الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/7
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خيال العدم .. الجزء 1 بقلم:أشرف الحزمري

تاريخ النشر : 2010-07-19
خيال العدم .. الجزء 1 بقلم:أشرف الحزمري
1

صَوتُ آذان الفجْر يقرع أسْـماع الصّمت , وهو مازال متّـكئا على فِراشه منكوس الرّأس مُحَملق العينين في رواية "المُحَاكَمة" لكافكا , هذه هي المرة الثالثة التي يقرأ فيها الرواية بُغية رد مغزاها الى تأويل ظاهري محدود تسكن إليه النفس , ويَخشع له العَقل , فهو لم يعد قادر على الاضْطِرابَات التي سبّـبها له هذا النص المحيِّر الذي يشبه الشيطان في لانهائية ترائياته , و انطوائه على مكر السحرة و غواية الفرَاغ , فالمَعَاني والتّفسيرات تَتَكَوْثَر بمَدَى عُمْق النّص وتَشَابُك شَرَايينه الفَلسَفية , وتَتَلبّس بالشّيء حتى تصَير لاشَيْئا , فَكَلمة الشّيء هِي نَفْسُها كَلِمة اللاشَيْء , يَتَخَالفَان في العَالم الذّهني , ويَنْدغِمان قَبل أن يَحْكم عليهُما العَالم العَيني بالمَحْو .

فرواية " المحاكمة " تبْدأ بالقبْضِ عَلَى ( ك ) دون أن يَرتكِب أيّ خطأ , وتنتهي بمَوتِه دُون أن يعرف جَريمَته . كأنّ كافكا يريد أن يكشف لنا عن سرّ الوجود , وفلسَفَة المَصير الإنسَاني , فيكون بذلك قد كتَب مَانِفستو العبث . وقرّر للإنسانية (( لاجدوى)) العَيش .

2

قَامَ صَاحِبنا من فِراشه بَعْد أن طَوى دفّتي الرّواية , يردّد كَلِمات وتَسَاؤلات ( لماذا مَات ؟ ولماذا سٌجن ؟ وما هي جَريمَته يا ترى ؟ وما رمْز السّجن ؟ هل هو وجُودنا ؟ وهل الحَياة هي عبارة عن جَريمة نَسِي الانسَان أنها كذلك ؟ هل الانْسَان يأتي لهذا العَالم مِن أَجْل غَاية وَاحِدة هي ( المَوت ) ؟ أم يأتي لهَذِه الدّنيا من أجْل مَعْرِفَة سرّ جَريمَته التي هي الحيَاة ؟ هل كافكا يُحاكم الله ؟ أم يُحَاكِم الانسَان ؟ أم يحاكم الوجود الذي يتوسّطهما ؟

3

توجّه من فِرَاشِه الى مقبَض باب الغرْفة بعد أن وَضَعَ الرّواية على مَكْتبه , سَاهياً جسَده و مَكَانه , متصنّتا لباطِنه , مُستمعا للجَدَل الذي يَدُور بَينه و بَينه , كل ذلك في قَلق وشجن و وجدان تتخلّله مَخَاوف المَعْرفة ورَهْبَة الوَعْي بالوجود , بعد أن فتَح بَابَ الغرْفة تَذَكّرَ جَسَده و تذَكّر خُروجَه من الغرْفَة .
تَسَاءل مقطّبـا جَبينه و مقرّبا بين حَاجبيه :
ــ لماذا خَرْجْتُ من الغرْفَة ؟
لم يَعْرف السّبَب في خرُوجه ولا السّبَب في قِيامِه من فرَاشِه , بَعْدَها أطُرَق بيده على رَأسِه :
ــ آآه . أذان الفجر , و أيضا لم أصلّي نافلتَي الشّفع والوتر , سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك , ليتني سمعت نصيحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين و ابتعدت عن كتب الرّوايات والادب والفلسفة , صَدَق رحمه الله فهي مَضيعَة للوقت , مفْسَدة لطريقِ الطّلب .

4

قَصَدَ المَيضأة مُبَسْملاً و مُحوقلا . ثم صلّى ركْعَتَي الفَجْر و قَبع في مصلّاه يَلْهَج بذكر الله مسْتشعِرا نِعَمَه سبحانه و تعالى الظاهرة و الباطنة , ومنها نعمة خلق الانسان وامداده بالكدح و المكابدة وخط الطّريق القويم , بعدها رفع رأسه الى السّماء يتنسّم الدّلالات الالهية وهي تمتدّ في أعْمَاق نفسه , وتَسْري كما الضّوء في رحلته الى الارض . وهو يردّد أدعية يرطب لها اللسان .

انتبه من رقْدته الرّوحَانية , والتفتَ الى مَكْتبته يتطلّع في عناوين الكُتب مُنتظرا انفلاق الفجر الصّادق ووقت الصلاة , أمسك بالجزء الثاني من كتاب " مدراج السالكين " وفتحه يقرأ فيه , ويعيّر نفسه :
ـ شتّان بين طمأنينة الرّوح و غليان الباطن بالتّشكّكات ..!

5

وَقعَت عيْنه على مَنْزلة الشّكر , فأعجب بالحدّ الذي رسَمَه الهروي لهذا المَقام الصّوفي المُبارك حَيث يقُول في جزء من هذا التّعريف :
ـ ( الشكر : اسم لمعرفة النعمة لأنها سبيل لمعرفة المنعم , ولهذا المعنى سمّى الله تعالى الاسلام والايمان في القرآن شكرا , ومعاني الشّكر ثلاثة أشياء : مَعْرفَة النّعمَة , ثم قبُول النّعمة , ثم الثّناء بها . )

تَأمّلَ لَحَظات في التّعْريف ثم تَابَع ما يقوله ابْن القيم عن هَذه المَنزلة , وما يسْرده من أقوال الصّوفية وأرباب السّلوك في الشكر . نظر في ساعته و أغلق الكتاب ورده في الخزانة . ثم خرج من البيت ناويـاً صلاة الصبح في المسجد .

6

نَظَر إلى الرّواية على المَكتب , وغرّته نفسه على التّتمة , أمْسك بالرّواية ورَجَع الى فِراشه يَقْرأ حتّى بَدَأ يَغلبه النّعاس و لكنّه صَابر يُصارع جفنه , انغمضت عيناه فنام و غرق في النّوْم , إلى أن اسْتيقَظ فوجد نفسه وحيدا في غرفة بدون باب ولا نوافذ ولكنها مضيئة , مبيّضة الجدران والأرض , فَزَع الفزع الأكبر , وارتجف كَيَانه , يشهق حتّى لا ينقطع نفَسه , مُمْسِكاً جَسَدَهُ راجعاً بهِ يَزحَفُ عَلَى ردْفَيه الى زاوية الغرْفة .
تساءل متباكيا :
ـ أين أنا ؟ غرفة بدون باب ولا نوافذ ؟ وكذلك نُور ؟

[ يتبع ]
ــــــ

* هذه الليلة الاولى في الغرفة . أرجو منكم متابعة حكايات هذه الغرفة .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف