الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة نقدية في قصة تفاح وعلقم/ للقاص الفلسطيني عمر حمش بقلم: باسمة صواف

تاريخ النشر : 2010-07-26
قراءة نقدية في قصة تفاح وعلقم/ للقاص الفلسطيني عمر حمش.

بقلم: باسمة صواف

تقوم قصة "تفاج وعلقم" على محاكاة الواقع، واقع يقوم على التحويل والتبديل، لذا وجب علينا التعامل مع المخفي من النص وليس المعلن، فهذه الدراسة ستقوم على تفكيك النص وسبر غوره، لأن التفكيك يهدف إلى الكشف عما وراء النص، فالتفكيكية تعمل من داخل النص حسب قول "دريدا، ولأن مهمة النقد "تفكيك الخطابات وفك عرى النصوص للكشف عن الوجه الآخر للأمور"، ستقوم دراستي من داخل النص وذلك بكشف أقنعة الخطابات السياسية والاجتماعية التي تضمنها النص، وذلك من خلال الوقوف على محورين رئيسين لمرحلتين تخص مرحلتين عايشها القاص: ما قبل صيرورة الأحداث، وما بعدها، وما بينهما من تناقضات وتغيرات، حيث تحول الحال من النقيض إلى النقيض.

ظهر النقيض في العنوان، "تفاح وعلقم"، حيث يحضر الذوق، وتحضر الذائقة، ذائقة الأحداث، والمكان، والزمان.
فالقاص استحضر هوية شخوص، وهوية مكان، لوحة تحمل زمنين بعينهما لشخصين مختلفين، مع استحضار صيرورة لحياة كل منهما، أحدهما بطعم التفاح، والأخر بطعم العلقم.

اعتمد القاص كثيراً على ضمير المخاطب، فجاء خطابه حاضراً كجزء من النص، مستخدماً لغة بسيطة في ظاهرها، ولكنها تحمل في ثناياها دلالات وايحاءات، متخطية الهدف الجمالي والطابع الشعري، لتغدو أكثر مسؤولية في نقل الأحداث وتصوير الشخصيات.

والقارئ للقصة يستشعر بأنها تحمل نقداً لواقع يتوافق مع أيديولوجية السارد، لذا قام السارد بمقارنة حال الشخصية في زمنين مختلفين حافراً في الوعي ليصل إلى نقطة تشكل فراغاً بين ما سبق، وبين ما لحق، فلا بدّ من وجود أثر للماضي في المكان الذي بدأ يتغير بفعل الزمان، فدخل القاص في تضاريس الذاكرة ليجسد لوحة تحمل زمنين مختلفين، الزمن الحاضر فيه أصابته انحناءة "كانحناء النار حينما تعانقها الريح".

بدأ القاص –كما ذكرت- باستخدام ضمير المخاطب مع استخدامه للوصف، والإشارة إلى واقع كان يعيشه المخاطب، وعلاقته بالضابط الذي يتنقل معه: "عيناك مثقابان في رأس أشعث، والضابط -الذي كان فدائياً- يساوم في السوق عيون الباعة الحيرى!"
وبعد ذلك يبدأ بوصف حال المخاطب بقوله: "أنت الشرش مدوخ اليهود!"
ويستمر في وصف العلاقة بينه وبين الضابط، "صدرك يميل الآن، والضابط لعينيك يتثنى، ثم يزود بالكياس سلة ظهرك!
عيناك مثقابان، وساقاك برقة منجل!"

حمل النص السابق خطاباً اجتماعياً وآخر سياسياً، بأسلوب اعتمد على المخاطبة، ليغدو النص أكثر حيوية، وتواصلاً مع المتلقي، ولكنه مع ذلك لم توضح الرؤية، لأن المتلقي يقع في لُبس مَن هو المخاطَب؟!
هذه الحيرة تتبدى من خلال الكشف عن ماضي الشخصية، "كنت سهماً في الريح، ترقص عسكرهم من حولك! وأنت ابن أم الشرش! ساكنة الكوخ الغرفة، ثملت بعودة الفدائيين، فهرولت بالجموع إلى الثكنة، هزت ظهرها المكسور، ثم هاجت مثل قطة، يوم تلونت الشمس، والنسوة عن الزغاريد أفرجن!
كنت تُحمل إليها؛ فتصرخ: هل مات! فتطل بعينيك المثقابين لتغمز: لا".

وبعدها يبدأ القاص برصد مظاهر متعلقة بحياة الشخصية في زمن كثرت فيها المواجهات مع العدو –الزمن الماضي- ، وظهر هذا جلياً حينما قال: "ثم على أيدي الناس تُرفع إلى المستشفى! بطحال مثقوب، أو بوجه مشروخ، أوبشظايا سدّت عينيك، كنت دوماً تأتي محمولاً، وهي –يتقدمها ظهرها- تهرول خلفك!"

لم يأت استحضار القاص لهذه الشخصية التي بهذا التناقض إلا ليظهر حجم التناقضات التي كانت الشخصية تعيشها، ولا تزال.
وفي النص السابق أقحم القاص الضمير "هي"؛ ليشير إلى دور المرأة في ذلك الوقت، ربما أراد الأم، أو الأخت، أو الزوجة، أو العشيقة، فالصورة التي أتى بها "يتقدمها ظهرها" دلالة على السرعة التي يجوسها الخوف، وهي صورة حية واقعية شهدتها المرأة الفلسطينية ولا تزال.

هذه الصورة التي أتى بها القاص، هي مقدمة لحال واقع الشخصية اليوم، وما أتى عليها من تحولات اجتماعية وسياسية، وهو هنا لا يعمم، بل يخص تفوق حال شخصية على أخرى،
مستخدماً التكثيف الدلالي، دون رصد التفصيلات.

وينهي القاص القصة بالايضاح، والكشف عن الشخصيتين اللتين عاشتا نفس الظروف السياسية والاجتماعية، ولكن مع رصد الفارق الذي طرأ على وضعهما، فالأول "ابن أم الشرش"، عاملاً، يقدم الخدمة للثاني "ابن أم الشرش" أيضاً الذي كان فدائياً – سواء خارج الوطن أو داخله-، والذي أصبح يسوق "المازدا"، ويدخن "المارلبورو" ويعبق جسده بعطر فواح، زكم أنف الأول "ابن أم الشرش"، الذي يفتقر لكل ما يملكه الضابط "ابن أم الشرش".

"لكن الضابط -الذي كان فدائياً- يحب المازدا، فاستل زجاجة عطر فواح، ثم رشق رشقات فزكم أنفك، وجعل ذراعه يسندها الباب، وداعبت الأخرى المقود، فمه عضّ لفافة المارلبورو، ومنّ عليك، فقذف لعينيك بأخرى!
المازدا انطلقت مع عبق التفاح!
والسيجارة على الأرض كانت مثل العقرب!
دنياك ذابت قطرانا
دنياك بطعم العلقم!"

هذه القصة واقعية، رصد فيها القاص صوراً حية من واقع يعيشه شعبه، بسرد مشوق، ولغة جميلة تحمل دلالات وايحاءات بطريقة مكثفة، ومع ذلك لم تُثقل النص، بل حملت بالمتلقي نحو المتابعة المشوقة حتى نهاية النص.

من يقرأ "تفاح وعلقم"، يقف أمام العنوان، فكيف يلتقي التفاح والعلقم! ثم يأخذنا العنوان إلى دلالات أعمق عبر النص ليتكشف لنا حال الواقع الفلسطيني –الاجتماعي والسياسي والاقتصادي- الذي يحمل التناقضات بعينها، وهي أشبه بطعم التفاح، وطعم العلقم في الوقت ذاته.


رام الله/فلسطين
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف