
" شكو ... ماكو !؟ "
الدكتور كامل خورشيد
إن صادفت اثنين من العراقيين ، في شرق الأرض ومغاربها ، فإنك ستسمع ، حتما ، العبارة العراقية بإمتياز " شكو ؟ ماكو ؟ " ، و " شكو " تعني : ماذا موجود ؟ و " ماكو " تعني " غير موجود ؟ ، ويقال إن كلمة " أكو " و " ما كو " أكديتان ، أو سومريتان ، على حد ما إكتشف الآثاريون في العراق .
وعبارة " شكو ماكو " هي إستهلال لفظي لأي حديث يجري بين شخصين عراقيين ، إن كان الموضوع عن أحوال العراق ، أو الأزمة المالية العالمية ، أو نادي تشيلسي ، أو ثقب الأوزون !!
فالمهم " شكو ماكو " هي التي تفتح الحديث ، وكإنها لازمة لابد منها، أو بابا يجب فتحه، وإلا لن يكون للكلام معنى محدد بدونها !! أي إن السائل عندما يسأل آخر : " شكووو ... ماكوووو ؟ " فإنه ، لفظيا ، يسأل عن الخبر " الموجود " وعن الخبر " غير الموجود " ايضا !! ومن غير المتوقع أن ينتظر السائل إجابة عن " الماكو " ، لكن العبارة تجسد إرثا" عراقياً" يمارسه الجميع تقريبا ، وبه تتميز اللهجة العراقية .
ويستخدم الأشقاء من أهل الشام عبارة " شو في .. ما في " للدلالة على العبارة العراقية ، وفي مصر يقولون " فيه إيه ؟ " وفي المغرب " كاين ومكاينش " وللعبارة مترادفات في اللغات الأخرى ايضا ولكن جميع اللغات تقتصر عباراتها عن " الأكو " و " الشكو " ولا أظن إن أحدا ما في العالم ، عدا العراقيين ، يغامر بالسؤال عن " الماكو " !!
ودخلت مفردة " شكو " التراث الغنائي العراقي ايضا ‘ فغنت زهور حسين ولميعة توفيق والمطرب صباح اللامي ، أغنية جميلة تضمن مرارا كلمة " شكو ؟ " حيث تقول الأغنية في مطلعها :
خاله شكو شنهو الخبر قوليلي
فدوه رحتلج ليش ما تحكين لي !؟
خالة دقوليلي اييش الصار
والله شعلتييني بنار
فدوه شكو ،، عيني شكو !؟
وهذا المقطع قد يفسر جزءا من نظرية إتصالية وضعها عالم الأتصال الأميركي هارولد لازويل بتساؤلاته الخمسة عن ماهية الإتصال عندما قال إن الإتصال الأنساني بين البشر ، ماهو إلا عملية تبادل أفكار ، وتفاعل ، بين طرفين ، قوامها الأسئلة الخمسة : من ؟ قال ماذا ؟ ولمن ؟ وباية وسيلة ؟ وما هو التاثير ؟
ويقال ، من باب النكتة التي يجيدها العراقيون في كل الظروف التي تلم بهم ، أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأبن أطلع أثناء مدة الحصار والحرب على العراق ومن ثم الآحتلال ، على تقارير سرية أعدتها المخابرات الأميركية السي آي أي مفادها إن عملاء الوكالة المنتشرين في كل انحاء العراق لم يتوصلوا الى تحليل عبارة " شكو ماكو " ولم ينجحوا في تفسير مغزاها ولماذا تقال وأين تقال ولمن تقال ؟ لذلك ساور الشك الرئيس بوش من أن هذه العبارة ( اللغز ) قد تكون المفتاح للوصول الى حقيقة اسلحة الدمار الشامل في هذا البلد !! فقد تكون عبارة " شكو ماكو " كودا رمزيا يستخدمه العراقيون للتضليل وإخفاء الحقائق !!
فقرر بوش خوض التجربة ، ولم لا ، فطار الى بغداد سراً ، كعادته في كل مرة ، بطائرة خاصة دون ان يتم الإعلان عن رحلته ، ولم يعلم به أحد ، بأستثناء قلة قليلة معه ، وعندما حط في قاعدة من القواعد الأميركية ، تنكر بزي عربي ونزل الى ساحة التحرير ، مركز بغداد ، وتجول في سوق الملابس العتيقة ، وسوق الصفافير ، والشورجة ، والفضل وقنبر علي ، وسوق الهرج ، مستمتعا بأن لا أحد من العراقيين إنتبه لوجوده ، فأيقن أن الترتيبات الأمنية كانت فائقة جدا ، وبعد جولة له إستغرقت حوالي ثلاث ساعات ، إستمع فيها مئات المرات الى عبارة " شكو ماكو " بين الناس ، وقبيل إنتهاء الزيارة السرية ، أراد بوش أن يجرب أن يقول " شكو ماكو " لأحد العراقيين البسطاء ممن وضعهم الحظ أمامه ، فعندما سأل بوش هذا العراقي قائلا له " ها أخي .. شكو ما كو ؟ " أجابه العراقي ببرودة أعصاب قائلا :
ما كو شي أخي .. بس يقولون الرئيس بوش في زيارة سرية لبغداد وصار له ثلاث ساعات يتجول في الأسواق !!
لا هو اي ما كو شي !!
الدكتور كامل خورشيد
إن صادفت اثنين من العراقيين ، في شرق الأرض ومغاربها ، فإنك ستسمع ، حتما ، العبارة العراقية بإمتياز " شكو ؟ ماكو ؟ " ، و " شكو " تعني : ماذا موجود ؟ و " ماكو " تعني " غير موجود ؟ ، ويقال إن كلمة " أكو " و " ما كو " أكديتان ، أو سومريتان ، على حد ما إكتشف الآثاريون في العراق .
وعبارة " شكو ماكو " هي إستهلال لفظي لأي حديث يجري بين شخصين عراقيين ، إن كان الموضوع عن أحوال العراق ، أو الأزمة المالية العالمية ، أو نادي تشيلسي ، أو ثقب الأوزون !!
فالمهم " شكو ماكو " هي التي تفتح الحديث ، وكإنها لازمة لابد منها، أو بابا يجب فتحه، وإلا لن يكون للكلام معنى محدد بدونها !! أي إن السائل عندما يسأل آخر : " شكووو ... ماكوووو ؟ " فإنه ، لفظيا ، يسأل عن الخبر " الموجود " وعن الخبر " غير الموجود " ايضا !! ومن غير المتوقع أن ينتظر السائل إجابة عن " الماكو " ، لكن العبارة تجسد إرثا" عراقياً" يمارسه الجميع تقريبا ، وبه تتميز اللهجة العراقية .
ويستخدم الأشقاء من أهل الشام عبارة " شو في .. ما في " للدلالة على العبارة العراقية ، وفي مصر يقولون " فيه إيه ؟ " وفي المغرب " كاين ومكاينش " وللعبارة مترادفات في اللغات الأخرى ايضا ولكن جميع اللغات تقتصر عباراتها عن " الأكو " و " الشكو " ولا أظن إن أحدا ما في العالم ، عدا العراقيين ، يغامر بالسؤال عن " الماكو " !!
ودخلت مفردة " شكو " التراث الغنائي العراقي ايضا ‘ فغنت زهور حسين ولميعة توفيق والمطرب صباح اللامي ، أغنية جميلة تضمن مرارا كلمة " شكو ؟ " حيث تقول الأغنية في مطلعها :
خاله شكو شنهو الخبر قوليلي
فدوه رحتلج ليش ما تحكين لي !؟
خالة دقوليلي اييش الصار
والله شعلتييني بنار
فدوه شكو ،، عيني شكو !؟
وهذا المقطع قد يفسر جزءا من نظرية إتصالية وضعها عالم الأتصال الأميركي هارولد لازويل بتساؤلاته الخمسة عن ماهية الإتصال عندما قال إن الإتصال الأنساني بين البشر ، ماهو إلا عملية تبادل أفكار ، وتفاعل ، بين طرفين ، قوامها الأسئلة الخمسة : من ؟ قال ماذا ؟ ولمن ؟ وباية وسيلة ؟ وما هو التاثير ؟
ويقال ، من باب النكتة التي يجيدها العراقيون في كل الظروف التي تلم بهم ، أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأبن أطلع أثناء مدة الحصار والحرب على العراق ومن ثم الآحتلال ، على تقارير سرية أعدتها المخابرات الأميركية السي آي أي مفادها إن عملاء الوكالة المنتشرين في كل انحاء العراق لم يتوصلوا الى تحليل عبارة " شكو ماكو " ولم ينجحوا في تفسير مغزاها ولماذا تقال وأين تقال ولمن تقال ؟ لذلك ساور الشك الرئيس بوش من أن هذه العبارة ( اللغز ) قد تكون المفتاح للوصول الى حقيقة اسلحة الدمار الشامل في هذا البلد !! فقد تكون عبارة " شكو ماكو " كودا رمزيا يستخدمه العراقيون للتضليل وإخفاء الحقائق !!
فقرر بوش خوض التجربة ، ولم لا ، فطار الى بغداد سراً ، كعادته في كل مرة ، بطائرة خاصة دون ان يتم الإعلان عن رحلته ، ولم يعلم به أحد ، بأستثناء قلة قليلة معه ، وعندما حط في قاعدة من القواعد الأميركية ، تنكر بزي عربي ونزل الى ساحة التحرير ، مركز بغداد ، وتجول في سوق الملابس العتيقة ، وسوق الصفافير ، والشورجة ، والفضل وقنبر علي ، وسوق الهرج ، مستمتعا بأن لا أحد من العراقيين إنتبه لوجوده ، فأيقن أن الترتيبات الأمنية كانت فائقة جدا ، وبعد جولة له إستغرقت حوالي ثلاث ساعات ، إستمع فيها مئات المرات الى عبارة " شكو ماكو " بين الناس ، وقبيل إنتهاء الزيارة السرية ، أراد بوش أن يجرب أن يقول " شكو ماكو " لأحد العراقيين البسطاء ممن وضعهم الحظ أمامه ، فعندما سأل بوش هذا العراقي قائلا له " ها أخي .. شكو ما كو ؟ " أجابه العراقي ببرودة أعصاب قائلا :
ما كو شي أخي .. بس يقولون الرئيس بوش في زيارة سرية لبغداد وصار له ثلاث ساعات يتجول في الأسواق !!
لا هو اي ما كو شي !!