الأخبار
بلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع الشعب الفلسطيني.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولى
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تركيا والحرب على "داعش" بقلم: عريب الرنتاوي

تاريخ النشر : 2014-09-19
تركيا والحرب على "داعش" بقلم: عريب الرنتاوي
تركيا والحرب على "داعش"

كتب عريب الرنتاوي

سخر الرئيس التركي من الذين يوجهون أصابع الاتهام لبلاده بدعم "داعش"، واعتبر اتهامات من هذا النوع، ضرباً من "الوقاحة"، وهذا أمر مفهوم تماماً، فالدول الأكثر تورطا وسفوراً في دعم الإرهاب ورعايته، عادة ما تسخر من مثل هذه الاتهامات، وتصفها بأكثر مما وصفها به، رجب طيب أردوغان، فما بالك بدولة مثل تركيا، قدمت نفسها نموذجاً لإسلام متصالح مع الديمقراطية والعلمانية والمدنية، عضو في حلف شمال الأطلسي وتسعى لعضوية الاتحاد الأوروبي؟!
 
مع أننا لم نقرأ تقريراً واحداً، لصحيفة دولية أو إقليمية، ولم نتصفح دراسة واحدة لمركز أبحاث عالمي أو إقليمي، إلا وتضمن تأكيدات لا لبس بها، بأن ألوف الجهاديين من أنصار "داعش" و"النصرة"، إنما وصلوا إلى سوريا، ومنها إلى العراق، عن طريق تركيا، وبصورة تكاد معروفة تماماً لسكان القرى التركية الحدودية العاديين، دع عنك رجال الأمن والاستخبارات وقوات حرس الحدود.
 
المؤكد أن مقاتلين كثر، أمكن لهم التسلل عبر حدود سوريا مع دول أخرى، لكن هذه الظاهرة على خطورتها، ظلت محدودة، وذات طبيعة فردية في الغالب الأعم... أما "التسلل الجماعي" إلى سوريا، فظل ميزة حدود تركيا المفتوحة بقرار سياسي، وثمة عشرات إن لم نقل مئات الشهادات لـ "مجاهدين" رووا فيها تفاصيل رحلة ذهابهم وإياهم إلى ساحات الجهاد، ودائماً عبر تركيا وحدودها المفتوحة ومن خلال شبكات الدعم والإسناد التي ما كان لها أن تكون بهذه الكفاءة، لولا الضوء الأخضر الحكومي.
 
أما روايات تهريب السلاح والعتاد ومعسكرات التدريب، فهي أكثر من أن تعد وتحصى، ويصعب معها على أي مسؤول، أن يصف الاتهامات لبلاده بدعم الإرهاب بـ “الوقحة"، من دون أن ينتظر ابتسامات ساخرة من الطرف الآخر، وحالة من عدم التصديق، وأحياناً الرثاء للحال التي وصلت إليها السياسة التركية، بعد عقد من النجاح المبهر لسياسة "القوة الناعمة"، ظننا فيها أن طريق أنقرة لـ "صفر مشاكل"، هو طريق ذي اتجاه واحد.
 
وفي المصادر المتعددة التي تروي قصة تركيا مع "داعش" وأخواتها، يستوقف المراقب ثلاثة مؤشرات، تفتح باب التأويلات والتفسيرات على مصراعيه: أولها، أن معظم تجارة "داعش" النفطية، تتم عبر شبكات تهريب مجهولة/ معلومة، تنتهي جميعها بالأراضي التركي، وهذا أمر ليس صدفة على الإطلاق، ولا يمكن تفسيره بقصور الأجهزة الأمنية، وهذا مصدر تمويل أساسي لدولة البغدادي ... ثانيها، أن حكاية الدبلوماسيين الأتراك المختطفين لدى النصرة، الملتبسة جداً، والتي لا يكاد يؤتى على ذكرها في وسائل الإعلام، لم تعد سببا كافياً لتبرير سلوك تركيا وتفسيره، حتى أن البعض أخذ يستحضر سيناريو "المؤامرة" عند الحديث عن هذه المسألة، وينظر إليها بوصفها "عملية منسقة" بغرض التمويه والتعمية ولخلق الذرائع والمبررات ... وثالثها، أن "داعش" التي بحثت في شتى أرجاء العراق وسوريا عن كل ضريح ومقام لكل الأولياء والأنبياء والصالحين، لنسفه وتدميره، وقفت خاشعة أمام ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الدولة العثمانية، والذي مهما بلغت رفعته، فلن تطاول رفعة الأنبياء الذي أطاحت "داعش" بقبورهم وأضرحتهم، فلماذا تبدر القبور والأضرحة حرام هنا وحلال هناك؟
 
في الأسباب، يقال إن تركيا استعجلت إخراج الأسد من عرينه الدمشقي، ولما أعيتها الحيلة و"المعارضة المعتدلة"، لجأت إلى "سحر داعش"، ظناً منها أن السحر لن ينقلب على الساحر ... ويقال أيضاً، أن تركيا، لعبت بورقة "داعش" لإجهاض الحركة الاستقلالية الكردية في المثلث التركي – العراقي – السوري ... ويقال كذلك، أن تركيا ما كانت لتفعل ما فعلته، لولا الأضواء الخضراء الكثيرة، التي حصلت عليها من عواصم عدة، ودائماً لتحقيق الرهانات والأهداف ذاتها، قبل أن يستيقظ المجتمع الدولي والإقليمي على خطر "داعش"، ويبدأ من جديد، في إشعال حرب كونية ثانية ضد الإرهاب، بعد فشل الحرب الكونية الأولى قبل ثلاثة عشر عاماً في تحقيق مراميها، بدلالة أن القاعدة فرّخت نسخة أكثر دموية وتطرفاً وخطورة ممثلة في صورة "داعش"، وأن الإرهاب الذي تمركز على "أطراف الكرة الأرضية" في جبال تورا بورا، أصبح اليوم متمركزاً في قلب العالم القديم، وعلى مفترق الطرق بين قارات الثلاث، ويكاد يبني دولة بحجم فرنسا على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط.
 
اليوم، تركيا تواجه حرجاً شديداً، فهي الدولة الأطلسية الوحيدة في "ائتلاف جدة" المناهض للإرهاب، لكنها الدولة الوحيدة التي لم توقع على ميثاقه وبيانه التأسيسي ... هي الدولة الأطلسية الوحيدة على حدود سوريا والعراق، ولكنها الدولة الوحيدة التي ترفض الاشتراك في قتال "داعش"، ويقال أيضاً أنها ترفض تقديم تسهيلات لقتالها ... هي الحليف الأكبر والأوثق للولايات المتحدة، وهي الحليف الذي يشكل تردده ومماطلته، نقطة الضعف الأبرز في استراتيجية أوباما لمحاربة "داعش".
 
تركيا اليوم، مثل الباكستان في العام 2011: حليف قوي لواشنطن، بيد أنه حليف غير موثوق، بل ومتورط في شبكة علاقات "تحتانية" مع "الجهاد العالمي" ... الدولتان أغمضتا أعينهما عن القاعدة و"داعش" في إطار حسابات دورهما الإقليمي، هناك ضد الهند أولاً وإيران بدرجة ثانية، وهنا ضد الأسد والمالكي والأكراد، وبدرجة أقل ضد إيران ... هناك كان يتعين على الولايات المتحدة، أن تتعامل مع حليف لا يمكن الوثوق به في ظل صلاته مع قاعدة بن لادن، وهنا تتصرف الولايات المتحدة بطريقة مماثلة... لكن الدولة الأعظم، وفي الحالتين، تصرفت من موقع الاضطرار وأحياناً من موقع التواطؤ.
 
ستمضي الحرب ضد "داعش" بتركيا أو من دونها، وستكشف وقائعها، خصوصاً التحقيقات التي ستجري مع عشرات ومئات القادة الذين سيلقى القبض عليهم، عن شبكة العلاقات الخفية بين "داعش" وأنقرة، وربما بينها وبين عدد آخر من دول المنطقة، شرع منذ اليوم، في إعادة تقديم أوراق اعتماده لعواصم الغرب الكبرى، مشفوعة بصفقات فلكية في مجالات النفط والغاز والسلاح وغيرها، لكن المهم أن تتحلى الولايات المتحدة بالنزاهة للكشف عن شبكة علاقات "داعش" الخفية مع دول المنطقة وأجهزة استخباراتها، وهو أمرٌ لم تفعله واشنطن بعد حرب أفغانستان، والمرجح أنها لن تفعله بعد حرب سوريا والعراق.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف