الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دلالة العنوان في المجمــوعة القصصية بقلم:أ.عامر رضا

تاريخ النشر : 2010-11-25
التعريف بالـــباحث:
اسم ولقب الباحث: أ.عامر رضا.
الرتبة العلمية: أستاذ مساعد.
الاختصاص: الأدب العربي الحديث والمعاصر.
الجامعة: قسم اللّغة العربية وآدابها-المركز الجامعي - ميلة/ الجزائر.
العنوان البريدي : حي ألف مسكن عمارة119 – منزل رقم 916 بسكرة.
الهاتف : 0775.23.17.20 أو 0790893116
الفاكس : 033.73.14.38 أو 033.73.33.74
البريد الالكتروني : [email protected]


تقديـم: أ. عامـر رضا
كلــية الآداب واللّغـــــات .
قسم الأدب العـــربي.
المركز الجامعي – ميلة /الجزائر.
*- الملّخــص:
تعدّ "سيميائية العنوانة" من القضايا النقدية المهمّة التي خاض فيها النقاد المحدثون، ولعلّ العنوان يؤدّي دورا أسياسيا في فهم المعاني العميقة للعمل الأدبي خاصة- المقدّم للمتلقي- ومن هنا كان الاهتمام به أمرا حتميا لأنّه أوّل عتبات النص التي يمكن من خلالها الولوج إلى معالم النص واكتشاف كنهه،ومن ثم تقديم رؤية حداثية نقدية مؤسسة على منهج ،ومنطلقات نظرية تسهم في كشف معالم النص الخفية وتقديمه للمتلقي على شكل قراءة نقدية لهذا العمل الأدبي.
Résumé:

La" sémiologie du titre" est très importante dans les questions critiques modernes ;puisque le titre joue un rôle principale dans la compréhension de la signification de l'œuvre littéraire en particulier - compte tenu du destinataire - d'où l'intérêt, il est impératif que les seuils du premier texte dans lequel l'accès aux caractéristiques du texte et de la découverte de ce qu'il pourrait être , et donc contribuer à la théorie de la physique à la détection des éléments cachés du texte et le soumettre au destinataire .
* تمهـيد:
تعدّ مقولة العنوان مدخلا مهما، وعتبة حقيقية تـفضي إلى غياهب النص وتـقود إلى فك الكثير من طلاسمه وألغازه، لكنه أحيانا، قد يلعب دورا تمويهيا، يجعل القارئ في حيرة من أمره، يربكه ويخلق له تشويشا قهريا، وقد يقوده إلى متاهة حقيقية لا مهرب منها سوى إلى النص ذاته، إنه البداية الكتابية التي تظهر على واجهة الكتاب كإعلان إشهاري ومحفز للقراءة ، » وهو العلامة التي تطبع الكتاب أو النص وتسميه وتميزه عن غيره، وهو كذلك من العناصر المجاورة والمحيطة بالنص الرئيس إلى جانب الحواشي والهوامش والمقدمات والمقتبسات والأدلة الأيقونية« (1) ،ومع ذلك فلا سبيل إلى تجاوزه ، فهو مرحلة مهمة من مراحل القراءة، والتلقي.
-1- المحور الأول مفهوم العنوان وتطوره:
1.1.مفهوم العنوان " définition du titre":
لقد اهتم علم السيمياء اهتماما واسعا بالعنوان في النصوص الأدبيـة لـكونه » نظاما سيميائيا ذا أبعاد دلالية وأخرى رمزية تغري الباحث بتتبع دلالاته ومحاولة فك شفرته الرامزة« (2) ، فقد عرفه ليوهـوك بأنه » مجـموع العلامات اللســانية (كلـمـات مفردة ، جمل ، نص) التي يمكن أن تدرج على رأس نصه لتحدده وتدل على محتواه العام وتعرف الجمهور بقراءته« (3)
والناظر إلى معظم الدّراسات المعتمدة على مقاربة العنوان يدرك بشـكل واضح الأهمية القصوى التي يحظى بها العنوان باعتباره » نصا مختزلا ومكثفا ومختصرا « (4) له علاقة مباشرة بالنص الذي وسم به ،فالعنوان والنص يشكلان ثنائية والعلاقة بينهما هي علاقة مؤسسة » إذ يعدّ العنوان مرسلة لغوية تتصل لحظة ميلادها بحبل سري يربطها بالنص لحظة الكتابة والقراءة معا فتكون للنص بمثابة الرأس للجسد نظرا لما يتمتع به العنوان من خصائص تعبيرية وجمالية كبساطة العبارة وكثافة الدلالة وأخرى استراتيجية إذ يحتل الصدارة في الفضاء النصي للعمل الأدبي«(5)
عُدّ العنوان من أهم الأسس التي يرتكز عليها الإبداع الأدبي المعاصر، لذلك تناوله المؤلفون بالعناية والاهتمام خاصة في الإنتاج الروائي الحديث والمعاصر ،كل هذا دفع إلى التفنن في تقديمه للمتلقي، حتى يكون مصدر إلهامه، وحافزاً للبحث في أغوار هذا العمل الفكري، مع مراعاة أذواق الجمهور في الوقت نفسه وحاجيات الساحة الأدبية، التي هي سوق رائجة لهذه المادة الخام التي تحتاج إلى متلقي ذكي يفكك شفراتها، فكان المبدع ملزما بمراعاة معادلة فنية لإنتاجه الأدبي هي: (عنوان الإبداع + المتن الروائي + اسم المبدع= العمل الإبداعي).
وهذا ما دفع بالسيمياء إلى الاهتمام بالعنوان الذي أصبح علما قائما بذاته يسمى علم العنونة (titrologie) يدخل في عملية التأسيس الخطابي للنصوص الأدبية خاصة السردية ، منها لهذا فالعنوان السردي يلعب دوارا بارزا في لفت انتباه المتلقي لرسالته، وهو العنوان المفتوح على دلالات هلامية متعددة لِرُؤى المثقفين ، وقد فطن المبدع العربي إلى أهمية العنوان، وأدرك وظائفه من خلال طريقة إخراجه، ومراعاة مقتضى الحال للمتلقين لهذا الإبداع، الذي يعكس قراءتهم فالعنوان حسب الدراسات النقدية الحديثة يؤدي دور المنبه، والمحرض، فسُلطتهُ الطاغية تضفي بظلالها على النص، فيستحيل النص جسدا مستباحا لسلطته، ثم إنه نقطة الوصل بين طرفي الرسالة: ممثلة في ثنائية "المبدع والمستقبل" إنه يُعَدُ بداية اللّذة، هذا ما جعل العنوان يحرك وجع الكتابة الذي يتحول تدرجيا إلى وجع قراءة متواصلة في صيرورة يتساوى فيها النص مع النّاص، لذلك كان لزاما على المبدع أن يراعي فنيات فنّ العنونة ليجعل منه مصطلحا إجرائيا في المقاربات النصية وعليه » فالعنوان ضرورة كتابية« (6) للولوج إلى أغوار النصوص واستنطاقها من خلاله ،وعليه فالدراسة تقدم جملة من التعاريف للعنوان التي أدرجها بعض النقاد هي كالآتي:
يعرِّف "ليوهوك" العنوان أنّه » مجموعة العلامات اللسانية (كلمة، جملة، نص) التي يمعن أن تدرج على رأس نص لتحدده وتدل على محتواه العام وتعرّف الجمهور بقراءاته«(7) ، ومع ذلك يستدرك "ليوهوك" ما قاله عن العنوان ويشير إلى صعوبة تعريفه لاستعماله في مصاف متعددة أما "عبد الله الغذامي" فيذهب إلى أن العنوان بدعة وافدة إلينا من الغرب و» العناوين في القصائد ماهي إلا بدعة حديثة، أخذ بها شعراؤنا محاكاة لشعراء الغرب - والرومانسيين منهم خاصة -« (8)
أمّا الناقد "الطاهر رواينية" فيرى أنّ العنوان هو: » أول عبارة مطبوعة وبارزة من الكتاب، أو نص يعاند نصا آخر ليقوم مقامه أو لِيُّعَيِنَهُ ، ويؤكد تفرده على مرّ الزمان، وهو قبل كل شيء علامة اختلاقية عدولية، يسمح تأويلها بتقديم عدد من الإشارات والتنبؤات حول محتوى النص ووظيفته المرجعية، ومعانيه المصاحبة وصفاته الرمزية، وهو من كل هذه الخصائص يقوم بوظيفتي التحريض والإشهار« (9).
بينما "محمد الهادي المطوي" فيرى العنوان» عبارة عن رسالة لغوية تعرّف بهوية النص، وتحدد مضمونه، وتجذب القارئ إليه وتغويه به«(10) ، وفي نفس الصدد نجد "بشرى البستاني" ترى أن العنوان » رسالة لغوية تعرف بتلك الهوية وتحدد مضمونها،وتجذب القارئ إليها وتغريه بقراءتها، وهو الظاهر الذي يدل على باطن النص ومحتواه« (11)، في حين نجد الباحث الأسباني » جوزيف بيزاكومبروبي: Joseph Besa Coprubi « (12)، يقرّ صراحة بتعدد أبعاد العنوان قائلا : » إنّ العنوان عنصر متعدد الأبعاد (multidimensionnel) لأنه يقيم روابط علامة جدّ مختلفة، العمل الأدبي، النص والقارئ«(13) ، ومن هنا يعد العنوان أساسياً في العمل الإبداعي والمتفق عليه أن "العنوان مرتبط ارتباطا عفويا بالنص الذي يعنونه فيكمله ولا يختلف معه ويعكسه بأمانة ودقة.
فيما يذهب" بسام قطوس" إلى أن العنوان أصبح يشكل حمولة دلالية » فهو قبل ذلك علامة أو إشارة تواصلية له وجود فيزيقي / مادي وهو أول لقاء مادي محسوس يتم بين المرسل(النّاص) ، والمتلقي« (14)، وعلى هذا فهو إشارة ذات بعد سيميائي ،تبدأ منه عملية التأويل فيسهل على الملتقي قراءة المتن بناءا على ما علق بذهنه من قراءته، ومن كلّ ما سبق ذكره نجد أن جلّ هذه التعاريف المدرجة للعنوان تتناوله بكيفيات متباينة، ومع ذلك نستنتج أن العنوان في نهاية المطاف هو علامة لغوية مشفرة تحتاج إلى متلقي حاذق يفك هذه الرموز التي تعلو بنيانه
2.1. نشأة العنوان وتطوره "la naissance et l’évolution du titre":
لقد أُهْمِلَ العنوان كثيرا سواء من قبل الدارسين العرب، أوالغربيين قديما وحديثا،لأنهم اعتبروه هامشا لا قيمة له ،وملفوظا لغويا لا يقدم شيئا إلى تحليل النص الأدبي؛ لذلك تجاوزوه إلى النص كما تجاوزوا باقي العتبات الأخرى التي تحيط بالنص ، ولكن ليس العنوان كما يقول علي" جعفر العلاق": »هو الذي يتقدم النص ويفتتح مسيرة نموه،أو مجرد اسم يدل على العمل الأدبي: يحدد هويته ويكرس انتماءه لأب ما، لقد صار أبعد من ذلك بكثير، وأضحت علاقته بالنص بالغة التعقيد، إنه مدخل إلى عمارة النص، وإضاءة بارعة وغامضة لإبهائه وممراته المتشابكة(...) لقد أخذ العنوان يتمرد على إهماله فترات طويلة، وينهض ثانية من رماده الذي حجبه عن فاعليته، وأقصاه إلى ليل من النسيان، ولم يلتفت إلى وظيفة العنوان إلا مؤخرا« (15)
وعلى الرغم من هذا الإهمال فقد التفت إليه بعض الدارسين في الثقافتين: العربية والغربية حديثا، وتنبه إليه الباحثون في مجال السيميوطيقا وعلم السرد والمنطق والخطاب الشعري ، وأشاروا إلى مضمونه الإجمالي في الأدب والسينما والإشهار نظرا لوظائفه المرجعية واللغوية والتأثيرية الأيقونية، وهذا ما ستعرضه المداخلة فيما يلي:
من أهمِّ الدراسات العربية التي انصبت على دراسة العنوان تعريفا وتأريخا وتحليلا وتصنيفا نذكر ما أنجزه الباحثون المغاربة الذين كانوا سباقين إلى تعريف القارئ العربي بكيفية الاشتغال على العنوان: تنظيرا وتطبيقا إلى جانب بعض الدراسات المحتشمة من المشارفة ، وهذه الدراسات هي على النحو الآتي:
1. محمد عويس،(العنوان في الأدب العربـي،النشأة والتطور) ،مكتـبة الأنجـلو المصرية، القاهرة، مصر، ط1، 1988 .
2. شعيب حليفي،(النص الموازي في الرواية،استراتيجية العنوان)، منشور في مجلة الكرمل الفلسطينية في واحد وعشرين صفحة، العدد46 ، سنة 1996،
3. جميل حمداوي،(مقاربة العنوان في الشعر العربي الحديث والمعاصر) رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي الحديث والمعاصر تحت إشراف الدكتور محمد الكتاني، نوقشت بجامعة عبد المالك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية (تطوان) بالمغرب سنة 1996، تتكون من "562 صفحة من الحجم الكبير".
4. محمد فكري الجزَّار،(العنوان وسيميوطيقا الإتصال الأدبي)،الهيْئة المصرية العامة للكتاب ، مصر،ط1 ،1998 .
5. جميل حمداوي،(مقاربة النص الموازي في روايات بنسالم حميش) أطروحة دكتوراه الدولة ، ناقشها الباحث في 19 يوليو سنة 2001 بجامعة محمد الأول بوجدة تحت إشراف الدكتور مصطفى رمضاني.
وغيرها من الدّراسات العربية إلى جانب ذلك، حرص النقاد الغربييون على التبشير- في دراسات معمقة- بعلم جديد ذي استقلالية تامة، ألا وهو علم العنوان(TITROLOGIE) الذي ساهم في صياغته وتأسيسه باحثون غربيون معاصرون منهم كالآتي:
"جيرارجنيت"G.GENETTE"وهنـريمترانH.METTERAND" ولوسيان غولدمان"L.GOLDMANN" ، وشارل ﮔريفل "CH.GRIVEL " وروجـر روفـر"ROGER ROFER" وليوهـوك "LÉO.HOEK "، هذا وقد نبه لوسـيان غولدمان الدارسين والباحثين الغربيين إلى الاهتمام بالعتبات بصفة عامة، والعنوان بصفة خاصة،وأكد في قراءته السوسيولوجية للرواية الفرنسية الجديدة مدى قلة النقاد» الذين تعرضوا إلى مسألة بسيطة مثل العنوان في رواية الرائي" le voyeur" الذي يشير- مع ذلك بوضوح - إلى مضمون الكتاب، ليتفحصوه بما يستحق من عناية«(16).
كما كان للناقد ( ليوهوك ) دور بارز في التأسيس لعلم العنوان وخاصة مع ظهور كتابه (سمة العنوان) سنة 1973م، والذي يعد بحق كتابا في فقه العنونة من جميع جوانبها إضافة إلى "جيرار جنيت" الذي قدم كتابي: (الأطراس)،و(عتبات) ويعد هذا الأخير بمثابة الديوان الحقيقي والرئيسي في علم العنونة كما تعتبرأهم دراسة علمية ممنهجة في مقاربة العتبات بصفة عامة والعنوان بصفة خاصة.
ولكن يبقى ليوهوك "LÉO. HOEK" المؤسس الفعلي ( لعلم العنوان) لأنه قام بدراسة العنونة من منظور مفتوح يستند إلى العمق المنهجي والإطلاع الكبير على اللسانيات ونتائج السيميوطيقا وتاريخ الكتاب والكتابة، فقد رصد العنونة رصدا سيميوطيقا من خلال التركيز على بناها ودلالاتها ووظائفها، من خلال هذه العناوين الغربية في "علم العنوان" يتضح جليا أن الدراسة أحصت مجموعة من المؤلفات التي تناولت هذا العلم ، والسبق فيه ، ومن ثمة وضع الأطر العلمية للباحثين في "علم العنوان" ، والتنظير له، حتى يسهل الأمر أمام القراء ، والباحثين النقاد.
- 2– المحور الثاني: الدّراسة التطبيقية في بنيّة المجموعةالقصصية:
و يشمل هذا المحور التحليل السيميائي لبنية المجموعة القصصية – على الشاطىء الأخر- وذلك من خلال مايأتي:
-2/1 البنيّة الأيقونيّة - غلاف المجموعة القصصية-
إذا كانت الثقافة المعاصرة ترويجية بدرجة لافتة ، فكذلك ثقافة الصورة حيث لا يكاد يخلو نص مطبوع ، أو نص إلكتروني من الصورة ، في تجسيد حداثي واضح للاعتقاد الميتافيزيقي بأسبقية الصورة على الكلمة، هذا ما تشير إليه الحكمة الصينية الشهيرة التي تقول :» صورة واحدة لها قيمة ألف كلمة « (17) وهذا ما يذهب إليه "بشير عبد العالي"قائلا: » فإن قراءة الصورة الواحدة يتعدد نظريا بتعدد القراء «(18)، كما يعتبر الغلاف الخارجي لأي عمل إبداعي مكتوب أول واجهة مفتوحة الدلالات والتأويلات تصادف العين البصرية لمتفحص العمل وهي المحفز للمتلقي بالإقبال أو الإدبار على اقتناء هذا الإنجاز، ومطالعته فغلاف الكتاب إذا واجهة إشهار ية وتقنية.
*صورة الغـــلاف











من خلال القراءة البصرية لغلاف المجموعة القصصيّة يتضح جليا للمتلقي عتبة غلاف يحمل دلالات ، وشفرات رقمية تلخص هوية "اللّوحة القصصيّة" التي تحتوي على اسم الروائية في أعلى صورة الغلاف باللّون الأسود ليأتي عنوان المجموعة القصصية باللّون البني عاكسا الهوة بين الشاطئين: شاطيء الحرية "الجزائر" / وشاطيء العبودية "فرنسا" وماتحمله من معاني الإستدمار،والقهر ولعلّ الهوة السحيقة بين العالمين مثلتها المسافة الرقمية/الزمنية في كلمة "الشــاطيء"، لتأتي بعدها صورة شمس برتقالية اللّون تتوسطها صورة وجه امرأة تبحث عن سبل الحرية بسنابل شعرها المتموج مع رياح الحريّة الحالم،كما أنّ اللون البنّي للعنوان رسم معاني هذا الأفق" الأرض والوطن والعرض ، ورائحة الأنثى" لتجسد للمتلقي أهمية دور المرأة الجزائرية في تكريس معاني الحرية والعشق الأبدي حيث تلعب الألوان دورا هاما في التأثير على نفسية الفرد، وأنّ الميل إلى بعض الألوان يرجع إلى ظروف حياتنا وثقافتنا، كما يرجع إلى الظروف النفسية التي مرّ بها الفرد الجزائري أثناء معركة التحرير والنضال الذي كان مملوءا بالحزن والغموض الشديدين عاكسة عمق الغربة والحنين للوطن، للشوق، للذات وهذا ما تلخصه هوية اللوحة القصصيّة من خلال الإحالات الممثلة في الشكل الآتي:













-2/2 البنية التركيبية - بنية المجموعة القصصيّة نحويا-
لقد كان ومازال"علم التركيب" من العلوم اللغوية التي تؤسس للفعل الجملي، فمن هذا المنطلق نجد أنّ »التركيب علم لساني جدّ معقد ، يدرس بنية الجمل في اللغات (مكتوبة أو منطوقة) ترتيب الكلمات ، مكان الصفات ، والمفعولات«(19) وبما أن البنية التركيبية أساسها "الجملة/التركيب" التي تعدّ »الوحدة اللّغوية الرئيسة في عملية التواصل«(20)، وبما أن المدونة التي تتعرض لها الدِّراسة – مجموعة قصصيّة -» لها خصائصها التركيبية الخاصة بها والتي تتفاعل داخلها وعلينا أن ننتبه لهذه الخصائص(...) لمحاولة فهمها على المستوى التركيبي«(21)
وبعد الدّراسة والإحصاء للعناوين خلصنا إلى الأنماط التركيبية الآتية:
الرقم الأنماط التركيبية العــدد
1 (مبتدأ محذوف ) +خبر/مثل: سميّة- اللّوحة- المصير- خرفية- فاطمة. 05
2 (مبتدأ) + خبر /مثل:هؤلاء الناس. 01
3 (مبتدأ محذوف )+ خبر+ صفة/مثل:الثوب الأبيض-الدرب الطويل. 02
4 (مبتدأ محذوف)+ خبر( شبه جملة :جار ومجرور/ظرف مكان)/ مثل: على الشاطىء الآخر- وراء القضبان. 02
5 (مبتدأ محذوف) +مضاف إليه/مثل:زغرودة الملايين. 01
6 (مبتدأ محذوف) +خبر+ حرف عطف+ اسم معطوف/مثل:عقيدة وإيمان. 01
7 (مبتدأ محذوف) +خبر+ حرف جرّ+ اسم مجرور /مثل:رحلــة إلى القمر. 01
8 (فعل ماضي ناقص)+ اسمه(ضمير متصل)+ جملة فعلية /مثل:مازلنا نقسم. 01
9 مبتدأ+اسم موصول+جملة فعلــية:(فعل+ فاعل مستتر+ مفعول به) /مثل:المرأة التي تطلق البنادق. 01
10 اسم استفهام (مبتدأ+خبر)+جملة فعلية منفية/مثل:لماذا لا تخاف أمي؟. 01
وفي ختام دراسة البنية التركيبية ، وأنماط الجمل المصنفة لمجموع العناوين نجد أنّ التعامل مع التراكيب اللّغوية في السرد ينبغي أن يكون حذراً لأنه تعامل مع الفنّ وهو مستوى عالٍ يكون فيه استخدام العلاقات الحقيقية بين المفردات واستخدام العلاقات المجازية جنباً إلى جنب، وقد تمكنت الدّراسة من حصر نوعين من الجمل التركيبية التي حللتها المداخلة، وعددتهما إحصائيا حيث تراوحت نسبتهما المئوية كالآتي:
• الجملة الاسمية: كان حضورها غالبا على كل عناوين المدونة بنسبة مئوية تترواح بـ(93.75%)، وبذلك تصدرت مجموع الجمل النحوية ، فالجملة الاسمية "تدل على الثبوت"، من خلال هذه البنية تشير إلى ثبات الروائية نفسيا خاصة حينما جسدت تجربتها النفسية إلى رواية فإنّه لا يعزل عنها الجوانب الفكرية ويبقي على الجوانب الانفعالية الجامحة لكي تعبر عنها وحدها فقط بل تجدها تؤسس لمدرسة سردية نسوية خاصة تعكس من خلالها صورة المرأة الجزائرية المكافحة.
• الجملة الفعلية: بلغت نسبتها المئوية على مساحة العناوين (6.25%) وبذلك حقّ لها تصدّر المرتبة الثانية، فالجملة الفعلية ميزتها "الحدوث"، إذْ تجسدت في عنوان وحيد يكشف للمتلقي من خلالها مدى انفعال الروائية "سياسيا ونفسيا واجتماعيا"، ومن هنا نجد أنّ المداخلة- ترى أنَّ البنية التركيبية- مهما تناولت، أقسام الجمل نحويا ، ومهما حددت نسبها المئوية ، فإنّها بحاجة ماسة لعملية تحديد دلالات البنى التركيبية للمدونة لتأتي الدّراسة بالبنية الدلالية كخاتمة للمقال.
2/3 البنية الدلالـية :
لقد تطور البحث الدلالي تطوراً سريعاً منذ عهد" بريال ودي سوسير"، حتى غدا فيه التنوع والاختلاف بين العلماء سمة مميزة وذلك لإغراقه في البحث المجرد ولاتساع مساحة الدرس وظهور نظم جديدة زاحمت النظام اللغوي ، وأضحى النموذج السيميولوجي أحد النماذج الأكثر حضوراً في القراءات النقدية الأدبية باعتبار النص شبكة من العلامات الدالة، ويُعد البحث في الحقول الدلالية من البحوث التي لم تتبلور فيها نظرية دلالية جامعة رغم الجهود اللغوية لعلماء الدلالة، » إلا في العشرينيات والثلاثينيات من هذا القرن«(22)، وقد حددت الدِّراسة للمجموعة القصصية- على الشاطئ الآخر- حقلين دلاليين هما كالآتي:
أ – الحــقل الدلالي السياسي:
تُعَدُ الرواية من الفنون الأدبية التي تنطلق فيها نفسية الأديب نحو إبداع نوع من الرؤى المنثورة على ساحة العمل، وتقديم رؤية الأديب لواقعه بصورة فـنية،جمالية« في عالم الجمال، والوجدان لأنه يرى الأشياء والأحاسيس رؤية طازجة، ليست نظرته وليدة المنطق ، أو العلم ولكنها وليدة الحدس ، وليست أدواته هي التحليل والتركيب ، بل هي الخيال المضيف»(23) ، وقد يستعير المبدع بعض أدواته السياسية ومعانيها ورموزها وتواريخها وشخصياتها من أجل تبليغ رسالة ما للمتلقي الذي يساهم في التفاعل مع المثقف سياسيا دون دراسة منه كالتحفيز للثورة المسلّحة أو الفكريّة، أوتأبين شخصيّة سياسية ما.
وهكذا كانت« العلاقة بين الأدب والسياسة خصبة ومعقدة، ليس للسياسة في الأدب أن تحصر بالمعنى التقني فذلك ينفي الأدبية، السياسة في الأدب تحصر بمعناها التاريخي أي بما هي أشكال لوعيه وممارسته الحياة الاجتماعية، والأدبية ليمارس السياسة في إنتاجه ولكن بأدواته، (...) وما أصعب ذلك عندما يكون الشعر هو أداة الرؤية»(24).
ومن خلال المدونة تحضر رؤية الروائّية- زهورونيسي- في الحقل السياسي من خلال علاقتها ببعض الأحداث التاريخية التي مرّت بها الجزائر من جيل الثورة إلى جيل الاستقلال، وما صحبها من ثورات تاريخية تأثرت بها الروائيّة ومجمل هذه القصص هي كالآتي: ( المرأة التي تطلق البنادق/ وراء القضبان) والجدول الآتي يبرزعلاقة المدونة بالتاريخ (الجزائري) ، وذلك من خلال التمثيل لبعض النماذج الوطنية وهي مجسّدة في الجدول الآتي:


عنوان القصة التمثيل السردي للحــــقل الدلالي

المرأة التي تطلق البنادق » بدأت تنزع ثوبها الخارجي بفك الأزرار،ثم الذي تحته ثم حزاما عريضا كالذي تستعمله المرأة بعد الوضع(...) وجحظت عيناي وأنا أراها تخرج من بطنها..من تحت الحزام شيئا أ سود (...)وحملتها كما حملتها صديقتي(فاطمة وعائشة)لا أدري لايهم...إنّ المرأة الحامل يبدوا "دائما عليها الاصفرار".. تعالي يا عزيزتي(...) إن السير ينفع النساء الحوامل « (25)
وراء القضبان » شهيد، شهيد، شهيد،كم مرة في اليوم أسمع هذه الكلمة،أعيريها يا فاطمة الكتب إنّها ابنة شهيد، سهلي لها الامتحان يا فاطمة إنها بنت شهيد(...) ما هذا؟ حتى أنا شهيدة..شهيدة.. لقد استشهدت أنا أيضا لعدة مرات إنّي اليوم عاملة وأم لأطفال في جزائر حرّة، ولا وجود أبدا لكلّ ما تذكرت،أليس هذا ماكان يطرق في أذهاننا باستحياء...« (26)
وقد بلغت عدد قصص المجموعة في الحقل السياسي (02) قصّتان بنسبة مئوية تقدربـ(12.5%).
ب- الحـقل الدلالي الاجتماعي:
قبل الخوض في مسألة العلاقة بين العمل الإبداعي والبيئة الاجتماعية يجدر بنا الإشارة إلى أن المبدع فرد يعيش وسط جماعة من الناس ، ويعبر عن ذاته كفرد اجتماعي بقصدية أو غير قصدية عن جملة الذوات الاجتماعية الأخرى فهو صوت الشعب الذي يعيش فيه ويتنفس أحلامه، وأحزانه، وأفراحه ضمن كلّ إنساني متفاعل وسط هاته التركيبة » مبلوراً أراءها واتجاهاتها، مجسما آمالها ومعبرا عن واقعها، وعما تصبو إليه انطلاقا من هذا الواقع وفي معركة الحياة والمصير« (27).
والمبدع إجمالا مسؤول عن تقدم مجتمعه وتأخره باعتباره مشاركا فيه متأثرا به مؤثرا فيه » ولعلّ مسؤولية الأديب أعظم شأنا وأبعدها خطرا لأن الأدب وحده من دون سائر الفنون، يقوم على مادة الألفاظ اللّغوية أي على مدلولات معنوية صريحة« (28) وعموما فإن» الوظيفة الاجتماعية للأدب تتجلى في نهوضه بأعبائه المعرفية والفكرية والتربوية وذلك فيما يزود به المتلقي من معرفة وخبرة وتوجيه«(29).
وقد حصرت الدّراسة المعجم الاجتماعي للمجموعة القصصيّة من خلال جملة من الدلالات التي تعكس الحياة الاجتماعية للجزائريين من "عقيدة وأنماط سلوكيات اجتماعية إلى نفسية مكلومة" ونظرة الروائيّة "زهور ونيسي" إليها داخل هذا النظام لتعكس الرؤية الحدسية للروائية،ومن ثم إسقاطها على واقع الإنسان الجزائري الذي مالبث أن خرج من معركة الكفاح المسلّح ليجد نفسه من جديد يسقط في معركة المشاركة في تأسيس كيان المجتمع الجزائري المستقل حديثا .
ومجمل هذه القصص هي كالآتي: (سميّة /اللّوحة/ الثوب الأبيض/ المصير/هؤلاء النّاس / على الشاطىء الآخر/ الدرب الطويل/رحلة إلى القمر/ لماذا لا تخاف أمي؟/ خرفيّة/ فاطمة/ زغرودة الملايين/ مازلنا نقسم/ عقيدة وإيمان)،والجدول التالي يبرز علاقة المدونة بالمجتمع (الجزائري) وذلك من خلال التمثيل لبعض النماذج الاجتماعية وهي كالآتي:
عنوان القصة التمثيل السردي للحـــقل الدلالي
سميّة » كيف حالك؟ كيف حال البنية؟ لقد اخترت لها اسما جميلا..(سميّة)اسم،إسلامي،يقال إنّها أوّل شهيد في الإسلام(...) ويضع الأب البنت على الأرض وينحني ليغطي وجها صغيرا(...) وتتقلص عضلات وجهه ويهمس لقد ذهبت دون أن تحمل اسما سوى أنها بنت...« (30)
عنوان القصة التمثيل السردي للحـــقل الدلالي
اللّوحة » صورة قديمة بما فيها من أثار بناء أبيض،قبة بيضاء،سلم أبيض،أشجار... عجائز طليت جذوعها بالجير الأبيض، نساء تدخل وتخرج ملفوفة في حجاب أبيض ،كل ما فيها أبيض يومىء بالكفن بالموت،بالتجرد ،باللالون « (31)
الثوب الأبيض »هيا يا عزيزتي الوقت راح،ونهار الشتاء قصير،ولابد أن نتم شراء القماش الأبيض،لأنّ الخياطة تنتظر،وتقف زهية كالحمل الوديع، وتموء نميرة،وكأنها تبكي،وتستعدّ هي للخروج مع أمّها،وليس بين ما ستشتريه وبين الكفن فرق«(32)

المصير » اذهب ياعمي عبد الرزاق،مع السلامة،مازالت البركة وسأعمل على إيصال المنحة لك(...) ومرة أخرى يجد ابن الحلال الذي يقف ويترك له مقعده في السيارة الكبيرة فيسرح بعينيه عبر النافذة(...)وكأنّه يودع حياته، حياته كلها بما فيها من حلو ومر..وتتعب رقبته فيستدير، ويغمض عينيه وقد هدهدته سرعة السيارة، ويلفه النوم والمصير« (33)
هؤلاء النّاس




عنوان القصة » لكن الناس لاترحم الجيران..يجعلون من الحبة قبة..إنّها تريد أن تبرهن لهم جميعا أنّها بريئة مما يقولوه فيها (...) ورغم ذلك..رغم كل ذلك.. فالعيون كلّها..عيون العجائز، تعلوها القذارة، قذارة الاتّهام الظالم، والشك القاتل، والسخرية المدمرة، لماذا سكوت هؤلاء الناس؟(...) فاطمة لابدّ أن ترجعي للمدينة..بجانبي،إنّ هذا شيء لا يطاق.كلانا ضحية يا فاطمة« (34).

التمثيل السردي للحــــقل الدلالي
علىالشاطىء الآخر »إنّه الغروب في كل مكان.حتى هناك بعيدا، بعيدا عندنا،وكان الشك يراوده في هذه الحقيقة،فتتنهد عاليا إن الغروب في بلادي مثل الشروق هنا،ويبتسم ابتسامة بعيدة عن الفجر،لأنّه هنا وليس هناك« (35).
الدرب الطويل » كيف السبيل إلى فهم ما جرى بيني وبين صديقتي – إبراهيم-(...) وكيف يلعب ويلاعب لعبة "الغميضة" مع رجال الأمن العام وكل العاملين(...) باسم أمجاد وحق الاحتلال والاغتصاب (...) لندرك فورا أن نهايته كانت مرسومة ومحتومة منذ الخطوة الأولى التى سرتها في درب الدم الطويل« (36)
رحلة إلى القمر » وهاهو القمر ملك يمين الإنسان فلماذا لا يتوزع البشر ونصبح كلنا نسكن قصورا؟ ماذا لو خيرنا أمريكا على أن تأخذ القمر كله وتترك لنا فيتنام وفلسطين؟ لقد قمنا بالسلام (...) عليك يا قمر على أرضك الصخرية التي تغنت بها فيروز مرّة:- يا قمر أنا وياك،... « (37).
لماذا لا تخاف أمي؟ » لعلّ أمي،أيضا لو كان شافتني؟ قالها كمال وهو يُسائل نفسه:أخيرا يرى علما بين يديه،يلمسه، يضمه، يقبله،ثم حرمته أمه من هذه الأمنية الصغيرة العزيزة « (38).
خرفيّـــة » يالها من امرأة مسكينة، ألم يكفها ما قاسته؟ ألم تكتفي من الأتعاب والمشاق والمعارك؟(...) إنّ خرفية أرملة شهيد،قضى نحبه في بداية الكفاح المسلح، شاركت زوجها حبه ونضاله حيا وعندما مات خلفت مكانه« (39).
عنوان القصة التمثيل السردي للحقل الدلالي
فاطـــمة » كان كوخ فاطمة بعيدا عن الأكواخ الأخرى(...) عندما أطل جنود المظلات(...) كعادتهم يفتشون وينقبون(...) ووصل دور كوخ فاطمة في عملية التفتيش (...) تخير المرأة بين شرفها وابنها فتفضل موت ابنها..لتبقى هي بعده فتموت راضية دون أن يصل الأوغاد إلى سر من أسرار منظمتها المقدسة « (40).
زغرودة الملايين »علم الثورة؟خرجت هذه الجملة من فمي زهيرة(...)وفي هذه الدهشة(...) زغرودة انطلقت من فم أم سماك طويلة قوية مجلجلة(...) زغاريد رنتها تحير أذنيك بين الفرح والحزن،بين الأمن والفزع(...) واختلط الدم بالمطر،بالوحل،بالأشلاء« (41).
مازلنا نقسم
» إنها أمسية الواحد والثلاثين من شهر أكتوبر عام 1964...والمدرسة،بل وكل المدارس..ستتعطل غدا..(...) لتحي شهدا الكفاح بدقيقة صمت واحدة تضم عمرا كاملا(...) قسما بالنازلات الماحقات..وإننا لانزال نقسم... « (42).
عقيدة وإيمان » أتعلمين يا أم فاطمة أنك إذا بكيت على وحيدك الشهيد كثيرا عذبته ولم تلاقيه في الجنة؟فتحركت المسكينة كمن به مس (...)أحقا أراه وألاقيه عندما لا أبكي؟ فأمأت رأسي أن"نعم"..فتمتمت باعتقاد وإيمان وكأنها تخاطب روحا تتراءى لها: سامحني يا ولدي..فلن أعود إلى البكاء مرة أخرى« (43).
وقد بلــغت عدد قصص المجموعة في الحقل الاجتماعي(14) قصـة بنسبة مئوية تقدر بـ(87.5%)، ولعلّ المدرج التكراري يوضح لنا التباين الملحوظ بين الحقلين الدلاليين ليميّز للمتلقي ازدواجية الرؤية السرديّة عند الروائيّة المعاصرة " زهور ونيسي" من خلال المزج الفني بين (الحقل السياسي والحقل الإجتماعي)

وفي ختام هذه الدّراسة السيمائية نجد أنَّ غلاف المجموعة القصصية مثّل علامة بصرية سيميائية عبّرت عن مضمرات المجموعة القصصية حيث عكست نفسية، وذهنية الرِّوائية- زهور ونيسي - التي وقفت كثيرا على انتقاء العناوين المناسبة لمجموعتها القصصيّة حيث لم تخالف عادة الروائيين المحدثين الذين عادة ما يختارون عنوانا رئيسا يجمع في طياته مجمل المعاني الدلالية للإبداع المملوء بحيثيات التجربة الإبداعية.
وفي مجمل القول يمكن الجزم أنّ المجموعة القصصية أعطت لمحة خاصة على بعض "الميولات النفسية،السياسية" خاصة عند إحدى المبدعات الجزائريات التى خاضت بصدق تجربة الإبداع النسوي كما تؤكّد على ذلك الناقدة المصرية "عائشة بنت الشاطيء" قائـلةأنّ:» قصص زهور ونيسي تقدم إلى تاريخنا الأدبي المعاصر، نبض الضمير الشعبي للجزائر الثائرة، وتضيف إلى المقروء من بطولات المقاتلين في كتائب التحرير، بطولات آبائهم ونسائهم، وأطفالهم في كل ربع من ربوع الجزائر وكل دار من دورها« (44)وبخاصة أثناء فترة الاستدمار الفرنسي من جهة ، ومن جهة ثانية تجربة الاستقلال ومرحلة البناء والتعمير الفكري والبشرى من جهة أخرى.
الـــــهوامش:
أ- المصـــادر:
/* زهور ونيسي: على الشاطىء الآخر،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر،ط1، 1979.
ب- المراجــع:
(1) جميل حمداوي: صورة العنوان في الرواية العربية،
2007/01/22http://www.arabicnadwah.com/articles/unwan-hamadaoui.htm
(2) بسام قطوس،: سيمياء العنوان ، وزارة الثقافة، عمان، الأردن، ط1، 2001، ص33.
(3) Léo H.ock , la marque du titre , dispositifs Sémiotiques d’une moutors publishers .Paris 1981, p5.
(4) الطيب بودربالة: قراءة في كتاب سيمياء العنوان للدكتور بسام قطوس، محاضرات الملتقى الوطني الثاني السيمياء ،والنص الأدبي، منشورات جامعة بسكرة، 15، 16، أفريل ،2002 ، ص52.
(5) شادية شقروش: سيميائية العنوان في "مقام البوح" لـ:عبد الله العيش ،محاضرات الملتقى الوطني الأول السيمياء والنص الأدبي، منشورات جامعة بسكرة، 6، 7، نوفمبر، 2000، ص271.
(6) محمد فكري الجزار: العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، الهيئة المصرية للكتاب ، مصر، 1998، ص 15.
(07) Léo. Hock , La marque de titre, P17.
(08) عبد الله الغذامي: الخطيئة والتكفير – من البنيوية إلى التشريحية- قراءة نقدية لنموذج الإنسان المعاصر، النادي الأدبي الثقافي، جدة، المملكة العربية السعودية، ط1، 1985، ص261.
(09) الطاهر رواينية: شعرية الدال في بنية الاستهلال في السرد العربي القديم ضمن الماشئة و النص الأدبي، أعمال ملتقى معهد اللغة العربية وآدابها، منشورات جامعة باجي مختار، عنابة 15/17 ماي، 1995، ص141.
(10) محمد الهادي المطوي: شعرية عنوان كتاب الساق على الساق فيماهو الفارياق، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، مجلد 28، العدد الأول، يوليو/ سبتمبر، 1999، ص457.
(11) بشرى البستاني: قراءات في الشعر العربي الحديث، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط1، 2002، ص 34.
(12) جوزيف بيزاكومبروبي " Joseph Besa Coprubi" : دكتور في فقه اللغة، وأستاذ تحليل الخطاب بقسم فقه اللغة، جامعة برشلونة.
(13) Joseph Besa Comprubi, les fonctions du titre nouveaux actes sémiotiques, 82,2002Pulim Université de Limoges,p91.
(14) بسام قطوس: سيمياء العنوان ، ص36 .
(15) علي جعفر العلاق: شعرية الرواية، مجلة علامات في النقد ، مج 6،ع23، السنة 1997 ، ص100.
(16) لوسيان غولدمان وآخرون: الرواية والواقع، ترجمة رشيد بنجدو،عيون المقالات، دار قرطبة، الدار البيضاء، ط1، 1988، ص12.
(17) قدور عبد الله ثاني: سيميائية الصورة، دار الغرب للنشر والتوزيع ، وهران، الجزائر، د.ط، 2004، ص 152.
(18) محمد بن يوب: آلية قراءة الصورة البصرية ، الملتقى الدولي التاسع للرواية عبد الحميد بن هدوقة، دراسات وإبداعات الملتقى الدولي الثامن ، وزارة الثقافة، مديرية الثقافة، ولاية برج بوعريريج، الجزائر، 2006 ، ص82.
(19) برنار توسان: ماهي السيميولوجيا ، ترجمة محمد نظيف، دار النشر إفريقيا الشرق، ط1، 1994، ص 17.
(20) محمد كراكبي: خصائص الخطاب الشعري في ديوان أبي نواس الحمداني، دراسة صوتية وتركيبية، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2003، ص123.
(21) محمد حماسة عبد اللطيف: الجملة في الشعر العربي، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، د.ط، 2005، ص61.
(22) منقور عبد الجليل، علم الدلالة أصوله ومباحثه
www.awu-dam.org/book/01/study01/267-M-A/book01-sd004.htm
(23) خالد الكركي: الرموز التراثية العربية في الشعر العربي الحديث، دار الجيل، بيروت، لبنان، مكتبة الرائد العلمية، عمان، الأردن، ط1، 1989، ص21.
(24) نبيل سليمان: أسئلة الواقعية والإلتزام، دار الحوار للنشر والتوزيع، سوريا، ط1، 1985، ص92.
(25) الرواية، ص 44 ،48 ،49.
(26) الرواية، ص 99،108 .
(27) ميشال عاصي: الأدب والفن، بحث جمالي في الأنواع والمدارس الأدبية والفنية، منشورات المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط2، 1970، ص41.
(28) المرجع نفسه، ص43.
(29) نبيل سليمان: أسئلة الواقعية والالتزام، دار الحوار للنشر والتوزيع سوريا، ط1، 1985، ص 93.
(30) الرواية، ص 37.
(31) الرواية، ص 52.
(32) الرواية، ص 63 ،64.
(33) الرواية، ص 72 ،73.
(34) الرواية، ص 84 ،85 .
(35) الرواية، ص90.
(36) الرواية، ص 112.
(37) الرواية، ص 126، 127 .
(38) الرواية، ص 138، 139.
(39) الرواية، ص 149،145.
(40) الرواية، ص 160 ،161 ،163.
(41) الرواية، ص 181،179.
(42) الرواية، ص 197،184.
(43) الرواية، ص207 ،209.
(44) الرواية، ص09 .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف