المبادئ التربوية المشتقة من نظرة الإسلام إلى العلم والعمل الصالح
في هذا المبحث سيتعرض الباحث إلى المبادئ المتعلقة بكل من العلم والعمل الصالح مع تأصيل أدلتها من الكتاب والسنة وأقوال مفكري الإسلام:
أولاً: المبادئ المتعلقة بالعلم: ( التعلم والتعليم)
المبدأ الأول: العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع( ) فهو لا بد أن يكون يقينا لا مجال فيه للظن والوهم كما أنه ينبغي حتى يسمى علماً أن يطابق الواقع.
الأدلة:
قال تعالى : (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً). ( )
قال تعالى: ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) ( ).
قال تعالى: ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) ( ).
قال تعالى: في قصة قارون ( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً) ( ).
تطبيقات تربوية:
تنمية التفكير العلمي لدى النشء لبناء استدلالات تقوم على تحري الحقائق.
ابتعاد المناهج عن المعارف التي لم يقطع بصحتها وتتأرجح بين الظن والوهم.
التأكيد على أهمية ربط المعرفة بالواقع العملي من خلال العمل التجريبي والزيارات الميدانية وانتقاء الأنشطة والأساليب التي لها صلة مباشرة بالبيئة الاجتماعية .
التقويم عليه أن يبني على أسس واقعية ومعايير علمية تحول دون إصدار أحكام وهمية على مستوى تحصيل الطلبة أو فاعلية المناهج والجهود التربوية.
المبدأ الثاني: إن هناك تلازم بين الإيمان والعلم فالعلم طريق الإيمان وسبيل إلى زيادته كما أن الإيمان يحدد العلم ويوجهه الوجه الصحيحة.
فنحد أنه قد حضر عليه عالم الغيب لاختصاص علم الله به وبين له السبل الموصلة إلى العلم الصالح الذي يعم نفعه الفرد والعباد.
الأدلة:
قال تعالى: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء) ( ).
وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم ) ( ).
وقال عز وجل: (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)( ).
قال تعالى: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق) ( ).
وقال (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آياتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا) ( ).
وقال تعالى: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) ( ).
تطبيقات تربوية:
• تأكيد المناهج على القيم الإيمانية وربطها بالمعارف التي يتلقاها الطلبة
• التأكيد على أهمية العلم في الإسلام وعلاقته بزيادة الإيمان ونقصانه.
• التشجيع على الأنشطة والأساليب التي تدعو إلى التفكر والتدبر في عظيم صنع الخالق لاستجلاء عظمته.
• التقويم عليه أن لا يقتصر على مستوى التحصيل المعرفي للطلاب بقدر ما يهتم بمدى رسوخ القيم الفاضلة وتحقيقها أخلاقا وسلوكا وعملا.
المبدأ الثالث: إن أهم الثمار التي يجب أن تسعى التربية الإسلامية العلمية إلى تحقيقها هي تزكية النفس بتطهيرها من كل رذيلة و السمو بها إلى كل فضيلة.
الأدلة :
قال تعالى: ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) ( ).
وقال (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) ( ).
وقال عز وجل: ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) ( ).
تطبيقات تربوية:
التأكيد على الوصول بالمتعلم من خلال العملية التعليمية إلى تطهير النفس من كل الرذائل.
تنمية القيم العليا التي تسمو بالنشء إلى بلوغ درجة الإحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه.
التأكيد على عظمة الخالق ومنه علينا بالشريعة الغراء التي هي السبيل الأوحد لتحقيق القيم الفاضلة.
توفير البيئة الاجتماعية المناسبة التي تعمل على تدعيم القيم الدينية في نفوس النشء
المبدأ الرابع: يعتبر الإسلام طلب العلم النافع واجب شرعيا على كل مسلم قادر أن يسعى في تحصيله على تفاوت في درجات الوجوب فإذا حصله تقع على عاتقه مسؤولية التبليغ سواء على مستوى الفرد أو الجماعة
الأدلة:
قال تعالى: (أقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الإنسان من علق) ( ).
قال عز وجل : ( فلو نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) ( ).
وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه) ( ).
وقال أيضاً: ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يفطنونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتفطنون) ( ).
ولقد اعتنى بهذه المسألة كثير من التربويين المسلمين أمثال القابسي وابن حزم الأندلسي.
إلزامية التعليم عند القابسي:
رأى القابسي أن الوالد مكلف بتعليم ابنه القرآن والصلاة لأن حكم الولد في الدين حكم أبيه فإذا لم يتيسر للوالد أن يعلم أبناءه بنفسه فعليه أن يرسلهم إلى الكتاب لتلقي العلم بأجر فإذا لم يكن الوالد قادر على نفقة التعليم فأقرباؤه مكلفون بذلك وإلا فالمحسنون أو معلم الكتاب يعلم الفقير احتسابا أو من بيت المال( ).
وكان أول من قال بذلك عملا بالقاعدة الشرعية التي تقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
إلزامية التعليم عند ابن حزم:
رأى ابن حزم أنه من المفروض على الحاكم أن يجبر أزواج النساء الجاهلات وكذلك سادة الأرقاء على تعليمهم إما بأنفسهم أو بإباحة لهم لقاء من يعلمهم وفرض على الإمام أن يأخذ الناس بذلك وأن يرتب أقواماً لتعليم الجهال كما رأى أنه يجب على الجماعة المسلمة في قرية أو مدينة تعلم أحكام الشريعة فإن لم يوجد منهم قادر على القيام بمهمة التعليم وجب عليهم الرحلة في طلب العلم ( ).
تطبيقات تربوية:
العمل على نشر التعليم سواء من خلال المؤسسات النظامية كالمدارس والمعاهد أو من خلال غيرها من الوسائط التربوية كالمساجد والجمعيات.
تظافر الجهود من أجل التحقيق الفعلي لمبدأ إلزامية التعليم خاصة في المراحل الأولى سواء من خلال التوعية بأهمية العلم ومكانته في الإسلام أو من خلال توفير المساعدات اللازمة للفئات المحرومة.
تأكيد المناهج على القيم الداعية إلى تحصيل العلم ونشره سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع.
المبدأ الخامس: أن التعليم لا يقف عند حد معين أو درجة علمية بل هو ممتد على طول حياة الإنسان من المهد إلى اللحد.
ذلك أن المعارف العلمية متجددة ومتطورة مهما امتدت العصور( ) وصفة التطور ثابته في كل شيء.
الأدلة:
قال تعالى: (وقل رب زدني علماً) ( ).
وقال تعالى: (نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) ( ).
وقال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( أغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامسة فتهلك) ( ).
وعن ابن المبارك أنه قال: لا يزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل( ).
تطبيقات تربوية: ( )
• أهداف المنهاج الإسلامي تؤكد على استمرارية التعلم وبالتالي فهي تعنى بمجال المهارات العقلية والأدائية الاتجاهات الكفيلة بضمان استمرارية التعلم أكثر من مجرد عنايتها بالتحصيل المعرفي.
• تنظيم المنهاج يستدعي استيعاب علوم العصر باستمرار فهو يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
• الأنشطة والأساليب التربوية عليها أن تكون منفتحة على أحدث المكتشفات والنظريات العلمية لمواكبة التطور الطبيعي للحياة.
• تقويم المنهاج الإسلامي عملية مستمرة لأن عملية التعلم مستمرة.
المبدأ السادس:
أن التعليم المثمر هو الذي يراعي استعداد المتعلم وطاقاته فقد أودع الله في كل إنسان مقدارا معينا من الطاقة والاستعداد على التعليم السليم أن يراعي( ) .
الأدلة:
قال تعالى: ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)( ).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحدثوا أمتي من أحاديث إلا بما تحمله عقولهم) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (علموا ويسيروا ولا تعسروا) ( ).
وفيما يلي عرض لآراء بعض التربويين المسلمين في وجوب مراعاة قدرات المتعلم واستعداداته.
ابن سينا: يقول على المؤدب أن يبحث للولد عن صناعة فلا يجبر على العلم إذا كان غير ميال إليه ولا يتركه يسير مع الهوى إذ ليست كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له ولكن ما شاكل طبيعته مناسب وأنه لو كانت ا لآداب تجيب وتنقاد بالطلب... لأجمع الناس على اختيار أشرف الصناعات( ).
الغزالي : يوجب على المعلم أن : يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط حاليه عقله ( )
ابن جماعة : لقد فرق ابن جماعة بين طريقة تعليم الطلبة النابهين والأقل ذكاء فقال أن : يبدأ المعلم بتصوير المسائل ثم يوضحها بالأمثلة وذكر الدلائل ويقتصر على تصوير المسألة وتمثيلها لمن لم يتأهل لفهم أما الذكي النابه فتذكر له الأدلة والمأخذ ويبين له معاني إسرار حكمها وعللها وما يتعلق بتلك المسألة من نوع وأصل( )
ابن الجوزي : أن المربي الذي يعترف بوجود الفروق بين الناس يخاطب كل متعلم على قدر عقله لذلك اعتبر ابن الجوزي مخاطبة بعض النحويين عامة الناس بلغة لا يفهمونها ضرب من الغفلة ( )
الشوكاني: دعا إلى التنويع في مناهج التعليم معللا ذلك بان : الانتفاع بالعلوم يختلف باختلاف القرائح والمفهوم فقد ينتفع من هو كامل الذكاء صادق الفهم قوي الإدراك بالقليل مما لا يقتدر على الانتفاع بما هو أكثر منه كثير منت جامدي الفهم راكدي الفطنة ( )
تطبيقات تربوية :
- مراعاة المناهج التعليمية للفروق الفردية بين المتعلمين من حيث المقررات والأنشطة التقويمية
- تنويع الخبرات والمعارف باختلاف قدرات الطلبة واستعداداتهم
- التوجيه السليم للأبناء بما يتوافق مع قدراتهم واستعداداتهم الحقيقية لا على أساس مجرّد رغبة الأولياء
- التأكيد على ضرورة وجود مؤسسات تربوية تعنى بذوي القدرات العالية وكذلك ذوي المستويات العقلية المتدنية
- معرفة المربي بطبيعة من يربي من أجل الوصول إلى أمثل طريقة للتعامل مع الفروق العقلية والجسمية والاجتماعية
المبدأ السابع : إن الإسلام حين أوجب على المسلمين طلب العلم لم يخص فئة دون أخرى ولا جنسا دون آخر بل هو مطلب شرعي على أبناء الإسلام أن يسعوا في تحصيله باختلاف ظروفهم ومستوياتهم وأجناسهم وعلى الجماعة المسلمة أن تُيسر لهم السبل إلى ذلك
الأدلة :
قال تعالى " عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى"( )
وقال صلى الله عليه وسلم " طلب العلم فريضة على كل مسلم "( )
وعنه أنه قال " ثلاثة لهم أجران رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجلٌ كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها " ( )
عن أبي سعيد الخدري أنه قال : قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم " غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فوعظهن وأمرهن "( )
تطبيقات تروية
العناية بذوي الحاجات الخاصة والعمل على توفير فرص التعلم لهؤلاء من اجل الاندماج الجيد في المجتمع وتحقيق الدعم المادي والمعنوي لهذه الفئات
العمل على تحقيق مبدأ تكافؤ فرص التعليم من خلال التقليل من آثار الاختلافات في المستويات الاقتصادية بدعم الفئات المحرومة
التأكيد على تعليم المرأة وتظافر الجهود من أجل التوعية بأهمية ذلك
نشر الوعي الاجتماعي والعمل على تحرير المجتمع من الاعتقادات التي تُضعف حظ فئات معينة في التعليم
المبادئ المتعلقة بالعمل الصالح
المبدأ الأول : العمل في الإسلام : هو كل نشاط هادف يترتب عنه نفعٌ عاجل أو آجل للفرد والجماعة في الدنيا والآخرة وعليه مدار الابتلاء ومعيار الجزاء
الأدلة :
قال تعالى " وان ليس للإنسان إلا ما سعى "( )
وقال الله تعالى " ليبلوكم آيكم أحسن عملا" ( )
وقال تعالى " وقلْ اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"( )
وكان عمر بن الخطاب يقول : تعلموا المهنة فإنه يوشك أحدكم أن يحتاج إلى مهنته ( ).
تطبيقات تربوية
- التأكيد على القيم التي تشجع على العمل الصالح في الإسلام
- رفع قيمة العمل في المجتمع و العمل على القضاء على النظرة الدونية لبعض المهن التي تكتسي أهمية بالغة في ضمان الحياة الكريمة للمجتمع
المبدأ الثاني: العمل الصالح هو ما توفرت فيه النية الخالصة و وافق أحكام الشريعة و متى خلصت النية و استقام العمل تحول إلى عبادة مأجور عليها
الأدلة:
قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( )
قال صلى الله عليه وسلم " الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى "( )
وقال صلى الله عليه وسلم " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعلُ في امرأتك" ( )
وعنه عليه السلام أنه قال " إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ أُستشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى أستشهدتُ قال : كذبت ولكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أُمر به فسُحب على وجهه في النار ورجل ٌ تعلم العلم وعلّمه وقرا القرآن فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمتُ العلم وعلّمته قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ وقد قيل ثم أُمر بي فسحب على وجهه في النار " ( )
تطبيقات تربوية
التأكيد على ضرورة إخلاص النية في جميع الأعمال والأقوال ابتغاء الآجر والثواب
التوعية بضوابط العمل وشروطه في الإسلام ومحاربة الغش والفساد وذلك من خلال التنشئة الإيمانية السليمة
العمل الصالح يتحول إلى عبادة بالنية الصالحة و لو كان من العادات
المبدأ الثالث: أن هناك ارتباطا وثيقا بين الإيمان و العمل الصالح فكما أن الإيمان دافع إلى الازدياد من الأعمال الصالحة فان العمل الصالح وسيلة إلى زيادة الإيمان
الأدلة:
قال تعالى:"فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا"( )
قال تعالى:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين"( )
وقال تعالى :"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"( )
وقال تعالى " الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم "( )
وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى قال : من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدٌ بشيء احب إلى مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"( )
تطبيقات تربوية :
• التأكيد على علاقة الإيمان بالعمل الصالح وذلك من خلال تعويد النشء على الممارسة العملية للقيم والإسلامية
• العمل على غرس الإيمان في نفوس النشء بالتربية السليمة و التشجيع على الازدياد من الأعمال الصالحة لكسب مرضاة الله
المبدأ الرابع : التربية العملية في الإسلام تشملُ جميع أفراد المجتمع كما أنها تناسب إمكانيات كل فرد وطاقاته
الأدلة :
قال تعالى " من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا "( )
وقال عز وجل " من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم آجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " ( )
وقال تعالى " والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " ( )
تطبيقات تربوية :
• التأكيد على وظيفة كل من المرأة والرجل ودورهما فبي البناء المتكامل للمجتمع
• تنويع النشاطات العملية بحيث تتناسب مع قدرات الطلبة الجسمية والعقلية والاقتصادية
• الاهتمام بالإعداد العملي للنشء للقيام بوظائفهم المستقبلية مع مراعاة طبيعة كل جنس ومتطلباته
• التأكيد على أن المساواة بين المرأة والرجل لا تعني تخلي كل واحد منهما عن ما فُطر عليه من استعدادات وما أوكل إليه من مهام
ثالثا : المبادئ المتعلقة بالعلم والعمل الصالح
المبدا الأول : الإسلام يربط العلم بالعمل ويربط كليهما بالنية وبمنهاج الله ذلك انه يقتضي أن يمارس المسلم ما يتعلمه( ) فلا يتصور علمٌ دون عمل ولا عمل دون علم
الأدلة : تظافرت نصوصٌ كثيرة من الكتاب والسنة وآثار السلف على تأكيد هذا المبدأ وفيما يلي جانب منها
أ- من الكتاب
قال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا"( )
قال تعالى " ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين "( )
قال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء" ( )
قال تعالى " وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربّنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين " ( )
وقال عز وجل " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( )
أ- من السنّة
قال صلى الله عليه وسلم " من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يريد أن يقبل بوجوه الناس اليه أدخله الله جهنم "( )
وقال صلى الله عليه وسلم "تعلموا ما شئتم لأتن تعلموا فلن ينفعكم الله عز وجل حتى تعملوا بما تعلمون " ( )
وعنه صلى الله عليه وسلم " انه قال يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى ، كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه "( )
ج- من آثار السلف
عن أبى عبد الرحمن السلمي قال:حدثنا من كان يقرؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا يقترؤن من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخر حتى يعلموا ما في هذه من العلم و العمل"( )
عن علي بن أبي طالب انه قال :يا حملة العلم اعملوا فإنما العالم من عمل بما علم و ووافق علمه عمله و سيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم و يخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره و يدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى"( ) وعنه رضي الله عنه انه قال: قصم ظهري رجلان عالم متهتك و جاهل متنسك فالجاهل يغر الناس بتنسكه و العالم يغرهم بتهتكه( )
عن الحسن انه قال:همة العلماء الرعاية و همة السفهاء الرواية( )
وجاء عن الغزالي في رسالته أيها الولد:لا تكن من العمال مفلسا ولا من الأحوال خاليا وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ باليد مثاله لو كان على رجل في برية عشرة أسياف هندية مع أسلحة أخرى و كان الرجل شجاعا و أهل حرب فحمل عليه أسد عظيم مهيب فما ظنك هل تدفع الأسلحة شره عنه بلا استعمالها( )
وقال: العمل بلا علم جنون و العلم بغير عمل لا يكون واعلم أن العلم لا يبعدك اليوم عن المعاصي ولا يحملك على الطاعات و إذا لم تعمل اليوم و لم تدارك الأيام الماضية تقول غدا يوم القيامة فارجعنا نعمل صالحا فيقال لك أحمق أنت من هناك تجيء( )
تطبيقات تربوية
o إن التعليم بالأسلوب العملي أو بقصد التطبيق أوقع في النفس و ادعى إلى ثبات العلم و استقراره في القلب و الذاكرة( )
o إن التعلم بقصد التطبيق شرط من شروط صحة العلم و قبوله عند الله وهذا القصد يجعل تصور الطالب للأمور التي يتعلمها أوسع تفصيلا و اعمق أثرا في نفسه و اقرب إلى الفائدة في الحياة( )
o ولتحقيق ذلك لا بد من مراعاة ما يلي( )
o أهداف المنهج الإسلامي يجب أن تنحو منحا عمليا وان تكون قابلة للتطبيق
o محتوى المنهاج يجب أن يوازن بين المعلومات النظرية و المهارات التطبيقية
o الأنشطة و الخبرات التعليمية يجب أن تتضمن فرصا عملية لتنمية المهارات العلمية فتعلم الوضوء مثلا لا يتم بحفظ أركانه بل بتطبيق ذلك أمام الطلاب
o التقويم يجب أن يجمع إضافة إلى حفظ المعلومات قياس العمل المتوقع والمهارات العملية من حيث الكم و النوع
o توفير فرص مواتية للتطبيق العملي للقيم الدينية على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع
o تنمية القيم العليا و ترسيخها في نفوس النشء أخلاقا وسلوكا و عملا
ويرى ابن تيميه إن السبيل إلى تحقيق العمل بالعلم اجتماع القوة العلمية وهي قوة الفكر و قوة الإرادة وهي التوجه إلى العمل فبالقوة الأولى يحصل القلب على المعرفة والعلم وبقوة الإرادة يتحرك لتطبيق هذا العلم وتحويله إلى عمل
ويشترط لكل من القوة العلمية و قوة الإرادة شروطا( ) :
شروط القوة العلمية: إصلاح أداة العلم ، الإحاطة التامة بموضوع التعليم و توفير فرص التطبيق و العمل
شروط قوة الإرادة: معرفة ماهي الإرادة و أنها قوة الرغبة و الاختيار ، معرفة المقاصد التي تتحرك نحوها الإرادة ، و البيئة المناسبة لتربية الإرادة
المبدأ الثاني: العلم الصالح الذي يتبعه عمل صالح اساس بناء الشخصية المسلمة و المجتمع المسلم ومصدر أمنهما و سعادتهما في الدنيا و الآخرة
الأدلة:
قال تعالى"شهد الله انه لا اله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم " ( )
وقال عز وجل "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "( )
وقال صلى الله عليه وسلم"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"( )
تطبيقات تربوية
التأكيد على أهمية نشر العلم النافع و الالتزام به لتحقيق تكامل الشخصية المسلمة وبنائها السليم فكريا و روحيا واجتماعيا
تنمية روح العلم و العمل بالتأكيد على ما أعده الله للعالمين العاملين من ثواب في الآخرة ومكانة رفيعة في الدنيا
التأكيد على أهمية العلم و العمل في بناء مجتمع قوي قادر على تحمل مسؤولية الخلافة في الأرض
النتائــج:
من خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى النتائج التالية:
النتائج المتعلقة بالسؤال الأول : ما مفهوم العلم وفضله؟
• العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ولا يسمى علما إلا ما توفر فيه هذين الشرطين
• لقد ميز علماء الإسلام بين ما هو فرض عين من العلوم كمعرفة أحكام العقائد والعبادات وأصول المعاملات وما هو فرض كفاية كتعلم المهن و الصناعات
• لم يرفع أي نظام شان العلم كما فعل الإسلام حيث جعله افضل من نوافل العبادات ورفع من مكانة مبلغيه و طالبيه
النتائج المتعلقة بالسؤال الثاني: ما شروط العلم وآدابه ؟
• من أهم شروط العلم في الإسلام إخلاص النية و اليقينية و الصلاح حتى يتحقق النفع المرجو من العلم
• إن للعلم آدابا وأخلاقا يجب أن يتصف بها العالم و المتعلم أهمها إخلاص النية، التواضع ، التقلل من الدنيا
النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث: ما مفهوم العمل الصالح ووجه ارتباطه بالعلم؟
• العمل الصالح هو كل حركة هادفة يسعى المرء من خلالها إلى تحقيق النفع العاجل و الآجل
• العمل الصالح لا يتحقق إلا إذا اتصف بشروط أهمها إخلاص النية وموافقة أحكام الشريعة
• لا يتحقق عمل صالح دون علم كما إن العلم دون عمل لا طائل منه
النتائج المتعلقة بالسؤال الرابع : يمكن استخلاص الكثير من المبادئ المتعلقة بنظرة الإسلام إلى العلم والعمل الصالح منها ما يختص بالتعلم و التعليم كاستمرارية التعلم
وتكافؤ الفرص ومراعاة الفروق الفردية
ومنها ما يتعلق بالعمل كضرورة إخلاص النية وشمولية العمل ومراعاته للفروق الفردية ومنها ما يتعلق بالعلم والعمل كارتباط العلم بالعمل وأهميتهما في بناء المجتمع السليم
الخاتمــة:
بعد هذه المسيرة البحثية المتواضعة لعله اصبح من الواضح ذلك الاهتمام الكبير الذي أولاه الإسلام للعلم سواء من خلال تحديد وجهته أو بيان فضله أو رفع مكانة اصحابه
كما اتضحت قيمة العمل في الإسلام والضوابط التي تجعل منه عملا صالحا متقبلا وكيف أن العمل الصالح لابد له من علم حتى يتم وان ترك العلماء للعمل ضرب من الغفلة والتي مآلها إلى ترك الانتفاع بالمعارف المحصلة وتفعيل قيمتها في حياة الناس
وفي الختام يؤكد الباحث على أهمية تفعيل مبادئ التربية الإسلامية في الإصلاح المنشود للمؤسسات التربوية في ظل المفاصلة التي نعيشها بين العلم والتطبيق
وما تجدر إليه الملاحظة أن هذه الدراسة لم تخلو من قصور فهناك الكثير من المواضيع التي لم تتطرق إليها لتشعب موضوع الدراسة وطبيعتها .
د. محمد ناصر
في هذا المبحث سيتعرض الباحث إلى المبادئ المتعلقة بكل من العلم والعمل الصالح مع تأصيل أدلتها من الكتاب والسنة وأقوال مفكري الإسلام:
أولاً: المبادئ المتعلقة بالعلم: ( التعلم والتعليم)
المبدأ الأول: العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع( ) فهو لا بد أن يكون يقينا لا مجال فيه للظن والوهم كما أنه ينبغي حتى يسمى علماً أن يطابق الواقع.
الأدلة:
قال تعالى : (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً). ( )
قال تعالى: ( الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) ( ).
قال تعالى: ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) ( ).
قال تعالى: في قصة قارون ( فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً) ( ).
تطبيقات تربوية:
تنمية التفكير العلمي لدى النشء لبناء استدلالات تقوم على تحري الحقائق.
ابتعاد المناهج عن المعارف التي لم يقطع بصحتها وتتأرجح بين الظن والوهم.
التأكيد على أهمية ربط المعرفة بالواقع العملي من خلال العمل التجريبي والزيارات الميدانية وانتقاء الأنشطة والأساليب التي لها صلة مباشرة بالبيئة الاجتماعية .
التقويم عليه أن يبني على أسس واقعية ومعايير علمية تحول دون إصدار أحكام وهمية على مستوى تحصيل الطلبة أو فاعلية المناهج والجهود التربوية.
المبدأ الثاني: إن هناك تلازم بين الإيمان والعلم فالعلم طريق الإيمان وسبيل إلى زيادته كما أن الإيمان يحدد العلم ويوجهه الوجه الصحيحة.
فنحد أنه قد حضر عليه عالم الغيب لاختصاص علم الله به وبين له السبل الموصلة إلى العلم الصالح الذي يعم نفعه الفرد والعباد.
الأدلة:
قال تعالى: ( إنما يخشى الله من عباده العلماء) ( ).
وقال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم ) ( ).
وقال عز وجل: (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)( ).
قال تعالى: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق) ( ).
وقال (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آياتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فقوموا فصلوا) ( ).
وقال تعالى: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) ( ).
تطبيقات تربوية:
• تأكيد المناهج على القيم الإيمانية وربطها بالمعارف التي يتلقاها الطلبة
• التأكيد على أهمية العلم في الإسلام وعلاقته بزيادة الإيمان ونقصانه.
• التشجيع على الأنشطة والأساليب التي تدعو إلى التفكر والتدبر في عظيم صنع الخالق لاستجلاء عظمته.
• التقويم عليه أن لا يقتصر على مستوى التحصيل المعرفي للطلاب بقدر ما يهتم بمدى رسوخ القيم الفاضلة وتحقيقها أخلاقا وسلوكا وعملا.
المبدأ الثالث: إن أهم الثمار التي يجب أن تسعى التربية الإسلامية العلمية إلى تحقيقها هي تزكية النفس بتطهيرها من كل رذيلة و السمو بها إلى كل فضيلة.
الأدلة :
قال تعالى: ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) ( ).
وقال (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) ( ).
وقال عز وجل: ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) ( ).
تطبيقات تربوية:
التأكيد على الوصول بالمتعلم من خلال العملية التعليمية إلى تطهير النفس من كل الرذائل.
تنمية القيم العليا التي تسمو بالنشء إلى بلوغ درجة الإحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه.
التأكيد على عظمة الخالق ومنه علينا بالشريعة الغراء التي هي السبيل الأوحد لتحقيق القيم الفاضلة.
توفير البيئة الاجتماعية المناسبة التي تعمل على تدعيم القيم الدينية في نفوس النشء
المبدأ الرابع: يعتبر الإسلام طلب العلم النافع واجب شرعيا على كل مسلم قادر أن يسعى في تحصيله على تفاوت في درجات الوجوب فإذا حصله تقع على عاتقه مسؤولية التبليغ سواء على مستوى الفرد أو الجماعة
الأدلة:
قال تعالى: (أقرأ باسم ربك الذي خلق , خلق الإنسان من علق) ( ).
قال عز وجل : ( فلو نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) ( ).
وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه) ( ).
وقال أيضاً: ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يفطنونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتفطنون) ( ).
ولقد اعتنى بهذه المسألة كثير من التربويين المسلمين أمثال القابسي وابن حزم الأندلسي.
إلزامية التعليم عند القابسي:
رأى القابسي أن الوالد مكلف بتعليم ابنه القرآن والصلاة لأن حكم الولد في الدين حكم أبيه فإذا لم يتيسر للوالد أن يعلم أبناءه بنفسه فعليه أن يرسلهم إلى الكتاب لتلقي العلم بأجر فإذا لم يكن الوالد قادر على نفقة التعليم فأقرباؤه مكلفون بذلك وإلا فالمحسنون أو معلم الكتاب يعلم الفقير احتسابا أو من بيت المال( ).
وكان أول من قال بذلك عملا بالقاعدة الشرعية التي تقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
إلزامية التعليم عند ابن حزم:
رأى ابن حزم أنه من المفروض على الحاكم أن يجبر أزواج النساء الجاهلات وكذلك سادة الأرقاء على تعليمهم إما بأنفسهم أو بإباحة لهم لقاء من يعلمهم وفرض على الإمام أن يأخذ الناس بذلك وأن يرتب أقواماً لتعليم الجهال كما رأى أنه يجب على الجماعة المسلمة في قرية أو مدينة تعلم أحكام الشريعة فإن لم يوجد منهم قادر على القيام بمهمة التعليم وجب عليهم الرحلة في طلب العلم ( ).
تطبيقات تربوية:
العمل على نشر التعليم سواء من خلال المؤسسات النظامية كالمدارس والمعاهد أو من خلال غيرها من الوسائط التربوية كالمساجد والجمعيات.
تظافر الجهود من أجل التحقيق الفعلي لمبدأ إلزامية التعليم خاصة في المراحل الأولى سواء من خلال التوعية بأهمية العلم ومكانته في الإسلام أو من خلال توفير المساعدات اللازمة للفئات المحرومة.
تأكيد المناهج على القيم الداعية إلى تحصيل العلم ونشره سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع.
المبدأ الخامس: أن التعليم لا يقف عند حد معين أو درجة علمية بل هو ممتد على طول حياة الإنسان من المهد إلى اللحد.
ذلك أن المعارف العلمية متجددة ومتطورة مهما امتدت العصور( ) وصفة التطور ثابته في كل شيء.
الأدلة:
قال تعالى: (وقل رب زدني علماً) ( ).
وقال تعالى: (نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم) ( ).
وقال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( أغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا ولا تكن الخامسة فتهلك) ( ).
وعن ابن المبارك أنه قال: لا يزال المرء عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل( ).
تطبيقات تربوية: ( )
• أهداف المنهاج الإسلامي تؤكد على استمرارية التعلم وبالتالي فهي تعنى بمجال المهارات العقلية والأدائية الاتجاهات الكفيلة بضمان استمرارية التعلم أكثر من مجرد عنايتها بالتحصيل المعرفي.
• تنظيم المنهاج يستدعي استيعاب علوم العصر باستمرار فهو يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
• الأنشطة والأساليب التربوية عليها أن تكون منفتحة على أحدث المكتشفات والنظريات العلمية لمواكبة التطور الطبيعي للحياة.
• تقويم المنهاج الإسلامي عملية مستمرة لأن عملية التعلم مستمرة.
المبدأ السادس:
أن التعليم المثمر هو الذي يراعي استعداد المتعلم وطاقاته فقد أودع الله في كل إنسان مقدارا معينا من الطاقة والاستعداد على التعليم السليم أن يراعي( ) .
الأدلة:
قال تعالى: ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم)( ).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحدثوا أمتي من أحاديث إلا بما تحمله عقولهم) ( ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (علموا ويسيروا ولا تعسروا) ( ).
وفيما يلي عرض لآراء بعض التربويين المسلمين في وجوب مراعاة قدرات المتعلم واستعداداته.
ابن سينا: يقول على المؤدب أن يبحث للولد عن صناعة فلا يجبر على العلم إذا كان غير ميال إليه ولا يتركه يسير مع الهوى إذ ليست كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له ولكن ما شاكل طبيعته مناسب وأنه لو كانت ا لآداب تجيب وتنقاد بالطلب... لأجمع الناس على اختيار أشرف الصناعات( ).
الغزالي : يوجب على المعلم أن : يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط حاليه عقله ( )
ابن جماعة : لقد فرق ابن جماعة بين طريقة تعليم الطلبة النابهين والأقل ذكاء فقال أن : يبدأ المعلم بتصوير المسائل ثم يوضحها بالأمثلة وذكر الدلائل ويقتصر على تصوير المسألة وتمثيلها لمن لم يتأهل لفهم أما الذكي النابه فتذكر له الأدلة والمأخذ ويبين له معاني إسرار حكمها وعللها وما يتعلق بتلك المسألة من نوع وأصل( )
ابن الجوزي : أن المربي الذي يعترف بوجود الفروق بين الناس يخاطب كل متعلم على قدر عقله لذلك اعتبر ابن الجوزي مخاطبة بعض النحويين عامة الناس بلغة لا يفهمونها ضرب من الغفلة ( )
الشوكاني: دعا إلى التنويع في مناهج التعليم معللا ذلك بان : الانتفاع بالعلوم يختلف باختلاف القرائح والمفهوم فقد ينتفع من هو كامل الذكاء صادق الفهم قوي الإدراك بالقليل مما لا يقتدر على الانتفاع بما هو أكثر منه كثير منت جامدي الفهم راكدي الفطنة ( )
تطبيقات تربوية :
- مراعاة المناهج التعليمية للفروق الفردية بين المتعلمين من حيث المقررات والأنشطة التقويمية
- تنويع الخبرات والمعارف باختلاف قدرات الطلبة واستعداداتهم
- التوجيه السليم للأبناء بما يتوافق مع قدراتهم واستعداداتهم الحقيقية لا على أساس مجرّد رغبة الأولياء
- التأكيد على ضرورة وجود مؤسسات تربوية تعنى بذوي القدرات العالية وكذلك ذوي المستويات العقلية المتدنية
- معرفة المربي بطبيعة من يربي من أجل الوصول إلى أمثل طريقة للتعامل مع الفروق العقلية والجسمية والاجتماعية
المبدأ السابع : إن الإسلام حين أوجب على المسلمين طلب العلم لم يخص فئة دون أخرى ولا جنسا دون آخر بل هو مطلب شرعي على أبناء الإسلام أن يسعوا في تحصيله باختلاف ظروفهم ومستوياتهم وأجناسهم وعلى الجماعة المسلمة أن تُيسر لهم السبل إلى ذلك
الأدلة :
قال تعالى " عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى"( )
وقال صلى الله عليه وسلم " طلب العلم فريضة على كل مسلم "( )
وعنه أنه قال " ثلاثة لهم أجران رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجلٌ كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها " ( )
عن أبي سعيد الخدري أنه قال : قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم " غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فوعظهن وأمرهن "( )
تطبيقات تروية
العناية بذوي الحاجات الخاصة والعمل على توفير فرص التعلم لهؤلاء من اجل الاندماج الجيد في المجتمع وتحقيق الدعم المادي والمعنوي لهذه الفئات
العمل على تحقيق مبدأ تكافؤ فرص التعليم من خلال التقليل من آثار الاختلافات في المستويات الاقتصادية بدعم الفئات المحرومة
التأكيد على تعليم المرأة وتظافر الجهود من أجل التوعية بأهمية ذلك
نشر الوعي الاجتماعي والعمل على تحرير المجتمع من الاعتقادات التي تُضعف حظ فئات معينة في التعليم
المبادئ المتعلقة بالعمل الصالح
المبدأ الأول : العمل في الإسلام : هو كل نشاط هادف يترتب عنه نفعٌ عاجل أو آجل للفرد والجماعة في الدنيا والآخرة وعليه مدار الابتلاء ومعيار الجزاء
الأدلة :
قال تعالى " وان ليس للإنسان إلا ما سعى "( )
وقال الله تعالى " ليبلوكم آيكم أحسن عملا" ( )
وقال تعالى " وقلْ اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"( )
وكان عمر بن الخطاب يقول : تعلموا المهنة فإنه يوشك أحدكم أن يحتاج إلى مهنته ( ).
تطبيقات تربوية
- التأكيد على القيم التي تشجع على العمل الصالح في الإسلام
- رفع قيمة العمل في المجتمع و العمل على القضاء على النظرة الدونية لبعض المهن التي تكتسي أهمية بالغة في ضمان الحياة الكريمة للمجتمع
المبدأ الثاني: العمل الصالح هو ما توفرت فيه النية الخالصة و وافق أحكام الشريعة و متى خلصت النية و استقام العمل تحول إلى عبادة مأجور عليها
الأدلة:
قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( )
قال صلى الله عليه وسلم " الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى "( )
وقال صلى الله عليه وسلم " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعلُ في امرأتك" ( )
وعنه عليه السلام أنه قال " إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ أُستشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى أستشهدتُ قال : كذبت ولكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أُمر به فسُحب على وجهه في النار ورجل ٌ تعلم العلم وعلّمه وقرا القرآن فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمتُ العلم وعلّمته قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ وقد قيل ثم أُمر بي فسحب على وجهه في النار " ( )
تطبيقات تربوية
التأكيد على ضرورة إخلاص النية في جميع الأعمال والأقوال ابتغاء الآجر والثواب
التوعية بضوابط العمل وشروطه في الإسلام ومحاربة الغش والفساد وذلك من خلال التنشئة الإيمانية السليمة
العمل الصالح يتحول إلى عبادة بالنية الصالحة و لو كان من العادات
المبدأ الثالث: أن هناك ارتباطا وثيقا بين الإيمان و العمل الصالح فكما أن الإيمان دافع إلى الازدياد من الأعمال الصالحة فان العمل الصالح وسيلة إلى زيادة الإيمان
الأدلة:
قال تعالى:"فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا"( )
قال تعالى:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين"( )
وقال تعالى :"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"( )
وقال تعالى " الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم "( )
وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى قال : من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدٌ بشيء احب إلى مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"( )
تطبيقات تربوية :
• التأكيد على علاقة الإيمان بالعمل الصالح وذلك من خلال تعويد النشء على الممارسة العملية للقيم والإسلامية
• العمل على غرس الإيمان في نفوس النشء بالتربية السليمة و التشجيع على الازدياد من الأعمال الصالحة لكسب مرضاة الله
المبدأ الرابع : التربية العملية في الإسلام تشملُ جميع أفراد المجتمع كما أنها تناسب إمكانيات كل فرد وطاقاته
الأدلة :
قال تعالى " من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا "( )
وقال عز وجل " من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم آجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " ( )
وقال تعالى " والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " ( )
تطبيقات تربوية :
• التأكيد على وظيفة كل من المرأة والرجل ودورهما فبي البناء المتكامل للمجتمع
• تنويع النشاطات العملية بحيث تتناسب مع قدرات الطلبة الجسمية والعقلية والاقتصادية
• الاهتمام بالإعداد العملي للنشء للقيام بوظائفهم المستقبلية مع مراعاة طبيعة كل جنس ومتطلباته
• التأكيد على أن المساواة بين المرأة والرجل لا تعني تخلي كل واحد منهما عن ما فُطر عليه من استعدادات وما أوكل إليه من مهام
ثالثا : المبادئ المتعلقة بالعلم والعمل الصالح
المبدا الأول : الإسلام يربط العلم بالعمل ويربط كليهما بالنية وبمنهاج الله ذلك انه يقتضي أن يمارس المسلم ما يتعلمه( ) فلا يتصور علمٌ دون عمل ولا عمل دون علم
الأدلة : تظافرت نصوصٌ كثيرة من الكتاب والسنة وآثار السلف على تأكيد هذا المبدأ وفيما يلي جانب منها
أ- من الكتاب
قال تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا"( )
قال تعالى " ومن احسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين "( )
قال تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء" ( )
قال تعالى " وإذا سمعوا ما أُنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربّنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين " ( )
وقال عز وجل " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( )
أ- من السنّة
قال صلى الله عليه وسلم " من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يريد أن يقبل بوجوه الناس اليه أدخله الله جهنم "( )
وقال صلى الله عليه وسلم "تعلموا ما شئتم لأتن تعلموا فلن ينفعكم الله عز وجل حتى تعملوا بما تعلمون " ( )
وعنه صلى الله عليه وسلم " انه قال يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى ، كنتُ آمرُ بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه "( )
ج- من آثار السلف
عن أبى عبد الرحمن السلمي قال:حدثنا من كان يقرؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا يقترؤن من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخر حتى يعلموا ما في هذه من العلم و العمل"( )
عن علي بن أبي طالب انه قال :يا حملة العلم اعملوا فإنما العالم من عمل بما علم و ووافق علمه عمله و سيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم و يخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره و يدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى"( ) وعنه رضي الله عنه انه قال: قصم ظهري رجلان عالم متهتك و جاهل متنسك فالجاهل يغر الناس بتنسكه و العالم يغرهم بتهتكه( )
عن الحسن انه قال:همة العلماء الرعاية و همة السفهاء الرواية( )
وجاء عن الغزالي في رسالته أيها الولد:لا تكن من العمال مفلسا ولا من الأحوال خاليا وتيقن أن العلم المجرد لا يأخذ باليد مثاله لو كان على رجل في برية عشرة أسياف هندية مع أسلحة أخرى و كان الرجل شجاعا و أهل حرب فحمل عليه أسد عظيم مهيب فما ظنك هل تدفع الأسلحة شره عنه بلا استعمالها( )
وقال: العمل بلا علم جنون و العلم بغير عمل لا يكون واعلم أن العلم لا يبعدك اليوم عن المعاصي ولا يحملك على الطاعات و إذا لم تعمل اليوم و لم تدارك الأيام الماضية تقول غدا يوم القيامة فارجعنا نعمل صالحا فيقال لك أحمق أنت من هناك تجيء( )
تطبيقات تربوية
o إن التعليم بالأسلوب العملي أو بقصد التطبيق أوقع في النفس و ادعى إلى ثبات العلم و استقراره في القلب و الذاكرة( )
o إن التعلم بقصد التطبيق شرط من شروط صحة العلم و قبوله عند الله وهذا القصد يجعل تصور الطالب للأمور التي يتعلمها أوسع تفصيلا و اعمق أثرا في نفسه و اقرب إلى الفائدة في الحياة( )
o ولتحقيق ذلك لا بد من مراعاة ما يلي( )
o أهداف المنهج الإسلامي يجب أن تنحو منحا عمليا وان تكون قابلة للتطبيق
o محتوى المنهاج يجب أن يوازن بين المعلومات النظرية و المهارات التطبيقية
o الأنشطة و الخبرات التعليمية يجب أن تتضمن فرصا عملية لتنمية المهارات العلمية فتعلم الوضوء مثلا لا يتم بحفظ أركانه بل بتطبيق ذلك أمام الطلاب
o التقويم يجب أن يجمع إضافة إلى حفظ المعلومات قياس العمل المتوقع والمهارات العملية من حيث الكم و النوع
o توفير فرص مواتية للتطبيق العملي للقيم الدينية على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع
o تنمية القيم العليا و ترسيخها في نفوس النشء أخلاقا وسلوكا و عملا
ويرى ابن تيميه إن السبيل إلى تحقيق العمل بالعلم اجتماع القوة العلمية وهي قوة الفكر و قوة الإرادة وهي التوجه إلى العمل فبالقوة الأولى يحصل القلب على المعرفة والعلم وبقوة الإرادة يتحرك لتطبيق هذا العلم وتحويله إلى عمل
ويشترط لكل من القوة العلمية و قوة الإرادة شروطا( ) :
شروط القوة العلمية: إصلاح أداة العلم ، الإحاطة التامة بموضوع التعليم و توفير فرص التطبيق و العمل
شروط قوة الإرادة: معرفة ماهي الإرادة و أنها قوة الرغبة و الاختيار ، معرفة المقاصد التي تتحرك نحوها الإرادة ، و البيئة المناسبة لتربية الإرادة
المبدأ الثاني: العلم الصالح الذي يتبعه عمل صالح اساس بناء الشخصية المسلمة و المجتمع المسلم ومصدر أمنهما و سعادتهما في الدنيا و الآخرة
الأدلة:
قال تعالى"شهد الله انه لا اله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم " ( )
وقال عز وجل "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "( )
وقال صلى الله عليه وسلم"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"( )
تطبيقات تربوية
التأكيد على أهمية نشر العلم النافع و الالتزام به لتحقيق تكامل الشخصية المسلمة وبنائها السليم فكريا و روحيا واجتماعيا
تنمية روح العلم و العمل بالتأكيد على ما أعده الله للعالمين العاملين من ثواب في الآخرة ومكانة رفيعة في الدنيا
التأكيد على أهمية العلم و العمل في بناء مجتمع قوي قادر على تحمل مسؤولية الخلافة في الأرض
النتائــج:
من خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى النتائج التالية:
النتائج المتعلقة بالسؤال الأول : ما مفهوم العلم وفضله؟
• العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ولا يسمى علما إلا ما توفر فيه هذين الشرطين
• لقد ميز علماء الإسلام بين ما هو فرض عين من العلوم كمعرفة أحكام العقائد والعبادات وأصول المعاملات وما هو فرض كفاية كتعلم المهن و الصناعات
• لم يرفع أي نظام شان العلم كما فعل الإسلام حيث جعله افضل من نوافل العبادات ورفع من مكانة مبلغيه و طالبيه
النتائج المتعلقة بالسؤال الثاني: ما شروط العلم وآدابه ؟
• من أهم شروط العلم في الإسلام إخلاص النية و اليقينية و الصلاح حتى يتحقق النفع المرجو من العلم
• إن للعلم آدابا وأخلاقا يجب أن يتصف بها العالم و المتعلم أهمها إخلاص النية، التواضع ، التقلل من الدنيا
النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث: ما مفهوم العمل الصالح ووجه ارتباطه بالعلم؟
• العمل الصالح هو كل حركة هادفة يسعى المرء من خلالها إلى تحقيق النفع العاجل و الآجل
• العمل الصالح لا يتحقق إلا إذا اتصف بشروط أهمها إخلاص النية وموافقة أحكام الشريعة
• لا يتحقق عمل صالح دون علم كما إن العلم دون عمل لا طائل منه
النتائج المتعلقة بالسؤال الرابع : يمكن استخلاص الكثير من المبادئ المتعلقة بنظرة الإسلام إلى العلم والعمل الصالح منها ما يختص بالتعلم و التعليم كاستمرارية التعلم
وتكافؤ الفرص ومراعاة الفروق الفردية
ومنها ما يتعلق بالعمل كضرورة إخلاص النية وشمولية العمل ومراعاته للفروق الفردية ومنها ما يتعلق بالعلم والعمل كارتباط العلم بالعمل وأهميتهما في بناء المجتمع السليم
الخاتمــة:
بعد هذه المسيرة البحثية المتواضعة لعله اصبح من الواضح ذلك الاهتمام الكبير الذي أولاه الإسلام للعلم سواء من خلال تحديد وجهته أو بيان فضله أو رفع مكانة اصحابه
كما اتضحت قيمة العمل في الإسلام والضوابط التي تجعل منه عملا صالحا متقبلا وكيف أن العمل الصالح لابد له من علم حتى يتم وان ترك العلماء للعمل ضرب من الغفلة والتي مآلها إلى ترك الانتفاع بالمعارف المحصلة وتفعيل قيمتها في حياة الناس
وفي الختام يؤكد الباحث على أهمية تفعيل مبادئ التربية الإسلامية في الإصلاح المنشود للمؤسسات التربوية في ظل المفاصلة التي نعيشها بين العلم والتطبيق
وما تجدر إليه الملاحظة أن هذه الدراسة لم تخلو من قصور فهناك الكثير من المواضيع التي لم تتطرق إليها لتشعب موضوع الدراسة وطبيعتها .
د. محمد ناصر