رحلة زفاف
ذهَبَت مي الى مركز التجميل لتعالج بقعتين صغيرتين تركتهما الشمس على وجهها المفعل حيوية وجمالا تحت عينيها الخضراوتين. في هذا الشهر كانت كل يوم تذهب الى كُليتها للامتحان الساعة العاشرة وتصل البيت الساعة الرابعة، كانت تتحمل حرقة الشمس وصعوبة المواصلات، إنها السنة الأخيرة في قسم الفلسفة، هذا الاختصاص لم يكن هو طموحها أو حتى اختيارها في الاصل، كانت ترغب في أن تدخل صحافة وإعلام/قسم مراسلة، لكن وكما نعلم لم تزل تعيش في مجتمع عربي تقيده قيم وتحكمه عادات وتحده من جوانبه الأربع التقاليد، منها ما نخضع له طوعاً ومنها ما يُخضِعُنا كرهاً، فالصحافة للشباب، فالشاب يدخل ويخرج ويسافرويظهر في وسائل الاعلام، في النهاية هو رجل أما أنت فلا، هكذا قالت لها أمها عندما أرادت الفتاة أن تسجل، كان الاعلام أولى رغباتها في ورقة المفاضلة، لكن والدها كان أكثر حكمة وألين عريكة وأشد اقناعاً لها في أن تتخلى عن ذلك الاختصاص وتتركه لأهله!. يا ابنتي أنت جميلة وطيبة ورقيقة وقلبك كقلب العصفور الصغير! كيف لك أن ترين كل يوم وكل ساعة تلك المناظر التي نراها على الشاشة ولا نصبر، فكثيراً ما نغلق التلفاز لشدة هولها، كيف لك أن ترينها وربما تضطرين أن تلمسينها بيديك الناعمتين، فأنت تعرفين يا حبيتي أننا وفي كل وقت يتهددنا الخطر، انظري الى فلسطين، العراق،ايران،افغانستان....فالدماء تحيط بنا. فما رأيك يا جميلتي بالفلسفة لقد حصلت على العلامة التامة في تلك المادة والفلسفة مدرسة الحياة ويمكنك أن تصبحي معلمة في تلك المدرسة الى جانب أرسطو وافلاطون وسقراط، وبهكذا نحن نتعلم منك يا حكيمتنا العصرية يا حفيدة سقراط، ففكرت قليلا في كلام والدها، وجدته منطقيا لا سيما أنها مخطوبة لابن خالتها وستتزوج بعد أن تتخرج، و يثقب المجتمع الصغير أًذنيهما بكلمة نريد أن نرى خلفتكم/ ونريد أن يلعب الأطفال من حولكم، سوف تتعامل مع إنسان صغير سيصبح يوماً ما أباً ومعلماً وربما وزيرا،ً وليس ببعيد أن يصبح رئيساً لو عرفت كيف تربيه، فقررت أن تدخل قسم الفلسفة، وتميزت فيه وأحبته، واستمتعت بسنواته الأربع مع صديقاتها، وكان كل يوم لا يخلو من حكمة تعطيها لصديقاتها وكنَّ لا ينتهين عن مناداتها بفيلسوفة العصر.
أنهت امتحاناتها وتفرغت قليلا للعناية بنفسها، وهذا ما جعلها تلتقي بصديقاتها في مركز التجميل ويتحدثن ولا مانع من أن تأخذ نصائحهن، فسمر: قالت عن الزواج لها انه القفص الذهبي، أما سما: فقالت انه عش الزوجية، أما سمية فقالت انه السجن الابدي فادع الله أن يكون سجانك رقيق القلب، لكن مي لم تبالي بتلك التسميات، المهم انه عالم جديد. عادت الى البيت متعبة فتناولت عشاءً خفيفاً ونامت، وفي الصباح ذهبت الى الكوافيرة بخطواتها الاخيرة من ذلك البيت الذي عاشت فيه طفولتها الجميلة، وعند الكوافيرة اختارت التسريحة التي تناسب وجهها وذوقها ولبست الفستان الابيض التي أحضره لها وائل من فرنسا عندما كان في بعثة هناك، ووضعت لها الكوافير قليلاً من الميك آب لأنها تبدو كالقمر وأجمل، وقدِمَ العريس وأمسك بيديها لأول مرة وذهبا الى الصالة، وعند الباب رُش الورد عليهما، وكانت فتاة في السادسة من العمر قد أطلقت حمامة بيضاء كانت تحملها أمام العروس، وطفل في نفس العمر يمسك في يديه قرآن ويعطيه للعريس فيقرأ العريس للعروس سورة يس، وبعدها علت رائحة البخور لتبخر العروسين لا نوع من الشرك لكنها عادة قديمة وتراث يجب الحفاظ عليه، هكذا يقول الكبار، حيث تتقدم أم العريس وتبخر العروسين ببسم الله، ماشاء الله، حوطتكم بالله وبآيات الله من عيني ومن عين كل خلق الله، وكلمات أخرى منها لم يُفهم فيتقدم العروسان ويتبارزان بالسيف! ثم يقطعون الكاتو ويشربون الشربات وثم يوصلهما أبو العروس للمطار، فقد قررا أن يذهبا الى العمرة فور زفافهما، وهما في الطائرة كانا يتفقان على أساسيات الحياة المشتركة بينهما وأن لا شي سيعكر صفوها ولاحزن ينكد فرحهما، حتى علا صوت الكابتن سيداتي سادتي سنضطر للهبوط أرجو أخذ الاحتياطات اللازمة التي ترونها على الشاشة الآن، فأمسكا بيديّ بعضهما وقالت مي: ايوا هيك يا نعيش سوا يا نموت سوا! ولم يشعرا بشيء بعدها سوى أنهما في البحر بالقرب من شط البحر الاحمر يسبحان معاً وقطعا مسافة ليست بقليلة حتى وصلا الشط فصرخت مي لقد وصلنا بر الامان وابتسمت بسمة معطرة بالسعادة .
ذهَبَت مي الى مركز التجميل لتعالج بقعتين صغيرتين تركتهما الشمس على وجهها المفعل حيوية وجمالا تحت عينيها الخضراوتين. في هذا الشهر كانت كل يوم تذهب الى كُليتها للامتحان الساعة العاشرة وتصل البيت الساعة الرابعة، كانت تتحمل حرقة الشمس وصعوبة المواصلات، إنها السنة الأخيرة في قسم الفلسفة، هذا الاختصاص لم يكن هو طموحها أو حتى اختيارها في الاصل، كانت ترغب في أن تدخل صحافة وإعلام/قسم مراسلة، لكن وكما نعلم لم تزل تعيش في مجتمع عربي تقيده قيم وتحكمه عادات وتحده من جوانبه الأربع التقاليد، منها ما نخضع له طوعاً ومنها ما يُخضِعُنا كرهاً، فالصحافة للشباب، فالشاب يدخل ويخرج ويسافرويظهر في وسائل الاعلام، في النهاية هو رجل أما أنت فلا، هكذا قالت لها أمها عندما أرادت الفتاة أن تسجل، كان الاعلام أولى رغباتها في ورقة المفاضلة، لكن والدها كان أكثر حكمة وألين عريكة وأشد اقناعاً لها في أن تتخلى عن ذلك الاختصاص وتتركه لأهله!. يا ابنتي أنت جميلة وطيبة ورقيقة وقلبك كقلب العصفور الصغير! كيف لك أن ترين كل يوم وكل ساعة تلك المناظر التي نراها على الشاشة ولا نصبر، فكثيراً ما نغلق التلفاز لشدة هولها، كيف لك أن ترينها وربما تضطرين أن تلمسينها بيديك الناعمتين، فأنت تعرفين يا حبيتي أننا وفي كل وقت يتهددنا الخطر، انظري الى فلسطين، العراق،ايران،افغانستان....فالدماء تحيط بنا. فما رأيك يا جميلتي بالفلسفة لقد حصلت على العلامة التامة في تلك المادة والفلسفة مدرسة الحياة ويمكنك أن تصبحي معلمة في تلك المدرسة الى جانب أرسطو وافلاطون وسقراط، وبهكذا نحن نتعلم منك يا حكيمتنا العصرية يا حفيدة سقراط، ففكرت قليلا في كلام والدها، وجدته منطقيا لا سيما أنها مخطوبة لابن خالتها وستتزوج بعد أن تتخرج، و يثقب المجتمع الصغير أًذنيهما بكلمة نريد أن نرى خلفتكم/ ونريد أن يلعب الأطفال من حولكم، سوف تتعامل مع إنسان صغير سيصبح يوماً ما أباً ومعلماً وربما وزيرا،ً وليس ببعيد أن يصبح رئيساً لو عرفت كيف تربيه، فقررت أن تدخل قسم الفلسفة، وتميزت فيه وأحبته، واستمتعت بسنواته الأربع مع صديقاتها، وكان كل يوم لا يخلو من حكمة تعطيها لصديقاتها وكنَّ لا ينتهين عن مناداتها بفيلسوفة العصر.
أنهت امتحاناتها وتفرغت قليلا للعناية بنفسها، وهذا ما جعلها تلتقي بصديقاتها في مركز التجميل ويتحدثن ولا مانع من أن تأخذ نصائحهن، فسمر: قالت عن الزواج لها انه القفص الذهبي، أما سما: فقالت انه عش الزوجية، أما سمية فقالت انه السجن الابدي فادع الله أن يكون سجانك رقيق القلب، لكن مي لم تبالي بتلك التسميات، المهم انه عالم جديد. عادت الى البيت متعبة فتناولت عشاءً خفيفاً ونامت، وفي الصباح ذهبت الى الكوافيرة بخطواتها الاخيرة من ذلك البيت الذي عاشت فيه طفولتها الجميلة، وعند الكوافيرة اختارت التسريحة التي تناسب وجهها وذوقها ولبست الفستان الابيض التي أحضره لها وائل من فرنسا عندما كان في بعثة هناك، ووضعت لها الكوافير قليلاً من الميك آب لأنها تبدو كالقمر وأجمل، وقدِمَ العريس وأمسك بيديها لأول مرة وذهبا الى الصالة، وعند الباب رُش الورد عليهما، وكانت فتاة في السادسة من العمر قد أطلقت حمامة بيضاء كانت تحملها أمام العروس، وطفل في نفس العمر يمسك في يديه قرآن ويعطيه للعريس فيقرأ العريس للعروس سورة يس، وبعدها علت رائحة البخور لتبخر العروسين لا نوع من الشرك لكنها عادة قديمة وتراث يجب الحفاظ عليه، هكذا يقول الكبار، حيث تتقدم أم العريس وتبخر العروسين ببسم الله، ماشاء الله، حوطتكم بالله وبآيات الله من عيني ومن عين كل خلق الله، وكلمات أخرى منها لم يُفهم فيتقدم العروسان ويتبارزان بالسيف! ثم يقطعون الكاتو ويشربون الشربات وثم يوصلهما أبو العروس للمطار، فقد قررا أن يذهبا الى العمرة فور زفافهما، وهما في الطائرة كانا يتفقان على أساسيات الحياة المشتركة بينهما وأن لا شي سيعكر صفوها ولاحزن ينكد فرحهما، حتى علا صوت الكابتن سيداتي سادتي سنضطر للهبوط أرجو أخذ الاحتياطات اللازمة التي ترونها على الشاشة الآن، فأمسكا بيديّ بعضهما وقالت مي: ايوا هيك يا نعيش سوا يا نموت سوا! ولم يشعرا بشيء بعدها سوى أنهما في البحر بالقرب من شط البحر الاحمر يسبحان معاً وقطعا مسافة ليست بقليلة حتى وصلا الشط فصرخت مي لقد وصلنا بر الامان وابتسمت بسمة معطرة بالسعادة .