الليلة هنا في إحدى مدن الشمال الشرقي المغربي باردة، الذكريات تتزاحم في مخيلتي تباعا، النوم لم يداعب رموش عيني بعد،وذاكرتي تعود بي إلى الخامس من شهر أبريل من سنة ألفين وتسعة ميلادية حيث حضرت مؤتمرا تأسيسيا لجمعية المدونين المغاربة في مدينة الرباط ،هناك أتيحت لي الفرصة للتعرف على كاتبة غاية في التواضع والرقة ومنتهى البساطة ،نشرت المقالات في الصحافة العراقية منذ عام 1960،ومن أهم إصدارتها:التمثال وامرأة سيئة السمعة،ولائحة الاتهام تطول إنها الأديبة العراقية المقيمة في المغرب صبيحة شبر، دردشتي القصيرة معها لم تكن كافية لمعرفة وجهات نظرها في مجموعة من القضايا. سألتها في البداية عن الوقت الذي تفضل فيه الكتابة ،هل عندما يرخي الليل سدوله أم عند بزوغ الفجر؟ وأجابت بلغة أهل الأدب طبعا أنها تفضل الكتابة عندما يتنفس الصباح، لكنها إكراما لزوجها الذي يكون نائما وقتها وعدم إزعاجه يفرض عليها تأخير كتابتها إلى أن تنشر الشمس أشعتها ،واصلت حديثي معها عن كتابتها وهل تخص بلدها العراق بشيء من أدبها؟ فكان حب العراق الوطن حاضرا في إجابتها وقالت إنني أكتب عن وطني الأم انطلاقا من وطني الثاني المغرب.قلت لها لماذا لتنشرين في إحدى الجرائد المغربية الواسعة الشهرة حتى يتمكن القارئ المغربي من التعرف عليك أكثر؟ فكان ردها كرجاء أي أنها قالت لي أن ذلك ما تتمناه.. انتهى المؤتمر باختيارهم الرئيس والمكتب التنفيذي دون أن ينتهي حديثي معها، فكان لزاما أخذ صور تذكارية للمؤتمرين وودعتها وكنت حينها أعمل محررا في إحدى الصحف الوطنية الأسبوعية ووعدتها أن أكتب ما دار بيننا من حديث رغم قصره رحبت بالفكرة وأمدتني بالإميل الشخصي لها على أن أخبرها بتاريخ نشر المقال ومرت الآن حوالي ثلاثة سنوات والآن فقط قدر لتلك الأفكار المبعثرة أن يجمع شتاتها في هذه الليلة الباردة،رغم أني نسيت منها بعض الشيء و حتى لا تعتقد أني كذبت عليها كذبة أبريل ها أنا أنجز وعدي في آخر أيام شهر الكذب نيسان،ووعد الحر دين عليه والحرية أثمن شيء كما عنونت مدونتك سيدتي الفاضلة،وحتى لتضطرين لكتابة قصة عن رجل سيء السمعة على غرار مجموعاتك القصصية،فعذرا سيدتي كان مخاض ولادة هذه الأسطر عسيرا،وإلا ماكان تأخر إلى هذه السنة.
خالد بلوناس
المغرب
خالد بلوناس
المغرب