الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التاريخ الاقتصادي واهميته بقلم: ا.د.ابراهيم خليل العلاف

تاريخ النشر : 2014-07-25
التاريخ الاقتصادي واهميته بقلم: ا.د.ابراهيم خليل العلاف
التاريخ الاقتصادي واهميته
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جلمعة الموصل
يخطئ من يظن ان التاريخ هو العلم الذي يهتم بالتحولات السياسية وسير الحكام والسلاطين والملوك .ان هذه النظرة الى التريخ قد انتهت مع الحركة الانسانية التي شهدتها اوربا في اعقاب انتهاء العصور الوسطى وبدأ الاهتمام بالانسان بأعتباره محور الحركة التاريخية .وحركة الانسان في الزمان والمكان لاتقف عند حدود اقامته لانظمة الحكم وتشريعه القوانين التي تنظم الحياة فحسب وانما تتسع لتشمل سعيه وراء معاشه وبناء المدن وتنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلى هذا الاساس تطورت الدراسات التاريخية لتأخذ فضلا عن الابعاد السياسية البعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .وهكذا بدأ المؤرخون يهتمون بالتاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي والتاريخ الثقافي .وبقدر تعلق الامر بالتاريخ الاقتصادي فأن البعض يربطون بين الاهتمام بالتاريخ الاقتصادي والنظرية المادية التاريخية التي جاءت بها الماركسية وهذا ليس صحيحا فالمؤرخون في الغرب يهتمون بالتاريخ الاقتصادي ويضعون بعد انجاز دراساتهم في هذا الميدان القواعد والقوانين التي تفسر التطورات التاريخية وهنا يختلفون مع الذين يذهبون مذهب الماركسية فالماركسيون يفسرون التاريخ وفق نظرية مسبقة prejudgment
ويقولون بأن البشرية مرت بخمسة مراحل هي المشاعية البدائية والرق والعبودية والاقطاع والرأسمالية ولابد وان يأتي اليوم الذي يقيم فيه الانسان مجتمعه الشيوعي . وبذلك فهم يضعون النظرية ويغوصون في اعماق التاريخ ليأتوا بالاحداث التي تدعم نظريتهم .في حين ان المؤرخين الموضوعيين الذين يهتمون بالتاريخ الاقتصادي يبدأون بدراسة الاحداث التاريخية من دون ان تكون لهم نظرية معينة او تفسير محدد والدراسة العلمية المنهجية المعتمدة على جمع المادة وتحليلها وتفكيكها ومن ثم اعادة تشكيلها من جديد هي التي تهديهم الى ما يساعدهم على تفسير الاحداث تفسيرا علميا يأخذ بتعددية العوامل ويرفض اي تفسير احادي الجانب .
من حسن الحظ فأن رائدي التاريخ الاقتصادي العربي هم من المؤرخين العراقيين واقصد الاستاذ الدكتور صالح احمد العلي والاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري فكليهما اهتم بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي حتى ان احد النقاد اجاب على سؤال يتعلق بأهم ما انجزه العرب على صعيد التريخ الانساني في القرن العشرين فقال ان ما قدمه المؤرخان العراقيان العلي والدوري هو من اهم ما قدم للبشرية من منجز علمي .
ان دراسات الاستاذين الدكتورين الدوري والعلي في مجال التاريخ الاقتصادي والاجتماعي تعد في طليعة الدراسات الاقتصادية لجديتها وتفردها بمعلومات ونتائج قيمة اذ تعد تلك الدراسات رائدة –بحق- فبدايات الاستاذ الدكتور العلي كانت في اواخر الاربعينات من القرن الماضي مع دراسة "التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الاول الهجري .. في حين كانت بدايات الاستاذ الدكتور الدوري مع" تاريخ العراق العراق الاقتصادي في القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي " .ومن الطبيعي ان تنمو الدراسات الاقتصادية في الوطن العربي بعد منجزي العلي والدوري وتتسع وتتزايد فلدينا اليوم كم هائل من الدراسات الاقتصادية العربية التي وجدت في دراستي الدوري والعلي حافزا للعناية بدراسة التاريخ الاقتصادي للمجتمعات العربية سواء على صعيد التاريخ الاسلامي او التريخ الحديث .
ان مما تهتم به الدراسات التاريخية الاقتصادية الاسلامية والحديثة تقديم اطار عام يشتمل على حقول الاقتصاد والمفردات الاقتصادية من عوامل انتاج وتضخم وانكماش ونقود وضرائب وتنظيمات مالية ومؤسسات اقتصادية ومصرفية واحكام اراض وزراعة واصلاح زراعي وصناعة وتجارة وصناعة واصناف وتنظيمات حرفية فضلا عن دراسة ظروف الازدهار الاقتصادي او التدهور الاقتصادي والازمات النالية والنشاط الاقتصادي الخاص ووضع القوى الاقتصادية من طبقات وسطى ومن عمال او فلاحين او كسبة او رأسماليين وطنيين اسميهم انا بالاقتصاديين الوطنيين الذي ناضاوا الاستعمار ليس بالادوات السياسية بل بالفعاليات والمشروعات الاقتصادية امثال طلعت حرب في مصر وعبد الحميد شومان في فلسطين والاردن ونوري فتاح ومصطفى الصابونجي وعبد الهادي الجلبي وال الخضيري في العراق واميل البستاني في لبنان وغيرهم .
ان الانسان عندما وجد على ظهر الارض وانشأ الحضارات القديمة ومنها حضارة وادي الرافدين وحضارة اليمن القديمة وحضارة وادي النيل فأنما عرف بذلك الزراعة والصناعة والتجارة وتنظيم المجتمع والدولة وعرف العلوم ودون اعماله على الطين والحجر والاجر فمن هو الباحث الجدير بمتابعة كل تلك الانجازات سواء التي قام بها اجدادنا او التي نقوم نحن بها اليوم أليس هو المؤرخ ؟ ومن يمتلك ادوات البحث ومناهجه للولوج في هكذا ميدان غير المؤرخ .وما هي غاية التاريخ ؟ اليست غايته الكشف عن ما فعله ويفعله الانسان وما الذي يفعله الانسان ؟ اليست النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ..لماذا نهتم بالنشاطات السياسية ولانهتم بالنشاطات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؟ .
لقد مضى الزمن الذي نقف فيه عند نشاطات الحكام والخلفاء والسلاطين فالتاريخ هو تاريخ الانسان تاريخ العامل والتاجر والحرفي والصانع والفلاح والمثقف ..نعم انه تاريخ الانسان وتاريخ مؤسساته ونظمه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .
واذا كان كارل ماركس قد عد القوة المنتجة اساسا للمجتمع وقاعدة سفلى له وما اقامه الانسان من نظم وابدع فيه من افكار قاعدة عليا فان التاريخ الاقتصادي يرى بأن الانسان هو المحور ..هو الاساس وللانسان حاجات نفسية وبيولوجية وهو بقدر ما يحتاج الى الطعام واللباس والمسكن والنظام الاجتماعي فأنه بحاجة الى الافكار والرؤى والفن ويقينا ان قوة الدولة الاقتصادية من قوة الافراد الاقتصادية والطرفين يستندان الى ما هو متوفر من موارد طبيعية وموارد بشرية للقيام بالاعمال التي تغير من واقع المجتمع .نعم التريخ لايمكن ان يكون وراءه عامل واحد بل عوامل متعددة لسبب بسيط هو ان الحياة معقدة ومتفاعلة والعامل الاقتصادي هو احد القوى المحركة للتاريخ ويظهر اثره في وقائع اكثر مما يظهر اثره في وقائع اخرى وكما هو معروف فأننا اذا اردنا ان ندرس على سبيل المثال الثورة الصناعية فأننا سوف نهتم بالانتاج والاسواق والسلع والبضائع والدخل والضرائب والاستهلاك ورؤوس الاموال وانتقالها واستثمارها والبنوك ..التفسير الاقتصادي للتاريخ ودراسات التاريخ الاقتصادي تؤكد على المؤسسات المهنية والحرفية والمالية والمصرفية والتجارية والصناعية والتجارية وهو في كل الاحوال جزءا لايتجزأ من التاريخ العام .
وكما هو معروف فأن المؤرخ الاقتصادي ينبغي ان يتسلح بأسلحة خاصة في مقدمتها تأتي المعرفة بعلمي الاقتصاد والاحصاء ولااقول المعرفة الدقيقة وانما لابد ان يكون المؤرخ على معرفة ولو يسيرة بمكنونات هذين العلمين المهمين وهذا طبيعي في الدراسات التاريخية فالقاصي والداني يعرف ان المؤرخ لابد وان يستعين في دراساته وبحوثه في ما يسمى "العلوم المساعدة " أو "العلوم الموصلة " ومنها " الجغرافية "و " الاقتصاد " و"علم النفس " و" الاحصاء " و" الادب " و"اللغة " وغيرها وحسب نوع وصنف الدراسة التاريخية التي يقوم بها .
يظل التاريخ علما حيا له ثلاثة ابعاد فهو في طبيعته علم وادب وفلسفة غهو علم لانه ينتهج المنهج العلمي وادب لانه يعرض منتجه بأسلوب بليغ وواضح وفلسفة لانه يهتم بالتحليل والتفسير وايجاد النظريات والقوانين .
اضرب من نفسي مثلا فلقد تلقيت دراساتي التاريخية على اساتذة افذاذ شكلوا النواة الاولى للمدرسة التاريخية العراقية المعاصرة منهم الاستاذ الدكتور جواد علي والاستاذ الدكتور زكي صالح والاستاذ الدكتور فيصل السامر والاستاذ الدكتور فاضل حسين والاستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف والاستاذ الدكتور محمد الهاشمي والاستاذ الدكتور عبد الله الفياض والاستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار ولم ار ايا منهم ينكر اهمية التاريخ الاقتصادي ولقد كان من الاساتذة الذين رأيتهم في قسم التاريخ بكلية الاداب جامعة بغداد في الستينات والسبعينات من يفسر التاريخ تفسيرا ماركسيا منهم الاستاذ الدكتور حسين قاسم العزيز كما تعرفت على الاستاذ الدكتور محمد انيس وهو استاذ مصري عمل في كلية الاداب –جامعة بغداد يذهب مذهب اولئك المهتمين بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي لذلك ايقنت يقينا جازما بأهمية التاريخ الاقتصادي ويشرفني بأنني اشرفت على رسائل واطروحات في التاريخ الاقتصادي منها رسائل واطروحات عن " الاصناف والتنظيمات المهنية " وغرفة تجارة بغداد " و"غرفة تجارة الموصل " و"تاريخ الصناعة الوطنية في العراق " .
بقي ان اقول واذكر الاخرين من زملائنا المسؤولين في الدراسات التاريخية وخاصة العليان ان من مقتضيات العمل ان لانترك تاريخنا يدرس من قبل الاخرين من باحثين غربيين او شرقيين او مستشرقين دراسة خارجية وهو ان يهتموا بتاريخنا الاقتصادي ويفسرونه حسب اهوائهم ومصالحهم فنحن اولى منهم لاننا نفهم روحية تاريخنا وعوامله وظروفه المعقدة واقول هنا اليس من العيب ان يأتي مستشرق ليدرس الفتوحات العربية الاسلامية ويفسرها على انها سعي للحصول على الغنائم ؟ ونقف نحن عاجزين بدعوى ان التاريخ الاقتصادي او الدراسات الاقتصادية ليست من مهامنا !!! .اننا لانريد ان نخضع تاريخنا لنظريات بعيدة عن واقعنا وفي الوقت نفسه لابد ان ندرس تاريخنا بروح النقد والتفحص ونؤكد بأن تاريخنا حي وان حاضرنا متصل بماضينا وان الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية متداخلة ولايمكن اغفال جانب منها او تغليب جانب على اخر واخيرا فأن تاريخنا بقدر ما فيه من جوانب مشرقة مضيئة فأن فيه جوانب مظلمة وهذا ليس عيبا ففي تاريخ كل الامم انتصارات وانكسارات ولابد ان يدرس المجتمع كوحدة لاتتجزأ تتداخل فيه العوامل وتتشابك وتتبادل التأثير .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف