الأخبار
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تُنشئ مخيمات لإيواء النازحين العائدين إلى غزة وشمالهاعودة حرب الإبادة والتهجير"العمل لوقف حرب أوكرانيا".. تفاصيل مكالمة هاتفية بين ترمب وبوتين(حماس) تجري مشاورات في القاهرة بشأن اتفاق غزةمصر والأردن في موقف موحّد: رفض التهجير والتأكيد على ضرورة إعادة إعمار غزة فوراًمصر تعتزم طرح تصور لإعادة إعمار غزة يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضهالعاهل الأردني: مصر والدول العربية سيقدمون خطة بشأن غزة(حماس): مخطط ترحيل شعبنا لن ينجح.. وملتزمون بالاتفاق ما التزم الاحتلال بهصحيفة (معاريف): المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية ترى أن حماس لم تنتهك الاتفاق حتى الآناستمرار الخروقات.. شهيد وإصابة حرجة برصاص الاحتلال غرب رفح"الصحة" بغزة: الاحتلال يتعمّد عرقلة سفر الحالات المرضية عبر معبر رفح"الإعلامي الحكومي" بغزة: الجهات المختصة تتابع محاولات التلاعب بالأسعار وتحذّر المخالفينلابيد يوجه رسالة لنتنياهو: لقد نفذ الوقت اذهب إلى الدوحة وأحضر المختطفينمسؤولو مستوطنة (كيسوفيم) يعلنون مقتل محتجز في غزةلليوم 22 على التوالي: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة جنين ومخيمها مخلفاً شهداء ودمار
2025/2/13
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في أربعين الفقيد علي طبيلة بقلم: د. جمال السلقان

تاريخ النشر : 2012-03-23
في أربعين الفقيد علي طبيلة  بقلم: د. جمال السلقان
في أربعين الفقيد علي طبيلة بقلم: د. جمال السلقان
وفاء للرجل وللتجربة التي جمعتنا، وللمناضلين
الذين أسسوا عهداً عظيماً!

عندما يكون النعي لأحد الأصدقاء فالمناسبة تغلب الكلمات، لا سيما إذا كانت الصداقة تعني زمالة ورفقة درب، وليس أي رفقة وليس أي درب! الحديث يدور عن شاب قدمه لي المناضل محمد أبو كحيل عام 1983 ، كنا قد أنهينا عامين من العمل المتواصل في تأسيس لجنة شبيبة نابلس الذي بدأ عمليا في خريف 1981 ، وهو ما تمخض عنه تأسيس ما أصبح فيما بعد واحدة من أهم المنظمات الشعبية في التاريخ الفلسطيني المعاصر –إن لم يكن أهمها على الإطلاق. في نفس الأيام تقريبا كانت قد تشكلت لجنتان للشبيبة في الوطن واحدة في سعير (الخليل) وواحدة في عنبتا. وقد شاركت نواة التشكيل في الوطن في كل الأعمال التطوعية التي كانت بمثابة الإعلان عن تأسيس هذه اللجان. ومع أن تشكيل لجنة شبيبة نابلس للعمل الإجتماعي جاء - ولو بأيام - بعد سعير وعنبتا الا أن هذا لم يكن يعكس أي شيء سوى أولويات للعمل التنظيمي الذي كان قد تميز حتى ذلك التاريخ بالسرية المطلقة، وفي الواقع كان تشكيل لجان الشبيبة أول خروج علني على نطاق شعبي واسع.
الذي ميز نابلس في هذا الحراك كان وجود نخبة من الكادر المجرب الذي جمع بين تجربة العمل السري والنقابي العلني، وكان متواصلا مع لجنة ال 77 أول لجان العمل التنظيمي التي شكلتها الحركة في بيروت وعمان، وكذلك متواصلا مع ماكينة التنظيم المستقرة التي أسسها المناضلون داخل السجون الصهيونية. من نابلس أسست نقابات الأساتذة والموظفين في الجامعات الفلسطينية، ومن بيوت مخيماتها وعقود بلدتها القديمة كتبت جميع أدبيات التأسيس والأنظمة الداخلية للجان والنقابات لكافة مناطق الوطن، ومن مدارسها الثانوية أيضا أسست لجان الحركة الطلابية الفلسطينية ، تحديداً في مدرستي قدري طوقان ومعزوز المصري.
علي طبيلة رحمه الله كان من أبطال لجان الحركة الطلابية الثانوية ، ومن خلال الإنخراط بها قرأ علي بيانه الأول وفيها قرأ كراسته الأولى، وفيها خبر مبادىء العمل الشعبي وأصول التنظيم وكيفيات النضال للشعوب الواقعة تحت نير الإحتلال. وبعد تخرجه من مدرسة الملك طلال الثانوية للبنين انخرط في استكمال تجربة توسيع لجان الشبيبة بنفس الوقت الذي أشرف فيه من مجموعة من المناضلين والمناضلات على توجيه لجان الحركة الطلابية. في هذه الأثناء كان قد تعرف على محمد أبو كحيل ومحمد أبو حمد ورائد المصري ومعين العقروق ومهند كنعان وعبد الله داود وصالح عسقلان ونهاد وعصام الدبعي وأسماء أبو رعد وحنان الدنبك وزينب طبيلة وحسنية داود وأخرين، الذين أكملو معه ملحمة التأسيس. أذكر في عام 83 عقدنا اجتماعا في بيت محمد أبو كحيل ثم استكمل بعد يومين في بيت علي لنحدد فيه كيفيات الإنطلاق لتأسيس لجنة شبيبة في كل حي في نابلس وليس الإكتفاء بلجنة واحدة للمدينة. كانت الطريقة بسيطة لكنها تعتمد على العمل المتواصل ومبدأ التراكم، وفي كل الأحوال فقد كنا على تواصل يومي مع قيادة التنظيم في نابلس والتي كانت في الواقع أول قيادة يتم اعتمادها لشمال الضفة الغربية. اليوم قرأ المجتمعون خطة التنظيم للإمتداد الشعبي على طريق تأطير الجماهير بعد النتائج المشجعة في تنظيم الطلبة الثانويين وتأسيس إتحاد لجان الشبيبة في الوطن.
جائنا من التنظيم ما يلي:
"إن قيادة الوطن المحتل تشد على أياديكم وتعلق أهمية قصوى على نضالكم المتواصل لخلق حالة شعبية ملتفة حول منظمة التحرير لا سيما بعد أن فقدنا أهم قاعدة لنا في لبنان، وإن توجه القيادة سيكون منصبا على أن تكون الأرض المحتلة هي القاعدة الأهم للثورة الفلسطينية بما يعني ذلك فيما يعنيه حسم قضية تمثيل الشعب الفلسطيني!"
كانت الخطة أن تقوم لجنة الشبيبة ولجان الحركة الطلابية بعمل تطوعي واجتماعي مركّز في حي واحد لمدة اسبوع او اسبوعين والتنسيق مع أهالي الحي لهذا العمل واشراكهم فيه ، ومن خلال الإحتكاك والتواصل معهم أثناء العمل يصار الى تنادي لأهل الحي لإشراكهم في العمل الموجه أصلا لخدمة حيهم ، وبعد أن يلمسوا طبيعة الإنجاز ويسمعوا طبيعة تفكير المتطوعين القادمين الى حيهم يكون التواصل مع طليعة منهم لتشكيل لجنة شبيبة خاصة بالحي واستكمال العمل الذي بدأه المتطوعون في حيهم! هذا الأسبوع والأسبوعين التاليين سيكون تجمعنا في الجبل الشمالي وبليبوس والسكة، وبعده نلتقي في الياسمينة ، وبعد الإنتهاء منها الى القريون ، ثم مخيم بلاطة فرفيديا فالضاحية فمخيم عسكر ومنطقة المساكن الشعبية ..وهكذا نجحت الخطة ، وبنهاية عام 83 كان في نابلس وحدها اربعة عشر لجنة حي تأتلف جميعها من الناحية التنظيمية في لجنة سميت باللجنة اللوائية لشبيبة نابلس.
لم تكن عملية التأطير وتنظيم الجماهير عملية سهلة، ولم تقتصر على تشكيل المنظمات الشعبية التي امتدت فيما بعد امتداد النار في الهشيم، إذ أصبح من المألوف فيما بعد أن تلمس حضورا حاسماً لحركات الشبيبة في كل القطاعات، من لجان المرأة للعمل الإجتماعي الى الأطباء الذين أسسوا لجان العمل الصحي في كافة مناطق الوطن، الى حركات الشبيبة في أوساط العمال والنقابات المهنية والمهندسين والمحامين والفلاحين والمعلمين. وهكذا كان يتم تأسيس الطليعة ويكتب النظام الداخلي للجنة المعنية لتبدأ من نابلس وتنطلق فيما بعد لبقية مناطق الوطن.
كان هذا على صعيد تأطير الجماهير ، وهي كما أسلفت لم تقتصر على ما ذكر، فقد تنبهت النخبة المبادرة لهذه التشكيلات مبكرا الى ضرورة تكوين رأي عام بين النخبة ليكون واعياً لما يريد عمله وليؤسس لثقافة واسعة متينة ، راسخة في أصول العمل الجماهيري والثوري، فقد لوحظ غياب للأدبيات التي تعزز ثقافة المقاومة والتي تصقل معرفة الكادر المناضل ، فبادرت نفس النخبة الى نشر مؤلفات مختصة بالتجربة الفلسطينية وبفكر الثورة ، بعض منها تم تهريبه من الخارج والبعض الأخر قام أخوة من بعض القادة في الوطن بتأليفه ، وجزء أخر تم تهريبه من السجون. قصة التنوير التي بادراليها المؤسسون هي قصة طويلة، ولم تكن سهلة في بلد خاضع لإحتلال عسكري يراقب كل شيء. كراسات التنظيم والمبادىء كانت تطبع في البيوت عبر تقنية الستانسل والشوبك والحبر الصيني وكذلك النشرات التوعوية والبيانات. البعض الأخر من الكتب أو الكتيبات كانت تطبع بشيء من التحايل للإفلات من الرقابة، فكتاب منير شفيق "الثورة العربية بين واقع التجزأة وتطلعات الوحدة" يصبح قابلا للنشر إذا سميته "القومية العربية بين واقع ..." ، وهكذا كان! وبفترة وجيزة وعبر كل التقنيات الممكنة أصبح لدينا مكتبة يتناولها الأفراد ويتدارسونها ، ويتنادى لها ولنقاشها المفتوح جميع الأخوة في الجامعات والنوادي ومراكز الشباب ومقرات النقابات . وهكذا امتلأت ساحات الوطن بشكل شبه علني فيما بعد بكتب وأشعار المقاومة التي أصبحت مادة التنظيم عن بعد ومادة المواجهة بالوعي، وحتى أكون أكثر تفصيلاً ، تمت طباعة كتب مثل "طريق الجماهير" ، و"هذه هويتي"، و"فلسطيني بلا هوية"، و" انتصارنا الاستراتيجي في بيروت لا يمكن إجهاضه"، و"الرد على مغالطات العظم"، و "الإعلام الصهيوني إعلام متقدم في الحرب النفسية"، و"موضوعات من تجربة الثورة الفلسطينية"، و"قواعد السلكية الثورية"، و "خط الجماهير في مواجهة خطوط الإنحراف"، و"الإستعمار الصهيوني في فلسطين" و"حول التناقض والممارسة في الساحة الفلسطينية". هذا إضافة الى إعادة طباعة وتوزيع العديد من المؤلفات العربية والعالمية المختصة بشؤون الثورة والفكر والسياسة والأدب، فمن مؤلفات الثورة الصينية وأعمال ماوتسي تونغ الى مؤلفات الثورة الفيتنامية و"كيف انتصر الفيتكونغ" الى روايات ديستوفسكي وسلسلة "ذاكرة الشعوب" الروائية الى "أنشودة الشباب" وأعمال محمود درويش وسميح القاسم، و كذلك العديد من الكتيبات والمنشورات والمجلات التي كان يتداولها الأفراد والجماعات سراً.


أنها سيرة جنود مجهولون ، كان علي صاحبنا ورفيق دربنا واحد من أعلامها ، وهي تجربة شعب بأكمله لا يعود الفضل فيها لشخص بعينه أو لأشخاص ذكروا ولم تسعف الذاكرة تذكر أخرين أسهموا بهذه التجربة، لكن هذا لا يعني أن لا نذكر التضحيات الجسام التي قدمها جيل المؤسسين أو جيل المبادرة، بكل ما كان يعني ذلك من صدق وانتماء وجدارة بحمل المسؤولية من قبل أبطال لم يكونوا يلبثوا أن يخرجوا من السجن والإعتقال والتعذيب حتى يعودوا اليه ، كانت تجربة لكادر مبدع ومخلص ونقي من السفاسف، كادر يجوب الوطن طولاً وعرضاً، شكل بمجموعه حالة خاصةمن الحضور، وللإنصاف فقد كان الجميع في مختلف المواقع يعمل كخلية واحدة، الجامعات ومجالس طلبتها ونقابات عامليها، والمعاهد، لجان الشبيبة للعمل الإجتماعي، لجان المرأة، الأطباء ولجان الخدمات الصحية، المدارس الثانوية، ونقابات العمال. مؤسسات ولجان وحركات واتحادات ونقابات وجمعيات وصحف كان ينشط فيها وينسق عملها فيصل الحسيني وعدنان إدريس وابو نبيل ادعيس وذياب الشرباتي وخليل ابو زياد وأكرم هنية، وفي الجامعات التي تحولت الى مراكز للعمل الجماهيري والتنظيمي قادت نخبة من الكادر هذه المرحلة وامتدت لتغطي مساحة الوطن بأكمله، في بيرزيت كان ابو علي البوريني وحسن اشتيوي ومفيد عبد ربه وسمير صبيحات ونايف سويطات وعبدالله علاونة وأحمد فارس ويحيى السلقان ورشيد منصور ومروان البرغوثي، وفي النجاح ونابلس كان سمير العتيلي وعبدالمجيد السويطي وأحمد سلهوب وجمال الشاتي وعبد الرحمن الترك وحسام خضر وعبدالله داود وزهير الدبعي وعبد الرحمن الشوبكي وعلي الرجوب ومحمود رمضان وغسان المصري وحسنية داود ونجاة ابو بكر، وفي بيت لحم كان فايز الفسفوس وربيحة ذياب ونافذ الرفاعي وعوني المشني وعبد الناصر جريري وجمال محمود وعبدالله بركات وأحمد الحزين وزهير القيسي وعيسى قراقع واحمد ابو سرور، وفي الخليل نظمي المرقطن وموسى عجوة وجبريل البكري وموسى ابو صبحة وفتحي جرادات وابوزهرة وموسى جرادات ، وفي طولكرم كان ثابت ثابت وأحمد عويصات (ابو الواثق) وعدنان مسعد وغسان العتيلي وعبد الناصر صالح وحسن كنعان، وفي جنين كان ابو كفاح ارشيد وقدورة موسى وعبد الله فقوعة وعلي الدمج واحمد العوض وجمال ابو بكر وموفق الصانوري ، وفي رام الله والقدس كان محمد الوحيدي ومنذر الشريف و طلال ابو عفيفة وحسين الفقها وغسان ايوب وابو ناصر ابو غربية وجواد ابو غوش وسمير شحادة وتوفيق البرغوثي وعلي حمدان، وفي أريحا محمود كعابنة وصائب نظيف وبدر مكي وجمال صافي وسالم غروف وحسين ابو عطوان، في غزة كان ابو علي شاهين ومحمود ابو مذكور وسامي ابو سمهدانة ومحمد دحلان ومصطفى ابو غولة وزكريا التلمس واكرم الهسي وزياد شعث وتوفيق ابو خوصة وعبد المنعم ابو عطايا .
كان هذا هو الحضور الأهم بين فئات الشعب وعليه تأسس جيل يرى أخاه أو قريبه أو جاره يدخل السجن من أجله، ولا أحسب أن في غير هذا ما هو أكثر تحريضاً أو أكثر إلحاحاً في الدعوة نحو الانخراط بالعمل النضالي، وهذا في الواقع ما كان وما أسس للإنتفاضة الأولى المجيدة التي استكمل فيها هذا الجيل نضاله وأبرز قضية شعبه على الملأ حتى أصبح من الاستحالة بمكان تجاهل قضية شعب يتطلع الى تقرير مصيره ، وذلك في حد ذاته إنجاز كبير . فمن واقع تميز باستفراد الاحتلال وسلطته وأجهزة مخابراته بشعبنا الأعزل انتقلنا الى واقع يعود فيه الشعب ليمتلك زمام المبادرة ويصبح عصيا على الإختراق، وقد شهدت جميع مؤسسات الوطن حضورا حاسما للقوى الوطنية التي نادت بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا، وقد أوجدت مؤسسات جديدة للتواصل اليومي مع الجماهير ، وفي هذا الإطار لعبت لجان الخدمات الصحية دورا هاما في هذا التواصل عبر تأسيس عيادات في الأرياف وفي كافة أرجاء الوطن، وبرز في هذا النشاط ابراهيم السلقان وانيس القاق وحكم ارشيد وعفيف برابرة وعبد الكريم النابلسي وعبد الرحمن شلاش.
الصراع على تمثيل الشعب الفلسطيني كان شديداً وثمة حاجة كبرى لصوت الوطن "صوت الداخل" . في منتصف الثمانينيات اشتد الحراك السياسي في المنطقة وكان لسان حال اللعبة السياسية معادياً لمنظمة التحرير ويحاول استثنائها من الحركة الدائرة. ريتشارد ميرفي كان عراب السياسة الأمريكية وكان يكثر من زياراته لفلسطين وللمنطقة، واشتد الحراك عبر زيارة قام بها جورج بوش (نائبا لريغان أنذاك) وزيارة أخرى لمارغريت ثاتشر. صالونات القدس كانت تزدحم بقيادة تقليدية لملء الفراغ وللإدعاء بأهلية تمثيل الشعب الفلسطيني. في أيار عام 86 وجهت القنصلية البريطانية دعوة لمجموعة من الشخصيات للقاء رئيسة وزراء بريطانيا الزائرة ليمثلوا الشعب الفلسطيني! تنادت حينها إحدى عشر شخصية للإجتماع مسبقا لتنسيق المواقف في الفندق الوطني بشارع الزهراء في القدس، حضرت الشخصيات في مساء ذلك اليوم للفندق قبل التوجه لمبنى القنصلية البريطانية ووجدوا مجموعة من الشبان من أعضاء مجالس الطلبة في الجامعات وقادة العمل النقابي في الوطن وعلى رأسهم فيصل الحسيني (ابو العبد - الذي كان رئيساً لجمعية الدراسات العربية في ذلك الوقت) بإنتظارهم. بعد وقت قصير لتبديد الوجوم الذي ساد المكان طلبنا الحديث اليهم عبر ابو العبد. أبلغناهم الرسالة ! وقد فهمت الرسالة من قبلهم - ولو على مضض – وألغي الإجتماع بين ثاتشر والشخصيات، واستبدل برسالة يقوم واحد منهم بنقلها للسيدة ثاتشر " إن الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده قد اختار ممثله وهو م ت ف، وأي حديث مع غير المنظمة هو تضييع للوقت" انتهت الرسالة! نفس الأمر تكرر عند زيارة بوش. كان الحديث مع هذه الشخصيات مقنعاً كونه يصدر عن مجموعة من ممثلي المؤسسات المنتخبين والذين يغطون مساحة هامة على المستوى الشعبي سواء على مستوى البلديات المقالة حينئذٍ أم على مستوى الطلبة أوالعمال أوالمرأة أوالأطباء أوالمعلمين أو الصحفيين أو الشبيبة أو الأسرى المحررين الذين كان لتحريرهم أثراً عظيما على الحركة الفلسطينية داخل الوطن بشكل عام، وانخرط الكادر القيادي الذي كان يقود الحركة الأسيرة في التشكيلات التنظيمية القائمة في الوطن ، وشهدت الحركة الوطنية صعودا قويا انذاك بل وحاسماً، وتميز في هذه المرحلة كل من جبريل الرجوب ولؤي عبده وعزمي الأطرش وابو هزاع شريم وابو علي شريم وجهاد مسيمي وراضي الجراعي وزياد هب الريح وجمال ربايعة والعديد من الأسرى المحررين . لم يعد ممكناً بعد الأن لأحد غير هذه الحركة المنظمة الإدعاء بأنه يمسك بزمام الأمور داخل الوطن، لا بل فإن هذه المرة قد خرج الشعب بإنتفاضة عظيمة يعلي بها صوته ، فلا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة....ويستمر النضال!

لم أجد ما هو أفضل من الحديث عن التجربة التي انخرط بها شهيدنا لنكرمه فالتجربة ستبقى بقعة ضوء عظيمة عبر الأجيال وهي ما يطلق عليه الجميع ب "العصر الذهبي" الذي نحنّ اليه. لم يتوقف النضال عند هذه الحقبة التاريخية ، بل أخذ شكلاً جديداً بعد تفجر الإنتفاضة الأولى المجيدة، ولهذه الإنتفاضة قصتها وتجلياتها التي سنكتب عنها في مناسبة أخرى.
رحم الله فقيدنا وأدخله فسيح جناته !
" الكاتب كان رئيساً لمجلس طلبة بيرزيت في الأعوام 85/ 1986 "
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف