خاطرة
ما بعد الرحيل
بقلم: ملكة الشريف/غزة
يوم آخر ولا شيء سوى الريح تطرق شباك نافذة هنا أو هناك، تبعث ببعض زفيرها بين أشجار التين المحيطة ببيتنا الجميل، عفوا، الذي كان جميلا... أحس بقشعريرة تسري في جسدي، ولاحت التفاتة نحو أشيائنا الجميلة التي اقتنيناها في غربتنا -وضياع ربيع عمرنا في تلك الغربة- علها تفتح لنا بابا من الرزق.
والآن أين أنت مني؟ ها أنا أعود لأضيء شموع الذكريات وحدي، وحشة تحتل أعماقي، وظلمة فاحشة تخنقني، ووحدة قاتلة تتملكني، تتزاحم الكلمات والعبرات والهمسات، أنا بحاجة إليك... إليك فقط لأقص عليك شجوني، وأبث أفكاري الصغيرة البريئة، التي تبعث في وجهك الوضاء ابتسامة متهللة... ولكنني لا أجدك، لا أصدق أنك رحلت، ولكنك رحلت... رحلت فجأة دون وداع.
رحلت دون أن نكمل حديثنا الأخير، دون أن تكتمل أفكارنا لمشاريعنا الصغيرة، لحياتنا الصغيرة، وها هو الليل قد أقبل ولا جديد، رأسي في سكون الليل بارد، وثمة أفكار منكفئة تدفعها تمتمات القلب المتعب، توازي همسات صمت، لم تتغير ولن تتغير بعد اليوم.
أيها الأب الحاني، والأخ والرفيق... أعلم أن الموت حق... ولكن عذرا يا أعز ما في قلبي، يا أحلى ترنيمة مرت على صدري، ويا وردة البيت الأبيض والكبير؛ فأنت المبتسم بلا حدود، الجميل فينا والأجمل، وردة وحيدة غابت دون أن تكبر.
سأتوشح السواد لأنه أصبح جزءا من حياتي، لقد أصبحت بدونك ظل امرأة لا حياة في محياها، تداري نظرات تائهة، وعيونا مبهمة أنهكتها الدموع، تبحث عن نورك بين الموجودين علها تجد بصيص أمل في الحياة، ولكن دون جدوى.
النار في موقدنا مطفأة، صباب القهوة ينتظر، هل سأحتسي القهوة وحدي وقد أصبح طعمها علقما كطعم الفراق؟ ولكن لا... سأضيء الأنوار التي طالما أزاحت عتمة الحي الذي نقطنه، وسأشعل نار موقدنا ليبث الدفء في بيتنا ليظل دافئا، وسأفتح صدر بيتنا لكل محبيك وأصدقائك وأقربائك، لأنك -وإن رحلت- فروحك لا تزال بين أضلعي ترفرف في جنبات بيتنا، وسأظل محافظة على عادتك التي طالما بعثت الأمل والسرور في أنفس الصغار الذين لم نرزقهم، وسأقدم لهم النقود والحلوى...
حقا سأقدم لهم النقود والحلوى!
ما بعد الرحيل
بقلم: ملكة الشريف/غزة
يوم آخر ولا شيء سوى الريح تطرق شباك نافذة هنا أو هناك، تبعث ببعض زفيرها بين أشجار التين المحيطة ببيتنا الجميل، عفوا، الذي كان جميلا... أحس بقشعريرة تسري في جسدي، ولاحت التفاتة نحو أشيائنا الجميلة التي اقتنيناها في غربتنا -وضياع ربيع عمرنا في تلك الغربة- علها تفتح لنا بابا من الرزق.
والآن أين أنت مني؟ ها أنا أعود لأضيء شموع الذكريات وحدي، وحشة تحتل أعماقي، وظلمة فاحشة تخنقني، ووحدة قاتلة تتملكني، تتزاحم الكلمات والعبرات والهمسات، أنا بحاجة إليك... إليك فقط لأقص عليك شجوني، وأبث أفكاري الصغيرة البريئة، التي تبعث في وجهك الوضاء ابتسامة متهللة... ولكنني لا أجدك، لا أصدق أنك رحلت، ولكنك رحلت... رحلت فجأة دون وداع.
رحلت دون أن نكمل حديثنا الأخير، دون أن تكتمل أفكارنا لمشاريعنا الصغيرة، لحياتنا الصغيرة، وها هو الليل قد أقبل ولا جديد، رأسي في سكون الليل بارد، وثمة أفكار منكفئة تدفعها تمتمات القلب المتعب، توازي همسات صمت، لم تتغير ولن تتغير بعد اليوم.
أيها الأب الحاني، والأخ والرفيق... أعلم أن الموت حق... ولكن عذرا يا أعز ما في قلبي، يا أحلى ترنيمة مرت على صدري، ويا وردة البيت الأبيض والكبير؛ فأنت المبتسم بلا حدود، الجميل فينا والأجمل، وردة وحيدة غابت دون أن تكبر.
سأتوشح السواد لأنه أصبح جزءا من حياتي، لقد أصبحت بدونك ظل امرأة لا حياة في محياها، تداري نظرات تائهة، وعيونا مبهمة أنهكتها الدموع، تبحث عن نورك بين الموجودين علها تجد بصيص أمل في الحياة، ولكن دون جدوى.
النار في موقدنا مطفأة، صباب القهوة ينتظر، هل سأحتسي القهوة وحدي وقد أصبح طعمها علقما كطعم الفراق؟ ولكن لا... سأضيء الأنوار التي طالما أزاحت عتمة الحي الذي نقطنه، وسأشعل نار موقدنا ليبث الدفء في بيتنا ليظل دافئا، وسأفتح صدر بيتنا لكل محبيك وأصدقائك وأقربائك، لأنك -وإن رحلت- فروحك لا تزال بين أضلعي ترفرف في جنبات بيتنا، وسأظل محافظة على عادتك التي طالما بعثت الأمل والسرور في أنفس الصغار الذين لم نرزقهم، وسأقدم لهم النقود والحلوى...
حقا سأقدم لهم النقود والحلوى!