سياسة أوباما الناعمة
أثبتت زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمنطقة أن هناك تحولاٌ في السياسة الخارجية الأمريكية, هذه السياسة ترتكز وبدرجة أولى على الداخل الأمريكي (وهي محاولة للعزلة والابتعاد عن الأزمات الدولية) من أجل التركيز والاهتمام بحل الأزمات الاقتصادية التي عصفت في الولايات المتحدة ودول العالم, لذلك يرغب الرئيس أوباما التركيز على قضايا الداخل الأمريكي وإنقاذ الاقتصاد, هذا الجهد الداخلي يتطلب تهدئة واستقرار في مناطق نفوذ الولايات المتحدة واستخدام أقصى درجات الضغط الدبلوماسي السياسي لمنع نشوب أي توتر في تلك المناطق, لذلك, تأتي زيارة الرئيس أوباما لمنطقة الشرق الأوسط من أجل إعادة صياغة وتشكيل حلف قائم على أساس ما يعرف بالسياسة الناعمة المرتكزة على القيم الأمريكية والديمقراطية في ظل انعدام وغياب العرب الذين باتوا خارج أي حسابات إقليمية أو دولية, فالزيارة هدفت لكسب ود الإسرائيليين, وهي بمثابة مد جسور التواصل معهم, حيث شعر هؤلاء بأن زيارة أوباما للمنطقة عام 2009 كانت على حسابهم, على الرغم من التعاون الأمني والاستخباراتي والدعم الاقتصادي واللوجستي غير المسبوق لإسرائيل, فالإسرائيليون يعتقدون بأن أوباما لا يبدي أية حساسية إزاء ما يساورهم من هواجس وأحاسيس تتعلق خاصة بالأمن وإزاء تخصيب إيران لليورانيوم وامتلاكها قنابل نووية تهدد "بمسح إسرائيل عن خريطة العالم" كما يقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد, واعتقد بهذا الصدد, أن الرئيس أوباما ربما تمكن من تهدئة روع الحكومة الإسرائيلية التي يشغلها مقدار الوقت الذي ستخصصه واشنطن للمسار الدبلوماسي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني, وربما تظل خلافات بينهما في هذا الملف, ولكن يمكن القول أن أوباما استطاع إقناع نتنياهو بالانتظار من أجل إعطاء الحل والضغط الدبلوماسي أن يؤتي أكله, وركزت الزيارة أيضاً على الملفين السوري والإيراني, وجاء في ذلك السياق اعتذار إسرائيلي عن جريمة سفينة مرمرة, وهذا الاعتذار لا يعتبر خضوع إسرائيلي للرئيس الأمريكي؛ ولكن نتيجة ادارك نتنياهو بأن هناك التقاء مصالح في هذه الظروف.
فيما يتعلق بالملف السوري, جرى الاعتذار الإسرائيلي بما لا يهز صورة إسرائيل وأمنها, ويحقق مصالحها؛ فالطرفان - الإسرائيلي والتركي - ينصبّ اهتمامهما على تحطيم النفوذ الإيراني في سوريا, ويتخوف الطرفان من انهيار سوريا ووصول الأسلحة إلى أيدي متطرفين على الساحة السورية؛ مما يقود المنطقة إلى اهتزازات جديدة, لهذا جاء الاعتذار ليعبر عن التقاء المصالح المشتركة بين إسرائيل وتركيا, وهذا ما يحكم طبيعة العلاقة بين الطرفين منذ اعتراف تركيا بقيام إسرائيل عام 1949, أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية, اعتقد بأن المحادثات بين الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس ونظيره الأمريكي تمركزت لدعم السلطة الفلسطينية وتهيئة أجواء سياسية من أجل فتح باب التفاوض بين السلطة وحكومة نتنياهو الجديدة بدون شروط مسبقة؛ حيث تسعى كل من إسرائيل والولايات المتحدة للحيلولة دون انهيار السلطة الفلسطينية, لهذا يمكن القول بأن زيارة أوباما جاءت في سياق ما يعرف بإتباع السياسة الخارجية الناعمة؛ فالرئيس أوباما يعمل جاهداً على استقرار المناطق الأكثر توترا عبر استخدام الوسائل الدبلوماسية وفصاحته اللغوية لضمان عدم اشتعالها حتى يتفرغ لإنقاذ الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية والتي كانت سبباً مباشراً في اهتزاز اقتصاديات العالم والتي نتجت عن حرب العراق 2003 مـ.
وهذا يدل على أن سياسة أوباما الخارجية والمرتكزة على سياسة ناعمة ليست مغاِمرة وتعتمد على التأني في مواقفها وقراراتها على مصالحها وأمنها القومي.
أ/ صبح المصري
متخصص في الشأن الأمريكي
أثبتت زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمنطقة أن هناك تحولاٌ في السياسة الخارجية الأمريكية, هذه السياسة ترتكز وبدرجة أولى على الداخل الأمريكي (وهي محاولة للعزلة والابتعاد عن الأزمات الدولية) من أجل التركيز والاهتمام بحل الأزمات الاقتصادية التي عصفت في الولايات المتحدة ودول العالم, لذلك يرغب الرئيس أوباما التركيز على قضايا الداخل الأمريكي وإنقاذ الاقتصاد, هذا الجهد الداخلي يتطلب تهدئة واستقرار في مناطق نفوذ الولايات المتحدة واستخدام أقصى درجات الضغط الدبلوماسي السياسي لمنع نشوب أي توتر في تلك المناطق, لذلك, تأتي زيارة الرئيس أوباما لمنطقة الشرق الأوسط من أجل إعادة صياغة وتشكيل حلف قائم على أساس ما يعرف بالسياسة الناعمة المرتكزة على القيم الأمريكية والديمقراطية في ظل انعدام وغياب العرب الذين باتوا خارج أي حسابات إقليمية أو دولية, فالزيارة هدفت لكسب ود الإسرائيليين, وهي بمثابة مد جسور التواصل معهم, حيث شعر هؤلاء بأن زيارة أوباما للمنطقة عام 2009 كانت على حسابهم, على الرغم من التعاون الأمني والاستخباراتي والدعم الاقتصادي واللوجستي غير المسبوق لإسرائيل, فالإسرائيليون يعتقدون بأن أوباما لا يبدي أية حساسية إزاء ما يساورهم من هواجس وأحاسيس تتعلق خاصة بالأمن وإزاء تخصيب إيران لليورانيوم وامتلاكها قنابل نووية تهدد "بمسح إسرائيل عن خريطة العالم" كما يقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد, واعتقد بهذا الصدد, أن الرئيس أوباما ربما تمكن من تهدئة روع الحكومة الإسرائيلية التي يشغلها مقدار الوقت الذي ستخصصه واشنطن للمسار الدبلوماسي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني, وربما تظل خلافات بينهما في هذا الملف, ولكن يمكن القول أن أوباما استطاع إقناع نتنياهو بالانتظار من أجل إعطاء الحل والضغط الدبلوماسي أن يؤتي أكله, وركزت الزيارة أيضاً على الملفين السوري والإيراني, وجاء في ذلك السياق اعتذار إسرائيلي عن جريمة سفينة مرمرة, وهذا الاعتذار لا يعتبر خضوع إسرائيلي للرئيس الأمريكي؛ ولكن نتيجة ادارك نتنياهو بأن هناك التقاء مصالح في هذه الظروف.
فيما يتعلق بالملف السوري, جرى الاعتذار الإسرائيلي بما لا يهز صورة إسرائيل وأمنها, ويحقق مصالحها؛ فالطرفان - الإسرائيلي والتركي - ينصبّ اهتمامهما على تحطيم النفوذ الإيراني في سوريا, ويتخوف الطرفان من انهيار سوريا ووصول الأسلحة إلى أيدي متطرفين على الساحة السورية؛ مما يقود المنطقة إلى اهتزازات جديدة, لهذا جاء الاعتذار ليعبر عن التقاء المصالح المشتركة بين إسرائيل وتركيا, وهذا ما يحكم طبيعة العلاقة بين الطرفين منذ اعتراف تركيا بقيام إسرائيل عام 1949, أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية, اعتقد بأن المحادثات بين الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس ونظيره الأمريكي تمركزت لدعم السلطة الفلسطينية وتهيئة أجواء سياسية من أجل فتح باب التفاوض بين السلطة وحكومة نتنياهو الجديدة بدون شروط مسبقة؛ حيث تسعى كل من إسرائيل والولايات المتحدة للحيلولة دون انهيار السلطة الفلسطينية, لهذا يمكن القول بأن زيارة أوباما جاءت في سياق ما يعرف بإتباع السياسة الخارجية الناعمة؛ فالرئيس أوباما يعمل جاهداً على استقرار المناطق الأكثر توترا عبر استخدام الوسائل الدبلوماسية وفصاحته اللغوية لضمان عدم اشتعالها حتى يتفرغ لإنقاذ الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية والتي كانت سبباً مباشراً في اهتزاز اقتصاديات العالم والتي نتجت عن حرب العراق 2003 مـ.
وهذا يدل على أن سياسة أوباما الخارجية والمرتكزة على سياسة ناعمة ليست مغاِمرة وتعتمد على التأني في مواقفها وقراراتها على مصالحها وأمنها القومي.
أ/ صبح المصري
متخصص في الشأن الأمريكي