الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة : طــرق تعــديـل الأفكـار من منظــور إســلامـي بقلم:أ.علاء محمد أبو دية زقوت

تاريخ النشر : 2010-08-31
دراسة : طــرق تعــديـل الأفكـار من منظــور إســلامـي بقلم:أ.علاء محمد أبو دية زقوت
دراسـة عن :

طــرق تعــديـل الأفكـار من

منظــور إســلامـي



إعداد

البـاحث والكاتب :

أ . علاء أبو دية زقـوت

محتـوي الدراســة

مقدمــة الدراسـة والتعريفـات

أولا : مكونـات التـفكير الرئيسية

ثانيا : مراحل التفكير والعوامل السلبية والعوائق المؤثرة به

ثالثـا: الإسـلام : وأسـاليب تعديـل الأفكـار والسـلوك

رابعاً : الإسلام والتغلب علي عوائق التفكير وضوابط الفكر

خامسا : قائمــة المراجــع والمصـادر



المقدمــة

يعد التفكير ضرورة إنسانية ، وطريقا إلى الإبداع في شتى مجالات العلوم والمعرفة ، كما أنه يظل من العوامل البارزة التي تدفع بالأمم والأفراد إلى الرقي والتقدم في مختلف مجالات الحياة ، بل إنه من الركائز التي ترتكز عليها البلدان في سعيها لمواكبة الدول المتحضرة . وعلى الرغم من امتلاك الأمة الإسلامية لرصيد فكري قادر – لو استثمر – على دفع عجلة التقدم .

كما أن الفكر في الإسلام ليس محصورا في نطاق معرفي محدد ؛ وإنما العلم يتسع ليشمل أنواع المعارف كلها ، كما أن الفكر الذي تدعو إليه الشريعة الإسلامية يتسع ألوان التفكير كلها . ومن تأمل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وجد العناية بهذا المفهوم الواسع والشامل للعلم والفكر ،فالعقل هبة من الله - تعالى - ينميها التفكير ، ويغذيها العلم الذي يشمل جملة المعارف التي يدركها الإنسان بعقله وبالنظر في ملكوت السماوات والأرض ، كما يشمل مجال الإنسان وما يتعلق به من دراسات بيولوجية ونفسية وتربوية ، كذلك يتسع ليشمل الدراسات النظرية والتطبيقية المختلفة ، يقول الغزالي – رحمه الله - : " والعلم الذي يقبل المسلم عليه ، ويستفتح أبوابه بقوة ، ويرحل لطلبه من أقصى المشارق والمغارب ، ليس علما معينا محدود البداية والنهاية ، فكل ما يوسع منادح النظر ، ويزيح السدود أمام العقل النهم إلى المزيد من العرفان ، وكل ما يوثق صلة الإنسان بالوجود ، ويفتح له آمادا أبعد من الكشف والإدراك ، وكل ما يتيح له السيادة في العالم ، والتحكم في قواه ، والإفادة من ذخائره المكنونة ، ذلك كله ينبغي التطلع له والتضلع فيه ، ويجب على المسلم أن يأخذ بسهم منه ، وهذا الشمول دلت عليه الآيات والسنن "ومن أجل ذلك؛ فنحن اليوم في أشد الاحتياج إلى هذا المنهج التفكيري الإسلامي لإصلاح الخلل الذي أصاب عقولنا، وأثَّر على تصوراتنا المرحلية والمستقبلية.

فلا بد كما دعي القرآن إلى التفكير والتفكر والتدبر والتأمل ، أن نتفكر لقوله تعالي { ويتفكرون في خلق السموات والأرض }

تعريفـات هامــة

التفكير :عرف و Humphrey التفكير بأنه : "ما يحدث في خبرة الكائن حين يواجه مشكلة ، أو يتعرف عليها ، أو يسعى لحلها " .

ويرى Bartlett أن التفكير هو : " عملية توسيع الدليل على النحو الذي يلائمه ؛ بحيث يتم ملء الفجوات فيه ، ويتم هذا بالانتقال من خطوات متتابعة مترابطة يمكن التعبير عنها آنيا ، أو فيما بعد.

التفكير العلمي

يذهب Good إلى أن التفكير العلمي هو : " التفكير المبني على أفكار منشقة من خبرة سابقة " ويعرفه البعض : " ذلك التفكير الذي يقوم على أساس التحقق ؛ بحيث لا يقبل الإنسان رأيا ولا يصل إلى حكم إلا إذا قام لديه الدليل على صحته وسلامته ، مستخدما في ذلك أساليب . المشاهدة الدقيقة ، والتجارب الحاسمة ، ومستعينا بالمنطق السليم والاستدلال الذي يقبله العقل " وذهب البعض أن التفكير العلمي بأنه : مجموعة من المهارات اللازمة لحل مشكلة بطريقة موضوعية "

كما أن منهجية التفكير العلمي في السنة النبوية - تعني :" ذلك البناء العام والذي يتم من خلاله إعمال العقل من أجل اكتشاف حقيقة مجهولة ، أو البرهنة على حقيقة معلومة ... في خطوات علمية ، منطقية مقصودة ، منظمة ، مدروسة ، محاطة بالتوجيه الرباني سواء كان ميدانه الغيب أم الشهادة "



أولا : مكونـات التـفكير الرئيسية



كان الاهتمام بوضع قواعد للتفكير السليم تساعد على تنمية القدرات العقلية للإنسان المسلم و يتضمن منهج التفكير الذي يهدف إلية المنهج الإسلامي إلي ثلاثة مكونات رئيسية؛ هي: 1- خطوات التفكير 2- أشكال التفكير 3- أنماط التفكير

أولاً : خطوات التفكير

تبدأ خطوات التفكير السليم بالإحساس بالظاهرة، ثم الانتقال إلى خطوة الوعي بهذه الظاهرة، وتحديد إطارها وميدانها، ثم الانتقال إلى خطوة التعرف على تفاصيل هذه المعلومات وتدبرها وتصنيفها، واكتشاف العلائق بينها، ثم الانتقال إلى خطوة اكتشاف الحكمة الكامنة وراء الظاهرة .

ومن الإنصاف أن نقول: إن خطوات التفكير العلمي التي أفرزتها التربية الحديثة تتطابق مع هذه الخطوات، بل إنها كانت مثيرًا قويًّا في لفت الانتباه إلى خطوات التفكير التي يشير إليها القرآن الكريم، والذي يجعل هذه الخطوات من التفكير صفة أساسية من صفات المؤمن، وينهى عن إتيان ما يناقضها أو يتعارض معها، ويتوعد بالمحاسبة على التفريط بمقتضياتها: قوله تعالي {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ و َالْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]. بل إن القرآن ينتقد بشدة لاذعة الذين يبادرون عند السماع الأولي للمشكلة بإصدار الأحكام، دون السماح لها بالمرور بمنطقة السماع الداخلي،الذي يتآلف مع القدرات العقلية، ويتبادل معها التحليل والتأليف والاستنتاج.

ويصف القرآن هذا الأسلوب المتسرع بأنه تلقي للمعلومات الأولية باللسان، دون الصبر عليها حتى تمر بالأذن، وتصل إلى منطقة الوعي، ويتهدد القرآن فاعلي ذلك بالعقوبة؛ لما يترتب عليه من أخطاء في الحكم، وعدوان على الأبرياء:

{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: 15-17].وحين تتعقد المواقف والمشكلات ـ خاصة تلك التي تتعلق بأمور السلم أو أمور الحرب والأخطار ـ وتحتاج إلى درجات عالية من القدرات العقلية والخبرات العميقة ومناهج التفكير الحكيم؛ فإن القرآن يعيب على أولئك الذين يتناولونها بالإشاعات والتفسيرات العبثية، ويوجه إلى وجوب الرجوع إلى هيئة مشكلة من أهل الاختصاص الذين يعملون على تحليل هذه المواقف والمشكلات واستنباط أسبابها ، ووضع الحلول المناسبة لمواجهتها : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشيطان)

ثانياً أشكـال التفكيـر :

وأما عن القسم الثاني لمنهج التفكير السليم وهو "أشكال التفكير" فهذه تشمل ما يلي: تدريب الإنسان على النقد الذاتي بدلًا من التفكير التبريري:

نعني بالنقد الذاتي: ذلك الأسلوب من التفكير الذي بمقتضاه يتحمل صاحبه المسئولية في جميع ما يصيبه من مشكلات ونوازل، أو ما ينتهي إليه من فشل، ولا يتدافع المسئولية، ويحاسب نفسه، ونعني بالتفكير التبريري: ذلك التفكير الذي يرى صاحبه الكمال في نفسه، وإذا أخطأ برأها من المسئولية، وراح يبحث لها عن مبررات خارجية، وينسب أسباب الأخطاء أو القصور والفشل إلى الآخرين. والقرآن ـ في جميع توجيهاته ـ يقرر النقد الذاتي كقاعدة أساسية في جميع أشكال القصور والأخطاء الفردية أو الاجتماعية، ومن توجيهاته في هذا المجال قوله تعالى:{مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 3].{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:32].وفي قصة آدم وإبليس توجيهات واضحة لممارسة النقد الذاتي، وإدانة للتفكير التبريري، وإلقاء المسئولية على الآخرين، فمع أن أحداث القصة تذكر بصراحة دور إبليس في إغواء آدم وزوجه، إلا أنهما حمَّلا نفسيهما مسئولية المعصية التي حدثت، ولم ينسبا ذلك إلى الشيطان الذي أغواهما بذلك وحسنه لهما، وفي ذلك توجيه لذرية آدم وحواء، ليتخذوا من النقد الذاتي منهجًا في تقويم الآثار السلبية التي تنتج عن الممارسات الخاطئة، {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:22-23]. وتحميل الآخرين مسئولية أخطائنا هو منهج تفكير إبليسي، رائده إبليس نفسه، حين نسب الإغواء إلى الله ـ مع أن شيئًا من ذلك لم يحدث ـ وإنما كان سبب معصية إبليس ما اتصف به من حسد لآدم، واعتزاز بالأصل، وتفاخر في المنشأ. والواقع أن التحليل الدقيق للأخطاء التي تقع أو المصائب التي تنزل، يوضح أن هذه الأخطاء والمصائب_غالبًا ما تكون_ مسئولية من تنزل به؛ لأن المصيبة هي وليد يتمخض عن تزاوج قوة مع ضعف، كما يولد الطفل من تزاوج ذكر مع أنثى، ولا يمكن بحال أن تولد مصيبة من التقاء قوة بقوة. فالمصائب التي تنزل سببها تزاوج ضعف من نزلت به مع قوة من تسبب بها، ولو أن من نزلت به المصيبة كان مُبرأً من الضعف؛ لتصدت قوتُه لقوة السبب وأبطلت فاعليتها، ولذلك يحاسب الله الضعفاء والمستضعفين كما يحاسب الأقوياء المعتدين، ويعتبر كلًّا منهما ظالمًا: هذا ظالم لنفسه؛ إذ لم يسلحها بالقوة ويستعمل طاقاتها وإمكانياتها لدفع العدوان الذي داهمها، وذلك ظالم للناس إذ استعمل قوته للعدوان ونصرة الباطل بدلًا من استعمالها في نصرة الحق.{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وفي المقابل، يمدح الله الأقوياء الذين إذا نزل بهم العدوان والبغي؛ قابلوه بالقوة ودفعوه: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: 39]. وبالإجمال، فإن النقد الذاتي يتخذ في القرآن الكريم والسنة الشريفة شكل المبادئ الثابتة، والموازين الدائمة، التي توجه الإنسان لأن يتحرى دوره هو نفسه في كل ما يصيبه في أي زمان أو مكان، ولا يبحث عن مبررات من خارجه. تدريب المتعلم على التفكير الشامل بدلًا من التفكير الجزئي: المقصود بالتفكير الشامل هو ذلك الأسلوب من التفكير الذي يتناول الظاهرة من جميع جوانبها، ويتحرى جميع أجزائها، وما يتعلق بها. أما التفكير الجزئي: فهو يركز على جزء من الظاهرة، ثم يعمم أحكامه على بقية الأجزاء. والقرآن الكريم يربط مستوى العلم بمستوى التفكير، فيُسمي: ظاهر العلم، والإحاطة بالعلم، والرسوخ في العلم.

أما ظاهر العلم: فهو العلم السطحي الجزئي، وهو ثمرة التفكير الجزئي.

وأما الإحاطة بالعلم: فمعناها العلم بالمكونات الرئيسية. وأما الرسوخ في العلم: فمعناها العلم بالمكونات الرئيسية والتفصيلات، والعلاقات القائمة بين هذه التفصيلات، وبما يحيط بها، ثم القدرة على تركيبها كلها في كيانٍ واحد، والإحاطة بالعلم والرسوخ في العلم هما ثمرة التفكير الشامل. والإحاطة بالعلم تؤدي إلى التصديق، ولكنها لا تؤدي إلى اليقين، بينما عدم الإحاطة بالعلم يؤدي حتمًا إلى التكذيب والاختلاف: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}[يونس:39]. والرسوخ في العلم يؤدي إلى الإيمان مثل قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7].

وفي الغالب، يرتبط التفكير الشامل بأوقات الاجتهاد والازدهار العلمي، ويكون العمق في البحث والاستقصاء والمثابرة، ويكون للعلماء من التأني والصبر على مشاق البحث ما يصلون به إلى درجة الرسوخ والابتكار. ويرتبط التفكير الشامل كذلك بدراسة ما يُرغب فيه، وما لا يُرغب فيه، بل إن دراسة غير المرغوب_ خصوصًا إذا كان عقائد منحرفة_ تكون مقدمة لرفضه وتقبل ما هو حق، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وهو ما يشير إليه القرآن: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256]، فالقرآن يشير إلى أن معرفة الطاغوت مقدمة للكفر به والرسوخ في الإيمان.

أما التفكير الجزئي فهو يرتبط ـ غالبًا ـ بأوقات الجمود والتقليد، وضعف القوى العقلية، والميل مع الهوى. وخطورة التفكير الجزئي تكمن في أنه تفكير انتقائي ينتهي إلى الأحكام الخاطئة المضللة، ويقود إلى تمزق وحدة الموضوع، وتجزئة الميادين والظواهر العلمية؛ مما ينعكس أثره على تجزئة الظواهر الاجتماعية، وتمزق وحدة الجماعات، وإلى أمثال ذلك يشير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159]. ويشير القرآن إلى أن تجزئة التفكير والفهم ـ خاصة في الدين ـ يؤدي إلى الشرك؛ لأن التفكير والفهم الجزئيين يتركان فراغًا تملؤه الأوهام والأفكار الخاطئة: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31-32]، {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]. وهكذا، سواء أكان موضوع الفهم والتفكير هو الدين أو غير الدين؛ فإن التفكير الجزئي يؤدي إلى تعدد وجهات النظر وتباعدها وتنافرها، وينتهي في النهاية إلى تفتيت الجهود والفشل في الوصول إلى الحقيقة أو الثمرات المنشودة. (3) تدريب المتعلم على التفكير التجديدي بدلًا من التفكير التقليدي: والتجديد الذي عناه القرآن: هو التفكير الذي يتحرر من عوامل الألفة، والآبائية، والتقليد، وتتنقل نظرته بين الواقع وبين الأفكار الجديدة، ثم يقارن بينهما، ويتحرى الملائم منها والصواب، ولذلك وجه القرآن النظر إلى التجوال في آيات الآفاق والأنفس ـ حيث الواقع والأحداث الجارية ـ ووجه التفكير الإنساني لاكتشاف نتائج هذا النظر، التي تصدق آيات الكتاب. أما التفكير التقليدي: فهو عدم استعمال القدرات العقلية، واللجوء إلى المحاكاة، أو الآبائية، والاكتفاء بالمألوف القائم، ولا فرق بين أن يدور التقليد حول نماذج قديمة جدًّا وأخرى أحدث، فكلا النوعين تعطيل للقوى العقلية، وإن اختلفت ميادينها وأدواتها: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22]. ويستنكر القرآن جمود المقلدين، وهو يهتف بهم إلى التحرر من أوهام التقليد: {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170]. ويحذر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الفرد عديم الفكرة مسلوب الإدارة: (لا تكونوا إمعة؛ تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا) [رواه الترمذي، (2138)، وقال الترمذي: حسن غريب]، ويقول كذلك: (كونوا للعلم وعاه، ولا تكونوا رواة) [أورده أبو نعيم في حلية الأولياء، (3/277)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، (9765)]. في سبيل ذلك يوجه الإسلام الإنسان إلى البحث في أسرار الكون، وعلائق الاجتماع، وقوانين الوجود القائم، سواء ما يتعلق بالإنسان أو الحيوان أو الجماد. والآيات التي تدعو إلى النظر في الوجود المحيط هي آيات كثيرة جدًّا في القرآن الكريم.) تدريب المتعلم على التفكير العلمي بدلًا من الظن والهوى: وفي القرآن توجيهات متكررة للحث على التفكير العلمي والتدريب عليه، فهو يدعو إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام، قبل استكمال المعلومات اللازمة والتعرف على الحقيقة مكتملة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].وهو يحث على طلب الدليل في كل اعتقاد والتوجيهات في ذلك كثيرة، منها: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15]. كذلك يدعو إلى التثبت في كل أمر، قبل الحكم علية بالقبول أو الرفض، وينهى عن تبديد الطاقات السمعية والبصرية والعقلية في أمور لم تتوفر لها الأدلة العلمية الكافية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]. وفي المقابل ينهى القرآن عن اتباع الظن، ويندد بأهله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]، وفي الحديث: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث) [متفق عليه، رواه البخاري، (5143)، ومسلم، (6701)].

والتفكير العلمي ـ في التربية الإسلامية ـ لا يقتصر على أماكن الدرس ومختبرات البحث، وإنما هو صفة لازمة للإنسان في الحياة اليومية، والعلاقات الشخصية والعامة، والموقف الودية والعدائية .

والواقع أن ما يميز الفكر المتقدم والمجتمعات المتقدمة، عن الفكر المتخلف والمجتمعات المتخلفة، هو أن التفكير العلمي صفة أساسية في الأولى، بينما التفكير القائم على الظن والهوى صفة ملازمة للثانية، ولقد أدركت المؤسسات التربوية الدولية ضرورة التفكير العلمي للإنسان المعاصر، الذي يتطلع للتغلب على التحديات، التي أفرزها التطور الهائل في التكنولوجيا، وانهيار الحدود الثقافية والاجتماعية بين المجموعات البشرية ـ في قرية الكرة الأرضية ـ ولقد ورد في تقرير اللجنة الدولية التي كونتها منظمة التربية الثقافية والعلوم "اليونسكو" لدراسة أوضاع التربية في العالم، وتقديم التوصيات بشأن تربية المستقبل: أن الإنسان العلمي، الذي يستعمل التفكير العلمي في كل مكان وفي كل موقف، دون التأثر بالإفرازات العرقية أو الطائفية أو القبلية، أصبح ضرورة كضرورات الحياة المادية، ولوازم المعيشة اليومية.

تدريب المتعلم على التفكير الجماعي بدلًا من التفكير الفردي: في القرآن الكريم والسنة الشريفة توجيهات وتطبيقات متكررة، هدفها تدريب الإنسان على التفكير الجماعي، الذي يربط مصير الفرد بالجماعة، ومصير الجماعة بالفرد، ويجعل تبادل الرعاية بين الطرفين صفة لازمة للمجتمع الراقي. والتوجيهات المتعلقة بهذا الشأن كثيرة جدًّا، من ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه، رواه البخاري، (7138)، ومسلم، (4828)]، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه، رواه البخاري، (6011)، ومسلم، (6751)].

ويلحق بذلك تضافر التفكير الجماعي، ليتجسد في مبدأ الشورى، والمسئولية الجماعية عن سلامة المجتمع.(6) تدريب المتعلم على التفكير السنني بدلًا من التفكير الخرافي أو التفكير الخوارقي : التفكير الذي يشدد عليه القرآن، ويكرر لفت الانتباه إليه هو التفكير الذي يعتبر الكون والاجتماع البشري تسيره سنن ـ أي قوانين ـ إلهية معينة، وأن التعايش مع عناصر الكون والنجاح في مجرى الاجتماع البشري، إنما يعتمدان على موافقة هذه السنن والقوانين في ميادين الحياة المختلفة. وبقدر ما ينجح الإنسان في الكشف عن هذه السنن والقوانين، وفي حسن استخدامها والتوافق معها؛ بقدر ما يستطيع تسخير الكون والاجتماع البشري، لتحقيق المقصودين النهائيين للتربية الإسلامية؛ وهما: بقاء النوع البشري ورقيه خلال أطوار النشأة والحياة والمصير. أما التفكير الخرافي الذي اتسمت به أطوار الطفولة البشرية _ منذ ولادة عهد الانحراف العقدي والفكري_، والذي كان يتوهم الهيمنة والفاعلية في قوى موهومة وأرواح مخترعة، جسَّدَها التصور البشري آنذاك بأشكال الصنمية والوثنية ورموزها المختلفة، فهذه لابد وأن تكون التربية الإسلامية على حذر دائم من مظاهرها وآثارها في اغتصاب القدرات العقلية، وآثارها المدمرة في السلوك والاجتماع.

كذلك توجه نصوص الوحيين إلى ضرورة التحرر من التفكير الخوارقي، الذي يعفي الإنسان من مسئولياته في التغيير والعمل، وينتظر حدوث الخوارق والمعجزات الإلهية ـ في تحقيق حاجاته وحل مشكلاته، فهذه الخوارق ـ وإن حدثت في عهود سابقة وفي مواقف محددة، إلا أنها ظواهر تاريخية، مضت وخُتمت بختم النبوة والرسالة، وانتقال البشرية إلى طور الرشد، الذي حددت بداياته وملامحه خاتمة الرسالات: رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، والذي قام جهاده أساسًا على الجهود البشرية العادية، وإحكام تعبئة القدرات البشرية المألوفة، ومراعاة السنن والقوانين الإلهية في جميع الشئون: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].

ثالثاً: أنواع التفكـير

أما عن القسم الثالث لمنهج التفكير السليم، فهو أنواع التفكير؛ والتي تتضمن ما يلي:

(1) التفكير المنطقي أو التحليلي: وهو يختص بالنظر في معاني الرموز، التي تدور حول العلائق والأسباب والنتائج؛ مثل التفكير الرياضي والتفكير الفلسفي، ويمارس عمله في ضوء مجموعة من القوانين والنظريات.

(2) التفكير التجريبي: وهو يختص بالموضوعات التي تدور حول الحقائق المتعلقة بعناصر الكون المحسوس؛ مثل التفكير الفيزيائي والكيميائي، ويقوم بإصدار الأحكام في ضوء الخبرات البشرية المحسوسة بعناصر الكون ومحتوياته.

(3) التفكير الأخلاقي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين المواقف والأعمال وتقومها, ويصدر أحكامه إزاءها من حيث صلاحها، أو فسادها، وخيرها، أو شرها في ضوء عقائد ومبادئ معينة.

(4) التفكير الجمالي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين الأشياء والمواقف والأعمال والمنتجات، ويقوِّمها ويصدر أحكامه إزاءها من حيث جمالها أو قبحها في ضوء معايير جمالية معينة. ونحن اليوم عندما أهملنا تدريب الناشئة على التفكير الجمالي ـ مثلًا ـ ساد القبح في حياتنا واستشرى في شوارعنا وملبسنا وعاداتنا ... إلخ.

لأننا أهملنا غرس القيم الجمالية في النفوس منذ الصغر، مع أن الإسلام حرص على تنمية الذوق في حس المسلم في طعامه وشرابه وتعاملاته ... إلخ، كما حرص على غرس القيم الجمالية؛ كالحث على لبس البياض، والاهتمام بالنظافة الشخصية وسنن الفطرة ..إلخ. والواقع أننا اليوم في أشد الاحتياج إلى تنمية القدرات العقلية والفكرية ؛ إذ أننا ركزنا على جانب القلب والعاطفة ـ برغم اعترافنا بأهميته ـ على حساب العقل؛ مما أدى إلى ضمور النواحي الإبداعية والتي ساهمت بشكل مؤثر في تخلف قطار التنمية ،فنهضة أوروبا بدأت بإصلاح العقل وتغيير طرق التفكير، فهل يمكننا الاستدراك وإصلاح مناهج تفكيرنا في ضوء الملامح الكلية للتربية الإسلامية؟!



ثانيا : مراحل التفكير والعوامل السلبية

والعوائق المؤثرة به

مراحل التفكر:

غالباً ما يمر التفكر بثلاث مراحل هي :

1- الملاحظة عن طريق الحواس نتيجة تأثير الأشياء من حولنا .

2- مرحلة الافتراض ، و هي تقسيم و ترتيب الأفكار مع بعضها البعض بتسلسل لإيجاد علاقة بين الحوادث المتفرقة .

3- مرحلة البرهان و هي حصيلة التجربة و الافتراضات المخزونة سابقاً . و من هنا قد يتساءل البعض إذا كان للتفكير قواعد ومراحل يمر بها أولاً حتى يصل إلى النتيجة أو القرار الصحيح ، فما هو منشأ الخطأ في التفكير عند أغلبية الناس ؟؟

و إجابة هذا التساؤل هي أن الخطأ الفكري قد ينشأ بسبب عدة عوامل تمثل صندوق محجم للعقل ولذلك حتى نصل إلى الفكر الصحيح لا بد من كسر هذا الصندوق

والتفكير وفق القواعد الإلهية والمنهج الإسلامي الأصيل بعيدا عن هذه العوامل والتي منها ما يلي :

العامـل الأول : معظم الأشخاص بدلاً من أن يُرسلوا الفكرة إلى المركز المختص بالمعلومات و منبع النور الذي مَّيز به الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرمه به على سائر المخلوقات الأخرى و هو العقل يرسلوا الفكر ة إلى النفس ، وهذا ما حذَّرت منه الآيات الكريمة مثل قوله تعالى : (( إن يتبعون إلا الظن و ما تهوى الأنفس ))

العامل الثـاني : هو الوهم والظن اللذان يجعلان الإنسان يزعم أو يعتقد بصحة أفكار خيالية غير واقعية و لا موضوعية ، و هي مرتبطة بحب الذات والمصلحة الشخصية .

العامل الثـالث : و هو القوى العقلية و النفسية حيثُ أنها إذا كانت ضعيفة ومحدودة لا يستطيع بها الإنسان كشف الحقائق ، وكذلك تركيبته العصبية لها تأثير كبير في معرفته هل هي صحيحة أم لا ؟؟

العامل الرابـع : و هو الغرور والتكبر والحسد ، أي مجموعة الصفات التي يكتسبها الإنسان ويكون لها تأثير كبير وخطير على صحة نفسيته وتركيزه لأنها تحجب عنه الحقائق الخارجية بما تولده من أفكار خاطئة و مشوشة لذهنه وأكبر وأوضح مثال على ذلك وساوس الشيطان اللعين في نفس البشر.

العامل الخـامس : المغريات المادية و التي تسبب الفتن و تستهوي الكثير من البشر ؛ مما يجعلهم ينجذبون لها دون وعي أو تفكير ، و مثال على ذلك الإغراء بالملابس الغربية التي توهم هؤلاء الأشخاص بأنها تجمل أجسادهم و تظهرهم بأبهى صورة و لكن الحقيقة غير ذلك .

العامل السـادس : هو إتباع سيرة الأولين بغض النظر عن صحة معتقداتهم أو خطأها و هنا نجد أن إتباع الأبناء لآبائهم و تقليدهم في كل تصرفاتهم حتى الخاطئة منها له تأثير عميق في طريقة تفكيرهم فاحترامهم لعادات و تقاليد آبائهم و خوفهم الشديد من تغييرها أو التمرد عليها حتى بعد استقلالهم بذاتهم يجعل أفكارهم مشوشة و جامدة و غير قابلة للتجديد أو التصحيح و هذا الخوف يترسب في نفوسهم منذ طفولتهم و يصور القرآن هذه الحالة في قوله تعالى : "" و إذا قيل تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا "".

العامل السابـع : و هو ثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه الإنسان و الذي له الدور الكبير في انتقال الأفكار في ذهنه و تفاعلها و الالتزام بالعادات والتقاليد والعرف الموروث عن الآباء والأجداد على غير هدى

كما أن هناك أسباب أخري تؤدي إلي تعطيل ملكة التفكير والإفصاح عنها ومنها :

1- الخوف المهيل من أصحاب القوة والبطش مما يخلق نوع من التردد الفكري

2- الخوف من النقد والسخرية واستهزاء . بعض الناس يقول أنا أخاف من أن آتي بجديد أصبح عرضة للنقد والسخرية والاستهزاء ألم تروا كيف ينتقد الدعاة ألم تروا كيف ينتقد ويسخر بالمفكرين الحقيقين الذي يريدون أن ينهضوا بواقع أمتهم من كبوتها هذا نعم كلام شديد أشد من وقع النبال . أشد من وقع النبل عليهم والسهام . فالمفكر الذي يقدم ويطرح مشروعاً لإنقاذ أمته سيتعرض للسخرية سيتعرض للإستهزاء { وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين } فكثير من الناس ليس لديه القدرة على تحمل السخرية أو الغمز واللمز . فنجد أنه لا يتقدم ويترك التفكير وهو قادر عليه .

3- الخوف من التصنيف ، ونحن الآن في عصر مع كل أسف هناك متخصصون في تصنيف الأمة إلى شيع وأحزاب فيخاف الإنسان أن يخرج ما عنده من أفكار تفيد أمته وتفيد جيله وتفيد مجتمعه ، يقول : والله أنا عندي حلول وعندي أراء ومقترحات لكني أخشى أن أحرجها فأصنف يقال لي أنت من الجماعة الفلانية أو من الحزب الفلاني فتقول له هل أنت فعلاً من هؤلاء الأحزاب أو الجماعات فيقول : لا أبداً لست من هذه الجماعات أو الأحزاب لكنني أخشى أن أضهر هذا الأمر فأصنف . هذا السبب وخاصة في هذا العصر يمنع كثيراً من الناس من قول كلمة الحق ويمنع أن يفيدونا مما حباهم الله جل وعلا من ثمرات عقولهم وأفكارهم .

4- الخوف من الأذى الحسي والمعنوي . يقول البعض أنا أخشى لو أنني تقدمت بأحد المشروعات أو تقدمت بهذه الأفكار المهمة أخشى أن أتعرض لشيء من الضرر في شخصي أو وظيفتي أو في أهلي وولدي .

خامساً : الخوف من الخروج من المألوف والعادة والعرف ، كثر من الناس لهم عادات عند أهلهم مثلاً في الزواج عادات اجتماعية هم يعلمون أنها خطأ ويعلمون أنها باطل فلا يفكر ويسلم للواقع ويعطل ملكة تفكيره ويرضى بالواقع

5- من تعطيل ملكة التفكير سوء التربية ،فمن سوء التربية : المركزية التفرد ، وتحطيم الشخصية ، وعدم التشجيع على تنمية المواهب ، فسوء التربية ، والتركيز على الضرب و على الحفظ والتركيز على تحطيم الشخصية على تحطيم الإبداع ،وخنق الفكر مما له اثر كبير علي التضيق علي ملكة الفكر.

6- كما ان هناك تأثير سلبي لبعض وسائل الأعلام وخاصة الحكومية منها ، من خلال تدجيل الواقع وأنه ليس بالإمكان تحسين الاوضاع وانها أحسن مما كان بالأمس فكثير من وسائل الإعلام تحقق هذا الإمر فتعطل التفكير بل يصبح الإنسان والله في حيرة من أمره فمن اسباب تعطيل ملكة التفكير تدجيل الناس للرضا بالواقع ، ونحن أحسن من غيرنا ، ونهوي ونهوي ونحن أحسن من غيرنا .

7 - الحجر الفكري التفكير في بعض المجتمعات ممنوع ، التفكير في بعض الدول الإسلامية ممنوع ، أفعل ما شئت ولكن تفكر لا . الجحر الفكري بلاء جعل كثير من الناس ليس لديهم استعداد لأن يتجاوزوا هذا الحجر .

ثامناً : من أسباب تعطيل ملكة التفكير ، إشغال الفرد بالمجريات اليومية ، ولهفه خلف لقمة العيش حتى لا يجدوا فرصة ليفكر .

8- دنو الهمة وتواضع الأهداف وعدم الطموح من أسباب تعطيل ملكة التفكير والأوهام ، مثال ذلك : أن يقول القائل أنا طاقتي محدودة صوتي غير مسموع لا يمكن أن أغير الواقع لا أستطيع أن أقوام التيار

- 9 المعاصي والآثام { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً} إذن الذي يتقي الله يجعل له فرقاناً بين الحق والباطل يجعل له نور{ ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور } ، إذن العاصي تعطل في مكلة التفكير فعلى قدر المعصية يكون تأثيرها في تفكيرنا إذن المعاصي تؤثر في التفكير ومن أسباب تعطيل ملكة التفكير كثرة المعاصي والآثام ،



ثالثـا: الإسـلام : وأساليب تعديـل

الأفكـار والسلوك



بدأ القرآن هاديته الفكرية بتوجيه الأفكار نحو فلسفة الخلقة والمبدأ والمعاد، وقدم أساساً فكرياً ومدرسة فلسفية خاصة هي محور كل تعاليم هذا الكتاب، أو كما يعبر عنه في العصر الحاضر بأنه قدم نظرته الكونية الإلهية الخاصة.

اولا ً: القرآن والدعوة للنظرة الفكرية والعقلية

وتتركز هذه النظرة ـ باختصار ـ على أن عالم الوجود ـ ومنه الإنسان ـ بدأ من الله وينتهي إليه، وعلى الإنسان أن يطوي هذه المسافة جبراً، أما فلسفة هذه الحركة القوسية والسير الصعودي والنزولي فهي اكتساب الكمال والفضيلة التي ستتحصل من خلال معرفة الله وصفاته الكاملة والتشبه بها والتخلق بأخلاقه بالاستعانة بالعقل وإتباع الوحي والرياضة النفسية، وعبارة (تخلقوا بأخلاق الله) هي أساس هذا التقرب والتشبه به تعالى. لقد وضح القرآن الكريم من خلال آياته الذات الإلهية والصفات الجمالية والجلالية بالدليل والبرهان، ومن خلال إلفات نظر المتدبرين إلى عالم الخلقة ومظاهر الوجود وآثار قدرة الله وعلمه وحكمته.

 أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض، وما خلق الله من شيء...]

 أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها...]

 أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الأرض كيف سطحت...] فقد هز القرآن الكريم العقول والأفكار وحركها،واستأنس به العرب شيئاً فشيئاً بعد أن كانوا بعيدين عن منطق الاستدلال، وعلمهم القرآن كيف يمكن إدراك الأسرار الخفية لعالم الغيب من عالم الشهود، حيث عبر القرآن عن هذا اللون من التفكير المنطقي وعن الرأي الصحيح بالحكمة واعتبرها خيراً كثيراً:..ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً...] .والآية تعتبر الحكمة أساس كل خير وكمال وقاعدة التكامل الإنساني كما إن ذكر آثار القدرة يستلزم بيان أسرار الخلقة ورمز الوجود، وقد حث القرآن الكريم الفكر الإنساني للسير في آفاق النفس، واستشهد بنماذج بارزة من كل جوانب عالم الوجود سواء من العالم العلوي والمنظومة الشمسية، أو من العالم السفلي من الأرض وظواهرها المختلفة وما عليها من الإنسان والحيوان والنبات والجبال والبحار والسحاب والمطر و...

ورغم أن الهدف الرئيس من ذكر أسرار الخلقة، تعريف الإنسان بحكمة الخالق وقدرته وعظمته، غير أنه ابتغى أيضاً فتح باب ونافذة، بل صراطاً مستقيماً لكي يتعرف الإنسان على أسرار الوجود، خاصة إذا علمنا أن القرآن الكريم تطرق وبكامل الصراحة مرارا إلى النظم الكامل في العالم وظواهره: ... وكل شيء عنده بمقدار] ؛... إنا كل شيء خلقناه بقدر] ؛  وان من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننزله إلاّ بقدر معلوم]

ثانيا ً: القران والحث علي التفكير و البحث العلمي

عبّأ القرآن الكريم الأذهان والأفكار للتعلم والتدبر والتفكر، وحث الناس على التفكر والتعقل وذم الجهل والأمية، واعتبر الجاهل كالأصم والأبكم والأعمى ووضعه في عداد الأنعام. وورد في القرآن كثير من الكلمات المشتقة من العلم والحكمة والمعرفة والبصيرة والشعور والفكر والفهم والفقه والعقل والتدبر والاستنباط واللب، بأسلوب مؤثر ومؤكّد، كما وردت الألفاظ المناقضة لها من قبيل الجهل والعمى ولا يعملون ولا يشعرون ولا يتفكرون. وتدعو معظم آيات التوحيد والمعاد وكل ما يرتبط بإصلاح العقيدة وبعض الآيات المتعلقة بالأخلاق والأحكام إلى التفكر والتذكر، ويتساءل القرآن باستغراب: .. هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون...]

هذه الآية وأمثالها، ترفع من مفهوم العلم والفكر والألفاظ الأخرى المرافقة، وتقود المجتمع نحو العلم والفكر، ومن يبحث في أعماق القرآن والروايات الإسلاميّة يتبادر إلى ذهنه أن الرسالة الرئيسية لهذا الدين رفع المستوى المعرفي وتقوية بنية الفكر الإنساني، ويعتبر الإسلام التعقل والتفكر من أهم التكاليف التي تقع على عاتق كل مسلم، ويضع آصرة قوية بين الحياة المادية والحياة المعنوية للبشرية أو بين الحياة المعنوية والفكر والدراية.

كما دعي القرآن الي استثارة الحس الإنساني نحو التطلع والاستكشاف شاء أم أبى للبحث في ظواهر الوجود التي يعتبر كل منها موضوعاً لأحد العلوم البشرية. وبهذا أرشد القرآن الكريم الإنسان وهداه إلى حدود العلوم، بل أخذه إلى الجانب الآخر وكشف له عن بعض الأمور، وأدخل في وعيه أن عالم الخلقة عالم واحد منتظم، أجزاؤه مرتبطة مع بعضها، وأن العالم مليء بالرموز والأسرار والقوانين والسنن الثابتة، ووضع بعض جوانب تلك الأسرار والقوانين. وقد اعتبر المفسر المصري الشيخ الطنطاوي أن نحو (750) آية قرآنية ترتبط بالقضايا العلمية، بينما لم تتجاوز آيات الأحكام في القرآن (400) آية. من هنا يتضح أن القرآن الكريم وضع الإنسان على سكة المسار العلمي وكشف حقائق عالم الوجود وهي أساس الحضارة والتمدن من خلال نفس السبيل الذي أيقظ فيه الفكر التوحيدي. ولابد أن نعترف بأن العلم في القرآن الكريم هو توأم للإيمان والعقيدة والتقوى، ويبدأ من المعنويات والقرب الروحي من الله عز وجل ؛ فالقرآن يرى أن العلم ينبغي أن يسير دائماً في خط التكامل الروحي والقرب إلى الله، وليس في الخط المادي الذي يسلكه علماء الغرب، ونستنتج أن تقوية الأسس الإيمانية والهداية الفكرية في الإسلام اقترنت منذ بدايتها مع التكامل والتطور العلمي، فبموازاة معرفة المسلمين للخالق وتعرفهم على فلسفة الخلقة التي تعتبر الحجر الأساس لكل التعاليم الدينية والبنية التحتية لكل تطور وتقدم، تعرفوا أيضاً على مصادر العلوم وأسسها. وكانت هذه المرحلة بداية النهضة العلمية في الإسلام التي توسعت تدريجاً ودفعت المسلمين إلى اكتساب وجمع علوم سائر الشعوب المتحضرة.

ولقد وجه المسلمون في بداية الأمر اهتمامهم نحو الهدف الأصلي للقرآن في توجيه العقول والأفكار وإلفاتها نحو مظاهر الوجود، لترسيخ الإيمان في نفوسهم، فكانت علومهم في البدء منحصرة في إطار العلوم الإيمانية، لتلقي دروس التوحيد ومعرفة الله تعالى، ولكن اتجهت أنظارهم بعد طي هذه المرحلة إلى هدف ثانوي آخر، ففي أواسط القرن الثاني ونتيجة للاتصال بين العرب والشعوب الأخرى التي دخلت في الإسلام كالفرس والروم وغيرهما ممن كانوا يتوفرون على خلفية علمية، ظهرت في صفوف المسلمين حركة جديدة تستلهم أفكارها من العقيدة التوحيدية وأسرار الخلقة، وتحولت النظرة العامة والدراسة الإجمالية للظواهر الطبيعية التي كانت تقتصر فقط على التوصل إلى معرفة الله تعالى، تحولت إلى نظرة عميقة متأصلة ودراسة شاملة لاستكشاف القوانين والسنن الكونية، واستطاع المسلمون من الاستعانة بعلوم الآخرين بسط المعرفة الإجمالية لأسرار الوجود وتفصيلها، ووجدوا في العلوم البشرية ما تعلموه بشكل كلي وغير محدد من القرآن، وحصلوا ـ بحث من الدروس والعبر القرآنية ـ على أسرار الخلقة من خلال التجربة والعلم الذاتي مضافا إلى علوم الآخرين. إذن، فقد ظهرت النهضة العلمية الإسلاميّة إثر النهضة الإيمانية والعقائدية وبتأثيرها.

ثالثاً : القرآن وتهذيب النفس وتعديل الغرائز وتنقية التفكير

إن البرنامج الإصلاحي للقرآن الكريم يبدأ من إصلاح الفكر والقلب الإنساني وينتهي بالعمل، ولقد تطرقنا باختصار إلى إصلاح الفكر بما يكفي لادراك الموضوع، وفيما يلي نبحث باقتضاب أيضاً حول إصلاح الباطن وتزكية النفس وجلاء الروح، أو كما يقال بعبارة واحدة تهذيب النفس.

من الطبيعي أن تتناسب أعمال الإنسان مع طريقة تفكيره، وهذا الفكر ـ كما وضحنا سابقاً ـ يرتبط بصفاته الباطنية، فالفكر الصحيح النزيه ينطلق من باطن طاهر، والفكر المتطرف والمنحرف يصدر عن روح ملوثة وباطن قاتم، إذن تعتبر تزكية النفس الشرط الأول للفكر الوضاء والضمير الطاهر والعمل الصالح  قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها]

رابعاً: المنطق القرآني سبيل للتفكير الصحيح

تعقيباً على المبدأ السابق في تعبئة الأذهان للتفكير والتدبر، نقول: إن القرآن الكريم علم الإنسان طريقة التفكير الصحيح وأسلوب التعلم الأصلح، بحيث يبدأ في بحوثه واستدلالاته من المحسوسات التي تحيط بالإنسان ويتعامل معها باستمرار: السماء والأرض والليل والنهار والموت والحياة والطعام واللباس والنوم واليقظة والجبال والبحار والشمس والقمر وأمثالها، كل هذه استدل بها القرآن الكريم، وخلافاً لأسلوب الفلاسفة وأرباب العلوم العقلية لم يجعل مقدمة برهانه مقدمات عقلية صرفة بعيدة عن أذهان العامة. وهذا هو الفرق البارز بين الفكر القرآني والفلسفة الغربية.

وبالطبع فان المنطقيين اشترطوا أن تكون مقدمات القياس من البديهيات والمسلمات وأمثالها إلاّ أنهم يضطرون حينما يطبقون موازين المنطق إلى استخدام مقدمات عقلية أبعد ما تكون عن المحسوسات. وبهذا يمكن القول أن أسلوب القرآن في الاستدلال وكشف المجهولات هو أقرب إلى الأسلوب العلمي الذي يستند إلى الحس المحض والتجربة منه إلى الفلسفة، أو بتعبير أصح فان القرآن يرى حجية القياس والاستدلال متى ما كان مؤلفا من أسس حسية، ومن الوضوح بمنزلة التجربة الحسية. ولهذا نرى أن الاستدلالات القرآنية تبعث على الاطمئنان ومفهومة من قبل الجميع، ولا يمكن الطعن بها، ولربما كان الأمر الذي دفع المسلمين في بداية نهضتهم العلمية إلى التعامل أكثر مع العلوم الحسية والتجريبية هو تعرفهم على هذا المبدأ، وبقي العلماء المسلمون إلى قرن أو قرنين يمارسون العمل التجريبي والتحليلي في المواد الكيمياوية، وانتشرت بين العلماء المسلمين آنذاك علوم كالطب والكيمياء والهيئة والنبات والتشريح وكلها مقرونة بالحس والتجربة، بيد أنهم تخلوا تدريجياً لبعض الأسباب عن التجربة والعلوم الحسية واتجهوا نحو الطريقة الفلسفية إلاّ في بعض الحالات النادرة، وخاضوا في العلوم العقلية، وكانت هذه بداية الانحراف الفكري.

خامساً ً:القرآن و تعديل السلوك بالتأمل و التفكير

من الإعجاز السلوكي في القرآن و السنة أن يتفقا مع أحدث دراسات علم النفس و أبحاث العلاج و تعديل السلوك الإنساني و مع مدارس العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive behavior al therapy) التي أسسها أرون بيك Aaron Beck"" و مدرسة العلاج العقلاني Rational Emotive Therapy" " التي أسسها ألبرت إليس Albert-Ellis"" ... و غيرها و التي كشفت و فندت الكثير من الافتراضات الخاطئة للتحليل النفسي التقليدي و المدارس التابعة له.. و جميع هذه الاتجاهات الحديثة تعتمد في تعديل سلوك الفرد على تعديل التفكير و المفاهيم و التصورات السلبية الخاطئة.

ويرى عالم النفس " كانفرKanfer " ومن جامعة إلينوي بأن فاعلية العلاج النفسي و تعديل سلوك الإنسان يعتمد في الأساس على عوامل ذات طابع ذهني و فكري , و قد أكد ولبي "Wolpe" أن التغيرات الايجابية في السلوك تحدث نتيجة تأكيد الذات و أنها تشمل ضمناً تغير في طريقة تفكير الفرد و في تقديره للأشياء , و أن مخاوف الفرد تكون في كثير من الأحيان مبالغات و تشويه للواقع و يحدد الرسم التخطيطي التالي العلاقة بين التفكير و الانفعال و السلوك و أنها علاقة دائرية متصلة يدخل فيها الدوائر العصبية التي تتحكم في النشاط العصبي و الهرموني للجسم ولقد حرص القرآن الكريم على دعوة الإنسان للتفكر و التدبر و التأمل و التعلم و قد اتبع الرسول في كل مواقفه هذا المنهج و جسده فكراً و عملاً.

فالقرآن الكريم بدأ آياته بدعوة الإنسان للتعلم " أقرأ" و كرر توصية الإنسان بالتفكر " أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات و الأرض وما بينهما إلا بالحق و أجل مسمى"(الروم 8).."و في أنفسكم أفلا تبصرون"..!

ولقد كان أول شئ علمه الله تعالى لأدم عليه السلام هو أسماء جميع الأشياء " وعلم أدم الأشياء كلها"و تؤكد الدراسات الحديثة أن تعلم أسماء الأشياء هو تعلم المفاهيم و الرموز و القدرة على التفكير التجريدي و هي أهم خطوات تعلم التفكير التي تساعد على التحليل و التركيب و المقارنة و التمييز واتخاذ القرارات وحل المشكلات.



سادسا :أساليب المنهج القرآني والنبوي في تعديل و بناء الفكر

لقد استطاع الرسول – صلى الله عليه و سلم- تحويل القبائل المتناحرة والجماعات الغوغائية التي تغير على بعضها البعض وتستحل الدم و الحرمات وتتفاخر بعدوانها و اغتصابها للحقوق .. إلى جماعات متضافرة تلتقي حول أهداف سامية و يحكم علاقاتها نظم و قواعد راقية ومشاعر الحب و العطف و الإحسان.

إن أساليب تعديل الافكار التي وردت في التشريع الذي نزل به القرآن وقدمه الرسول في نماذج عمليه تتفق مع أحدث نتائج أبحاث ودراسات علوم النفس والسلوك و بيولوجيا الجهاز العصبي في الإنسان .. وهى تمثل إعجاز وتحديًا علميًا وأساسًا لمنهج إسلامي في ضبط وتعديل الفكر البشري.. يمكن الاستفادة العملية منه في العديد من مجالات الصحة النفسية وعلاج المشكلات النفسية و الاجتماعية .. و تطوير المجتمع من خلال إطلاق طاقات العقل البشري المكبل بالقيود و الصراعات و المشكلات النفسية و التي أصبحت كالغراء يلصقنا بالتخلف و الجمود

ومن أساليب تعديل الأفكار والسلوك التي وردت في القرآن و السنة و التي تمثل إعجازاً علمياً ما يلي:-

1- شخصية الرسول و التو كيدية

التو كيدية Assertiveness هي تأكيد الذات و القدرة على التعبير عن المشاعر و الأفكار بدرجة عالية من الصحة النفسية و الفاعلية , ولقد أخذ هذا المفهوم أهميته العلمية بعد دراسات العالم الأمريكي "سالترSalter " عام 1994 و الذي أكد فيه أهمية التو كيدية ( تأكيد الذات) كخاصية أو سمة شخصية مثلها مثل الانبساطية أو الانطواء .

ولقد أشار أيضاً كلاً من " ولبي Wolpe" و"لازاروس lazarus" قبل ذلك بسنوات إلى هذه الخاصية كقدرة يمكن من خلال تدريبها تحقيق درجات أعلى من الصحة النفسية ,ويمكن أيضاٌ من خلال دراستها فهم المشكلات الاجتماعية والنفسية و علاجها, و لذلك اتجه عدد كبير من العلماء إلى ابتكار برامج لتنمية و تدريب هذه القدرة .

و التوكيدية ليست مجرد مهارات اجتماعية للتعبير عن النفس و الدفاع عن الحقوق الشخصية للفرد بل إن لها معاني أخرى متعددة منها مهارة التصرف بحكمة وفق ظروف و متطلبات كل موقف ,

والذي يدرس سلوكيات الرسول- صلى الله عليه و سلم – في المواقف المختلفة يلمس التوكيدية بمفهومها الذي أشارت إليه الدراسات الحديثة حيث تجمع بين المهارات الاجتماعية و الدفاع عن الحقوق بالحكمة و اللين و الرحمة و الموعظة الحسنة, ولكنه لا يجد من علمه ممن يحيط به , ولا يلمح أي أثر للبيئة التي تغرس السلوكيات الإنسانية والسمات الإيجابية الطيبة وترعاها وتدعمها .. فمن الذي علمه إلا الله رب العالمين ؟! ومن أين له بهذه القدرات و المهارات التي لا يمكن أن تنشأ فجأة في مجتمع كانت مهارات أفراده تتركز حول القوة الغاشمة و العدوان على الأخر.. هذا هو الأعجاز أعلى وأرقى درجاته .

ومن أسس التو كيدية – كأسلوب للصحة النفسية و السلوك القويم – ما جاء في حديث الرسول – صلى الله عليه و سلم - :"لا يكن أحدكم إمعة, يقول:أنا مع الناس , إن أحسن الناس أحسنت , وإن أساؤوا أسأت !!.. .." الحديث "عن الترمذي"

فقد جسد الرسول للمسلمين قوة اليقين في شخصه, و روعة الإيمان و الثبات على المبدأ و عدم الخوف من الباطل , و عن ابن عباس عن رسول الله –صلى الله عليه و سلم – " من أسخط الله في رضي الناس سخط الله عليه .. .. " الحديث

فعلى المسلم أن يتجاهل حماقات الحمقى و أن يستخف بما يلقاه من ظلم و سخرية و استنكار عندما يخرج عن مسيرة الباطل أو يشذ عن عرف الجهال , و أن يقول رأيه بثبات و لا يخشى فى الله لومه لائم , وأن يمضى إلى غايته بثقة في عون الله و تأييده , لا يخشى من قسوة النقد أو الهمز و اللمز أو تجريح الألسنة مادام على حق .



2- النمذجة و المحاكاة

أستخدم الرسول – صلى الله عليه و سلم – أسلوب تقديم نماذج سلوكية تطبيقية في مواقف حية overt modeling ( وربما كان هذا من أحد اسباب نزول القرآن منسجماً حسب الأحداث و المواقف) والتي تمثل أفضل أساليب التعلم و أكثرها تأثيراً , فقد قدم القدوة و عرض طريقه و أسلوب السلوك الصحيح في كل موقف من المواقف , و استعان بالتصوير و التجسيد و تنشيط المخيلة و القدرة على التوقع و التصور , كما استعان بالقصص و الأمثال و تجسيد المشاهد و تقديم البيانات اللفظية و العملية ليشرح المواقف التعليمية التي تسهل عمليات التعلم و تساعد الإنسان على تغيير تصرفاته و التغلب على العادات و السلوكيات السلبية.

ولقد أتاح ذلك للمسلمين التعلم بالملاحظة كأحد أهم وأحدث أساليب التعلم وتعديل السلوك والتي وردت في دراسات العديد من العلماء المعاصرين و منهم أ لبرت باندوراAlbert Bandora " " و في أبحاث أصحاب نظرية التعلم الاجتماعي .

كما ان تعديل التفكير والتخلص من الافكار السلبية والانهزامية الهدامة وكذلك تعديل السلوك وتبنى انماط وعادات صحية وايجابية راسخة ومستمرة لن يحدث إلا من خلال التحول من الثقافة الوعظية و علوم الكلام وفلسفة الاخلاق الى التدريب والتطبيق العملى لعلوم سلوكية إسلامية عصرية وتطبيقية جديدة .

ولقد اشتمل القرآن والسنة النبوية الشريفة على عدد هائل من هذه النماذج السلوكية العملية والتطبيقات العملية فى كيفية التصرف فى مختلف نواحى ومواقف الحياة وتحت مختلف الضغوط والظروف النفسية والاجتماعية ،

ولقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم نماذج عملية حية ذات طبيعة تعليمية تسمى في علم النفس بالنماذج الضمنية وتعتبر أحد اساليب تعديل الفكر والسلوك في علم النفس الحديث . ولا شك أن العديد من الدراسات والأبحاث التجريبية الحديثة تؤكد أن سلوك الإنسان لا يتغير بمجرد الاستبصار أو العلم بسبب المشكلة كما كان يعتقد فرويد ومدارس علم النفس التقليدية .

وأن التوجيه والنصح والوعظ أو التعاليم المرسلة ـ رغم أهميتها ـ لا تكفي لتعديل السلوك وتثبيت السمات والأنماط السلوكية الجديدة وأنه قد آن الأوان إلى التحول من الثقافة الوعظية إلى الأساليب العصرية التطبيقية ، فتغير الفكر شئ صعب واكتساب بعض السمات والعادات السلوكية أكثر صعوبة ، ولقد قدم الإسلام مجموعة من الاساليب الفعالة في هذا المجال تتفق مع الأبحاث الحديثة ومع آراء علماء معاصرين ، فقد أشار الأمام الغزالي رحمه الله في كتابه " إحياء علوم الدين " إلى عدة اساليب وردت في تراثنا الإسلامي لتعديل الفكر واستخدم لفظ رياضة النفس ليؤكد على أهمية التدريب العملي المستمر لاكتساب وتثبيت السلوكيات المرغوبه : فعلى سبيل المثال يوضح كيفية السيطرة على الغضب وتعلم الحلم والصبر من خلال التدريب الذي يبدأ بالتكلف والإفتعال ـ إذا لزم الأمر ـ لفترة زمنية كافية مصداقا للحديث الشريف (( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم )) حتى يصبح جزءً من المنظومة العصبية والسلوكية للفرد ..ويتطلب ذلك الألتزام بخطوات متدرجة تصاعدياً , مع التقيد الصارم بنظام محكم ومتواصل .

3- أسلوب الأمثال القرآني والنبوي:

قال تعالى: ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) , وقوله تعالى )مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا .... ).

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أريتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات , هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يبقى).

4- أسلوب القدوة:

قال تعالى: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ), وهذا الأسلوب مهما في التربية عموما وفي التربية الإسلامية على وجه الخصوص, وهذا الأسلوب يسهم فيما يلي:

1- تحقيق الأهداف التي يراد إقامة منهج تربوي عليها.

2- فطرة الإنسان في البحث عن القدوة.

3- تتجلى القدوة في مواقف غريبة عليهم مثل قصة امرأة زيد عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الزواج بها وذلك لتبيان أنه ليس لزيد حقوق البنوة الطبيعية , كذلك تتجلى في مواقف تحتاج إلى التضحية كالحروب والإنفاق .

4- إن التلميذ في المدرسة لا بد له من قدوة يراها في كل معلم .

5- غريزة التقليد في الإنسان وهي رغبة ملحة تدفع به لمحاكاة الآخرين , ولا بد أن توظف هذه بشكل صحيح , ولا بد أن يكون الجميع نماذج طيبة في السلوك لينهل منها الأبناء منذ صغرهم.

5-: أسلوب الممارسة العملية:

حيث نجد ذلك في الصلاة والزكاة والصوم والحج والشهادتين , حيث يجب تنمية السلوك العملي من قبل المربى , والربط بين الفكر والعمل والنظرية والتطبيق , مثل حديث المسيء في صلاته , وتعليم الرسول الأكرم له كيفية الوضوء الصحيح , والأثر التربوي لهذا الأسلوب يتجلى في:

1- الإتقان العملي .

2- الشعور بالمسؤولية من صحة العمل .

3- شدة الإقناع وبلوغه أعماق النفس.

6- أسلوب العبرة والموعظة:

يعد من الأساليب المشهورة , واستخدم للوصول بالسامع إلى قناعة فكرية بأمر عقدي قال تعلى: ( إن الله نعما يعظكم به). وقوله عز وجل: ( ويوعظ من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ) . وقوله عز وجل : ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).

واهم النتائج التربوية لأسلوب الموعظة والعبرة ما يلي:

1- التأمل والتعود على التفكير السليم والملاحظة الدقيقة .

2- إثارة انفعال الدهشة والتعجب.

3- تثبيت بعض القيم وترسيخها .

4- تزكية النفس وتطهيرها.

وفي هذا الأسلوب مجال كبير لتوجيه الطلاب لما فيه الخير لهم ولمجتمعهم والابتعاد عن والابتعاد عن النواهي والتزام الأوامر , ولن يتحقق ذلك إلا بالاستعانة بالقصص ودروس التاريخ.

7- أسلوب الترغيب والترهيب:

يتضمن هذا الأسلوب استخدام الثواب والعقاب , وهو ضروري في التربية , وفق ضوابط حددها المربون المسلمون , لأن م الواجب ثواب المحسن ومعاقبة المسيء , ويتميز هذا الأسلوب بميزات منها:

1- استخدام الإقناع والبرهان في الترغيب والترهيب.

2- إثارة الانفعالات وتربية العواطف كالخوف من الله عز وجل وعذابه والخشوع له والمحبة والرجاء والطمع في رحمته.

3- ضبط الانفعالات والعواطف والموازنة بينها.

ويحسن بالمربي استخدامه بوعي مبنيا على الأصول والقواعد الإسلامية , ومن الأفضل إتباع أسلوب الترغيب لما له من أثر في استثارة الرغبة الداخلية في الإنسان بينما الترهيب يعتمد على الأثر المؤقت المبني على الخوف حيث قال تعالى: (فمن تاب بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه) , ولا يعنى هذا عدم استخدام الترهيب حتى لا يتمادى الفرد في ارتكاب الأخطاء والمعاصي مغترا برحمة الله ومغفرته ويسوف ويؤجل توبته إذ يقول الله عز وجل : ( إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم) , وقال تعالى: ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرين).



رابعاً : الإسلام والتغلب علي عوائق

التفكير وضوابط الفكر

أولاً : التغلب على عوائق التفكير

يمكن التغلب علي عوائق التفكير والتي تم ذكرها فيما سبق وذلك من خلال ما يلي :



1- الثقة بالله تعالى والإيمان به والتوكل عليه وإخلاص النية ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقان )

2- علو الهمة والثقة بالنفس والتخلص من الهزيمة النفسية فإذا علت الهمم ووثقنا بأنفسنا بعد ثقتنا بالله جل وعلا وهذا مما يبطل ويلغي عوائق التفكير

3- سمو الأهداف : أي أن تكون الأهداف سامية ، وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام . يجب أن تكون أهدافنا سامية وعالية وليست مقتصرة على الأكل والشرب وهي ما يتعلق بمطالب الحيوان ، فإذا كانت الأهداف سامية وعالية ساهمت في قوة التفكير وتخطي العقبات

4- التربية الجادة : من أقوى الوسائل التي تلغي عوائق التفكير

- 5الجرئة المنظبطة ، والإقدام المدروس ، أقول الجرئة المنظبطة لا الجرئة المتهورة ، ولا نريد الإستعجال ، فلا نامت أعين الجبناء .

6- التضحية بالمصالح الجزئية لمصلحة الأمة ، التضحية بالمصالح الذاتية من أجل الأمة . أما الذي ليس عنده تضحية أي ما عنده استعداد يضحي بشيء من دنياه فليس أهلاً لأن يكون مفكراً إذن التضحية الذاتية من أجل مصلحة الأمة .

7- كما ان التفكير ليس مقصوراً على الأمور الكبرى أو القضايا الكلية ، فلا يلزم من التفكير إيجاد الجديد بل قد يكون تطويراً للموجود ، هذه مسألة مهمة قد يتصور البعض أن كل إنسان لا يمكن أن يكون مفكراً إلا إذا جاء بأفكار ضخمة كبيرة جديدة ، ممكن أن تأتي بأفكار يسيرة ولكنها مع الزمن تصبح قضايا كبيرة . لا يلزم أن يأتي بالجديد قد يكون من التفكير أن تطور الجديد فالإضاءة أول ما بدئت بدئت بداية متواضعة في الكهرباء ولكن تطورت ، تطوير الموجود أمر مهم كذلك هناك أعمال مفيدة تستطيع أن تقدم تفكيراً جديداً أو فكراً جديداً أو عملاً ومشروعاً جديداً { واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } { واتقوا الله ويعلمكم الله } . قد تبدأ الفكرة عادية ثم تنتهي إلى مشروع متكامل فلا يلزم أن يكون المفكر عبقرياً ، قد تأتي الفكرة العظيمة من رجل بسيط من رجل متواضع ، لا يلزم أن يكون المفكر عظيماً يل قد تأتي الفكرة العظيمة من رجل عادي ، يقول درويش إبراهيم : معظم المفكرين الحقيقيين هم إناس عاديين ، يعرفون أن يتغلبوا على العدد الوافر من التحديات اليومية التي تواجههم .

ثانياً : ضوابط التفكير

الضابط الأول : أن تكون الأفكار مشروعة ، لأن هناك إناس يفكرون تفكيراً مخيفاً أصحاب المخدرات يفكرون تفكيراً لكن يفكرون في تدمير الأمة ، العلمانيون يفكرون ، لكن يفكرون في القضاء على الدين ، الخرافيون يفكرون ، الرافضة يفكرون ، بعض المسلمين قد يفكر تفكيراً غير مشروع ، فالضابط الأول للتفكير أن تكون الأفكار مشروعة أي منضبطة بضوابط الشرع من الإخلاص والمتبعة وفق الكتاب والسنة .

الضابط الثاني : أن تكون الأفكار عملية واقعية وليست خيالية وإلا الأفكار الخيالية ما شاء الله كل واحد منا يفكر يومياً بآلاف الأفكار في أمور الدنيا والدين ، فكم من واحد فكر أن يكون من أكبر التجار ولكن لما قام فإذا هو مفلس ، كم واحد فكر أنه تزوج بثلاث نساء أو أربع ولما صحا وجد نفسه أعزب أو على حاله ، الأفكار الخيالية كأحلام الليل الناس يقولون فيه أحلام ليل وأحلام يقظة ، أحلام منام وهي الرؤيا وأحلام يقظة ولكن مع الأسف أفكار غير واقعية خيالية نظرية ، فلا بد أن تكون الأفكار واقعية عملية أي من الممكن أن تطبق وليست من الأفكار المثالية .

الضابط الثالث : لا بد من مراعاة المصالح والمفاسد لأن الأفكار هي تغيير في الواقع فلا بد أن تراعى قواعد المصالح والمفاسد المشروعة حتى لا تؤدي هذه الأفكار إلى أخطاء أو إلى ضرر أكبر من المصلحة المتوقعة منها .

الضابط الرابع : لا بد من الشورى ومن بلورة الأفكار وتمحيصها قبل تنفيذها ، فإذا وصل المسلم إلى فكرة وإلى مشروع ممكن أن يذهب لذوي الاختصاص كي يناقش الموضوع حتى يتحول إلى واقع قابل للتنفيذ .



مصادر ومراجع الدراسة



(1) إبراهيم ناصر، التربية المدنية( عمان: مكتبة الرائد العلمية، 1993)

(2) أحمد فؤاد الاهواني، التربية في الإسلام( القاهرة : دار المعارف، بدون تاريخ ).

(3) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، إستراتيجية تطوير التربية العربية (بيروت: مؤسسة دار الريحاني للطباعة والنشر، 1979).

(4) لطفي بركات أحمد ، في الفكر التربوي الإسلامي ،ط1( الرياض : دار المريخ ،

1982)

(5 ) لطفي بركات أحمد ، في الفكر التربوي الإسلامي ،ط1( الرياض : دار المريخ ، 1982) حسن علي الساعوي " تأصيل العلوم الاجتماعية " مجلة أبحاث الإيمان ، السنة الأولى العدد 3، سبتمبر 1993) .

( 6) مريم بنت محمد عايد الأحمدي ، دراسة : استخدام أسلوب العصف الذهني في تنمية مهارات التفكير الإبداعي وأثره على التعبير الكتابي لدى طالبات الصف الثالث المتوسط ، كلية التربية للبنات – جامعة تبوك

( 7) فتحي علي يونس ، أفكار حول القراءة وتنمية التفكير ، الجمعية المصرية للقراءة والمـعرفة ، المؤتمر العلمي الرابع ، والقـراءة وتنمية التفكير ، القاهرة ، 2004م .

( 8 ) خلف بن سليم بن سليم القرشي ، رسالة دكتوراه بعنوان : منهجية التغيير الاجتماعي للتربية من منظور إسلامي وتطبيقاتها في مجال العلاقات الاجتماعية المدرسية ،كلية التربية – جامعة أم القرى ، الفصل الدراسي الثاني لعام٤٢٩1هجري

( 9) حامد عبد السلام زهران – علم النفس الاجتماعي ، القاهرة ، عالم الكتب ، ٢٠٠٠ م

( 10) القرضاوي ، يوسف ، خطابنا الإسلامي في عصر العولمة ، القاهرة ، دار الشروق ، ١٤٢٣ ه ٢٠٠٣ م .

( 11) محمد شحات الخطيب ، وآخرون ، أصول التربية الإسلامية ،ط ١ ،الرياض، دار الخريجي للنشر والتوزيع ، ١٩٩٥ م .

( 12) روبرت ثولس ، ترجمة : حسن سعيد الكومي ،التفكير المستقيم والتفكير الأعوج ، سلسلة ثقافية شهرية تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب ، الكويت ، دار المعرفة ، العدد 20 ، 1990م .



انتهـت الدراسـة



إعداد

الباحث والكاتب

أ . علاء أبو دية زقوت

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف