الأخبار
إعلام إسرائيلي: جيشنا انهار في 7 أكتوبر رغم تدريباته لمنع هجوم مماثلكم تبلغ تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة؟تركيا تُوقف جميع التعاملات التجارية مع إسرائيلغزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار
2024/5/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سؤال الأردن: ما الذي يعرفه الملك ولا نعرفه؟بقلم: محمد قواص

تاريخ النشر : 2014-08-26
سؤال الأردن: ما الذي يعرفه الملك ولا نعرفه؟بقلم: محمد قواص
بقلم: محمد قواص

 لافتٌ الجدل الداخلي الراهن في الاردن. النقاش يدورُ حول رسالة شهيرة وجّهها الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء عبد الله النسور يحث الحكومة لاتخاذ خطوات اصلاحية لتحديث العملية الديمقراطية ولضرورة "تفعيل وزارة الدفاع". رد النسور برسالة يستأذن فيها بالذهاب نحو تعديلين دستوريين يتيحُ للملك، في التعديل الأول (وهو ما يمهنا) تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات من قبل الملك. وصلت الرسالة: بهذا المعنى تعودُ السلطة الأمنية والعسكرية بالكامل إلى ملك البلاد، بعد أن كان أمرُ اقتراح التعيين يأتي بالتنسيب والتوافق وتوقيع الحكومة ورئيسها.

كان للجدل أن يكون عادياً في بلد تتعايشُ فيه مؤسسات السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يتبارى فقهاء الدستور في الافتاء بما يجوز وما لا يجوز، لكن توقيتَ الأمر وسط هذا المخاض الاقليمي الهائل الذي يجري على مشارف الأردن، أثار أسئلةً حول ما وراء هذا التحوّل السلطوي الخاص بالمؤسستين العسكرية والأمنية وتوقيته في هذه الأيام.

يأتي التعديل الدستوري، في ظاهره، عكس الموج الضارب على شطآن المنطقة برمتها. فعبق الربيع العربي الذي أسقط أنظمة وهزّ عروشاً، يدفع بالانظمة الصامدة، لا سيما الملكية، على منوال ما فعل محمد السادس في المغرب، أن تتخلى عن سلطات وتفوّضها للمؤسسات المنتخبة أو المنبثقة عنها. بيد أن رسالة الملك والتعديلات الدستورية التي سببتها، قد توحي بابتعاد الملك الأردني عما بشّر به من إقامة ملكية دستورية حديثة تحاكي شروط العصر وتتسق مع مستجدات "الربيع"، ذلك أن الإتجاه نحو خيار تكثيف سلطات في يد الملك، قد يسوق البلاد صوب ما يشبه الملكية المطلقة، أو ما وصفه معلقون أردنيون بـ "الملكية الرئاسية".

آراء عديدة تتناقض وتتقاطع في أمر الرسالة وما بعدها. مدافعون يعتبرون المبادرة الملكية خطوةً اصلاحية، ذلك أنها تخلّص المؤسسات العسكرية والأمنية من التجاذبات السياسية التي تنتج عن أي انتخابات بين تيارات وأحزاب، وبالتالي تتيحُ للجيش والأمن التفرغ لمهامهم الأصلية: الدفاع عن الأردن. معارضون يعتبرون التعديلات خطيرة تتناقض مع أحكام الدستور، وتهدد العملية الديمقراطية في الأردن، وتتجاوز رقابة الحكومة والبرلمان، وتشكل إلغاءً لأساس النظام البرلماني الذي يقوم عليه الدستور الأردني، وتطيح بالاصلاحات السياسية التي لطالما وعد بها الملك نفسه.

في غموض التوقيت ومبرر عجالته يخرجُ في الأردن من يستنتج ويتساءل: ما الذي يعرفه الملك ولا نعرفه؟ فالمملكة تراقبُ بقلق التطور الداعشي على حدودها العراقية، وتراقب بقلق ثان الكارثة الدموية في سوريا، وتراقب بقلق ثالث التطورات الفلسطينية التي قد تنسحب على الضفة الغربية المطلة على الأردن.

في صمت الأردن وهدوء مقارباته لبراكين المنطقة عملٌ دؤوب لحماية البلد من اختراقات أو من عدوى تنقل العلّة إلى داخله. قامت الطائرات الأردنية، في السابق، وبشكل حاسم حازم، بقصف عربات كانت تحاول اختراق الحدود السورية الاردنية، على ما يشي بتحسس عمّان للاخطار المتسرّبة من وراء الحدود، وإدراك رسميّ لجدية الأخطار واحتمالات انسيابها عبر الحدود. وفي التطور الدستوري الجديد المتعلق بمسؤولية الملك في تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات ما يشي أن تطورات عسكرية أمنية مقبلة. جسارة الآتي تحتاج إلى سرعة في اتخاذ القرار، وسرعة في التحرك العملاني الاستراتيجي، والذي قد لا يحتمل تأويلات الدستوريين واجتهادات البرلمانيين وحسابات الوزراء.

لا شيء في المداولات الأردنية المنشورة حول أمر التعديلات الدستورية يوحي بتطورات أمنية عسكرية محتملة. حتى أن اقتصار الجدل على فتاوى قانونية دستورية، وعلى أخرى في الاصلاح والتحديث، يثير استغراباً حول الحكمة من انعدام النقاش حول ما الذي ينتظر الأردن والأردنيين، وحول غياب سيناريوهات تتعلق بأمن الأردن في المستقبل القريب، ودور الأردن المقبل (وربما مصيره) في ما يشبه التحوّلات الجراحية الجاري في المنطقة.

غير أن منطقَ الأمور، سواء تلك المتعلقة في الأردن بتعديلات تطالُ علاقة الملك بالجيش وأجهزة الامن دون المؤسسات الأخرى، أو تلك في خارج الأردن، والمتعلقة بتحولات دولية كبرى إزاء ظاهرة داعش، يوحي أن في الأمر عجالة وضرورة لا تحتمل لبساً أو تردد. في رسالة الملك أشارات في هذا الإتجاه. عبدالله الثاني يتحدث عن "أجواء بالغة الخطورة وغير مسبوقة يمرُ بها إقليمنا"، ويدعو إلى ضرورة "تعزيز القدرات الدفاعية العامة للدولة "، ويطالب بالعمل "بما يمكّن الجيش العربي من التفرغ الى وظائفه الدفاعية الاحترافية ".

في الأردن من يعتبر أن تعيين الملك لقيادة العسكر والأمن تمثّل تورطا للقصر في تحمّل مسؤولية أخطاء او اخفاقات قد تصدر عن هذه المؤسسات، وبالتالي تخلّص الحكومة من تلك المسؤولية التي تحاسب عليها. فمن يحاسب الاردنيون في شأن أداء تلك المؤسسات؟ ثم أن هناك من يعتبر أن تلك التعديلات تُفقد الملك صفته كحكم بين جميع سلطات الدولة وتحوّله إلى لاعب، أو أحد اللاعبين، داخل تلك السلطات، ما يفقد البلاد عامل توازن واستقرار ضروريين. وفي الجدل من استغرب، أصلاً، الذهاب إلى هذه التعديلات، ذلك أن أمر تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات لطالما كان يأتي من القصر، عملياً، على أن يوقّع رئيس الوزراء على التعيين شكلياً.

على أن الحدث يربك الطبقة السياسية برمتها بحيث تأتي ردودها ركيكة لا تحاكي سببية الأمر ومبرراته. واحد من المدافعين عن التعديلات يعتبرها "إصلاحية أمنية بامتياز"، في ظل الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها المنطقة، خاصةً مع تدخل جيوش عربية في الشؤون السياسية لبلدانها وانهيارها، فيما رئيس الوزراء يعبّر عن حرج ما ويعتبر أنه "لا يوجد أي سبب لهذه التعديلات الدستورية بأي شكل من الأشكال، إلا الرقي بالعملية الديمقراطية، ودفعها خطوة واسعة إلى الأمام."

لكن بغضّ النظر عن هذا الجدل الصحيّ والحيوي لدى النخب السياسية والقانونية والاعلامية، فإن أمراً كبيراً بدأ الأردنيون يشعرون أنه وراء هذا التطور، وأن المعلومات التي قد تكون نمت للقصر تبرر تجاوز ما هو اصلاح وتحديث لصالح أولويات الأمن والوجود التي تحيط بالمملكة وتبث أخطارها. فحين تتحرك واشنطن ولندن وباريس باتجاه مقاربة أمر داعش على مستويات استراتيجية دولية عامة (حسب رواية الرئيس الفرنسي على الأقل)، فإن للأردن دور، أقله الحفاظ على الأردن.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف