الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بعض مخاطر تعلم اللغة الأجنبية على اللغة العربية في مرحلة الطفولة- دراسة د / أميمة منير جادو

تاريخ النشر : 2010-11-01
بحث


بعض مخاطر تعلم اللغة الأجنبية
على اللغة العربية في مرحلة الطفولة

دكتورة
أميمة منير جادو
باحث أكاديمي بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية
شعبة تحليل السياسات – قسم الإعلام والرأي العام
عضو اتحاد الكتاب
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية







مدخل:

تشير الأدبيات السابقة إلى أن " ثمة جدال يحتدم في الآونة الأخيرة حول تعليم اللغة الأجنبية –(خاصة الانجليزية باعتبارها لغة عالمية وعولمية)- في المرحلة الابتدائية ( الطفولة) ,ويتمركز الجدال في تساؤلات يمكن اعتبارها تساؤلات بحثية مثل :
* هل لتعلم اللغة الأجنبية من فوائد ؟ أو إيجابيات ؟
*هل لتعلم اللغة الأجنبية من مخاطر؟
*أي هل لتعلمها من انعكاسات سلبية على تعلم الأطفال للغة القومية ( الأم) أو اللغة العربية ؟ " (1)
البعض يؤيد الطرح الأول فيما يتعلق بفوائد أو إيجابيات تعلم اللغة الأجنبية في مرحلة الطفولة مؤيدا طرحه بنتائج دراسات وتبريرات , والبعض الآخر يؤيد الطرح الثاني حول بعض المخاطر والانعكاسات السلبية في مرحلة الطفولة في جوانب عديدة مؤيدا أيضا طرحه ومُدعماً إياه بالمبررات ونتائج البحوث السابقة .

وتتناول هذه الورقة البحثية بالإشارة والعرض لهذا الطرح الأخير وفقا للمبررات وما أشارت إليه الدراسات والأدبيات السابقة كما يراها المتخصصون الحريصون على سيادة اللغة العربية على باقي اللغات (باعتبارها لغة القرآن ) وذلك على المستوى المحلي والعربي والقومي ولعل البحث الحالي يؤيد هذا الطرح. كما تتبع الباحثة المنهج الوصفي التحليلي لبعض الكتابات والأدبيات التي تناولت هذه الإشكالية والذي يتجاوز الوصف والتحليل إلى النقد الذي يدعم فرضية مخاطر تعليم اللغة الأجنبية على العربية في مرحلة الطفولة والتي تمثلها المرحلة الابتدائية أي حتى الصف الخامس الابتدائي .

إن أنصار هذا الطرح يؤكدون مخاطر تعليم لغة أجنبية على اللغة الأم (العربية ) في المجتمعات العربية خاصة في مرحلة الطفولة ,إذ تلعب اللغة الأم (العربية ),والأجنبية دوراً في غاية الأهمية من حيث تأثير كل منهما على تكوين ثقافة الطفل المتلقي وتشكيل آليات التفكير لديه حيث يُنْظَر إلى اللغة – عموما- على أنها أداة تواصل وتخاطب تميز العنصر البشري .
تحديد المشكلة :
يمكن تحديد المشكلة البحثية من خلال ما تعكسه الإرهاصات المتمثلة في بعض الأدبيات حول هذا الموضوع على النحو التالي إرهاصات أزمة اللغة العربية كما تعكسها الأدبيات :*(الشعر الحديث – نموذجاً )ولعل مما يدل على أن اللغة العربية تعاني أزمة حقيقة لا يمكن تجاهلها ما ورد على لسان الشعراء في العصر الحديث ممن ينبهون لخطورة الموقف ويدقون أجراس الخطر ليستيقظ الوطن العربي أجمع من سباته ولتتضافر الجهود ، فاللغة العربية التي قال فيها الشاعر هذا البيت الأشهر :
(أنا البحر في أحشائه الدُرُّ كامن ....... فهل ساءل الغواص عن صدفاته )
هي هي ذاتها التي نقرأ حولها هذا النص الحديث الذي يتبدى فيه مخاوف الشعراء والحريصين عليها ,وحيث يعكس النص روح القلق والتخوف فتقول بدور الأحيدب بعنوان "لغتي عشقي الأزلي "
( (جئت في هذا الزمن
كي أُفتشَ عنك تحت ركام الحضارة المزعومة..
وجدتكِ تبكين وتنوحين ..
أين أهلي ؟ أين سندي ؟كلهم تخلَّوا عنِّي !!
لغتي .. إلا أنا .. معكِ سأظل ..
لن أترككِ.أعيريني عينيكِ كي ما أبكي عنكِ .
وسأعيركِ سعادتي كي ما تفرحين عني ..
لا أستطيع السكوت
وأنا أسمع صوت نواحك ..
لأني أعشقكِ يا لغتي ..
خذي عيني وانظري كيف أراكِ ..
شامخة كالجبل ...
حُرَّة كالنسر .. تحلقين كالبازي عالياً ..
خذي سمعي , لتعلمي أن أسمعكِ أغنية طروبة ..
ولحناً شجياً..
أحلى من كل البلابل والعنادل ..
خذي قلبي وستعلمين بأن لكِ من الحب والعشق مقداراً كبيراً ..
كبيراً ..لغتي .. عقلي معكِ ..
أحلامي فيكِ كثيرة ..
مُدِّي إليَّ بثوبكِ المسترسل الأبيض ..كي ما ..
أنثر فيه أزهاراً شذِّية ..
قولي لكل من في الوجود بأنه ..
مازال هناك للحب أمل ..
في قلب كل عاقل يتنفس العربية.
قولي لكل من في الوجود بأنكِ بحر زاخر
ما في الحياة لكِ مثيل ..
قولي لهم : أنا مجدكم .. أنا عِزكم .. فأين هي النخوة والغيرة ؟
قولي لهم : سأظل أرفل في ثياب العِزِّ .
سأظل معجزة ...
سأظل أقوى من كل اللغاتِ وأعظم ..
قولي لهم :سوف أخرس فاه كل منكم ..
يكفيني فخراً أنني
لغةُ القرآن
لغة العروبة والإسلام .)


*انعكاسات أزمة اللغة العربية في الكتابات العامة والمتخصصة:

وكما انعكست الأزمة في الكتابات الشعرية أو النصوص النثرية الإبداعية فقد تناولتها أيضاً الأقلام الغيورة في الكتابات العامة والمتخصصة ,إذ تشير الأدبيات (3) في هذا المجال إلى أنه :" في الوقت الذي تفرض فيه العديد من دول العالم عقوبات صارمة على مواطنيها الذين لا يجيدون لغتها القومية ويتحدثون بها ويتعاملون بها حرصاً على هويتهم الثقافية ومرجعيتهم الفكرية , فإننا نجد إهمالاٍ للغة العربية وتهميشاً لها في المؤسسات الثقافية والأجهزة التنفيذية , وأصبحت اللغات الأجنبية تغزو الجامعات والمؤسسات التعليمية والبحثية والمصارف والهيئات حتى أصبحت المصالح الحكومية والهيئات الاقتصادية ترحب بمن يتكلمون ويكتبون بالإنجليزية والفرنسية وغيرها وتتغافل عن عدم معرفتهم الحد الأدنى من قواعد اللغة الأم (العربية ) وأصبحنا نرى من يتباهى بإجادة اللغات الأجنبية على حساب العربية وكأن ذلك قد يضعه في مصاف الصفوة الذين أحرزوا نجاحاً وحضوراً دولياً ,وأنه بذلك قد خرج من عباءة دول العالم الثالث , وأصبح ينتمي إلى دول العالم المتقدم .
وقد أسهم ذلك في تفشي الأخطاء اللغوية بصورة واضحة في البرامج الإذاعية والأنشطة الثقافية والمقالات الصحفية مما أصبح ينذر بخطر محدق يهدد العربية في عقر دارها , ولا يمكن إلى انتشار الأخطاء اللغوية في المؤسسات الوطنية التي هي بمثابة المدرسة التي يتعلم فيها جميع الناطقين بالضاد في مشارق الأرض ومغاربها وعدم تشجيع الذين لا يجيدون العربية في منابر الفكر وقنوات الاتصال والمؤسسات التعليمية والثقافية وفرض عقوبات رادعة على هؤلاء الذين يستهينون بلغتهم ويعتبرون تعلمها ضرباً من التخلف ورجوعاً على الوراء.
لماذا ...؟
لأن تعليم اللغة الأجنبية خاصة في مرحلة الطفولة ينطوي على مخاطر عديدة لا يمكن تجاهلها , ويمكن استعراض بعضها في الجزء التالي من البحث :
بعض مخاطر تعلم اللغة الأجنبية على اللغة العربية في مرحلة الطفولة :
يجدر بالباحثة أن تعرض لأهمية اللغة عموماً في المجتمع الإنساني قبل التعرض لمناقشة هذه المخاطر المترتبة على تعلم لغة أجنبية .
أولاً : أهمية اللغة :
بداية " يؤكد علم اللغة الاجتماعي أن اللغة تمثل أقوى رابطة بين أعضاء المجتمع الواحد لأنها رمز حياتهم المشتركة حيث تسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية الأخرى , وتنمي أسس العلاقات المختلفة , وبهذا يقرر علم اللغة الاجتماعي أن إحدى وظائف اللغة الرئيسة هو تحقيق الترابط بين أجيال المجتمع الواحد عن طريق تبادل الثقافات "(4)

كما بينت الدراسات المتخصصة في تعلم اللغات الأجنبية أن تعلم أكثر من لغة واحدة ليس من الأمور الجديدة في أدبيات تعلم اللغات الأجنبية خاصة اللغات المتصلة بحضارات الشعوب المعاصرة لها بغية نقل المعارف والعلوم والاستفادة من الآخرين (6)

إنه نتيجة تعلم اللغات الأجنبية انتقلت الحضارات بين الشعوب وتطور الفكر الإنساني ونمت تجاربه ومعارفه الاجتماعية ,لذلك اكتسب علم تدريس اللغات الأجنبية مكانة مهمة في ميادين العلوم نظير إسهامه في نقل الثقافات بين الشعوب والأمم .
" كما تنص سياسات التعليم في الوطن العربي عموماً :أن الهدف من تعليم اللغة الأجنبية وسبب إقرار اللغة الإنجليزية في قطاع التعليم العام يرمي إلى تمكين التلاميذ من إتقان المهارات والقدرات اللغوية وإيجاد عنصر الاهتمام العلمي لديهم , والتعرف على حضارات الأمم ورقيها , والاستفادة منها في بناء التقدم الحضاري مسترشدين بتعاليم الدين الحنيف " (7) .
كما يعنى هذا أن تعليم اللغة الأجنبية ليس أمراً مبتكراً ولا ابتدعته الحضارة الأوروبية والغربية ولكنه كان منذ صدر الإسلام ومنذ عهد الرسول(عليه الصلاة والسلام )وذلك عندما علمنا أن من تعلم لغة قومٍ أَمِنَ شرهم ,ولا يخفى على أحد كيف لعبت الترجمة دورها في إذكاء الحضارة الإسلامية في عصور نهضتها على مدى ستة قرون أشرقت فيها شمس الحضارة الإسلامية على الغرب فأخذوا عنها وتعلموا منها وأسسوا حضاراتهم التي امتدت للآن مما نقلوه عن الحضارة العربية الإسلامية , ولا يخفى على أحد أيضاً أهمية تعلم لغة أخرى وكيف شجع الخلفاء المسلمون على الترجمة وكيف بذلوا للعلماء من الأموال والهبات والعطايا وأكرموهم ,أو كما فعل الرسول الكريم ( ص) عندما اشترط فك قيد أسرى الحروب من العجم بأن يعلم الواحد منهم عشرة من المسلمين .

كل هذا وغيره في تاريخ العرب والحضارة العربية لا يدع مجالاً للشك بضرورة تعلم اللغات الأجنبية, فليس هناك ما يثير غضاضة في ذلك أو اتخاذ موقف مناهض لها وليست الإشكالية تكمن في هذا ولا في ذلك مكمن الخطر.

لكن الإشكالية التي تطرح نفسها إنما تتعلق بمخاطر تعلم اللغة الأجنبية على الأطفال خاصة في مرحلة عمريه مبكرة , وبمعنى آخر تتعلق الإشكالية المطروحة بالعمر الزمني أو بتوقيت تعلمها في مرحلة الطفولة نظراً لما تتميز به هذه المرحلة من خصوصية شديدة تتعلق بإقرارها المرحلة التكوينية الأولى التي تساهم-بشكل كبير وأساسي- في تشكيل شخصية الطفل ومعارفه وهويته والتي تؤثر عليه فيما بعد في مراحله العمرية المختلفة والتالية خاصة عندما يصير شاباً يافعاً , حيث أقر الباحثون أن الأمر لا يخلو من خطورة .

وتكمن الخطورة في (ماهية)هذه اللغة الأجنبية أي في محتواها التعليمي والأيديولوجي الذي يؤثر بلا شك على الأيديولوجيا العربية والإسلامية وبما يتعارض معها في كثير من الأحيان حيث اختلاف المضمون العقدي الديني والموروث الثقافي والسلوكي والقيمي والخلقي .. الخ .

وفي هذا يشير أحد المتخصصين بقوله :"وفي الحقيقة إن التعليم الأجنبي قد يزرع في الطالب الانتماء إلى اللغة والثقافة الأجنبية بكل ما تحمله من معان وأفكار ومفاهيم لا ترتبط بالتراث الوطني والتربية القومية .

وقد فطن أعداء الأمة إلى العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية والدين الإسلامي فقاموا بمحاولات عديدة لإضعاف هذه اللغة التي حملت هذا الدين الحنيف لزعزعة العقيدة في نفوس وعقول الجماهير المسلمة ولا سيما بعد أن فرضت اللغة العربية نفسها في المحافل والمنظمات الدولية , فالأمم المتحدة قررت أن تكون اللغة العربية هي واحدة من اللغات المعترف بها في إلقاء البحوث والمحاضرات كما اعترفت بها العديد من المعاهد والجامعات العلمية العالمية كلُغة علمية بها , وأفردت لها مناهج ومقررات ومواد بعد أن ازداد العلماء العرب المشتركون في المنظمات الدولية كمنظمة الطاقة الذرية وبحوث الفضاء وعلوم الليزر ...الخ"(8)

إن أحد محاولات أعداء الإسلام واللغة العربية هي ضرب اللغة العربية في مقتل ومحاولة النيل منها باعتبارها لغة القرآن - إذ يُعِدُ هذا جزء لا يتجزأ من المخطط الصهيوني التآمري الذي ورد في برتوكولات صهيون بإقامة كيان وطني يمتد من وادي النيل إلى الفرات ومن الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي – للنيل من الإسلام وشباب المسلمين وثقافة المسلم وهويته وعقيدته وأيديولوجيته حيث تعتبر " اللغة العربية هي العمود الفقري للثقافة الإسلامية فهي عربية بلسان رسولها الكريم , وعربية بلسان من استقبلوا دعوتها وحكموا بشريعتها , وعربية بالوطن العربي الذي طلعت فيه شمسها وتجلت فيه آياتها , وهي اللغة التي يتم بها أداء كثير من العبادات وتنظيم معظم المناسك الإسلامية , مما يؤكد أن هذه اللغة ليست لغة العرب وحدهم ولكنها لغة المسلمين جميعاً , بحكم مكانتها المقدسة , وأهميتها البالغة وكما تشير الحقائق القرآنية إلى التلازم القائم والعلاقة العضوية بين اللغة العربية والدين الإسلامي , وفي اختيار الله تعالى للغةِ العرب لساناً لِوَحْيِهِ, ووعاءً لكتابه إشارة واضحة لمن يتدبرون حكمة السماء التي تؤكد صلاحية هذه اللغة للحياة والبقاء , فهي باقية ما بقي كتاب الله الكريم إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها , وهي اللغة التي تجمع بين رسالة السماء ورسالة الأرض لأن فيها القرآن الكريم,ومنها ينطلق الأدب العربي والإسلامي بجلاله وسموه .

وهذا يعني أن نزول القرآن الكريم باللسان العربي – على سبيل الإعجاز به– هو منقبة لا تدانيها منقبة في في مجال اللغات , وهي منقبة كفيلة بتوثيق كل فضل ينسب إلى هذا اللسان , كما ورد في سورة الرحمن (الرحمن.علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان )أي أنه يكفي اللغة العربية فضلاً على غيرها من سائر اللغات أنها ملازمة لدين الله عز وجل"(9)
لكل هذه الأسباب استهدف أعداء الإسلام والعروبة اللغة العربية وأرادوا ضربها في مقتل ومحاولة تهميشها وتمزيق شخصية المسلم ومحو هويته وعروبته وتغريبه لطمس معالم حضارته الإسلامية وزحزحة ثوابته ومعتقداته والنيل من أيديولوجيته لتغريبه وتهويده وقولبته في القالب الأمريكي أو عولمته في منظومة السياقات الثقافية المدعية للتقدم والتحضر والمدنية من دعاة الفوضى والتحلل الأخلاقي والديني تحت شعارات الحرية المزيفة وليست مؤتمرات بكين وحقوق الشواذ وغيرها ببعيدة عن الأذهان .

وإمعانا في تنفيذ مخططاته راح يصدر لنا نحن العرب والشعوب المسلمة الإعلام الهابط وقيم الانحطاط عبر الفضائيات , ولم يكتف بذلك بل يصدر لنا نظرياته التربوية والتغريبية والتي من ضمنها ما يحث على ضرورة تعلم الطفل للغة أجنبية وبدأت هذه النظرية التعليمية تفرض نفسها شيئاً فشيئاً , فبعدما كان تعلم لغة أجنبية يبدأ في المرحلة الثانوية –أي بعد إتقان الكثير من قواعد أسس ومحتوى اللغة العربية (الأم) أولاً –صار في المرحلة الإعدادية , ثم في المرحلة الابتدائية في الصفوف الأخيرة (الخامس والسادس ) ثم تدرج الأمر إلى الصف الرابع ثم إلى الثالث فالثاني فالأول ثم صارت المصيبة الكبرى في مرحلتي الحضانة والروضة وصار أولياء الأمور يتباهون باستظهار أطفالهم لما حفظوه ورددوه من كلمات أجنبية.

وبدأت الخطورة كلها مع خصخصة التعليم ما قبل الابتدائي والابتدائي في المرحلة الأولية والإلزامية والتي توازي سنوات الطفل التكوينية التي سبق الإشارة إليها .
لقد صار تعليم اللغة الأجنبية في التعليم الخاص إلزامياً , فالوالد يبعث بابنه للمدرسة الإنجليزية والأمريكية والألمانية وهلم جراً , بل وحين تسأله عن ذلك يجيب بكل فخر ومباهاة بأنه يعلمه تعليماً أجنبياً بدلاً مما كان يقال أنه يعلمه تعليماً أزهرياً مع الفارق .
إن ولي الأمر يرسل طفله عامداً متعمداً تعليمه اللغة الأجنبية بحسب نوع المدرسة وبالتالي تبث فكرها ولغتها وثقافتها عبر مناهجها في مقابل تهميش اللغة العربية , وحيث تصير اللغة العربية الأم هي اللغة الثانية في هذه المدارس وتحل محلها في الأهمية اللغة الأجنبية أي تصير العربية لغة ثانوية وليست أولية كما ينبغي لها , وفي هذا يكمن الخطر كل الخطر .
فالخطورة ليست في تعلم لغة أجنبية ولكن في أي مرحلة نبدأ في تعليمها لأطفالنا العرب والمسلمين ؟ هذا هو التساؤل المطروح وهذه هي الإشكالية الكبرى حيث تجاوز تعليم الأطفال للغة الأجنبية حدود المدارس والحضانات والروضة إلى البيوت كما يحدث في الخليج العربي وبعض بلاد المغرب من خلال المربيات والشغالات الأجنبيات كما أشارت لذلك بعض البحوث وكما سيتعرض لها البحث الحالي لاحقاً .

ثانياً :أهم المخاطر :
يلفت الباحثون والمتخصصون الأنظار إلى خطورة تعلم اللغة الأجنبية- بالحيثية التي ورد ذكرها آنفاً – كما أشارت الكتابات,فقد أشار القاسمي(10) حول المنظومة اللغوية للطفل العربي قبل المدرسة في الوطن العربي إلى أنه يمكن التمييز بين ثلاث منظومات لغوية رئيسة قبل المدرسة وهي :
1-الطفل في بيئة عربية خالصة .
2-الطفل في بيئة عربية لكنها تستخدم مربيات أجنبيات وخدم بيوت أجانب وتعتمد أسواقها على العمالة الأجنبية .
3-الطفل في بيئة تتكلم لغة وطنية غير العربية وحيث تتباين هذه البيئات اللغوية على الوجه التالي:

(*) الأزدواجية اللغوية :
عندما يدخل الطفل المدرسة الابتدائية أو حتى روضة الأطفال فإنه لا يأتي إلى هذه المؤسسة وذهنه صفحة بيضاء ليكتب عليها المعلم ما يشاء , وإنما يدخل المدرسة الابتدائية وقد اكتسب جملة من المعلومات والمهارات والخبرات السلوكية الاجتماعية والنفسية , وعلى المدرسة أن تنمي حصيلته تلك وتشذبها وتفتق قدراته الإبداعية وتطورها .
ومن تلك الحصيلة التي يأتي بها الطفل إلى المدرسة حصيلته اللغوية التي اكتسبها من أسرته ومحيطه والطفل العربي الذي ينتمي إلى بيئة عربية خالصة لا يأتي إلى المدرسة وهو يتكلم اللغة العربية التي تستعملها المدرسة ,إنه يتكلم العربية الدارجة (العامية) التي تتحدث بها أسرته ومحيطه , على حين أن المدرسة تستعمل الفصحى في كتبها المدرسية وتسمى هذه الظاهرة في علم اللغة : بالازدواجية اللغوية .
وهكذا فالطفل العربي يواجه صعوبة عند دخوله المدرسة تتمثل في أن اللغة التي يتحدث بها ويألفها في المنزل والحي تختلف نوعاً ما عن اللغة التي يتعلمها في المدرسة.

(*) التداخل اللغوي :
تستخدم بعض البيوت العربية في منطقة الخليج وبعض البلدان العربية الأخرى خدماً وسائقين للعمل في المنزل وكذلك مربيات للعناية بالأطفال خاصة الصغار منهم , وأغلب هؤلاء الخدم والمربيات من الدول الآسيوية كالهند والفلبين وباكستان وسيريلانكا , وهم إما يتكلمون بلهجة عربية هجينه مشوهة صوتياً ونحوياً ودلالياً ,وإما يتحدثون بإنجليزية أكثر تشويهاً بسبب مستواهم الثقافي والاجتماعي الذي لا يسمح لهم باكتساب اللغة الإنجليزية والتحدث بها بصورة مقبولة .
وتقرر الدراسات اللغوية أن لغة الأطفال تتأثر بلغة المربيات والخدم وتسمى هذه الظاهرة في علم اللغة"بالتداخل اللغوي", ويعرف التداخل اللغوي بأنه :" إبدال عنصر من عناصر اللغة الأم بعنصر من عناصر اللغة الثانية "(11) أو " انتقال عناصر من لغة إلى أخرى وتأثيرها في مستوى أو أكثر من مستويات اللغة المنقول إليها : الصوتية والصرفية والنحوية واللفظية والدلالية والكتابية سواء أكان هذا الانتقال من اللغة الأم إلى اللغة الثانية أم بالعكس , وسواء أكان هذا الانتقال شعورياً أم لاشعورياً"(12).
وينتج عن التداخل اللغوي أحد الوضعين التاليين :
إذا كان أولئك الخدم يتكلمون بعربية دارجة مكسرة فإن الطفل سيكتسب منهم بعض العادات اللغوية غير السليمة في عدد من المستويات اللغوية أبرزها :
المستوى الصوتي :
إذ سينطق بعض الأصوات (الحروف) بطريقة خاطئة مثل نطق الذال أو الضاد ,زاياً , ونطق الثاء سيناً , ونطق الطاء تاءً , وهكذا , ومثل هذه الأخطاء الصوتية قد تبقى مع الطفل طيلة عمره ما لم تُبذل جهود جادة لإصلاحها قبل أن يبلغ الحادية عشرة من عمره .
المستوى النحوي :
إذ ستأتي بعض تراكيبه اللغوية غير سليمة , مثل استعمال أفعال الشخص الثالث المذكر مع ضمير المخاطب , وهذه الأخطاء يمكن إصلاحها بتقدم الطفل في التعلم أو باختلاطه مع الآخرين في بيئته العربية .
إذا كان أولئك الخدم يتحدثون الإنجليزية فإن لغتهم غير سليمة خاصة في المستوى الصوتي , وبالأخص في تنغيم الجمل الذي يتأثر بتنغيم الجمل في لغاتهم الآسيوية , وإذا كان الطفل الذي يعتني به هؤلاء الخدم والمربيات يتعلم الإنجليزية في مدرسته في سن مبكرة فإنه لا يسلم من التداخل اللغوي السلبي بحيث يميل إلى نطق الإنجليزية وتنغيم عباراتها بالطريقة الآسيوية .
ونتأكد من خطورة هذا الوضع إذا ما علمنا أن الطفل سيسمع هؤلاء الآسيويين لا في المنزل فحسب , وإنما في السوق والشارع كذلك , فحجم العمالة الوافدة إلى منطقة الخليج كبيرة جداً ,بحيث أن المملكة العربية السعودية وحدها كانت تضم في عام 1995 حوالي 6256323 شخصاً , ينتمي 99% منهم إلى دول نامية ,و57% من هؤلاء إلى دول آسيوية.
وقد تنبه كثير من الباحثين الخليجيين إلى تأثير خدم البيوت ومربيات الأطفال على ثقافة أولئك الأطفال ولغتهم وأشار أحدهم بقوله " من أسوأ الأمور في هذا الموضوع أن الأطفال الذين تربيهم المربيات الأجنبيات لا يتشربون الثقافة الخالصة للمجتمعات التي أتين منها فحسب , لكنهم يتشربون الثقافة الدنيا لهذه المجتمعات وذلك بحكم أن المربيات يأتين من طبقات دنيا لتلك المجتمعات ."(13)
(*) التعدد اللغوي :
كما يشير القاسمي(14) أيضاً إلى أنه " إذا نشأ الطفل في أسرة وبيئة تتحدث لغة وطنية غير العربية (كما في حالة الطفل في قرية أمازيغية في جبال الأطلس في المغرب مثلاً ) فإنه سيواجه " ثنائية لغوية " عند دخوله المدرسة التي يتعلم فيها اللغة العربية الفصحى .
وتعني" الثنائية اللغوية" : تحدث الفرد بلغتين , أما إذا كان هذا الطفل من أسرة تتحدث بالأمازيغية ولكنها تعيش في مدينة تتحدث باللهجة المغربية العربية فإن الطفل سيواجه عند دخوله المدرسة حالة ( تعدد لغوي ) أي أنه يتعلم الأمازيغية في المنزل واللهجة المغربية العربية مع أقرانه في الحي الذي يقطنه ,واللغة العربية الفصيحة في المدرسة .

(*) مخاطر على المستوى الثقافي والقيمي والخلقي :
تشير الأدبيات على أن الأمر لا يخلو من خطورة على المستوى الثقافي بالإضافة إلى المستوى اللغوي الذي يؤثر بلا أدنى شك على المستوى الخلقي والسلوكي من تعلم لغة بعيدة عن الدين والثقافة , ومعروف لدى المختصين في تعليم اللغة الإنجليزية ما يدور في دهاليز أقسام اللغة الإنجليزية في الجامعات الغربية من طروحات حول تعليم اللغة الأجنبية إذ "يتردد في أوساط علماء اللغة في الغرب مقولة أن اللغة الأولى أي اللغة التي يتحدثها الفرد والمجتمع ويعبر عنها باللغة الأم -لا يكتمل اكتسابها قبل سن السابعة- وخرج المتخصصون في الثنائية اللغوية بنظريات شتى مجملها أن تعلم لغتين أو أكثر في سن الطفولة يؤثرسلباً وبشكل كبيرعلى إتقان إحدى هذه اللغات"(15)
وأوردت ليندا ويلبرج –متخصصة في الثنائية اللغوية – عدداً من السلبيات العديدة التي تشكل عائقاً في الإبداع اللغوي عند الطفل الثنائي اللغة في دراستها التي أجرتها على مواطنين عرب مقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية (16)
وهذا الأمر ليس مكتشفاً حديثاً , بل قد أوردت كتب الأولين خطورة تعلم اللغات الأجنبية في الصغر , فعندما اختلط العرب بغيرهم بعد الفتوحات الإسلامية وكثر اللحن في اللغة خاف كثير من العرب على لغة أبنائهم لمعرفتهم أهمية النضج اللغوي وحرصهم على تلقينهم اللغة العربية السليمة بعيداً عن الضعف واللحن , لذا عمدوا إلى إرسالهم إلى البادية والعيش فيها فترة طويلة لتعلم اللغة العربية السليمة بعيداً عن اللحن والضعف اللغوي العام الذي تتصف به المدن الكبيرة التي يكثر فيها الأعاجم .
وقد أورد ابن خلدون في مقدمته ما يدل على أن تعرض الإنسان في صغره إلى لغة أخرى يضعف اللغة ولا يرتقي بمستواها إلى مستوى الإتقان إذ يقول ( إذا تقدمت في اللسان ملكة العجمة , صار مقصراً في اللغة العربية وذلك أن الملكة إذا تقدمت في صناعة بمحل فقل أن يجيد صاحبها ملكة أخرى )
وما يفهم من نص ابن خلدون يبين أن اللغة ملكة مكتسبة من معايشة المجتمع والبيئة , وقد أشار د / سعد القحطاني إلى ذلك بقوله : ( إن المتعلم للغة واحدة يكون من خلاله (التعلم)" ذائقة ", أو" حساً " يتمكن من خلاله معرفة الجمل الصحيحة والنطق السليم التي تتناسب مع قواعد تلك اللغة,ويستهجن التراكيب أو النطق الذي لا يوافق ذلك النظام , وهذه ملكة لدى الأطفال وإذا رسخت تلك الملكة لديهم أصبحت الكلمات حافظات ذكرياته, وصور أحاسيسه وانفعالاته وأصبح بإمكانه تخيل الأشياء التي لا يعرفها وعندئذ تصبح اللغة وسيلة تفكير وإلهام )(17)
فهل سيتحقق هذا مع أن الطفل يتعلم لغة دارجة( محكية) لا تخضع لضوابط وأسس لغوية ثم يتعلم في مدرسته بعضاً من هذه الضوابط والأسس ويطالب فوق هذا بأن يتعلم لغة جديدة عليه ألا يتحدث بها ولا يفكر بها .
وبما أن اكتساب اللغة ملكة كما أشار ابن خلدون وليست صناعة, فإن محاولة تعلم لغة أخرى يعد بمثابة ملكة أخرى وهذا بلا شك سيفسد الملكة الأولى وينشأ عن هذه الحال موقف وسط يمتزج فيه ما تعلمه لملكته الأولى , وما تعلمه لملكته الثانية .والواقع المر الذي يتقلب فيه الطلاب والطالبات يجعل من آليات التفكير لديهم غير مستقرة بسبب اختلاط الملكتين( المحكية والمتعلمة) مقارنة بمن يدرس قواعد لغة يتكلم بها وينطقها ويتفاعل مع معانيها ويتذوق ما فيها من معان شاعرية.
بل يؤكد كثير من العلماء أن هناك تناسباً بين التصور الفكري والمستوى اللغوي , فإذا كان عقل الطالب تتنازعه لغته الأصلية ( المدروسة والمحكية) ولغة أجنبية (اللغة الإنجليزية) ستصبح قدرته على التفكير أقل بكثير مما يُتوقع ممن هو في سنه .
وتشير الدراسات الميدانية والبحوث العلمية إلى أن تعلم اللغة الإنجليزية ( أو أي لغة ثانية بجانب اللغة الأم )في مراحل عمريه مبكرة يعوق تعلم اللغة الأم ويؤثر على إتقانها .وهذا بلا شك أمر جد خطير , ولابد من الانتباه إليه . ففي دراسة أجراها د / عيد الشمري (18) في السعودية ثبت أن :" تعلم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية يمثل خطراً لغوياً على اللغة العربية ويعوق تعلمها ."
كذلك أبرزت كثير من الدراسات المتخصصة أن اللغة المتعلمة بجانب اللغة الأم تؤثر سلباً على اللغة الأم . فمن الملاحظ بروز ظاهرة الخلط اللغوي والتعميم عند طلاب الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية , فمثلاً يتأثر الطلاب بأحد النظامين التعليميين , فتجد من يكتب الكلمات العربية في الجهة اليسرى من الورقة منتقلاً من اليسار إلى اليمين وهو ما يعرف بالاتجاه التعليمي في الكتابة والقراءة وفي إحدى الدراسات (19) ظهرت قضية اختلاف الجهة في النظام التعليمي بشكل بارز , فاللغة العربية تتطلب الكتابة من الجهة اليمنى باتجاه اليسار , بينما تتطلب اللغة الإنجليزية الكتابة في الجهة اليسرى باتجاه اليمين ,وسبب ذلك كما أشارت الدراسة أن الطالب يتعلم أصول لغتين في وقت واحد ,وهذا بحد ذاته عائق كبير يجعل من قضية تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية –في الوقت الذي يتعلم فيه أصول القراءة والكتابة بلغته الرئيسة- أمراً صعباً. ولا ينصب التأثير فقط على القراءة والكتابة بل يتعداه إلى مواد أخرى لا تقل أهمية عن القراءة والكتابة ,ففي الكتابة الحسابية مثلا يكتب الطالب العملية الحسابية 7+6=13 بالشكل التالي :13=6+7 وفي الجهة اليسرى من الورقة بدلاً من اليمنى .
وكذلك الأرقام العربية قد تختلط مع الأرقام الإنجليزية وتؤثر على بعضها وتزيد من حيرة الطالب فقد يكتب الرقم أربعة بالعربية وكأنه ثلاثة بالإنجليزية (4-3 ) أو العكس وقد يكتب رقم سبعة(7) مثل حرف v) ) بالإنجليزية وغير ذلك .
وهذا بلا شك مثبت علمياً وسبب كبير في إعاقة الطالب ,أضف إلى ذلك مشكلات القراءة واختلاف الاتجاه بين اللغتين , وتعويد العين مساراً واحداً بدلاً من مسارين وهكذا .

(*) حلول مقترحة لهذه الإشكالية :
يقترح بعض الباحثين(20) أنه من الأولى أن تدرس أسباب صعوبة اللغة الإنجليزية على الوضع الحالي دون تغيير في مراحل الدراسة , وتركيز البحوث والدراسات على المحاور المهمة في تعليم اللغة الإنجليزية (21) والبحث عن أسباب الضعف وتداركها بدلاً من الدخول في جدلية المرحلة .
ويواصل مبرراً رأيه بقوله : " ولعلنا ندرك أن التأثير السلبي لتعلم لغتين في وقت واحد تنبه إليه البريطانيون منذ أمد بعيد فلا يدرس في مدارسهم الابتدائية إلا اللغة الإنجليزية ( اللغة الأم ) فقط .
والواقع يبين أن كثيراً من خريجي الثانوية العامة بأنواعها يعانون ضعفاً شديداً في اللغة الإنجليزية , وليس السبب أنهم لا يدرسون اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية, أو أن المدة الزمنية التي يتعلمون فيها اللغة الإنجليزية غير كافية , بل هناك خلل في العملية التعليمية. ولابد من تدارك الأمر والبحث عن مخرج لهذه المشكلة.
لقد أثبتت الأبحاث الميدانية أن الحل لا يكمن في تعليم الإنجليزية في مرحلة الصغر بل لابد من البحث عن الحل في طريقة وأسلوب تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلتين المتوسطة والثانوية .
إن تعليم الطالب اللغة الإنجليزية في هاتين المرحلتين يعطي الطالب الفرصة لتعلم المهارات اللغوية الأساسية ويؤهله إلى المقدرة على التحدث والاستماع والقراءة والكتابة في الوقت نفسه . كما أن عملية التعليم التي بني عليها منهج اللغة الإنجليزية في المرحلتين عملية بنائية مترابطة بعض الشيء إلا أنه من الملاحظ أن هناك تفاوتاً كبيراً بين منهج الثالث متوسط –( ما يقابل الثالثة الإعدادية في مصر)- والأول الثانوي , فليس هناك ترابط كبير بينهما وهو ما يسبب إرباكاً للمعلم والطالب على حدٍ سواء."
ومما يجري على الساحة حديثاً هذا النقاش حول تعليم اللغة الإنجليزية في السعودية والذي عاد للظهور بعد أخبار عن انتهاء لجنة تعليمية مكلفة بدراسة إدخال مادة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، بعد أن أُجل طرحها في العام الماضي بسبب دعوات طالبت بدراسة آثارها قبل اعتمادها، حتى أن مقررات اللغة الإنجليزية كانت جاهزة للطبع بحسب مسؤولين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»(22). ( وتم التعاقد مع معلمين جرى لاحقا توزيعهم على المدارس الثانوية والمتوسطة التي تعاني عجزاً في معلمي اللغة الإنجليزية. يرى فريق أن تعليم الإنجليزية في السعودية حاجة ملحة ثقافياً، علمياً واقتصادياً، ووظيفياً أكثر من معظم الدول العربية نظرا لطبيعة المهن ذات المجالات التقنية المتقدمة، ونظرا لطبيعة المنافسة الشديدة بين المواطنين السعوديين وغيرهم من الأكثر حظا في التعليم الخارجي من عرب وباكستانيين وفلبينيين وأوربيين، وبالتالي لا بد من الإسراع بتدريسها. هذا التوجه يقابله توجه مضاد في الساحة الثقافية السعودية، تعتقد أن تكثيف هذا النوع من المواد يضر بأخرى مثل مواد اللغة العربية والدين.
يذكر أن مثل هذه المخاوف كانت موجودة في مواجهة مواد- مثل اللغة الإنجليزية والرسم والجغرافياً- رُفِضت في بداية مرحلة التعليم في السعودية بحجة أنها «ثقافة دخيلة».
فالحساسية من إدخال اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية ليست مقصورة على من يرفضها اجتماعيا بل يخشى البعض «أمركة» العقول والثقافات. يقول طارق إلياس، أستاذ الأدب الأميركي في جامعة الملك عبد العزيز في جدة لـ«الشرق الأوسط»، «تعليم اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية خطوة تأخرت كثيراً، ووجب تنفيذها». ويضيف «ضعف المتعلم السعودي لمهارة القراءة والكتابة والتخاطب باللغة الإنجليزية سببها بلا شك عدم تلقيه أساسياتها منذ الصغر. فعلمياً الطفل ما بين الخامسة والرابعة عشرة أقدر على استقبال المعلومة وتخزينها، نتيجة المرونة التي تتحلى بها الخلايا الذهنية وجاهزيتها للتوسع المعلوماتي في أي مجال علمي. وبالتالي إدخال معلومة جديدة تماماً على ذهن الفرد الذي تعدى هذه السن تتم بصعوبة كبيرة تؤدي إلى مستويات متدنية من المعرفة بهذه اللغة». ويرى إلياس أن منهجية الطرح التي ستقدم بها المادة في المرحلة الابتدائية إذا ما تم طرحها يجب أن تختلف عن مثيلاتها في المرحلتين المتوسطة والثانوية «يجب مراعاة تكييف الطلبة ذهنياً لخوض التجربة، فضلاً عن أن المعلمين القائمين على المادة غير مؤهلين البتة لا تربوياً ولا تعليمياً. فيتحدث معلم الإنجليزية اللغة العربية في الفصل معتمدا التلقين وليس الممارسة».
وجهة نظر إلياس ليست الوحيدة لدى أهل الاختصاص، حيث يختلف معه الدكتور فهد الفلاج، الأستاذ المساعد في الكلية التقنية في بريدة المتخصص في اللغويات لـ«الشرق الأوسط»، «هناك دراسات علمية تؤكد أن تلقي الطفل أكثر من لغة سيؤثر بلا شك على لغته الأم، العربية». وأضاف الفلاج «المنجز الحضاري سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات ليس بالضرورة أن يقترن بتعلم اللغة الإنجليزية. فكثير من البارزين على مستوى العالم بل وفي مجالات مثل الطب، غير متقنين للغة الإنجليزية. وهذا يدل على أن الإشكالية الحقيقية تكمن في التعريب وضعف ميزانيته».
وزاد الفلاج «أعددت شخصياً بحثي في رسالة الدكتوراه حول حاجة الأسواق الخاصة على مستوى السعودية لمتقني اللغة الإنجليزية، ووجدنا أن القطاع الخاص يحتاج لغة محددة جداً لا تحتاج لأكثر من شهر أو شهرين في معاهد متخصصة يتقن فيها الفرد اللغة المستخدمة في العمل».
ويرى الدكتور علي السيد، أستاذ اللغات في جامعة لندن، أنه ليس صحيحا أن تعلم لغة ثانية يؤثر على اللغة الأم، وقال إن معظم المدارس هنا في أوروبا تدرس طلابها لغة ثانية، بل وبعضها تدرسه لغة ثالثة مؤكدا على أن طلاب الابتدائية يمتلكون قدرة افضل على استيعاب اللغات مبكرا. وقال إن اللغة الأم عادة مهيمنة لأنها لغة البيت ولغة الشارع ولغة الإعلام وبالتالي الخوف من اللغة الثانية، أيا كانت، فيها مبالغة ولا أساس لها من الصحة من ناحية علمية. وحول اقتراح الفلاج التركيز على التعريب قال انه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تعريب هذا الكم الضخم من العلوم التي تتطور بسرعة. وقال إن معظم ما يترجم اليوم إلى العربية بكل أسف لا يتجاوز بضع عشرات في السنة من المواد التعليمية في حين أن هناك عشرات الآلاف من الطروحات التعليمية المهمة في المجالات العلمية تحديدا، أضف إلى ذلك أهمية قراءة ما يصدر في الدوريات الشهرية والربعية بالنسبة للمتخصصين في الطب والعلوم، وهذه تستحيل ترجمتها. وحول محدودية حاجة السوق إلى متعلمي اللغة الإنجليزية قال انه لا يعرف جيدا سوق العمل السعودية لكنه يعلم أن تمكن طالب الوظيفة من لغة ثانية يعتبر مكسبا كبيرا عند التنافس الوظيفي، وقال إن تعلم اللغة يمكن أن يتم في ستة أشهر لكن إجادتها قد تستغرق العمر كله.
من جانب آخر يرى الفلاج أن تواضع مستوى الفرد في اللغة الإنجليزية لا يعود لكونه لم يتلق تعليماً كافياً، ولكن لكون طريقة التدريس المعتمدة لدينا خاطئة. وقال «إن ضعف المنهجية في الطرح حصر اللغة في كونها مادة فقط. في حين ينبغي معاملتها كمهارة وتدريسها كما تدرس مواد التربية الفنية. فاللغة يجب أن يستثمر فيها الجانب الإبداعي أكثر من الجانب التلقيني». والحال أن تعلم اللغة الإنجليزية في السعودية بات أقرب إلى حالة جدلية على الرغم من وضوح مطلب القطاع الخاص الذي عادة ما يشترط تمكن طالبي الوظائف من اللغة الإنجليزية وعلوم الكومبيوتر، مما دفع رجال أعمال سعوديين في جدة إلى تأمين برامج تدريب وتأهيل متقدمة في معاهد داخلية وخارجية تغطي نواقص الشباب المهارية التي تؤهله إلى ولوج سوق العمل، وفي مقدمة هذه المهارات اللغة الإنجليزية، وفق برامج يتم إعدادها بالتعاون مع هيئات استشارية.
ويلاحظ أن العائلة السعودية المتوسطة المعيشة باتت تخصص ميزانيات معينة لأبنائها تكفل تطويرهم في هذا المجال، وهذا ما يفسر رواج ثقافة المدارس الخاصة بين السعوديين، لحرصها على علوم الكومبيوتر واللغة الإنجليزية. وتنتشر في السعودية معاهد تعليم اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بشكل لافت، والإقبال عليها كبير. هذا التوجه الكبير والعارم نحو اللغة الإنجليزية يراه البعض إمعانا في الهزائم الحضارية. في الوقت ذاته يرى آخرون أن الهوة بين دول العالم النامي والعالم المتقدم اتسعت بشكل لا يسمح بردمها، فلا أقل من بناء جسر ينقل العلوم متمثلاً في اللغة الإنجليزية.)(انتهى مقال الشرق الأوسط )
وعلى النحو الآخر وفي العالم الأوربي الخارجي ورد بشأن تعليم لغة أجنبية ما ورد في إحدى الصحف الشهيرة (23) حول هذا الموضوع حيث ( وصف أحد رموز التعليم البارزين في حزب العمال البريطاني موقف بريطانيا من تدريس اللغات بأنه «يتم عن تكبر وغطرسة»، ودعا الوزراء المختصين إلى بدء تدريس الأطفال لغة أجنبية منذ سن الثالثة من العمر.
وحذر غراهام لان، زعيم 150 هيئة تعليمية محلية في إنجلترا، بشكل صريح وفظ من أن مقترحات الحكومة الخاصة بتدريس اللغات من شأنها أن تزيد من تدهور وتدني المستوى اللغوي في بريطانيا.
وأمام المؤتمر السنوي لاتحاد تدريس اللغات، الذي يمثل معلمي وأساتذة اللغات، ألقى غراهام لان خطابًا أوضح فيه أن على السلطات التعليمية في البلاد أن تبذل جهدًا في تدريس اللغات الأجنبية يناهز الجهد الذي بذلته في مجال تعليم مبادئ القراءة والحساب للجميع، بل ينبغي عليها أيضًا أن تشرع في تقديم حصص لتعلم لغات أجنبية في مرحلة الحضانة والتمهيدي، أي مرحلة ما قبل المدرسة. وأضاف غراهام لان أن كل معلم أو عضو تدريسي ينبغي أن يتم تشجيعه لتعلم لغة أجنبية أو ثالثة، بل يتلقى مكافأة إضافية إذا أتقن تلك اللغة الأجنبية فعندئذ سيصبح هؤلاء المعلمون قادرين على مساعدة الأطفال على البدء في تعلم لغة منذ سن الثالثة من العمر، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدعم مقترحات وخطط الحكومة الرامية لتعزيز تدريس اللغات في المدارس الابتدائية بنهاية هذا العقد من الزمان.
وذكرت البارونة أشتون من أبهولند، التي تشغل منصب الوكيل المسؤول عن استراتيجية الحكومة لتعليم اللغات أن الأطفال الذين يبلغ عمرهم أكثر من سبع سنوات سيتلقون دروسًا في اللغة الإسبانية كجزء من مسعى لتحسين فهم اللغة.
وقد أظهرت الإحصاءات أن عدد الناطقين باللغة الإسبانية كلغة أولى في جميع أنحاء العالم بلغ 322 مليون نسمة، وهو ما يعني أن تلك اللغة تأتي مباشرة خلف اللغة الإنجليزية، بفارق قدره 341 مليون نسمة لصالح اللغة الإنجليزية. ويعتزم المسؤولون البريطانيون الاستعانة بالناطقين باللغة الإنجليزية في بريطانيا للمساعدة في التدريس في المدارس، وتوظيف مزيد من مساعدي التدريس من إسبانيا.
وكشف السيد غراهام لان في خطابه بجامعة باث عن أنه لا يمكن السماح باستمرار معدلات تعلم اللغة القائمة في المدارس. وأضاف لان «إن التوجه الأحادي اللغة الذي تتبعه المملكة المتحدة لم يعد أمرًا مقبولاً في العالم الحديث، فالمفهوم القائم على أن كثيرًا من الناس يتحدثون اللغة الإنجليزية أصبح بمثابة فكرة ساذجة لا تنم إلا عن تكبر وغطرسة فقط». وأشار السيد لان إلى أن القوات البريطانية والأمريكية التي أُُرسِلت للقتال في العراق كان يجب تعليمهم كيف يتحدثون العربية قبل أن يصلوا إلى هذه البلاد. ودلل لان على كلامه بمشهد للقوات الأجنبية يهرولون فيه في المكان قائلين: «أما من امرئ هنا يتحدث الإنجليزية؟» فهذا الموقف ـ في رأيه ـ يبدو أنه يختصر موقف البريطانيين من اللغات الأخرى. ويضيف لان «لو كنا نتحدث لغة العراقيين، لساعدتنا على أن نستأثر على قلوبهم وعقولهم».
ودعا السيد لان إلى وجوب أن «يحظى تدريس اللغات في مدارسنا بنفس العزم والتصميم الذي اتبعناه في السياسات الخاصة بتعلم مبادئ القراءة والحساب. ويجب أن يبدأ ذلك في فصول الأطفال والحضانة في مرحلة ما قبل المدرسة. ويجب تشجيع جميع العاملين في المدرسة وليس أعضاء التدريس فقط على تعلم لغة ثانية بل وثالثة، ويجب أن ينعموا بزيادة في الراتب حينما يتمكنون من التحدث بتلك اللغة بشكل طيب ومعقول».
ويجب أن يشمل من يدعون لتعلم اللغات الأجنبية «العاملين في السكرتارية،
ومشرفي المواقع، والعاملين في مجال التموين والتغذية بالإضافة إلى المعلمين» على أن تكون الدراسة التي يتلقونها مجانية ودون أية رسوم.
واقترح السيد لان أن يتم تشجيع جميع الطلاب على تعلم لغة أوروبية ثانية في المرحلة الثانوية، وأن يظل تعلم لغة أجنبية إلزاميًا حتى سن 16 سنة وأكثر بدلا ًمن سن 14 القائم الآن. ونبه لان إلى أن «تنوع اللغات يعد أمرًا جوهريًا وحاسمًا للفهم والتفاهم في عالم متحرك على نحو متزايد، خصوصًا أن ثلاثة أرباع البشر في العالم يتحدثون لغتين في آن واحد».)(انتهى ما ورد بالصحيفة )
لعل ما ورد في هذا المقال وما ورد في المقال الأسبق يؤيد وجهة النظر التي تنادي بتعليم لغة أجنبية إلى جانب اللغة الأم وذلك للحاجة العولمية الملحة لسوق العمل وحيث أصبح العالم قرية كونية ,لكن هذا الأمر يختلف تماما بالنسبة للغة العربية (لغة القرآن) وحيث لا يجب إدخال لغة أخرى عليها في المرحلة التعليمية الأولى (الطفولة) نظرا لما استعرضه البحث من مخاطر ومخاوف تختلف جملة وتفصيلاً عن أي لغة أخرى لاختلاف الدين والثقافة الإسلامية عما عداها لخصوصيتها الشديدة وتميزها عن باقي الثقافات .
كما نلاحظ أن البحث استعان بالمملكة العربية السعودية كمثال وذلك لما يعرف عنها من كونها دولة اسلامية تطبق الشريعة الإسلامية دون غيرها من بلدان الوطن العربي الذي يطبق إلى جانبها بعض مواد القانون الفرنسي أو الإنجليزي حيث لاتقطع يد السارق , ولا يرجم الزاني وغير ذلك مما يطبق بنص حدود شرع الله .بمعنى آخر أن المملكة العربية السعودية باعتبارها الأرض المقدسة ومهبط الوحي هي أكثرالبلدان حرصا على الدين الإسلامي ولغة القرآن اللغة العربية .
وتتخذ بعض البلدان الأوربية موقفا متشددا من الحفاظ على لغتها الأم وعدم إدخال لغة ثانية في مرحلة الطفولة مثل المملكة المتحدة ( انجلترا) ,ومثل ألمانيا وفرنسا ,هذه البلاد خاصة تعتز بلغتها الأصلية ولا تسمح حتى للأجانب من الزوار والسياح باستخدام غيرها , وقد ورد في بعض الدراسات أنهم يشددون في هذا الموقف القومي بل ويفرضون العقوبات والغرامات لمن يتم ضبطه متلبساً بالخيانة العظمى المتمثلة في استخدام لغة أخرى غير اللغة الأم ما لم تكن هناك ضرورة لذلك . فعلى سبيل المثال تبذل فرنسا جهوداً مضنية في سبيل الحرص على لغتها وكيانها المتمثل فيها ففي أحد المقالات ما يؤكد ذلك إذ يذكر:" أما جهود فرنسا في خدمة لغتها فلا تكاد تضاهيها أي دولة أخرى : حيث يقول جاك فيو رئيس اتحاد اللغة الفرنسية : " إن بقاء ثقافتنا هو الذي يقع في الخطر ,إنها قضية حياة أو موت "! محذراً من خطورة العولمة ولغتها الرسمية(الإنجليزية) على العقلية الفرنسية ولغتها في الأساس !(24)
التوصيات :
• ضرورة تبني الدولة ( حكومات ومؤسسات) لمشروع عربي نهضوي موحد لإعادة هيبة اللغة العربية واحترامها ومكانتها اتي تنبغي لها وذلك ليس بالأمر اليسير –خاصة بعد الوضع المتردي الحالي في كافة المؤسسات وبعد الانفجار المعرفي وثورة الاتصالات بما يتطلبه الانترنت من دعم للغة الاجنبية – لذا تتمثل المواجهة والتصدي في توحيد وتضافر الجهود مابين التعليم والاعلام خاصة عبر المناهج والمقررات الدراسية وعبر البرامج الإذاعية والتلفازية والارتقاء بلغة الصحافة .ويمكن التمهيد لذلك بخطوات اجرائية مثل :
• فرض الرقابة على لغة الصحافة وتجريم استخدام العاميات والكلمات الاجنبية مالم تكن ضرورة لذلك .
• رفع كفاءة مدرس اللغة العربية الموجود حاليا عبر برامج التدريب المتنوعة والمختلفة والتي تؤهله للجودة التدريسية في اللغة العربية وعدم التهاون من قبل المتابعة بحيث يعاقب المقصر والغير مؤهل ويستبعد إلى حين إجادتها ولا تترك مادة اللغة العربية لأي مدرس غير متخصص ويثبت كفاءته عبر امتحانات دورية باشراف الوزارة .
• تبني المؤسسات المدنية للعودة للكتاتيب –ليس بالمعنى التقليدي ولكن استعادة روح الكتاب – لتحفيظ القرآن وتعود اللسان على النطق السليم ويمكن استخدام البرامج المعينةعلى ذلك في اسطوانات الحاسب الآلي .
• زيادة عدد حصص اللغة العربية في المدارس إلى ماكانت عليه أي زيادة عدد ساعات التدريس ، ورفع الدرجات المخصصة لها بحيث لا تتساوى مع درجات أي مادة أخرى .
• عدم تخفيض درجات اللغة العربية في القسم العلمي في مرحلة الثانوية , حيث أن ضرورة اتقان اللغة العربية لا يتعلق بانتماء الطالب للقسم العلمي أو الأدبي وإنما هي ضرورة قومية ومطلب وطني .
• تفعيل قانون العقوبات الخاص باللافتات الأجنبية في الشوارع العربية .
• عدم منح تراخيص للمدارس الخاصة الأجنبية دون إقرار اللغة العربية في مناهجها ليست كمادة ثقافية وإنما كمادة أساسية وغرس أهميتها في نفوس التلاميذ وتعديل اللوائح الوزارية الخاصة بهذا البند , حيث يعتبرها الطلاب مادة ثقافية لا أهمية لها وغالبا مايرجئون الامتحان فيها إلى الترم الثاني كما أشارت لذلك الكثير من الشواهد الميدانية واستطلاع رأي المدرسين بهذا الشأن .
• يجب تبني الدولة لاستراتيجيات وخطط عمل طويلة المدى وقصيرة المدى لمراجعة ما يتم من خطوات في هذا الشأن أولا بأول

المراجع:
(1) د جمال جاهين : في تدريس لغة ثانية في المراحل الدراسية المبكرة,مجلة المعرفة,العدد(114), 2004,ص83.
(2) منشورة في المجلة العربية , ع333 ,ديسمبر 2004 ,ص 115
.(3) د محيي الدين عبد الحليم :مقال منشور في مجلة منار الإسلام , ع 382 ,اكتوبر 2006 .ص31 .
(4) عبد الرحمن الجمهور : في أي مرحلة عمريه تدرس اللغة الأجنبية ,مجلة المعرفة ,السعودية ,ع (86) , أغسطس 2002 .
(5) عبد الرحمن الجمهور : اثر استخدام برمجيات الحاسب الآلي في تدريس مادة اللغة الإنجليزية , بحث مقدم لندوة تكنولوجيا التعليم والمعلومات , 3- 5 محرم,سنة 1420 هجرية.
(6) ليلى حبيب : دراسة العلاقة بين التعليم اللغوي ونسب ذكاء تلاميذ المرحلة الابتدائية في مدارس الكويت , المجلة التربوية ,العدد الرابع ,1985 م .
(7) عدنان بن محمد وزان : نظرة عن مكانة اللغة الإنجليزية في التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية ,سلسلة الدراسات والبحوث الاجتماعية , جامعة أم القرى , مكة المكرمة ,1406 هجرية .
(8) د محيي الدين عبد الحليم :مقال عقوبات رادعة لمن لا يتكلمون الألمانية ,منشور في منار الأسلامم ,ع 382,مرجع سابق.
(9)المرجع السابق , ص 33
(10)علي القاسمي : الطفل العربي والمنظومة اللغوية للتعليم ,المعرفة ,ع 134,يونيو 2006 (11)WILLIAM MACKGY:LANGUAGE TEACHING ANALYSIS( LONDON: LONGMAN-1969) )
(12) علي القاسمي : التداخل اللغوي والتحول اللغوي
(13)خالد أحمد الناصر : العمالة الوافدة من دول العالم الثالث إلى المملكة العربية السعودية , مجلة بحوث دبلوماسية , ع 11 ,(1423هجرية –2002م ) ص161 :205
(14) علي القاسمي : الطفل العربي والمنظومة اللغوية في التعليم , مرجع سابق ,ص 125 .اكتوبر 2006 ,ص 98

(15)STAVANS ANT (1990) :CODE- SWICHING IN CHILDREN ACQUIRING ENGLISH UNIVERSITY OF PITTSBURG
(16) أنظر مقال :arabic in the dearborn mosques the arabic language in america (1992)
(17)سعد القحطاني (1422هجرية):اكتساب اللغة الثانية وأثره على الأولى , جريدة الجزيرة العدد ( 10554)
( 18)جريدةالجزيرة ,العدد 8381 في 1/2/1416 هجرية ص 17
(19) Aljamhoor,A,( 2002),the simultaneous Teaching of arabic and english of saudi children in the US.Educational science journal.Cairo University

(20) عبد الرحمن الجمهور : مقال في مجلة المعرفة –السعودية – العدد 86 , مرجع سابق .ص47
(21) الطالب والمعلم والمنهج والوسيلة وطرائق التقويم .
(22) جريدة الشرق الأوسط (5/5/2003)
(23) الكاتب: ريتشارد جارنر...ترجمة وتحرير: أحمد أبوزيد محمد. دعوة بريطانية للتبكير بدراسة اللغة الأجنبية،المصدر: صحيفة ذي إندبندنت البريطانية،5 إبريل 2003م.
(24) صلاح حسن رشيد : العربية تنعي حظها في عصر العولمة ,مقال منشور في مجلة منار الإسلام ,العدد 382
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف