الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفرق بين القراءات السبعة والأحرف السبعة بقلم: د.نافذ الشاعر

تاريخ النشر : 2012-05-09
الفرق بين القراءات السبعة والأحرف السبعة
بقلم: د.نافذ الشاعر

يخلط الكثيرون بين الأحرف السبعة وبين القراءات السبعة، والقارئ لكتب علوم القرآن، لا يكاد يخرج من هذه المباحث الطويلة برأي يطمئن له القلب أو ترتاح له النفس في هذا الموضوع، بل لا يوجد كتاب من كتب علوم القرآن يجزم بالقول الفصل في الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة، فيقول السيوطي: (قال ابن حبان: اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا)[1]

ولا أريد الخوض في تفصيل هذه الخلافات بين العلماء حتى لا تضيع فكرة الموضوع الأساسية من بين أيدينا، فهي مبثوثة في كتب علوم القرآن، إنما أريد الدخول في صلب الموضوع مباشرة كي نفهم الخلاف.

إن الأصل الذي يستند إليه العلماء في هذه القراءات؛ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ القرآن عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)[2]
ولذلك اشتق لفظ القراءات السبعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم(أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ..) كما اشتق لفظ الأحرف السبعة من نفس الحديث: (..فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُف)

ثم مع طول الزمن أصبح الكثيرون يخلطون بين اللفظين فيستخدمون الأحرف السبعة وهم يريدون القراءات السبعة، أو يستخدمون القراءات السبعة وهم يريدون الأحرف السبعة؛ حتى اختلط الأمر على العلماء والعامة على حد سواء..

فما هي القراءات السبعة وما هي الأحرف السبعة؟

أولا: الأحرف السبعة:

الأحرف السبعة هي تعدد شكل الكلمة الواحدة بتغير حروف نطقها، فتقرأ الآية بأكثر من لفظ أو بأكثر من حرف.
ويقع الاختلاف في شكل الكلمة؛ إما بسبب الجمع أو الإفراد، أو بسبب الرفع والنصب والجر، أو بسبب التصريف من صيغة الأمر إلى الماضي أو المضارع، أو بسبب الاختلاف في التقديم والتأخير، أو بسبب الاختلاف في إبدال الحروف[3]، مثل:

1-قوله تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء16)، وهناك قراءة أخرى تقول (أمّرنا مترفيها) (بتشديد الميم وتسكين الراء) بمعنى الإمارة والملك.. فهنا حرفان مختلفان للكلمة الواحدة، الأول يفيد معنى الأمر من الله لعباده بفعل ما أمرهم به. والثاني يفيد معنى الإمارة والملك والحكم.

2- قوله تعالى في شان المسيح، عليه السلام: { فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ}(آل عمران49)، وهناك قراءة أخرى تقول: (فَأَنفُخُ فِيهِ فيكون طائرا بإذن الله)..

3- قوله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}الحجرات6 بمعنى البيان والاستيضاح..
وهناك قراءة أخرى تقول: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فتثبتوا} بمعنى التثبت والتحقق..

4- قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} "برفع "آدم" وجر "كلمات". وقُرِئ بنصب "آدمَ" ورفع "كلماتٌ": "فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ". فيصبح المعنى أن "الكلمات" هي التي تلقت آدم، وليس آدم هو الذي تلقى الكلمات، فكأن آدم سقط وهوى فبسطت له الكلمات أجنحتها فتلقته وأنقذته من السقوط. وهذا معنى رائع أيضا.

فهذه القراءات بالأحرف المتعددة علمها النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته؛ لأن جبريل كان يدارس القرآن مع النبي صلى الله عليه وسلم في كل عام... فهذه القراءات تجعل كل آية من القرآن الكريم، وأحياناً كل كلمة، تشع نوراً لا ينطفئ، وتفيض بمعان لا تنحصر.. وتجعلها ذات وجوه كثيرة، كالحبة الماسية ذات الوجوه المتعددة، ثمانية أو سداسية، في حين أن كل الوجوه تطالعنا على حقيقة واحدة.

فالقرآن يكيف نفسه مع ترقي الإنسان في كل زمان ومكان، تماما مثلما تكيف الخلية البشرية الحية نفسها مع الجسم الإنساني في كل الظروف والأحوال..
ويصبح القارئ للنص القرآني يتلقاه وهو مزود بالأعراف والتقاليد الثقافية التي اكتسبها؛ فيتقابل أفقان لفهم النص: أفق النص، وأفق القارئ الذي يريد فتحه على المستقبل؛ فينصهر هذان الأفقان فيولدا قراءة النص وتملكه وفهمه!

أما أن نرى النص القرآني (نصا مغلقا) استنفذ طاقته كما تستنفذ الشيخوخة كيان الإنسان وطاقته وحيويته؛ فهذا تعطيل لكتاب الله أن يكون صالحا لكل زمان ومكان..

فالله عز وجل وصف القرآن بأنه (روح) في قوله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا}. وهذا الوصف يفيد كما أن الروح هي الأساس الذي يقوم عليه كيان الإنسان وحياته، كذلك القرآن هو (روح) الكون. والروح لابد لها أن تتكيف مع الإنسان في كل مراحل حياته، فنجد روح الشخص في الطفولة تختلف عن روحه في المراهقة، و الشباب والرجولة!

ويجب على المسلم أن يستشعر عندما يقرأ القرآن الكريم أنه يقرأ نصا إلهيا مقدسا، وليس نصا بشريا كتبه إنسان محدود الأفق والتفكير ومعرّض للخطأ والصواب والزلل..
وما دام ذلك كذلك فلابد أن ندرك أن حروف القرآن ليست حروفا عادية صماء منضودة على الورق، إنما هي حروف نورانية حية ترى وتسمع وتحس بمن يقرأها، وتكاد تنطق بلسان وشفتين؛ لأن سور القرآن موكل به آلاف الملائكة، بل إن كل حرف من حروف القرآن موكل به آلاف من الملائكة.
وهذا ما أشار النبي صلى الله عليه وسلم أن سورة الأنعام نزل معها سبعون ألف ملك، أو أن سورة كذا شيعها سبعون ألف ملك..

من هنا، كان اسم هذا الكتاب "قران كريم" لأنه يعطي بلا انقطاع، ويفيض بلا انتهاء..

ثانيا: القراءات السبعة:

أما القراءات فهي قراءة الآية بنفس اللفظ فنفهم منها معنى مختلف في كل قراءة، إما بسبب تعدد المعاني اللغوية للكلمة الواحدة، وإما بسب الوقف والوصل الذي يراه كل قارئ على حدة في الآية الواحدة.

وبقدر ما يُقبل المسلم على القرآن، بقدر ما يفتح الله عليه من المعاني الرائعة الكثيرة، وكلما تعامل مع القرآن أكثر كلما نال من روح القرآن أكثر فأكثر، وأضرب مثلا بالموبايل الذي تجد بعض الناس لا يعرف منه إلا الإرسال والاستقبال، في حين تجد شخصا يعرف كل الإمكانات المخبوءة فيه؛ كأن يعرف التسجيل، والخرائط، وبصمة الصوت، وبوصلة الاتجاهات وغيرها.. فبقدر ما يتعامل الشخص مع هذا الجهاز ويقضي الساعات وهو يفتش في مميزاته، بقدر ما تتكشف له أمور لا يعرفها أحد إلا الذي صمم هذا الموبايل، وكذلك القران ولله المثل الأعلى..

وهاكم بعض الأمثلة على القراءات:

1- كلمة (تولى) في قوله تعالى: { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى، وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى}النجم34) وفي قوله: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ }البقرة205)

فإذا جئنا لمعنى (تولى) وهو إعطاء الظهر وعدم قبول النصيحة، يكون المعنى: أفرأيت الذي تولى ورفض الاستماع للنصيحة والموعظة، وبخل بماله على الآخرين.. وهذا هو المعنى الأول.

أما إذا أخذنا معنى تولى من الولاية والحكم، يكون المعنى أفرأيت الذي تولى حكما ورئاسة على الناس، وأعطى هؤلاء المحكومين القليل من ثروات بلدهم، وأكدى يعنى قسى قلبه فلم تدخله رأفة ولا رحمة ولا شفقة على أبناء شعبه..

2- كلمة (قَدَرُهُ) في قوله تعالى في شأن المطلقة: "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ، مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ" فبالإضافة إلى أن المعنى المتبادر من الآية من وجوب دفع النفقة للمطلقة على قدر حال زوجها من ناحية الغنى والفقر.. بالإضافة إلى ذلك لو أخذنا هذه الآية بمفردها وقلنا: "عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ" يكون المعنى: على الغني يجري القدر الذي كُتب عليه في اللوح المحفوظ، كما يجري القدر على الفقير كذلك..

وهناك معنى آخر في قوله:(عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) عند النظر لمن يعود ضمير الغائب (الهاء)؟ فنجد احتمالين، الأول: ربما يعود إلى الله والثاني ربما يعود إلى الإنسان.. فلو قلنا إن الضمير الغائب يعود إلى الله فيكون المعنى: على الموسع يجري قدر الله، وعلى المقتر يجري قدر الله.. ولو قلنا إن ضمير الغائب يعود على الإنسان، فيكون المعنى: "على الموسع يجري قدره الذي كتبه الله عليه في الأزل، وعلى الفقير يجري قدر الله الذي كتبه عليه في الأزل...

3-وكذلك قوله تعالى: " لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا" فهذه الآية تتحدث عن الميراث، ولكننا نستنبط منها معنى آخر لا يتعارض مع المعنى المعروف وهو أن للحسنة بركة وللمعصية شؤم، وأن الإنسان إذا فعل حسنة فلا بد أن يلحق أثرها أبناءه من بعد موته، وكذلك إذا فعل الإنسان معصية فلابد أن تلحق أبناءه شؤم هذه المعصية في حياته وبعد مماته، وهذا معنى قوله تعالى:" لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ، وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ، مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا" يعني سوف يأخذ الأبناء نصيبهم مما فعل الآباء والأقربون، فإن عاشوا كراما يفعلون الخير سوف تلحقهم بركة هذا الخير، وإن عاشوا أشرارا يفعلون الشر فسوف تلحق أبناءهم لعنة هذا الشر أيضا..

4-وكذلك قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.. وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ.. وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ"

فبالإضافة إلى المعنى القريب من هذه الآية بوجوب الإشهاد عند البيع والدين.. لو أخذنا قوله تعالى: " وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ" لوجدناها تفسر قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (آل عمران:154)

وعلى هذا فمعنى قوله تعالى: "وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ" معناه أن من يهتف في نفسه هاتف للاستشهاد في سبيل الله، لابد له أن يلبي هذا الهاتف، لأن عقول الشهداء وقلوبهم وكل جوارحهم تتنسم هواء خاصا بهم وتستروح إليه نفوسهم، ودائما يحدوهم شوق وانتظار كما تنتظر الأرض العطشى قطر السماء، وعندما يسمعون أي نبأ يعرفوا هذا النبأ في قرارة نفوسهم معرفة اليقين، ويوقنوا أنه يخصهم وحدهم دون غيرهم، ولابد أن يلبوا ساعتها هذا النداء وهذا الصوت الخفي الذي يهتف بهم من الأعماق ، فينساقون إلى هذا الصوت المجهول مرغمين، ليحققوا شيئا تتضح معالمه لهم وحدهم، وهذا معنى قوله تعالى: "قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ" أي تحقيقا لهذا النداء المجهول الذي يهتف به من أعماق المجهول، لأنهم يترقبون الموت وينتظرونه ويسعون إليه قبل أن يسعى هو إليهم، لماذا؟

لأن الله يقول: "وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ"

تدوين القراءات:

عندما تم نسخ المصاحف في عهد عثمان، رضي الله عنه، تم تحديد الأسس التي يجب أن تعتمدها لجنة نسخ المصاحف، ومن بين هذه الأسس:

1- أن اللفظ الذي لا يختلف فيه القراء يرسم بصورة واحدة.

2- أما اللفظ الذي يختلف فيه القراء، فيُكتب بشكل يحتمل أكثر من قراءة مثل: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، فإنها تصح أن تقرأ (فتبينوا أو فتثبتوا)؛ لأن الكتابة كانت خالية من التنقيط والشكل.

3-أما اللفظ الذي يختلف فيه القراء؛ ولا يمكن كتابته بشكل يحتمل أكثر من قراءة؛ فيكتب في نسخة برسم يوافق بعض الوجوه وفي نسخة أخرى برسم يوافق الوجه الآخر؛ مثل (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) ، فإنها تكتب في نسخة أخرى (وأوصى)[4].

وبهذا المنهج الدقيق والأسس السلمية كتب المصحف العثماني فكان في غاية الدقة والضبط والتحري.

أما بعد التنقيط والتشكيل فقد تم استبعاد كافة القراءات الأخرى واعتماد القراءة المشهورة المتواترة. لأنه قبل التنقيط كانت الآية محتملة لكل القراءات مثل الآية التي تقول (فتثبتوا، وتبينوا) ومثل (مالك يوم الدين وملك يوم الدين) لكن بعد التنقيط والتشكيل تم اعتماد القراءة المشهورة، الموجودة في المصاحف الآن. وهذا لا يعني أن القراءات الأخرى خطأ، وإنما تم اعتماد القراءة المشهورة والمتواترة والمعروفة بين الناس. وهذا إن كان له الكثير من المميزات، فقد كان له بعض السلبيات أيضا، حيث تم حصر بعض المعاني في معنى واحد لا غير.

وقد أورد بعض العلماء تبريرا لذلك قائلين: ( إن القراءات كانت رخصة في أول الأمر؛ لتعسر القراءة بلغة قريش على كثير من الناس، ثم نسخت بزوال العذر وتيسر الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة.. وهذا ما قاله الإمام الطحاوي، والقاضي الباقلاني، وابن عبد البر وغيرهم من أئمة الكلام)[5]

----------------------------------------------------------
المراجع:
[1] الإتقان في علوم القرآن: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي ج1/173

[2] صحيح البخاري: باب نزول القرآن على سبعة أحرف، دون وجود كلمة القرآن، إلا أن كلمة القرآن موجود بهذا النص في الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير للسيوطي.

[3] ويقع الاختلاف في شكل الكلمة من عدة وجوه هي:
أ- الاختلاف من ناحية الإفراد والجمع، أو التذكير والتأنيث: كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}, قرئ "لأماناتهم" بالجمع، وقرئ "لأمانتهم" بالإفراد..
ب- الاختلاف في الإعراب،: كقوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} "برفع "آدم" وجر "كلمات". وقُرِئ بنصب "آدمَ" ورفع "كلماتٌ": "فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ".
ج- الاختلاف في التصريف: كقوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} قُرِئ بنصب "ربَّنا"، وتسكين "بَاعِد" بصيغة الأمر. وقُرِئ "ربُّنا" بالرفع، و"باعَد" بفتح العين، على أنه فعل ماض.
د- الاختلاف بالتقديم والتأخير، كقوله تعالى: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}, بالبناء للفاعل في الأول، وللمفعول في الثاني، وقُرِئ بالعكس.
هـ- الاختلاف في الإبدال:كقوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} بالزاي المعجمة، وقُرِئ بالراء (نُنْشِرُهَا)، أو كقوله تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} قُرِئ "وطَلْع مَنْضُودٍ".
و- اختلاف اللهجات بالتفخيم والترقيق، والفتح والإمالة، والإظهار والإدغام، والهمز والتسهيل، والإشمام ونحو ذلك، كالإمالة وعدمها في مثل قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}, قُرِئ بإمالة "أتى" و"موسى"

[4] مناهل العرفان في علوم القرآن: محمد عبد العظيم الزرقاني، ج 1/212

[5] الفرقان لابن الخطيب ص 167
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف