من يعمل مثقال ذرة خيراً يره
كثيراً ما يتردد على ألسنة الناس هذه الجملة: (من يعمل مثقال ذرة خيراً يره)، وهي آية عظيمة في سورة الزلزلة من كتاب الله. وكلام الله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن بعض الناس يستخدمها في غير موضعها، ولديه سوء فقه في استخدام النصوص وتطبيقها على الأعيان. وقبل أن أشرع في الكلام بالموضوع الذي قصدته، سأذكر مقدمة يسيرة عن تفسير هذه الآية. هذه الآية واضحة جداً أن من يعمل مثقال ذرة خير يره، و(من) أداة شرط تفيد العموم، بمعنى: أي شخص يعمل خيرا يره. وجاءت آيات أخرى تفيد المعنى نفسه: مثل قوله تعالى: (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، وقوله: (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ). وهذا الخير الذي وعد به الخالق الرزاق جل ذكره ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يرزق الله عبده بنعمة خاصة، مثل أن يرزقه بمولود، أو ترقية في عمله، أو نجاح في الدراسة، إلخ.. وقسم الثاني: دفع الشر عن عبده، مثل أن يدفع عنه حادث سيارة، ونحوه. والقسام الثالث: يؤخرها الله له إلى يوم القيامة.
وموضوعي الذي قصدته؛ هو أن بعض الناس يستدل بهذه الآية على نجاة الكافر يوم القيامة لأن من يفعل خيراً يرى خيراً. وهذا الكلام باطل لأن الله قد أضل وأحبط أعمالهم كما قال سبحانه في آيات كثيرة، منها: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، و(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، و(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)، و(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)، وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: قال الله: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه). والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة لا يمكن حصره هنا. ولسوء الشرك وسوء عاقبة فاعله وجب علينا دراسة النهي عنه بتقاصيله، وتعلم والعمل بضده وهو التوحيد، حتى نعبد الله على بصيرة، ونبتعد عن البدع والخرافات، فمن أشرك مع الله في عمل واحد تركه الله وشركه! وبعد هذا -مع الأسف- نرى بعض المسلمين لا يهتمون بهذا العلم العظيم مع أن الله أخبرنا أنه حابط أعمال من يشرك معه غيره في العمل ! ولن ينتصر المسلمون على أعدائهم حتى يجتمعوا على كلمة واحدة وهي: العقيدة الصحيحة! المسلمون متفرقون لأن عقائدهم شتى، ومناهجهم مختلفة مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا أنه تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها. وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام حذيفة أن يعتزل كل الفرق وأن يعض على أصل شجرة، ومع هذا نجد المسلمين اليوم يزدادون في إنشاء أحزاب وفرق وجماعات متعددة ثم يتهمون أصحاب المنهج القويم والعقيدة السليمة بأنهم هم السبب في تفرقة الأمة، سبحانك ربي! قد يقول قائل: ما علاقة العقيدة والتوحيد في اجتماع الأمة؟ إذا اختلفنا في أصل من أصول الإسلام وهو توحيد الله من ربوبية وإلوهية وأسماء وصفات الذي لا يدخل المسلم الجنة إلا بتعلمها، إذن كيف سنجتمع إذا اختلفنا في أصل عظيم أساسي من أصول الإسلام؟! وما أجمل ما قاله الامام النووي: (الاختلاف في الباطن يوجب الإختلاف في الظاهر). وقال العلامة ابن عثيمين في "لقاءات مع رجال الحسبة" ص١٠: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في الاختلاف وهذا هو الواقع. فإذا تآمرنا بالمعروف تناهينا عن المنكر، فهل يصير فعلنا واحداً أو مختلفاً؟ والجواب: واحداً، فهذا يفعل المعروف ويأمر به، وهذا يجتنب المنكر وينهى عنه، إذن صرنا متحدين وعملنا واحداً فحصل الاتفاق والائتلاف. اهـ.
وأفضل من فسر هذه المسألة هو النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والآخرة جنة المؤمن وسجن الكافر). فلا تعجب -أخي المسلم- إذا رأيت الكافر في نعيم في هذه الدنيا ويتلذذ بقصور وطعام وملبس وغيرها، لأنه لن يكون في دار نعيم في الآخرة، ومن منا لا يعرف قصة عبدالله بن جدعان؟ مع أنه فعل ما فعل من الخيرات، ولكن عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم هل تنفعه أعماله؟ قال: (إنه لم يقل اللهم اغفر لي خطيئتي يوم الدين) رواه مسلم. الدنيا سجن المؤمن بمعنى أنه يكافح فيها ويجاهد نفسه، ويأتيه الشيطان ويخذله عن الطاعات فيجاهد نفسه حتى يستمر على الخير ويموت عليه، ولذلك لن تذوق الراحة الحقيقية حتى تضع أول قدم لك في الجنة! وإن كان المسلم في نعيم وخير ورفاهية، وفي المقابل أحد الكفار في عذاب وفقر، فكيف توجيه الحديث؟ التوجيه أن هذا المسلم في سجن مقارنة لما يتوعده الله من نعيم الآخرة، فلا مقارنة بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة. وأما الكافر الذي في فقر وتعب فهو في جنة لما ينتظره من عذاب، نسأل الله العافية.
وكما هو معلوم، الآيات تفسر بعضها بعضاً: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا). فقيَّد الله العمل الصالح أن يكون صاحب العمل مؤمناً حتى لا يخاف ظلماً ولا هضماً، وفي آية أخرى قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). كل الآيات التي فيها العمل الصالح ثمرته دخول الجنة ونيل النعيم هي مقيدة بالمؤمن لا الكافر. وأخي القارئ لا تتصور أن يأتيك رجل ويقول لك: أنا كافر. فهذه الكلمة مبغوضة ومكروهة لدي جميع الخلق فلا تجد أحداً يقول عن نفسه أنه كافر إلا إذا كان متعصباً لدينه ويعرف الحق لكنه معاندا مبغضا له فيقولها، كالملاحدة والشيوعيين وغيرهم. إذن العبرة بعقيدة هذا الكافر وما يصدر منه من عقائد وأقوال وأفعال كفرية، فإن قال شخص أنا أحب الله ويعبده ويعبد غيره. هل هذا يحب الله؟ وهل حبه المزعوم ينفعه عند الله؟! طبعا لا، كما بينت فيما سبق، إذن لا عبرة فيما يدعي.
فاحرص على ما ينفعك في دنياك وآخرتك، وابذل ما في وسعك لفعل الطاعات المتنوعة لتنال أجوراً عظيمة عند الله، واحرص على اجتناب المنكرات والمكروهات وانوِ بفعلك هذا التقرب لله لا مجرد العادات، حتى تنال الثواب. وتذكر قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا)، فمهما تفعل من الأعمال اعلم أن الله لا يضيع أجر عملك، ولا تعجل على ثواب الله، فبعض الناس يعمل ويعمل ولا يرى أن الله قد جازاه فينتكس ويكسل، فلا تدري لعل الله دفع عنك شراً أو أجلها لك يوم القيامة ليرفع منزلتك. وربما قد تعمل أعمالاً صالحة لكن يبتليك الله، وهذا الابتلاء ليهذبك الله لا ليعذبك! فمن أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ومن يستطيع أن يصل إلى منزلة العبودية التي وصل إليها؟ لا أحد! ومع هذا آذوه قومه أشد الإيذاء حتى شجوا رأسه وقال: (لا يفلح قوم شجوا رأس نبيهم). ومع هذا صبر صلى الله عليه وسلم وتيقن أن مع اليسر يسراً وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وارزقنا اللهم العلم النافع والعمل الصالح وثبتنا على التوحيد والإيمان حتى نلقاك، والحمدلله رب العالمين.
عبدالله بن خالد شمس الدين
[email protected]
@Ashamsalden
كثيراً ما يتردد على ألسنة الناس هذه الجملة: (من يعمل مثقال ذرة خيراً يره)، وهي آية عظيمة في سورة الزلزلة من كتاب الله. وكلام الله حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن بعض الناس يستخدمها في غير موضعها، ولديه سوء فقه في استخدام النصوص وتطبيقها على الأعيان. وقبل أن أشرع في الكلام بالموضوع الذي قصدته، سأذكر مقدمة يسيرة عن تفسير هذه الآية. هذه الآية واضحة جداً أن من يعمل مثقال ذرة خير يره، و(من) أداة شرط تفيد العموم، بمعنى: أي شخص يعمل خيرا يره. وجاءت آيات أخرى تفيد المعنى نفسه: مثل قوله تعالى: (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، وقوله: (وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ). وهذا الخير الذي وعد به الخالق الرزاق جل ذكره ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يرزق الله عبده بنعمة خاصة، مثل أن يرزقه بمولود، أو ترقية في عمله، أو نجاح في الدراسة، إلخ.. وقسم الثاني: دفع الشر عن عبده، مثل أن يدفع عنه حادث سيارة، ونحوه. والقسام الثالث: يؤخرها الله له إلى يوم القيامة.
وموضوعي الذي قصدته؛ هو أن بعض الناس يستدل بهذه الآية على نجاة الكافر يوم القيامة لأن من يفعل خيراً يرى خيراً. وهذا الكلام باطل لأن الله قد أضل وأحبط أعمالهم كما قال سبحانه في آيات كثيرة، منها: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، و(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، و(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ)، و(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)، وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: قال الله: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه). والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة لا يمكن حصره هنا. ولسوء الشرك وسوء عاقبة فاعله وجب علينا دراسة النهي عنه بتقاصيله، وتعلم والعمل بضده وهو التوحيد، حتى نعبد الله على بصيرة، ونبتعد عن البدع والخرافات، فمن أشرك مع الله في عمل واحد تركه الله وشركه! وبعد هذا -مع الأسف- نرى بعض المسلمين لا يهتمون بهذا العلم العظيم مع أن الله أخبرنا أنه حابط أعمال من يشرك معه غيره في العمل ! ولن ينتصر المسلمون على أعدائهم حتى يجتمعوا على كلمة واحدة وهي: العقيدة الصحيحة! المسلمون متفرقون لأن عقائدهم شتى، ومناهجهم مختلفة مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرنا أنه تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها. وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام حذيفة أن يعتزل كل الفرق وأن يعض على أصل شجرة، ومع هذا نجد المسلمين اليوم يزدادون في إنشاء أحزاب وفرق وجماعات متعددة ثم يتهمون أصحاب المنهج القويم والعقيدة السليمة بأنهم هم السبب في تفرقة الأمة، سبحانك ربي! قد يقول قائل: ما علاقة العقيدة والتوحيد في اجتماع الأمة؟ إذا اختلفنا في أصل من أصول الإسلام وهو توحيد الله من ربوبية وإلوهية وأسماء وصفات الذي لا يدخل المسلم الجنة إلا بتعلمها، إذن كيف سنجتمع إذا اختلفنا في أصل عظيم أساسي من أصول الإسلام؟! وما أجمل ما قاله الامام النووي: (الاختلاف في الباطن يوجب الإختلاف في الظاهر). وقال العلامة ابن عثيمين في "لقاءات مع رجال الحسبة" ص١٠: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب في الاختلاف وهذا هو الواقع. فإذا تآمرنا بالمعروف تناهينا عن المنكر، فهل يصير فعلنا واحداً أو مختلفاً؟ والجواب: واحداً، فهذا يفعل المعروف ويأمر به، وهذا يجتنب المنكر وينهى عنه، إذن صرنا متحدين وعملنا واحداً فحصل الاتفاق والائتلاف. اهـ.
وأفضل من فسر هذه المسألة هو النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والآخرة جنة المؤمن وسجن الكافر). فلا تعجب -أخي المسلم- إذا رأيت الكافر في نعيم في هذه الدنيا ويتلذذ بقصور وطعام وملبس وغيرها، لأنه لن يكون في دار نعيم في الآخرة، ومن منا لا يعرف قصة عبدالله بن جدعان؟ مع أنه فعل ما فعل من الخيرات، ولكن عندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم هل تنفعه أعماله؟ قال: (إنه لم يقل اللهم اغفر لي خطيئتي يوم الدين) رواه مسلم. الدنيا سجن المؤمن بمعنى أنه يكافح فيها ويجاهد نفسه، ويأتيه الشيطان ويخذله عن الطاعات فيجاهد نفسه حتى يستمر على الخير ويموت عليه، ولذلك لن تذوق الراحة الحقيقية حتى تضع أول قدم لك في الجنة! وإن كان المسلم في نعيم وخير ورفاهية، وفي المقابل أحد الكفار في عذاب وفقر، فكيف توجيه الحديث؟ التوجيه أن هذا المسلم في سجن مقارنة لما يتوعده الله من نعيم الآخرة، فلا مقارنة بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة. وأما الكافر الذي في فقر وتعب فهو في جنة لما ينتظره من عذاب، نسأل الله العافية.
وكما هو معلوم، الآيات تفسر بعضها بعضاً: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا). فقيَّد الله العمل الصالح أن يكون صاحب العمل مؤمناً حتى لا يخاف ظلماً ولا هضماً، وفي آية أخرى قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ). كل الآيات التي فيها العمل الصالح ثمرته دخول الجنة ونيل النعيم هي مقيدة بالمؤمن لا الكافر. وأخي القارئ لا تتصور أن يأتيك رجل ويقول لك: أنا كافر. فهذه الكلمة مبغوضة ومكروهة لدي جميع الخلق فلا تجد أحداً يقول عن نفسه أنه كافر إلا إذا كان متعصباً لدينه ويعرف الحق لكنه معاندا مبغضا له فيقولها، كالملاحدة والشيوعيين وغيرهم. إذن العبرة بعقيدة هذا الكافر وما يصدر منه من عقائد وأقوال وأفعال كفرية، فإن قال شخص أنا أحب الله ويعبده ويعبد غيره. هل هذا يحب الله؟ وهل حبه المزعوم ينفعه عند الله؟! طبعا لا، كما بينت فيما سبق، إذن لا عبرة فيما يدعي.
فاحرص على ما ينفعك في دنياك وآخرتك، وابذل ما في وسعك لفعل الطاعات المتنوعة لتنال أجوراً عظيمة عند الله، واحرص على اجتناب المنكرات والمكروهات وانوِ بفعلك هذا التقرب لله لا مجرد العادات، حتى تنال الثواب. وتذكر قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا)، فمهما تفعل من الأعمال اعلم أن الله لا يضيع أجر عملك، ولا تعجل على ثواب الله، فبعض الناس يعمل ويعمل ولا يرى أن الله قد جازاه فينتكس ويكسل، فلا تدري لعل الله دفع عنك شراً أو أجلها لك يوم القيامة ليرفع منزلتك. وربما قد تعمل أعمالاً صالحة لكن يبتليك الله، وهذا الابتلاء ليهذبك الله لا ليعذبك! فمن أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ومن يستطيع أن يصل إلى منزلة العبودية التي وصل إليها؟ لا أحد! ومع هذا آذوه قومه أشد الإيذاء حتى شجوا رأسه وقال: (لا يفلح قوم شجوا رأس نبيهم). ومع هذا صبر صلى الله عليه وسلم وتيقن أن مع اليسر يسراً وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وارزقنا اللهم العلم النافع والعمل الصالح وثبتنا على التوحيد والإيمان حتى نلقاك، والحمدلله رب العالمين.
عبدالله بن خالد شمس الدين
[email protected]
@Ashamsalden