الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما العلمانية بقلم:د. سامي عطا حسن

تاريخ النشر : 2014-09-20
ما العلمانية؟
د. سامي عطا حسن
مصطلح «العلمانية»: مصطلح غربي الأصل والنشأة والمولد، ظهر في منتصف القرن الماضي، ويعني دنيويًا غير ديني، ويقابله بالإنجليزية: secular وبالفرنسية: secularise أو Laique، وهو كما ورد في معجم العلوم الاجتماعية: نسبة إلى
«العلَم.. بمعنى: العالم»، وهو خلاف الديني أو الكهنوتي، وهذه تفرقة مسيحية لا وجود لها في الإسلام.
وأساسها: وجود سلطة روحية هي سلطة الكنيسة.. وسلطة مدنية هي: سلطة الولاة والأمراء...
تقول دائرة المعارف البريطانية: «العَلمانية - سيكوليرزم - secularism): «هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها..»(1).
ويقول معجم أكسفورد: «العلمانية تعني»:
أ- دنيوي أو مادي ليس دينيًا ولا روحيًا: مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة.
ب- الرأي الذي يقول أنه لا ينبغي أن يكون الدين أساسًا للأخلاق والتربية(2).
العلَمانية من العلم أم من العالم؟
العَلمانية - بفتح العين - هي الترجمة الصحيحة على غير قياس لكلمة secularism الإنجليزية أو secularit الفرنسية، وهاتان الكلمتان لا صلة لهما بلفظ العلم ومشتقاته، فالعلم في الإنجليزية والفرنسية يعبر عنه بكلمة science والمذهب العلمي
نطلق عليه كلمة scientism والنسبة إلى العلم هي scientific أو scientifique في الفرنسية، والترجمة الدقيقة للكلمة هي العالمانية أو الدنيوية أو اللادينية، ولكن تحولت كلمة عالمانية إلى عَلمانية لأن العربية تكره تتابع الحركات وتلجأ
إلى التخفف منه(3).
ومع أن هذا التأصيل المعجمي لمصطلح العلمانية يكاد يكون حاسمًا في أن العلمانية من العالم وليس من العلم، ذلك لأنها بفتح العين وليس بكسرها، فإن كثيرًا من العلماء والباحثين العرب والمسلمين مختلفون حول النسبة الصحيحة للعلمانية، فالبعض ينسبها إلى العلم وينطقها بكسر
العين، ومن هؤلاء: د.محمد سعيد رمضان البوطي(4)، ود.يوسف القرضاوي(5)، ود.عبدالعظيم المطعني(6)، ومحمد مهدي شمس الدين(7)، ود.عماد الدين خليل(8) ود.زكي نجيب محمود(9)، ود.سفر الحوالي(10).
وممن أجاز الوجهين -الكسر والفتح- د.عزيز العظمة، وإن كان يفضل الكسر(11)، ود.رفعت السعيد(12).. إلا أن الأغلبية الساحقة من الباحثين والمفكرين ينطقون الكلمة بالفتح وينسبونها إلى العالم وليس إلى العلم، وهو ما يتفق مع المصادر الغربية التي توضح مصدر
الكلمة ومعناها، والغاية منها، ومن هؤلاء: د.محمد البهي(13) ود.محمد عمارة(14)، ود.عبدالوهاب المسيري(15)، ود.السيد رزق الحجر(16)، ود.أحمد فرج، ود.عبدالصبور شاهين، ود.عدنان الخطيب(17)، ود.حسن حنفي(18)، ود.محمد عابد الجابري(19
)، ود.مراد وهبة(20)، ود.عادل ضاهر(21)، ود.حسين أحمد أمين(22)، ود.عبدالمجيد الشرفي(23)، وغير هؤلاء من الباحثين، إسلاميين وعلمانيين، وليس مرادي هنا الاستقصاء.
أما العِلمانية -بالكسر- فهي احتكام لمنطق العلم- في تأويل الأشياء المتصلة بمختلف أوجه النشاط البشري(24)، وهي ظاهرة حديثة وظفتها العَلمانية -بالفتح- توظيفًا خاطئًا وخطيرًا على البشرية والإنسانية جمعاء. لأن العلم عند الغربيين الطبيعيين لا يتناول إلا المحسوسات
والمشاهدات، فهو العلم الطبيعي والرياضي فقط(25)، أما عندنا فالعلم يشمل كل ما يتصل بالكون والإنسان والحياة.
ولعل المعنى الصحيح لترجمة كلمة «العلمانية» هي «اللادينية» أو «الدنيوية»(26)، لأنها مشتقة من العالم أي «الدنيا»(27). ومن هنا فإن العلماني هو الدنيوي لأنه يهتم بالدنيا، بخلاف الديني أو الكهنوتي، فهذا الأخير يهتم بالآخرة...
ويتضح ذلك مما تورده دوائر المعارف الأجنبية للكلمة:
تقول دائرة المعارف الأميركية: الدنيوية هي: نظام أخلاقي أسس على مبادئ الأخلاق الطبيعية، ومستقل عن الديانات السماوية، أو القوى الخارقة للطبيعة...(28).
والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو: فصل الدين عن الدولة.
وهو في الحقيقة لا يعطي المدلول الكامل للعلمانية الذي ينطبق على الأفراد وعلى السلوك الذي قد لا يكون له صلة بالدولة(29).
ولم ترد لفظة العلمانية في معاجم اللغة العربية القديمة، بل وردت في بعض المعاجم الحديثة، ومن ذلك: المعجم الوسيط(30) حيث قال: العلماني نسبة إلى العلم بمعنى العالم، وهو خلاف الديني أو الكهنوتي(31).
وأول معجم ثنائي اللغة قدم ترجمة صحيحة للكلمة هو قاموس «عربي فرنسي» أنجزه لويس بُقطر المصري، عام 1828م، وهو من الجيل الذي ينتمي للحملة الفرنسية، وقد كان متعاونًا مع الفرنسيين، ورحل معهم إلى باريس، وعاش هناك، وكانت ترجمته لكلمة:
cecularite: عالماني، ولكلمة: ceculier، علماني، عالماني، وميزة هذه الترجمة أنها أول وأقدم ترجمة صحيحة للكلمة، تدحض آراء الذين يعتبرون العلمانية من العلم، لأنه نسبها إلى العالم(32).
وهذا التأصيل المعجمي لمصطلح العلمانية في اللغة، يكاد يكون حاسمًا في أن العلمانية من العالم، وليس من العلم، ولذلك فهي بفتح العين وليس بكسرها.
أما العلمانية في الاصطلاح:
فهي دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، وتعني في جانبها السياسي بالذات.. اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم، والمذهب العلمي(33).
ولاشك أن كلمة العلمانية اصطلاح غربي، يشير إلى انتصار العلم على الكنيسة النصرانية، التي حاربت التطور باسم الدين(34). ومن هذا يتضح لنا أنه لا علاقة لكلمة العلمانية بالعلم، وإنما علاقتها قائمة بالدين على أساس سلبي، وهو نفي الدين عن مجالات الحياة: السياسية،
والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية.
وخلاصة القول: إن العلمانية اسم لمذهب فكري، عقدي، اجتماعي، يهدف إلى حمل الناس على إبعاد الدين عن حياتهم، ويعمل في مجالات ومحاور عديدة منها:
المحور السياسي والاقتصادي: بجعل القوانين الوضعية هي أساس السياسة، والاقتصاد، ولا اعتبار للدين.
المحور الاجتماعي: ويعمل على خلق نظام اجتماعي يستمد قيمه من الفلسفات البشرية، دون النظر للدين، وعدم اعتبار الدنيا قنطرة للآخرة -كما يقول الدين الصحيح-، وقصر اهتمامهم على ملذات الدنيا.
المحور التربوي والأخلاقي: بإبعاد التوجيهات الدينية عن مجالات التربية والأخلاق، واستمدادها من نظم الحياة المعاصرة.
المحور العقدي: ويقوم على الإيمان بالمادة المحسوسة، ورفض الإيمان بالميتافيزيقا، أو ما وراء الطبيعة، أي: بالغيبيات، وما لا يدرك بواسطة الحواس الخمس(36).
أي أن الدولة لا تلتزم بأي معتقد، أو دين.. كما أنها لا تخص أي دين باعتراف خاص به.. أو بعطف خاص.. أو بمساعدة امتيازية.. ولا تقوم في نفس الوقت بالدعوة للإيمان بأي دين، فالعلمانية بإيجاز: هي عزل الدين عن الحياة الاجتماعية للأفراد، وعن شؤون الإدارة، والتعليم، والحكم.
الهوامش
1 - 19. Ency.Bribunnica vol .ixp
2 - 785 :Oxford advanced learners dic. of current English
3- انظر د.عبدالصبور شاهين «العلمانية - تاريخ الكلمة» ص124، مقال ملحق ضمن كتاب أحمد فرج «جذور العلمانية».
4- انظر: د.محمد سعيد رمضان البوطي «العقيدة الإسلامية والفكر المعاصر» ص247.
5- انظر: د.القرضاوي: التطرف العلماني في مواجهة الإسلام ص13 - أندلسية للنشر والتوزيع - المنصورة - الطبعة الأولى 1421 هـ، 2000م
6- انظر: د.المطعني العلمانية وموقفها من العقيدة والشريعة ص7.
7- الشيخ محمد مهدي شمس الدين «العلمانية» ص125
8- انظر: عماد الدين خليل «تهافت العلمانية» ص46 مؤسسة الرسلة- ط6 /1407 هـ 1986م.
9- انظر: د.زكي نجيب محمود «تجديد الفكر العربي» ص34، 35.
10- انظر: د.سفر الحوالي «العلمانية» ص21- دار مكة للطباعة والنشر والتوزيع - الطبعة الأولى 1402 هـ 1982م مكة المكرمة .
11- انظر: د.عزيز العظمة «العلمانية تحت المجهر» ص157.
12- انظر: د.رفعت السعيد «العلمانية بين الإسلام والعقل والتأسلم» ص7 .
13- انظر: د.محمد البهي «العلمانية والإسلام بين الفكر والتطبيق» ص7، 8 - طبعة القاهرة 1976 .
14- انظر: د.محمد عمارة «العلمانية بين الغرب والإسلام» ص5- دار الوفاء للنشر- الطبعة الأولى 1417 هـ
15- انظر: د.عبدالوهاب المسيري «العلمانية تحت المجهر» ص58-60.
16- انظر: د.السيد رزق الحجر «مدخل لدراسة الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر» ص316-317.
17- انظر: «جذور العلمانية» ص129، 117، 146 للدكتور السيد أحمد فرج .
18- انظر: د.حسن حنفي ود.عابد الجابري «حوار المشرق والغرب» ص42- مكتبة مدبولي-
19- انظر: د.محمد عابد الجابري «وجهة نظر» ص102.
20- انظر له: «ملاك الحقيقة المطلقة» ص23- مكتبة الأسرة 1999م.
21- انظر له: «الأسس الفلسفية للعلمانية» ص37- دار الساقي- الطبعة الثانية 1998 - بيروت.
22- انظر له: «حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية» ص90، 95.
23- انظر له: لبنات ص53-68- دار الجنوب للنشر- تونس .
24- انظر: د.فتحي القاسمي ص55، 65.
25- انظر: د.ولتر ستين «الدين والعقل الحديث» ص251 ترجمة وتعليق د.إمام عبدالفتاح إمام- مدبولي - القاهرة ط1/1998. وانظر: د.زكي نجيب محمود «خرافة الميتافيزيقا» ص3 مكتبة النهضة المصرية 1953.
26- انظر قاموس المورد لمنير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت 1977م.
27- منير البعلبكي: قاموس المورد، ص: 510، 517، 518، 527. دار العلم للملايين، بيروت.
28- انظر الاتجاهات الكفرية المعاصرة د.علي جريشة ص85 نقلًا عن المجلد 24.
29-انظر: العلمانية لسفر الحوالي ص23.
30- المعجم الوسيط: 2/624.
31- الكهنوت: خدمة أسرار الكنيسة- سريانية معربة- والتاء فيه للمبالغة لا للتأنيث كتاء ملكوت وجبروت، ودرجاته ثلاث: الشماس، والقسيس، والأسقف، ومراتبه كثيرة منها: القاري، والخوري، والمطران، والبطريرك، والبابا، وفعله: كهن، وتكهن تكهنًا فهو كاهن، ج: كهنة.
انظر: جذور العلمانية المرجع السابق، ص151، نقلًا عن قاموس الأسقف جرمانوس فرحات ط سنة 1849م
32- انظر د.أحمد فرج: ص138.
33- انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ص367.
34- انظر: الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة ص103.
35- انظر: العلمانية والإسلام بين الفكر والتطبيق، د.محمد البهي. وتهافت العلمانية، د.عماد الدين إسماعيل. والعلمانية نشأتها وتطورها د.سفر الحوالي. والتيار العلماني الحديث وموقفه من تفسير القرآن، د.منى محمد بهي الدين الشافعي.
36- انظر: جوزيف مغيزل، العروبة والعلمانية، ص21. دار النهار للنشر، بيروت، 1980م.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف