الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العراف بقلم:هادي عباس حسين

تاريخ النشر : 2010-07-30
قصة (العراف)
بكل إمكانياته يحاول انتزاع الكلمات من شفتيه ,وقد غرق في أفكاره التائهة ,عالمه الغارق فيه غريبا عجيبا والصور المشتتة في ذهنه يريد إن يجمعها في قالب واحد لكنه لا يقدر ,فيعود كالحالم إلى حقيقة لا هروب منها مملؤة بالنواقص والمنغصات ليقف صامتا إمام هواجسه المملئة بالخجل ليوحي للناظر إليه ,بأنه بسيطا جدا ولا يفكر إلا في يومه الذي يقضيه كيفما يشاء ,جالسا على كرسيه حتى الظهيرة ثم يغيب بعدها عن مكانه لعله يتوضاء أو يؤدي الصلاة فيأكل في خاتمة الأمر غدائه الروتيني ,ثم يخرج ثانية ليبقى على كرسيه حتى الغروب ,انه العم أبا حسان صاحب الخيال الواسع وذكريات حلوة عزيزة على نفسه كل همه إن يراقب الناس ويعرف مستقبلهم الغائب ,اقتربت إليه وشعرت إن انتظاري له سيفيدني حتى قلت له
_عمي أبا حسان ,إنا في انتظارك لتقراء طالعي.؟
حدق في تقاسيم وجهي ومن سكوته عرفت بان طالعي هذه المرة مشؤما إلا انه تنحنح قليلا ونطق
_حظك هذه المرة غير جيد ..وطرقك مسدودا ومظلما ,
قاطعته بسرعة وقلت
_يا ستار يا الله..
نهض من مكانه لحظات وعاد بالجلوس وتكلم بهدوء
_لا تخف ...إنا تحدثت لك من الجانب المؤلم ..انتظر الجانب الأخر الجيد
وكأنني صحوت لنفسي وعدلت من هيئتي وصرت إمامه بالضبط,مفتوح العينيين وفي داخلي أمنيات أريدها إن تتحقق إلا إن تضاربات بمشاعري مختلطة بين الحقيقة ...وما اسمعه من خيال واسع يمتلكه أبا حسان متحدثا بفلسفة وإيحاء داخلي ,فجأة أغمض عينيه وكأنه غرق في نوم عميق ,ثم فتحها ببطيء وحدق في وجهي بنظرات قوية وحادة قائلا
_إني أخاف عليك من الظلمة والغروب ..والفقر والحاجة
تمعنت النظر لحولي خوفا من استماع الآخرين لقصتي هذه ,وجلب انتباهي لما وضع يداه فوق راسي واخذ يردد بسور متنوعة من القران الكريم ,شاعرا بنفخاته التي توالت مع توالي قراءته لسور القران وكأني أخيرا استسلمت للنعاس الشديد فأغمضت عيني كي استراح من الثقل الذي صار فوق صدري ,,اعترف أن أبات حسان هو الأكفاء ومني بالذات فلديه الحنكة والذكاء استورثها عن والده رحمة الله عليه,الحاج قدوري الملا ,مأساة مزدوجة تعتصرني وتضيق أنفاسي فبدأت أحرك براسي قليلا ما إن علا صوته وبتلاوته القران,كانت كلماته تهزني بقوة وكأني أصبحت شجرة خاوية أغصانها ضعيفة فالريح الخفيفة اشعر بأنها تزحزحني من جلستي فتشبثت بإقدام أبا حسان حتى لا أطير بعيدا ,فجسمي الهزيل والضعيف وقلة مقاومتي تساعد على ذلك ,لكن الحقيقة صوته الداخل مسامعي احلي وأعذب من كل الأصوات التي اسمعها يوميا ,في هذا الرجل أشياء جيدة وأخرى عكس ذلك وخصوصا كلامه التي تناقله النسوة فيما بينهن وأخره أخبرتني بعد إن تفرق النساء المتجمعات في دارنا وقتها قالت لي وهي فرحة
_ستتزوج أم ناظم ...؟وعريسها في الطريق كما اخبرها أبا حسان.
قلت لها مندهشا
_أم ناظم ...ستتزوج ..أنها اكبر منك سنا أتعقلين مثل هذا الكلام,..؟
قلبه الصافي النظيف يجعل كل من يراه يحبه حبا لا يوصف فلا حدود له وانأ أولهم فقد أعجبت بأسلوبه ورصانته وشخصيته التي لا اعتراض عليها فهو قنوعا ولا يفكر بالمال ,سمعته قال لي
_ولو إن طريقك متعرج لكن فيه كل الخير ,رتب نفسك إمامك امتحان إن اجتزته سيكون لك شئنا ..
وسرحت بهذه الصورة الجميلة التي رسمها في مخيلتي بأنها هي بمثابة البدايات إلى طريقي السعادة ,وأخذني تطرقه حول سفري بان أعيد النظر بنفسي واتامل القادم تجاهي ,امتلأت إذني بصوته وكأنه موسيقى أو قصائد شعر غزلي ,لكني انتبهت إلى كلامه
_ستصبح حرا وتتصرف كما يحلوا لك وعليك آنذاك مخافة الله إن اعتلى شانك وستصير بأعلى الدرجات ..
ضحكت ضحكة مكتومة وساورني شك بان أكون عالي الدرجات وانأ مازلت عاملا بسيطا عند اسط قاسم ..,.اقضي النهار بأكمله اعدد وأهيئ المواد لاارسالها إلى المحافظات ,لربما ستنقلب الموازين أو يحدث انقلاب وانقلابا جذريا كانقلاب ثورة 14 تموز الذي أزاح الملكية وجيء بالحكم الجمهوري,لذا سألته بصوت خافت
_عمي أبا حسان ...كيف سيعلو شاءني ,,؟
صرخ في وجهي بعصبية قائلا
_لست إنا القائل ,,حظك وطالعك هو الذي يتكلم...
لعله أراد في وقتها إن يتملص من الإجابة لسؤالي الذي بقى دائرا بذهني وأغرقني في أحلام وردية رائعة ,كلما أحاول إن افتح عيني كي أراه قد غير من تقاطيع وجهه المنفعل سرى خوفا في جسدي فعدت كطفل يريد الطمأنينة في حظن أمه ,بقيت جالسا لااتحرك ولا انطق ولااضيف تعليقا على ما اسمعه ولم يخطر في بالي سوى وجه أمي وسيطرتها المطبقة على كل من في الدار وأوامرها القاسية والتي لارجعة فيها قلت مع نفسي
_كيف أتحرر وانأ أحس عبدا لامي ,,وكيف أصير وانأ ماكثا في دكان اسطة قاسم ..؟
الصور تحوم في جمجمتي واني على عجل في تحقق ولو جزء يسير من الأقوال التي اسمعها ومن المحزن لي لو لم يصبح الخيال الذي غرقت فيه حقيقة وانأ قد طويت بؤسي وألمي تحت جوانحي وبدأت اصدق كل الأشياء كذبها وصدقها وحقيقتها وخيالها ,وأول ما تناقله لي أبو حسان من أفكار مبعثرة التي تهون في اتجاه وأحد إن يصبح كل شيء حقيقة ملموسة,غسلت دمعاتي المتدفقة بغزارة وجهي بأكمله ,إنا الجدي والنشيط والتحزم لكل ما تداولته أفكاري من كلام هذا الرجل الورع المؤدي ما عليه من واجبات والمتصرف بحكمة وعقل بالموهبة التي منحها الله سبحانه وتعالى له ,,نهضت مذعورا بعد إن تلقيت ضربة قوية على كتفي منه وقد قال
_انهض فلتحفظك الملائكة وأهل البيت ولينفخ الله في صورتك,ستجد الخير وقريب جدا
سرحت في خيالي وانأ أفارقه عائدا إلى غرفتي الرطبة والباردة في إن واحد محاولا إن اخلد إلى النوم إلا جباري لكني فشلت وقتها ,وانأ أعيد ماقاله لي عراف محلتنا قبل أكثر من ربع قرن يوم كنت أظن به السوء لكلماته التي اعتبرتها مستحيلة لكنها تحققت بفضل الله سبحانه وتعالى,فالكل كانوا يصدقون تنبئته كبارا وصغارا ونساء قضين أكثر سنوات عمرهن بانتظار تحقق ما كان يخبرهن به,
انتبهت على خطوات ولدي وهو يقول
_هذه الأمانة أرسلها لك التاجر أبو محمود ثمن البضاعة الأخيرة
لم انظر لها بل دفعتها إلى القاصة الكبيرة ,محاولا بقصارى جهدي إن أكمل عرض شريط ذكرياتي وكأنها فلما سينمائيا وانأ احدد إبطاله ,غطى الدخان الصادر من الموقد الخشبي وأخذت نفسا عميقا مخاطبا ولدي
_أتعرف بماذا كنت أفكر ..؟قبل قدومك
قال لي بتعجب
بمن يا أبتي ..؟

-بابي حسان رحمه الله يوم قال لي قبل ربع قرن بأنني سأصير كبيرا ذو شان وحظ...
ابتسم لي ولدي وجلس جواري قائلا
_من شدة وكثرة كلامك عليه تمنيت إن أراه فقد عشقته وأحببته دون إن أراه ولو إني أرى حفيدته ...ووو
قلت له بتودد
_و.وماذا بعد ..وما موضوع حفيدة الرجل المؤمن ..؟
اخفض رأسه وسكت فقلت له
_ماذا تريد مني صارحني فانا أباك وأنت وحيدي ...
أكمل كلامه وانقطع بعدما قال
_لئلا تزعل مني ..؟
قلت له بأهمية قصوى
_اخبرني وصارحني ..
_أريد الزواج من حفيدة العم أبو حسان ...؟
سألته بدهشة
_بمن ...بفاطمة
_بلى يا أبتي ..
علت الأسارير على وجهي وطفحت البهجة والمسرة وكان هذه الدنيا لا تسعني ,فقبلت ولدي من وجهه وقلت
_مبروك عليك ...الخير فيما اختاره الله وألف رحمة تنزل عليك يا أبا حسان العراف .......

هادي عباس حسين بغداد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف