
رواية
(دمي..دمك)
للمؤلف والكاتب
مهندس/محمد سلطان
الحلقة الاولي
نبيل شاب من شباب مصر اللاهين في الخمسينيات،ولد في عام 1935 لأب ميسور الحال يعمل موظفا بالمحفوظات في ديوان نزارة العدل ،وأمه سيدة بيت من أسرة لها شأن،لا تعرف من دنياها سوي خدمة زوجها والتفاني في ارضائه وكذلك ابنها نبيل وشقيقتيه التين تصغرانه بأعوام،وقد أصابها اليأس لمرض أصابها منعها عن الإنجاب،فوقفت حياتها الخائفة المترقبة القلقة علي حماية أولادها من أي أذي،والخوف الرهيب إذا مرض أحدهم،تسهر الليالي وتبكي النهار في دعاء لا ينقطع ليكشف الله عنها غمة مرض أحد أنجالها،انعكس هذا القلق علي الأب الذي أمر ولده بعد أن حصل علي شهادة الكفاءة بالاستعداد للزواج لينجب أطفالا يملأبهم البيت علي أمه ليعالجها من الخوف والقلق الذين امتلآ بهما أركان البيت حتي جحور الأرانب وعشش الدجاج والبط والأوز،إلا أن نبيل أفصح لأبيه عن نيته ورغبته الملحة في السفر الي هذه الارض الجديدة الي امريكا ليعمل هناك فهو يجيد الانجليزية حديثا وكتابة كالعربية تماما الأمر حازم من الوالد بعد الزواج والانجاب.
***********************
العام 1955 م السن 20 سنة اصبح مناسبا للزواج الامر قاطع من الوالد لا مفر
هذا العمل جيد تستطيع ان تنفق به علي بيتك،وظيفة ميري في ديوان المديرية،عمك الاستاذ عسكر توسط لك فيها،بنته عندها 16 سنة وامك ستذهب لتخطبها لك،في الصباح الباكر قام نبيل مبكرا ليصل الي عمه عسكر في معاد دخول الموظفين الي ديوان المديرية،سأل،أشاروا الي مكتبه،طرق الباب،أذن له بالدخول،العم عسكر يجلس الي مكتب كبير وامامه الكثير من الملفات والاوراق،نظارة سميكة علي عينيه ينظر اليه من اعلاها محدقا وهو يسأل.
مين؟نبيل.تعالي،حظك من السما رغم انك ولد فاسد،واخد الدنيا كده بالطول والعرض،اقعد
يجلس علي كرسي امام المكتب بعد ان حيي الموظفين الثلاثة الموجودين داخل الحجرة،العم عسكر يشير الي المكتب،
المكتب الفاضي ده مكتبك من النهارده،طبعا انت ولا علي بالك،بقا لنا شهرين انا وابوك بنجهز في الورق والموافقات والحمد لله الموافقة جت امبارح وحتستلم دلوقتي حالا،اهم حاجةالانضباط والنظام وعدم تعطيل الشغل،فاهم؟
حتي هذه اللحظة لم يتكلم نبيل باي كلمة الا السلام فقط.
هات يا استاذ سعد اقرار استلام العمل.
ياتي الاستاذ سعد احد الثلاثة بالمكتب بورقة كبيرة يضعها لنبيل،يشير اليه بالمكان الذي سيوقع فيه ويقول له هامسا:
ادعي للواسطة،وظيفة ميري
نبيل:ربنا يخليك
يامر العم عسكر الموظف سعد باحضار الاقرار،يمسكه،يقرأه،
ايه يا ابني،انت متعرفش تكتب،فين النقطة التانية بتاع الياء بتاع نبيل،ينقط هو النقطة،كده هه،يتجه بحديثه الي الاستاذ سعد.
ايه يا استاذ سعد انت نسيت اللغة العربية واللا ايه؟
خير يا عسكر افندي.
خير ايه يا راجل تفتح دماغ اليوم كده؟
ليه هي من دي مش مالية عينك،من يومِِِِ مش من يومُ ،كدا تمام
اروح اجيب عليه تاشيرة مدير الادارة وبعدين اوديه لشئون العاملين يبقي كده يا سيدي مبروك،فهموه الشغل يا فندية
يخرج عسكر افندي ويبقي نبيل صامتا،الا ان سعد افندي يقترب منه وهو يلاطفه
الا يا نبيل افندي:هي العروسة بتاعتك بنت عسكر افندي
يعني ابويا قال لي كده
ماشية معاك يا سيدي،وظيفة ميري وعروسة
وبعدين بقا،هبلغ عسكر افندي بالكلام ده
لا والنبي ارجوك،ابوس ايدك،يضحك الموظفين الاخرين ويقول احدهم:
ضهر يا عم،يا بخت من كان النهيب خاله
وبعدييييييييييين(نبيل متوعدا)
خلاص يا اخويا انتا وهوه
اتفضل يا نبيل افندي علي مكتب سعادتك
وهعمل ايه بقا في الشغل ده؟
هفهمك،هفهمك كل حاجة،بس اتفضل
هه،توكلنا علي الله،من اول يوم كده
يتجه الي مكتبه ويجلس اليه يشرح له سعد افندي طبيعة العمل،يفتح دوسيه ويغلقه ويفتح اخر،يشرح ويزيد ويفيض،مرة ومرة
علي الله تكون ركزت معايا يا نبيل افندي
المهم المرواح امته
الساعة 2
يعني الواحد مش ممكن يزوغ
مع عسكر افندي لا يمكن،وهوه بيتعتع من المكتب الا دقايق وتلاقيه راجع
وبعدين بقا في الربطة التعبانة دي
هوه المرتب كام
4جنيه وسبعين ساغ
في الاسبوع
يضحك الجميع بينما يدخل عسكر افندي فاركا كفيه ببعضهما مهنئا ومرحبا بالموظف الجديد
ان شاء الله والدتك هتزورنا النهارده،مفهوم
هز نبيل راسه بالايجاب
***************************
يدخل نبيل الي البيت،يغلق الباب خلفه ولا يشعر بدخول والده خلفه مباشرة الذي يفتح الباب بعده ويعتذر نبيل علي غلق الباب فهو لم ينتبه الي وجوده خلفه الا ان سلطان افندي لا يعطي للامر اهمية وهو يسأله
انت طالع بدري 5 دقايق
لا والله يا بابا انا طالع الساعة 2 بالظبط
طيب ازاي،وانا واصل بعدك
ما هو حضرتك واخد بالك ،فرق الخطوة،خطوتي واسعة شوية
المهم الانضباط
(يكمل نبيل)والنظام وعدم تعطيل العمل
حتنجح
تاتي ام نبيل من الداخل علي حديثهما،تحمل عنه الشمسية والطربوش،وتاتي احدي البنات بشبشب البيت تضعه تحت قدمي ابوها الذي يخلع الحذاء فتاخذه منه وتمسحه وتنظفه وتضعه في مكانه،بينما يفعل نبيل هذا العمل بنفسه وكأن الأب يكمل كلامه في اضافة ملحوظة هامة لنبيل
سيبك بقا من شغل البوظان ده وغطي راسك بطريوش
انت بقيت موظف محترم
-لا والنبي يا بابا بلاش حكاية الطربوش دي
-عاوزين تبقوا افرنكي،هي الثورة هتبوظ اخلاقكم
دا قيمة يا ولا،امال تبقي موظف محترم ازاي،دا حتي مولانا بيلبس طربوش
-دا مولانا يا بابا وما خلاص معدش مولانا الثورة شالته بطربوشه
تاتي ام نبيل بالماء بيغسل يديه وقدميه ويتوضأ والابنة الاخري تقف ومعها المنشفة،بينما نبيل يعمل ذا الشئ بنفسه تحت الحنفية فتعليمات الحاج سلطان الي زوجته ام نبيل
ان شاء الله بعد صلاة المغرب نروح علشان نخطب بنت عسكر افندي،كتر خيره
وظيفة ميري اهه،وفي طريقه الي حجرته ليبدل ملابسه يسمع ام نبيل تقول واحلام طيبة وتتحط علي الجرح يبرد وشاطرة وست بيت ملهاش
-الله هي اسمها احلام كمان(قال نبيل)
يعني احلام امي واحلام مراتي
-ايه يا واد،مش عاجبك اسم احلام؟
-ازاي يا ام نبيل دا احلي اسم في الدنيا
تعود احدي البنتين بعد ان كانا قد حملا طشت الماء والكوز والمنشفة وقد بدل الاب ملابسه الافرنكية بملابس البيت لتعلن
الغدا جاهز يا بابا
**********************
في جلسة عائليةتضم الحاج سلطان وعسكر افندي وزوجتيهما والعروسة وبسمات ومجاملات بالشربات والملبسات من العروسة الي حماها وحماتها وترحيب من عسكر افندي وزوجته بالضيوف
عسكر:احنا زادنا الشرف بالنسب بتاعكم
سلطان:دا احنا اللي زادنا الشرف والعزة يا عسكر افندي،المهم خير البر عاجله،ان شاء الله في خلال نص الشهر يكونوا متجوزين
ام احلام:علطول كده يا حاج
سلطان:عاوزين نفرح يا ام حكيم،الله امال حكيم افندي فين
ام احلام:دا عمه بعافية شوية وراح يشوفه
عسكر:(بخبث)عمه بعافية وعاوز يشوفه ولا بنت عمه
ام احلام:الله يا حاج بقا
سلطان:ما تيجي نفرح بيهم في يوم واحد يا عسكر افندي
عسكر:حاجة حاجة يا حاج
سلطان:علي بركة الله
فرح كبير لمدة اسبوع وتنتقل العروسة الي بيت نبيل
************
الحاح نبيل لا ينقطع ليوفق والده على سفره , امراته حامل الأن فى الشهر الثامن .
ام نبيل : هي فين امريكا دي يا بني .
نبيل : قريبة جدا يا أم نبيل .
الأم : هتركبلها ايه
نبيل : القطر يا أم نبيل .
الأم ياااااه : دي تبقي بعيده عن الجيزة قوي .
الأب مبتسما , شوية صغيرين .
حراام ليه كده يا ابني خليك جنبنا .
نبيل : عندك نبيل الصغير هيملي عليكي البيت يأم نبيل .
أمام اصرار والحاح من نبيل وافق الأب على سفره , طب منه البدء فى تجهيز اوراقه بسرعة البرق اخرجها من شنطة الأوراق الخاصة به , حتي تاشيرة السقر إلا انها مفتوحة .
**************************
قبلات يوزعها نبيل على وجه امه وابيه وزوجته ومولوده الذي بطن زوجته , والأم توصيه الا يتأخر كثيرا , والدموع تتساقط من الأب تلحظها الأم .
هي البلد دي بعيده قوي يا سي سلطان ؟ .
أبدا يا أم نبيل دي فركة كعب , مش عارف الدنيا هتبقي كويسه والثورة هتغير كتير , لكن .
وصية السفر لزوجته با تضع امه وابنه فى عينيها وكذلك البنات , وحديث من الأب , سأرسل لك كل كما تحتاجه لجهاز البنات , وطلب الدعوات من ام نبيل .
الأصدقاء ينادون , يخرج اليهك نبيل مودعا كل من فى البيت يالدموع , الأم , الأب , الزوجة , البنات .
حاملا على كتفة شنطة صغيرة قد صنعت من القماش والجلد بها القليل من. الزاد والزواد وبيده كيس جلدي به كل الأوراق .
قال سامي احد اصدقاء نبيل : الأسطي عزت وافاق على السفر معانا الى المطار
قال نبيل : بس الأسطي عزت دايما بيتفق غالى .
قال زكي صديق نبيل الأخر ما تحملش هم , احنا اتفقنا معاه هيودينا نوصلك ويرجه بينا بجنيه بس
نبيل ياه كتير قوي .
قال عمر صديق اخر لنبيل : احنا دفعنا وخلصنا ودي حلاوتك مننا .
نبيل : متشكر جدا , ربنا يقدرني واردلكو الجمايل دي
قال الصديق الأول يلا بلاش تطويل , جمايل ايه
العريس فى الكرسي الأمامي للسيارة بمفرده وحاجياته , ويالكرسي الخفي جلس الأصدقاء الثلاثة , الأسطي عزت يمسك بالمنفلة التي يضعها فى مقدمة السيارة وفى مكان خاص حيث يديرها دخل هذا المكان فتدور اسيارة .
دموع الوداع تتساقط من العيون , تجري الأختين الصغيرتين تقبلان نبيل للمرة الأخيرة بالسيارة , تتمني زوجته ان تفعل مثلهم وتهم . لكنها تتراجحع فى استحياء , دعوات ودعوات , والحاج عزت يريد ان يرسم ابتسامه على الوجوه بطريقته المعهوده التي ليس فيها الكثير من الجد .
إيه هو رايح فين , دانا رحت هناك اول امبارح معجبنيش الجو رجعت تاني انهارده , يلا يا اخينا دانتا ولا الي رايح كفر الشيخ دك ريح انتا وهو
تحركت السيارة بهدوئها الذي لا يزيد عليه ولا ينقص الاسطي عزت وله طرقيقته فى القياده لا يتنازل عنها مهما كان استعجال من معه ودائما ما يقول مثله المعروف .
امش على مهلك توصل بسرعة
هو المعاد امتي يا أستاذ نبيل ؟
وهو يضحك بعد بكره الساعة عشرة الصبح يا عم عزت .
لا كدا يدوب قوي , نزصل قبلها بساعة ولا ساعتين .
قال احدهم , ومستعجل ليه ؟ ما نوصل بعد معاد الطيارة احسن .
قال الأخر انا قلت القطر كان هوا الحل
اسطي عزت , اتحل وسطك يا اخويا , قال قطر قال .
طب فى القطر كرسي زي الي انتا قاعد ليه ده كرسي بسست والزجاج بيفتح ويقفل , القطر فيه ازاز , دا هو والشارع واحد , روح يا شيخ وانتا فقر .
نبيل : خلاص يا عم عزت حقك عليا
عزت , انكسر حقك انتا كمان . يعني رايح تجيب الجي من ديله يا خي
قال الثالث : بس على الله يلاقي ديل
فضحك الجميع , اسرع الأسطي عزت بالسيارة قليلا . يمتد خلفها حتي انه يحجب النظر غبار الطريق الكثير من الطرق كان لا يزال ترابيا
******************
وموعدما فى الحقة القادمة
(دمي..دمك)
للمؤلف والكاتب
مهندس/محمد سلطان
الحلقة الاولي
نبيل شاب من شباب مصر اللاهين في الخمسينيات،ولد في عام 1935 لأب ميسور الحال يعمل موظفا بالمحفوظات في ديوان نزارة العدل ،وأمه سيدة بيت من أسرة لها شأن،لا تعرف من دنياها سوي خدمة زوجها والتفاني في ارضائه وكذلك ابنها نبيل وشقيقتيه التين تصغرانه بأعوام،وقد أصابها اليأس لمرض أصابها منعها عن الإنجاب،فوقفت حياتها الخائفة المترقبة القلقة علي حماية أولادها من أي أذي،والخوف الرهيب إذا مرض أحدهم،تسهر الليالي وتبكي النهار في دعاء لا ينقطع ليكشف الله عنها غمة مرض أحد أنجالها،انعكس هذا القلق علي الأب الذي أمر ولده بعد أن حصل علي شهادة الكفاءة بالاستعداد للزواج لينجب أطفالا يملأبهم البيت علي أمه ليعالجها من الخوف والقلق الذين امتلآ بهما أركان البيت حتي جحور الأرانب وعشش الدجاج والبط والأوز،إلا أن نبيل أفصح لأبيه عن نيته ورغبته الملحة في السفر الي هذه الارض الجديدة الي امريكا ليعمل هناك فهو يجيد الانجليزية حديثا وكتابة كالعربية تماما الأمر حازم من الوالد بعد الزواج والانجاب.
***********************
العام 1955 م السن 20 سنة اصبح مناسبا للزواج الامر قاطع من الوالد لا مفر
هذا العمل جيد تستطيع ان تنفق به علي بيتك،وظيفة ميري في ديوان المديرية،عمك الاستاذ عسكر توسط لك فيها،بنته عندها 16 سنة وامك ستذهب لتخطبها لك،في الصباح الباكر قام نبيل مبكرا ليصل الي عمه عسكر في معاد دخول الموظفين الي ديوان المديرية،سأل،أشاروا الي مكتبه،طرق الباب،أذن له بالدخول،العم عسكر يجلس الي مكتب كبير وامامه الكثير من الملفات والاوراق،نظارة سميكة علي عينيه ينظر اليه من اعلاها محدقا وهو يسأل.
مين؟نبيل.تعالي،حظك من السما رغم انك ولد فاسد،واخد الدنيا كده بالطول والعرض،اقعد
يجلس علي كرسي امام المكتب بعد ان حيي الموظفين الثلاثة الموجودين داخل الحجرة،العم عسكر يشير الي المكتب،
المكتب الفاضي ده مكتبك من النهارده،طبعا انت ولا علي بالك،بقا لنا شهرين انا وابوك بنجهز في الورق والموافقات والحمد لله الموافقة جت امبارح وحتستلم دلوقتي حالا،اهم حاجةالانضباط والنظام وعدم تعطيل الشغل،فاهم؟
حتي هذه اللحظة لم يتكلم نبيل باي كلمة الا السلام فقط.
هات يا استاذ سعد اقرار استلام العمل.
ياتي الاستاذ سعد احد الثلاثة بالمكتب بورقة كبيرة يضعها لنبيل،يشير اليه بالمكان الذي سيوقع فيه ويقول له هامسا:
ادعي للواسطة،وظيفة ميري
نبيل:ربنا يخليك
يامر العم عسكر الموظف سعد باحضار الاقرار،يمسكه،يقرأه،
ايه يا ابني،انت متعرفش تكتب،فين النقطة التانية بتاع الياء بتاع نبيل،ينقط هو النقطة،كده هه،يتجه بحديثه الي الاستاذ سعد.
ايه يا استاذ سعد انت نسيت اللغة العربية واللا ايه؟
خير يا عسكر افندي.
خير ايه يا راجل تفتح دماغ اليوم كده؟
ليه هي من دي مش مالية عينك،من يومِِِِ مش من يومُ ،كدا تمام
اروح اجيب عليه تاشيرة مدير الادارة وبعدين اوديه لشئون العاملين يبقي كده يا سيدي مبروك،فهموه الشغل يا فندية
يخرج عسكر افندي ويبقي نبيل صامتا،الا ان سعد افندي يقترب منه وهو يلاطفه
الا يا نبيل افندي:هي العروسة بتاعتك بنت عسكر افندي
يعني ابويا قال لي كده
ماشية معاك يا سيدي،وظيفة ميري وعروسة
وبعدين بقا،هبلغ عسكر افندي بالكلام ده
لا والنبي ارجوك،ابوس ايدك،يضحك الموظفين الاخرين ويقول احدهم:
ضهر يا عم،يا بخت من كان النهيب خاله
وبعدييييييييييين(نبيل متوعدا)
خلاص يا اخويا انتا وهوه
اتفضل يا نبيل افندي علي مكتب سعادتك
وهعمل ايه بقا في الشغل ده؟
هفهمك،هفهمك كل حاجة،بس اتفضل
هه،توكلنا علي الله،من اول يوم كده
يتجه الي مكتبه ويجلس اليه يشرح له سعد افندي طبيعة العمل،يفتح دوسيه ويغلقه ويفتح اخر،يشرح ويزيد ويفيض،مرة ومرة
علي الله تكون ركزت معايا يا نبيل افندي
المهم المرواح امته
الساعة 2
يعني الواحد مش ممكن يزوغ
مع عسكر افندي لا يمكن،وهوه بيتعتع من المكتب الا دقايق وتلاقيه راجع
وبعدين بقا في الربطة التعبانة دي
هوه المرتب كام
4جنيه وسبعين ساغ
في الاسبوع
يضحك الجميع بينما يدخل عسكر افندي فاركا كفيه ببعضهما مهنئا ومرحبا بالموظف الجديد
ان شاء الله والدتك هتزورنا النهارده،مفهوم
هز نبيل راسه بالايجاب
***************************
يدخل نبيل الي البيت،يغلق الباب خلفه ولا يشعر بدخول والده خلفه مباشرة الذي يفتح الباب بعده ويعتذر نبيل علي غلق الباب فهو لم ينتبه الي وجوده خلفه الا ان سلطان افندي لا يعطي للامر اهمية وهو يسأله
انت طالع بدري 5 دقايق
لا والله يا بابا انا طالع الساعة 2 بالظبط
طيب ازاي،وانا واصل بعدك
ما هو حضرتك واخد بالك ،فرق الخطوة،خطوتي واسعة شوية
المهم الانضباط
(يكمل نبيل)والنظام وعدم تعطيل العمل
حتنجح
تاتي ام نبيل من الداخل علي حديثهما،تحمل عنه الشمسية والطربوش،وتاتي احدي البنات بشبشب البيت تضعه تحت قدمي ابوها الذي يخلع الحذاء فتاخذه منه وتمسحه وتنظفه وتضعه في مكانه،بينما يفعل نبيل هذا العمل بنفسه وكأن الأب يكمل كلامه في اضافة ملحوظة هامة لنبيل
سيبك بقا من شغل البوظان ده وغطي راسك بطريوش
انت بقيت موظف محترم
-لا والنبي يا بابا بلاش حكاية الطربوش دي
-عاوزين تبقوا افرنكي،هي الثورة هتبوظ اخلاقكم
دا قيمة يا ولا،امال تبقي موظف محترم ازاي،دا حتي مولانا بيلبس طربوش
-دا مولانا يا بابا وما خلاص معدش مولانا الثورة شالته بطربوشه
تاتي ام نبيل بالماء بيغسل يديه وقدميه ويتوضأ والابنة الاخري تقف ومعها المنشفة،بينما نبيل يعمل ذا الشئ بنفسه تحت الحنفية فتعليمات الحاج سلطان الي زوجته ام نبيل
ان شاء الله بعد صلاة المغرب نروح علشان نخطب بنت عسكر افندي،كتر خيره
وظيفة ميري اهه،وفي طريقه الي حجرته ليبدل ملابسه يسمع ام نبيل تقول واحلام طيبة وتتحط علي الجرح يبرد وشاطرة وست بيت ملهاش
-الله هي اسمها احلام كمان(قال نبيل)
يعني احلام امي واحلام مراتي
-ايه يا واد،مش عاجبك اسم احلام؟
-ازاي يا ام نبيل دا احلي اسم في الدنيا
تعود احدي البنتين بعد ان كانا قد حملا طشت الماء والكوز والمنشفة وقد بدل الاب ملابسه الافرنكية بملابس البيت لتعلن
الغدا جاهز يا بابا
**********************
في جلسة عائليةتضم الحاج سلطان وعسكر افندي وزوجتيهما والعروسة وبسمات ومجاملات بالشربات والملبسات من العروسة الي حماها وحماتها وترحيب من عسكر افندي وزوجته بالضيوف
عسكر:احنا زادنا الشرف بالنسب بتاعكم
سلطان:دا احنا اللي زادنا الشرف والعزة يا عسكر افندي،المهم خير البر عاجله،ان شاء الله في خلال نص الشهر يكونوا متجوزين
ام احلام:علطول كده يا حاج
سلطان:عاوزين نفرح يا ام حكيم،الله امال حكيم افندي فين
ام احلام:دا عمه بعافية شوية وراح يشوفه
عسكر:(بخبث)عمه بعافية وعاوز يشوفه ولا بنت عمه
ام احلام:الله يا حاج بقا
سلطان:ما تيجي نفرح بيهم في يوم واحد يا عسكر افندي
عسكر:حاجة حاجة يا حاج
سلطان:علي بركة الله
فرح كبير لمدة اسبوع وتنتقل العروسة الي بيت نبيل
************
الحاح نبيل لا ينقطع ليوفق والده على سفره , امراته حامل الأن فى الشهر الثامن .
ام نبيل : هي فين امريكا دي يا بني .
نبيل : قريبة جدا يا أم نبيل .
الأم : هتركبلها ايه
نبيل : القطر يا أم نبيل .
الأم ياااااه : دي تبقي بعيده عن الجيزة قوي .
الأب مبتسما , شوية صغيرين .
حراام ليه كده يا ابني خليك جنبنا .
نبيل : عندك نبيل الصغير هيملي عليكي البيت يأم نبيل .
أمام اصرار والحاح من نبيل وافق الأب على سفره , طب منه البدء فى تجهيز اوراقه بسرعة البرق اخرجها من شنطة الأوراق الخاصة به , حتي تاشيرة السقر إلا انها مفتوحة .
**************************
قبلات يوزعها نبيل على وجه امه وابيه وزوجته ومولوده الذي بطن زوجته , والأم توصيه الا يتأخر كثيرا , والدموع تتساقط من الأب تلحظها الأم .
هي البلد دي بعيده قوي يا سي سلطان ؟ .
أبدا يا أم نبيل دي فركة كعب , مش عارف الدنيا هتبقي كويسه والثورة هتغير كتير , لكن .
وصية السفر لزوجته با تضع امه وابنه فى عينيها وكذلك البنات , وحديث من الأب , سأرسل لك كل كما تحتاجه لجهاز البنات , وطلب الدعوات من ام نبيل .
الأصدقاء ينادون , يخرج اليهك نبيل مودعا كل من فى البيت يالدموع , الأم , الأب , الزوجة , البنات .
حاملا على كتفة شنطة صغيرة قد صنعت من القماش والجلد بها القليل من. الزاد والزواد وبيده كيس جلدي به كل الأوراق .
قال سامي احد اصدقاء نبيل : الأسطي عزت وافاق على السفر معانا الى المطار
قال نبيل : بس الأسطي عزت دايما بيتفق غالى .
قال زكي صديق نبيل الأخر ما تحملش هم , احنا اتفقنا معاه هيودينا نوصلك ويرجه بينا بجنيه بس
نبيل ياه كتير قوي .
قال عمر صديق اخر لنبيل : احنا دفعنا وخلصنا ودي حلاوتك مننا .
نبيل : متشكر جدا , ربنا يقدرني واردلكو الجمايل دي
قال الصديق الأول يلا بلاش تطويل , جمايل ايه
العريس فى الكرسي الأمامي للسيارة بمفرده وحاجياته , ويالكرسي الخفي جلس الأصدقاء الثلاثة , الأسطي عزت يمسك بالمنفلة التي يضعها فى مقدمة السيارة وفى مكان خاص حيث يديرها دخل هذا المكان فتدور اسيارة .
دموع الوداع تتساقط من العيون , تجري الأختين الصغيرتين تقبلان نبيل للمرة الأخيرة بالسيارة , تتمني زوجته ان تفعل مثلهم وتهم . لكنها تتراجحع فى استحياء , دعوات ودعوات , والحاج عزت يريد ان يرسم ابتسامه على الوجوه بطريقته المعهوده التي ليس فيها الكثير من الجد .
إيه هو رايح فين , دانا رحت هناك اول امبارح معجبنيش الجو رجعت تاني انهارده , يلا يا اخينا دانتا ولا الي رايح كفر الشيخ دك ريح انتا وهو
تحركت السيارة بهدوئها الذي لا يزيد عليه ولا ينقص الاسطي عزت وله طرقيقته فى القياده لا يتنازل عنها مهما كان استعجال من معه ودائما ما يقول مثله المعروف .
امش على مهلك توصل بسرعة
هو المعاد امتي يا أستاذ نبيل ؟
وهو يضحك بعد بكره الساعة عشرة الصبح يا عم عزت .
لا كدا يدوب قوي , نزصل قبلها بساعة ولا ساعتين .
قال احدهم , ومستعجل ليه ؟ ما نوصل بعد معاد الطيارة احسن .
قال الأخر انا قلت القطر كان هوا الحل
اسطي عزت , اتحل وسطك يا اخويا , قال قطر قال .
طب فى القطر كرسي زي الي انتا قاعد ليه ده كرسي بسست والزجاج بيفتح ويقفل , القطر فيه ازاز , دا هو والشارع واحد , روح يا شيخ وانتا فقر .
نبيل : خلاص يا عم عزت حقك عليا
عزت , انكسر حقك انتا كمان . يعني رايح تجيب الجي من ديله يا خي
قال الثالث : بس على الله يلاقي ديل
فضحك الجميع , اسرع الأسطي عزت بالسيارة قليلا . يمتد خلفها حتي انه يحجب النظر غبار الطريق الكثير من الطرق كان لا يزال ترابيا
******************
وموعدما فى الحقة القادمة