة إستنتاجية مفادها ثمة تمفصل كبير بين ما
سطرته أيادي النخب الساسوية بمعية الطغمة الحاكمة في مناهجها التعليمية المتحيزة ولوكته بشكل أعمى للناشئة حتى أ ضحى للأسف الحقيقة في شموليتها وبين ما ساهم في صنعه فعليا غالبية فئات الشعب المغربي الأحرار بدمائهم الزكية بعيدا عن لغة المراوغة و التملق واقتناص المناصب المتاحة بطرق ملتوية.
في غضون هذا التاريخ الجماهيري المنسي٬ أقبرت مدن عدة ذات إرث نضالي وتاريخي لا يستهان به وصنفت في اللائحة السوداء من قبل الأجهزة البوليسية الحاكمة لا لكون أن أبناءها مارقين ٬بل لأنهم وقفوا سدا منيعا في وجه أساليب القمع المخزني والاستبداد والفساد المستشري داخل أوساطه ورفعوا شعار العدالة للكل وتوزيع الثروات بشكل عادل وشفاف.
وتبعا لهذا٬ تأتي مدينة ابن أحمد آمزاب على القائمة السوداء٬ حيت أنها لم تنال حصة الأسد من الاستفادة سواء تعلق الأمر بمشروع فك العزلة الذي خطط له مباشرة في مغرب ما بعد الاستعمار أو من برنامج التنمية البشرية الذي دشن له في مغرب الراهن.
إذ ما يربوا من نصف سكانها يعيشون على الحضيض مع غياب تام وواضح لإقامة إي مشروع اقتصادي متواضع قد يحرك قاطرة التنمية في هذه المدينة الفقيرة٬ اللهم إن استثنى المرء معهد التكوين المهني للسياحة الذي أقيم هناك مدة عشر سنوات والذي تدرس به الأغلبية الساحقة من المناطق المجاورة و تساهم سوى بقسط ضئيل جدا لا يلبي على أي حال مطالب قاطني المدينة من الدخل الشهري٬ فضلا عن طرقها الغير معبدة التي لازلت العربات المجرورة بالحمير و البغال الوسيلة المستعملة بكثرة في تنقل سكانها٬ إلى جانب دروبها المشوهة عمرانيا والتي تعود إما للحقبة الاستعمار الفرنسي أو إلى الفترة المنسية لاستيطان التجار و الحرفيون اليهود هناك٬ هولاء الذين تركوا بصماتهم في أحياءها إلى حد لازلت بعض دروبها تحمل أسماءهم العبرية كدرب غويدة و جوزيف المتواجدان عند مدخل المدينة من ناحية طريق سطات الرئيسية ٬علاوة عن التداعي الذي أصابهم من جراء إطالة مدة الإهمال و النسيان في إعادة ترميمهم فاضحى جلهم مهجور ومهدم ٬ولاسيما حي القصبة العتيق ٬ناهيك عن الإرتسامات البناء الراهن التي لا تقل أهمية في هذا الشأن.
إن مدينة ابن أحمد التي أنجبت و لازلت أبرز رموز المعارضة الكبار بشتى أطيافهم الحزبية و مرجعياتهم الإيديولوجية كالدكتور عبد الكريم مطيع ٬أحد قيادي و مؤسسيي حركة الشبيبة الإسلامية سابقا والذي يقيم منفيا ببريطانيا بعد قيام الثورة الليبية و نوبير الأموي اليساري المشاكس بمنطقة ثلاثاء أولاد أو المعروف اختصارا بفيني التي لا تبعد إلا بضع كيلومترات قليلة عن مدينة ابن أحمد ليست الإستتناء ٬وإنما ثمة مدن أخرى طالها النسيان و التهميش رغم ما أبلته من بلاء حسن في دحر المستعمر و جره إلى حرب العصابات و المواجهة في الشوارع فاردت المئات منه جثتا مرمية على قارعة الطريق كما كتبه الفرنسيون عن ملحمة وادي زم و خريبكة و آبي جعد وكذا خنيفرة و مولاي بوعزة.