الأخبار
ماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من بطولات الـمرأة الـجزائــرية في الثورة وجـرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر بقلم:محمد سيف الإسلام بوفلاقـة

تاريخ النشر : 2014-03-25
من بطولات الـمرأة الـجزائــرية في الثورة وجـرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر بقلم:محمد سيف الإسلام بوفلاقـة
-جامعة عنابة-


هناك عدة مراجع أشارت إلى بطولات،ونضال المرأة الجزائرية أثناء ثورة التحرير المظفرة،وتطرقت إلى كفاحها،وتضحياتها ضد الاستدمار الفرنسي،ومن أوائل هذه الكتب كتاب الباحثة المجاهدة أنيسة بركات درّار الموسوم:«نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية»،والذي أكدت فيه على الدور الرائد الذي أدته المرأة الجزائرية في سبيل تحرير وطنها،وأبرزت مواقفها الاستبسالية،وألفته «تقديراً لجهاد المرأة الجزائرية بكل تفان وتجرد وإخلاص واعترافاً ببطولاتها وتحديها لقوات العدو ولكل أنواع وسائل التعذيب والاضطهاد»)1(.
وذهبت من خلاله إلى أن مشاركة المرأة الجزائرية في ميدان الكفاح المسلح جنباً لجنب مع الرجل قد أحدث انقلاباً جذرياً في المفاهيم والأفكار،فجيش التحرير الوطني استقبل«المرأة المجاهدة بفخر واعتزاز ونظر المجاهد إليها نظرة الأخ لأخته وعاملها باحترام وتقدير لأن هذه المجاهدة أتت مثله لتحمل مشعل الثورة والمجد وكل واحد منهما وهب نفسه في سبيل تحرير الوطن من براثن الاستعمار وتحقيق نفس الأهداف السامية.
نلاحظ أن كلمة امرأة أو فتاة لم تبق مستعملة إذ حلّت محلها كلمات أخ وأخت ومجاهدة ومناضلة وكلها تتضمن معاني الإخاء والصداقة الثورية المخلصة وتعتبر المجاهدة بنت الجبهة والجيش وبنت الجزائر الثائرة،ذلك عنوان تضحيتها وبروز شخصيتها فأدركت بين إخوانها المجاهدين قيماً إنسانية نبيلة لم تكن تشعر بهذا العمق وأدركت أيضاً أنها تغيرت وأصبحت إنساناً جديداً يعيش في عالم جديد يسوده الصفاء والإخاء والتضامن ورأت مولد شعب عظيم باسل يتسم بالتفكير والنضال الجماعي فغيرت الظروف الثورية مفاهيم حياتها وطورت أفكارها.من الواضح أن هذه المجاهدة التي مارست مختلف الأعمال وتحملت أصعب المسؤوليات قد أثبتت وجودها في كفاح بلادها وشكلت قوة سياسية فعالة وإيجابية،وفي ذلك يقول ميثاق مؤتمر الصومام الوثيقة السياسية الأولى للثورة الجزائرية عام 1956م :
( توجد في الحركة النسائية إمكانيات واسعة تزداد وتكثر بإطراد وإنا لنحيي بإعجاب وتقدير ذلك المثل الباهر الذي ضربته في الشجاعة الثورية الفتيات والنساء والزوجات والأمهات ذلك المثل الذي تضربه جميع أخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير وبالسلاح أحياناً في الكفاح المقدس من أجل تحرير الوطن،ولا يخفى أن الجزائريات قد ساهمن مساهمة إيجابية فعالة في الثورات الكثيرة التي توالت وتجددت في بلاد الجزائر منذ سنة1830 ضد الاحتلال الفرنسي وأن الثورات الرئيسية كثورة أولاد سيدي الشيخ في سنة:1864 بالجنوب الوهراني وثورة القبائل في سنة1871 وثورة سنة1912 في أوراس وناحية معسكر،قد تركت لنا صوراً حية خالدة لوطنية الجزائريات اللائي ضحين بأنفسهن في كثير من المناسبات،والمرأة الجزائرية اليوم موقنة أن الثورة الحاضرة ستنتهي لا محالة بالحصول على الاستقلال،وأن المثل الذي ضربته أخيراً تلك الفتاة القبائلية التي رفضت الفتى الذي تقدم لخطبتها لأنه ليس من المجاهدين لدليل وأي دليل على ما تمتاز به الجزائريات من المعنوية السامية والإحساس النبيل).
... إن المرأة الجزائرية على اختلاف مستوياتها وطبقاتها الاجتماعية سواء كانت في المدينة أو في الريف،تمكنت من التغلب على العراقيل والعقبات والضغوط الاجتماعية القاسية التي تجابهها وساهمت مساهمة فعالة وإيجابية في الكفاح.ولما كان للمرأة من مواقف شريفة ومن بذل سخي من مال وحلي ولباس وأغلى من كل ذلك.من ولد أو زوج،فكانت الثورة دائماً في صالح المرأة وتقديراً لمواقفها النبيلة فتحت مجالاً فسيحاً للفتيات والزوجات والأمهات واستقبلتهن بالترحيب والتبجيل في ساحات الوغى وألقت عليهن أعباء مختلفة ومسؤوليات مقدسة»)2(.
ومن بين الكتب الهامة الجديرة بالإشادة،والتنويه،والتي قدمت صورة وافية عن جوانب متنوعة من نضال،وجهاد،وتضحيات المرأة الجزائرية كتاب المجاهد الباحث الدكتور محمد قنطاري الصادر بعنوان:«من بطولات المرأة الجزائرية في الثورة وجرائم الاستعمار الفرنسي».
من عنوان الكتاب يتضح أن المؤلف يسعى إلى تمجيد بطولات المرأة الجزائرية،وتخليد مآثرها،وكفاحها ضد المستعمر الفرنسي من جانب،ومن جانب آخر يهدف إلى كشف النقاب،وإماطة اللثام عن الجرائم المرتكبة من قبل جيش الاستدمار الفرنسي في حق المرأة الجزائرية،وسائر أفراد المجتمع الجزائري.
ويتجلى للقارئ من خلال توزيع مادة الكتاب المتنوعة،والمدعمة بالشهادات ،والوثائق والحقائق التي اكتشفها الدكتور قنطاري نتيجة جولاته،وتحقيقاته الميدانية، أنه لم يوفر جهداً في سبيل البحث،والتنقيب للإفادة من مختلف المصادر،والوثائق،والشهادات،حيث إنه قام بزيارات ميدانية واستقى معلوماته من المجاهدين،والمجاهدات اللذين عاشوا الأحداث،كما أنه بذل جهوداً مضنية من أجل الوصول إلى المعلومات التاريخية،ثم في تدقيقها،وتمحيصها،وتقديمها للقراء في أسلوب سائغ،ومبسط.
ويحسن بنا في البدء أن نشير إلى أن مؤلف الكتاب هو المجاهد الدكتور محمد قنطاري«من مواليد بلدية الألف شهيد من بين( 3000نسمة-1954)ب لخميس-بني سنوس-تلمسان.من أسرة وطنية متواضعة،وبعد قصف القوات الفرنسية لمنزله،وتخريبه،وحرقه في:03مارس1956م ببني عشير،ترك دراسته،والتحق بالثورة،وعمل محافظاً سياسياً لجيش التحرير الوطني،وعضواً بمجلس المنطقة الأولى للعمليات الحربية بالولاية الخامسة،عاش أحداث الثورة ميدانياً،إذ يحمل جروح المعارك القتالية مع العدو،وهو مجاهد،وابن مجاهد،وجده شهيد في ثورة التحرير الوطني.
كرم بوسام الاستحقاق بجيش التحرير الوطني من طرف فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية.
درس المؤلف بالجزائر،وبالمغرب،ثم بمصر،وأخيراً بفرنسا بتكوينه كمؤرخ وقانوني،حاصل على شهادات:الباكالوريا،ليسانس في التاريخ،ليسانس في القانون،دبلوم الدراسات المعمقة،والعليا في التاريخ العسكري في المنازعات الدولية، والقانونية.
كرس المؤلف عشر سنوات(1980-1990م)في الدراسات،والأبحاث بفرنسا عن الثورة الجزائرية،حيث حصل على دكتوراه دولة من جامعة مونبللي بفرنسا بعنوان( التنظيم السياسي الإداري،والعسكري للثورة الجزائرية من1954-1962م).
تخصص في التاريخ العسكري،ودراسات الدفاع الوطني في الدراسات الإستراتيجية.
نشر عدة كتب،ومقالات عن الثورة الجزائرية،والمقاومة المغاربية،والدراسات الإستراتيجية الشاملة،وشارك في عدة ملتقيات ومؤتمرات في الجزائر وخارجها.
شغل الدكتور محمد قنطاري عدة مناصب جامعية:متصرف مدني للجامعة،ونائب رئيس جامعة وهران للدراسات الجامعية،والعلاقات الخارجية،ومستشار لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وتدرج عن استحقاق من أستاذ مساعد إلى أستاذ محاضر،وأخيراً أستاذ التعليم العالي،والبحث العلمي في العلوم السياسية،والقانون،وعضو المجلس الوطني للبحث العلمي بالجزائر وفرنسا،وعضو،ومقرر مجلس الولاية الخامسة التاريخية(لغرب الجزائر)،ثم عضو ونائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لمدينة وهران.وبعدها شغل منصب محام بالمجلس القضائي،ثم عضو المجلس الأعلى للقضاء معيناً،وممثلاً لفخامة رئيس الجمهورية،ونائب بالبرلمان(المجلس الشعبي الوطني)على رأس قائمة ولاية تلمسان،يعمل حالياً أستاذاً بجامعة وهران،ورئيس وحدات بحث في الثورة الجزائرية،وقواعدها الخلفية،والدراسات الإستراتيجية الشاملة،وغيرها»)3(.
كتب تقديم الكتاب فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية المجاهد عبد العزيز بوتفليقة،حيث جاء في تقديمه: «المرأة الجزائرية ،صانعة المعجزات ،والأمجاد،والملاحم التاريخية،قدمت النفس،والنفيس لتحرير الوطن.تصدت للغزاة عبر الأزمنة،والعصور التاريخية،ولعبت دوراً كبيراً،لا يقل أهمية عن دور أخيها الرجل،في مقاومة الاحتلال الفرنسي طيلة ليله الذي ناء بكلكله على ربوع الجزائر،منذ الأمير عبد القادر إلى الشيخ بوعمامة،والمقراني،إلى الشيخ الحداد،وفاطمة نسومر إلى انتفاضات الواحات،والساورة،والتوارق بالصحراء.تعرضت لشتى أساليب التعذيب،والإهانات،وزج بها في السجون،وحشرت في المعتقلات،والمحتشدات،وجربت عليها أنواع من التجارب البيولوجية،والحيوانية،قاست،وتحملت،وصبرت لكل الشدائد،والمحن،إنها المرأة الجزائرية المخلصة المؤمنة بربها،ووطنها،وعقيدتها الإسلامية،المعتزة بوطنيتها،وشخصيتها،وكرامتها.
المرأة الجزائرية التي أرادها الاستعمار أن تلين تحت وطأة الظلم،والاستعباد،والاحتقار،وأن تعاني من الجهل الجاثم على العقول،والجمود الخانق،وأن تظل في حالة التخلف،والكبت،والحرمان،والتعسف الذي تفرضه عليها أساليب المحتل من جهة،وبعض عادات،وتقاليد المجتمع البالية من جهة أخرى.لكنها كسرت قيودها التي كبتت أنفاسها،ونهضت،وانطلقت مسلحة بإيمان راسخ،وإرادة وطنية مخلصة قوية،وحيوية فياضة دافقة،تكافح،وتنافح بكل الطرق،والوسائل المادية،والمعنوية،داخل الوطن،وخارجه،سياسياً وعسكرياً،فتغيرت مفاهيمها،وتبلورت أفكارها،وبرزت شخصيتها بفضل وعيها،وتوجهها الوطني.
وخلال الحركة الوطنية الجزائرية بدأ اسم المرأة الجزائرية يبرز في الصحف،والندوات،للنهوض بحقها في التعليم،والثقافة،وحقها في الانتخابات السياسية لسنة:1947 .وفي الفترة الممتدة ما بين الأربعينات،والخمسينات ثابرت المرأة الجزائرية على فرض،وإثبات وجودها في النضال السياسي،والاجتماعي،حيث ساهمت في الحركة الإصلاحية،والمنظمات،والجمعيات،والهيئات الوطنية،وفي المسيرات،والمظاهرات،خاصة تلك التي جابت العديد من مدن الوطن تنديداً بمجازر8 ماي1945.
ومدت يد المساعدة إلى المساجين،والمنكوبين،في المعتقلات،والسجون،والكوارث الطبيعية،ولضحايا ظلم الإنسان.
وكان من الطبيعي،وقد بلغ نضج المرأة منتهاه أن تتأسس منظمة النساء الجزائريات في شهر جوان1947 للتعبير عن رأيها،والدفاع عن حقوقها،وأن تعقد عدة اجتماعات مختلفة المهام عبر التراب الوطني،لاسيما اجتماع05 أوت1951 في سينما دنيا زاد بالجزائر العاصمة،الذي دعت إليه اللجنة الإنسانية لتأسيس الجبهة للدفاع عن الحريات،واحترامها.
وكانت المرأة الجزائرية من السباقين لتحضير أرضية الثورة المسلحة،وبعد تفجيرها،تبنتها،وآمنت بها،واحتضنتها،ودافعت عنها بكل إخلاص،وتابعتها من نصر إلى نصر،وتحملت أصعب المسؤوليات،وأخطر العمليات الفدائية،والمعارك في المدن،وفي الأرياف،فبرهنت عن وعي عميق،وكفاءة عالية،وعن شجاعة وإخلاص نادرين،وأثبتت أنها جديرة بأداء رسالتها النضالية إلى جانب أخيها الرجل،فأحدثت بذلك انقلاباً جذرياً في المفاهيم والأفكار،وفي نظرة المجتمع إليها،حيث أصبحت فيه عنصراً فعالاً،واقتحمت كل ميادين النشاط الوطني.وقد ورد عنها في وثيقة مؤتمر الصومام ما نصه(توجد في الحركة النسائية إمكانيات واسعة تزداد،وتكثر باطراد،وإنا لنحيّي بإعجاب وتقدير ذلك المثل الباهر الذي ضربته في شجاعة الثورة الفتيات،والنساء،والزوجات،والأمهات،ذلك المثل الذي تضربه جميع أخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير،وبالسلاح أحياناً في الكفاح المقدس،من أجل تحرير الوطن)،فكانت بذلك قدوة حسنة،ومثالاً رائعاً،في المقاومة،والتضحية للمرأة العالمية التي أشادت بدورها في الندوات،والمجتمعات،والمحافل الدولية»)4(.
في القسم الأول من الكتاب تحدث الدكتور محمد قنطاري بإسهاب عن قصة المجاهدة البطلة فاطمة خليف التي تعتبر رمزاً من رموز الثورة الجزائرية المظفرة،وأطلق عليها اسم الشهيدة التي لم تمت،وقد وصف ملحمتها وصفاً دقيقاً،وأكد على أنها واحدة من البطلات الخالدات،إذ جاء في بداية عرضه:«فاطمة خليف،المجاهدة الجزائرية العربية المسلمة تعد واحدة من أبطال،وبطلات الشعب الجزائري المجاهد،شبت منذ صغرها على حب وطنها الجزائر،وعلى أصالتها العربية الإسلامية،فانخرطت هي وعائلتها في صفوف المجاهدين.تلقت فاطمة كل صنوف التعذيب الوحشي على أيدي الكفار الجنود الفرنسيين،فقطعوا يديها،وهي تنظر،وأودعوها سجناً معلقاً بين السماء،والأرض،ووضعت حملها فيه،ويداها مقطوعتان،وثدييها مشوهان بوسائل التعذيب الجهنمية.قد يتخيل البعض أن هذه القصة لا تعدو أن تكون شبحاً خيالياً جامعاً.ولكن الذين عايشوا أحداث الثورة،وذاقوا مرارة المعاناة اضطهدوا بنارها،لا شك أنهم يقرون حقيقتها،كهذه القصة الواقعية باختصار للمجاهدة المرأة الجزائرية المسلمة لتكون عبرة لفتيات الأمة العربية في وطنيتها،وجهادها،وصمودها أمام الشدائد،والمحن،وأنواع التعذيب،لأنها اختارت طريق الكرامة،والعزة،والشرف،كنموذج للمرأة العربية المسلمة في سبيل الله،والوطن»)5(.
تطرق الدكتور محمد قنطاري مع بداية روايته لقصتها إلى بيئتها ،ونضالها السياسي،فهي تنتمي إلى بلدية(الألف شهيد)بني سنوس،تلك البلدية الخالدة في تاريخ الكفاح الجزائري،فبعد أن كان عدد سكانها في بداية الثورة الجزائرية سنة:1954م 3 آلاف نسمة،استشهد منها على يد قوات الاستدمار الفرنسي 1070 شهيد،فقد حفر اسمها في تاريخ الجزائر الأنبل كما عبر عن ذلك مؤلف الكتاب،وهي تبعد عن مدينة تلمسان ب32كلم،وطبيعتها أنها منطقة جبلية صعبة المسالك،ومعروفة بأدغالها،وغاباتها،وقد كانت ملجأً للثوار منذ الغزو الاستعماري الفرنسي للجزائر،فقد التجأت إليها جيوش الأمير عبد القادر،كما تحصن في مخابئها الكثير من المناضلين،وانعقدت بها اجتماعات قادة حزب الشعب الجزائري،وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين،والمنظمة السرية لتحضير أرضية تفجير الثورة الجزائرية المسلحة،إضافة إلى أنها كانت ممراً استراتيجياً لقوافل الأسلحة،والذخيرة الحربية القادمة من الخارج عن طريق موانئ الريف المغربي(الناظور) كباخرة دينا،وفاروق سنة:1955م المحملتين بالأسلحة،وذخيرتهما الحربية في الطريق إلى المجاهدين الجزائريين بمختلف أصقاع الوطن،فضلاً عن أنها كانت مقراً لقيادة الولاية الخامسة التاريخية أثناء ثورة التحرير المجيدة.
ويذكر المجاهد الدكتور محمد قنطاري أنه حسب شهادة أحمد بن بلة ومحمد بوضياف-رحمهما الله-في حديث خاص معهما عن مصدر التمويل لشراء الأسلحة،وذخيرتها الحربية،فإن أول مساعدة مالية للثورة التحريرية كانت من المملكة العربية السعودية متمثلة في(مائة ألف دولار سنة:1954 لانطلاق الثورة الجزائرية،والمقاومة المغاربية،وتوسيعها واشتدادها).
ويذكر أنه منذ اندلاع الثورة الجزائرية أضحت(بني سنوس)منطقة محرمة وملغمة من طرف الجيش الفرنسي، فاضطر رجالها،ونساؤها إلى الالتحاق بصفوف المجاهدين من جيش التحرير الوطني في جبال المنطقة،ومن تخلف عن الالتحاق،والإسراع بالركب،فقد أودع من قبل القوات الفرنسية في المعتقلات،والمحتشدات،والسجون،وأحيطوا بما يزيد عن أربعة آلاف جندي فرنسي من رجال الكمندوس،والمظلات،واللفيف الأجنبي من شتى الجنسيات،كما تدرب بجبالها قادة الحركات التحريرية الإفريقية،ومن بين الذين ذكرهم المؤلف على سبيل المثال:أنغولا،والموزنبيق،والجزر الخضر،والتشاد،وجنوب إفريقيا،وعلى رأسهم نلسن منديلا،حيث كانت إقامتهم بمعسكر مغنية.
بالنسبة لنضال فاطمة خليف السياسي ذكر المؤلف أنها فتحت عينيها على بطش المستعمر الفرنسي الذي سفك دم والدها،وقال إنها لم تكن تفهم، وهي صغيرة لماذا يقتلون الرجال والنساء والأطفال الأبرياء؟ولماذا يلجأون إلى الإبادة الجماعية للشعب الجزائري؟ولماذا يحرقون الأحياء بالبنزين والنابالم؟ولماذا تغتصب الفتاة أمام والديها وعمها وأخيها؟ ولماذا يجبر أفراد الأسرة على ممارسة الفحشاء مع بعضهم البعض،ومن امتنع منهم كان مصيره الموت،ولم تكن تعي لماذا يدفن الأحياء جماعياً في حفرة واحدة؟ولماذا تبقر بطون الحوامل،ويراهن الجندي الفرنسي على ما في بطنها أولد هو أم بنت؟
ويشير الدكتور قنطاري إلى أن هذه الأسئلة قد أرهقت فاطمة وحيرتها،ومع مرور الأيام تنامى حسها السياسي،وأصبحت مولعة بتتبع الأحداث،ومتابعة الأخبار،ونظراً لأن جميع أفراد عائلتها ودشرتها ومنطقتها كانوا من المناضلين الثائرين ضد الاستدمار الفرنسي الذي اغتصب وطنهم،ودينهم الإسلامي،ولغتهم العربية،فقد كانوا يأخذونها أحياناً،وهي ما تزال شابة لحضور اجتماعات جبهة وجيش التحرير الوطني بمنطقتها مع بعض المناضلات والمجاهدات،وتدريجياً أصبحت عائلتها مركزاً لجبهة التحرير للثورة الجزائرية المسلحة في سنواتها الأولى،وكان دورها تموين المجاهدين،وتخزين الأسلحة،والذخيرة الحربية،إضافة إلى إيواء الجرحى،والمرضى من المجاهدين والمجاهدات،ولاسيما منهم الذين يأتون من المناطق الداخلية للوطن،ويعتصمون بجبال بني سنوس،أو حينما يكونون في طريقهم إلى القواعد الخلفية للعلاج على الحدود المغربية الجزائرية عبر جبال(عصفور) في الأيام الأولى التي تلت تفجير الثورة الجزائرية)6(.
وتحدث الدكتور قنطاري عما روته له في حديث شخصي عن معركتها الأولى،حيث جاء في روايتها:«...06 جويلية 1956 وقعت معركة كبيرة ب(بعبدوس-بوسدرة)،وغيرهما بمنطقة بني سنوس وبني بوسعيد وبني واسين...دامت ثلاثة أيام بلياليها بين القوات الفرنسية ووحدات جيش التحرير الوطني من المجاهدين.شاركت فيها الدبابات والمدرعات والمجنزرات،ما يزيد عن عشرين طائرة حربية،وستة فيالق من رجال الهندسة الميكانيكية أغلب جنودها من اللفيف الأجنبي من رجال الكمندوس.كل هذه القوات مجتمعة انطلقت في عملية تمشيط من تلمسان،مغنية،سبدو،الغزوات،وغيرها من الجهات.وأسرعت أفواج جيش التحرير بمساعدة أفراد الشعب الجزائري بالمنطقة بتحطيم جسر(تزاريفت)مع تخريب الطرقات كثيرة المنعرجات،بدأت المدفعية والطائرات تقصف مواقع المجاهدين والقرى والمداشر المجاورة لتحضير أرضية الهجوم.التحم الجيشان في معركة شرسة تكبد فيها الجيش الفرنسي200قتيل واستشهد45 مجاهداً».
وتضيف فاطمة : «في هذه المعركة استشهد والدي بالرصاص وأغلبية أفراد عائلتي،وأحرق منزلنا،ولم يعد لنا بيت نأوي إليه.رافقت بعض أخواتي اللائي بقين على قيد الحياة مع عائلات المداشر الفارة والتحقنا بالجبال».
وقد واصلت فاطمة جهادها،وقامت بتضميد جروح المجاهدين،وسهرت على شفائهم،وراحتهم،والاتصال بأفراد الشعب في القرى والمداشر المجاورة.
وروت فاطمة للدكتور قنطاري أنه« في بداية نوفمبر1956م ألقت القوات الفرنسية القبض عليها وهي مصابة بجروح بليغة إثر معركة دامية دامت يوماً كاملاً.حيث أخذت مقيدة بالأغلال،وملابسها ممزقة،حافية القدمين تمشي والدماء تنزف من قدميها نزفاً،ورغم حالتها المرثية،فقد سلط عليها جنود الاحتلال وزبانيته أبشع أنواع التعذيب والإهانة المعنوية والضرب الجسدي وشرب(ماء أومو) ومختلف الوسائل الكيمياوية والأوساخ والكي بالنار والكهرباء،وجرح مختلف مواقع جسمها خاصة الحساسة منه ودهنها وطلائها بالأملاح،وقد استمرت العملية عدة أيام»)7(.
وذكر المؤلف أن فاطمة بقيت ثلاثة أشهر تحت التعذيب للحصول على معلومات تتعلق بمخازن الأسلحة وذخيرتها الحربية ومراكز التموين وعدد المجاهدين،وأفراد الشعب الذين يمولونها بالمال،والأطعمة،ولكنها لم تقدم أية معلومات لقوات الاستدمار الفرنسي،ولم تنبس ببنت شفة، وتحملت كل أنواع التعذيب.وفي شهر مارس1957 ألقت بها القوات الفرنسية في دشرتها، وأخذها بعض أفراد عائلتها ممن بقوا على قيد الحياة،وقدموا لها علاجاً بسيطاً جداً،وعلى الرغم من جراحها الخطيرة والمتعفنة فقد أجبرتها مصالح الأمن العسكرية الفرنسية على القدوم يومياً إلى مركز مخصص للإمضاء والتنقيط،ونظراً للظروف الصحية الصعبة التي كانت تمر بها فاطمة فقد قررت القيادة الثورية لجبهة التحرير الوطني الجزائري تهريبها ليلاً إلى أحد مراكز العلاج السرية،وفي يوم الغد،بعد أن تغيبت عن الذهاب إلى مركز المراقبة الفرنسية،جاءت وحدات من الجيش للبحث عنها،واستنطقوا سكان القرية،والمحتشد لعلهم يعثرون على أخبار عنها،و لكونهم لم يحصلوا على أية معلومة،فقد أخذوا أختها(عائشة)رهينة والتي كانت تبلغ من العمر15 سنة،وبعد أن استنطقت،وعذبت أرسلت إلى سجن(الحراش).
وبعد تمشيط،وحصار القوات الفرنسية لجبل(جرف لحمر)، الذي كانت توجد به المجاهدة فاطمة،وقصفها له بالمدفعية،والطيران،بعد معركة ضارية مع المجاهدين أصيبت فاطمة بجروح بليغة،بسبب شظايا القنابل اليدوية التي تم إلقاؤها على مخزن العلاج.
ويشير الدكتور قنطاري إلى أن فاطمة روت أن العدو الفرنسي قد تكبد خسائر فادحة في الأرواح،لأنهم كانوا مسلحين بأسلحة حديثة أرسلها أحمد بن بلة ورفاقه بالخارج على متن الباخرتين(دينا وفاروق)في ربيع سنة:1955م إلى الموانئ المغربية لإدخالها إلى الجزائر لدعم المجاهدين،وتسليح المسبلين،وقد أُلقي القبض على فاطمة في هذه المعركة مع بعض الجرحى،وأرسلوا إلى مركز التعذيب ببرج(سد بني بحتل)،وقد قيدت بالسلاسل في يدها،وعنقها،ورجليها، وتم اقتيادها إلى الساحات العمومية ،وطلب منها أن تشتم المجاهدين،وتصفهم بالذئاب الذين يسكنون الغيران،وتؤكد أنه تم القضاء عليهم،وأن فرنسا هي الأم الحنون،وأن تطلب ممن يمتلكون الأسلحة بتسليمها،وإعلان توبتهم،وأن فرنسا ستصفح عنهم.
ولكنها فاجأت السلطات العسكرية بعد أن أعطوها مكبر الصوت بالقول(إن المجاهدين ليس لهم أي أكواخ من الأشجار والأعشاب في الغابة،بل لهم قصور في الجنة وهم أبطال شجعان،يجاهدون في سبيل الله والوطن.وإن كل من يرتد عن ثورته وجهاده،فهو كافر مصيره جهنم فلنمت شهداء على شهادة-لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله،فالمجد والخلود للشهداء).
وأثناء تكلمها تعرضت فاطمة للضرب والشتم داخل السيارة العسكرية من قبل الضابط الفرنسي(تيسو)،وقد أكدت فاطمة بأنها ستموت مجاهدة،وشهيدة من أجل دينها الإسلام وبلادها الجزائر،وأمتها العربية،فتعرضت للضرب المبرح إلى أن أغمي عليها،وأخذت إلى مستشفى تلمسان، وعوض أن تُقدم لها الإسعافات الاستعجالية لجراحها فقد كان الطبيب الفرنسي(رواق)يزيدها تعذيباً جسدياً،ومعنوياً. وبعد ذلك تم استنطاقها،وذكرت مهامها،ونشاطاتها،وقد خاطبها الجندي الذي قام بالاستنطاق قائلاً(إذا قتلناك فستتخلصين من الدنيا،وإذا سلمنا عينيك كهذا الرجل المجاهد الذي أمامك فإنك تعيشين ولا تتمتعين بالدنيا ولذلك سنبقيك على قيد الحياة وتعيشي العذاب والشقاء والبؤس والحرمان).
فتم قطع يديها(بالمزبرة)وألقي بها في دشرتها،وأخذت من قبل جيش التحرير الوطني لأخذ العلاج في(جبل جرف النحل)بالقرب من(بوعبدوس) على حافة الوادي وتمت معالجتها،وقد تكفلت صديقتها (الزهراء) بمساعدتها في الأكل،والملبس،وقضاء حاجياتها الصحية،كما ساعدها المجاهد (بوزياني)التي ظل يسهر على علاجها،ويقوم بمواساتها)8(.
ويشير الدكتور محمد قنطاري إلى أن ما سُرد من أحداث هذه القصة الواقعية المؤلمة لا يختصر ما توالى في حياة فاطمة من ضروب المحن،ويصف محنتها التي تلت هذه المحن بقوله:«شاءت طبيعة تحرير الوطن استمرار المعارك،التي كان المجاهدون بشجاعتهم الفذة يسجلون فيها الانتصار تلو الآخر.
الأمر الذي أثار فضيحة القوات الفرنسية وآل بها إلى تعزيز طاقاتها القتالية من عدة وعتاد.وفي إحدى المعارك أصيبت فاطمة المجاهدة مرة أخرى بجروح بالغة فألقي عليها القبض وهي تئن من شدة الألم،ومما زاد من معاناتها أنها في الشهر الثامن من حملها،وعوض أن تُقدم لها الإسعافات الأولية كما تقتضي الأعراف الدولية،زادتها المصالح المختصة للجيش الفرنسي(لصاصSAS) تعذيباً في محاولة لإرغامها على البوح بسر مشاركتها في المعركة رغم الإعاقة التي لا تؤهلها لذلك،ومن شدة التعذيب أغمي عليها حتى أوشكت على الإجهاض،وبين الفينة والأخرى تتعرض للضرب المبرح،والشتم،والتهديد ببقر بطنها،وإخراج الجنين،وقتله.
وفي يوم:02 نوفمبر1961م تم نقلها مع قافلة إلى محتشد سبدو،وتم عزل النساء عن الرجال،وذلك تحت الضرب،والشتم،ونهش الكلاب،وتم بعد ذلك الزج بها ورفيقاتها في السجن المعلق ببرج خزان الماء بالطابق الثاني في يوم شديد البرد والرياح والعواصف والثلوج،وقد كانت ظروف السجينات مأساوية،ولا توجد لا ألبسة، و لا أغطية،ولا أكل،وفي منتصف 11 ديسمبر1961،وبمساعدة المجاهدة الكبيرة فاطمة قاسمي التي تفطنت لآلامها،وأوجاعها،وضعت مولودها(نصر الدين).
و يذكر الدكتور محمد قنطاري أنه«عندما بلغ أمر الصبي مسامع القيادة العسكرية الاستعمارية احتاروا في أمره،وتساءلوا هل يبقى الصبي وأمه في السجن؟ أم يتم التخلص منه؟أم يفصل بينه وبين حضن أمه؟
وفعلاً فقد حاولت سلطات السجن أن تكيد للسيدة المجاهدة فاطمة خليف،ولكنها تفطنت لذلك،وكان إحساسها الفطري دليلها،إنها عاطفة الأمومة المقدسة.وكان موقف أخواتها السجينات موقفاً بطولياً،وكان عددهن109 ودخلن في إضراب مفتوح عن الطعام إلى أن يترك(نصر الدين)مع أمه في السجن،أو يفرج عنها.وأمام هذا الوضع المحرج الذي وقعت فيه السلطات الاستعمارية،أرسل القائد العسكري لولاية تلمسان مبعوثاً خاصاً لتهدئة الأوضاع،وطمأن فاطمة على مصير ولدها.وهكذا عمت الفرحة داخل السجن،ووجدت السجينات في الصبي أنيساً بين جدران السجن المظلم البارد شتاء،والحار صيفاً»)9(.
و يذكر المؤلف أن الصبي(نصر الدين) قضى وأمه 12 يوماً بين الاستنطاق والتعذيب النفسي والجسدي،وكثيراً ما تعرض لمحاولات اغتيال،واختطاف من قبل رجال المنظمة العسكرية السرية(لواصOAS).
ويشير الدكتور قنطاري في متابعته لوقائع محاكمة الصبي وأمه إلى أن رد(جون)رئيس المحكمة كان غريباً،حينما سُئل عن ذنب ذلك الصبي الذي لم يتجاوز15 يوماً من عمره«حيث أجابهم بوقاحة: الحكم بخمس سنوات سجناً نافذة على نصر الدين عقوبة على مشاركته في المعركة ضد القوات الفرنسية التي تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد،وهو ببطن أمه في الشهر الثامن...فيعتبر فلاقي وعوض أن ينفذ حكم الإعدام في أمه فإننا اكتفينا بخمس سنوات أيضاً معه...وفي حالة فرار أمه كالمعتاد من السجن بمساعدة(الفلاقة)فإننا سننفذ فيها حكم الإعدام وابنها الصغير.وبعد سماع فاطمة منطوق الحكم أطلقت زغرودة دوت أنغامها في قاعة المحكمة،وهو ما جعل الحاضرين يتعجبون من أمرها ثم سألها رئيس المحكمة لماذا تزغردين؟فأجابت وهي رافعة يديها المقطوعتين أمام رئيس المحكمة... أزغرد على إنسانية وعدالة الدولة الفرنسية وأفرح لأنكم لم تكتفوا بقطع يدي بل إن رحمتكم أدت بكم إلى إدانة طفل لم ير النور سوى أياماً معدودات.ثم رفعت يديها إلى السماء داعية(اللهم اجعل لنا من كل ضيق مخرجاً ومن كل حرج فرجاً وأنعم علينا بالاستقلال والحرية).ورغم الدفاع فقد نفذ الحكم،وأعيدت فاطمة وولدها إلى سجن تلمسان ليمكثا فيه حتى استقلال الجزائر»)10(.
ويؤكد المؤلف على أنه من خلال اطلاعه على الوثائق والصور،وقيامه بتحقيقات ميدانية،وشهادات مسجلة مع من عايشن الأحداث،وتعرضن للاغتصاب،إضافة إلى اعترافات القادة العسكريين والجنود الفرنسيين والحركى العملاء فإن التفتيشات العسكرية الفرنسية،وأجهزتها الأمنية كانت تتم على المشبوه في انتمائهم إلى جبهة وجيش التحرير الوطني فيقومون بتفتيش منازلهم،وحينما لا يجدون الرجال كانت تؤخذ البنت البكر أو الزوجة أو الأم من طرف العساكر إلى المراكز العسكرية كرهينة لتسليم الأخ،أو الزوج،أو الأب إلى القوات الفرنسية فتتعرض للتعذيب والاغتصاب،«كما كان يتم أيضاً خطف الفتيات بمختلف الطرق والوسائل واللواتي كان يزيد عددهن عن 20 إلى100 وإرسالهن إلى المراكز العسكرية بالمدن والقرى والمداشر،وفي الجبال والصحاري لاغتصابهن وحجزهن لعدة أيام للتمتع بهن.
وعند الانتهاء يتم التخلص منهن بالقتل الجماعي،ومن تتمكن من الفرار تذهب إلى منزلها الأسري أو الأبوي فتنتحر،أو تقوم بعمليات استشهادية ضد القوات الفرنسية لتمحي أثرهن،أما في البوادي فقد كانت القوات الفرنسية تقوم بعمليات التمشيط وإلقاء القبض على عدد كبير من النساء والفتيات ونقلهن إلى المراكز والثكنات العسكرية وإلى المحتشدات والمعتقلات لتعذيبهن واستغلالهن وبعد ذلك يتم التخلص منهن جسدياً»)11(.
وختم المؤلف قصة فاطمة بالإشارة إلى أنه تم إطلاق سراح نصر الدين(الغوثي)،وأمه وباقي السجينات في آخر شهر أبريل من سنة:1962م،وخرجت فاطمة تحمل بيديها المقطوعتين(شبلها)،وهي تستنشق هواء الحرية،والكرامة،وعزة النصر والانتصار.
وذكر أنه قام مع مخرج تلفزيوني بمحطة وهران،وغيره من المستشارين،والأساتذة الجامعيين المختصين في فن الدراما،والرواية،والتمثيل بكلية الآداب بجامعة وهران بوضع سيناريو لهذه القصة قصد إنجاز فيلم وثائقي،أو شريط عنها.
وأورد الحوار الذي قام بينها،وبين رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق أحمد غزالي،حيث قال المؤلف في هذا الصدد« قال لها رئيس الحكومة الجزائرية السابق (أحمد غزالي):سنقوم بتركيب يدين اصطناعيتين لك في فرنسا فقالت:اشتروا بثمنها دواءً للشعب..وكان ذلك في احتفال بدائرة(سبدو)بولاية تلمسان في شهر جوان1992م لإعادة دفن رفات الشهداء وتدشين قرية لعرج باسم الشهيد الضابط(لعرج بوسيف)التقت المجاهدة فاطمة خليف مع مجموعة من المجاهدين والمجاهدات وأفراد الشعب ومجموعة من الإطارات منهم وزير المجاهدين.وكنت أنا من بينهم أيضاً مع رئيس الحكومة السالف الذكر في زيارة استطلاعية تاريخية للمعلم التاريخي مكان السجن المعلق ببرج خزان الماء،وللأمانة التاريخية في الشهادة التالية:
طلب رئيس الحكومة من وزير المجاهدين السيد شيبوط أن يُرسل فاطمة إلى خارج الوطن لتركيب أيدي مصطنعة لمساعدتها في حياتها اليومية،وكانت إجابتها كما يلي:
سيدي الرئيس لقد أرسلتني الحكومة الجزائرية منذ سنتين إلى فرنسا...وبعد قياس مختلف أنواع الأيدي الاصطناعية وجدت ثمنها50ألف فرنك فرنسي قديم وهذا الثمن غالي جداً على دولتنا فرفضت وعدت إلى الجزائر...
وألح رئيس الحكومة مرة أخرى على وزير المجاهدين إرسالها خارج الوطن لكن فاطمة ردت عليه: (سيدي الرئيس هذا يكلف الدولة ثمناً باهظاً بالعملة الصعبة خاصة في الظروف الحالية التي تعيشها الجزائر من أزمة اقتصادية...لذلك فالأفضل أن أبقى على حالي...الأحسن أن تشتروا بها أدوية للمرضى الذين هم في حالة خطيرة...وأنا أحمد الله على نعمه)ثم سألها رئيس الحكومة قائلاً(هل لك أولاد؟قالت:نعم لي ولد واحد ولد في السجن المعلق ببرج خزان الماء أثناء ثورة التحرير الوطنية،وهو الآن يشتغل في قطاع البناء..سألها عن أحواله فأجابته أنه يعيش من عرق جبينه وأن حاله مستقر،له أولاد وأنا أعيش معه).
ثم قال لها رئيس الحكومة أمام الجماهير الشعبية والمجاهدين(ما هي أمنيتك في الدنيا؟قالت له:تأدية فريضة الحج إلى بيت الله الحرام والصلاة في المسجدين الحرمين الشريفين،وزيارة قبر الرسول-صلى الله عليه وسلم- والصحابة والمجاهدين،وزيارة مكة المكرمة والمدينة الشريفة وهي أمنيتي وأرجو الله العلي القدير أن تتحقق قبل مماتي)»)12(.
و أورد المؤلف القصيدة التي كتبها الشاعر شحاتة عبد الغني الصباغ،المعنونة ب: «فاطمة خليف(أم الزهرة)مجاهدة الصمود والكبرياء»،ومما جاء فيها:
أعندي ملاحم حق ونور وأبحث عند سواي الأثر
وبنت تلمسان الأوراس تصدت بنبل وأعطت مثالاً صدوق الخبر
وكانت جداراً لقبر فرنسا ومن يلعقون دماء البشر
ومن يغصبون حياء العذارى قذفنا عليهم شواظ المطر
ومن يقطعون أيادي النساء بعثنا عليهم عذاب سقر
ومن حاكموا طفل روض ندي أتاهم جواب يصب الشرر
قضم رقاب البغاة لهيبي وإن حان زحف فأين المفر
ونالت بلادي وسام انتصار وحباً الجزائر غزو القمر
ويبقى الأوراس وتلمسان عبير الوجود ويبقون عندي كإحدى الكبر
وأم الطفل صمود وعز وتاريخ جيل بكف الصخر)13(.
وبعد قصة المجاهدة فاطمة خليف روى الدكتور قنطاري قصة المجاهدة فاطمة قاسمي التي خرجت من المعركة مع زوجها وطفلها سالمين،وفي طريقهما مع الوادي إلى جبل(بوحلوا)بصبرة في مساء يوم ممطر بارد من شهر نوفمبر1960م تحت حصار القوات الفرنسية من رجال الكومندوس واللفيف الأجنبي،وتحت غطاء الطائرات لحماية الدبابات والمدرعات،وبعد أن دام التمشيط20 يوماً،ومن شدة البرد والجوع الذي عاشته على الأعشاب،والنباتات،وبعض تمار أشجار(البلوط) توفيت ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات،ودفنتها تحت تهديد الذئاب التي حاولت افتراسها من بين يديها،وبعد عشرة أيام توفي طفلها أيضاً من شدة الجوع،والبرد القارس بين غابة منطقة صبرة في مغارة محاصرة من طرف القوات الفرنسية...
وقد روت المجاهدة فاطمة قاسمي عن صديقتها أرملة شهيد بمحتشد سد بني بحتل قصة ملخصة كالتالي«كانت حليمة أرملة شهيد مكلفة بالنظام الثوري لجبهة وجيش التحرير الوطني داخل المحتشد على اتصال بجندي جزائري في الخدمة العسكرية الإجبارية بصفوف القوات الفرنسية بالمحتشد...وذات يوم ذهب في إجازة لزيارة عائلته بمنطقة قسنطينة فوجد منزله ودشرته قد أحرقت وحطمت من طرف الجيش الفرنسي وأسرت عائلته كلها...ولما عاد إلى وحدته العسكرية الفرنسية بالمحتشد تظاهر كأنه لم يقع شيء أمام الجنود والضباط الفرنسيين...اتصل كالعادة في سرية تامة بأرملة الشهيد(حليمة)وأخبرها بالقصة وطلب منها أن تخبر قيادة المجاهدين بالجهة بوسائلها الخاصة لتهيء لاستقباله بعد فراره بمختلف الأسلحة في وسط كتيبة من الجنود الفرنسيين التي ستسلك طريق الجبل المعين...وبالفعل فقد وقعت الكتيبة الفرنسية يوم17 نوفمبر1960 في كمين لجيش التحرير الوطني فأبيدت عن آخرها والتحق الجندي الجزائري بصفوف المجاهدين،وغنم كل الأسلحة وذخيرتها الحربية...وبعد التحريات للمصالح السرية العسكرية الفرنسية عن سبب عدم العثور على جثة الجندي الجزائري في ميدان المعركة...وبعد التحقيق وتعذيب المجاهدة حليمة أشد العذاب الجسدي والنفسي...جمع(لصاص) حولها سكان المحتشدات المجاورة في بطحاء عامة...فمزق الضابط الفرنسي جون جاك مورين لباسها كما ولدتها أمها عارية تماماً وأفرغ البنزين على رأسها وجسدها كله إلى قدميها وألقى عليها النار وهي تصرخ،واحترقت عن آخرها أمام جمهور من الجنود الفرنسيين وسكان المحتشدات لتكون عبرة ومثالاً للغير.كما قامت القوات الفرنسية بذبح المرأة المناضلة صاحبة مركز استقبال المجاهدين لعلاج المجروحين والإمداد والتموين بالمواد الغذائية الضرورية،ورمت بجثتها أمام الحاضرين لتكون أيضاًَ عبرة أمام الآخرين...وحسب شهادة شهود عيان من النساء والرجال الذين عايشوا الحدث أن كثيراً من النساء أجهضن وأغمي عليهن من شدة الوقع والتأثر للمنظر اللا إنساني...للحرق والذبح... »)14(.
وأورد الدكتور محمد قنطاري مجموعة من الشهادات لبعض المجاهدات عن الملتقى الوطني الأول المنعقد بمدينة عنابة عن«دور المرأة في الثورة» في:8-9 جويلية 1996من خلال لقاءات أجريت معهن.
فجاءت في البدء شهادة المجاهدة بدرة عمامرة من الأوراس التي أكدت على أن المرأة الجزائرية تصدت«في الأوراس لكل الممارسات الرامية إلى طمس الشخصية الوطنية والقضاء على مقومات شعبنا وتاريخنا.ورغم القهر والاستبداد والتعذيب الاستعماري الشنيع،بقيت المرأة تمارس دورها الأول والأساسي في المحافظة على أسرتها من التفكك والذوبان،وعوضت غياب الرجل لتصبح مسؤولة عن الخلية العائلية في المدينة والريف.وبذلك احتلت المرأة الجزائرية مكانتها في الأوراس داخل الثورة كفدائية ومرشدة اجتماعية وممرضة تسهر على راحة صحة إخوانها المجاهدين في الأكل والملبس ورفع معنويات المجاهدين...
وقالت:عندما يخسر العساكر الفرنسيون المعركة ينقلبون للثأر من المدنيين،يهتكون حرمة النساء اللواتي يفضلن الموت،يلقين بأنفسهن من قمم الجبال حفاظاً على شرفهن من التدنيس قائلات(في التراب ولا في أولاد الكلاب) »)15(.
وبعدها أورد شهادة المجاهدة شلق ميمونة سعاد من تيارت،والمجاهدة عائشة ليتيم من الولاية الثانية،والمجاهدة ساسي صليحة،والمجاهدة فاطمة المعنية،والمجاهدة خديجة رقين من تبسة،والمجاهدة حورية طوبال،وختم بإيراد شهادة المجاهدة فضيلة مانع من الولاية الثالثة التي جاء في شهادتها بصفتها أماً لخمسة شهداء «عندما استشهد زوجها زغردت وعندما استشهد ابنها الأول والثاني والثالث والرابع زغردت وعندما استشهد ابنها الخامس بكت كثيراً،فقيل لها لماذا تبكين هذه المرة قالت أبكي لأنه لم يبق لي ابن أهديه إلى الجزائر مرة أخرى وأتمنى استشهادي.
-كما كانت القوات الفرنسية عند مداهمة المنازل والخيام للتفتيش عن المجاهدين والجرحى تقوم بخلط الطعام بالتراب والبنزين وإتلاف المحاصيل الزراعية وقتل الحيوانات والدواجن،وكل ما يقتات به من أجل تجويع الشعب ليتخلى عن الثورة والثوار ولكن كان عكس ذلك يزيدهم روحاً وطنية،ويرفع معنوياتهم ويزيدهم أيضاً بغضاً للقوات الفرنسية.
-كانت القوات الفرنسية تقوم بعمليات تمشيط للبحث عن المجاهدين والمناضلين والمؤن فتجمع المواطنين في المناطق والغابات الكثيرة الأشجار والأعشاب وتقوم بحرقها فيحرق ما فيها وعليها من بني الإنسان من المواطنين وكل دابة بها.ومن يحاول الفرار تطلق عليه العساكر الفرنسية النار في سياستها الإبادة الجماعية والأرض المحروقة للشعب الجزائري...
-كانت الفتاة الجزائرية ترفض خطوبتها أو زواجها إلا إذا كان مجاهداً،وأن زوجات الحركى والخونة طلبن الطلاق من أزواجهن وهناك من تركت أبناءها والتحقت بالثورة لمسح العار والخيانة،وهناك من كن في صراع مرير مع أسرهن،أو أزواجهن العملاء أو خونة الثورة والوطن»)16(.
ويؤكد الدكتور قنطاري على أن هناك شهادات قد يجف القلم لتدوينها ويعجز اللسان عن وصفها والنطق بها و لا يتصوره العقل البشري لما قام به الجيش الفرنسي والأجهزة الأمنية والعملاء من جرائم ضد الإنسانية.
وروى المؤلف قصة الأسيرة الطالبة الفرنسية الآنسة كوماس التي تم أسرها،وقدمت شهادتها على حسن المعاملة التي لقيتها من قبل المجاهدين،وتعرض بعدها لحياة المعتقلين السياسيين،وأشار في هذا الشأن إلى أن مؤسسة السجن تقوم باستمرار ،وبدون إعلام بعمليات تفتيش المناضلين بشكل عنيف،حتى تطمئن من محاولات الفرار،ومن حيازتهم على آلات ،وأدوات مختلفة تستعمل في الفرار،وقد كانوا يتعرضون لذلك وكلهم اشمئزاز وسخط،لأن حراس السجن يطلبون منهم خلع ثيابهم كلها لعملية التفتيش،وفي كل الأوقات والظروف يبقون عراة وواقفين لمدة طويلة قد تصل إلى عدة ساعات،وقد كان حراس السجن يتلذذون بتعذيبهم للمناضلين،ويرتكبون أعمالاً شنيعة في حقهم بتشجيع من مسؤولي السجن،وقد كانوا يصرفون طاقاتهم في عدة نشاطات التي لولاها لما عاشوا بصفة عادية،فكان بعضهم يعلم والآخر يتعلم،وكان الطعام المقدم للمعتقلين سيئاً جداً،وفقيراً جداً من الناحية الغذائية،وكثيراً ما كان المناضلون يفقدون وعيهم من شدة التعذيب الذي يتعرضون له،فيتم جرهم وهم جثة هامدة ،ورميهم في زنزانة ضيقة جداً،مصبوغة باللون الأسود،وخالية من النوافذ،وقذرة وكثيرة الرطوبة،وكانوا يجبرون على الركض لأخذ إناء حسائهم،وأكله بسرعة،ووضعه في المكان المحدد،وذريعتهم في ذلك هي أن هذه الإجراءات المقصود منها الأمن.
وفي حديثه عن اشتداد القمع الاستعماري من:1955-1962م تساءل الدكتور محمد قنطاري في البدء كيف توصلت فرنسا وإدارتها إلى تجاهل حقوق الإنسان والاستخفاف بها،واحترفت عمليات تعذيبية ضد الجزائريين أثارت ضدها الضمير الإنساني؟
كيف يمكن التوصل إلى إخضاع الإنسان للتعذيب وتعريضه للآلام الشديدة وإلى المعاملات القاسية وغير الإنسانية؟
وأشار إلى أن الشرطة والجيش الفرنسي كانا يقومان«بكل أنواع التعذيب الجسمي بكل عنف ووحشية لاستنطاق المعتقلين المسجونين،وكان ذلك أمراً عادياً ويومياً وكانت آلة الكهرباء تسمى آلة الاعتراف.
وكان التعذيب عن طريق حوض الماء(الحمام)وأنبوب الماء في فم المعتقل من الوسائل الكثيرة الاستعمال من طرف الشرطة والجيش الفرنسيين.
وكان التعذيب المستمر الذي يعتمد على التعب الجسمي مقدمة للتعذيب الصحيح الذي كانت تقوم به المصالح المختصة في فنون التعذيب بوسائلها،وبأساليبها المختلفة،من بينها:
1-حرمان المعتقلين من الأكل والشرب والنوم مدة زمنية محددة مسبقاً لإضعافهم جسدياً ونفسياً لتهيئتهم للتعذيب الأشد قسوة.
2-إخضاع المعتقل لآلات التعذيب انطلاقاً من حرق الأماكن الحساسة من الجسم سواءً بالشموع أو بالمكواة ونزع الأظافر والأسنان وإقعادهم على الزجاجات وملء بطونهم بالماء الممزوج بالصابون والغازات بغية الحصول على المعلومات من المعتقلين دون استثناء.
3-تدل الشهادات بأن المعتقلين كانوا يتحملون التعذيب ولا ينطقون بأي سر من أسرار الثورة مفضلين الاستشهاد في سبيل الله والوطن حفاظاً على كرامتهم وكرامة الثورة والوطن،ذلك ما كان يغضب الفرنسيين ويؤدي بهم إلى مضاعفة التعذيب بوسائل أخرى تختلف عن الوسائل الأولى كاستعمال الكهرباء في الرأس والأذنين وفي الأماكن الأخرى ونزع قطعة من لحمه بالكلابة وطرحه أرضاً للشمس بعد دهن جسمه بمواد كيمياوية مؤثرة.
هذا ولما كان الجلادون يفشلون في نزع المعلومات من المعتقلين كانوا يلجأون إلى استعمال طرق التخويف والترهيب بإعدام معتقلين –أمامهم-غير محكوم عليهم بالقضاء محذرينهم بمصيرهم في حالة عدم إدلائهم بالمعلومات المطلوبة،وهكذا فقد استشهد عدد كبير من المعتقلين تحت التعذيب جماعياً ونذكر(الدكتور محمد قنطاري)على سبيل المثال الشهداء بوراس الجيلالي ودحنون سليمان وجيدر محمد الملقب(بولنقاني)وهذا بالإعدام الغادر في مراكز الشرطة بعد عدة أسابيع من التعذيب.ولتغطية هذه الجريمة ذكرت الصحافة المحلية الفرنسية بأن هؤلاء المعتقلين قتلوا في محاولتهم للهروب ناحية تليلات»)17(.
في القسم الأخير من الكتاب توقف المؤلف مع طرائق ووسائل التعذيب الفرنسي في ثورة التحرير،وذكر في البدء أن التعذيب ينقسم إلى قسمين:
أ-التعذيب الجسدي.
ب-التعذيب النفسي أو المعنوي.
فالتعذيب الجسدي-كما ذكر المؤلف-بلغ خلال ثورة التحرير الوطني أشنع،وأفتك صور التعذيب الوحشي الذي عرفته الإنسانية في القرن العشرين ضد المعتقلين والمساجين والأسرى والمناضلين الوطنيين،فالسلطات الفرنسية مدنية وعسكرية أقامت مراكز ومدارس متخصصة في فنون التعذيب الجسدي والمعنوي بشتى وسائله البدائية أو التقليدية،وأجهزة العلم التكنولوجية الحديثة.
ومن أنواع التعذيب التي ذكرها المؤلف على سبيل المثال لا الحصر:
«-يقوم المجاهد أو المناضل المعذب بحفر حفرة إلى غاية العنق أي الرقبة،فيرمى عليه التراب إلى العنق فيموت موتاً بطيئاً.
-تقوم القوات الفرنسية ورجال الأمن بإلقاء البنزين على المعذب أمام الجمهور في المحتشدات أو المعتقلات أو الأسواق أمام العامة فيحرق أمامهم ليكون عبرة للآخرين.
-تقوم القوات الفرنسية بوضع المجاهدين أو المناضلين في الصفوف الأولى والوسطى،وفي الأخير كدروع بشرية عند التمشيط أو تنقل القوات الفرنسية في الطرقات من جهة إلى أخرى تفادياً لمفاجأتها في كمائن أو معارك مع المجاهدين.
-تقوم القوات الفرنسية وأجهزتها الأمنية بإقحام المجاهدين أو المدنيين في مناطق الألغام أو تفجيرهم بالمفرقعات.
-تقوم القوات الفرنسية البحرية بالقبض على المناضلين المدنيين نساء ورجالاً،شيوخاً أو صبياناً،على السواحل بشحنهم في بواخر أو قوارب صيد وربط أيديهم خلفهم بأسلاك ورميهم في البحر ليكونوا طعماً للأسماك.
-تقوم القوات الفرنسية وأجهزتها الأمنية،مدنية كانت أو عسكرية بربط المعذب من الأرجل وتعليقه منها ورأسه في الأسفل،فتنهال عليه بالضرب والجرح إلى أن يموت...
-تقوم القوات الفرنسية بإلقاء الأسير أو السجين برميه جواً من الطائرات العمودية على مسافات بعيدة على اليابسة أو البحار...
-يرمى بالسجين أو المعتقل في زريبة أو حجرة مع حيوانات متوحشة جائعة فيكون لها طعماً سريعاً تتسابق وتتصارع عليه وهو يصارعها بين الموت والحياة.
-كما قامت القوات الفرنسية وأجهزتها الطبية والبيولوجية بتجارب حيوانية استنساخية على المرأة الجزائرية.
-ربط الموقوف عارياً فوق كرسي يسري فيه تيار كهربائي حتى يتصلب جميع جسده،ويحس بالتهاب في حلقه،وحرارة في أحشائه،حيث يكون السلك الكهربائي بقوة عالية إلى أن يحرق ويصبح جسمه كفحمة أو رماد..
-تنتزع جميع ثياب المعذب،ثم يجبر على المشي على أربع والدفع به بقوة إلى الأمام،فإذا كبا انهالوا عليه ركلاً أو ضرباً بمؤخرة بنادقهم وتطلق عليه الكلاب البوليسية العسكرية المدربة لتنال من جسمه وأعضائه التناسلية أو الاغتصاب.
-وضع الملاقط في فم المعذب وسدّ فمه،ثم يدخل الشريط العادي إلى أعماق سقف حلقه،ثم يشغلون آلة كهربائية بقوة حتى تتقلص جميع أعماق سقف حلقه،ثم يشغلون آلة كهربائية بقوة،حتى تتقلص جميع عضلات وجهه،وتتشنج بشكل فظيع فيؤدي إلى تشويه وجهه.
-إجبار المعذب تحت لون من التعذيب الفظيع على الإتيان بحركات أشنع منها،وعندما يمتنع يرمى به في الكاشو/وهو عبارة عن زنزانة انفرادية ضيقة قذرة لا يطاق دخولها.توجد بها بعض الأفاعي أو العقارب أو الصراصير والفئران والناموس،والبق وغيرها من الحيوانات والحشرات الضارة والمميتة...
- التعذيب بالملاقط،وهي صغيرة مستطيلة ومسننة كفك التمساح توضع إحداها في طرف الأذن اليمنى،والأخرى في إصبع اليد اليمنى توصلان بالكهرباء،وتطلق دفعات كهربائية تتوالى على الجسم،وهو يتلوى ويهتز حتى يتصلب..حيث تتفاوت درجة القوة الكهربائية،فقد تزيد أحياناً عن 220 فولت.
-التعذيب بالمنجر/اللكانة/الذي يستعمله النجار،وكيفية التعذيب به هي نفس الكيفية التي ينجر بها اللوح:يوضع على جزء من أجزاء الجسم ثم يمر عليه كما يفعل النجار عندما يصقل اللوح فيتم قطع بعض الأصابع أو يديه أو رجله أو تمزق بعض أطرف جسمه...
-الرهان بين العساكر والحركى حول امرأة حامل هل في بطنها ولد أم بنت فيقومون ببقر بطنها لمعرفة ذلك.
-تعليق المعتقل أو السجين على خشبة الصليب حياً إلى أن يموت ويقلى أو يشوى الصبي على النار أمام أمه»)18(.
إضافة إلى عدة أساليب إجرامية أخرى استعملها الاستدمار الفرنسي للقضاء على روح النضال،والكفاح في الفرد الجزائري التواق إلى الحرية والتخلص من جحيم فرنسا.
ب-التعذيب المعنوي النفسي:
ذكر الدكتور محمد قنطاري حينما تعرض لهذا الأسلوب أن المناضلين والمجاهدين عرفوا أنواعاً كثيرة من فنون التعذيب المعنوي أو النفسي،وهي أكبر وأشنع من التعذيب الجسدي،فالتعذيب المعنوي يترك آثاراً نفسية أو معنوية عميقة في الشخص إلى غاية وفاته،ومن بين الأساليب التي انتهجها الاستدمار الفرنسي على سبيل الذكر لا الحصر ذكر المؤلف:
«-تجريد أفراد الأسرة أو العائلة في مكان واحد من جميع ثيابهم كما ولدوا وهم يتفرجون ويتلذذون عليهم بالمس والضرب للتخويف والترهيب...
-تنتهك العساكر الفرنسية والعملاء الأعراض ويتم اغتصاب أفراد الأسرة أمام عيون الجميع.
-تجبر العساكر الفرنسية وأسلاك الأمن المدنية الفرنسية بالضرب والتهديد بالموت والمخدرات أفراد الأسرة أمام أعين الابن انتهاك حرمة أخته أو زوجة أخيه أو عمته أو خالته أي من المحرمات في القرآن الكريم أو الأب انتهاك حرمة زوجة ابنه أو التعدي على ابنته إلى أنه في الواقع رغم كل الوسائل الجهنمية المستعملة من ضغوطات وتهديدات وتعذيب كان أفراد الأسرة أو العائلة يغمضون أعينهم ويفضلون الموت على ممارسة هذه الانتهاكات أو الاغتصاب؟
ونظراً للعملية الخطيرة في هتك العرض أو الاغتصاب وتأثيرها على حياة ومعنويات أفراد الأسرة الثورية بصفة خاصة وأفراد الشعب الجزائري بصفة عامة أعطت قيادة الثورة أوامرها الصارمة من القاعدة إلى القمة بالقبض حياً أو القضاء على الغاصب المعتدي مهما كانت التضحيات ولو كلفت العملية عدة أرواح من المجاهدين أو المناضلين حتى يكون عبرة للآخرين»)19(.
وقدم الدكتور قنطاري شهادة المجاهد السيد جاب محمد تحت عنوان«ذبحت دون أن أموت»،وقد روى قصته حينما ذبح من قبل أحد الجنود الفرنسيين على عنقه ،ولكن شاءت الأقدار أن لا يموت.
أما خلاصة الكتاب التي جاءت في ختامه،فقد كتبها العلاّمة الشيخ محمد الصالح الصديق الملقب بعمدة المؤلفين الجزائريين،قدم فيها في البدء لمحات عن نضال،وتضحيات وكفاح الشعب الجزائري فذكر أن«ما لاقاه الشعب الجزائري خلال الاحتلال،وخلال ثورته المجيدة،من أنواع الظلم والقهر،ومن أنواع التنكيل،والتعذيب،هو الذي سيظل ناراً مؤججة في الأعماق،وقوة موحدة،وطاقة دافعة،وضلالاً كئيبة تنقر من كل ما يمس بكرامة الوطن،وينال من سيادته،وإذا كان الإيمان القوي،والوطنية الصادقة،والوفاء لثوابت الأمة هو الذي جعل أبطال،وبطلات ثورة التحرير يستميتون في مجالات التضحية والايثارية والفدائية،وجعل الشعب الجزائري بمختلف فئاته يصمد أمام فظاعة التعذيب،فإن هذه المعاني،وهذه القيم أيضاً،هي التي جعلت،وتجعل رجال الفكر والقلم،يمجدون تلك البطولات والمواقف،ويشيدون بتلك المقاومة العنيدة،التي حطمت صخور الاستعمار الفرنسي،وأسقطت تحت مطارقها عروش طغاته،وعتاته،وغيّرت مجرى التاريخ في الجزائر،بل في شمال إفريقيا كلها...ويحاولون بكل ذلك تربية النشء على تلك القيم والمبادئ والأخلاق،حتى تتكون منه أجيال تحس بآمال الشعب وآلامه،وتموت فداءً له إذا تطلب الأمر ذلك»)20(.
كما نوه الشيخ محمد الصالح الصديق بشخصية مؤلف الكتاب،وجهوده العلمية المتميزة،فقال:«ويبرز في هذا الميدان صاحب هذا الكتاب الأستاذ الدكتور(محمد قنطاري)مجاهد،وباحث بجامعة وهران،وأحد المحافظين السياسيين بجيش التحرير الوطني،الذي لم يأل جهداً منذ سنوات في التنويه ببطولة جيش التحرير الوطني،والإشادة بصمود المناضلين الأحرار،الذين يقعون بين أيدي الجلادين الاستعماريين،ويصبرون على التعذيب الفظيع الذي يمارس ضدهم حتى يموتوا أو يفشل زبانية التعذيب في انتزاع الاعتراف منهم،فيطلقونهم بين الموت والحياة،ليعيشوا بقية حياتهم محطمين،أو معوقين،أو على عتبة الموت ينتظرون الرحيل بين حين وآخر.
وكتابه القيم الموسوعي المسمى(التنظيم السياسي الإداري،والعسكري للثورة الجزائرية من:1954 إلى1962)بجزءيه الأول والثاني خير دليل على ما لهذا الرجل المناضل من حب لوطنه،ووفاء له.
ويتقاضانا واجب الوفاء أن نلاحظ أن كل من ساهم-ويساهم-بعمل فكري في هذا الميدان،وهدفه ما ذكرنا جدير بكل احترام وتقدير،واعتراف له بالفضل،ونعتبر عمله شعلة مضيئة في الطريق،وصورة للاتجاه الصحيح،الذي يجب أن يتجه كل مواطن صالح،ومواطنة صالحة في الجزائر،وخطوة رائدة في طريق التحدي والمصارعة،من أجل إحقاق الحق،وإبطال الباطل.
ولكن عندما يكون هذا العمل الفكري من رجل كالدكتور(محمد قنطاري)وطنية ووفاءً،ونضالاً وجهاداً،وعلماً وثقافةً،واكتواءً بنار التعذيب،ومعايشة لمن جربت أفظع وأقذر الأساليب،فإنه يكتسي أهمية متميزة،وخاصة عندما يكون هذا العمل عن المرأة التي كانت توصف بأنها(رئة معطلة)،ولكنها في ثورتنا بالخصوص،أثبتت بأنها لا تقل عن أخيها الرجل:شجاعة،وبطولة،ومقاومة،وتحدياً وصموداً،وفداءً»)21(.
وقدم الشيخ محمد الصالح الصديق رؤيته لهذا الكتاب،وتوقف مع قيمته العلمية،والتاريخية،وفوائده الجمة،ووصفه أدق وصف،حيث قال في هذا الصدد:«إن هذا الكتاب(من بطولات المرأة الجزائرية وجرائم الاستعمار الفرنسي خلال ثورة التحرير الوطني)،في قصته الواقعية المثيرة مع السيناريو لإنجاز فيلم يكون في مستوى حدث الثورة الجزائرية،وملحمات بطلاتها كالمجاهدة خليف فاطمة الشهيدة التي لم تمت،وغيرها الذي أولاني الدكتور(محمد قنطاري)شرف تقديمه،صغير الحجم،بأتي القارئ على صفحاته في وقت قصير،ولكنه في حقيقته وواقع أمره،وأبعاده العميقة،كتاب قيم وصورة عن التعذيب ناطقة معبرة،وصفحة سوداء معتمة مخزية من كتاب فرنسا في الجزائر،ويمكن إيجاز خصائصه،ومميزاته فيما يلي:
1-يصور أبلغ تصوير،وحشية المستعمرين،وحقدهم على الجزائريين.
2-يختصر خصائص الشعب الجزائري في النضال،والمقاومة،وحب الحرية،كما يصور رغبته الملحة في الحرية والاستقلال.
3-يصور فساد الفطرة والأخلاق،ونذالة النفوس وخسة الطبائع عند المستعمر الفرنسي.
4-يعكس بوضوح ضعف المستعمر،الذي يمارس التعذيب،لأنه وجد نفسه أمام قوة قاهرة،فهو من هنا يحاول أن يحطمها بقوة الإذلال والإجرام والظلم،ولكن أنى له ذلك؟
5-يصور بطولة المرأة الجزائرية في هذه المرأة(فاطمة خليف)،التي جاهدت وقاومت،عذبت أفظع تعذيب،وقطعت يداها،ومع ذلك لم تهن،ولم تضعف وتستكن،وهان عليها كل ذلك،كما هان عليها أن تعيش بلا يدين،وتقاسي من جراء ذلك حياة صعبة للغاية لا يدركها إلا من يعيش بلا يدين.
6-يعرض صوراً فظيعة للتعذيب الوحشي،تنخلع منها القلوب،وترتاع منها النفوس،وتلبس الطبيعة من جرائها ثوب الحداد،هذه بعض آثار تلك الصور في نفس من يراها،وكيف بأثرها في نفس من عاشها؟
7-الكتاب باختصار صورة معبرة صادقة للبطولة و التعذيب في أقصى حدودهما،وأبلغ دلالتهما في الجزائر خلال ثورة التحرير.
إن هذا الكتاب بقلم مؤلفه الوطني المجاهد الغيور على وطنه،من أهم ما يفجر في الأعماق الاعتزاز بالشعب الجزائري البطل،والنخوة مما بلغته المرأة الجزائرية-بالخصوص-والعربية بصفة عامة،من نضج الوعي،وشدة البأس،وعمق الإدراك لرسالتها في هذه الحياة،ومن أهم ما يؤجج في الأعماق نار الكراهية للاستعمار،والحقد عليه،وسيظل الشعب الجزائري طوداً شامخاً،يسخر بالعواصف والأعاصير ما دام متمسكاً بعقيدته ودينه وقيمه الروحية والأخلاقية،ويظل على(كراهيته للاستعمار،وعدم نسيانه لفظائعه في الجزائر).
أما الذين يعتبرون جزائريين خطاً،الذين همّهم وضع العراقيل،والعقبات أمام الجزائر،حتى لا تتقدم،أو الذين يهونون من عظمة الجزائر،ويشوهون تاريخها،أو يوالون أعداءها، أو يخربون عمرانها،أو يسعون-جاهدين-للاحتلال اللغوي الأجنبي...
أما هؤلاء وأمثالهم كثير،فما أجدرهم أن يتضاءلوا أمام تاريخ آبائهم وأجدادهم ويحتقرون أنفسهم(ويلعنوا اليوم الذي ولدوا فيه)»)22(.
وختم الشيخ العلاّمة محمد الصالح الصديق كلمته عن الكتاب بتهنئة الدكتور محمد قنطاري على هذا العمل الفكري،وتهنئة القراء بهذا الكتاب الهام،والمتميز،حيث جاء في ختام كلامه:«فهنيئاً للدكتور(قنطاري)على هذا العمل الفكري الجاد الذي يعكس حبه لوطنه،ووفاءه لأبطاله وبطلاته وتأثره العميق بما لاقاه إخوانه المعذبون في الجزائر وخاصة البطلة المجاهدة(فاطمة خليف).
وهنيئاً لمن يقتني الكتاب ويقرؤه فإنه نعم الكتاب،ونعم الرفيق،ونعم ما يؤجج في الأعماق قبس الانتماء الوطني،ونار الحقد على الاستعمار المقيت،وهنيئاً للبطلة(فاطمة خليف) على صمودها أمام ألوان من الموت،وعلى الأجر العظيم الذي ينتظرها عند ربها،وهو خير عزاء على ما لاقت من صنوف التعذيب من أجل وطنها،وهذا وستظل الآلام توحد صفوفنا،والمحن تجمع قلوبنا،والإحساس بكراهية الاستعمار يدفعنا إلى الموت في سبيل ديننا الحنيف،ووطننا المجيد»)23(.
الـهوامش:
(1)أنيسة بركات درّار: نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر،1985م،ص:5.
(2)أنيسة بركات درّار: نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية،ص:29-30.
(3) استقينا المعلومات المتعلقة بالسيرة الذاتية للمؤلف مما كتبه عن نفسه،ينظر:الغلاف الخارجي للكتاب،د.محمد قنطاري:من بطولات المرأة الجزائرية في الثورة وجرائم الاستعمار الفرنسي،دار الغرب للنشر والتوزيع،2009م.
(4) ينظر تقديم فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لكتاب من ملحمات المرأة الجزائرية في الثورة،وجرائم الاستعمار الفرنسي،لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد قنطاري،حُرر بالجزائر في يوم:19 جمادى الأولى1428هـ،الموافق:05جوان2007م،ص:7 وما بعدها.
(5) د.محمود قنطاري:المصدر نفسه،ص:15 وما بعدها.
(6)روى الدكتور قنطاري بدايات نضالها السياسي،في ص:18-19.
(7)المصدر نفسه،ص:19وما بعدها.
(8)المصدر نفسه،ص:27وما بعدها.
(9)المصدر نفسه،ص:48-49.
(10)المصدر نفسه،ص:55-56.
(11)المصدر نفسه،ص:56.
(12)المصدر نفسه،ص:59-60.
(13)وردت قصيدة الشاعر شحاتة عبد الغني الصباغ في ص:64.
(14)المصدر نفسه،ص:119.
(15)المصدر نفسه،ص:121.
(16)المصدر نفسه،ص:128.
(17)المصدر نفسه،ص:155.
(18)المصدر نفسه،ص:161 وما بعدها.
(19)المصدر نفسه،ص:175 وما بعدها.
(20)محمد الصالح الصديق،خلاصة الكتاب،ص:227.
(21) محمد الصالح الصديق ،المصدر نفسه،ص:227-228.
(22)المصدر نفسه،ص:228 وما بعدها.
(23)المصدر نفسه،ص:230.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الـعـنـوان:
الأستاذ/مـحمد سيـف الإسلام بـوفـلاقـة
Mouhamed saif alislam boufalaka
ص ب:76 A ( وادي القبة) -عنابة – الـجـزائـر
الـمحمول: 775858028 00213
الناسوخ (الفاكس) : 35 15 54 38 00213
البريد الإلكتروني : [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف