الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأحزاب والثورة في مصر بقلم:أ:سمر سعيد أبو ركبة

تاريخ النشر : 2011-07-27
الأحزاب والثورة في مصر
أ:سمر سعيد أبو ركبة

مقدمة الدراسة
لقد شهدت الحياة السياسية المصرية العديد من المراحل إلي أن وصلت إلي عهدها الحالي ففي عهد إسماعيل حدث العديد من التطورات الهامة والسريعة إذا ما قورنت بالفترة التي سبقتها ,فعلي الرغم من ميل إسماعيل إلي الحكم المطلق ,إلا انه قد خطا الخطوة الأولي نحو إشراك الشعب المصري في الشئون العامة ,وذلك بإنشائه لمجلس شوري النواب في عام 1866,وهذا المجلس علي الرغم من كونه مجرد مجلس استشاري محض إلا أن دوره أخذ يتطور في اضطرار مستمر حتى أنه استطاع في أواخر أدوار انعقاد الفصل التشريعي الثالث في عام 1879أن يعارض مرسوما للخديوي إسماعيل بفض المجلس بحجة أن مدة نيابته وهي ثلاث سنوات قد انتهت , حيث رفض المجلس الإذعان لأمر الخديوي , وقرر الأعضاء إلا ينفضوا حتى يعطي المجلس حقوقه كاملة كما رفع الأعضاء عريضة بذلك إلي الخديوي لمطالب المجلس وكلف شريف باشا بتأليف وزارة وطنية خالية من العنصر الأجنبي وقامت هذه الوزارة بوضع لائحة أساسية "دستور" تخول للمجلس اختصاصات أوسع وتجعل الوزارة مسئولة أمامه وتحرم علي الحكومة فرض الضرائب من أي نوع كانت إلا بموافقته , ثم تقدمت بها إلي إليه لإقرارها وهو ما يعني تخويل المجلس سلطة جمعية تأسيسية تضع الدستور .ولكن هذه اللائحة لم يكتب لها أن تصدر بمرسوم من الخديوي .
لم تعرف مصر خلال هذه مرحلة 1982 أي نوع من المنظمات التي يمكن اعتبارها بالمدلول العلمي أحزابا سياسية ,ذلك علي الرغم من ظهور بعض التنظيمات السياسية التي وصفت بأنها أحزاب , إلا أنها كانت في الواقع أقرب ما تكون إلي مجرد جبهات وطنية ذات أهداف عامة تعكس الآمال الشعبية في الإصلاح والتقديم ودون أن يصاحب ذلك أي نوع من التنظيم الذي يتطلبه العمل الحزبي ومن ابرز الأمثلة علي ذلك ماعرف بالحزب الوطني هذا بالإضافة أن مصر لم تعرف لم تعرف في هذه الفترة جماعات ضغط سياسي ذلك باستثناء الجيش في الفترة التي امتدت من 1879الي 1882 وهي الثورة التي أدت إلي سقوط ثورة نوبار في 18 فبراير 1879 وهي الثورة العرابية وتداعياتها والي أن انتهت بهزيمة العرابين في مواجهة الانجليز , فمصر في هذه المرحلة لم تعرف سوي نوعا من الجماعات السياسية التي تستهدف نشر الوعي السياسي عن طريق الصحف والمنشورات , إلا أنها في واقع الأمر لم تكن تمتلك من الوسائل ما يمكنها من الضغط والثأتير علي السلطة السياسية بما يتيح لها تنفيذ مطالبها ولكن يمكن الإشادة إلي بعض التنظيمات السرية في الأزهر وبعض الجماعات الماسونية التي لعبت دورا هاما خلال فترة وجود جمال الدين الأفغاني الذي نجح في استغلالها كأداة للعمل السياسي حيث ضمنت شخصيات قدر لها أن تلعب دورا سياسيا هامة مثل الإمام محمد عبده وعبد السلام المويلحي عضو مجلس شوري النواب وسعد زغلول .
أما مرحلة دستور1883التي امتدت زهاء الثلاثين عاما حياة سياسية زاخرة بكل أنواع التحولات والتطورات والغريب أن هذه التحولات والتطورات اقتصرت علي الثلث الأخير من هذه المرحلة وكأنها اكتسبت دفعة قوية من سكون السنوات العشرين الأولي , فقد اعتبر البعض دستور 1983 بمثابة نكسة لعملية التحديث الدستوري المصري أطاحت بكل الجهود التي بذلتها الأمة وبالمكاسب التي حصلت عليها بإقرار دستور 1882 وهذا هو بعينه ما إرادته سلطات الاحتلال البريطاني لذلك فقد تميزت الفترة ما بين عامي 1883-1892 بالاستسلام الكامل للمحتل ولم يكن هناك معارضة ولكن تغيرت الصورة مع تولي الخديوي عباس حلمي حكم مصر فقد بدأ حكمه بتأيد كل العناصر الوطنية في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية وهو الأمر الذي ساعد علي انتشار الحركة الوطنية في مصر وظهور العديد من الأحزاب في مصر كقوة من قوي الحياة السياسية ومن هذه الأحزاب " الحزب الوطني وحزب الأمة وحزب الإصلاح علي المبادئ الدستورية والحزب الوطني الحر والحزب الجمهوري والحزب المصري وحزب النبلاء والحزب الاشتراكي المبارك وحزب مصر الفتاة ".
وقد صدر بعد ذلك دستور 1913 من الناحية الشكلية في صورة منحة الخديوي إلي الشعب المصري ويؤكد ذلك ما جاء في ديباجة هذا الدستور والتي تقول " نحن خديوي مصر لما كانت رغبتنا هي منح بلادنا نظام حكومة يكون موافقا للأفكار النيرة " , فهذا الدستور لا يعد من الناحية الواقعية منحة من الخديوي بقدر ما يعد منحة من المعتمد البريطاني الورد كتشنر وحكومته ,ذلك لان انجلترا هي التي وضعت هذا الدستور وهي التي صاغت أفكاره التي وصفها ديباجية الدستور بأنها نيرة
دستور 1923 شكل هذا الدستور صفحة جديدة في تاريخ مصر فهو أول دستور مصري يستخدم النظام الدستوري وذلك باعتباره قد أدي إلي شكل من أشكال الحكم ذات السلطة المقيدة هذا بينما كانت الدساتير السابقة باستثناء دستور 1882 الذي لم يستمر العمل به شهور قليلة تفضي إلي شكل من أشكال الحكم ذات السلطة المطلقة فقد ظهرت العديد من الأحزاب "حزب الوفد وحزب الأحرار الدستوريين والحزب الوطني " .
دستور 1930يعد بمثابة ضربة للأمة بأسرها ولذلك قابلت الأمة هذا الدستور باستنكار شديدة غير ان هذا لم يكن يجدي أمام إصرار الملك ووزارته التي اصطنعها علي استعادة الحكم المطلق ولكن وزراه صدقي اخدت تسعي في تطبيق الدستور الذي صنعته غير عابئة بما يدور حولها من معارضة واحتجاج : ولكن كانت الخطوة الأساسية في تطبيق الدستور إجراء انتخابات البرلمان الجديد ولما كان صدقي هو الذي صنع هذا الدستور كان عليه لزاما ان تضع برلمانا له , ولما كان مطلوبا ان يشتغل هذا البرلمان رجال من حزب الحكومة فقد كان علي الوزارة ان تصنع هذا الحزب .
بعد ذلك تمت العودة الي دستور 1923 فقد جاءت العودة الي دستور 1923 تتويجا لجهاد الأمة ولذلك فقد كان من المفترض ان تختلف مرحلة العودة هذه من مرحلة التطبيق الأول للدستور كما كان من المتصور ان تحرص كل الإطراف علي الدستور نصا وروحا اذ ان احترام هذا الدستور هو الدليل الوحيد علي احترام الأمة التي سعت في عودته لذلك فقد جاءت تجربة العودة أسوء من التجربة الأولي حيث راحت كل الأطراف تكرر نفس الأخطاء وعلي نحو ادي بهذا الدستور الي نهايته المحتومة وقد ظهرت العديد من القوي السياسية الموثرة في هذه المرحلة وهي الحزب المنشقة عن الوفد و الأحزاب الملكية والأحزاب الأيدلوجية التي انبثق عنها حركة الإخوان المسلمين وجمعية مصر الفتاة ومرحلة البرنامج الاشتراكي
مرحلة حكم الرئيس جمال عبد الناصر 1952-1970 نجحت حركة الجيش في يوليو 1952 واستولت علي السلطة وتحكمت في أمور البلاد ومصائرها ,فقد أعلن محمد نجيب عن إلغاء دستور 1923 وعن ضرورة صياغة دستور جديد يحقق للأمة نظام نيابي نظيف سليم ولان إعداد هذا الدستور يتطلب وقتا طويلا فقد اصدر القائد العام للقوات المسلحة وقائد الجيش في العاشر من فبراير 1953اعلان دستور جديد وأطلق عليه بالدستور المؤقت استمر هذا الدستور حتى أعلن جمال عبد الناصر في 16 يناير 1956عن دستور ينظم سلطة الدولة علي نحو مستقر فقد كان لهذا الدستور أهمية خاصة تنبع من كونه أول بناء دستوري متكامل تقرره حركة يوليو فدستور 1956 كان أساسا لكل ما تبعه من دساتير مصرية فعلي الرغم من وجود مجموعة من الاختلافات بين دستور 1956والدساتير اللاحقة له إلا أن هناك خطأ واحد ظل يجمع بينهما منذ ان أقر دستور 1956 فدستور 1956 أخد طابعا ديمقراطيا نيابيا غير ان طمعها بمظر من مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة ألا وهو الاستفتاء الشعبي , وبعد ذلك توالت الدساتير مثل دستور المؤقت1958ودستور المؤقت1962ودستور 1964المؤقت ودستور 1969 المؤقت وهذه الدساتير قد أهدرت فكرة الفصل بين السلطات وأحلت بدلا منها فكرة جديدة الجمع بين السلطات وهي فكرة التي استحوذ بمقتضاها رئيس الجمهورية علي سلطتي التشريع والتنفيذ ومعهما القضاء .
مرحلة حكم أنور السادات ودستور 1971 كان الرئيس السادات قد انفرد بالسلطة في حركة مايو 1971 حيث ان هذا الانفراد لم يكن يعني تغير كل ملامح النظام القائم ذلك بان السادات قد اضطر مرحليا للإبقاء علي معظم ملامح الصورة دون تعديل او تبديل وان لم يحل هذا دون اتخاذ لبعض القرارات التي نظر اليها باعتبارها بداية لمرحلة جديدة يستعيد فيها الأفراد حقوقهم وحرياتهم .
بداية حكم حسني مبارك لمصر تقلد الحكم في مصر وقيادة القوات المسلحة ورئاسة الحزب الوطني الديمقراطي بعد اغتيال أنور السادات في 1981بصفته نائب رئيس الجمهورية وبذلك تكون فترة حكمه من أطول فترات الحكم في المنطقة العربية.
يرغم أن التعديل تم وفق الآليات والوسائل الدستورية التي يسمح النظام الدستور ي المصري إلا أنه قد ارتبط بالتعديل وجود جدل سياسي وظهور معارضة سياسية للتعديل و ذلك للشروط التي وضعت للمرشحين و التي تجعل الترشح للمنصب من جانب الشخصيات ذات الثقل السياسي أمر مستحيل.وهو الأمر الذي كان يراه البعض يتوافق مع ضرورة صيانة منصب الرئاسة ووضع الضمانات الشعبية للترشح ولكن تم طلب التعديل ثانية بعد أقل من عامين من طلب التعديل الأول بالإضافة إلى 33 مادة أخرى، معارضة التعديل تبنتها قوي شعبية عديدة الي جانب أحزاب المعارضة المصرية ورغم ذلك دخلت بعض قيادات المعارضة الرسمية العملية الانتخابية على منصب الرئيس بنفس الآلية الدستورية التي رفضوها، وقد فاز حسني مبارك في هذة الانتخابات بنسبة كبيرة من واقع صناديق الاقتراع برغم تشكيك المعارضة في مصداقيتها، وإدعائها اشتيابها الكثير من التجاوزات والرشاوى الانتخابية بصورة واسعة ومكثفة .
وقد أكد بعض الفقهاء الدستوريون أن ما حدث في مصر من فتح باب الترشح والاختيار بين أكثر من مرشح يعد حدثا تاريخيا يتوافق مع النموذج الدستوري الذي كانوا ينادون به في مؤلفاتهم منذ وجود الدستور المصري الحالي. مع وجود تحفظات قانونية لديهم، بسبب اعتقاد بعض الدستوريين أن الأشخاص الذين سيرشحون الرئيس بوجود هذه القيود الشديدة ليس لديهم القدرة على النجاح في الاستثناء الممنوح لأول انتخابات بعد التعديل في2005وباستحالة الترشح بعدها ومما أكد هذا التفسير هو طلب التعديل لنفس المادة أواخر 2006. بينما يذهب الكثيرون أن ماحدث هو "سيناريو لتوريث الحكم" لنجل الرئيس جمال مبارك. وهذه هي مشكلة الدراسة التي بصددها والتي سوف نتأولها هل جمال مبارك سوف يتولي الحكم خلفا لأبيه وان تولي الحكم هل سيتغير نظام الحكم في مصر .

مشكلة الدراسة:
التحول في النظام المصري سوف يقودنا الي نظام مصري ام مصر يمكن ان تقسم في دويلات في دولة وهل الأحزاب المصرية داخل مصر كان لها دور بارز في الثورة ام انها فقدت شرعيتها بعد الثورة , وهل شاركت في الثورة في مصر ولعبت دور في قلب النظام
تساؤلات الدراسة :
التساؤل الرئيسي " هل الثورة في مصر سوف تنتج نظام حكم جمهوري يقوم علي العدل والمساواة بين المواطنين وسوف يساعد علي حل العديد من المشاكل الجوهرية الأساسية في مصر "؟
الأسئلة الفرعية
1-كيف نشأة النظام الجمهوري في مصر وما هي مبررات وجوده ؟
2-ما هي المراحل الأساسية لتطور النظام السياسي المصري ؟ وما هي القوة الرئيسة الؤثرة في تكوين النظام السياسي المصري؟
3-ما هي الركائز الأساسية التي يتكون منها النظام المصري ؟
4-ما هي الأحزاب المتواجد في مصر ؟
5- ما هو السبب في حدوث الثورة في مصر؟
6- هل الأحزاب لها دور في الحياة المصرية بعد الثورة ؟
7- هل لعبت الأحزاب في مصر دورا في الثورة ؟

فرضية الدراسة :
"سوف يعاني النظام السياسي المصري من حالة عدم استقرار نتيجة للثورة أم ان مصر سوف تستقر بشكل أفضل من السابق"
أهداف الدراسة:
1- دراسة تحليلية لمرتكزات النظام السياسي المصري
2- تحليل القوي المؤثرة في داخل النظام المصري
3- توضيح مبررات وشرعية استمرار النظام المصري منذ ثورة يوليو 1952 حتي الان
4- قراءة موجزة في الدستور المصري
5- دراسة مبررات الثورة في النظام المصري والآثار المترتبة عليها

حدود الدراسة :
المساحة الجغرافية : جمهورية مصر العربية
المساحة الزمنية :منذ ثورة يوليو 1952حتي 2009
منهج الدراسة :
1- المنهج التاريخي : لبحث الظاهرة منذ نشأتها وتطورها عبر عدة مراحل
2- المنهج الوصفي : لدراسة الدستور والأدبيات المتعلقة بالنظام
3- المنهج التحليلي : في دراسة مبررات الظاهرة
4- المنهج التنبؤي : الذي يقودنا لتوقع اتجاهات والتغير في النظام السياسي المصري

الفصل الأول :
المبحث الأول
أولا: تعريف النظام السياسي
ثانيا: نشأة النظام الجمهوري المصري ومبررات وجوده
ثالثا:النظام الدستوري المطبق.
الفصل الأول
مقدمة :
قامت الجمهورية في مصر في 18 يونيو 1953 برئاسة محمد نجيب كأول رئيس لجمهورية مصر وخلفه بهد ذلك جمال عبد الناصر الذي عزله من مجلس قيادة الثورة وتولي الحكم ويكون تعيين رئيس مجلس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية , بالرغم من أن الدولة يفترض أنها منظمة في شكل نظام تعدد أحزاب شبه رئاسي تتوزع فيه السلطة مابين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ويكرس الفصل مابين السلطات الثلاثة تشريعية وتنفيذية وقضائية , الا ان السلطة تتركز فعليا في يد رئيس الجمهورية الذي يتم اختياره عن طريق الانتخاب .
فقد جرت أخر انتخابات رئاسية في سبتمبر 2005 والتي فاز فيها الرئيس حسني مبارك بفارق كبيرعم أقرب منافسيه أيمن نور رئيس حزب الغد , كما تقام في جمهورية مصر انتخابات تشريعية متعددة الأحزاب لانتخاب نواب مجلس الشعب, صحب كل من الانتخابات التشريعية والرئاسية حراك سياسي كبير شمل فئات كانت عازفة عن المشاركة السياسية وكسرا وجيزا لحالة الركود السياسي التي جثمت علي مصر منذ عقود بسبب هيمنة الحزب الوطني الديمقراطي كما يزال العمل ساريا بقانون الطوارئ منذ 1981 وان كانت نسبة كبيرة من الشعب لا تزال عازفة عن المشاركة السياسية وهو ماتجلي بشكل أكبر في انتخابات المحليات في 2008التي كانت الحكومة أجلتها سنتين ,بحيث يمكن تحديد طبيعة نظام الحكمالذياعتنقه دستور سنة 1971 فهو من جهة أولى نظام جمهوري ومن جهة ثانية نظام ديمقراطي نيابي يأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة ومن جهة ثالثة نظام نيابي مختلط يجمع بين بعض مظاهر كلا من النظامين البرلماني والرئاسي. نظام جمهوري :-
النظام الجمهوري هو ذلك النظام الذي يتولى فيه رئيس الدولة منصبة عن طريق الانتخاب بحيث يكون للأفراد الذين يتوافر فيهم شروط الترشيح لهذا المنصب الحق في ذلك والوصول إليه طبقا للأغلبية المتطلبة في هذا الصدد دون أن يكون لشخص معين أي حق ذاتب في تولي رئاسة الجمهورية .
ولقد تم تعديل المادة 76 من الدستور سنة 2005 لكي يصبح اختيار رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر بين أكثر من مرشح
فالمادة 79 من الدستور تنص على أن يؤدي رئيس الجمهورية أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبة اليمين الآتية ": أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري وأن احترم الدستور والقانون وان أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وان أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه وتنص المادة 155 من الدستور على ان يؤدي أعضاء الوزراء أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة مهام وظائفهم اليمين الآتية أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري وان وهي ذات اليمين التي يؤديها رئيس الجمهورية .
كما يؤدي عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل مباشرة مهام وظيفته اليمين التي نصت عليها المادة 90 من الدستور بأن يحافظ مخلصا على سلامة الوطن ونظامه الجمهوري ويؤدي هذا اليمين كذلك أعضاء مجلس الشورى قبل مباشرة مهام وظائفهم وذلك عملا بالمادة 205 من الدستور
المبحث الأول :-
نظام ديمقراطي نيابي يأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية شبة المباشرة :-
يقوم نظام الحكم الديمقراطي على أساس أن الشعب أو الأمة هو مصدر السلطات في الدولة وان الحكومة تعبر عن الأغلبية وتستند إليها وليس إلى فرد أو أقلية محدودة فالحكم الديمقراطي يناقض الحكم الدكتاتوري او الشمولي .
ويرتكز النظام الديمقراطي على عدة مبادئ تتمثل في مبدأ السيادة للشعب أو للأمة وفي مبدأ المساواة ومبدأ الفصل بين السلطات وكفالة الحقوق والحريات العامة لجميع أفراد الشعب
ولقد أقام دستور سنة 1971 نظام حكم ديمقراطي نيابي يأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة وذلك على النحو التالي :-
فمن ناحية أولى أقام الدستور نظام حكم ديمقراطي حيث حرص المشرع الدستوري على الإعلان في الفقرة الأولى من المادة الأولى من الدستور عن ان جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي ثم ابرز بعد ذلك المبادئ التي يستند إليها هذا النظام الديمقراطي على النحو التالي :-
مبدأ السيادة الشعبية :-
حيث نصت المادة الثالثة من الدستور على ان السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور كما جاء في المادة 73 من الدستور ان ": رئيس الجمهورية ويسهر على تأكيد سيادة الشعب
مبدأ المساواة :-
يمثل هذا المبدأ أحد الركائز الأساسية للنظام الديمقراطي لأنه يجعل جميع المواطنين متساوين أمام القانون وفي التمتع بالحماية القانونية والمشاركة في الشئون العامة بدون تفرقة بسبب الأصل والجنس أو الدين أو اللغة أو اللون أو المركز الاجتماعي
مبدأ الفصل بين السلطات
يقصد بهذا المبدأ الفصل المتوازن بين السلطات العامة الثلاث في الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية مع وجود قدر من التعاون فيما بينها بتنفيذ وظائفها في توافق وانسجام وإقامة رقابة متبادلة بينها لضمان وقوف كل سلطة عند حدها دون أن تجاوزها أو تعتدي على سلطة أخرى ولقد أقام الدستور السلطات الثلاثة العامة في الدولة وحدد لكل منها اختصاصها استقلالا عن السلطات الأخرى مع وجود علاقة تبادلية بين السلطتين والتشريعية والتنفيذية بصفة خاصة .
كفالة الحقوق والواجبات العامة :-
لا يقوم النظام الديمقراطي إلا بكفالة الحقوق والحريات العامة وحماية ممارسة أفراد الشعب لمختلف أنواع الحريات بحيث تقوم الدولة بتنظيم ممارستها دون مساس بمضمونها أو انتهاك لها .
ومن ناحية ثانية أقام الدستور نظاما ديمقراطيا نيابيا00 حيث يقوم النظام الديمقراطي النيابي على أربعة أركان أساسية تتمثل في وجود هيئة نيابية منتخبة ذات سلطة فعلية وتأقيت مدة العضوية في الهيئة النيابية وتمثيل النائب للأمة بأسرها وأخيرا استقلال الهيئة النيابية عن الناخبين فإذا توافرت هذه الأركان الأربعة فإننا نكون بصدد نظام نيابي صرف
ولقد نص المشرع الدستوري على الركنين الأول صراحة إذ يجسد مجلس الشعب الهيئة النيابية المنتجة من الشعب عن طريق الانتخاب المباشر السري العام المادة 87 من الدستور وجعل المجلس يتولى سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية المادة 86 من الدستور كما حدد الدستور مدة مجلس الشعب بخمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له المادة 92 من الدستور
ومع ذلك لم يرد ذكر الركنين الثالث والرابع من أركان النظام النيابي بشكل صريح وهما تمثيل النائب للأمة بأسرها واستقلال الهيئة النيابة عن الناخبين فبالنسبة لتمثيل النائب للأمة جميعها فإن عدم ذكره لا يعني عدم وجود إذا أن هذا الركن قائم وموجود بالفعل
أما عن الركن الرابع الخاص باستقلال الهيئة النيابية فيبدو لنا أن المشرع الدستوري تعمد عدم النص عليه صراحة لأنه لم يعتنق النظام النيابي الصرف وأنما أخذ ببعض صور الديمقراطية شبه المباشرة خاصة الاستفتاء الشعبي
ومن ناحية ثالثة أخذ الدستور الحالي ببعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة 00 حيث تتعدد صور الديمقراطية شبه المباشرة فتشمل الاستفتاء الشعبي بأنواعه والاعتراض الشعبي والاقتراع الشعبي وإقالة النائب عن طريق ناخبيه والحل الشعبي للهيئة النيابية وأخيرا عزل رئيس الجمهورية
ولقد أخذ المشرع الدستور المصري مظهر الاستفتاء الشعبي ونص عليه في سبعة نصوص تنظم الاستفتاء في سبع حالات متفرقة بحيث يكون إجراؤه وجوبيا في بعض الحالات وجوازيا في حالات أخرى . فقد اوجب الدستور إجراء الاستفتاء الشعبي في خمس حالات محددة مع ملاحظة أنه قد تم إلغاء الحالة الأخيرة بتعديل المادة 76 من الدستور سنة 2005
الاستفتاء على اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر :-
حيث أعطت المادة 74 من الدستور رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر الذي يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري وأوجبت عليه في حالة اتخاذ هذه الإجراءات أن يوجه بيانا إلى الشعب وأن يجرى الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها
الاستفتاء على حل مجلس الشعب حيث منحت المادة 136 من الدستور رئيس الجمهورية سلطة حل مجلس الشعب ولكنها قيدت هذه السلطة بقيدين يتمثل الأول منهما في ان يكون ذلك عند الضرورة أما القيد الثاني فهو وجوب استفتاء الشعب على هذا الحل ويتعين على رئيس الجمهورية في هذه الحالة أن يوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء خلال ثلاثين يوما فإذا أقرت الأغلبية المطلقة لعدد من أعطوا أصواتهم الحل أصدر رئيس الجمهورية قرارا به
الاستفتاء على تعديل الدستور عند الحديث عن طريقة تعديل الدستور الحالي والتي حددتها المادة 189 من الدستور انه في حالة موافقة ثلثا أعضاء مجلس الشعب على التعديل فيجب عرض التعديل على الشعب لاستفتائه فيه فإذا تمت موافقة هيئة الناخبين على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء
الاستفتاء على الدستور قبل سريان أحكامه أوجبت المادة 193 من الدستور إجراء الاستفتاء على الدستور ونصت على العمل به من تاريخ إعلان موافقة مجلس الشعب عليه في الاستفتاء ولقد أجرى الاستفتاء على الدستور الحالي في الحادي عشر من سبتمبر سنة 1971 وأصبح نافذا من هذا التاريخ وبذلك تكون هذه المادة قد استنفذت الغرض من وضعها الاستفتاء على المرشح لرئاسة الجمهورية قبل سنة 2005 كانت المادة 76 من الدستور قبل تعديلها سنة 2005 تحدد الإجراءات الخاصة بالترشيح لرئاسة الجمهورية حيث كانت هذه الإجراءات تتم على مرحلتين هما الترشيح من جانب مجلس الشعب ثم عرض هذا المرشح على المواطنين لاستفتائهم فيه فإذا حصل هذا المرشح على الأغلبية المطلقة للمواطنين الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء اعتبار رئيسا للجمهورية .
كما حدد الدستور حالتين يجوز لرئيس الجمهورية أن يستفتى الشعب فيهما الاستفتاء على النزاع بين مجلس الشعب والحكومة حيث أجازت المادة 127 من الدستور لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في النزاع الذي يحدث بين مجلس الشعب والحكومة إذ منحت هذه المادة مجلس الشعب حق تقرير مسئولية رئيس مجلس الوزراء واشترطت لصحة هذه الإجراء أن تكون بعد استجواب موجه إلى الحكومة وأن يكون بناء على طلب مقدم من عذر أعضائه وأخيرا أن يصدر القرار بأغلبية المجلس بعد ثلاثة أيام من تقديم الطالب . فإذا صدر القرار بتقرير المسئولية على النحو السابق يقوم مجلس الشعب بأعداد تقرير يقدمه إلى رئيس الجمهورية ولرئيس الجمهورية أن يرد التقرير إلى المجلس خلال عشرة أيام فإذا عاد المجلس إلى إقراره من جديد جاز لرئيس الجمهورية أن يعرض موضوع النزاع بين المجلس والحكومة على الاستفتاء الشعبي .
الاستفتاء على المسائل المتصلة بمصالح البلاد العليا
حيث أعطت المادة 125 من الدستور رئيس الجمهورية سلطة جوازية لاستفتاء الشعب في المسائل التي يقدر أهميتها ويرى أنها متصلة بمصلحة عليه لبلاد
نظام نيابي يجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي :-
يتفرع النظام النيابي إلى ثلاثة أنواع رئيسية تبعا لطريقة تنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية إذا يوجد نظام حكومة الجمعية النيابية أو النظام المجلس الذي تتبع السلطة التنفيذية فيه السلطة التشريعية
ويقوم النظام البرلماني في صورته التقليدية على ركنين أساسيين هما ثنائية الجهاز التنفيذي أي وجود رئيس دولة غير مسئول سياسيا وزارة مسئولة من ناحية والتوازن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية أخرى بينما يقوم النظام الرئاسي على ركنين أساسيين هما وجود رئيس جمهورية منتخب من الشعب يجمع بين رئاسة الدولة والحكومة مجلس الوزراء من ناحية والفصل التام بين السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية من ناحية أخرى
ولقد تأكد الاتجاه في الدستور الحالي لسنة 1971 إلى تدعيم مظاهر النظام البرلماني إذ خذ الدستور الحالي قاعدة ثنائية الجهاز التنفيذي التي تمثل الركن الأول للنظام البرلماني عن طريق الفصل بين شخصية رئيس الدولة ورئيس الوزراء وأقام نظام مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيس الوزراء وجعل وضع السياسة العامة أمرا مشتركا بين الحكومة ورئيس الجمهورية وأصبحت الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة ورتب على ذلك تقرير المسئولية التضامنية للوزراء أمام مجلس الشعب فضلا عن المسئولية الفردية للوزراء .
ولقد أدى ذلك إلى اختلاف الفقه الدستوري حول تحديد طبيعة النظام النيابي الذي أخذ به الدستور الحالي الصادر سنة 1971 حيث برزت ثلاثة اتجاهات رئيسية في هذه المسألة حيث ذهب الاتجاه الأول منها إلى القول بان النظام الذي يتضمنه الدستور الحالي هو نظام رئاسي في جوهرة كما كان الحال في الدساتير الجمهورية السابقة حيث منح رئيس الجمهورية سلطات فعلية يزاولها بنفسه وليس بواسطة وزرائه .
بينما رأي الاتجاه الثاني أن الدستور الحالي قد أخذ بعدة مظاهر للنظام البرلماني في مجال العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بجوار عدد من مظاهر النظام الرئاسي في ميدان السلطات التي قررها لرئيس الجمهورية فأوجد بذلك نوعا من المزاوجة او المساواة بين مظاهر النظامين .
وأخيرا اتجهت غالبية الفقه الدستوري في مصر إلى أن دستور سنة 1971 قد اعتنق النظام البرلماني بصفة أساسية حيث تبنى مبدأ ثنائية الجهاز التنفيذي ونص على وجود مجلس وزراء يرأسه رئيس الوزراء وقرر اختصاصات فعلية للوزارة تتمثل في اشتراكها في وضع السياسة العامة مع رئيس الجمهورية وقيامها بتنفيذها
كما أخذ الدستور الحالي بمبدأ التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ومنح كل سلطة منها وسائل للرقابة المتبادلة ولهذا فإن رئيس الجمهورية لا يستطيع مباشرة سلطانه إلا عن طريق الوزراء رغم عدم النص على ذلك تطبيقا لمبدأ تلازم السلطة والمسئولية لأن الوزراء التي اشتركت في وضع السياسة العامة وهي المسئولية عنها أمام مجلس الشعب .
ولا شك في رأينا أن الدستور المصري الحالي قد أخذ بالأركان الأساسية التي تكون جوهر النظام البرلماني وخاصة ثنائية السلطة التنفيذية بالفصل بين منصب رئيس الدولة ومنصب رئيس مجلس الوزراء بكل ما يترتب عليه من نتائج وأهمها عدم المسئولية السياسية لرئيس الدولة ومسئولية الوزراء التضامنية والفردية أمام مجلس الشعب وكذلك مبدأ التعاون والتوازن السلطتين التشريعية والتنفيذية فقرر مسئولية الوزراء أمام مجلس الشعب وأعطى لأعضاء هذا المجلس الحق في توجيه أسئلة واستجوابات إلى أعضاء السلطة التنفيذية وكذلك الحق في إجراء تحقيق وفي طرح موضوع عام للمناقشة .
ومن مظاهر النظام الرئاسي في دستور سنة 1971 بعض نصوص هذا الدستور التي تعطي لرئيس الجمهورية دورا فعالا وحقيقا في رسم السياسة العامة للدولة ومن ذلك المادة 137 التي تنص على ان يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ويمارسها على الوجه المبين في الدستور والمادة 138 التي تنص على ان يضع رئيس الجمهورية بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها على الوجه المبين في الدستور
وبذلك يمكننا القول 00بان الدستور المصري الحالي قد أخذ بنظام ديمقراطي نيابي مختلط بجميع بين بعض مظاهرة كل من النظامين البرلماني والرئاسي ويأخذ في ذات الوقت ببعض مظاهرة الديمقراطية شبه المباشرة
المبحث الثاني: .
التعريف النظام السياسي :

التعريف التقليدي للنظام السياسي هو نظام الحكم بمعنى المؤسسات الحكومية الثلاث: تنفيذية وتشريعية وقضائية ، والتي تقوم بمهمة الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الخارجية وضمان الترابط الداخلي ،هذا التعريف للنظام يربط النظام السياسي بالدولة ، وهو تعريف مستمد أساسا من التعريف التقليدي لعلم السياسة بأنه علم الدولة ، إلا أن التطور الذي عرفه علم السياسة مع تطور وتعقد الحياة السياسية وتجاوزها لحدود الدولة ، دفع بعلماء السياسية إلى تعريف علم السياسة كعلم السلطة ، وعليه ،أصبح النظام السياسي يعرف كمفهوم تحليلي أكثر مما هو نظام مؤسساتي مضبوط كما توحي كلمة نظام ،وضمن هذه الرؤية عرفت موسوعة العلوم السياسية ،النظام السياسي هو " مجموع التفاعلات والأدوار المتداخلة والمتشابكة التي تتعلق بالتخصيص السلطوي للقيم ، أي بتوزيع الأشياء ذات القيمة بموجب قرارات سياسية ملزمة للجميع (دافيد استون )،أو التي تتضمن الاستخدام الفعلي أو التهديد باستخدام الإرغام المادي المشروع في سبيل تحقيق تكامل وتكيف المجتمع على الصعيدين الداخلي والخارجي (جابرييل الموند ) ،أو التي تدور حول القوة والسلطة والحكم (روبرت دولُ )، أو التي تتعلق بتحديد المشكلات وصنع وتنفيذ القرارات السياسية " .
وهذا يعني أن النظام السياسي قد يشمل الدولة ولكنه قد يتجاوزها ليستوعب علاقات وتفاعلات سلطوية إما مشمولة بالدولة كالأحزاب والجماعات العرقية والطائفية ذات الثقافات المغايرة والمضادة للدولة ، وإما تتعدى حدود الدولة كظاهرة الإرهاب الدولة أو العنف متعدي القوميات أو حركات التحرر الوطني أو التداعيات السياسية للعولمة.
وفي جميع الحالات ،فان مؤشرات وجود الظاهرة أو التركيبة السياسية التي يمكن تسميتها بالنظام السياسي هي التالي :
قيادة سياسية ذات سلطة أكراهية – بدرجة ما-
مؤسسات سياسية شرعية
هدف محل توافق وطني
إستراتيجية عمل وطنية – ثوابت قومية

كيف يشتغل النظام السياسي

كثير من المظاهر في حياة الأنظمة السياسية نراها يوميا ونتابعها في مختلف مستويات الحكم وعبر وسائل الإعلام ونحاول دائما أن نلم بحيثياتها وكيفية صدورها ونشوئها مثل: القرارات، الإقالات، التعيينات، الخطابات السياسية، الانتخابات، التعديلات الكبرى على القوانين والدساتير الاتفاقيات وغيرها من المظاهر التي تميز النظام السياسي. وتيسر علينا فهم القرارات التي يصدرها النظام السياسي أي إدراك السلوك السياسي الذي سيتبعه النظام في صنع القرارات، كذلك أن النظام السياسي يمر بفترة نشاط وقوة وحركية كما أنه في نفس الوقت يمر بفترات التأزم وربما السقوط إذا لم يتمكن من حماية نفسه.
وقبل التطرق إلى الكيفية التي يشتغل بها النظام السياسي نرى أنه من الضروري أن نحدد ونعرف ماهية النظام السياسي، فما هو تعريف النظام السياسي:
تعريف النظام السياسي:-

يتحرك النظام السياسي عبر ثلاث مستويات،
المستوى الأول: صنع القرار
حيث يتم في هذا المستوى اتخاذ القرارات على مختلف مظاهرها فقد يكون القرار، خطاب سياسي من أجل التهدئة أو خطاب سياسي من أجل التنفيس عن ازمة داخلية يمر بها النظام نفسه موجهة لأحد أطرافه محاولة من هم على رأسه تهديد هذه الأطراف وتحجميها، ويمكن أن يكون القرار كذلك تعديلا دستوريا، أو رفض قوانين محل نقاش، أو تأجيل التوقيع على القوانين أو معاهدات أو اتفاقيات، ويمكن أن يكون القرار تعيينات مهمة في مناصب عليا في هرم النظام أو إقالات في نفس المستوى.
ويصنع القرار في النظام السياسي عدة دوائر منها الدوائر الرسمية التي تشكل بنية النظام القانونية ودوائر غير رسمية مثل رجال المال، الجماعات الضاغطة، الأحزاب المعارضة، المجتمع المدني وكذلك القوى الدولية، هذه الدوائر يستشيرها النظام السياسي من خلال هيئات استشارية تقوم بعملية الرصد والبحث والاستشراف تساعد في بلورة وبناء القرار المراد صنعه واتخاذه
.
المستوى الثاني: تنفيذ القرار
ويمثل هذا المستوى الجهاز التنفيذي بمختلف فروعه وآلياته مثل الحكومة، الوزارات، الولاية، الدائرة، البلدية وباقي الهيئات التابعة لها زفي أغلب الأحيات يترك المجال للجهاز التنفيذي في وضع آليات تنفيذ القرار.
وتنفيذ القرار يعتبر أحد المظاهر التي تجعل النظام السياسي يمتلك المصداقية، وأي نظام لا تنفذ قراراته يتعرض للهزات سواء تعلق الأمر بالقرار نفسه أو بآليات التنفيذ، ولذلك فمضمون القرار ينبغي أن يخدم مكونات الدولة والأمة التي يتحرك من خلاله النظام السياسي.
المستوى الثالث: تسويق القرار
وهو ما يطلق عليه بالجهاز الإعلامي ورغم أنه جزء من الجهاز التنفيذي لكنه يحظى بعناية خاصة لأنه هو الوحيد الذي يضمن تنفيذ القرار ودراسة تبعات التنفيذ واستقبال رسائل الرفض أو القبول وفي أحيان كثيرة يقوم الجهاز الإعلامي بجس النبض قبل صنع القرار من خلال أدوات التسويق التي يصنعها النظام السياسي لنفسه كأحد وسائل الحماية والتسويق الإعلامي يحدث كثيرا في الأنظمة السياسية التي لا تتمع بقدر كبير من الشفافية والديمقراطية ولا يعرف بوجه الدقة الجهات التي تصنع القرار.

مرحلة التأزم في صنع القرار
أحيانا يجد النظام السياسي نفسه في وضع حرج ولا يستطيع الاستجابة إلى كل المطالب التي ترد إليه من مكوناته ويصعب عليه بلورة قرار وتسمى هذا الحالة في السلوك السياسي " بمرحلة التأزم" أي يقع النظام السياسي في أزمة ولا يقدر على اتخاذ القرار، مما يجعله يلجأ إلى الحلول الجراحية التي تمس بنيته خوفا من احتمال سقوطه أو تعرضه إلى ضربات تهز مصداقيته، فيلجأ مثلا إلى حل البرلمان، إقالة الجهاز التنفيذي، تغيير جذري في الخطاب المسوق، تبديل إيديولوجية النظام، وغيرها من الحلول.
وعادة ما يقوم بهذا العمل مؤسسات استشرافية يقوم النظام بتأسيسها تمده بالحلول والبدائل وبالسياسات.
الحماية الذاتية أو السقوط
كل نظام سياسي يعمل على ضمان استقراره واستمراره ، وإذا ما أحس بعملية تهديد لكيانه فإنه يلجأ إلى ما يسمى البحث عن وسائل التأييد وعادة ما يستخدم الوسائل الذاتية المتوفرة لديه لكن أحيانا لا تكفي هذه الوسائل فيلجأ إلى الوسائل الخارجية أي الخارجة عن بنيته مثل عقد التحالفات، إلغاء قرارات سابقة، الاستجابة لبعض مطالب الجماعات الضاغطة، التقرب من الأحزاب المعارضة، اللجوء إلى مخاطبة الجماهير مباشرة لجلب التأييد وتخفيف الضغط.
لكن في حالة عدم تمكن النظام السياسي من حماية نفسه فالنتيجة هي سقوط هذا النظام وصعود نظام سياسي جديد وهي أشبه بصراع البداوة والعمران عند ابن خلدون، هذا إذا كانت قواعد تأسيس الأنظمة السياسية واضحة وشفافة ومضبوطة وبعبارة سياسية القواعد الديمقراطية. لأن الكثير من أنظمتنا السياسية في عالمنا العربي يختلط النظام السياسي بالدولة فيقوم هذا بتسويق فكرة أن سقوطه قد يؤدي إلى سقوط الدولة في حد ذاته.
وكمثال على ذلك في الأزمة التي عصفت بالجزائر في سنوات التسعينيات حيث لما ارتبط النظام السياسي بالدولة وأصبح هو هي ، وهي هو كادت أن تسقط الدولة بسبب الضعف الذي وصل إليه النظام السياسي في تلك الفترة.
كل نظام سياسي لا يمتلك وسائل الحماية الذاتية والمقصود بالحماية ليست القوة وإنما مشروع المجتمع وشفافية التسيير وحسن توزيع الثروات على مجموع أفراد المجتمع وعدم التصادم مع مكونات الأمة فإن كل وسائل التأييد الخارجية لا تنفعه لأنها ببساطة ليست من طبيعته فإن لم يكن يمتلك هذه المقومات فإنه حتما سيسقط وسيخلفه نظام آخر لديه مقومات البقاء وهكذا دورة الأنظمة لا تختلف كثيرا عن دورة البداوة والحضارة عند العلامة ابن خلدون
2010

المبحث الثالث:-

نشأة النظام الجمهوري المصري ومبررات وجوده:
نجحت حركة الجيش في 23يوليو 1952واستولت علي السلطة وتحكمت في أمور البلاد ومصائرها ,ولعل الغريب في الأمر هو تلك السهولة التي تحققت بها سيطرة الحركة علي زمام الأمور ,ومن الأمور التي دهشتنا قد تزول ,إذا ما علمنا أن الفارق "قد وجد نفسه وحيدا بمجرد قيام الحركة , إذ تخيلت عنه بريطانيا وقواتها الرابطة في منطقة قناة السويس ,والتي كانت القوة الوحيدة القادرة في حالها تدخلها علي تعديل الموقف لصالح المالك"
ولعل النجاح الأكبر لرجال الحركة ,وقد تحقق من خلال الصياغة المحكمة لبيانها الأول الذي أذيع علي الشعب - من دار الإذاعة المصرية -صباح يوم23 يوليو 1952,باسم اللواء محمد نجيب الذي وصف بأنه القائد العام للقوات المسلحة ولقد نص البيان علي مايلي :- اجتازت مصر فترة عصبية في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم ,وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير علي الجيش ,وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين ,وأما فترة مابعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد ,وتأمر الخونة علي الجيش ,وتولي أمره أما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلي ذلك فقد قمنا بتطهير انفسنا ,وتولي أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفي قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم ,ولابد أن مصر كلها ستلتقي هذا الخير بالابتهاج والترحيب ,أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهولاء لن ينالهم ضرر ,وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب , واني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرا من أية غاية ,وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجا لأعمال التخريب أولا العنف ,لان هذا ليس في صالح مصر ,وان أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقي فاعله جزاء الخائن في الحال وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاونا مع البوليس ,واني اطمئن إخواننا الأجانب علي مصالحهم وأرواحهم وأموالهم ,ويعتبر الجيش نفسه مسئولا عنهم والي الله التوفيق"
واضح من هذا البيان ,مدي حرص رجال الحركة علي إظهار أسبابها التي تمثلت في فساد الجيش وعدم استقرار الحكم ,وذلك في نفس الوقت الذي أكد فيه البيان حرص الحركة علي الدستور وأحكامه ,ثم تأتي بعد ذلك خاتمة البيان والتي قصد فيها طمأنة الجاليات الأجنبية ,حتى لا تتخذ القوات البريطانية من حماية رعايا هذه الجاليات ذريعة للتدخل والقضاء علي الحركة .
وفي 25 يوليو أبلغ علي ماهر الملك برغبة الحركة في إبعاد ستة من رجال حاشيته ,فأذعن بعد تردد إذ كان فاروق حريصا علي استبقاء هولاء الأشخاص في خدمته ثم خضع وأذعن للأمر الواقع ,ويبدوا أن فاروق كان عليه أن يذعن النهاية فمع رابع أيام الحركة "السبت 26يوليو 1952 "حمل علي ماهر إلي الملك انذرا من محمد نجيب اتهم فيه فاروق بالفساد والخيانة وطالبه باسم الجيش وباعتباره ممثلا لإرادة الشعب بأن يتنازل عن العرش لابنه الأمير أحمد فؤاد , وان يغادر مصر في نفس اليوم .
ومع إذعان الملك لهذين المطلبين ,سقط التاج والملك عن فاروق ,بل عن أسرة محمد علي كلها اذ دخلت هذه الأسرة ذمة التاريخ عندما أعلنت الحركة في 18 يونيو 1953عن قيام الجمهورية وإلغاء الحكم الملكي وسقوط حكم أسرة محمد علي التي توالت عرش مصر قرابة مائة وخمسين عاما "بدأت مع تولي محمد علي حكم مصر في مايو 1805"
ولقد جاء قرار "إعلان الجمهورية تتويجا لمجموعة أخري من القرارات التي سبقته ,ففي 10 ديسمبر 1952,أعلن محمد نجيب باسم الشعب سقوط دستور 1923 ,وانه لا مناص من ان تستبدل بذلك الدستور دستورا أخر يمكن للأمة أن تصل إلي أهدافها , حتى تكون بحق مصدرا للسلطات ثم أعقب ذلك القرار صدور مرسوم في 13يناير 1953 بتأليف لجنة مكونة من 50عضوا لوضع مشروع دستور جديد وفي 16 ديسمبر من نفس العام صدر مرسوم بقانون بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أمولها ,وفي 10فبراير صدر من القائد العام للقوات المسلحة وقائد حركة يوليو ما سمي بالإعلان الدستوري ,وهو النظام الدستوري المؤقت الذي حكمت به خلال فترة انتقالية تقرر لها ان تستمر لمدة ثلاث سنوات "تنتهي في 16 يناير 1956"وهكذا بدت مصر مرحلة سياسية جديدة تعاقبت فيها الهياكل الدستورية الأمر الذي انعكس بدوره علي واقع الحياة السياسية التي عاشتها مصر والتي شهدت من الملامح والمتغيرات


مبررات وجود النظام الجمهوري المصري:
صعوبة توصيف النظام أولا:-
توصيف نظام الحكم الحالي في مصر ليس بالأمر السهل أو الميسور. أما أسباب هذه الصعوبة فتعود, في تقديري, إلى أمرين رئيسيين: الأول: وجود مفارقة واضحة بين ظاهر النظام وباطنه. فالنصوص تقول شيئا بينما الواقع يقول شيئا آخر مختلفا, والدستور يقول شيئا بينما القوانين واللوائح تقول شيئا آخر مختلفا, والخطاب السياسي والأيديولوجي يقول شيئا بينما الأجهزة والمؤسسات تمارس سلوكا آخر مختلفا.
والثاني: فيعود إلى عدم تطابق الخصائص الظاهرة أو الباطنية لهذا النظام بالكامل مع أي من التصنيفات الأكاديمية المتعارف عليها.
ولذلك يصعب اعتبار نظام الحكم المصري نظاما "شموليا" بالمعنى الأكاديمي للكلمة, على الرغم من أنه ينطوي على العديد من سمات الأنظمة الشمولية, أو نظاما تسلطيا أو ديكتاتوريا, على الرغم من أنه يحتوي على العديد من سمات الأنظمة التسلطية أو الدكتاتورية, كما لا يمكن اعتباره في الوقت نفسه نظاما ديمقراطيا, رئاسيا أو برلمانيا أو مختلطا, بالمعنى الأكاديمي للكلمة, على الرغم من أنه يحتوي على بعض سمات التعددية التي تعتبر إحدى ركائز النظم الديمقراطية.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي, فلا يعتبر النظام المصري نظاما رأسماليا أو اشتراكيا أو حتى مختلطا, بالمعنى الأكاديمي لهذه المصطلحات, على الرغم من أنه يحتوي على بعض سماتها وخصائصها.
وفي سياق كهذا تبدو المصطلحات الأقرب دقة في توصيف النظام المصري أنه "شبه شمولي" و "شبه تسلطي" وغير ديمقراطي في جوهره.
وربما كان أهم ما يلفت النظر في خصائص النظام المصري الحالي والذي أفرزته ثورة الجيش عام 1952 ليحل محل النظام "شبه الليبرالي" أو "شبه الديمقراطي" الذي ولد مع ثورة الشعب في 1919, أن ركائزه ومقوماته السياسية الأساسية ظلت كما هي دون تغيير, على الرغم من التحولات الهائلة التي طرأت على بنية المجتمع المصري وعلى مجمل السياسات والتوجهات الفكرية والأيديولوجية التي تبنتها ثورة يوليو/تموز على كافة الأصعدة, الداخلية والخارجية, وفي جميع المجالات, السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

والواقع أننا إذا أردنا أن نعثر على قاسم مشترك يشكل محور التوصيف الدقيق لنظام بقيت مقوماته الأساسية كما هي رغم تغير السياسات, فلا بد وأن يدور هذا القاسم المشترك حول سمته أو خاصيته "الشخصية" أو "الفردية". فالنظام كله يتمحور حول شخص واحد, هو رئيس الجمهورية, يجمع في يده كل الخيوط ويملك وحده جميع الصلاحيات والسلطات والاختصاصات الأساسية.
فقد كان بوسع هذا الحاكم الفرد أن يقرر على الدوام متى يشاء وكيفما يشاء, وبإرادته المنفردة, كل شئ وأي شئ, بما في ذلك تغيير بنية النظام نفسه. وفيما عدا ذلك اختلفت توجهات النظام وأداؤه وإنجازاته باختلاف شخصية الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم مصر منذ ثورة 1952: جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك, اختلافا جوهريا. ومع ذلك فبوسع الباحث المدقق أن يرصد اختلافا أساسيا بين شكل وطبيعة النظام السياسي الذي أرسته ثورة يوليو قبل وبعد السادات.
شكل وطبيعة النظام:.
النظام الحالي في مصر هو امتداد لنظام ثورة يوليو 1952 الذي يتمحور حول شخص واحد هو الرئيس الذي بيده جميع الصلاحيات والاختصاصات الأساسية
.
فالإعلان الدستوري المؤقت الصادر عام 1953, والذي استمر العمل به حتى عام 1956, عبر عن مرحلة التحول من نظام الحكم الملكي -البرلماني إلى نظام الحكم الجمهوري- الرئاسي. وكان يفترض أن يقنن دستور 1956 هذا التحول بشكل نهائي ويصبح دستورا دائما. غير أن دخول مصر في وحدة فيدرالية مع سوريا استدعى إدخال تغييرات جوهرية على هذا الدستور, مما تطلب إصدار دستور جديد عام 1958 يمكن أن نطلق عليه دستور الوحدة.
وبعد تفسخ الوحدة بانفصال "الإقليم السوري" من ناحية, وصدور القوانين الاشتراكية من ناحية أخرى, فرض إدخال تعديلات دستورية جديدة, وهو ما برر إصدار دستور جديد مؤقت عام 1964.
ثم جاءت هزيمة 67 من ناحية وحركة الطلاب والمثقفين المطالبة بالديمقراطية ودولة المؤسسات من ناحية أخرى, لتضغط من أجل إحداث تغيير جوهري في نظام الحكم اضطر عبد الناصر لتأجيله, رغم اقتناعه الكامل بضرورته, إلى ما بعد معركة "إزالة آثار العدوان" التي كان منهمكا بالكامل في الإعداد لها، ثم وافته المنية قبل أن ينجز أيا من الهدفين: التحرير والديمقراطية.
وفي سياق الصراع المحتدم على السلطة بين السادات وخصومه, والذي حسمه الأول لصالحه, صدر دستور 1971 الحالي. وتكفي نظرة عابرة على هذا الدستور للدلالة على أنه قام في الواقع على افتراض أساسي، وهو أن ثورة 52 وصلت إلى أوج نضجها وبات بوسعها أن تؤسس لنظام سياسي اقتصادي اجتماعي دائم ومستقر.
ووصفت المادة الأولى من الدستور هذا النظام بأنه "نظام اشتراكي ديمقراطي يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة, واعتبرت الشعب المصري الذي يتحدث هذا النظام باسمه "جزءا من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها".
وربما عبر هذا التوصيف بدقة عن مرحلة ما قبل حرب أكتوبر 73, حيث كانت سلطة السادات ما تزال هشة وغير راسخة الجذور. أما بعد هذه الحرب فقد أصبح السادات شخصا مختلفا كل الاختلاف, وبات مقتنعا أنه أنجز ما لم يتمكن عبد الناصر نفسه من تحقيقه ومن ثم فمن حقه, وبوسعه الآن, أن يؤسس لمرحلة جديدة يصنعها هو بنفسه وعلى عينه.
وهكذا راح السادات ينتهج سياسة خارجية وداخلية مختلفة كلية, ترفع شعارات "مصر أولا" و "الانفتاح الاقتصادي" وتقوم في بعدها الخارجي على التقارب مع الغرب والعمل على إيجاد تسوية سلمية للصراع مع إسرائيل, وتحاول في بعدها الداخلي إرساء دعائم لفلسفة وسياسة تنموية مختلفة تعتمد آليات السوق بديلا عن التخطيط المركزي.
المثير للتأمل هنا أن السادات اعتقد أن بوسعه أن يمضي قدما في سياساته الجديدة دون ما حاجة إلى أي تغيير في بنية النظام السياسي أو حتى في نصوص دستور 1971
وحتى عندما وجد نفسه مضطرا إلى إدخال تعديلات على هذا الدستور عام 1980, لم يكن الهدف من هذه التعديلات تغيير البنية السياسية لنظام الحكم لتتواكب مع التحولات التي طرأت على البنية الاجتماعية بسبب سياسة الانفتاح الاقتصادي, ولكن لإحكام قبضته وسيطرته الشخصية على نظام بدا غير قادر على الضبط التلقائي للإيقاع السريع لحركة التغير الاجتماعي التي أطلقها من عقالها.
غير أن أسلوب "الصدمات الكهربائية" الذي انتهجه السادات في إحداث مثل هذا التغيير سرعان ما ارتد إلى نحره وصعقه في أكتوبر/تشرين الأول 1981.
مبارك والنظام المركزي شديد الفردية

وهكذا تسلم مبارك نظام حكم شديد الفردية, ومجتمع في حالة فوران وغليان واحتقان. واختار مبارك أن يبقي على بنية النظام السياسي وعلى التوجه العام للسياسات المتبعة على الصعيدين الداخلي والخارجي كما هي دون تعديل.
غير أن تغييرا عميقا طرأ على الأسلوب والوسائل المعتمدة لتحقيق الأهداف الموضوعة. فقد تم اعتماد طريقة العلاج بالجرعات الدوائية المنضبطة بديلا للعلاج بالصدمات الكهربائية.
ونجحت هذه الطريقة بالفعل في تهدئة وتثبيت الأوضاع لبعض الوقت, قبل أن تبدأ الغيوم في التلبد من جديد.
نظام يعيش أزمة
ويواجه الرئيس في هذه المرحلة أزمة سياسية حادة فرضت عليه أن يطلب من مجلس الشعب تعديل المادة 76 من الدستور, وهي المادة الخاصة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية. غير أن هذه المبادرة تعكس, في تقديرنا, عمق الأزمة وحالة الارتباك التي يواجهها النظام بأكثر مما تساعده على الخروج من مأزقه.
فتغيير طريقة اختيار رئيس الدولة في نظام مركزي شديد الفردية ليست بالأمر الهين أو السهل. ولا شك أن هذه المبادرة تعيدنا إلى المربع رقم واحد وتذكرنا بأن الأزمة التي يواجهها النظام هي أزمة بنيوية, تعلق باختلاف ظاهر النظام عن باطنه والهيمنة المطلقة لفرد واحد عليه, بأكثر مما هي أزمة أشخاص أو حتى أزمة سياسات.

اختلاف ظاهر النظام عن باطنه يتجلى في المفارقة بين نصوص العديد من مواد الدستور الحالي وبين واقع الحال. فالدستور يتحدث عن "نظام اشتراكي ديمقراطي" بينما واقع الحال يقول إنه نظام أقرب إلى الرأسمالية منه إلى الاشتراكية وإلى الاستبداد منه إلى الديمقراطية.
والدستور يتحدث عن "تحالف قوى الشعب العاملة" وعن "التضامن الاجتماعي" وعن "تكافؤ الفرص لجميع المواطنين" وعن كفالة الدولة "مجانية التعليم, وخدمات التأمين الاجتماعي والصحي, ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا, ووضع حد أعلى للأجور يكفل تقريب الفروق بين الدخول" بينما واقع الحال يقول عكس ذلك تماما.
فالنظام يعكس هيمنة رأس المال على الحكم بأكثر مما يعكس تحالف قوى الشعب العاملة, والدروس الخصوصية تفرغ مجانية التعليم من أي مضمون, ولا توجد مظلة للتأمين الصحي أو حد أعلى للأجور. وبوسعنا أن نستطرد هنا كثيرا (راجع المواد من 1-27 من الدستور).

رئيس يهيمن على كل السلطات

أما تركيز السلطة في يد شخص واحد فتجسده صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يعد في الوقت نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية والشرطية, وله حق تعيين رئيس مجلس الوزراء والوزراء والموظفين المدنيين والعسكريين وإقالتهم, وإصدار قرارات لها قوة القانون, وإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين ولوائج الضبط, وإعلان حالة الطوارئ, وحق العفو عن العقوبة أو تخفيفها, وحل مجلس الشعب والاعتراض على ما يصدره من قوانين, بل وله حق طلب تعديل الدستور نفسه.
وإذا كانت بعض الصلاحيات التي يخولها الدستور لرئيس الدولة, خصوصا ما يتعلق منها بحل مجلس الشعب وطلب تعديل الدستور على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر, مشروطة بإقرار شعبي لا حق, فإن هذا الإقرار يتم من خلال استفتاء غالبا ما تكون نتائجه معروفة سلفا ولا توجد أي وسيلة للرقابة على مجرياته والتحقق من صحة نتائجه المعلنة, مما يؤدي إلى قدرة رئيس الدولة على الهيمنة الفعلية على جميع السلطات, بما في ذلك السلطتان التشريعية والقضائية, والتي لا يستقيم أي نظام ديمقراطي بدون تحقيق الفصل والتوازن والرقابة المتبادلة بينها.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن رئيس الدولة في النظام المصري ليس قابلا في الواقع لأي مساءلة او محاسبة سياسية أو قضائية, لأدركنا درجة الفردية والشخصنة التي تعد من أهم سمات هذا النظام . الأخطر من ذلك أن هذا الكم الهائل وغير المحدود من السلطات والصلاحيات يتركز في يد شخص لا يختاره الشعب بالاقتراع المباشر, وإنما يختاره مجلس الشعب بأغلبية الثلثين ثم يطرحه لاستفتاء عام معروفة نتيجته سلفا.

وكانت المادة 77 من الدستور الحالي تحظر ترشيح نفس الشخص لأكثر من ولايتين متتاليتين مدة كل منهما ست سنوات. ولو أن هذه المادة كانت قد ظلت سارية المفعول لتمتع النظام ببعض القدرة على تجديد قياداته ولو من داخله. غير أن السادات سارع, وفي أول أزمة حادة يواجهها نظام حكمه, بتعديل هذه المادة لتطلق فترات الولاية المتتالية دون سقف أو تحديد.

ومن المفارقات أن الرجل الذي عدل هذا النص ليخلد في الحكم لم يكن هو الذي استفاد من هذا التعديل, وشاءت الأقدار أن يكون خلفه هو المستفيد الرئيسي منه. فالرئيس مبارك يستعد الآن للترشيح لولاية خامسة, رغم أن عمره يقترب من الثمانين.
على صعيد آخر يلاحظ أن دستور 1971 والذي اعتمد في صيغته الأصلية نظام الحزب الواحد, وليس نظام تعدد الأحزاب, لم يشكل أي قيد على حرية الرئيس السادات في إدخال ما يراه من تعديلات على بنية النظام السياسي نفسه. فهو الذي قرر بعد حرب 73 الانتقال من صيغة الحزب الواحد إلى صيغة المنابر المتعددة داخل نفس الحزب, وهو أيضا قرر الانتقال من تجربة المنابر المتعددة داخل الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية.
والغريب أن هذا التغير الجوهري في طبيعة النظام تم دون ما حاجة لتعديل مسبق في الدستور!
وقد حرص السادات, في بداية التجربة الحزبية, أن ينأى بنفسه بعيدا عن الأحزاب ويبقى حكما فوق الجميع, مفضلا أن يعهد لرئيس الوزراء برئاسة الحزب الحاكم. غير أن تجربة التعددية الحزبية ما لبثت أن واجهت اختبارين قاسيين, الأول: بمناسبة اندلاع انتفاضة الخبز يومي 17 و18 يناير/كانون الثاني 1977 بسبب التقلصات الاجتماعية التي أحدثها "الانفتاح الاقتصادي" والذي لم يتردد كاتب في حجم أحمد بهاء الدين من وصفه بأنه "انفتاح السداح مداح" والثاني: بمناسبة المعارضة الشعبية الواسعة لمعاهدة السلام المنفردة مع إسرائيل والتي أدت إلى عزلة مصر عن عالمها العربي، وتقلص دورها ووزنها الإقليمي والعالمي.
وفي زخم النشاط الحزبي الواسع المعارض لهذه السياسات، أصدر السادات مجموعة القوانين التي عرفت باسم القوانين سيئة السمعة, والتي قطعت الطريق أمام أي تحول ديمقراطي حقيقي, وقام بتشكيل حزب جديد تولى رئاسته بنفسه.
ومنذ ذلك التاريخ اختلطت الأمور وتاهت الحدود بين رئاسة الدولة ورئاسة الحزب, وتحول الحزب الحاكم في واقع الأمر إلى اتحاد اشتراكي جديد اسمه "الحزب الوطني الديمقراطي".
وهكذا تحول النظام السياسي المصري شكلا, من نظام يقوده حزب واحد إلى نظام متعدد الأحزاب, وبالتالي قابل نظريا للتطور في الاتجاه الديمقراطي الصحيح, إلا أنه أصبح من الناحية الفعلية نظاما مغلقا على نفسه بالكامل, بل وغير قابل للتطوير في الاتجاه الديمقراطي الصحيح إلا بتعديل جوهري في بنيته وفي مقوماته. وهذه هي خصائص النظام الذي ورثه مبارك.
وللإنصاف فقد تراجع مطلب تعديل بنية النظام السياسي في بداية حكم مبارك بسبب الظروف المأساوية التي جرى فيها اغتيال رئيس الدولة, والإحساس المتزايد بخطورة التنظيمات المتطرفة في وقت لم تكن عملية تحرير سيناء قد اكتملت بعد

ولذلك تجاوبت قطاعات عريضة مع أولويات النظام في استكمال تحرير سيناء, والجهود الرامية لإصلاح الاقتصاد والبنية الأساسية, واستعادة دور مصر العربي وعودة الجامعة العربية, وغيرها من الأولويات, خصوصا وأن الرئيس مبارك سعى للتهدئة ولم يقم بأي إجراءات استثنائية أو استفزازية أو متشنجة تؤدي لاحتقان الساحة السياسية, مما ساعد على تحقيق إنجازات واضحة في البداية خصوصا بمجال تحسين البنية الأساسية.
غير أنه بمرور الوقت, ومع استمرار بقاء نفس القيادات الرئيسية في مواقعها لفترات طويلة بدأت تظهر أعراض لمظاهر فساد سياسي واقتصادي كبير ومتجذر, وبدأ شعور قطاعات عريضة من المواطنين يتزايد بأن النظام مسخر لخدمة الطبقات الغنية وعلى حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة, وراحت البطالة تتزايد وأصبحت الحياة أكثر قسوة بالنسبة للطبقات محدودة الموارد والدخول، في وقت تزداد فيه تكاليف المعيشة وتتدهور الخدمات خصوصا التعليم والصحة.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية بدأ يتضح تدريجيا أن عودة مصر للصف العربي لم تساعد على تحصين المنطقة ضد الأخطار التي تتهددها, وأن أوضاع الأمن في المنطقة ككل بما فيها الأمن القومي المصري تتدهور لصالح إسرائيل.
وعندما بات واضحا أن الحزب الوطني عاجز عن تجديد نفسه من داخله، وراحت البلادة تشيع في أوصال الحياة السياسية كلها، بدأ الناس يصابون بالإحباط واليأس. فلا النظام قادر على أن يجدد دماءه من داخله، ولا أحزاب المعارضة التي أصابها حصار الحكومة من ناحية وأمراضها الداخلية من ناحية أخرى بشيخوخة مبكرة, قادرة على إفراز بديل.
وعلى خلفية من هذا التدهور العام والإحساس الشامل بالإحباط والخوف من المجهول, راح الرأي العام ينشغل بقضيتين جديدتين لهما صلة ببنية النظام السياسي وبمستقبل مصر.
الأولى: عدم إقدام مبارك على تعيين نائب له, والثانية: الدور المتزايد لجمال (نجل الرئيس) في الحياة العامة, خاصة بعد تعيينه أمينا للجنة السياسات التي همشت لجان الحزب الوطني وأنشطته الأخرى.
وكان من الصعب عدم الربط بين القضيتين في أذهان الناس. وهكذا راحت الشائعات تتزايد حول توريث السلطة، وراجت التكهنات بانشغال النخبة الحاكمة كلها, وخاصة تحالف المال والسياسة فيها, بالبحث عن طريقة كي يخلف جمال مبارك والده في السلطة.
ورغم النفي المتكرر لهذه "الشائعات" على أعلى المستويات, فإن فقدان النظام لمصداقيته في مجالات أخرى ساعد على تثبيت الشائعة أكثر مما ساعد على نفيها.
وفي سياق كهذا لم يعد نظام الحكم الذي أرست دعائمه ثورة يوليو بأذهان الكثيرين, مجرد نظام حكم شخصي أو فردي أو متسلط أو غير ديمقراطي, أو نظام حكم يتسم بوجود فجوة واسعة بين ظاهره وباطنه وبين ما يقوله وما يفعله, ولكنه أصبح أيضا نظاما جمهوريا في طريقه إلى الانتقال من نظام "الزعيم الملهم" أو "رب العائلة" إلى نظام الأسرة الطامحة في التحول من أسرة حاكمة إلى أسرة مالكة.
وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الصورة تتطابق مع واقع الحال وحقيقة الأوضاع أم أنها مجرد وهم أو خيال, إلا أنها راحت تثبت في أذهان قطاعات تتسع على الدوام. وهكذا أضيف للنظام صفة جديدة تسهم في دعم المطالب الخاصة بتغيره
النظام الدستوري المطبق :-
النظام الدستوري المطبق حاليا في جمهورية مصر العربية (1971)
تضمنت ديباجة الدستور المؤقت الذي أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1964,أن نفاذه يبدأ من 25مارس 1964الي أن يقوم مجلس الأمة -الذي يتولي السلطة التشريعية -بوضع مشروع الدستور الدائم لمصر ,علي ان يطرح مشروع هذا الدستور علي الشعب للاستفتاء لكي يمنحه من إرادته الحرة القوة التي تجعله مصدرا لكل السلطات .
وبالفعل تشكلت لجنة تحضيرية من بين أعضاء مجلس الأمة للقيام بمهمة وضع مشروع الدستور , وبدأ اللجنة العمل في يونيه 1965ولكن استغرق عملها وقتا طويلا حق وقع العدوان الإسرائيلي في 5 يونيه 1967 فتوقفت إجراءات وضع هذا المشروع .
ثم أصدر رئيس الجمهورية بيان في 3مارس 1968 الذي أوكل امر وضع مشروع الدستور الدائم إلي المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي , علي ان يستفتي عليه الشعب بعد إزالة أثار العدوان .
غير أن الرئيس جمال عبد الناصر توفي في 28سبتمر 1970وخلفه نائب رئيس الجمهورية السيد /أنور السادات وذلك بصفة مؤقتة إلي أن يقوم مجلس الأمة بترشيح رئيس الجمهورية الجديد ثم يعرض هذا الترشيح علي الشعب لاستفتائه فيه طبقا للمادة 110من دستور 1964.
وقد طبقت هذه الإجراءات الدستورية ,وأصبح الرئيس محمد أنور السادات رئيسا للجمهورية بعد ان وافق الشعب علي ترشيحه في الاستفتاء الذي تم في الخامس عشر من أكتوبر عام 1970.
وفي 15مايو 1971 قام الرئيس أنور السادات بحركة تصحيح لمسار ثورة 1952 وذلك بالتخلص من مراكز القوي التي طالما عبثت بحقوق وحريات المواطنين وكانت هذه الحركة -المسماه بثورة مايو 1971- تسعي لإقرار سيادة القانون وقيام دولة المؤسسات الدستورية الديمقراطية لهذا اتجه رئيس الجمهورية إلي ضرورة الإسراع بوضع الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية علي أساس ديمقراطي سليم وهو الأمر التي تم في سبتمبر عام 1971 حيث أصبح الدستور الدائم نافذا بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء .
طبيعة نظام الحكم في مصر:-
إن جمهورية مصر العربية هي جمهورية ديمقراطية يقوم نظام الحكم فيها علي المبادئ الديمقراطية المعروفة ,ونجد ان نظام الحكم الدستوري في مصر يأخذ بصفة أساسية بالنظام النيابي , وان قرر الي جواره بعض مظاهر نظام الديمقراطية شبه المباشرة بصفة استثنائية ,فقد تم الاتفاق علي ان نظام الحكم في دستور 1971 قد قرر بصفة أصلية النظام البرلماني ولكن مزج به بعض خصائص ومظاهر النظام الرئاسي .
أولا : نظام الحكم ديمقراطي :-

إن نظام الحكم في دستور 1971هو نظام دستوري أي نظام يتطابق مع المذهب الديمقراطي ,وقد حرص الدستور ذاته وفي مادته الأولي علي التمسك بإقامة نظام الحكم بطريقة ديمقراطية ,فقد نصت المادة الأولي علي ان "جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي ...."
ويلاحظ أن الدستور رأي في نفضيل مبد أسيادة الشعب علي مبدأ سيادة الأمة , علي اعتبار أن مبدأ سيادة الشعب في مضمونه أكثر تعميقا للديمقراطية لأنه يسمح بالأخذ بالديمقراطية المباشرة أوشيه المباشرة وليس فقط في النظام النيابي كما هو الشأن في مبدأ سيادة الأمة ,أيضا مبدأ سيادة الشعب يتفق فقط مع النظام الجمهوري ولايتنا سب ومع النظام الملكي مثل مبدأ سيادة الأمة ,ومن ناحية أخري فضلا عن مبدأ سيادة الشعب , طبق الدستور مبدأ الفصل بين السلطات الذي لا قيام للديمقراطية بدونه ,فالسلطة التشريعية يتولاها مجلس الشعب المنتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر , والسلطة التنفيذية يتولاها ويمارسها رئيس الجمهورية بالاشتراك مع مجلس الوزراء ,والسلطة القضائية بدورها مستقلة عن باقي السلطات العامة ولكن الفصل بين السلطات ليس فصلا مطلقا ولكن فصلا مرنا لان الدستور قرر وجود علاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية طبقا لمبادئ النظام البرلماني , ومن ناحية ثالثة قرر الدستور الحقوق والحريات العامة المعترف فيها في النظم الديمقراطية
ثانيا:النظام النيابي :-
إذا كان نظام الحكم في دستور 1971 ديمقراطيا ,فأي صورة من صور الديمقراطية أخد بها الدستور؟
دراسة الدستور تبين انه أخد بصفة أصلية وأساسية بالنظام النيابي , وانه كان قد خرج عليه في بعض الحالات الاستثنائية قرر فيها بالأخذ بالاستفتاء الشعبي كمظهر من مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة , ولكن الجوهر الأساسي يبقي النظام النيابي ,ونحن نعرف أن أركان النظام النيابي هي علي التوالي : وجود برلمان منتخب من الشعب ,وان هذا البرلمان يجب أن يمارس سلطة فعلية في التشريع ,نيابة البرلمان يجب أن تكون مؤقتة في مدتها :عضو البرلمان يمثل الأمة كلها ,وأخيرا استقلال البرلمان عن هيئة الناخبين .
وتطبيقا لهذه البادئ نص دستور 1971 علي وجود البرلمان المنتخب من الشعب وهو مجلس الشعب , وأعضاء هذا المجلس يختارون بطريقة الانتخاب المباشر السري العام (م87من الدستور ) ومجلس الشعب يرأس اختصاصات فعلية في التشريع وفي إقرار السياسة العامة والخطة العامة والموازنة العامة للدولة وكذلك في الرقابة علي الحكومة (م86).
أيضا قرر الدستور توقيت مدة نيابة مجلس الشعب خمس سنوات تبدأ من تاريخ أول اجتماع له (م92) , غير أن الدستور لم بنص صراحة علي ركنين من أركان النظام النيابي , وهما تمثيل عضو البرلمان للدولة كلها , واستقلال البرلمان عن هيئة الناخبين وموقف دستور 1971 من ناحية عدم الرد الصريح علي هذين الركنين يماثل موقف دستور 1956 والدستور المؤقت لعام 1964.
ورغم الافتراض بوجود هذا الركن للنظام النيابي في الدستور إلا أننا كنا نفضل أن بنص الدستور بشكل صريح لأنه يبدو آن عددا غير قليل من نوابنا يعطون اهتماما أكثر من اللازم لمسائل ناخبيهم وإلا بماذا نفسر تغيب الكثير من النواب عن جلسات مجلس الشعب .
أما بالنسبة للركن الأخير للنظام النيابي وهو استقلال البرلمان عن هيئة الناخبين فان عدم النص عليها يأتي من أن الدستور قد قرر مع النظام النيابي الرجوع الي هيئة الناخبين في صورة الاستفتاء الشعبي ,وهذا يتعارض مع مبدأ استقلال البرلمان .
ثالثا : الأخذ ببعض مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة :
1- الموافقة علي الدستور :فالمادة 193من الدستور تطلب موافقة الشعب عليه بالاستفتاء , وذلك حتى يصبح الدستور نافذا ومطبقا وقد انتهي العمل بهذه المادة بعد إقرار الشعب للدستور في 11 سبتمبر1971
2- تعديل الدستور :- في حالة تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ,تطلبت المادة 189من دستور1971 إجراءات خاصة شديدة تعبر الطبيعة الجامدة لهذا الدستور ولم تكتف المادة 189 بموافقة مجلس الشعب علي التعديل المقترح بأغلبية ثلثي أعضائه بل تطلبت لنفاذ تعديل إقرار الشعب له مباشرة عن طريق الاستفتاء .
3- اختيار رئيس الجمهورية : طبقا للمادة 76 من الدستور تمر عمليا اختيار رئيس الجمهورية بمرحلتين , المرحلة الأولي هي قيام مجلس الشعب بترشيح من يتولي منصب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بناء علي اقتراح سبق تقديمه من ثلثي الأعضاء,أما المرحلة الثانية وهي عرض المرشح لرئاسة الجمهورية علي الشعب لاستفتائه فيه , ولا يصبح هذا المرشح رئيسا للجمهورية إلا بموافقة أغلبية المواطنين الذين اشتركوا في الاستفتاء.
4- حالة الظروف الاستثنائية طبقا للمادة 74من الدستور: لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أدائها الدستوري ان يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بيانا إلي الشعب ويجري الاستفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذه .
5- حالة النزاع بين ملس الشعب ورئيس الوزراء : قضت المادة 127 من الدستور بأن من حق مجلس الشعب ان يقرر مسئولية رئيس مجلس الوزراء وذلك بشروط وإجراءات معينة , ونظرا لان رئيس ملس الوزراء في دستور 1971 هو رئيس الحكومة ويشرف علي مجلس الوزراء ويمثل أعضائه فان الحقيقة تقرير المسئولية التضامنية للحكومة او للوزارة بجميع أعضائها .
وهذا النزاع بين مجلس الشعب والحكومة ممثل بشخص رئيس الوزراء ترك الدستور الي رئيس الجمهورية ان يقرر اذا شاء الالتجاء إلي الشعب لاستفتائه فيه فإذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة للحكومة اعتبر المجلس منحلا أما إذا جاءت نتيجة الاستفتاء مؤيدة لمجلس الشعب في تقرير المسئولية رئيس الوزراء فان رئيس الجمهورية عليه ان يقبل استقالة الوزارة .
6- الاستفتاء علي حل مجلس الشعب : طبقا للمادة 136 من الدستور لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس الشعب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب وفي هذه الحالة يصدر رئيس الجمهورية قرارا بوقف جلسات المجلس وإجراء الاستفتاء خلال ثلاثين يوما فإذا أقرت أغلبية من اشتركوا في الاستفتاء حل المجلس اصدر رئيس الجمهورية قرارا به .
7- الاستفتاء السياسي : وهذه الحالة الأخيرة هي أهم حالات وصور الاستفتاء الشعبي جميعا , ويمكن ان نسميها بالاستفتاء السياسي وقد نصت عليها المادة 152 من الدستور بقولها "لرئيس الجمهورية ان يستفتي الشعب في المسائل الهامة والتي تتصل بمصالح البلاد العليا والدستور هنا يترك لرئيس الجمهورية سلطة تقدير الرجوع الي الاستفتاء الشعبي في اي مسألة سياسية هامة يراها متصلة بمصلحة عليا
القانون الدستوري (المبادئ الدستورية العامة -دراسة النظام الدستوري المصري )
الفصل الثاني :-

نشأة الأحزاب السياسية وتطورها
في النظام السياسي المصري
يمكن العودة بالتجربة الحزبية المصرية إلى نهاية القرن التاسع عشر ، وفي هذا الشأن يمكن تصنيف الأحزاب السياسية التي نشأت منذ ذلك الوقت وحتى عام 1952 إلى مرحلين : -

أولاً
مرحلة ما قبل ثورة عام 1919

دخلت مصر مرحلة جديدة بتأسيس مجلس شورى النواب عام 1866 ، وبالرغم من أن هذا الكيان كان كياناً استشارياً ، فقد لعب دوراً في تطور الحياة السياسية ، وتوفير أجواء للتفكير في العمل الحزبي . ويعتبر المؤرخون الحزب الوطني الذي نشأ على يد العرابيين عام 1879 ، أول الأحزاب السياسية في تاريخ مصر ، في حين يعتبر البعض الآخر أن هذا التنظيم لم يكن سوى تكتل جبهوي ، نتيجة افتقاده لصفة التنظيم ، ولوسائل الاتصال الكافية مع الجماهير . وكان هدف هذا الحزب هو مقاومة النفوذ الأجنبي ، وإنقاذ مصر من الإفلاس والدعوة للإصلاح وتنظيم التعليم . وقد تزعم الجناح العسكري للحزب أحمد عرابي ، في حين ترأسه سياسياً محمد حليم باشا . وقد وقع على برنامج الحزب شيخ الإسلام وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود . وقد انتهى الوجود العملي لهذا الحزب بنفي العرابيين ، وخيانة بعض أعضائه من خلال تحالفهم مع الخديوى توفيق ، ثم جاء الاحتلال ليطوي تماماً صفحة هذا الحزب من خريطة الحياة السياسية المصرية .
وخلال هذه المرحلة من تاريخ مصر نشأ الجيل الثاني من الأحزاب السياسية ، منذ عام 1907 . ويطلق معظم المؤرخين على هذا العام عام الأحزاب ، حيث أعلن عن تأسيس 5 أحزاب هي الحزب الوطني الحر ، والذي سمي فيما بعد بحزب الأحرار ، وهو حزب موالي لسلطة الاحتلال ، والحزب الجمهوري المصري ، وحزب الأمة بزعامة أحمد لطفي السيد ، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية، وقد تزعمه الشيخ على يوسف . أما الحزب الخامس فكان الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل .
وخلال الفترة من 1908-1922 تكونت بعض الأحزاب كان منها الحزب الدستوري ، وهو من الأحزاب الموالية للخديوي وسلطة الاحتلال ، والحزب الاشتراكي المبارك (اشتراكي متطرف) ، والحزب المصري (طائفي مسيحي) ، وحزب العمال (اشتراكي متطرف) .
ثانياً
مرحلة ما بعد ثورة 1919
حالة الوفد والأحرار الدستوريين

بدأ العهد الليبرالي مع صدور دستور 1923 ، الذي أشار إلى أن جميع السلطات مصدرها الأمة ، ولكنه كان يعبر عن اتجاهين متضادين هما ثورة 1919 والحركة الوطنية المصرية ، ومحاولة القصر الاحتفاظ بأكبر قدر من السلطة .
أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية ، فرغم أنها كانت متباينة فيما بينها ، إلا أن السمة العامة لها هي وجود حزب شعبي قوي هو حزب الوفد ، لم يكن يحترم الأقلية البرلمانية ، وأحزاب أقلية كان معظمها ينتهك الدستور ويزيف الانتخابات بالاعتماد على القصر . وعلى هذا الأساس ، أخفق النظام الحزبي في وظيفتي التعبير عن المصالح وتجميع المصالح . وإذا أضيف إلى كل ذلك ، هيمنة الحكومة على البرلمان ، وكونها هي المحدد الفعلي لشكله وطبيعته وليس العكس، والصراعات الحزبية التي كانت تتم-على عكس المفترض-خارج البرلمان لتبين كيف تجمد النظام الحزبي المصري ومعه نظام الحكم برمته . وفي هذا الشأن ، يشير البعض إلى وجود نمط عام للأزمة في هذا النظام طيلة تلك الحقبة يتمثل في وصول الوفد إلى السلطة عقب انتخابات حرة ، تم دخول الوفد في صدام مع القصر أو الإنجليز أو كليهما ، فيقيل الملك الوزارة ويكلف أحزاب الأقلية بتشكيلها ، فتؤجل تلك الأخيرة انعقاد البرلمان ذي الأغلبية الوفدية ، فيحل الملك البرلمان وتجرى انتخابات جديدة تزيف لصالح الأقلية ، فيقوم الوفد بسلسلة من الإضرابات الجماهيرية ، مما يدفع الملك إلى إجراء انتخابات حرة يعود بعدها الوفد إلى الحكم . وقد أدت كافة هذه الأمور إلى عدم الاستقرار الحزبي والوزاري والبرلماني ، فخلال تلك الفترة ، تشكلت 38 وزارة بمتوسط عمر 9 أشهر للوزارة الواحدة ، كما لم يكمل أي برلمان مدته الدستورية باستثناء برلمان عام 1945 . وبذلك تكون التجربة النيابية قد أخفقت ، وكان هذا الإخفاق يرجع إلى ثلاثة أبعاد متناسقة ، مؤسسي ، وثقافي ، واجتماعي-اقتصادي .

وعلى أية حال ، فإنه ضمن هذه البيئة ، تكونت العديد من الأحزاب السياسية ، ويمكن تقسيم الأحزاب التي تألفت في تلك الفترة وحتى عام 1952 إلى خمس مجموعات من الأحزاب : -
الأحزاب الليبرالية ، وهي حزب الوفد والأحزاب المنشقة عليه ، وهي الأحرار الدستوريين والحزب السعدي وحزب الكتلة الوفدية .
الأحزاب والجماعات الدينية ، وهي الإخوان المسلمين ، وحزب الله ، وحزب الآخاء ، وحزب الإصلاح الإسلامي .
الأحزاب الاشتراكية ، ومنها حزب مصر الفتاة ، والذي أصبح يسمى فيما بعد بالحزب الاشتراكي ، وعدد من التنظيمات اليسارية مثل حزب العمال الاشتراكي الشيوعي ، والحزب الشيوعي المصري ، وحزب الفلاح المصري ، والحركة الديمقراطية .
أحزاب السراي ، وهي الأحزاب الموالية للملك ، وهي حزب الشعب وحزب الاتحاد الأول والثاني .
الأحزاب النسائية ، هي حزب بنت النيل السياسي ، والحزب النسائي الوطني ، والحزب النسائي السياسي .
وعلى أية حال ، فقد كان من أهم إنجازات ثورة 1919 إلغاء الحماية البريطانية عام 1922 ، وإعلان الدستور ، وإقرار الحياة النيابية ، وكان هذا الأمر الأخير قد بدأته كما هو معروف الثورة العرابية. إضافة إلى ذلك كرس الوفد الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط ، وخروج المرأة إلى مجال العمل العام . على أن الوفد بالمقابل شهد العديد من الصراعات الداخلية أثرت بأشكال متباينة على شعبيته .
وعامة ، فقد كان إقرار دستور 1923 بداية لصراع بين ثلاث قوى هي الوفد ممثل القوى الوطنية ، والإنجليز الساعين لتحقيق مصالحهم ، والقصر الغاضب من القيود المفروضة على سلطاته في دستور 1923 .
وقد جرت أول انتخابات برلمانية عام 1924 وفاز فيها الوفد ، وقام سعد باشا بتشكيل الوزارة ، بعد إجراء انتخابات حرة نزيهة سقط فيها رئيس الوزراء يحي إبراهيم باشا ، وهو رئيس الوزراء الذي صدر في عهده دستور 1923 بعد تصاعد الأصوات المطالبة بصدوره في مشروعه الأصلي ، والتي لعب فيها حزب الأحرار الدستوريين بزعامة عبد العزيز فهمي دوراً كبيراً .

ونقدم بعد ذلك لمحة عن حزبي الوفد والأحرار الدستوريين من خلال التطرق إلى خبرة الممارسة الديمقراطية لهما ، من خلال دراسة نمط توزيع السلطة والاختصاص ، والعلاقة بين النخبة والأعضاء ، وأنماط التفاعل داخل النخبة الحزبية .
1 - نمط توزيع السلطة والاختصاص
كان حزب الوفد من أكثر الأحزاب مركزية من بين الأحزاب والقوى السياسية قبل عام 1952 ، على المستويين الأفقي والرأسي ، وذلك في ظل غياب شبه كامل لأسلوب الانتخاب الذي كان قاصراً على قاعدة الهرم في البناء التنظيمي فحسب ، أي اللجان الفرعية التي كانت تنتخب رئيساً وسكرتيراً في بعض الأحيان ، ولجان الدوائر التي كانت تنتخب من جمعية عمومية في بعض الحالات التي كانت فيها هذه اللجان ولجان الدوائر في نشأتها على لجان المديريات التي تتبعها الدوائر .
كما اتسم بناء حزب الوفد بدور محوري مهيمن لرئيسه بدرجة أعلى مما عرفه حزب الأحرار الدستوريين . فقد تميز الأخير بمحدودية دور رئيسه في عملية الاتصال خلال الأعوام السبعة الأولى قبل أن يتولى محمد محمود رئاسته عام 1929 ، حيث تعاظم هذا الدور حتى رحيله عام 1941 ليتراجع نسبياً بعد ذلك ، ورغم أن حزب الأحرار اعتمد في بنائه على أسلوب الانتخاب بشكل أوسع قليلاً من الوفد ، فقد تشابها في غلبة الطابع المركزي عليهما .
وعلى صعيد اتخاذ القرارات الحزبية ، كان الوفد أقل أحزاب تلك الحقبة ليبرالية ، حيث كان الأسلوب الفردي هو السائد لانفراد رئيس الوفد باتخاذ أهم القرارات ، الأمر الذي لم يكن معروفاً في حزب الأحرار إلا خلال فترة رئاسة محمد محمود ، عندما تغلب الأسلوب الفردي أو الشللي ، بمعنى مشاركة مجموعة محدودة من قيادات الحزب الموالية له في اتخاذ بعض القرارات . ففي هذا الحزب كان أسلوب اتخاذ القرارات يختلف حسب شخصية رئيسه ، حيث كان لمجلس إدارته دور بارز في هذه العملية خلال عهدي عدلي يكن وعبد العزيز فهمي ، ورغم التراجع النسبي لهيمنة رئيس الحزب على اتخاذ القرار بعد رحيل محمد محمود ، فلم يسترد مجلس الإدارة دوره فيها كما كان عليه الحال في السنوات السبع الأولى .


2 - العلاقة بين النخبة والأعضاء
اتسمت العلاقة بين النخبة وأعضاء الحزبين بعدم الديمقراطية إجمالاً . فبالنسبة للمؤتمر العام الذي يمثل أهم حلقة اتصال بين قيادة وقواعد أي حزب ، لم يكن لهذا المستوى التنظيمي وجود في حالة الوفد ، الذي لم يعرف أيضاً التنظيم الحديث للعضوية ، مكتفياً بالعلاقة المباشرة بين قياداته والشارع السياسي بوجه عام .
ورغم أن الأحرار الدستوريين عرف المؤتمر العام في صورة جمعيته التي قامت بتأسيسه ، إلا أن هذه الجمعية لم تنعقد سوى مرتين عامي 1942 و1951 في ظرف كانت وحدة الحزب فيها مهددة . ولم يكن لهذه الجمعية أي دور في النشاط الحزبي .
وعلى صعيد عملية الحراك في القيادة الحزبية ، لم يعرف الوفد أسلوب الانتخاب في عملية تشكيل قيادة الحزب ، التي كانت تتم بالتعيين دائماً ، حيث أنفرد رئيس الحزب باختيار من يروق له . ورغم أن الأحرار لم يعرف أسلوب الانتخاب أيضاً كما كان الحال بالنسبة للوفد ، فقد كان الفارق بينهما أن دور الرئيس في حزب الأحرار لم يكن حاسماً دائماً في تشكيل القيادة ، حيث كانت هناك مساحة للتشاور بين قيادة الحزب في هذه العملية ، بل برزت أهمية هذا التشاور في اختيار رئيس الحزب نفسه .
3 - أنماط التفاعلات داخل النخبة الحزبية
اتسمت أنماط التفاعلات داخل المستوى القيادي للوفد والأحرار الدستوريين بطابع سلطوي بلغ ذروته في الوفد . فبالنسبة لحزب الوفد ، فقد كان الحزب نموذجاً للإدارة السلطوية للعلاقات داخل قيادته ، حيث انعكس الدور المحوري لرئيسه على أساليب إدارة الخلافات ، حيث كان هذا الرئيس قادراً في العادة على حسم أي خلاف بأسلوب سلطوي . وقد أدى ذلك إلى تعرض الحزب لعدة انشقاقات كبيرة .
أما الأحرار الدستوريين ، فكان أسلوب إدارة الخلافات داخله أفضل حالاً بسبب عدم وجود زعامة طاغية للحزب باستثناء فترة محمد محمود . ولتعدد الجماعات التي تكون منها الحزب ، فقد عرف الحزب عملية التصويت الملزم لحسم الخلافات عندما يصعب تحقيق التوافق بين قادة الحزب . ولم يعرف الأحرار أسلوب الحسم السلطوي للخلافات الذي ساد الوفد ، إلا في حالات محدودة معظمها تم خلال فترة رئاسة محمد محمود وأقلها في ظل رئاسة محمد حسين هيكل ، لكن لم يصل هذا الحسم السلطوي لدرجة فصل عناصر قيادته كما حدث في الوفد .
الأحزاب بعد الثورة :-
ربما ليس مستغربا أن تتسم الخريطة السياسية لمصر بعد الثورة بالكثير من السيولة والفوضى، فما حدث في يناير/ كانون الثاني 2011 كان مفاجئا للجميع.
كما أن أحداث الثورة نفسها والوقت القصير نسبيا الذي استغرقته قبل الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، لم يسمحا ببروز قيادة تستطيع أن تزعم أنها الممثل الشرعي والوحيد للثورة. فنشأت بدلا من ذلك عشرات المجموعات التي تعمل على تنفيذ ما تراه مطالب الثورة الحقيقية، من وجهة نظرها.
وإذ تحاول بعض هذه المجموعات أن تتحد مع مجموعات أخرى لتشكيل كيانات أكبر، تشكل عدد لا يسهل حصره من "الائتلافات" و"الجبهات" و"الاتحادات". وفي كثير من الأحيان تكون الاختلافات داخل هذه التحالفات أكبر كثيرا من مساحة التوافق التي تجمعها. فتتحول سريعا إلى تحالفات اسمية فقط.
ورغم أن مرشحي رئاسة الجمهورية الأبرز لا ينتمون إلي أي من الأحزاب والحركات القائمة، فمن المرجح أن تلتف حولهم بعض هذه الحركات، ومن المحتمل أن ينجح بعض هؤلاء المرشحين في خلق كيانات سياسية جديدة من رحم حملاتهم الانتخابية، إلا أن هذا الأمر يبقى مؤجلا على الأقل حتى يتم الإعلان عن موعد انتخابات الرئاسة.
أما في الوقت الحالي فيمكن رسم صورة عامة للحركات السياسية المصرية على النحو التالي:
أهم الأحزاب القديمة
بشكل عام لم تلعب الأحزاب التقليدية دورا يذكر أثناء الثمانية عشر يوما التي امتدت من الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني وحتى تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير/ شباط الماضي. والآن تحاول بعض هذه الأحزاب أن تخلق لنفسها وجودا ما على الساحة السياسية مستفيدة بالميزة النسبية التي تتمتع بها والتي تتمثل في وجود بنية تحتية قائمة (مكاتب، وقوائم أعضاء، وهيكل تنظيمي، وخبرات انتخابية... إلخ).
حزب الوفد هو أحد أهم هذه الأحزاب بتاريخه الممتد إلى قيادة ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني. وهو حزب ليبرالي التوجه ويحاول حاليا تجديد دمائه بإجراء انتخابات داخلية.
ولعب الحزب في الآونة الأخيرة دورا رئيسيا في الدعوة إلى تكوين تحالف عام يضم الكثير من الأحزاب بما فيها حزب الإخوان المسلمين، حزب الحرية والعدالة، للاتفاق على أجندة موحدة للعمل الوطني.
وهناك أحزاب التجمع والناصري والجبهة الديمقراطية وهي أحزاب تعاني من انشقاقات وانقسامات داخلية، خاصة أن بعض كوادرها خرج من عباءاتها لتأسيس أحزاب جديدة بعد الثورة.
أما حزبا الغد والكرامة، فقد أعلن زعيم كل منهما، أيمن نور وحمدين صباحي على التوالي، نيته الترشح للرئاسة، وسيرتبط مصير الحزبين على الأرجح بمدى نجاح زعيميهما في الحصول على نسبة معقولة من أصوات الناخبين في سباق الرئاسة.
وهناك حزب الوسط الذي بدأت محاولات تأسيسه في منتصف التسعينات بانشقاق مؤسسيه عن حركة الإخوان المسلمين، ورغم أنه لم يكن يتمتع بحضور كبير قبل الثورة، إلا أن حظوظه ربما تكون أفضل من غيره حيث أنه يحتل موقعا وسطا بين القوى الإسلامية والأحزاب الليبرالية.
أهم الأحزاب الجديدة
أهم هذه الأحزاب الحرية والعدالة. فهو الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تتمتع بقوة تنظيمية وخبرة سياسية تفوقان بقية الحركات السياسية. ولا يزال هناك التباس بشأن تفاصيل العلاقة بين الحزب والجماعة ومدى الاستقلالية التي يتمتع بها الحزب.
ورغم أن بعض الكوادر الشابة في الأخوان أعلن نيته تأسيس أحزاب أخرى بالمخالفة لقرار قيادات الجماعة، إلا أنه حتى الآن لا تبدو ثمة دلائل على وجود انقسام كبير داخل الأخوان، مما يعزز فرصة "الحرية والعدالة" في الاستفادة بكامل إمكانات الجماعة.
ورغم أن التيار السلفي كان بشكل عام ينأى بنفسه عن دخول معترك السياسة قبل الثورة، فإنه ظهر على السطح بشكل قوي في الشهور الأخيرة. وتم مؤخرا تأسيس حزب "النور" الذي يعبر عن إحدى أقوى الاتجاهات السلفية، وهي الدعوة السلفية في الإسكندرية.
ورغم ما يبدو من حضور ثقافي قوي للسلفيين في المجتمع المصري، فإنهم ليسوا جسما واحدا، كما أن قدرتهم ورغبتهم في لعب دور سياسي مؤثر في المرحلة المقبلة تبقى محل تساؤل.

إلغاء لجنة الأحزاب أزال العقبات أمام القوى السياسية
وعلى الجانب الآخر وردا على إنشاء الإخوان حزب " الحرية والعدالة"، أنشأ رجل الأعمال نجيب ساويرس حزب المصريين الأحرار وهو حزب ليبرالي يبدو منشغلا أساسا بالحيلولة دون سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في مصر ومنع تحويلها إلى دولة دينية.
وسيستفيد الحزب من الإمكانيات المالية والإعلامية الهائلة لساويرس ومن دعم غالبية المسيحيين له. ولكن المرجح أنه سيكون في موقف ضعيف انتخابيا لو أصبح ينظر إليه باعتباره "حزب الأقباط".
ومن الأحزاب الأخرى في التيار الليبرالي حزب مصر الحرية، الذي أسسه عمرو حمزاوي، وهو كاتب ومعلق سياسي شاب وكبير الباحثين في معهد كارنيغي بالولايات المتحدة ، برز نجمه في السنوات الأخيرة من خلال ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام ونشاطه في دوائر سياسية عديدة. ويتمتع حمزاوي بقدر من الشعبية بين الشباب. ولكن لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى تمتع حزبه بقاعدة جماهيرية كبيرة.
وفي مكان ما بين الليبرالية واليسار يقف الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والذي يضم خليطا من قدامى السياسيين والنشطاء الشباب والشخصيات التي تتمتع بسمعة طيبة في مجال العمل العام.
ويقف حزب العدل هو الآخر في موقع وسط بين الليبرالية واليسار وكذلك هو حاله بالنسبة للجدل الدائر بين العلمانيين والإسلاميين. ويتميز "العدل" بكونه حزبا شبابيا إلى حد كبير بالنظر إلى أعمار مؤسسيه وكوادره.
أما حزب العمال فيضم عددا من الرموز اليسارية التقليدية وقيادات عمالية لعبت دورا في الاحتجاجات الاجتماعية العديدة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
ورغم أن الحزب لم يعبر عن وجوده بشكل قوي حتى الآن، إلا أنه يمكن أن يتحول إلى رقم مهم في المعادلة السياسية إذا نجح في أن يصبح تنظيما لملايين العمال والفلاحين المصريين الذين يحاول مخاطبتهم.
ويضم اليسار أيضا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب الشيوعي المصري وحزب مصر الاشتراكي وحركة الاشتراكيين الثوريين . وقد تجمعت جميعا تحت مظلة واحدة وأطلقت عليها اسم جبهة القوى الاشتراكية لكن دون أن تندمج في حزب واحد، وليس واضحا حتى الآن ما إذا كانت هذه الحركات ستنجح في استقطاب أعداد كبيرة أم أنها ستظل مقصورة على دائرة محدودة من المثقفين اليساريين.
قوى غير حزبية
برزت حركة شباب 6 ابريل في السنوات الثلاثة الأخيرة كإحدى أنشط المجموعات الاحتجاجية ضد نظام مبارك. ورغم أن الحركة كانت من مؤسسي ائتلاف شباب الثورة الذي دعا لتظاهرات الخامس والعشرين من يناير إلا أنها انسحبت من الائتلاف مؤخرا احتجاجا على تمثيل مجموعة منشقة عنها في الائتلاف.
وترفض الحركة أن تتحول إلى حزب، مفضلة أن تمارس دورها كجماعة ضغط تتبنى قضايا معينة. وفي الوقت الحالي تركز الحركة نشاطها على حملات التوعية السياسية للمواطنين خاصة في الأقاليم وفي الأحياء الشعبية.
أما "ائتلاف شباب الثورة" فقد برز إبان الثورة كأهم مجموعة شبابية وضم آنذاك ممثلين عن تيارات عدة مختلفة (بالإضافة إلى شباب 6 ابريل ضم الائتلاف ممثلين عن شباب جماعة الإخوان المسلمين وحزب الجبهة والحملة الشعبية لدعم البراد عي ومطالب التغيير ومجموعات أخرى).
ولكن دوره يبدو متراجعا في الآونة الأخيرة بعد أن تحققت معظم المطالب التي كانت تحظى بإجماع أثناء الثورة، وبعد أن مضت قياداته في مشاريع سياسية منفصلة.

الأحزاب والقوى السياسية تجمع على مكافحة آفة الفساد في مصر
وبعد تنحي مبارك بفترة وجيزة انضم الائتلاف بدوره إلى مجموعة أخرى من التكتلات التي لعبت دورا في تنظيم اعتصام ميدان التحرير ليشكلوا معا اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة، والتي ضمت فضلا عن "الائتلاف" خمس مجموعات أخرى ، هي مجلس أمناء الثورة وتحالف ثوار مصر وائتلاف مصر الثورة وشباب 25 يناير والأكاديميين المستقلين.
وقد لعبت "اللجنة التنسيقية" دورا هاما في الفترة التي تلت تنحي مبارك، وذلك من خلال الدعوة للتظاهرات "المليونية" المختلفة أيام الجمعة وتنظيم تلك الاحتجاجات لوجيستيا، للضغط من أجل تحقيق مطالب مختلفة مثل إقالة حكومة الفريق أحمد شفيق وحل جهاز أمن الدولة ومحاكمة رموز النظام السابق.
إلا أن أعضاء "اللجنة التنسيقية" والذين كان للإخوان المسلمين حضور قوي بينهم، انقسموا على أنفسهم عندما ظهرت دعوة للخروج في "جمعة الغضب الثانية" في السابع والعشرين من مايو/ أيار، والتي اتهمها الإخوان بأنها "جمعة الوقيعة بين الشعب والجيش".
وفي محاولة لخلق كيان جامع للقوى المختلفة دعا ممدوح حمزة وهو مهندس معماري مشهور وناشط سياسي إلي مؤتمر كبير حضره الكثير من والنشطاء السياسيين والفقهاء القانونيين، وتأسس على أثره ما يعرف بـ المجلس الوطني. لكن غياب الإخوان المسلمين عن المؤتمر وعدم وجود هدف واضح "للمجلس الوطني" يضعفان موقفه.
أما الجمعية الوطنية للتغيير فقد تشكلت خلال العام الأخير لحكم مبارك وضمت عددا من السياسيين من مختلف الاتجاهات (حركة كفاية، حزب الجبهة الديمقراطية، الإخوان المسلمين وغيرهم) وتبنت ما عُرف بمطالب التغيير التي اقترحها الدكتور محمد البراد عي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأحد أشهر دعاة التغيير في مصر.
وبعد تنحي مبارك حاولت الجمعية الإبقاء على دورها كهيئة تجمع معظم أقطاب المعارضة سابقا، إلا أن بقاءها صار الآن مهددا بعد الانقسام العنيف داخلها حول ما يعرف بمعركة "الدستور أولا أم الانتخابات أولا".
تحالف الأحزاب
وفي المقابل، تشكل أخيرا ما يعرف بـ التحالف الوطني بدعوة حزب "الوفد" وحزب "الحرية والعدالة" التابع للاخوان المسلمين.
وضم "التحالف الوطني" في اجتماعه الثاني 18 حزبا تحاول تجاوز الخلاف حول ترتيب الانتخابات والدستور بالاتفاق على مجموعة من المبادئ التي ينبغي أن يشملها الدستور الجديد، على أن تتم صياغة الدستور بعد الانتخابات كما هو مقرر.
ويحاول "التحالف" كذلك أن يصل إلي صيغة توافقية لخوض الانتخابات بقائمة موحدة. إلا أن فرص "التحالف الوطني" في التحول إلى إطار جامع بالفعل لمختلف القوى السياسية تبقى رهنا بقدرته على جذب الأحزاب والقوى الجديدة التي برزت بعد الثورة (فهو حتى الآن يكاد يقتصر على القوى التقليدية الموجودة منذ عهد مبارك) ونجاحه في الإبقاء على وحدة الصف عند الانتقال من مناقشة المبادئ العامة إلي التفاصيل (وهو أمر لم يحدث بعد).
الوزن السياسي
تبقى قوة هذه المجموعات المختلفة محل تخمين وتأويل. فمنذ الثورة لم تخض أي من القوى السياسية اختبارا انتخابيا يمكن أن نقيس من خلاله مدى شعبيتها أو قدرتها التنظيمية. ويبقى الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي جرى في التاسع عشر من مارس هو العملية الانتخابية الوحيدة التي شهدتها البلاد.
ورغم أن معظم القوى الإسلامية تبنت خيار التصويت بـ "نعم" في مقابل تبني معظم التيارات العلمانية للتصويت بـ "لا"، فإنه من الصعب استخدام نتيجة الاستفتاء (78% نعم، و22% لا) للحديث بثقة عن وزن كل من المعسكرين، حيث أن عوامل أخرى كثيرة غير العامل الديني يمكن أن تكون قد أثرت على اختيار الناخبين.
وفي غياب اختبار انتخابي يصلح لقياس قوة المجموعات السياسية المختلفة، يتم اللجوء إلى مؤشرات أخرى مثل حجم الاستجابة الجماهيرية للدعوات التي تطلقها هذه المجموعات.
ووفقا لهذا المؤشر، فإن التيارات الإسلامية تبدو في موقع قوي إذ أن مؤتمراتها الجماهيرية تشهد حشودا كبيرة (وصلت إلى ما يقرب من 50 ألفا في أحد المؤتمرات) ، وإن كانت القوى الأخرى تشير كذلك إلى المشاركة الشعبية الكبيرة في "جمعة الغضب الثانية" يوم السابع والعشرين من مايو/آبار الماضي رغم دعوة الإسلاميين إلى مقاطعتها.
كذلك فإن الاختلافات السياسية بين المجموعات المختلفة ليست واضحة. فهناك على الأقل خمسة أحزاب تصف نفسها بأنها أحزاب ليبرالية (الوفد، الغد، الجبهة الديمقراطية، المصريون الأحرار، مصر الحرة)، وسبعة أحزاب على الأقل تجنح إلى اليسار (التجمع، الناصري، الكرامة، بالإضافة إلى الحركات الأربعة المنضوية تحت ما يعرف "بجبهة القوى الاشتراكية")، وعدد من الأحزاب التي تقول إن لها مرجعية إسلامية (الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين، وحزب الوسط، وحزب النهضة، وحزب النور).
ومع ذلك فإن هذه التقسيمات لا تنعكس على شكل التحالفات القائمة بين الحركات المختلفة، فنجد على سبيل المثال أن حزب "الوفد" الليبرالي وحزب "الحرية والعدالة" الاسلامي يدعوان معا إلى تأسيس "التحالف الوطني"، فيقاطع الدعوة حزب ليبرالي هو "المصريين الأحرار" ويلبيها حزب يساري هو "حزب التجمع".
وكثيرا ما يبدو التقارب أو الخلاف بين مجموعة وأخرى معتمدا لا على المعايير السياسية وإنما على الانسجام الشخصي بين القيادات
الفصل الثالث:-
ثورة 25يناير وأسبابها :
ثورة 25 يناير هي ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 الموافق 21 صفر 1432 هـ[. يوم 25 يناير الذي اختير ليوافق عيد الشرطة حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقليين، من بينهم حركة شباب 6 أبريل[5] وحركة كفاية وكذلك مجموعات الشبان عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك والتي من أشهرها مجموعة «كلنا خالد سعيد» و«شبكة رصد» وشبان الإخوان المسلمين برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى أن الجماعة لن تشارك كقوي سياسية أو هيئة سياسية لأن المشاركة تحتاج إلي تخطيط واتفاق بين كافة القوي السياسية قبل النزول إلي الشارع، كانت الجماعة قد حذرت إذا استمر الحال على ما هو عليه من حدوث ثورة شعبية، ولكن على حد وصفهم ("ليست من صنعنا"، ولكن لا نستطيع أن نمنعها) جاءت الدعوة لها احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فسادًا في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك. قبل عامين قامت فتاة تدعى إسراء عبد الفتاح وكانت تبلغ حين ذاك من العمر 17 عاماً، من خلال موقعها على "الفيسبوك"، بالدعوة إلى إضراب سلمي، في 6 ‬ أبريل/نيسان 2008، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من حوالي 70 ألفا من الجمهور. والنتيجة أن الإضراب نجح، وأطلق على إسراء في حينه لقب "فتاة الفيسبوك" و"القائدة الافتراضية"، ومنذ عام ونصف قامت حركات المعارضة ببدء توعية أبناء المحافظات ليقوموا بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر وكان أبرزها حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية وبعد حادثة خالد سعيد قام الناشط وائل غنيم والناشط السياسي عبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة كلنا خالد سعيد على موقع فيس بوك ودعا المصريين إلى التخلص من النظام وسوء معاملة الشرطة للشعب.
أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير/شباط 2011 م، 8 ربيع الأول 1432 هـ, ففي السادسة من مساء الجمعة 11 فبراير/شباط 2011 م أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد
أسماء الثورة
تسمى في الغالب ثورة 25 يناير أوثورة الغضب، وتسمى أحيانًا,ثورة الشباب أو ثورة اللوتس أو الثورة البيضاء. وأطلقت عليها بعض وسائل الإعلام اسم «ثورة الـ18 يوم».
الأسباب غير المباشرة
- قانون الطوارئ


نظام الحكم في مصر هو جمهوري نصف رئاسي تحت قانون الطوارئ (قانون رقم 162 لعام 1958) المعمول به منذ سنة 1967، باستثناء فترة انقطاع لمدة 18 شهرا في أوائل الثمانينات. بموجب هذا القانون توسعت سلطة الشرطة وعلقت الحقوق الدستورية وفرضت الرقابة. وقيد القانون بشدة أي نشاط سياسي غير حكومي مثل: تنظيم المظاهرات، والتنظيمات السياسية غير المرخص بها، وحظر رسميا أي تبرعات مالية غير مسجلة. وبموجب هذا القانون فقد احتجز حوالي 17,000 شخص، ووصل عدد السجناء السياسيين كأعلى تقدير ب 30,000. وبموجب قانون الطوارئ فإن للحكومة الحق أن تحجز أي شخص لفترة غير محددة لسبب أو بدون سبب واضح، أيضًا بمقتضي هذا القانون لا يمكن للشخص الدفاع عن نفسه وتستطيع الحكومة أن تبقيه في السجن دون محاكمة. وتعمل الحكومة علي بقاء قانون الطوارئ بحجة الأمن القومي وتستمر الحكومة في ادعائها بأنه بدون قانون الطوارئ فإن جماعات المعارضة كالإخوان المسلمين يمكن أن يصلوا إلى السلطة في مصر. لذلك فهي لا تتخلى عن الانتخابات البرلمانية ومصادرة ممتلكات ممولي جماعة الإخوان الرئيسيين واعتقال رموزهم وتلك الإجراءات تكاد تكون مستحيلة بدون قانون الطوارئ ومنع استقلالية النظام القضائي مؤيدوا الديمقراطية في مصر يقولون إن هذا يتعارض مع مبادئ وأسس الديمقراطية، والتي تشمل حق المواطنين في محاكمة عادلة وحقهم في التصويت لصالح أي مرشح و/أو الطرف الذي يرونه مناسبا لخدمة بلدهم.
2- قسوة الشرطة
يعتبر أحد واهم الأسباب الرئيسية غير المباشرة في هذه الثورة، حيث أنه في ظل قانون الطوارئ عانى المواطن المصري الكثير من الظلم والانتهاك لحقوقه الإنسانية والتي تتمثل في طريقة القبض والحبس والقتل وغيره، ومن هذه الأحداث حدث مقتل الشاب خالد محمد سعيد الذي توفي على يد الشرطة في منطقة سيدي جابر في الإسكندرية يوم 6 يونيو 2010[20] الذين قاما بضربه حتى الموت أمام العديد من شهود العيان.. وفي يوم 25 يونيو قاد محمد ألبرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية تجمعا حاشدا في الإسكندرية منددا بانتهاكات الشرطة ثم زار عائلة خالد سعيد لتقديم التعازي
ثم تُوفي شاب في الثلاثين وهو السيد بلال أثناء احتجازه في مباحث أمن الدولة في الإسكندرية، وترددت أنباء عن تعذيبه بشدة، وانتشر على نطاق واسع فيديو يُظهر آثار التعذيب في رأسه وبطنه ويديه.
وذكر بأن العديد من أفراد الشرطة ضبطوا وهم يستخدمون العنف. وقد نقل عن أحد رجال الشرطة قوله لأحد المتظاهرين بأن بقي له ثلاثة أشهر فقط من الخدمة ثم وبعد ذلك «سأكون على الجانب الآخر من الحاجز»إجمالي ضحايا عنف وبلطجة وزارة الداخلية المصرية وصل إلي 846 (شهيد)فاكثر
3- رئاسة حسني مبارك
حكم الرئيس المصري محمد حسني مبارك مصر منذ سنة 1981 م. وقد تعرضت حكومته لانتقادات في وسائل الإعلام ومنظمات غير حكومية محلية. «نال بدعمه لإسرائيل دعماً من الغرب، وبالتالي استمرار المساعدات السنوية الضخمة من الولايات المتحدة». واشتهرت حكومته بحملاتها على المتشددين الإسلاميين]، ونتيجة لذلك فقد صمتت الولايات المتحدة في ردودها الأولية لانتهاكات حسني مبارك. فقد كان من النادر أن تذكر الصحافة الأمريكية في عناوين أخبارها الرئيسية ما يجري من حالات الاحتجاج الاجتماعي والسياسي في مصر و قد كان لحكم مبارك الأثر الكبير على التدهور الاقتصادي والاجتماعي على المصريين، هذا بالإضافة إلى التراجع الملحوظ في مستوى التعليم وارتفاع معدلات البطالة وانتشار الجرائم في البلاد.
4- الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية

خلال حكمه إزداد الفساد السياسي في إدارة مبارك لوزارة الداخلية بشكل كبير، بسبب ازدياد النفوذ على النظام المؤسسي الذي هو ضروري لتأمين الرئاسة لفترة طويلة. وقد أدى هذا الفساد إلى سجن شخصيات سياسية وناشطين شباب بدون محاكمة ووجود مراكز احتجاز خفية غير موثقة وغير قانونية، وكذلك رفض الجامعات والمساجد والصحف الموظفين على أساس الميول السياسية وعلى مستوى الشخصي، كان بإمكان أي فرد أو ضابط أن ينتهك خصوصية أي مواطن في منطقته باعتقاله دون شرط بسبب قانون الطوارئ.
منظمة الشفافية الدولية هي منظمة دولية لرصد جميع أنواع الفساد بما في ذلك الفساد السياسي. ففي تقرير لها في مؤشر الفساد سنة 2010 فيّمت مصر ب3,1 استنادا إلى تصورات درجة الفساد من رجال أعمال ومحللي الدولة، حيث أن 10 تعني نظيفة جدا و 0 تعني شديدة الفساد. تحتل مصر المرتبة 98 من أصل 178 بلد مدرج في التقرير
بحلول أواخر 2010 حوالي 40 ٪ من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر أي يعتمدون على دخل قومي يعادل حوالي 2 دولار في اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السكان على السلع المدعومة
- زيادة عدد السكان وزيادة معدلات الفقر


مصر هي ثاني أكبر دولة في أفريقيا بعدد السكان بعد نيجيريا, وهي أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط. وحسب تقديرات سنة 2007 وصل عدد سكان مصر لحوالي 78,733,641 نسمة (يوجد تقديرات أخرى تقول ان عدد سكان مصر وصل 81,713,517 في يوليه 2008).
حيث أن هناك إحصائية عن زيادة عدد سكان تقول ان مصر تزداد طفلا كل «23 ثانية» أي تزداد مصر حوالي 1.5 مليون نسمة في السنة الواحدة مما يشكل خطرا كبيرا على الموارد المحدودة في مصر إذا لم توجد حكومة واعية تستخدم هذه الثروة السكانية
بينما كان عدد سكان مصر عام 1966 م 30,083,419 نسمة، ومعظم المصريين يعيشون بالقرب من ضفاف نهر النيل، في مساحة حوالي 40000 كيلومتر مربع (15000 ميل مربع)، لان هذه الأرض تعتبر هي الوحيدة القابلة للزراعة في مصر. زيادة عدد السكان صاحبه تدهور اقتصادي نتيجة فشل سياسات الدولة في الاستفادة من ازدياد الأيدي العاملة، وأدى ظهور جيل جديد من الشباب كثير منهم من حملة الشهادات الجامعية لكنهم من غير وظائف مجزية إلى تكثير سواد المعارضة, حيث كان الشباب العمود الفقري للثورة, فضلا عن معرفتهم الوثيقة عموما بوسائل الاتصال الحديثة واستخدامهم الفعال لها في تنظيم الثورة وإبقائها حية خلال قطع نظام حسني مبارك للاتصالات في البلاد من بدايات الثورة ولعب هذا العامل دورا كبيرا بل ورئاسي
اتفق شباب ائتلاف الثورة علي ضرورة حل أحزاب المعارضة الكرتونية التي لم تقدم شيئا قبل الثورة للشعب المصري ولعبت دور المعارضة الوهمية بأوامر من نظام الرئيس السابق مبارك حيث كان يتم تعيين قياداتها في مجلسي الشعب والشورى من خلال صفقات متفق عليها..
طالب الشباب بمنع هذه الأحزاب من ممارسة العمل السياسي باعتبارها موالية للنظام الفاسد وحزبه وليست معارضة حقيقية تعمل لصالح الشعب.
قالوا إن عملية الحرمان يجب أن تشمل رموز الحزب الوطني المنحل من التسلل الي أحزاب معارضة أخري أو تأسيس أحزاب جديدة أو الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشورى والمحليات وانتخابات النقابات العمالية والمهنية كما طالب شباب ائتلاف الثورة بمحاسبة رموز أحزاب المعارضة والتي كانت دعامات لنظام حكم مبارك .. و"سنيدة" للحزب الوطني المنحل وضرورة حرمانهم من المشاركة في العمل السياسي خاصة رؤساء الأحزاب الذين تم تعيينهم في مجلسي الشعب والشورى.
* بلال دياب عضو المكتب التنفيذي لإتلاف شباب الثورة: الأحزاب سيئة السمعة والتي لم تقدم شيئا قبل الثورة لم يكن لها أي نشاط ملموس في الشارع السياسي والأفضل تجميد نشاطها أو حلها خاصة التي كانت تساعد النظام بالفرجة فقط!
أضاف أن أحزاب شباب الثورة الجديدة هدفها الحفاظ علي مكتسبات الثورة وتنفيذ برامج سياسية تخدم الجماهير وتحقق مصالح الشباب وسوف تسعي هذه الأحزاب للوصول إلي السلطة بالطرق السليمة والانتخابات النزيهة وسوف تتبخر الأحزاب القديمة وتندثر بسبب عدم وجودها في الشارع ودخولها في صفقات مع نظام مبارك السابق لتحقيق مصالح الحزب الوطني المنحل.
* أحمد عيد عضو شباب ائتلاف الثورة عن حزب الجبهة الديمقراطي: حل الأحزاب القديمة أو تجميد نشاطها بعد سقوط النظام أمر حتمي لأن بعض الأحزاب كرتوني وليس له وجود حتى أسماء هذه الأحزاب غير معروفة لأنهم لا يلتحمون بالجماهير ولم يقدموا أي خدمات ملموسة للأهالي أو الشباب ورغم ان هناك 24 حزبا فلا يعرف الشباب إلا حزب الوفد والغد والتجمع والجبهة الديمقراطي والناصري.
قال : إن هذه الأحزاب صنعها صفوت الشريف وجعلها "ديكور" حتي يلعب الحزب الوطني بكل حرية علي المسرح السياسي وسوف تندثر تلقائيا بسبب عدم التفاف الشباب والاهالي حول هذه الأحزاب .
* طارق الحولي عضو حركة 6 أبريل وعضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة الأحزاب قبل ثورة 25 يناير كانت جزءا من النظام لأن معظمها كان يخدم الحزب الوطني المنحل في رسم ديكور المعارضة الذي يرضي صفوت الشريف وأحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني ولابد من إطلاق رصاصة الرحمة علي هذه الأحزاب التي شاخت وسقطت بسقوط نظام الحكم السابق.
* عمرو عز عضو حركة شباب 6 أبريل وعضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة : أحزاب المعارضة الكرتونية كانت جزءا من نظام مبارك ولم تقدم شيئا لأنها كانت تسعي لتحقيق مصالح شخصية لأفرادها وليس لتحقيق مصالح الشعب ولم تستطع هذه الأحزاب التواصل مع الجماهير لأنها لا تستطع ان تقوم بدور المعارضة الحقيقية بل كانت تحصل علي تعليمات من صفوت الشريف في كل تحركاتها كما ان رموز نظام مبارك وبعض أعضاء الحزب الوطني المنحل انضموا لهذه الأحزاب بعد قيام ثورة 25 يناير في محاولة منهم للتحول وركوب الموجة.
* سلمي عقل عضو شباب ائتلاف الثورة: الأحزاب القديمة رغم عددها الكبير لم نشعر بوجودها قبل الثورة ولا نعرف منها إلا 4 أحزاب فقط وكل الأحزاب الكرتونية والتي كانت تتفق مع نظام مبارك وتحقق مصالح مقابل رسم صورة المعارضة الوهمية التي تلتزم بمقاعد المتفرجين لابد من حلها وتجميد نشاطها لأنها خانت إرادة الجماهير ولم تكن معارضة حقيقية وإنما كان هدفها الحصول علي دعم مادي من الدولة وتحقيق مصالح للقائمين علي الحزب مقابل عدم القيام بدور المعارضة الحقيقية وهناك أحزاب كثيرة تحت التأسيس تم إنشاؤها بعد ثورة 25 يناير . منها حزب المصريون الأحرار وحزب المصري الديمقراطي سوف تنافس الأحزاب القديمة بل تستطيع بقوة الشباب وحماسهم هزيمة الأحزاب القديمة التي أصبحت علي المعاش.
* حسام الصياد عضو حركة عدالة وحرية وعضو المكتب التنفيذي لشباب ائتلاف الثورة: الأحزاب الموجودة قبل ثورة 25 يناير كان لها علاقات ومصالح مع نظام مبارك ومعظمها لم يقدم شيئا قبل الثورة وخلال 30 عاما من الحكم الاستبدادي فما هو الدور الذي ستلعبه هذه الأحزاب في الحياة السياسية بعد الثورة خاصة ان بعضها كان يتحرك بتعليمات من رموز الحزب الوطني المنحل كما ان رموز نظام الحزب الوطني انضموا لأحزاب المعارضة القديمة ورجال أعمال كانوا من أنصار الحزب الوطني المنحل تنضموا بعد الثورة لأحزاب المعارضة واعتبروا أنفسهم ثوارا.
أوضح أن الأحزاب الجديدة التي قامت بعد الثورة لديها فرصة ذهبية لتحقيق طموحات الشعب المصري في معارضة حقيقية ولكن كثيرا من الأحزاب الجديدة مازالت تحتاج الي مساعدات ودعم مادي وأيضا خبرات سياسية حتى تتمكن من تنفيذ برامجها السياسية والمنافسة علي مقاعد البرلمان والتعبير عن طموحات شباب الثورة.
* يوسف محمد عضو الهيئة العليا لحزب الغد: هناك 24 حزبا كانت في مصر قبل ثورة 25 يناير وللأسف معظمها لم يكن له تواجد في الشارع ولابد من حل كل هذه الأحزاب سيئة السمعة أو تجميد نشاطها خاصة بعد ظهور العديد من الأحزاب السياسية الجديدة بعد ثورة 25 يناير.
* أحمد دومه ناشط سياسي وعضو اتحاد الكتاب: كل الأحزاب القديمة لم يعد لها مكان بعد ثورة 25 يناير لأنها كانت تخدم نظام مبارك حيث لعبت دور المعارضة المستأنسة بل كانوا يساعدون في تزوير إرادة الجماهير نظير تحقيق مصالح شخصية للقائمين علي هذه الأحزاب وبما ان كثيرا من أحزاب المعارضة القديمة كانت دعامات لنظام مبارك فلابد ان تسقط بسقوط الحكم الديكتاتوري ويجب تجميد كل هذه الأحزاب وإنشاء أحزاب جديدة تعبر عن مبادئ ثورة 25 يناير


النتائج:-
1- اتسمت الخريطة السياسية لمصر بعد الثورة بالكثير من السيولة والفوضى، فما حدث في يناير/ كانون الثاني 2011 كان مفاجئا للجميع.
2-كما أن أحداث الثورة نفسها والوقت القصير نسبيا الذي استغرقته قبل الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، لم يسمحا ببروز قيادة تستطيع أن تزعم أنها الممثل الشرعي والوحيد للثورة. فنشأت بدلا من ذلك عشرات المجموعات التي تعمل على تنفيذ ما تراه مطالب الثورة الحقيقية، من وجهة نظرها.
3- تعتبر موقف الثوار ب"ميدان التحرير" بعد تأسيس "حركة 25 يناير" و تحديد مطالبهم الأساسية و إعلان استمرار الثورة إلى حين تحقيقها مؤشرا هاما لإنجاح الثورة ، بعدما تأكد للأحزاب الإصلاحية عدم إمكانية جني ثمار الثورة لعدم قدرتها على السيطرة على السلطة أمام قوة الجيش الذي تم تنصيبه من طرف الرئيس السابق ، الشيء الذي فتح من جديد الصراع بين الثوار و الآلة العسكرية المسيطرة على السلطة بعد الاعتراف بحكومة الديكتاتور و دعمها لتسيير "الفترة الانتقالية".
4-كانت التجربة التونسية رائدة لكون موقف الجيش مشرفا عندما التزم الحياد السلبي بعد هروب الديكتاتور الذي من المفروض إلقاء القبض عليه ، مما جعل حسم السلطة يجري وفق التشريعات الدستورية و تم تغيير الرئيس المؤقت في أقل من يوم واحد و تغيير "الحكومة الانتقالية" بعد انسحاب المعارضة منها ، و تنحي رموز النظام البائد في الحكومة بضغط من الثوار في الشارع بقيادة الطبقة العاملة التي حسمت أطوار الثورة بالإضرابات الجماهيرية في الأيام الأخيرة ، مما جعل "الحكومة الانتقالية" تقدم على :

ـ حل حزب الديكتاتور المسؤول عن جميع الجرائم ضد الشعب.
ـ إصدار مذكرة بحث عن الديكتاتور و عائلته و أعوانه و تجميد أرصدتهم و اعتقال بعضهم.
ـ إصدار عفو عام عن السجناء السياسيين و المنفيين و السماح للأحزاب بالتأسيس.
5-اكتسبت ثورة 25 يناير تأييدًا عالميا غير مسبوق حيث أشاد قادة معظم دول العالم بأبطال الثورة والشعب المصري ووصفوها بأنها ثورة يحتذي بها وأنها سوف تؤثر إيجابيا علي منطقة الشرق الأوسط بالكامل. لا شك أن ذلك ينبئ بعلاقات سياسية مستقبلية قوية ومبنية علي الاحترام المتبادل ووضع مصر الديمقراطية في مكانتها التي تليق بها كمحور ارتكاز في العالم العربي والشرق الأوسط بعد استعادة الكرامة المفقودة في ظل النظام السابق.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف