الأخبار
الدفاع المدني: جيش الاحتلال حرق أجزاء كبيرة من مخيم جبالياأبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة مع الاحتلالالحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية في البحر الأحمرإسرائيل تقرر استقبال 300 ألف عامل أجبنيالحوثيون يستهدفون مدمرة أميركية في البحر الأحمرإيرلندا وعدة دول يدرسون الاعتراف بدولة فلسطين الشهر الجاريأردوغان: إسرائيل ستطمع بتركيا إذا هزمت حماسحركة حماس ترد على اتهامها بالتخطيط لأعمال تخريبية في الأردنالصحة بغزة: ارتفاع شهداء العدوان الإسرائيلي لأكثر من 35 ألفانتنياهو: لن نسمح للفلسطينيين بإقامة دولة إرهابية يمكنهم من خلالها مهاجمتنا بقوةوزير الخارجية الأمريكي: لا يمكن أن نترك فراغا في غزة لتملأه الفوضىالأردن: إحباط محاولة تهريب أسلحة إلى المملكةقيادي بحماس: مصر لن تتعاون مع الاحتلال ويدنا لا تزال ممدودة للتوصل إلى اتفاقاستشهاد شاب برصاص الاحتلال عند المدخل الشمالي لمدينة البيرةالفلسطينيون يحيون الذكرى الـ 76 لـ النكبة
2024/5/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صاحب العيون الحزينة.. و خالتي ياسمينة بقلم: زهرة يبرم

تاريخ النشر : 2012-08-25
صاحب العيون الحزينة وخالتي ياسمينة

بقلم: زهرة يبرم

خالتي ياسمينة امرأة قد دلفت على الخمسين ،الا انها مازالت جميلة فاتنة، و اظنها ستبقى كذلك حتى لو شارفت على التسعين، حيث يقول المثل الجزائري "يروح الزين و تبقى الملامح". لكن ياسمينة المرأة العاملة، النشيطة، الكاملة و الكمال لله وحدة، التي تجبرك على الاعجاب بشخصيتها من أول لقاء،هي عانس لم تتزوج.

دفعني الفضول بعد أن توطدت علاقتي بها الى سؤالها عن سر عدم زواجها. فهي لاشك كانت تثير اهتمام الرجال، و مازالت.

تنهدت تنهيدة عميقة، ربما يعود عمقها الىعقود من الزمن، و علت وجهها الصبوح مسحة من الحزن، ترددت في الكلام، صمتت برهة، ثم تقمص وجهها ابتسامة فاترة وقالت:
- لا تنبشي في الماضي أرجوك.

و أمام الحاحي أضافت:
-مجرد قسم أقسمته على ألا أتزوج.

ازداد فضولي في معرفة قصتها، وأنا أهوى القصص المثيرة، فضاعفت الحاحي. و لأنها تثق بي وتحبني وتحترمني نطقت أخيرا حيث قالت:

-هي قصة تافهة و قديمة من القرن الماضي.

-من يسمعك تتكلمين عن القرن الماضي يتصور أنك معمرة. القرن الماضي على بعد سنوات قليلة منا. أنا مصرة على سماع القصة التافة، و أموت في الأساطير القديمة. هاتي.

-في اواخر السبعينات من القرن الماضي، كنت لا أزال طالبة ثانوية، مفعمة بالحياة و الآمال..
قاطعتها:
- و مشرقة بالجمال!!

ضحكت و اردفت:
-كنت محط اعجاب كثير من الشباب. الا أن الذي سرق مني القلب ثم بعدها تجرأ وسرق مني الحياة، هو شاب فلسطيني الهوية. كان أستاذ فلسفة بثانويتي. حباه الله بكل الصفات الحميدة، علم، أدب ، ثقافة، أخلاق و جمال.
و لعل أجمل ما يميزه عيونه العسلية الحزينة. و يجمع الكل على أن الحزن الساكن فيه على الدوام هو حزنه على بلده فلسطين السليبة.

لقد هام بي و همت به، وكان قصده شريفا، فقرر التعجيل بخطبتي من والدتي. فأبي شهيد في حرب التحرير، قد قضى في احدى المعارك و أنا طفلة في الرابعة من عمري، وأمي مجاهدة السبع سنوات ، محنكة، قد مر عليها من الاهوال ما تشيب له الولدان. فقد عرفت السجن و التعذيب، و التشرد في الغابات، و مشت حافية على الجمر في أرض محروقة، تحزم الذخيرة الحربية على وسطها، و تحمل أحد أبنائها على ظهرها.. الى أن من الله علينا بالاستقلال. ومازالت أمي حينذاك تواصل جهادا من نوع آخر، هو تربيتنا نحن أولادها الاربعة، و تعليمنا، و هي لعمري مهمة شاقة على أرملة وحيدة.

كلمت أمي في الموضوع، و عرفتها بشخصية الخاطب، و زكيته لها بقدر ما استطعت.

لم تمانع أمي في استقبال الضيف المبجل و الخاطب المحظوظ رغم كونه أجنبي. فهي تهتم لامر فلسطين و تساند القضية ، تستمع دوما الى " صوت فتح صوت الثورة الفلسطينية" عبر الاثير من الاذاعة الجزائرية، ومن قبلها الى " عاصفة". فهي ولا شك تحب الفلسطينيين.

هيأت أمي البيت، و أبدعت في خلق أجواء تليق بضيف كريم. حضرت أطباقا شهية للغداء، و اصنافا من الحلوى، و أخرجت ما عز من أواني وشراشف...
فكان قلبي يرقص فرحا أن استوعبت أمي الامر و لم ترفض.

حضر الضيف، فاستقبلته أمي بحفاوة مع اخوتي، و أكرمت مثواه.

بعد الغداء و التحلية، و طقوس القهوة والحلويات، ثم الشاي و المكسرات و ما الى ذلك، فاتحها في موضوع خطبتنا. ببرودة أعصاب، و بكل القسوة الممكنة أجابته:

-حرر بلدك..مهر ابنتي أن تحرر بلدك.

فبكى الرجل.. بكى كما يبكي الرجال على الاوطان.
ام تراه بكى علي؟
بكى على ان خسر حبه؟
بكى من القهر؟
ليتني اعرف ما كانت مشاعره في تلك اللحظة!!!
غادر منزلنا و تركني تعصرني شتى المشاعر..

أجبرتني على العودة الي الدراسة.. فعدت جسدا بلا روح..
لم يكلمني او ينظر الي ..
ربما استاصلني من الذاكرة..
بعد انتهاء العام ، غادر البلدة الى وجهة أجهلها دون وداع..

أما أنا فما زلت مكبلة لذكراه، روحي مثقلة بصدمة الفراق، لم تعرف جراحي الاندمال، ولم يتسع قلبي للنور والحب من جديد. فملأني الياس و روضت مشاعري على الانسحاق، وصرت كأرض بور قد عمرها الخراب.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف