الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أمن منطقة الشرق الأوسط على ضوء انتشار أسلحة الدمار الشامل بقلم: د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2014-04-16
أمن منطقة الشرق الأوسط على ضوء انتشار أسلحة الدمار الشامل بقلم: د.عادل عامر
بقلم - د.عادل عامر

كان موضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى أهدافها الأبعد مدى يمثل جانباً مهماً من التباحث حول مسألة الأمن في منطقة الشرق الأوسط منذ سني السبعينيات ، على أقل تقدير . بعد ذلك جاءت حرب الخليج في عام 1991 لتضع هذه المخاوف في الصدارة ، وخصوصاً بين المراقبين الغربيين ، ثم عاد فعزز منها بقوة ذلك المناخ الذي أعقب أحداث 11 أيلول وما تلاه من حديث عن " محور الشر " ، ومن بعده الحرب التي شنت على العراق في عام 2003 ، على اعتبارها مسألة متعلقة باستراتيجية الأمن القومي والأوضاع القائمة في المنطقة . بل أن الترابط  المنظور ، في الواقع ، بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب وإمكانيات التحرك والوصول بين مختلف أنحاء العالم يجعل التطورات الحادثة في الشرق الأوسط من شؤون الداخل الأميركي فضلاً عن كونها من شؤون الأمن الإقليمي . ما الذي يجعل أسلحة الدمار الشامل تحتل كل هذه المكانة البارزة في حسابات الشرق الأوسط المعاصرة ؟ على مدى عقود الحرب الباردة كانت الاستراتيجيات تتقبل في حساباتها مجازفة أن تكون المعركة النووية الفاصلة هي  " العامل الفاعل الدائم " ، وكانت مناقشات الأمن الإقليمي تقر باحتمالات التصعيد وإمكانيات استخدام السلاح النووي أو الكيمياوي مستقبلاً . فالأسلحة النووية والصواريخ البعيدة المدى كانت جزءاً من المعادلة الإقليمية منذ أزمة السويس في عام  1956  ، على أقل تقدير ، عندما هددت روسيا ( ولو أنها لم تكن صادقة تماماً في ذلك التهديد ) بتوجيه ضربات نووية ضد بريطانيا وفرنسا رداً على تدخلهما في مصر . وفي عام 1967 ، ومرة أخرى في عام 1973 ، لاح في الأفق طيف المجابهة النووية بين القوى العظمى في إطار الصراع العربي - الإسرائيلي . كذلك ظل الرادع النووي الإسرائيلي عاملاً من عوامل الأمن الإقليمي لعقود من الزمن ، ولم تتردد إسرائيل في سبيل الإبقاء على احتكارها للقدرة النووية في المنطقة عن تدمير المفاعل النووي العراقي في عام 1981 . ثم جاءت نهاية الحرب الباردة لتكسر تلك الصلة المسلم بها بين النزاعات الإقليمية وتوقعات التصعيد ثم انجرار القوى العظمى واحتمالات استخدام أسلحة الدمار الشامل . وقد وفر عهد ما بعد الحرب الباردة لجميع اللاعبين ، الإقليميين منهم والخارجيين ، حرية فعل أوسع ، حيث خفض من جسامة المخاطر المصاحبة للتدخل ، ولكنه أزال في نفس الوقت كثيراً من القيود القديمة التي كانت مفروضة على السلوك ضمن المنطقة . ففي عالم يستطيع اللاعبون الخارجيون فيه أن يأملوا في النأي بأنفسهم عن العواقب المترتبة على الخلافات الشرق أوسطية ، يصبح مجهزو التكنولوجيا العسكرية ، بما فيها المعدات والتقنيات ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل ، أقل حذراً إزاء تناقل مثل هذه المواد . فالاتحاد السوفيتي كان راعياً رئيسياً ومجهزاً للمعدات العسكرية التقليدية الثقيلة خلال فترة الحرب الباردة ، ولكنه رغم هذا كان يحجم عن إرسال التكنولوجيا التي يتوقع منها أن تؤدي إلى التصعيد لئلا تعقد عليه تخطيطاته الأمنية . ولكن الحوافز الاقتصادية والسياسية لدى الروس ، أو غيرهم من اللاعبين الخارجيين ، لإرسال معدات ذات علاقة بأسلحة الدمار الشامل إلى منطقة الشرق الأوسط قد ترجح كفتها عندهم الآن على كفة المحاذير المتوقعة . واليوم تساهم عوامل أخرى عديدة في إبراز أهمية أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى في الأمن الشرق أوسطي . أولاً ، أن الشرق الأوسط هو المنطقة التي استخدمت فيها   الأسلحة غير التقليدية والصواريخ البعيدة المدى في الصراعات الحديثة ، ولو أن ذلك الاستخدام كان على نحو تكيتيكي محدود . فقد استخدمت مصر الأسلحة الكيمياوية في اليمن في الستينيات ، ويزعم أن ليبيا أيضاً استخدمتها في تشاد . كذلك تفيد تقارير بأنها استخدمت في افغانستان ، ثم استخدمت مؤخراً في السودان . والعراق استخدمها ضد الأكراد ، واستخدمها على نطاق واسع في الحرب العراقية - الإيرانية . أما الصواريخ فقد استخدمت في الحرب العربية - الإسرائيلية في عام 1973 ( كصواريخ سكود المصرية وصواريخ فروغ - 7 السورية ) ، واستخدمت في " حرب المدن " بين إيران والعراق ، وفي الحرب الأهلية في اليمن ، وخلال حرب الخليج في 1991 . كذلك أطلقتها ليبيا على الأراضي الإيطالية ، ولو أنها لم تحدث تأثيراً . ويبقى التهديد باستخدام هذه المنظومات معلماً مألوفاً من معالم أية مجابهة تتفجر في المنطقة ، أو على أطرافها . ثانياً ، أن الشرق الأوسط منطقة متقدمة من مناطق انتشار هذه الأسلحة ، حتى لو لم يجر استخدامها بالفعل . فمعظم مصدري أسلحة الدمار الشامل الرئيسيين في العالم ينتظمون على مسار قوس يمتد من شمال أفريقيا إلى باكستان ( ومن الممكن أيضاً أن تؤثر اختبارات الأسلحة النووية والصواريخ الجارية في جنوب آسيا على معايير الانتشار في منطقة الشرق الأوسط ) . فوجود الصراعات النشطة والنقاط الساخنة في عموم المنطقة يعني أن امتلاك أسلحة الدمار الشامل لا يمثل مجرد مسألة هيبة وطنية وثقل استراتيجي ، بل أنه عامل حقيقي تماماً له حضوره في الموازنات العسكرية وفي أي حرب تخاض . ثالثاً ، يأتي بروز أهمية أسلحة الدمار الشامل في البيئة الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط محاطاً بشكوك كبيرة حول دوافع اللاعبين الإقليميين وثقافتهم الاستراتيجية . إذ يغلب الإعتقاد بأن أساليب التفكير في أسلحة الدمار الشامل ، وخصوصاً الأسلحة النووية والصواريخ ، التي كانت قد تطورت خلال فترة الحرب الباردة بعيدة الصلة بأوضاع وخلفيات منطقة الشرق الأوسط . ولا يزال من غير الواضح بعد إن كان ناشروا الأسلحة  " الخارجون عن القانون " سيتصرفون بتعقل أو إن كان في الإمكان ردعهم عند اللزوم بالمنطق التقليدي . وفي إطار هذا الموضوع وسواه يثير توقع حدوث صراعات في الشرق الأوسط ، قد تتضمن استخدام أسلحة الدمار الشامل ، شتى أنواع القضايا التي لا تبعث على الارتياح لدى لإستراتيجيين الغربيين ، وحتى لدى اللاعبين الإقليميين أنفسهم فيما يفترض . والمجابهة الفلسطينية - الإسرائيلية الدائرة ، بما تحمل من مخاطر التصعيد الإقليمي ، تكسب هذه القضايا ثقلاً وفورية أعظم . رابعاً ، تثير وتائر وخصائص انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط اهتماماً بالغاً للغاية لدى اللاعبين من خارج المنطقة .

فروسيا والصين وكوريا الشمالية ، وآخرون غيرهم محتملون ، هم المجهزون الرئيسيون للأسلحة والمواد والمعرفة التقنية المطلوبة لتطوير القدرات المحلية . في حين أن متابعة تحقيق السلام في الشرق الأوسط والسعي وراء أيجاد سبيل إلى إمدادات الطاقة في المنطقة هما المسألتان اللتان تحظيان بأهمية استثنائية من بين كل الشؤون العالمية الأخرى ، وسوف ترغمان أميركا والغرب على مواصلة الاهتمام بهما . ولهذه الأسباب وسواها تتطلب المنطقة تواجداً وتدخلاً عسكرياً غربياً . فانتشار الأسلحة قد يتداخل تأثيره مع عملية سلام الشرق الأوسط ومع الاستقرار في الخليج ومنطقة البحر الأبيض المتوسط . ومن الممكن أن يغير ظهور قوى نووية جديدة محتملة في المنطقة مستقبلاً ، وما يصاحب ذلك من نشر  صواريخ ذات مديات أبعد ، حسابات التدخل والاشتباك الغربية في الشرق الأوسط على نحو عميق ومعقد . كذلك قد يغير من تلك الحسابات التحول إلى " عالم من الدفاعات " ، من الناحيتين العملياتية والاستراتيجية . وكما أظهرت الحرب على العراق في عام 2003 ، فإن مسألة امتلاك أسلحة الدمار الشامل واحتمالات استخدامها في المستقبل قد تصلح مبرراً لشن الحرب بحد ذاتها . أخيراً ، فإن ما تبديه أميركا من قلق متزايد بشأن قدرات التسلح بأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إنما يعكس قلقاً أشد منه عمقاً يتعلق بأمن الولايات المتحدة داخل أراضيها نفسها ، وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول . كما أن بروز ظاهرة الإرهاب العالمي وما بدا من صلاتها بالشرق الأوسط تثير ، عند أخذها مصحوبة بمستوى الفتك المتنامي الذي أسفـر عنه " الإرهاب الجديد " ، محاذير استخدام الإرهابيين لأسلحة الدمار الشامل داخل الأراضي الأميركية . فالسهولة التي يمكن أن يتحرك بها الناس والمواد والتقنيات تعني أن انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط لن يكون ظاهرة تأخذ مجراها بمنأى عن الولايات المتحدة وحلفاءها . وسواء تم نقل هذه الأسلحة بواسطة الصواريخ البعيدة المدى أو بأيدي العملاء ، فإن الأسلحة عالية التدمير هي الأمثلة الأشد دراماتيكية ووضوحاً عما تتسم به البيئة الأمنية الجديدة من خصائص القدرة على الانتقال عبر المناطق . كما أن اتساع المديات التي صار بوسع هذه الأسلحة أن تصلها بات يتحدى المفاهيم التقليدية بشأن الأمن الإقليمي . فآسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأوراسيا ونصف الكرة الغربي برمته أشد اعتماداً على بعضها البعض أمنياً اليوم من أي وقت مضى . إن انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط له تأثير على الأمن في سائر أنحاء الكرة الأرضية ، وبالمقابل فإن من الممكن لتطورات تحدث في أماكن أخرى بعيدة أن تؤثر في أنماط انتشار أسلحة الدمار داخل المنطقة . وعند أخذ هذه العوامل مجتمعة يتضح مدى تزايد أهمية أسلحة الدمار الشامل في أمن منطقة  الشرق الأوسط . وهي تثبت ما للمسألة من صلة متنامية القوة بالتطورات الجارية خارج المنطقة وداخلها . وهذا الفصل يقوم باستعراض العديد من تقييمات أوردتها المصادر الممتازة المتاحة لبرامج أسلحة الدمار الشامل وتوجهات الانتشار. وهو يركز على تحليل تطورات الانتشار وما تعنيه بالنسبة لأمن المنطقة واستراتيجيتها ، ومن ثم يقوم بتقييم التوجهات الحالية وأثرها على الجدل الدائر بشأن الانتشار

تقييم التوجهات الحالية تفترض التقييمات الغربية لتوجهات نشر الأسلحة في الشرق الأوسط ، في أغلب الأحيان ، وجود سرعة في وتائر الحيازة والنشر ليس لها ما يبررها على ضوء التجربة الحديثة . فعلى مدى عقود من الزمن ، دأب المحللون على التنبؤ بقرب ظهور قوة نووية جديدة في المنطقة :    " في ظرف عقد من الزمن " . وكانت مطامح إيران النووية موضوع دراسة وتأمل حتى من قبل حدوث الثورة الإيرانية . كذلك بقي نشر الصواريخ بعيدة المدى ، القادرة على تجاوز حدود المنطقة  ( 1000 كم فما فوق ) ، متأخراً نوعاً ما عن أشد التنبؤات تطيراً . وحتى بلدان مثل الجزائر ، التي كانت لعقد مضى مثار قلق الغرب في إطار انتشار الأسلحة ، لم تطور برامج ذات بال . ولكن على العكس من ذلك كانت قدرة العراق ، التي ظلت مصممة رغم كل ما أصابها على تطوير أسلحة الدمار الشامل حتى تحت ظروف المراقبة المشددة والحصار ، ستثير دهشة المحللين في مطلع التسعينات . كما أن ما تكشف من تطوير العراق لأسلحة إشعاعية في أواخر الثمانينيات يبرز أهمية الانتشار المستقبلي المحتمل ، حتى لما هو أدنى من القدرات النووية الفعلية . وفي الواقع ، كانت محاولة التوصل إلى رأي قاطع حول السرعة التي تمضي بها عقارب الساعة صوب ظهور قدرة نووية في العراق هي النقطة المركزية في الجدل والتجاذب الدوليين الذين كانا يدوران بشأن ضرورة التدخل وتغيير النظام قبل حرب عام 2003 . كذلك فأن مشاريع إيران النووية والصاروخية آخذة في النشوء والتطور على نحو مستقر وثابت ، ولكن حتى هنا تتفاوت وجهات النظر  كثيراً عند محاولة تقدير الموعد الذي ستتمكن إيران فيه من إنتاج أسلحة نووية ، أو الدفع إلى الميدان بصواريخ عابرة للقارات . ومما لا ريب فيه أن هذه الأسئلة سوف تؤدي إلى اجتذاب أساليب مراقبة أشد دقة وتمحيصاً في أعقاب الحرب على العراق في 2003 واستمرار الشكوك المتعلقة بمدى حجم ما كان يمتلكه العراق من أسلحة الدمار الشامل . لقد توسعت قدرات أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ، وأثبتت شدة عنادها في وجه أنظمة حظر الانتشار المفروضة عليها .

وقد تكون وتيرة الخطى أبطأ مما كانت تقدره التوقعات ،  خصوصاً في حالة الأسلحة النووية ، ولكن التوجهات رغم ذلك منذرة بالسوء .

 وقدرات أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها عدد من دول المنطقة تعد كبيرة جداً ، حتى لو لم يكن هناك مزيد من التطوير والنشر . كذلك فأن حجم الموارد التي ترصد لمشاريع أسلحة الدمار الشامل يشير إلى الأهمية التي تمثلها هذه الأسلحة لدى العديد من دول المنطقة . لذلك فأن الأمر يستحق إجراء مسح ، ولو موجز ، لأوضاع قدرات التسلح بأسلحة الدمار الشامل في بلدان معينة  والعمل على توفير " لمحة سريعة " على التقديرات الحاضرة التي تلفت الإنتباه إلى مشاريع تسترعي الاهتمام بشكل خاص . ( ولكن في ضوء احتلال العراق سوف لن تشمل المناقشة مشاريع ذلك البلد وتطلعاته المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في المسح التالي لدول الشرق الأوسط التي تمتلك قدرات من هذا النوع ) .

الجزائـر

قبل اندلاع أعمال العنف في عام 1991 كان المحللون الغربيون يركزون اهتمامهم على المشروع النووي الوليد في الجزائر ، وعلى مفاعلات الاختبار ومفاعل الطاقة الضخم (في عين عسيرة ) الذي تم تطويره بمساعدة صينية . كذلك كانت التقارير تفيد بأن الجزائر تتسلم مواد نووية من العراق خلال أزمة الخليج 1990 - 1991 . وقد أثارت سعة المشروع الجزائري والظروف المحيطة به شكوكاً حول التطلعات النووية الجزائرية . كما أن المسؤولين الجزائريين من جانبهم كانوا يكثرون من التصريحات حول القيمة الجيوستراتيجية للقدرة النووية ، حتى لو اقتصر الأمر على مجرد إنشاء مشروع مدني لإنتاج الطاقة . وللجزائر أيضاً قدرات كبيرة جداً على إجراء البحوث في مجال الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية ، ولكن لا تتوفر أدلة كافية على أن هذه الأسلحة تمثل أسبقية بالنسبة للنظام . وتفيد التقارير بأن الجزائر استطلعت إمكانية شراء صواريخ بالستية بعيدة المدى من الصين وكوريا الشمالية ، كما أن من المعروف عنها أنها تنشر صواريخ سكود - بي ( مداها 300 كيلومتراً ) الروسية الصنع .وإذ يتراجع العنف في الجزائر ، يتجه هذا البلد إلى استطلاع مجالات في السياسة الخارجية أكثر نشاطاً ، بما في ذلك مقدمات للتقارب مع المؤسسات الأمنية الغربية (والجزائر الآن عضو في المحادثات الثنائية لحلف شمال الأطلسي المتعلقة بالبحر الأبيض المتوسط ) .

وبتحسن العلاقات مع المغرب ، المنافس الجيوسياسي الرئيسي ، ومع التخفيض الكبير في الاستثمارات المرصودة للتكنولوجيا النووية ، تتراجع بشدة توقعات متابعة الجزائر مشروعها الطموح لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.

ليبيـا

كانت ليبيا نقطة متقدمة في إطار تركز المخاوف من انتشار الأسلحة ، وهنالك تشديد خاص على قدراتها في مجالي الأسلحة الكيمياوية والصواريخ . فليبيا لها محاولات قديمة للحصول على السلاح النووي أو تطويره ، ولكنها على ما يبدو لم تحرز تقدماً يذكر . إلا أن اهتمام النظام بشراء سلاح جاهز ، ناهيك عن سعيه الحثيث لتطوير قدرة التصنيع ذاتياً ، يعني أن التساؤل المتعلق بتحديد نقطة الشروع الليبية يبقى قائماً ، وتبقى إمكانية الحيازة السرية " المفاجئة " لسلاح نووي ماثلة . كذلك فأن تعليق الحظر ، الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة ، في أعقاب محاكمات لوكربي قد يسهل أمام ليبيا ولوج منافذ الحصول على تقنيات مزدوجة الاستخدام في الحقول التي قد تسعى من خلالها إلى إدامة محاولات التطوير الذاتي ، بما في ذلك المشاريع البايولوجية والكيمياوية . وفي الوقت الحاضر يعتقد أن لليبيا مشروع بحوث متواضع في مجال الأسلحة البايولوجية ، ومشروعاً آخر أوسع منه لانتاج الأسلحة الكيمياوية قام فعلاً بانتاج كميات من عوامل الأعصاب والعوامل الملهبة للأنسجة الحية . ولكن يعتقد أن مصنعي الربطة والترهونة - اللذان كانا موضع مراقبة مكثفة من قبل الأميركيين ومدعاة لإطلاق التهديدات والتدخل في أواسط التسعينيات - متوقفان عن ممارسة أي نشاط في الوقـت الحاضر . أما مشروع الصورايخ الليبي فإنه ، من الناحية الجدلية ، يعد في مقدمة مصادر القلق من انتشار الأسلحة في شمال أفريقيا بالنسبة للحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية ، وهو الأبرز كذلك في إطار عموم المنطقة . حيث تقوم ليبيا بنشر صواريخ قديمة جهزتها بها روسيا من نوع فروغ - 7 وسكود - بي . كما أن ليبيا استطلعت في بداية عام 1990 إمكانية شراء سكود - سي وأنظمة متوسطة المدى قادرة على بلوغ 1000 كم أو أكثر من كوريا الشمالية . وبالإضافة إلى هذا ، توحي زيادة مديات الصواريخ التي اختبرتها كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة ، ومن بينها صواريخ نودونغ البالغ مداها 1300 كم ، وتايبودونغ -1 البالغ مداها 2000 كم ، بأن مكونات هذه الأنظمة والمعونة الفنية المتصلة بها باتت مطروحة في السوق الآن ، وسوف تكون ليبيا مشترياً محتملاً لها . وقد سبق لليبيا أن أطلقت صواريخ سكود على قاعدة لوران الأميركية على جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في عام 1986 ، وكررت تهديداتها بضرب أهداف في جنوب أوروبا . ونشر ليبيا لصواريخ ذات مديات عابرة للبحر المتوسط قد يرفع بشكل حاد من الإحساس بالتهديد بين أعضاء حلف شمال الأطلسي ، ومن الممكن أن يكون لذلك دور ولو جزئي في ظهور أساليب أوروبية جديدة في الدفاع ضد الصواريخ . وتواصل ليبيـا التأكيد بأساليب خطابية حماسية قوية على أنها متمسكة بالتزامها بالحصول على أسلحة الدمار الشامل ، كـ " قوة رادعة " ، وأيضاً كثقل إقليمي مضاف ، وفقاً للتصورات المفترضة . وقد أفادت تقارير حديثة بأن ليبيا ساعدت العراق على الالتفاف حول قرارات الأمم المتحدة والعقوبات الدولية المتعلقة بمشاريعه الخاصة بأسلحة الدمار الشامل ، من خلال السماح له بتمرير بعض المواد والتقنيات المتعلقة بالصورايخ إلى طرابلس . وقد تواجه ليبيا في المستقبل رقابة مشددة جديدة ، ومن المحتمل أن يحال بينها وبين طموحها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل كواحدة من نتائج الحرب على العراق في عام 2003 .

مصـر

كانت مصر في طليعة المنتقدين لوضع اسرائيل النووي غير المعلن ، وقد جعلت من هذا الموضوع نقطة مركزية لدبلوماسيتها المتعددة الأطراف في الشرق الأوسط ، وفي إطار مراجعة معاهدة خطر انتشار الأسلحة ، في الأمم المتحدة والمحافل الأخرى . وفي ذات الوقت ، فإن لمصر قدرات تسلح قديمة بأسلحة الدمار الشامل ، وغالباً ما كانت مصر توصف بأنها اختارت السعي وراء القدرات الكيمياوية - قنبلة الرجل الفقير - كبديل عن المشاريع النووية الأعلى كلفة وأشد صعوبة . وقد كانت مصر تمتلك قدرات لتصنيع الأسلحة الكيمياوية منذ عقود ، بل واستخدمتها بالفعل في اليمن في أعوام الستينيات . كما أن مصر تواطئت سراً مع العراق ، حسب ما تقول التقارير ، في تطوير أسلحته الكيمياوية قبل حرب الخليج . وينبع اهتمام مصر بالأسلحة الكيمياوية جزئياً من أثر العقيدة السوفيتية في التخطيط المصري وكل ما تم تدبيره عبر سني الستينيات حتى حرب عام 1973 .

وتعتبر قدرات مصر في الأسلحة الكيمياوية من بين الأكثر تقدماً في المنطقة عند أخذها بمقياس الاعتماد على قدرة التصنيع الذاتي ، ربما حتى من دون الاستعانة بمواد كيمياوية أولية مستوردة . ومع أن قدرة مصر الكيمياوية لا تعد مكافئة لقدرة اسرائيل النووية ، لا كرادع ولا كسلاح معركة ، فإن كلتا الترسانتين كانتا في حالة مجابهة مع بعضهما في محادثات السيطرة على التسلح متعددة الأطراف . ولا يشار إلى مصر عادة كدولة تمتلك مشروعاً جدياً للأسلحة البايولوجية ، ولو أن من الواضح أنها تمتلك قدرة التحرك في هذا الاتجاه بسرعة لو شاءت (وتذكر بعض المصادر وجود محاولات مصرية متواضعة في مجال الحرب البايولوجية ) .

ومصر لها أيضاً قدرات في مجال الصواريخ البعيدة المدى تتمثل في صواريخ سكود - بي   (وربما سكود - سي أو أنواع أخرى ) ، التي حصلت عليها من كوريا الشمالية . وحلقة الوصل الكورية الشمالية قد تسهّل في المستقبل شراء منظومات أكثر قدرة . كذلك كانت مصر شريكاً في مشروع ( كوندور ) الأرجنتيني ، الذي أوقف العمل به ،  لإنتاج صواريخ متوسطة المدى . ولو تصاعدت التوترات في المنطقة مع اسرائيل فقد يستحث هذا اهتمام مصر في تعميق ترسانتها الكيمياوية والصاروخية ، الأمر الذي سيعقّد المساعي الأميركية للإبطاء من هذا التوجه .

إسرائيـل

لواستثنينا باكستان ( التي تعد جدلياً جزءاً من معادلة أسلحة الدمار الشامل الشرق أوسطية ، ولو أنها لن تطرح للنقاش هنا ) فإن إسرائيل تبقى القدرة النووية الوحيدة في المنطقة . وتتفاوت التقديرات بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية حتى تبلغ حدود 300 رأس حربي قد يكون من بينها أسلحة نووية حرارية . وهذه ترسانة " مفترضة " مرعبة ، حتى إذا أخذت بعين الإعتبار تفاوتات الحساب الواردة في الوثائق والمصادر المعلنة ، ولها آثار عميقة على الحسابات الاستراتيجية . ولإسرائيل بالإضافة إلى ذلك قدرات كبيرة في التسلح الكيمياوي ومشروع بحوث في التسلح البايولوجي ينصب تركيزهما أساساً على الدفاع في وجه الحرب الكيمياوية والبايولوجية . وقد جرى تطوير هذه القدرات بعد أن حازت إسرائيل على السلاح النووي ، ومن المحتمل أنها تعكس قلقاً تجاه مصداقية الردع المستند بشكل كامل و ساحق إلى القوة النووية ، وعلى الإهتمام الذي أثبتته التجربة بالأسلحة البايولوجية ، والكيمياوية بشكل خاص ، من قبل بعض جيران إسرائيل . ومن المحتمل أنها تعكس أيضاً إحساساً بأن أسلحة إسرائيل النووية قد تعرض للمبادلة في نهاية المطاف بتسوية " لإنهاء الصراع " مع جيرانها العرب وإيران ، وهو سيناريو بعيد الاحتمال ولكنه ليس بالمستحيل .  ولإسرائيل ترسانة صواريخ من بين الأبعد مدى في المنطقة ، ولعلها الأشد فعلاً وتأثيراً ، وتضم منظومات أريحا 1 المطورة محلياً والمختبرة بصورة وافية ( ويبلغ مداها 500 كيلومتراً ) ، وأريحا 2 المتوسطة المدى ( يبلغ مداها 1500 كيلومتراً ) .  كذلك فأن القدرة المتقدمة التي يمتلكها البلد على إطلاق صواريخ إلى الفضاء توحي بأن إسرائيل قادرة على النزول إلى الساحة بصواريخ متعددة المراحل أبعد مدى بكثير ولها القدرة على بلوغ باكستان وروسيا . ومثلما هي الحال في مصر ، فإن انعدام الثقة في " إنهاء الصراع " في العلاقات مع العالم العربي تعمق من الرهان الإسرائيلي على الاحتفاظ بقدرات فعالة في مجالي أسلحة الدمار الشامل والصواريخ .

المملكة العربية السعودية

لا تصنف المملكة العربية السعودية عادة كدولة تثير القلق من ناحية نشر أسلحة الدمار . ويعتقد أن قدرات هذا البلد وتطلعاته في هذا المجال محدودة بشكل عام ، باستثناء حقل الصواريخ البالستية ، وهو استثناء له أهميته . فالمملكة السعودية ، في واقع الحال ، تنشر منظومة صواريخ هي الأبعد مدى في منطقة الشرق الأوسط ، والمقصود بها منظومة سي أس أس -2 التي اشترتها السعودية من الصين في عام 1987 . وتذكر التقارير أن السعودية تمتلك عدة عشرات من هذه الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكّنها مداها البالغ 2000 كيلومتراً من أن تطال معظم أنحاء أوروبا وأوراسيا وشبه القارة الهندية .

 ويشير تقرير واحد على الأقل من التقارير الحديثة إلى وجود إمكانيات فنية مستقبلية لدى السعودية قد تجعلها تسعى ، بالإضافة الى ما لديها من دوافع محتملة ، إلى تأسيس مشروع نووي في المستقبل .

أمـن الخليـج

تعتبر الإحتكاكات الحاصلة داخل منطقة الخليج العربي حافزاً دائماً للدول هناك على نشر أسلحة الدمار . فالتنافس بين إيران والعراق ، وهشاشة وضع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأصغر ، والقدرات النووية الباكستانية ، والتواجد العسكري الأميركي كلها متغيرات في معادلة انتشار الأسلحة في منطقة الخليج ، ومن المحتمل أن يصبح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عاملاً أساسياً هو الآخر . بالإضافة إلى ذلك ، فإن وجود صواريخ أبعد مدى قادرة على الوصول إلى إسرائيل أو أبعد من ذلك معناه أن المنظومات التي ستقتنيها دول الخليج ، وكل قد وضع نصب عينيه أعداء معينين ، سوف تؤثر لا محالة على التوازن الإقليمي في منطقة المشرق ، والعكس بالعكس . فالحرب العراقية - الإيرانية شهدت استخداما مكثفاً لأسلحة الدمار الشامل بما فيها التبادل المطول للصواريخ البالستية والاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيماوية . وقد أسهم هذا الاحتكاك بين العراق وإيران بشكل كبير في تغيير ديناميكيات الانتشار في المنطقة . إلا أن إيران خرجت مستفيدة من سياسة الاحتواء العسكري للعراق خلال سني التسعينيات ، حيث حسّن انخفاض قدرات العراق التقليدية المرعبة من الوضع الأمني الإيراني ، كما خفض من الناحية الجدلية دوافعها لحيازة أسلحة الدمار الشامل ، ولو أن من الواضح أنه لم يلغها . وأقل ما يقال ، إن احتواء العراق ربما يكون قد سمح بالتقدم في مجال التطوير النووي والصاروخي ولكن بخطوات أبطأ . بعد ذلك جاء الاحتلال الحالي للعراق ليقلل الخطر أكثر من هذا الجانب ،  ولكنه من ناحية أخرى أوجد تحديا جديداً متمثلاً في صورة الوجود الأميركي على عتبة إيران وهو وجود قد يدوم لفترة غير معلومة . والسعي لحيازة أسلحة ترفع الشأن وتعزز الثقل الاستراتيجي في حالة إيران تمتد بداياته إلى ما قبل النظام الثوري الحاكم ، ومن المرجح له أن يستمر بصرف النظر عن تطلعات هذا البلد إلى الإصلاح والاعتدال . وهذا معناه أن قيام علاقات إيرانية أفضل مع أوروبا ، وربما مع الولايات المتحدة مستقبلاً ، سوف يفرض درجة من التقييد على محاولة حيازة الأسلحة الفتاكة والتقنيات الأبعد مدى . ولكن بروز باكستان كدولة تمتلك الأسلحة النووية من شأنه أن يفرض على طهران ضغوطاً لمحاولة المواكبة ، وعلى التحريم النووي مزيداً من التهرؤ .

تحت ظروف التصادم المحتملة في الخليج ، أو بين إسرائيل وجيرانها ، فإن السعودية قد تقع تحت إغراء الاستثمار في مجال الصواريخ الحديثة ، وربما الأسلحة النووية أيضاً في الحالات الأشد تعقيداً . وهذا السيناريو يزداد رجحاناً إذا ما نجحت إيران في أن تصبح " دولة نووية " ، أو إذا ما شهد الخليج نزاعاً جديداً تستخدم فيه أسلحة الدمار الشامل على نحو مكثف ، أو إذا ما تخلت الولايات المتحدة عن الدفاع عن الخليج . وقدرة النظام السعودي على البقاء والاستمرار متغير مهم آخر . فمجيء نظام أكثر راديكالية ( وذو نزعة ثورية لا تقنع بإبقاء الأوضاع على ما هي عليه ) سيكون من شأنه أن يستحث السعودية على حيازة أسلحة الدمار الشامل . ولو حصل أن خفضت أميركا من التزامها بالدفاع عن الخليج ، أو حدث تحول في العلاقات الأميركية مع إيران ، أو طالت فترة الاحتلال الأميركي للعراق ، فإن ذلك كله سيترك آثاره على توجهات نشر الأسلحة . إلا أن المنافسات الإقليمية يرجح لها أن تستمر في تطوير قدراتها في مجال أسلحة الدمار بدرجة ما ، متذرعة بأسبابها المنطقية الخاصة بها .

شمال أفريقيـا

انتشار اسلحة الدمار في منطقة شمال أفريقيا يبدو أشد تواضعاً مما تصوره وتنبأ به العديد من المحللين قبل عشر سنين . فالبرنامج الليبي يمضي على نحو غير منتظم ، ومجمل الشعور بالتهديد القادم من أسلحة الدمار الليبية قد أخذ بالتضاؤل منذ جنح النظام إلى الإعتدال في نبرته الخطابية وسلوكه . وعلى قدر ما ستبقى مطامح ليبيا لحيازة أسلحة الدمار الشامل مرتبطة ذلك الارتباط المباشر القوي بالإسلوب الشخصي الذي يتبعه القذافي مع المنطقة والعالم ، يرجح أن يظل مستقبل النظرة إلى البرامج الليبية معتمداً بشكل حساس وحرج على احتمالات تبدل القيادة مستقبلاً في طرابلس . كذلك لو نشبت أزمات جديدة مع الجيران ، وخصوصاً مع مصر ، فإن ذلك قد يبعث النشاط من جديد في محاولات ليبيا لحيازة أسلحة الدمار . أما الجزائر فأنها تعاود نشاطها في ميدان السياسة الخارجية بعد عقد من الإضطراب والفوضى . ولحد الآن كان هذا التأكيد على الدور الإقليمي للجزائر يتخذ صورة المبادرات الدبلوماسية والمحادثات الأمنية الوجلة مع أوروبا والولايات المتحدة . وهذه التوجهات من شأنها أن تثني الجزائر عن إحياء اهتماماتها النووية والصاروخية . ومن الواضح أن إمكانية ظهور نظام حكم إسلامي متطرف في الجزائر - وهو تطور كان من الممكن أن يثير قلقاً جدياً بصدد احتمالات مستقبل هذا البلد النووية - قد تراجعت ولا يتوقع لها أن تعود إلى الظهور . إلا أن التنافس الجيوسياسي مع المغرب ، بالإضافة إلى اهتمام الجزائر باستعادة موقع القيادة في العالم الثالث قد يعطيها دافعاً مستمراً ، ولكنه ضعيف ، للسعي وراء اكتساب الثقل الاستراتيجي من خلال البرامج التكنولوجية المعززة للهيبة . وإمكانيات الجزائر المستقبلية الكامنة  في مجال أسلحة الدمار الشامل لها أهميتها لأنها ، لو طُوِّرَت ، ستحفز على الأرجح حدوث ردة فعل قوية في فرنسا وأماكن أخرى من أوروبا . وهذا بدوره قد يلهب الاهتمام الأوروبي بمسألة الدفاعات الصاروخية .

ديناميكيات خارج المنطقة

في مقدور الدول من خارج الشرق الأوسط أن تؤثر في ديناميكيات الانتشار داخل المنطقة بأكثر من طريقة . فهي تستطيع أن تفعل هذا من خلال السياسات الخارجية ، أو من  خلال الاستراتيجيات الأمنية ، أو من خلال نقل تقنيات أسلحة الدمار الشامل والخبرات المتعلقة بها ،  وهذه الأخيرة لا تقل شأناً عن سابقتيها . ومن المفيد أيضاً أن يؤخذ في الإعتبار اختلاف النظرة إلى موضوع الانتشار ، وكذلك تأثير أساليب الردع والدفاع الصاروخي الغربية الآخذة في التطور على بيئة الشرق الأوسط . وليس هنالك حتى الآن ما يوحي بأن تعاون الروس والصينيين مع واشنطن في الصراع ضد الإرهاب في أعقاب 11 أيلول سوف يترجم إلى تحسن في التعاون في مجال الحد من نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى الشرق الأوسط . فموسكو وبيجنك ، والعديد من حلفاء أميركا ، ينظرون إلى الإرهاب وانتشار الأسلحة على أنهما مشكلتان منفصلتان عن بعضهما . وهذا هو بالضبط ما أفصح عنه الاحتكاك الدبلوماسي خلال فترة الإعداد لحرب العراق في عام 2003 .

العامل الروسي

لا يلاحظ المراقبون أدلة تذكر على وجود استراتيجية روسية متماسكة تجاه الشرق الأوسط في أعقاب الحرب الباردة . إذ يبدو أن أسلوب موسكو في التعامل مع الأمر بات قائماً على القلق التقليدي المتعلق باختلال الأمن عند الأطراف الجنوبية لروسيا ، ومع تركيا بالدرجة الأساس . ففي أعقاب الحرب الباردة ورثت روسيا مجموعة من العلاقات شبه المهملة تمتد من المشرق إلى شمال أفريقيا كان من بينها صلات تجهيز بالسلاح مع الجزائر وليبيا وسوريا والعراق . ولكن روسيا طورت مع إيران علاقة أعمق خلال السنوات الأخيرة ، على الرغم من تباعد اهتمامات الطرفين ، وهي علاقة تنطوي على عناصر شراكة استراتيجية . كذلك يبدي التعاون الروسي - الليبي إمارات التجدد والانتعاش . وتواصل موسكو مع منطقة الشرق الأوسط يلوح عليه الافتقار إلى التماسك نتيجة للتنافس القائم بين المصالح التجارية والمصالح السياسية ، وفي بعض الأحيان نتيجة لعجز الدولة عن فرض سيطرتها التامة على اللاعبين البيروقراطيين اللذين وضعوا رهانهم على نقل الأسلحة والتقنيات . إلا أن السلوك الروسي يبدي ، رغم هذا ، دلائل تثير القلق من المحتمل لها أن تتعمق إذا ما استمرت العلاقة بين روسيا والغرب ماضية صوب مزيد من التنافس . لقد برزت روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة بما فيها الأسلحة الكيمياوية والنووية وتكنولوجيا الصواريخ . فروسيا هي المساهم الأجنبي الرئيسي في برنامج إيران النووي المدني ، ويكاد يكون من المحقق أنها تساهم أيضاً ، ولو بشكل غير مباشر ، في برنامج إيران السري للأسلحة النووية . كما أن الشركات الروسية دعمت برنامج صواريخ شهاب - 3 الإيراني ، وهي المزوِّد الرئيسي بمنظومات الصواريخ والخبرة لدول أخرى بما فيها ليبيا . وخلال السنوات الأخيرة نشطت روسيا في تسويق الصواريخ البالستية    ( وأبرزها إسكندر - ي ) الذي يقع مداه وحجم حمولته ضمن المدى الذي حددته ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ . وقد ساعدت الخبرة الطويلة التي يمتلكها هذا البلد في مجال الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية على تطوير هذه القدرات لدى دول أخرى مثل إيران والعراق ومصر. ومشكلة المهندسين الروس المتخصصين في المجالات النووية وغيرها من المجالات ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل الذين يبحثون عن وظائف ، والمتوفرين في السوق العالمية ، تسهم هي الأخرى في زيادة إمكانيات انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط . فمنذ تفكك الاتحاد السوفيتي صار يصرف اهتمام خاص لمشكلة " الإمكانيات النووية السائبة " ، وهي الأسلحة النووية وتوابعها التي من الممكن أن ينتهي بها المطاف إلى الأسواق العالمية . وناشرو السلاح في الشرق الأوسط ، المحدودو القدرة على الوصول إلى المواد القابلة للإنشطار ، قد يلجأون إلى هذا السبيل السري  لتحقيق الحالة النووية .

ويبدو أن دور روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الصواريخ إنما يمثل انتصار كفة الكسب التجاري قصير النظر على كفة المصالح الاستراتيجية الأبعد أمد . وعند أخذ النقاط الساخنة العديدة على امتداد الحواف الجنوبية لروسيا واحتمالات حدوث احتكاك مستقبلي مع الدول الإسلامية القريبة منها ، فأن روسيا نفسها قد تصبح في وقت من الأوقات هدفاً محتملاً لصواريخ مسلحة بأسلحة الدمار الشامل رابضة في قواعد في الشرق الأوسط . وقد حاول صناع السياسة الأميركيون أن يدخلوا المسؤولين الروس في محادثات حول هذا الخطر المشترك الذي يمكن أن يتعرض له الطرفان من دون أن يحققوا سوى نجاح محدود . وفي حالة اشتداد التنافس بين روسيا والغرب ، فإن مشكلة نقل الأسلحة الروسية إلى الشرق الأوسط قد تتعمق . وهذا الأمر مثير للقلق بشكل خاص عندما نأخذ في الإعتبار ضعف الفرص المتاحة لروسيا في أوروبا ، ربما باستثناء البلقان . فمن المحتمل جداً أن يأخذ تجدد الاحتكاك مع الولايات المتحدة وحلفائها صيغة التنافس في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة على الأطراف ، مثل منطقة الخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسط ، حيث يمكن أن يكون للأسلحة الروسية ونقل التكنولوجيا تأثير بالغ على الموازنات العسكرية وعلى حرية أميركا في التحرك . لذا فإن مشهد العلاقات الروسية - الغربية يبرز كمتغير رئيسي في معادلة نشر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط . بل أن سياسات نقل أسلحة الدمار الروسية في المنطقة بحد ذاتها تمثل ، في واقع الحال ، مصدراً رئيسياً من مصادر الاحتكاك بين الولايات المتحدة وروسيا .

الصين وكوريا الشمالية

وعلى غرار ما سبق فإن مجهزي أسلحة الدمار الشامل الآسيويين هم أيضاً مساهمون مهمون في نشر السلاح في المنطقة . فكلا الصين وكوريا الشمالية تواصلان القيام بدور له أهميته الخاصة في نشر الصواريخ البالستية الأبعد مدى وتقديم الدعم لتطوير القدرات المحلية لصناعتها وتطويرها . والصين و كوريا الشمالية ليستا أعضاء في نظام ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ ، ولو أن الصين تؤكد بأنها لن تعمل على نقل منظومات من مستوى الطبقة التي تحضرها تلك الضوابط . ومن أمثلة نقل الصواريخ الصينية إلى المنطقة يشمل بيع صواريخ سي أس أس - 8 إلى إيران ، والاشتراك مع باكستان في صاروخها شاهين ( البالغ مداه 2000 كيلومتراً ) ومنظومات حتف الأقصر مدى ، بالإضافة إلى تقديم المساعدة لليبيا . كذلك قامت الصين بمساهمة متواضعة في برنامج إيران النووي ، وكانت ضالعة بشدة في برنامج الجزائر النووي حتى مطلع التسعينيات عندما وضع العنف ضد الفنيين الصينيين والأجانب تحت تهديد لا يمكن التوقي منه . ومن المحتمل أن الباعث وراء نقل أسلحة الدمار الشامل الصينية إلى الشرق الأوسط ، حتى الآن ، لا يعدو أن يكون المصلحة التجارية والرغبة العامة في ترسيخ علاقات سياسية في أرجاء المنطقة .

أما كوريا الشمالية فإن لها سجلاً ملفتاً للنظر في مجال نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة ، وهي الآلة المحركة الرئيسية في عملية نشر الصواريخ . فعلى مدى العقد الماضي نقلت هذه الدولة نسخاً محسنة من صواريخ سكود إلى مصر وأنواع مختلفة من صواريخ نودونغ متوسطة المدى إلى إيران وباكستان .

 وقد عبرت الجزائر وليبيا عن رغبتهما في الحصول على منظومات نودونغ الكورية الشمالية أو منظومات أبعد مدى . وإن سعة مدى ما لدى كوريا الشمالية من الصواريخ وبرامج إطلاق مركبات الفضاء التابعة لها وشدة تكثيفها على هذه الجوانب ، ونمط نقلها إلى المنطقة يوحي بأن من المرجح أن تكون كوريا الشمالية هي مصدر تكنولوجيا المنظومات المتوسطة المدى والعابرة للقارات التي ستواصل الظهور في الشرق الأوسط على مدى العقد القادم . وفي استطاعة باكستان وإيران بدورهما أن تنقلا منظومات الصواريخ الكورية الشمالية إلى أماكن أخرى من المنطقة . كما يكشف إعلان كوريا الشمالية في شهر تشرين الأول عن مواصلة العمل ببرنامجها النووي عن الدور المساعد الذي تضطلع به باكستان ، وهذا من المحتمل أن يكون تم لقاء حصول الأخيرة على منفذ إلى تكنولوجيا الصواريخ ، أي أنها قد تكون مبادلة باتجاهين تتعلق كلها بأسلحة الدمار الشامل .  إن زج الآسيويين بأنفسهم في نشاط نقل الأسلحة على مختلف أنواعها إلى منطقة الشرق الأوسط قد يكتسب أهمية جيوستراتيجية أعظم كنتيجة للتطورات الحادثة في أسواق الطاقة . فالعديد من المحللين يحاولون لفت الأنظار إلى تعاظم الاحتياجات الآسيوية إلى الطاقة ، ولاسيما الصينية . ومن المرجح أن تسد هذه الاحتياجات من خلال الاستيرادات من منطقة الخليج العربي وبحر قزوين . وهذا سوف يخلق ظروفاً تسمح بعلاقات أعمق يقايض فيها السلاح بالنفط بين آسيا والشرق الأوسط ، على نمط الترتيبات التي كانت قائمة بين أوروبا ومنتجي النفط العرب في الستينيات والسبعينيات .

و قد يشجع ارتفاع أسعار النفط على مثل هذه الترتيبات .

إن ترافق وفرة العائدات المالية الضخمة المتأتية من بيع النفط مع حضور مجهزين متلهفين ومستعدين لتقديم أسلحة الدمار الشامل وتقنيات أخرى على أساس التنازل قد يطرح على مسرح انتشار الأسلحة ديناميكيات جديدة خطرة .

 الهند وباكستان وتحالفات الانتشار

قدرات أسلحة الدمار الشامل في منطقة جنوب آسيا قد يكون لها تأثيرعلى انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط ، ولكن من المرجح أن هذا التأثير سيكون هامشياً . وقد يجادل البعض بأن الهند وباكستان جزء من المنطقة فعلياً إذا ما نظر إليهما وفق مقاييس الانتشار ، على الرغم من طبيعة تنافسهما الجيوسياسي . واختبارات الهند وباكستان لوسائلهما النووية ونشرهما لمنظومات صاروخية قادرة على حمل أسلحة نووية تصنع معياراً في الثقل الاستراتيجي والهيبة الاعتبارية قد يرغب آخرون مثل إيران في مضاهاته . وعلى أقل تقدير ، فإن وجود أسلحة نووية في منطقة شبه القارة الهندية قد يغذي الشعور بحق الحيازة النووية بين اللاعبين الإقليميين . كما أن مستوى التعقيد في ترسانتي أسلحة الدمار الشامل العائدتين للهند وباكستان من الممكن أن  يجعل منهما مستقبلاً مصدرين مهمين للتكنولوجيا المتعلقة بأسلحة الدمار . وقد أظهرت باكستان اهتماماً أكثر بممارسة مثل هذا الدور بحكم ما لها من صلات وثيقة بالشرق الأوسط ، ولوجود شخصيات بارزة في حقل التكنولوجيا الباكستانية لها الاستعداد لتبني فكرة التعاون النووي بين الدول المسلمة . ولكن دوافع الناشرين ضمن العالم الإسلامي تبقى إقليمية إلى حد كبير ، وذات طابع علماني . فتطوير باكستان لأسلحتها النووية يتخذ من الهند نقطة مرجع له . ومطامح إيران النووية أسبق عهداً من الثورة ، في حين أن الميول الإسلامية لدول مثل ليبيا ضعيفة أصلا . فالتعاون في مجال أسلحة الدمار الشامل ، المرتبط صراحة بالمصالح الإسلامية ، يتطلب توفر شعور مشترك بوجود تهديد جدي أكبر من وضع المجابهة الحالي مع إسرائيل أو مجرد الخشية من وقوع تدخل غربي . ولكن الثقل الاستراتيجي ضمن ترتيبات المنطقة يعود ليبرز كعامل هنا مرة ثانية . والدول التي أفلحت ، بعد دفع الكلفة الاقتصادية والدبلوماسية الضخمة ، في اكتساب قدرات نقل قدرات أسلحة الدمار ( مثل الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات ) ستكون آخر من يرغب في انتقاص إنجازها هذا عن طريق نقل قدراتها إلى لاعبين آخرين ضمن المنطقة ، سواء كان هؤلاء تابعين لدول أم غير تابعين ( أما مجازفة باكستان  بفقدانها السيطرة على الأسلحة والخبرة النوويتين ، واحتمال انتقال هذه الوسائل عن هذا الطريق إلى لاعبين تابعين أو غير تابعين لدول في الشرق الأوسط ، فقد سبق التطرق إليهـا آنفاً وهي مجازفة مختلفة تماماً عما ذكرناه ) . وحتى الدول النووية في الغرب لم تبدِ رغبة في تقاسم هذه القدرات مع غيرها من الدول حتى في إطار التحالف . وكذلك الهند ، رغم كل القلق الإستراتيجي الذي تشعر به إزاء التنافس من جانب الدول الإسلامية الواقعة إلى الشمال والغرب منها ، تبدو أبعد ما تكون عن السعي وراء تحالفات لنشر أسلحتها في الشرق الأوسط . والبلد الوحيد الذي قد يصلح شريكاً إقليمياً للهند في هذه المنطقة ، أي إسرائيل ، يمتلك قدراته النووية المتطورة الخاصة به .  كذلك كان جنوب آسيا اختباراً محبِطاً تماماً في محاولة منع الانتشار ، وهذا قد تكون له انعكاساته المحتملة على منطقة الشرق الأوسط . فقد أثبتت عقود من الضغط الدبلوماسي ، و من ثم الحظر في وقت لاحق ، بأنها لم تكن فعالة أبداً في كبح الانتشار النووي في شبه القارة الهندية . وفي أعقاب أحداث 11 أيلول والتدخل في أفغانستان تم التخلي كلياً عن نهج وقف انتشار الأسلحة ، المعتمد على مبدأ الحظر في مناطق جنوب آسيا ، من أجل توطيد العلاقة الاستراتيجية مع كلا الهند وباكستان . وقد يكون من حق ناشري السلاح في الشرق الأوسط أن يخرجوا من هذه التجربة بدرس مؤداه : أن في وسعهم أن يسقطوا من حساباتهم مصداقية و فعالية أية عقوبات تتعلق بأنتشار الأسلحة . بل أنهم قد يخرجون من بعض المناسبات بقناعة تفيد بأن الولايات المتحدة ربما تكون مستعدة للسماح بنشر أسلحة الدمار الشامل شريطة أن تكون هنالك بالمقابل مصلحة أعلى في مجال التعاون الإستراتيجي .

الانعكاسات والآثار على الأمن الأوروبي

إن نشر الأنظمة الصاروخية ذات المدى العابر للقارات في منطقة الشرق الأوسط سوف يؤدي في النهاية إلى زيادة انكشاف أوروبا للتهديدات الآتية من الجنوب . وخطر الانكشاف للهجمات الصاروخية هذا مقتصر حالياً على تركيا وجنوبي أوروبا إلى حد كبير ، وفي هذا تفسير للإنتباه الشديد الذي يوليه الأعضاء الجنوبيون في حلف الناتو لأسلحة الدمار الشامل . بل أن تركيا ، في الواقع ، تبدي منحى واضحاً في التوجه نحو وسائل الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل والصواريخ كثير الشبه بالمنحى الذي كانت الولايات المتحدة تنحوه في الماضي داخل حلف شمال الأطلسي . أما صناع السياسة والأستراتيجيون الأوروبيون فأنهم يتخذون عموماً موقفاً أكثر استرخاءاً تجاه انتشار أسلحة الدمار والصواريخ في الشرق الأوسط . وقد يكون مرد هذا إلى حد ما الثقافة الاستراتيجية وتباين التصورات بشأن مستوى المجازفة الذي يمكن تقبله .

والمحللون الغربيون يؤكدون أن أوروبا تركز أكثر على النوايا ، رغم أن الولايات المتحدة تفضل التركيز على القدرات كمقياس لدرجة التهديد ( وهي قدرات مستمرة في التنامي ) . فدول شمال أفريقيا والشرق الأوسط قد تكون قادرة على الوصول إلى مراكز سكانية في أوروبا بصواريخها الحديثة ، وهذه الصواريخ قد تكون مسلحة بأسلحة الدمار الشامل ، ولكن ما الذي سيجعل هذه الدول ترغب في الإقدام على مثل هذا العمل ؟  كذلك فأن العديد من الأوروبيين يحاججون ، على ضوء تجربة حرب الخليج في عام 1991 ، بأن التهديد الأكثر جدية الذي من الممكن أن تتعرض له أوروبا في هذا الصدد قد يتأتى من جراء التدخل الذي تقوده الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، والذي من المحتمل أن يقع بمعونة من حلفاء أوروبيين . فالأنظمة التي تكون في حالة تصادم مع الغرب قد لا تتمكن من بلوغ أميركا الشمالية ، ولكنها قد تكون في وضع يمكنها من الانتقام بضرب أهداف داخل أوروبا . ومثل هذا الإنكشاف للتهديد سوف يعقد على الأرجح استراتيجيات التخطيط المستقبلي للقوة في الخليج أو في أماكن أخرى من المنطقة تضع اعتمادها على القواعد والقوات الأوروبية ( وعلى قناة السويس في ظل الضعف الذي تشكو منه مصر ) . لقد كانت للأوروبيين دوماً شكوكهم بشأن الكيفية التي يتم بها التعامل مع مسألة نشر الأسلحة في الشرق الأوسط ، والتي غدت جزءاً أكثر مركزية في التفكير الأمني الأميركي . فالأوروبيون بوجه عام يفضلون سبل التعامل الدبلوماسي للتوصل إلى منع الإنتشار على اتباع استراتيجيات الانتشار العسكري المقابل . وهذا معناه أن التطورات على مدى العقد القادم قد ترفع من اهتمام الأوروبيين بالدفاعات الصاورخية المعدة لمواجهة التهديدات الشرق أوسطية ورهانهم عليها . أولاً ، لأن نشر منظومات ناقلة متصاعدة المديات يشير إلى أن خطر الانكشاف سينتهي به الأمر أن يكون موضوعاً يشغل بال لندن وباريس وبرلين ، لا بال الحلفاء الجنوبيين الأقل نفوذاً في حلف شمال الأطلسي فحسب . وإذا ما بلغ الأمر هذا المبلغ فسوف تتصاعد الضغوط لتبني دفاعات ذات قابلية للنشر والاستخدام في مسرح العمليات .

ثانياً ، إن نهج التعاون الحالي عبر الأطلسي في مجال مساندة التخطيط الأميركي المستقبلي لأوضاع القوة في الشرق الأوسط قد لا يمكن الاستمرار فيه أكثر حين تجد أوروبا نفسها معرضة بالكامل للعواقب الانتقامية المترتبة على التدخل . فلو كان في قدرة صدام الوصول إلى الأراضي الأوروبية في رده على استخدام الولايات المتحدة قواعد في اسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا لكان فعل . فـ " حرمة " الأراضي الأوروبية آخذة في التلاشي ، وفي هذا إشارة ضمنية إلى ضرورة توسيع مدى التهديدات ( لأراضي دول الأعضاء في الحلف ) التي تشملها الفقرة الخامسة والتي تستدعي إقدام حلف شمال الأطلسي على إبداء رد جماعي .  ثالثاً ، لأوروبا مطامح نحو تعاط دبلوماسي وأمني أعظم في الشرق الأوسط  . فهذه المنطقة من المرجح لها أن تكون من أولى المناطق التي ستتأثر بالسياسة الخارجية والقدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي الآخذة في البروز . ومن المرجح جداً أنه في ظرف عقد من الزمن لن يعود موضوع الضربات الشرق أوسطية للأراضي الأوروبية مرتبطاً تماماً بما تفعله الولايات المتحدة . فأوروبا قد تواجه تحديات خاصة بها ، وعندها سيتزايد اهتمامها بإقامة الدفاعات في وجه أسلحة الدمار الشامل . وعلى قدر استمرار العلاقات العربية - الإسرائيلية في التدهور ، أو حتى تحركها المحتمل باتجاه المجابهة الأوسع ، فإن قلق أوروبا بشأن انكشافها للخطر سوف يتعزز .

رجوع

فى27 يناير 2010 وافق مجلس الشورى على مشروع قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية وقال رئيس مجلس الشورى إن الرئيس أعلن يوم 29 أكتوبر عام 2007 عن مولد هذا التشريع معلنا ذلك فى بيان تاريخي أنه أتخذ القرار كرئيس للجمهورية فى صدد التحديات القومية العالمية التي فرضتها أوضاع الطاقة وأن الخطوات التنفيذية سوف تتخذ لبناء أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية بخبرة مصرية.

فى 3 فبراير 2010 شاركت مصر في قمة "جلوبال زيرو" لإخلاء العالم من الأسلحة النووية بباريس حيث طالبت مصر بضرورة انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بالشرق الأوسط وفرض نظام الضمانات الدولية التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية الإسرائيلية كخطوة أساسية نحو إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط ، ودعوة ايران إلي التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية،كما طالبت مصر بتطبيق معايير واحدة بعيدا عن الازدواجية في مطالبة الدول بالالتزام بعدم الانتشار.

في 7 مارس 2010 انضمت مصر إلي النادي النووي المكون من 03 دولة تنتج الكهرباء من الطاقة النووية ويعد هذا بداية لنهضة جديدة علمية وتكنولوجية وفتح آفاق جديدة في تطبيق الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تشمل تحليه المياه والزراعة والصناعة والطب .

في 24مارس2010 شارك وزير الخارجية في اجتماعات وزراء الخارجية العرب بالجماهيرية الليبية وجه خلالها عدة رسائل إلى وزراء خارجية الدول العربية وأمين عام جامعة الدول العربية، فى إطار الإعداد لبلورة موقف عربي موحد إزاء الموضوعات المدرجة على جدول أعمال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أن يتم اعتماد هذا الموقف خلال القمة العربية .

فى 27 مارس 2010 تلقى وزير الخارجية اتصالا هاتفيا من نظيره الكندي لورانس كانون و ذلك على هامش مشاركة وزير الخارجية فى القمة العربية فى سرت للتشاور مع مصر فى إطار الإعداد لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي المقرر عقده بنيويورك فى مايو 2010 وقد أكد وزير الخارجية اهتمام مصر بإنجاح مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي وأهمية ضمان عالمية المعاهدة وتنفيذ القرار الصادر عن مؤتمر المد اللانهائي والمراجعة عام 1995 لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط وهو ما تفهمه وأمن عليه وزير خارجية كندا.

في29 مارس 2010 صرحت وزارة الخارجية بان مصر قدمت ورقة عمل لسكرتارية مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي المقرر عقده في نيويورك في مايو 2010. تؤكد فيها علي تمسكها بتنفيذ القرار الصادر عن مؤتمر المد اللانهائي والمراجعة لمعاهدة منع الانتشار النووي عام 1995 لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي.

في 31 مارس2010 صدق الرئيس على القانون رقم 7 لسنة 2010 الخاص بتنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية في مصر .صرح بذك وزير الكهرباء والطاقة د.حسن يونس مشيرًا إلى أن هذا القانون يهدف إلى وضع إطار تشريعي يحكم المنشآت والأنشطة النووية لضمان حماية المنشآت والأفراد والممتلكات ، كما يؤكد القانون الوفاء بالتزامات مصر تجاه جميع المعاهدات والاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تم التصديق عليها تجاه الاستخدامات السلمية للطاقة النووية .

في 6 إبريل 2010 شاركت مصرفي مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي وضبط التسلح بالقاهرة وتعد كيفية تحقيق منع الانتشار النووي‏ وتطبيق عالمية المعاهدة‏ من أهداف المؤتمر حيث إن هناك دولا من بينها إسرائيل غير منضمة إلي معاهدة الانتشار النووي‏.‏

في 8إبريل2010 رحبت مصر بإعلان الرئيسين الأمريكي والروسي اعتزامهما التوقيع علي معاهدة جديدة للحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية لتحل محل معاهدة start 1.

في 10 إبريل 2010 ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مصر تتعامل بجدية بالغة مع قمة الأمن النووي والتي تتناول تأمين المواد النووية واستخداماتها معربا عن تطلع مصر إلى المشاركة الفعالة في مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار الذي سيعقد في نيويورك في شهر مايو 2010 ويتناول بشكل مكثف كافة أبعاد عملية منع الانتشار النووي بما في ذلك تلك المتعلقة بالشرق الأوسط.

في 11 إبريل2010 صرح وزير الخارجية بأنه سيتوجه إلي الولايات المتحدة الأمريكية ليرأس وفد مصر في المؤتمر العالمي للأمن والأمان النووي الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما للمرة الأولي بمشاركة 47 دولة من بينها 4 دول عربية هي مصر والمغرب والإمارات والسعودية وبمشاركة زعيمي أمريكا وروسيا. وقال الوزير بأن المؤتمر سيبحث عدة موضوعات وقضايا هامة في مقدمتها الإرهاب النووي وإخطاره علي المجتمعات.

في 12إبريل2010 بعث الرئيس برسالة الي الرئيس الامريكي باراك أوباما تتعلق بالقضايا المطروحة أمام قمة الأمان النووي الدولية ووجهة نظر مصر تجاه الموضوعات المطروحة أمامها .

في 12إبريل2010 طالبت مصر خلال كلمتها أمام قمة الأمن النووي في واشنطن والتى ألقاها وزير الخارجية بالتزام سياسي للإزالة التامة للأسلحة النووية فى إطار زمنى محدد‏‏ لتخليص الإنسانية من هذا الخطر. كما شدد الوزير‏‏ علي رفض مصر لأي محاولات لفرض قيود علي الاستخدام السلمي للطاقة النووية‏,‏ مشيرا إلي أن تلك المحاولات لن تؤدي سوي إلي وضع عراقيل أمام التعاون الدولي في مجال الأمن النووي‏.‏ منوهاً إلي أهمية إخضاع جميع المواد والمنشآت.

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف