أعطني النايَ وغنِّ ...لفيروز شلالات موسيقى وعسل وشفاء بقلم:محمد رشيد

أغاني المثقفين (2)                                  
        أعطني النايَ وغنِّ ...لفيروز شلالات موسيقى وعسل وشفاء
محمد رشيد ([email protected] )
        اتفق العالم أجمعه على صوت الفنانة الملائكية صاحبة الحنجرة السرمدية فيروز ,حتى الطغاة الذين ملئوا الأرض جورا وظلما اتفقوا على صوت فيروز كونه نعمة من نعم الرب التي لا تنضب وكان لبعض رؤساء الدول والملوك والأمراء ومن خلال مرسوم خاص أحبوا (طلة) فيروز من خلال إذاعات بلدانهم وفضائياته ليمنحون هذا العطاء الكوني وهذه النعمة الروحية الساحرة كل صباح ليعيدوا التوازن الروحي والجمالي لشعوبهم بعدما فقدوا الأمل بساستهم .                                          أغنية أعطني النايَ وغنِّ اشتهرت بها الفنانة فيروز واعتبرت(رائعتها)على مر الزمن وهي من الحان المبدع نجيب حنكش و كلمات الشاعر الفيلسوف جبران خليل جبران من قصيدته (الموكب) وهي في رأيي المتواضع واحدة من ثمار الأدب العربي بفلسفتها وروحها وأسرارها وان الكلمات التي اختارتها الفنانة فيروز غير الكلمات التي غناها الملحن نجيب حنكش ولكن بنفس مطلع الأغنية مع اختلاف طفيف في اللحن  (أعطني الناي وغني...فالغنا سرُ الخلود / وانين الناي يبقى...بعد أن يَفنى الوجود) لقد اختارت الفنانة فيروز كلمات هذه الأغنية من عدة مقاطع التي تكونت منها قصيدة جبران وهي ( الخير) و( الدين ) و(العدل) و(العلم) و(السعادة) و(الغابة) وجاء اختيارها هذا بطريقة ذكية جدا وحرفية أشبه بالصائغ حينما يختار اللؤلؤ لصياغة عقد جميل وثمين ولكن الفرق أن فيروز ومن خلال صوتها الأزلي بعثت في هذه القصيدة المنتقاة روحها وعنفوانها وجمالها لكي تنشدها علينا كشلال من الموسيقى والعسل تشفي بها علل الروح والبدن. هذه الأغنية تناجي البعيد : هل إتخذت الطبيعة مثلي منـزلاً دون القصور وهل تتبعت جريان الرقراق حينما يمنح بنزوله الحياة والخير لضفتيه وهل تحديت المصاعب وتسلقت الصخور وهل تحممت بعطر الزهور والطبيعة والسنابل وهل تنشفت بنور القمر وماذا سيجرى لك حينما تشرب الفجر في كؤوس من أثير؟؟؟؟ فهل جربت ان تجلس مثلي بين جفنات العنب في المساء وهل تمتعت بمشاهدة عناقيده حينما تتدلى كثريات الذهب ؟؟؟ هل أحسست وتمتعت بسحر الطبيعة التي وهبنا الله إياها دون مقابل , هل فرشت العشب ليلا ؟؟؟وحينما يمسك البرد هل تدفأت بالفضاء بعدما تلحفت به ؟؟؟زاهداً في ما سيأتيك ناسياً ما قد مضى؟؟؟ أعطني النايَ وغنِّ ......فالغنا عدلُ القلوبْ /  و أنين الناي يبقى ............ بعد أن تفنى الذنوبْ / أعطني الناي وغني ....وانسى داء ودواء / إنما الناس سطورٌ ...كتبت لكن بمـــاء.  هذه الأغنية تعد من الأغاني الأكثر شهرة في العالم ولا اعتقد إني زرت بلد ولم اسمعها في إذاعته أو أشاهدها في فضائيته فاغلب الذائقات بمختلف مشاربها اتفقت على أغنى وأجمل وأعطر ثلاثي هم (فيروز وجبران وحنكش) حيث انصهرت الكلمات شعرا والنوتات موسيقى وارتقت طبقات الصوت جمالا مسحورا من خلال أرواحهم ومخيلتهم وعبقريتهم في بوتقة كونية وراحت تنمو في ارض معطاء بثمر الإبداع وتنبثق من شرق الكون بهيئة شجرة أرز نقش على جذعها (هدى حداد) لتورق لنا هذه الأغنية ( أعطني النايَ وغنِّ ) ليعم السلام والحب والخير على العالم فحينما اسمع فيروز في (سيمفونيتها الخالدة) هذه وجفون عينيّ احدهما يّقبل الآخر تحولني لعاشق من طراز خاص... أتحدى الظلم والخطيئة...أعوم في فضاء التوحد بالخالق المبدع ... فضاء عطره (موسيقى) ونوره (محبة) وعطاءه (إيمان) ولونه (شفاء) وأركانه (قناعة) . كل هذه الهبات الإلهية تمنحني إحساسا صادقا بأني املك العالم كله.