الأخبار
"التربية" توضح طبيعة أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلبة غزةسلطة النقد تصدر تعليمات للمصارف برفع نسبة الإيداعات الإلكترونية لمحطات الوقود إلى 50%يوم دامٍ في غزة: أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى والمفقودينإعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث "صيغاً مخففة" لإنهاء الحرب على غزةجيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمنأول اتصال هاتفي بين بوتين وماكرون منذ ثلاث سنواتبالأسماء.. الاحتلال يفرج عن 14 أسيرًا من قطاع غزةتوجيه تهم القتل والشروع به لـ 25 متهماً في قضية الكحول بالأردنالسعودية تسجل أعلى درجة حرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضيةمصر: أمطار غزيرة تفاجئ القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارةمسؤولون إسرائيليون: تقدم في محادثات صفقة المحتجزين.. والفجوات لا تزال قائمة(كان): قطر تسلّم إسرائيل مقترحًا جديدًا لوقف لإطلاق النار في غزةترامب: سأكون حازمًا مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة وأتوقع هدنة خلال أسبوعوزير الخارجية المصري: خلافات تعرقل الهدنة في غزة والفرصة لا تزال قائمة للتوصل لاتفاقجامعة النجاح الوطنية: الجامعة الفلسطينية الوحيدة في تصنيف U.S. News لأفضل الجامعات العالمية 2025/2026
2025/7/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من زاوية أخرى - بقلم : عصام أبو فرحة

تاريخ النشر : 2014-03-20
من زاوية أخرى - بقلم : عصام أبو فرحة
من زاوية أخرى - بقلم : عصام أبو فرحة .

بمحاولةٍ لكسر ملل الانتظار , وتناسي آلام أضراسي , خرجت إلى شرفة عيادة طبيب الأسنان , وقفت هناك عازماً أن أشغل نفسي بأول شيءٍ يعيق مسار بصري , وقبل أن يمتد البصر بعيداً وجدت ما يشغلني , كان يقابلني تماماً , يطل من تلك النافذة بوجهه المستدير الجميل , يبدو أنه كان يقف فوق سريره ليصل إلى علوٍ يمكنه من رؤية حديقة صغيرة فصلت بين البنايتين , يتنقل بنظره بين الحديقة وشرفتنا وكيسٍ مزركش الألوان يحمله بيده الصغيرة , يحوي – حسب توقعاتي – حباتٍ من البندق .
انتظرت قليلاً ريثما جاء دور شرفتي لتكون محط أنظار ذلك الطفل الوسيم , فقابلت نظراته البريئة العفوية بنظرات تحاكيها , وأرفقتها بابتسامة وبعض حركات أثارت انتباهه , وجعلته يتخلى عن النظرات الأخرى صوب الحديقة وكيس البندق , أخرجت له لساني فارتسمت على وجهه ابتسامة رائعة , وصار يقلد حركاتي حتى انسجمت وإياه بالحركات والضحكات .
كانت المسافة الفاصلة بيننا تزيد عن عشرة أمتار , رغم ذلك حين أشرت له أن يطعمني من كيسه لم يتردد , فتناول حبة بندق ومد يده من خلال نافذته , وأشار لي أن أمد يدي , فلربما خيلت له مداركه أن المدى طوع يديه , وأن هذا العالم صغيرٌ صغير , لدرجة أن يده تستطيع الوصول إلى كل ما يبتغيه , أو أنه مد يده معتمداً علَيّ , ظناً منه أن الكبار أسياد الحياة , لا يعجزهم أي أمر .
في تلك الأثناء وفي غمرة تفكيري بما يدور في عقل هذا الصغير , فوجئتُ بملامح وجهه التي تبدلت إلى عبوسٍ وصل حد البكاء , أشاح ببصره بعيداً عني واتجه به صوب أرض الحديقة باحثاً متفحصاً , فأدركت من خلال نظراته وحركاته أن حبة البندق سقطت من يده .
حاولت أن أخفف عنه بحركاتٍ كالتي بدأت بها , لكنه لم يكن يراني , حاولت إعادة جذب انتباهه بصوت صفيرٍ أخرجته من فمي , لكن دون جدوى , فلقد استحوذت تلك الحبة على اهتمامه وحواسه .
مضى بعض الوقت ولم يزل المشهد على حاله , أنظر نحوه محاولاً جذبه , بينما يركز بصره في أرض الحديقة حيث سقطت حبة البندق , وحين رأيت الابتسامة تعود إلى وجهه , وتباشير السعادة تسكن ملامحه من جديد , نظرت إلى حيث ينظر , فإذا بعصفورٍ جميل الشكل ينقر حبة البندق ويأكل منها بتلذذٍ واضح .
اقتربتُ من حافة الشرفة وصرت أتنقل ببصري بين العصفور والطفل , انتهى العصفور من التهام حبة البندق , فما كان من الطفل إلا أن تناول حبة أخرى وألقاها بسعادة غامرة , استقبلها العصفور بشغف , وما لبث أن حط إلى جانبه عصفور آخر راح يزاحمه طعامه , اتسعت ابتسامة الطفل وتناول حبة أخرى وألقاها , حينها ركزت بصري مع الطفل وملامح سعادته , ودون أن يلتفت صوبي تناول أخرى وألقاها , ثم أخرى , ثم أخرى , إلى أن فرغ الكيس تماماً , نظرت حينها إلى أرض الحديقة فوجدت الكثير من العصافير تشترك في نقر حبات البندق المتناثرة .
من تلك البناية التي تواجدت فيها , كنت أرقب ذلك المشهد , مشهد عصافيرٍ تأكل حبات بندق , حيث فَتُرَ انجذابي حين استقر المشهد على هذا النحو دون أي جديد , وسرعان ما عاد تفكيري ينصب في ألم ضرسي , ودوري الذي انتظره , فوجدت نفسي غير مكترثٍ بتلك العصافير , فما كان مقصدي إلا تمرير وقت الانتظار , لكني آثرت أن أبقى في الشرفة إلى حين سماع من يناديني .
من البناية المقابلة كان الطفل يرقبُ العصافير التي تجمعت على طعامه , تغمره السعادة والنشوة , يبتسم فَرِحاً بنقاءٍ وعفوية وطيبة , وبين البنايتين يتنقل غرابٌ أسود الجناحين أشعث الرأس , يرقب المشهد من زاويا أخرى , تبتعدُ كثيراً عن زاوية طيبة الطفل وعفويته , لكنها قد تقترب من زاوية عدم اكتراثي .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف