حوار فني، مع الفنانة السورية التشكيلية
رشا السيد احمد، المقيمة بألمانيا
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
ضمن سلسلة اللقاءات والحوارات، الثقافية، التي أقوم بها، منذ فترة بعيدة، مع مجموعة من السيدات العربيات، من المحيط إلى الخليج، بهدف تسليط الضوء عليهن، وشحذ هممهن، و إظهار، رقيْهن ومدى تقدم المرأة العربية، وفكرها، وقيمها، ومبادئها، واحترامها للرجل، وخصوصيته، َأتناول في هذه اللقاءات أيضاً، بشكل عام، دور المرأة في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدُّمها، ونيلها لحقوقها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، إضافة إلى معرفة، الدور والنشاطات الشخصية، التي تقوم بها، المُتحاوَرْ معها، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، وأفكارها، وهواياتها، وطبيعة شخصيتها، والمجال الذي تخدم فيه، وكتاباتها المتنوعة أيضا، وكيفية فهمها لواقعها المعاش، ووضع المرأة بشكل عام، في مجتمعها الذي تعيش فيه، كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع الفنانة التشكيلية السورية، رشا السيد احمد، وهي شخصية تتصف بالقوة وبالذكاء، والطموحات الكبيرة، والشخصية الراقية، والثقافة العميقة، والوعي الكبير، لديها ثقة بالنفس كبيرة، وكانت أجوبتها دقيقة وشاملة ومعبرة جداً، ينبع من فهم موضوعي جداً، خاص بها، كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو:
@ من هي الفنانة التشكيلية رشا السيد احمد؟؟؟
رشا السيد احمد، إنسانة تعشق الحياة بأسرارها الجميلة والغامضة ،تعشق اللون الفريد، كما تعشق الكلمة الشعرية والأدبية الرائعة، خريجة كلية الفنون الجميلة، جامعة دمشق، قسم التصوير، كما درست التربية وعلم النفس، شاركت بالعديد من المعارض الجماعية، وآخرها معرض فردي قبل الثورة ببضع شهور،أعمل بشكل خاص، ودرست قبل الثورة بمعهد الفنون الجميلة، بدرعا، أقيم حاليا بألمانيا.
@ ما هي هواياتك المفضلة؟؟؟
من أهم هواياتي قراءة التحف الأثرية ،من حيث العمر والمكان، وزيارة المعارض الفنية، لدي في ذلك شغف كبير، وزيارة الأماكن التاريخية، ويغريني جداً، قراءة الأدب العالمي ،طبعا عدى عن الهوايات العادية طبعا، أنا فنانة تشكيلية أحب جداً رسم البوريتريه بكافة الخامات اللونية، أحب الرسم عادة بالزيتي، هناك مواضيع أحب رسمها بقلم الرصاص والفحم والمائي، لكن أحب الخامات لقلبي هي الألوان الزيتية، كما أحب النحت في الصلصال ،وأعشق جداً البحر والسباحة من أجمل الأوقات التي أقضيها، هي أوقاتي مع الأحبة على الشاطئ،وفي المروج الربيعية، تفتح أفق الكتابة لدي، ولدي هواية صغيرة، جمع الأحجار الكريمة التي تشعرك بأن داخلها لوحة صغيرة جداً، وكما أحب دائما أخذ حصاة كبيرة قطعة أو أكثر، من كل مدينة أزورها كتذكار طبيعي، لأن كل مدينة أزورها أحب التمتع بالطبيعة فيها، مهما كانت مَدنيتها.
@ هل تؤمن رشا بحرية المراة اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً وسياساً؟؟؟
للحرية أبعاد مختلفة، وهذه الأبعاد يجب أن تؤخذ بما يتوافق وثقافتنا الحاضرة الصحيحة، ضمن حدود الدين، بعيدا عن أي تأطير يحد من إبداع المرأة، وفتح المجال لتكون عضو يبني المجتمع كالرجل تماما ،يجب أن تكون المرأة مستقلة اقتصادياً وسياسيا، أليست نصف المجتمع، وأنا أراها كله، ليس فقط نصفه، فهي الأخت والأم التي تعد بناة المجتمع، والزوجة التي تبادل الزوج المحبة والرعاية قبل كل شيء، ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، أرى المرأة هي شعلة في المجتمع، تنير الدرب لمن حولها ،والرجل هو النار التي تشعل هذه الشعلة، وكما أحب أن تنبع قراراتي من ذاتي قبل أي شيء.
@ هل يمكن القول أن شخصية رشا قوية، وجريئة، وصريحة، ومتفائلة، ومنفتحة اجتماعياً؟؟
أن لم تكن جريئاً، جرفك الموج في هذه الحياة، الى حيث لا تحب، فالجرأة يجب أن تكون ضرورة حياتية قبل أن تكون صفة، وصريحة لأبعد الحدود، لا أحب المواربة في آرائي تجاه الآخرين.. لكن لا أحب جرح أحد مطلقاً، علينا أن نستوعب الحياة بصدر واسع، قدر الإمكان، الحياة تستحق أن ننظر إليها بعين من التفاؤل والفرح، كيفما كانت، فأنا اعتبر كل يوم هدية من رب السماء، يجب أن نحياه بحب مع الآخرين، وأن نرى المسافات تحت هالة نجم مختلف الألوان، يشعرنا أن طريق الحياة جميل، مهما أحيانا اختلفت الأمور، ولا أنسى قول الرسول الكريم (صل الله عليه وسلم) دائما: (تفاءلوا خيراً تجدوه). باستطاعتنا أن نبدع الأمل في قلوبنا.. وفي الحياة، ونتابع المسير بروح تنظر إلى الأفق بعين من الحب. أحب الاختلاط بالآخرين لحد ما، أعتز بأصدقائي، كما أني أكره أن أشعر أني غريبة في مدينة لأول مرة مثلا أزورها، فأنا أكون الصداقات بسرعة، لكن مع أناس أرى أنهم من الممكن أن يكون بيني وبينهم أشياء مشتركة، كالنقاء الداخلي مثلا.. وأشياء مهمة كالروابط الفكرية والثقافية .
@ نسمع عن الفن التجريدي والتشكليلي وخلافه، هل هناك أنواع اخرى من الفنون، وما هي معاني هذه الاصطلاحات الفنية؟؟؟
المدارس الفنية كثيرة للغاية، لكن أشهرها المدرسة الانطباعية ،والتجريدية ،والسريالية، والتعبيرية، والتكعيبة وهناك مثلا الوحشية، والمدرسة الانطباعية،بعد الحداثة أو.. الانطباعية أو التأثيرية.. هي مدرسة نشأت في القرن التاسع عشر، وأخذ الاسم من لوحة الفنان الفرنسي كلود مونيه، لوحته الشهيرة (انطباع شروق الشمس) بينما المدرسة التجريدية.. وهي أن نبسط الأشكال سواء كانت نحتا أو رسما، كانت اللوحة عام 1872م، طبعا والفن الانطباعي هو الفن الذي يصور الواقع كما هو تماما، بعيداً عن التخيل ، ومن المهم جداً وضع حالة الضوء والظل في العمل، فمثلا لوحة شروق الشمس، تختلف تأثيراتها الضوئية، عن لوحة الغروب، وفيها يخرج الفنان إلى الطبيعة أو الهواء الطلق، كما رسم الفنانين في بدايتهم في الشوارع العامة، وسُمَيتْ أيضا انطباعية، لأنها تنقل إحساس الفنان ورؤيته الشخصية، للموضوع الذي يرسمه، فعين الفنان ترى الأشياء بصورة تختلف عن الآخرين فنيا، وهذا هو الاختلاف بينه وبين التصوير الواقعي البحت، من أشهر فنانيها أوغست رنوار، وأحبه جداً هذا الفنان، حيث كان مغرما برسم الشفافيات ووقع الضوء على الشخوص، وهناك أدوارد مانيه وغيرهم الكثير. التجريدية باختصار هي رؤية الموضوع الفني من زاوية فنية محددة.. التجريدية وهي تبسيط الموضوع لأبسط شكل فني وهندسي ممكن، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة، ليست لها دلائل بصرية مباشرة ، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية، التي مر بها الفنان ،وطبعا لا ننسى المدرسة التكعيبية، وصاحبها الشهير بيكاسو، وفيما بعد تطورت هذه المدارس، وانبثق منها المدارس الباقية. معنى التشكيلي..هو اسم يجمع تحت لوائه كل فنون التشكيل من نحت ورسم وخلافه.
@ كيف يمكن للفن، ان يخدم القضايا الإنسانية، خاصة قضية المرأة، ونيلها لحقوقها؟؟؟
الفن سلاح خطير فتقدم الأمم، يقاس بتقدم فنونها وآدابها ،اللوحة والقطعة الفنية من أول مهامها تحريك الشعور الداخلي للمتلقي، وإيصال فكرة معينة يريدها الفنان، وتثبيتها داخله ..وبقدر فنية هذا الفنان، وطرحه لقضايا المرأة، يستطيع أن يوصل قضايا المرأة كافة، فمثلا تمثال الحرية، رُمز قبل كل شيء به للمرأة، التي حمّلها الفنان المشعل، رمز الضياء والحق، وجعل من المرأة الشامخة بمشعلها رمز لحريات الشعوب كافة.. وهكذا نجد أن توظيف الفن، يفتح أفق أخرى في حياة المرأة والمجتمع كافة. بل والشعوب كاملة..كما الكلمة سلاح خطير جداً، كذلك اللوحة والمنحوتة.
@ ما هي علاقة رشا بالقراءة والكتابة؟؟؟ وهل أنت شاعرة؟ ولك موضوعات أو كتب منشورة أو مطبوعة؟؟؟
علاقة رشا بالقراءة والكتابة، كعلاقة الرئة بالهواء تماماً، كعلاقة الجسد بالقلب، وهل أنا شاعرة؟؟؟ سؤال مهم جدا، كيف ترى الأمر؟؟ كلمتنا هي التي تقرر ذلك، لا يكفي أن أقول أني شاعرة، لي ديوان بعنوان (أشواقك قيصر ظالم) صدر في 11/11 /2011 م في دمشق، وقد أنهيت تدقيق ديواني الثاني وهو بعنوان: (أغاني المطر) وديواني الثالث: (بساتين في ذاكرة المطر)، ما زالت جارية الكتابة به حتى الآن. أكتب منذ سن السابعة عشرة، وقد أخذت حينها جائزة أفضل قصيدة للمخضرمين، وكنت حينها أصغر شاعرة مشاركة، لكني انقطعت عن الكتابة لحادث مأساوي لم وقع لرفيقة القلم فأبعدني ذلك عن الكتابة فترة ليست بالقصيرة لم أعد إلا من أربع سنوات للكتابة ونشرها، لا أعلم شيئا ما بداخلي أعادني بقوة للكتابة قبل سنوات، رغم أني لم انقطع عنها في دفاتري الخاصة.. فكان الدفتر هو الجنة الصغيرة، التي أنأى إليها أحيانا بعيداً عن الحياة وكما لي مجموعة قصصية، وأنا الآن أكتب رواية، أنهيت جزأها الأول دعاؤكم لي.
@ ما هو رأي رشا بالصداقة، والحب والزواج، عبر صفحات التواصل الاجتماع؟؟؟
الصداقة شيء جميل للغاية، وعالمنا الافتراضي لا يعني أبداً أن نكون بفضاءات مقطوعة الطرق، هنا يجب أن يكون الفرد رقيب نفسه قبل أي شيء.. ويتصرف ضمن حدود المعقول..قدر ما يمكن ،هنا أنا لا أراك، لكن أرى أفكارك ومشاعرك وطموحاتك.. وهذا هو الإنسان من الداخل، أما من ضن العالم الافتراضي مجرد افتراضات لا نلمسها، فهو مخطأ تماماً، وذلك ينطبق على أي علاقة إنسانية أخرى .
@ هل أنت مع التعددية السياسية والديمقراطية، واحترام الرأي والرأي الآخر، والانفتاح على الآخرين؟؟؟
أكيد، بحيث ألا تؤدي هذه التعددية لإنهاك الوطن، التعددية مطلوبة، من جمال الأمور اختلاف الآراء كلوحة الفسيفساء ،يزينها قطعها وألوانها وتشكيليها مع بعضها البعض، وفقدان أي قطعة يؤدي لتخريب هيئة اللوحة وتشكيلها الكلي ليس من الضروري أن تكون أفكاري السياسية، كأفكار صديقتي، لكن من الضروري احترام الآراء المتبادلة، واحترام الرأي والرأي الآخر.. كي ينهض الوطن دون أي نظريات وأحزاب هدامة، لا تؤمن إلا بذاتها.
@ هل تعتقد رشا ان شبكة التواصل الاجتماعي، نعمة ام نقمة؟ على المواطن، وهل خدمتْ الفن والفنانين في اعتقادك؟؟؟
هي نعمة، علينا استخدامها بشكل واعي ومنطقي وسليم، وإلا تصبح إدمان، ناهيك عن أمور أخرى.. أنت لا تستطيع أن تتبادل الحديث مع كل الناس، وغير ذلك، هي خدمت الجميع دون استثناء، يكفي أنها تختصر مسافات الكون، لكن كيفية تعاملنا معها هو المهم، نعم أنا سورية وأقيم في دمشق، وأصولي من درعا، وبكل فخر أرض الكرامة والرجال الشامخة، كسنابلها، أرض التين والزيتون والعنب والخضرة ،إذ قلت محافظة درعا .. سهل حوران، فأنت تذكر الخير كله، تتحدث عن تاريخ يعود لأكثر من عشرة آلاف سنة، من الحضارة والعطاء والصمود، في وجه عاتيات الزمان، فدرعا هي البوابة الجنوبية، لوطني الحبيب .
@ هل بمكن للسيدة رشا ان تعطينا فكرة عما يحدث في سوريا الآن؟؟؟
الأعلام لا يصور ما يحدث هناك، ولا عشرة بالمائة، الألم كبير جدا، الشعب لا يريد إلا كرامته وحريته بعيداً عن أي شيْ، فلماذا تُحول المنطقة لمنطقة صراع دولي، كل يريد من الكعكة حصته دون التفكير، بوطن يتهاوى فوق رؤوس أهله، وكل الدماء التي تراق، هي دماء سورية، والإجابة واضحة لصالح من كل هذه الدماء التي تراق، ولماذا تدافع روسيا وإيران بشراسة، والأيدي الخفية من تحت الطاولة، المسألة كبيرة جداً حول المنطقة.
@ ما هي طموحات وأحلام السيدة رشا، التي تود ان تتحقق في العام 2013م؟؟؟
بعنوان قصديتها: (شفيف) ردَّتْ وقالت:
السلام لوطني، أهم أحلامي ونصرة الحق،... " شفيف ".. مزيج من أطياف سعادة، حين يسكننا... قزحي الأرداء يرينا الكون آيات جمال يتماهى في النفس لوحة من عالم سريالي، يمازج ذهول الانطباعية بأروع حالاتها، في هذيان الشفق، نرى العالم به دوح ألوان، نتقافز معه نوارس على فيروز الشطآن، نحاور الكون بكل لغاته كل بلغته ... نتخطى حواجز الكون، هو عاصفة مدوية تأخذننا بين جناحيها، تكتسح الوجود، نعشق به أكواننا ،نصالح أشرعتنا الداخلية، نصالح مرايا الوجود ،يشرق الكون، به شموس لا تنتهي، هو لا غير، لا يتجزأ ..لا يُنقص منه شيء، نريده بأرواحنا من أجله، يفجر القلب إلهاماً وأجنحة إبداع ، يفتحُ مداركنا التي خمدت من ظلال الطريق، يقتلُ الكآبة..يضيء قلوبنا بأنوارٍ نستشعرها ولا نراها ،يجعل صحراءنا خضراء، هو المطر يضحك في يباس المدى ،طهر موج في لهيب صيف هو .... هو ولا غير، يبعدنا عن عوالم القطبين ..ليجعلنا صخب صيف لا ينتهي ،نعبر به كل الرياح الباردة، ولا نكترث، نتخطى عواصف الحياة، ولا نبالي، نصنع الأساطير، يشعل ..القناديل في دواخلنا نتحرر من غلالة جسد، نكتشف جمال الغموض، غموض الجمال في الأعالي ،نعانق الوجود بصفاء دون وحشة الطريق، نغض الطرف عن قلوب تعادي النور هو.... هو ولا غير يجعلنا نهذي لا دفء في الشرايين دون تياره الذي يسري في أطراف الروح أمانها ... رداء الروح... حراكها به عَمُرَ الكون في روعة نظام به تبرعمت أزهار البشر وتعتَّقتْ ليال شفيفة مع بوح البدر لحيظاته سنين مشعة ،لو يدرك الكون حقائقه هو.... هو...ولا غير.
انتـــــــــــــــهى الحـــــــــــــــــــــــــــــــــوار
رشا السيد احمد، المقيمة بألمانيا
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
ضمن سلسلة اللقاءات والحوارات، الثقافية، التي أقوم بها، منذ فترة بعيدة، مع مجموعة من السيدات العربيات، من المحيط إلى الخليج، بهدف تسليط الضوء عليهن، وشحذ هممهن، و إظهار، رقيْهن ومدى تقدم المرأة العربية، وفكرها، وقيمها، ومبادئها، واحترامها للرجل، وخصوصيته، َأتناول في هذه اللقاءات أيضاً، بشكل عام، دور المرأة في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدُّمها، ونيلها لحقوقها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، إضافة إلى معرفة، الدور والنشاطات الشخصية، التي تقوم بها، المُتحاوَرْ معها، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، وأفكارها، وهواياتها، وطبيعة شخصيتها، والمجال الذي تخدم فيه، وكتاباتها المتنوعة أيضا، وكيفية فهمها لواقعها المعاش، ووضع المرأة بشكل عام، في مجتمعها الذي تعيش فيه، كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع الفنانة التشكيلية السورية، رشا السيد احمد، وهي شخصية تتصف بالقوة وبالذكاء، والطموحات الكبيرة، والشخصية الراقية، والثقافة العميقة، والوعي الكبير، لديها ثقة بالنفس كبيرة، وكانت أجوبتها دقيقة وشاملة ومعبرة جداً، ينبع من فهم موضوعي جداً، خاص بها، كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو:
@ من هي الفنانة التشكيلية رشا السيد احمد؟؟؟
رشا السيد احمد، إنسانة تعشق الحياة بأسرارها الجميلة والغامضة ،تعشق اللون الفريد، كما تعشق الكلمة الشعرية والأدبية الرائعة، خريجة كلية الفنون الجميلة، جامعة دمشق، قسم التصوير، كما درست التربية وعلم النفس، شاركت بالعديد من المعارض الجماعية، وآخرها معرض فردي قبل الثورة ببضع شهور،أعمل بشكل خاص، ودرست قبل الثورة بمعهد الفنون الجميلة، بدرعا، أقيم حاليا بألمانيا.
@ ما هي هواياتك المفضلة؟؟؟
من أهم هواياتي قراءة التحف الأثرية ،من حيث العمر والمكان، وزيارة المعارض الفنية، لدي في ذلك شغف كبير، وزيارة الأماكن التاريخية، ويغريني جداً، قراءة الأدب العالمي ،طبعا عدى عن الهوايات العادية طبعا، أنا فنانة تشكيلية أحب جداً رسم البوريتريه بكافة الخامات اللونية، أحب الرسم عادة بالزيتي، هناك مواضيع أحب رسمها بقلم الرصاص والفحم والمائي، لكن أحب الخامات لقلبي هي الألوان الزيتية، كما أحب النحت في الصلصال ،وأعشق جداً البحر والسباحة من أجمل الأوقات التي أقضيها، هي أوقاتي مع الأحبة على الشاطئ،وفي المروج الربيعية، تفتح أفق الكتابة لدي، ولدي هواية صغيرة، جمع الأحجار الكريمة التي تشعرك بأن داخلها لوحة صغيرة جداً، وكما أحب دائما أخذ حصاة كبيرة قطعة أو أكثر، من كل مدينة أزورها كتذكار طبيعي، لأن كل مدينة أزورها أحب التمتع بالطبيعة فيها، مهما كانت مَدنيتها.
@ هل تؤمن رشا بحرية المراة اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً وسياساً؟؟؟
للحرية أبعاد مختلفة، وهذه الأبعاد يجب أن تؤخذ بما يتوافق وثقافتنا الحاضرة الصحيحة، ضمن حدود الدين، بعيدا عن أي تأطير يحد من إبداع المرأة، وفتح المجال لتكون عضو يبني المجتمع كالرجل تماما ،يجب أن تكون المرأة مستقلة اقتصادياً وسياسيا، أليست نصف المجتمع، وأنا أراها كله، ليس فقط نصفه، فهي الأخت والأم التي تعد بناة المجتمع، والزوجة التي تبادل الزوج المحبة والرعاية قبل كل شيء، ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، أرى المرأة هي شعلة في المجتمع، تنير الدرب لمن حولها ،والرجل هو النار التي تشعل هذه الشعلة، وكما أحب أن تنبع قراراتي من ذاتي قبل أي شيء.
@ هل يمكن القول أن شخصية رشا قوية، وجريئة، وصريحة، ومتفائلة، ومنفتحة اجتماعياً؟؟
أن لم تكن جريئاً، جرفك الموج في هذه الحياة، الى حيث لا تحب، فالجرأة يجب أن تكون ضرورة حياتية قبل أن تكون صفة، وصريحة لأبعد الحدود، لا أحب المواربة في آرائي تجاه الآخرين.. لكن لا أحب جرح أحد مطلقاً، علينا أن نستوعب الحياة بصدر واسع، قدر الإمكان، الحياة تستحق أن ننظر إليها بعين من التفاؤل والفرح، كيفما كانت، فأنا اعتبر كل يوم هدية من رب السماء، يجب أن نحياه بحب مع الآخرين، وأن نرى المسافات تحت هالة نجم مختلف الألوان، يشعرنا أن طريق الحياة جميل، مهما أحيانا اختلفت الأمور، ولا أنسى قول الرسول الكريم (صل الله عليه وسلم) دائما: (تفاءلوا خيراً تجدوه). باستطاعتنا أن نبدع الأمل في قلوبنا.. وفي الحياة، ونتابع المسير بروح تنظر إلى الأفق بعين من الحب. أحب الاختلاط بالآخرين لحد ما، أعتز بأصدقائي، كما أني أكره أن أشعر أني غريبة في مدينة لأول مرة مثلا أزورها، فأنا أكون الصداقات بسرعة، لكن مع أناس أرى أنهم من الممكن أن يكون بيني وبينهم أشياء مشتركة، كالنقاء الداخلي مثلا.. وأشياء مهمة كالروابط الفكرية والثقافية .
@ نسمع عن الفن التجريدي والتشكليلي وخلافه، هل هناك أنواع اخرى من الفنون، وما هي معاني هذه الاصطلاحات الفنية؟؟؟
المدارس الفنية كثيرة للغاية، لكن أشهرها المدرسة الانطباعية ،والتجريدية ،والسريالية، والتعبيرية، والتكعيبة وهناك مثلا الوحشية، والمدرسة الانطباعية،بعد الحداثة أو.. الانطباعية أو التأثيرية.. هي مدرسة نشأت في القرن التاسع عشر، وأخذ الاسم من لوحة الفنان الفرنسي كلود مونيه، لوحته الشهيرة (انطباع شروق الشمس) بينما المدرسة التجريدية.. وهي أن نبسط الأشكال سواء كانت نحتا أو رسما، كانت اللوحة عام 1872م، طبعا والفن الانطباعي هو الفن الذي يصور الواقع كما هو تماما، بعيداً عن التخيل ، ومن المهم جداً وضع حالة الضوء والظل في العمل، فمثلا لوحة شروق الشمس، تختلف تأثيراتها الضوئية، عن لوحة الغروب، وفيها يخرج الفنان إلى الطبيعة أو الهواء الطلق، كما رسم الفنانين في بدايتهم في الشوارع العامة، وسُمَيتْ أيضا انطباعية، لأنها تنقل إحساس الفنان ورؤيته الشخصية، للموضوع الذي يرسمه، فعين الفنان ترى الأشياء بصورة تختلف عن الآخرين فنيا، وهذا هو الاختلاف بينه وبين التصوير الواقعي البحت، من أشهر فنانيها أوغست رنوار، وأحبه جداً هذا الفنان، حيث كان مغرما برسم الشفافيات ووقع الضوء على الشخوص، وهناك أدوارد مانيه وغيرهم الكثير. التجريدية باختصار هي رؤية الموضوع الفني من زاوية فنية محددة.. التجريدية وهي تبسيط الموضوع لأبسط شكل فني وهندسي ممكن، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة، ليست لها دلائل بصرية مباشرة ، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية، التي مر بها الفنان ،وطبعا لا ننسى المدرسة التكعيبية، وصاحبها الشهير بيكاسو، وفيما بعد تطورت هذه المدارس، وانبثق منها المدارس الباقية. معنى التشكيلي..هو اسم يجمع تحت لوائه كل فنون التشكيل من نحت ورسم وخلافه.
@ كيف يمكن للفن، ان يخدم القضايا الإنسانية، خاصة قضية المرأة، ونيلها لحقوقها؟؟؟
الفن سلاح خطير فتقدم الأمم، يقاس بتقدم فنونها وآدابها ،اللوحة والقطعة الفنية من أول مهامها تحريك الشعور الداخلي للمتلقي، وإيصال فكرة معينة يريدها الفنان، وتثبيتها داخله ..وبقدر فنية هذا الفنان، وطرحه لقضايا المرأة، يستطيع أن يوصل قضايا المرأة كافة، فمثلا تمثال الحرية، رُمز قبل كل شيء به للمرأة، التي حمّلها الفنان المشعل، رمز الضياء والحق، وجعل من المرأة الشامخة بمشعلها رمز لحريات الشعوب كافة.. وهكذا نجد أن توظيف الفن، يفتح أفق أخرى في حياة المرأة والمجتمع كافة. بل والشعوب كاملة..كما الكلمة سلاح خطير جداً، كذلك اللوحة والمنحوتة.
@ ما هي علاقة رشا بالقراءة والكتابة؟؟؟ وهل أنت شاعرة؟ ولك موضوعات أو كتب منشورة أو مطبوعة؟؟؟
علاقة رشا بالقراءة والكتابة، كعلاقة الرئة بالهواء تماماً، كعلاقة الجسد بالقلب، وهل أنا شاعرة؟؟؟ سؤال مهم جدا، كيف ترى الأمر؟؟ كلمتنا هي التي تقرر ذلك، لا يكفي أن أقول أني شاعرة، لي ديوان بعنوان (أشواقك قيصر ظالم) صدر في 11/11 /2011 م في دمشق، وقد أنهيت تدقيق ديواني الثاني وهو بعنوان: (أغاني المطر) وديواني الثالث: (بساتين في ذاكرة المطر)، ما زالت جارية الكتابة به حتى الآن. أكتب منذ سن السابعة عشرة، وقد أخذت حينها جائزة أفضل قصيدة للمخضرمين، وكنت حينها أصغر شاعرة مشاركة، لكني انقطعت عن الكتابة لحادث مأساوي لم وقع لرفيقة القلم فأبعدني ذلك عن الكتابة فترة ليست بالقصيرة لم أعد إلا من أربع سنوات للكتابة ونشرها، لا أعلم شيئا ما بداخلي أعادني بقوة للكتابة قبل سنوات، رغم أني لم انقطع عنها في دفاتري الخاصة.. فكان الدفتر هو الجنة الصغيرة، التي أنأى إليها أحيانا بعيداً عن الحياة وكما لي مجموعة قصصية، وأنا الآن أكتب رواية، أنهيت جزأها الأول دعاؤكم لي.
@ ما هو رأي رشا بالصداقة، والحب والزواج، عبر صفحات التواصل الاجتماع؟؟؟
الصداقة شيء جميل للغاية، وعالمنا الافتراضي لا يعني أبداً أن نكون بفضاءات مقطوعة الطرق، هنا يجب أن يكون الفرد رقيب نفسه قبل أي شيء.. ويتصرف ضمن حدود المعقول..قدر ما يمكن ،هنا أنا لا أراك، لكن أرى أفكارك ومشاعرك وطموحاتك.. وهذا هو الإنسان من الداخل، أما من ضن العالم الافتراضي مجرد افتراضات لا نلمسها، فهو مخطأ تماماً، وذلك ينطبق على أي علاقة إنسانية أخرى .
@ هل أنت مع التعددية السياسية والديمقراطية، واحترام الرأي والرأي الآخر، والانفتاح على الآخرين؟؟؟
أكيد، بحيث ألا تؤدي هذه التعددية لإنهاك الوطن، التعددية مطلوبة، من جمال الأمور اختلاف الآراء كلوحة الفسيفساء ،يزينها قطعها وألوانها وتشكيليها مع بعضها البعض، وفقدان أي قطعة يؤدي لتخريب هيئة اللوحة وتشكيلها الكلي ليس من الضروري أن تكون أفكاري السياسية، كأفكار صديقتي، لكن من الضروري احترام الآراء المتبادلة، واحترام الرأي والرأي الآخر.. كي ينهض الوطن دون أي نظريات وأحزاب هدامة، لا تؤمن إلا بذاتها.
@ هل تعتقد رشا ان شبكة التواصل الاجتماعي، نعمة ام نقمة؟ على المواطن، وهل خدمتْ الفن والفنانين في اعتقادك؟؟؟
هي نعمة، علينا استخدامها بشكل واعي ومنطقي وسليم، وإلا تصبح إدمان، ناهيك عن أمور أخرى.. أنت لا تستطيع أن تتبادل الحديث مع كل الناس، وغير ذلك، هي خدمت الجميع دون استثناء، يكفي أنها تختصر مسافات الكون، لكن كيفية تعاملنا معها هو المهم، نعم أنا سورية وأقيم في دمشق، وأصولي من درعا، وبكل فخر أرض الكرامة والرجال الشامخة، كسنابلها، أرض التين والزيتون والعنب والخضرة ،إذ قلت محافظة درعا .. سهل حوران، فأنت تذكر الخير كله، تتحدث عن تاريخ يعود لأكثر من عشرة آلاف سنة، من الحضارة والعطاء والصمود، في وجه عاتيات الزمان، فدرعا هي البوابة الجنوبية، لوطني الحبيب .
@ هل بمكن للسيدة رشا ان تعطينا فكرة عما يحدث في سوريا الآن؟؟؟
الأعلام لا يصور ما يحدث هناك، ولا عشرة بالمائة، الألم كبير جدا، الشعب لا يريد إلا كرامته وحريته بعيداً عن أي شيْ، فلماذا تُحول المنطقة لمنطقة صراع دولي، كل يريد من الكعكة حصته دون التفكير، بوطن يتهاوى فوق رؤوس أهله، وكل الدماء التي تراق، هي دماء سورية، والإجابة واضحة لصالح من كل هذه الدماء التي تراق، ولماذا تدافع روسيا وإيران بشراسة، والأيدي الخفية من تحت الطاولة، المسألة كبيرة جداً حول المنطقة.
@ ما هي طموحات وأحلام السيدة رشا، التي تود ان تتحقق في العام 2013م؟؟؟
بعنوان قصديتها: (شفيف) ردَّتْ وقالت:
السلام لوطني، أهم أحلامي ونصرة الحق،... " شفيف ".. مزيج من أطياف سعادة، حين يسكننا... قزحي الأرداء يرينا الكون آيات جمال يتماهى في النفس لوحة من عالم سريالي، يمازج ذهول الانطباعية بأروع حالاتها، في هذيان الشفق، نرى العالم به دوح ألوان، نتقافز معه نوارس على فيروز الشطآن، نحاور الكون بكل لغاته كل بلغته ... نتخطى حواجز الكون، هو عاصفة مدوية تأخذننا بين جناحيها، تكتسح الوجود، نعشق به أكواننا ،نصالح أشرعتنا الداخلية، نصالح مرايا الوجود ،يشرق الكون، به شموس لا تنتهي، هو لا غير، لا يتجزأ ..لا يُنقص منه شيء، نريده بأرواحنا من أجله، يفجر القلب إلهاماً وأجنحة إبداع ، يفتحُ مداركنا التي خمدت من ظلال الطريق، يقتلُ الكآبة..يضيء قلوبنا بأنوارٍ نستشعرها ولا نراها ،يجعل صحراءنا خضراء، هو المطر يضحك في يباس المدى ،طهر موج في لهيب صيف هو .... هو ولا غير، يبعدنا عن عوالم القطبين ..ليجعلنا صخب صيف لا ينتهي ،نعبر به كل الرياح الباردة، ولا نكترث، نتخطى عواصف الحياة، ولا نبالي، نصنع الأساطير، يشعل ..القناديل في دواخلنا نتحرر من غلالة جسد، نكتشف جمال الغموض، غموض الجمال في الأعالي ،نعانق الوجود بصفاء دون وحشة الطريق، نغض الطرف عن قلوب تعادي النور هو.... هو ولا غير يجعلنا نهذي لا دفء في الشرايين دون تياره الذي يسري في أطراف الروح أمانها ... رداء الروح... حراكها به عَمُرَ الكون في روعة نظام به تبرعمت أزهار البشر وتعتَّقتْ ليال شفيفة مع بوح البدر لحيظاته سنين مشعة ،لو يدرك الكون حقائقه هو.... هو...ولا غير.
انتـــــــــــــــهى الحـــــــــــــــــــــــــــــــــوار