" نور الإسلام في التوجيه التربوي والنفسي للمتعلم المسلم "
بقلم الباحث والمحلل السياسى
: حسين خلف موسى
إن ما يدعو للفخر حقا أن يسبق الإسلام كل مناهج البحث العلمى الحديثة باربعة عشر قرنا من الزمان ، فيرسى قواعد واسس تنشئة الفرد فى جميع نواحيه تنشئة صالحة ، ويحدد طرق وقايته من الإضطرابات التربوية والنفسية والعقلية و الاخلاقية والسلوكية .
فالدين الاسلامى هو الدين الوحيد الذى اهتم بسلامة النفوس والارواح قدر اهتمامه بسلامة الاجسام ، فاذا كان علم النفس الحديث يسعى لتحقيق سعادة الانسان وحسن تكيفه مع نفسه ومع المجتمع الذى يعيش فيه ، والى تمتعه بالشعور بالرضا والثقة بالنفس ، فان الاسلام كان له فضل السبق فأولى كل هذه الجوانب عناية فائقة حتى يحقق السعادة للفرد والمجتمع بل للبشرية جمعاء ، فقد دعاء الى الزهد والقناعة وطلب العلم وبين طرق تحصيله ، كما حث على تربية المسلم على كثير من القيم والعادات الفاضلة كالمحبة والإخاء وتحمل المسئولية .
وبذلك يكون التوجيه الاسلامى فى صورته العامة يعنى : مساعدة الفرد على فهم نفسه وفهم مشكلاته الخاصة ، ومعرفة امكانياته المختلفة لاستغلال قدراته وحل مشكلاته وفق اهداف معينة لمساعدته على تحقيق النمو المتكامل ليصبح عضوا نافعا فى المجتمع .
والمدرسة الاسلامية وهى فى طريقها لتحقيق ذلك تقوم على مجموعة من الاسس التربوية والنفسية التى تساعد على توجيه المتعلم المسلم ومن اهمها :
- ان التوجيه يبدا من الفرد للفرد حيث يسعى التوجيه لتحقيق رغباته وإشباع حاجاته فى إطار التشريع الاسلامى . يقول تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) .
- ان عملية التوجيه التربوى والنفسى عملية متممة ومكملة لعملية التعليم والتعلم – وحيث ان عملية التوجيه تعطى للعملية التربوية دافعا لتجعلها أكثر فاعلية – لذا دعا الاسلام الى مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، ومساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة على تحديد صعوباتهم وذلك عن طريق التوجيه التروبى والنفسى .
- ان المدرسة الاسلامية فى توجيهها تقوم على مبدا عدم تكليف المتعلم فوق طاقته ، وذلك حتى لا يشعر المتعلم بالاحباط لان وجود هوة كبيرة بين مستوى طموح الفرد ومستوى قدراته الطبيعية تجعله يشعر بالفشل مما يفقده الشعور بالثقة بالنفس و يجعله يسخط على المجتمع . يقول تعالى ( لا يكلف الله نفسا الإ وسعها ) البقرة /286
- كما يهدف الاسلام الى تربية المتعلم على الايجابية وعدم الوقوف موقفا سلبيا من العملية التعليمية حتى تسود روح الايجابية فى المجتمع الاسلامى ولا يركن الفرد الى التراخى والكسل ، حيث شجع الاسلام على طلب العلم فى كل مكان حتى ولو كان فى الصين ، ومن هنا يغرس مبدا هام وهو مبدا التعلم الذاتى .
- تنظر المدرسة الاسلامية فى توجيهها للمتعلم على انه فرد فى جماعة له حقوق وعليه واجبات تجاه الجماعة وتجاه نفسه . يقول تعالى ( انما المومنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) الحجرات /10
الاسلام والاساليب التربوية :
من الاصول التى قامت عليها تربية الانسان فى الاسلام الفطرة السوية التى تؤمن بالله ربا وخالقا وتعترف له بالوحدانية ، وذلك لان الله تعالى جبل البشرية على التوحيد وفطرها على الايمان وبذر فى اصل خلقتها وفى طبيعة تكوينها معرفة الله عز وجل . يقول تعالى ( فطرت الله التى فطرالناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) . الروم / 30
ومع ان الانسان مفطور على التوحيد إلا انه قد ينحرف عن الفطرة السوية حين يعرض عن الطريق القويم ، فتستهويه الشياطين ، وعلى اثر ذلكينسى الانسان اصل خلقته ويتناسى حقيقة مهمته ، وينبع عن ذلك ان يشقى الانسان فى حياته وينحدر فى اخلاقه ، فيصدق عليه قوله تعالى ( ثم رددناه اسفل سافلين ) التين /5
ولخطورة المعصية وفداحة اٌثارها على مستقبل الانسان فردا كان او جماعة فقد تدخلت عناية الله سبحانه وتعالى بهذا الانسان فرسمت له طريق الخير ، ودعته اليه وسلكت فى ذلك مجموعة من الاساليب التربوية منها اسلوب ضرب المثل .
والمثل فى معنى بسيط يعنى " ابراز المعنى فى صورة رائعة موجزة ، لها وقعها فى النفس سواء كانت تشبيها او قولا مرسلا .
ولقد حفل القران الكريم بكثير من الامثال منها على سبيل المثال لا الحصر :
- قوله تعالى ( لو انزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) . الحشر /21
- وقوله تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) العنكبوت /41
- وقوله تعالى ( وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال ) ابراهيم /45
وحين يستعرض المتدبر للقران الكريم الايات التى ضربت فيها الامثلة يقف على امريين هما :
1- ان الله سبحانه وتعالى بين فى بعض الايات الحكمة من المثل ففى سورة الحشر مثلا ، يبين الله تعالى الحكمة من ضرب المثل بالجبل . فالحكمة هنا ظاهرة وهى الفكير والتامل فى بيان قدر القران الكريم عند الجبل والبشر .
2- الدعوة الى التفكير والاعتبار ساعة ضرب المثل كما فى قوله تعالى ( وتلك الامثال نضربه للناس وما يعقلها الا العاملون ) العنكبوت /43
الاهمية التربوية لضرب المثل :
1- انها تقرب المعانى الغائبة عن الافهام كقوله تعالى ( وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون ) . الواقعة / 23
2- الترغيب فى فعل امر معين حث عليه الله ورسوله او الترهيب من عمل مشين .
3- انها تقوم ببيان بعض الحقائق من اجل ترسيخها فى الذهن .
ومن هنا نصل الى انه ما من شئ يدعوا اليه الاسلام الحنيف الا ويساهم فى تحقيق قيمة نفسية وتربوية فهو عقل عقل المتعلم وحسه وقلبه ، وهو فى طريقه لتحقيق ذلك يستند على مجموعة من الاسس التوجيهية والتربوية والنفسية التى تساهم بسكل فعال فى نهضة العملية التعليمية ورقيها لتحقيق اهدافها وهى عبادة الله وعمارة الكون
المراجع :
1-احمد عبد الحميد غراب ، الشخصية الانسانية فى ضوء القران الكريم ( القاهرة : الهيئة المصرية للكتاب ، 1985)
2- احمد فواد الاهوانى ،التربية فى الاسلام ( القاهرة : دار المعارف ،1968)
3- احمد محمود عبد المنطلب ، التربية الاسلامية بين الواقع والمامول ( سوهاج ،دار محسن للطباعة ، 1990)
4- صابر طعيمة ، منهج الاسلام فى تربية النشئ وحمايته ( بيروت :دار الجبل ،1994) .
بقلم الباحث والمحلل السياسى
: حسين خلف موسى
إن ما يدعو للفخر حقا أن يسبق الإسلام كل مناهج البحث العلمى الحديثة باربعة عشر قرنا من الزمان ، فيرسى قواعد واسس تنشئة الفرد فى جميع نواحيه تنشئة صالحة ، ويحدد طرق وقايته من الإضطرابات التربوية والنفسية والعقلية و الاخلاقية والسلوكية .
فالدين الاسلامى هو الدين الوحيد الذى اهتم بسلامة النفوس والارواح قدر اهتمامه بسلامة الاجسام ، فاذا كان علم النفس الحديث يسعى لتحقيق سعادة الانسان وحسن تكيفه مع نفسه ومع المجتمع الذى يعيش فيه ، والى تمتعه بالشعور بالرضا والثقة بالنفس ، فان الاسلام كان له فضل السبق فأولى كل هذه الجوانب عناية فائقة حتى يحقق السعادة للفرد والمجتمع بل للبشرية جمعاء ، فقد دعاء الى الزهد والقناعة وطلب العلم وبين طرق تحصيله ، كما حث على تربية المسلم على كثير من القيم والعادات الفاضلة كالمحبة والإخاء وتحمل المسئولية .
وبذلك يكون التوجيه الاسلامى فى صورته العامة يعنى : مساعدة الفرد على فهم نفسه وفهم مشكلاته الخاصة ، ومعرفة امكانياته المختلفة لاستغلال قدراته وحل مشكلاته وفق اهداف معينة لمساعدته على تحقيق النمو المتكامل ليصبح عضوا نافعا فى المجتمع .
والمدرسة الاسلامية وهى فى طريقها لتحقيق ذلك تقوم على مجموعة من الاسس التربوية والنفسية التى تساعد على توجيه المتعلم المسلم ومن اهمها :
- ان التوجيه يبدا من الفرد للفرد حيث يسعى التوجيه لتحقيق رغباته وإشباع حاجاته فى إطار التشريع الاسلامى . يقول تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) .
- ان عملية التوجيه التربوى والنفسى عملية متممة ومكملة لعملية التعليم والتعلم – وحيث ان عملية التوجيه تعطى للعملية التربوية دافعا لتجعلها أكثر فاعلية – لذا دعا الاسلام الى مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين ، ومساعدة ذوى الاحتياجات الخاصة على تحديد صعوباتهم وذلك عن طريق التوجيه التروبى والنفسى .
- ان المدرسة الاسلامية فى توجيهها تقوم على مبدا عدم تكليف المتعلم فوق طاقته ، وذلك حتى لا يشعر المتعلم بالاحباط لان وجود هوة كبيرة بين مستوى طموح الفرد ومستوى قدراته الطبيعية تجعله يشعر بالفشل مما يفقده الشعور بالثقة بالنفس و يجعله يسخط على المجتمع . يقول تعالى ( لا يكلف الله نفسا الإ وسعها ) البقرة /286
- كما يهدف الاسلام الى تربية المتعلم على الايجابية وعدم الوقوف موقفا سلبيا من العملية التعليمية حتى تسود روح الايجابية فى المجتمع الاسلامى ولا يركن الفرد الى التراخى والكسل ، حيث شجع الاسلام على طلب العلم فى كل مكان حتى ولو كان فى الصين ، ومن هنا يغرس مبدا هام وهو مبدا التعلم الذاتى .
- تنظر المدرسة الاسلامية فى توجيهها للمتعلم على انه فرد فى جماعة له حقوق وعليه واجبات تجاه الجماعة وتجاه نفسه . يقول تعالى ( انما المومنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) الحجرات /10
الاسلام والاساليب التربوية :
من الاصول التى قامت عليها تربية الانسان فى الاسلام الفطرة السوية التى تؤمن بالله ربا وخالقا وتعترف له بالوحدانية ، وذلك لان الله تعالى جبل البشرية على التوحيد وفطرها على الايمان وبذر فى اصل خلقتها وفى طبيعة تكوينها معرفة الله عز وجل . يقول تعالى ( فطرت الله التى فطرالناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) . الروم / 30
ومع ان الانسان مفطور على التوحيد إلا انه قد ينحرف عن الفطرة السوية حين يعرض عن الطريق القويم ، فتستهويه الشياطين ، وعلى اثر ذلكينسى الانسان اصل خلقته ويتناسى حقيقة مهمته ، وينبع عن ذلك ان يشقى الانسان فى حياته وينحدر فى اخلاقه ، فيصدق عليه قوله تعالى ( ثم رددناه اسفل سافلين ) التين /5
ولخطورة المعصية وفداحة اٌثارها على مستقبل الانسان فردا كان او جماعة فقد تدخلت عناية الله سبحانه وتعالى بهذا الانسان فرسمت له طريق الخير ، ودعته اليه وسلكت فى ذلك مجموعة من الاساليب التربوية منها اسلوب ضرب المثل .
والمثل فى معنى بسيط يعنى " ابراز المعنى فى صورة رائعة موجزة ، لها وقعها فى النفس سواء كانت تشبيها او قولا مرسلا .
ولقد حفل القران الكريم بكثير من الامثال منها على سبيل المثال لا الحصر :
- قوله تعالى ( لو انزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) . الحشر /21
- وقوله تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن اوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) العنكبوت /41
- وقوله تعالى ( وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال ) ابراهيم /45
وحين يستعرض المتدبر للقران الكريم الايات التى ضربت فيها الامثلة يقف على امريين هما :
1- ان الله سبحانه وتعالى بين فى بعض الايات الحكمة من المثل ففى سورة الحشر مثلا ، يبين الله تعالى الحكمة من ضرب المثل بالجبل . فالحكمة هنا ظاهرة وهى الفكير والتامل فى بيان قدر القران الكريم عند الجبل والبشر .
2- الدعوة الى التفكير والاعتبار ساعة ضرب المثل كما فى قوله تعالى ( وتلك الامثال نضربه للناس وما يعقلها الا العاملون ) العنكبوت /43
الاهمية التربوية لضرب المثل :
1- انها تقرب المعانى الغائبة عن الافهام كقوله تعالى ( وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون ) . الواقعة / 23
2- الترغيب فى فعل امر معين حث عليه الله ورسوله او الترهيب من عمل مشين .
3- انها تقوم ببيان بعض الحقائق من اجل ترسيخها فى الذهن .
ومن هنا نصل الى انه ما من شئ يدعوا اليه الاسلام الحنيف الا ويساهم فى تحقيق قيمة نفسية وتربوية فهو عقل عقل المتعلم وحسه وقلبه ، وهو فى طريقه لتحقيق ذلك يستند على مجموعة من الاسس التوجيهية والتربوية والنفسية التى تساهم بسكل فعال فى نهضة العملية التعليمية ورقيها لتحقيق اهدافها وهى عبادة الله وعمارة الكون
المراجع :
1-احمد عبد الحميد غراب ، الشخصية الانسانية فى ضوء القران الكريم ( القاهرة : الهيئة المصرية للكتاب ، 1985)
2- احمد فواد الاهوانى ،التربية فى الاسلام ( القاهرة : دار المعارف ،1968)
3- احمد محمود عبد المنطلب ، التربية الاسلامية بين الواقع والمامول ( سوهاج ،دار محسن للطباعة ، 1990)
4- صابر طعيمة ، منهج الاسلام فى تربية النشئ وحمايته ( بيروت :دار الجبل ،1994) .