الأخبار
مع بدء ترحيل السكان.. تصاعد التحذيرات الدولية من اجتياح رفحمجلس الحرب الإسرائيلي يُقرر المضي في عملية رفحطالع: تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماسحماس تُبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النارممثل عشائر المحافظات الجنوبية يحذر من خطورة اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفححماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل أربعة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة
2024/5/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الهجرة الى الموت بقلم:د.محمد جودة

تاريخ النشر : 2014-09-21
الهجرة الى الموت بقلم:د.محمد جودة
الهجرة الى الموت

فجعنا وفجع الشعب الفلسطينى بأكمله لمرأى جثث أبناء قطاع غزة طافية على مياه المتوسط، أو ملقاة على رمال شطآنة الشمالية، فى نهاية مأساوية لحلقة جديدة فى سلسلة الهجرة اللا نهائية والمتواصلة منذ ستة وستين عاما.  لم يكن الحزن الذى اجتاحنا حزنا عاديا، ولم يكن الألم كذلك الألم الذى خبرناه أبان الحرب، فحزننا وألمنا أثناء الحرب كانا يزهران عزة وصمودا، ومع كل شهيد يرتقى كانت ارواحنا ترتقى بعيدا فى السماء،  وجذورنا تضرب عميقا فى الأرض، فى ملحمة الهية تستلهم التاريخ وتبشر بالوعد القادم. المنا فى هذه المرة ممزوج بالمرارة، والإهانة، وغصة فى الحلق.

الى وقت قريب كنا على قناعة بأن مشاهد الهجرة الجماعية للفلسطينيين من وطنهم عام 1948 والى حد أقل عام 1967 قد أصبحت شيئا من الماضى الذى لن يعود. وكنا نباهى العالم بأسطورة الثبات الفلسطينى على الأرض، وأن الفلسطينى يفضل الموت فى وطنه على الحياة خارجه. وأظننا كنا محقين فى ذلك فعلى مدار الإنتفاضتين والحربين السابقتين "2008 و2012 " لم نشهد نزوحا جماعيا ابدا، بل كانت اعداد القادمين الى الوطن دائما اكبر من أعداد المغادرين، فما الذى حدث هذه المرة؟ وما الذى يدفع الفلسطينيين وبينهم كبار ونساء وأطفال وعائلات بأكملها تجاوز عددهم حسب بعض التقديرات العشرة آلاف الى الفرار من الوطن الى المجهول وركوب الموت الى الموت.

آلمنى تسرع بعض "الناطقين الإعلاميين" فى القاء المسؤولية على عاتق الإحتلال، فهو الشماعة الجاهزة دائما لتعليق كل مصائبنا عليها، وهو المسؤول دائما عن كل مصائبنا، وكفى الله المؤمنين القتال. وآلمنى كذلك بعض "المحللين" والذى أعفى الجميع من المسؤولية وألقاها على كاهل "المهاجرين" والذين اختاروا أن يهاجروا هجرة "غير شرعية" لأنها ليست هجرة الى الله ورسوله.  ليس لدى شك فى أن الأمر أخطر من ذلك وأعمق، فهل هى الحرب الأخيرة بما فيها من قتل ودمار غير مسبوقين؟ هل هو الفقر وقلة ذات اليد؟ هل هى البطالة؟ هل هو الظلم الإجتماعى؟ هل هو انسداد الأفق السياسي؟ هل هو الإنقسام البغيض بكل تداعياته؟ أظن أن الأمر خليط من هذه الأسباب كلها وربما غيرها ايضا، وازعم أن أهمها هو آخرها وهو الإنقسام السياسي وتداعياته.  لقد أثبتت التجارب العديدة على مدى تاريخ صراعنا مع عدونا الصهيونى أن شعبنا يحتمل الجوع والألم والموت ولا يهاجر. وأن الفلسطيني لا يضيره أن يهدم بيته،  ففى كل حرب يهدم فيها بيته كان يصر على إعادة بنائه كأنه لن يهدم أبدا. الفلسطيني يحتمل كل هذه البلايا وأكثر منها، ولكن شيئا واحد نعرف جميعا ويعرف جميع من حولنا أن الفلسطيني لا يحتمله أبدا، أن يهان أو أن تمس كرامته.  ولا شك أن الإنقسام البغيض قد أهاننا جميعا، ومس كرامتنا جميعا. الجرح الذى يصيبنا والألم الذى نعانيه فى مواجهة أعدائنا يوحدنا، ويمدنا بالعز والفخار، ويرسخ صمودنا. أما الجراح التى تصيبنا بأيدينا فإنها تصيب أرواحنا قبل أن تصيب أجسادنا وتهيننا وتصيب كرامتنا وعزتنا.

لا شك لدى فى أن مسؤولية من يهاجرون ويموتون هى فى أعناقنا جميعا قبل أن تكون فى عنق الإحتلال. وأن هذه المسؤولية تحتم علينا البحث الجاد لتحديد أسباب هذه الظاهرة الصادمة ووضع الخطط اللازمة للتصدى لها وعلاجها قبل أن تستفحل. هذه المهمة أكبر من أن يتصدى لها شخص واحد أيا كان علمه وخبرته لذا فنحن فى حاجة الى لجنة وطنية مهنية ومتخصصة وخبيرة ومحايدة لتدرس الأمر من جميع جوانبه بعيدا عن الأهواء الفصائلية والحزبية والحسابات المصلحية. ولن نتمكن من فعل ذلك طالما ظل الإنقسام مستمرا. أعداؤنا يفعلون ذلك فى تقييم قضايا أقل خطورة، فيشخصون الداء ويصفون الدواء. أفلا نتعلم منهم، وليس عيبا أن نفعل، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو احق الناس بها.  أخشى إن لم نفعل ذلك أن نجد أنفسنا وقد اتسع الخرق على الراقع، وحينها سيصعب علينا تدارك الأمر، وإعادة الأمور الى نصابها.
 

د/ محمد جودة
غزة فى 20/9/2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف