الأخبار
حماس: ذاهبون إلى القاهرة بروح إيجابية للتوصل إلى اتفاقإعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرج
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإنـتـمـاء لـلـمُـضـْطـَـهـَديـن..!!بقلم:د.عبـد القـادر حسين ياسين

تاريخ النشر : 2014-09-02
الإنـتـمـاء لـلـمُـضـْطـَـهـَديـن..!!بقلم:د.عبـد القـادر حسين ياسين
الإنـتـمـاء لـلـمُـضـْطـَـهـَديـن..!!
الدكتور عبد القادر حسين ياسين*
هـِسـلـهـولـمـن  Hässleholmen   ضاحية من ضواحي مـديـنـة بـوروس Borås حـيـث أقـيـم احتـلت في الشهرالماضي مكان الصدارة في أجهزة الأعلام السويدية عندما شهدت اضطرابات وتصادمات بين سكان الضاحية والشرطة السويدية. وتعيش في هـِسـلـهـولـمـن أغلبية من المهاجرين الـصـرب والـبـوسـنـيين واليونانيين والإيرانيين والفلسطينيين واللبنانيين والأكراد وأقلية من الشباب السويديين العاطلين عن العمل أو ذوي الاتجاهات السياسية التقدمية.
ولا أغالي إذا قلت إنني ، قبل أن أنتقل إلى هـِسـلـهـولـمـن ، كنتُ اشعر بنوع من الانتماء لهذا المكان ؛ ذلك انه يذكرني دائما بانتمائي إلى المخيم الفلسطيني ، سواء كان ذلك في مخـيم النويعـمة في أريحا ، أو مخيم الوحـدات القريب من عـَمـّان ، أو مخـيم بـُرج البراجـنة حيث أقمـتُ في مـطـلـع الـثـمـانـيـنـات من القـرن الماضي.
في هـِسـلـهـولـمـن  أستيقظ ، في عطلة نهاية الأسبوع ، على أصوات الأطفال الأكراد خلف شباك غرفتي وهم يلعـبون بصخـب مـُحبـَب إلى قـلبي منذ أيام المخيم .
وفي الساحة الرئيـسـية التي تزدحم بالبسطاء أستطيع سماع الموسيقى بصخب مُحبـب أيضا إلى ذاكرتي كما كنت أسمعه من أجهزة التسجيل في " الحـِسبة " في مخيم الوحـدات .
في هـِسـلـهـولـمـن  يـُـلـقـي جاري السويدي العجوز عليَّ تحية الصباح ، رغم أنني لا أعرف إسـمـه ولا يعرف إسـمي .
في هـذه الضاحية في " بلد الرفاه " يـَسـرق الناس لأنهم فـقـراء ، وعـاطلون عـن العمل ، كما يـَسرق الآخرون غيرهم في العـديد من دول العالم الثالث .
إلى شباك غـرفـتي يـطـيـرُعصفور دوري كل صباح ...
يـنـقـر زجاج النافذة ، فأنهـض لأفـتحها ، فأتـذكر "عـريشة العـنب" في مخيم النويعـمة .
وفي هـِسـلـهـولـمـن   تـَعـوي كلابٌ لم يـُدجـِّـنها الطعام المـُعـلـَّب "الخالي من الكولسترول" لكي  "تحافظ الكلاب على رشاقـتها " .                              
ان هـِسـلـهـولـمـن  الفقيرة السعيدة التي  اشتري من سوقها النعـناع ، والفجل ، والبقدونس ، والبصل الأخضر "المستورد خصيصاً من تركيا" ، تصبح "مـُخـيما فـلسـطينيـاً" في لحظات الـوَجـد والشعـور بقـسوة المنفى في هـذه الأصقاع الشمالية المتجمـدة .
في هـِسـلـهـولـمـن  ثمة أناس يشبهون وجهي ،
صاخـبون،  يـنـفـعـلون بلا حياء ،
 يـقـفـون في زوايا الحارات و"الزواريب" ،  كما يفعل سكان الأرياف في بلادنا ،
يناقـشون أمورهم الحـياتية...  
يشكون ارتفاع الضرائب أو تضخـم الأسعـار ،
أو يتحدثون عن الأحـبة في الوطن البـعـيد .
إن تداخل صورة هـِسـلـهـولـمـن  مع صورة المخيم لن تصل إلى حد التطابق حـتـماً ،  وان وصلـت فهذا يعـني أن الشعور بالمنفى قد محـق ، وهذا أمر مستحيل .
لكن في المنفى ألا نقوم حقـا بعـملية واعـية ، ولا واعـية  في الوقت نفسه ، لإيجاد صورة متميزة لمنـفـانا لا تشبه المكان الذي نعيش فيه ، حيث نقوم باقـتـطاع حـيـّز من البلد المنفي ، ونبنيه على أساس صورة الوطن البعـيد الذي نشتاق إليه ؟ !
إذن ؛ هـل كان انفعالي [العـدواني؟!] الذي لم يترك للتسامح مطرحاً ضد تلك المرأة الكـردية التي قالت لي قبل عامين أنها لا تذهب إلى هـِسـلـهـولـمـن  لأنها "منطقة وسخة تضم حـُثالة الناس" ... هو انفعال ضد موقـفـها من صورة الوطن البعـيد الذي أحـب واشتاق إليه ؟
بعد مرور سنوات في هذه الأصقاع الشمالية أعـتقـد أن الـمـنـفـــيـيـن هـم أشـد الناس حرصا على تميزهم ، وأقـلهم قـدرة على التسامح .
بل على العكس ؛ إنهم يقومون بعملية واعـية لدفع الأمور إلى التوتر وصقـل حساسيتهم في منفاهم ، لدرجة تصبح فيها قابلة للضجيج عند أي احتكاك معارض للصورة التي ينسجونها لأنفسهم .
ولكن أليست تلك المرأة الكردية صورة أخرى للمنفـية عن وطنها ؟
إذا كان الأمر كذلك ، فهل موقفها ذلك يعـني أنها اقـتطعـت حيزاً من السـويـد  ليس فقط لا يشبه الحـيز الذي اقتطعـته أنا وإنما يتناحر معه إلى حد العـداء ؟
ربما يكون كل ذلك صحيحا .
وثمة قـدر كبير من الصحة في أننا غالبا ما نكون ضحايا وسائل الإعلام والأفكار التي تقدم إلينا يوميا في الصحافة والإذاعة والتلفزيون .
ربما تكون تلك المراة الكردية  ضحية لكل هـذا ،  وربما تكون هـِسـلـهـولـمـن  الضحية الاولى التي تـُقـتل يوميا ، كما أن المخيم الفلسطيني ضحية العـصر بامتياز . ولكن ألا يكون الانتماء أعـمـق وأقوى وأكثر عـذوبة حينما يكون الامر متعلقا بالانتماء للمضطهـَـد ين (بفتح الهـاء)؟ ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مـقيـم في السـويد .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف