الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ريق الحياة بقلم:محمد يوسف جبارين

تاريخ النشر : 2010-07-18
ريق الحياة بقلم:محمد يوسف جبارين
ريق الحياة

بقلم: محمد يوسف جبارين( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين

ماذا تبقى ، بعد أن تناثر الأحبة أشلاء أشلاء ، سالت دماؤهم بكل حفر وتمزيق في أجسامهم ، وتلاشى مأوى كان يضمهم ، وتوارت الأشلاء في قبر يضيء في وعي كل حر ، بأن الأشلاء ما رست مرساها ، الا لتكون حروف نظام آت بالحرية ينشرها في عيون كل من يتنفس في ربوع الحياة ، فالقبر أمل بحياة لم تزل في المخيال تدق بكل عزم على استخلاصها من جوف حرارة الصحراء ، وانه الواقع الأليم الناطق في النفس بأنه لم يعد سواه الجفاف ، يضرب ريق الصبر بموجات من حرارة الوفاء ، وينزل بالارادة على جوع الى استيلاد الأمن والأمان للحياة .
لقد تمزق الأحبة بأسنان طائرة مرت في الأجواء توزع الفناء . كانوا للحرية أنفاس العطر ، ينهل الأمل من زنودهم بريقا يضيء به في عيون الفقراء ، فانظر الزيتون والدمعة في جفنه كيف خطه الحزن ، وجابه كل رفض وعزم يتواثب به على زعزعة القدرة التي تتيح لكذا أمر يداوم عليه الغرباء ، فكيف الارادة الحرة ترسم للغزاة فرارا من أوهامهم ، وكيف يخط اليأس دورته بهم ، فيحملهم الى رحيل من الديار . فهذه وصية الدماء ، وهذا همس المأوى ، فهذا سؤال الحلم بالحرية والعزم على تحقيقها بكل نفس ومال ، وهل يمكنه بازاء التحدي أن يكف سؤال الحرية عن دبيبه ، وهل بغير سير السؤال يعرف الحر طعما للحياة ، فيا صاح لن ترى شروقا ولا غروبا بغير حمرة بلون الدماء ، وهذه المقبرة وديعة الماضي في الحاضر ، تكتب الحياة بحروفها مستقبل الحياة ، فما ذهب الذين ذهبوا ، وانما استحالوا الى آفاق للحرية تنشدنا صناعة الضياء ، فهم الحروف نعرف بها ، ونكتب بها سيرا نحن أحوج ما نكون اليه ، الى عناقهم عند شرفات صبح نأتي به ، بارادة تهزم الليل ، وتأتي بالنور تطل به على الديار ، فلا تدع البكاء يأخذ منك كل ماء وارادة ، ولا تتركه يبعث فيك الجفاف .
فما جف ريق الحياة ، الا وفغرت الحياة فاها باحثة عن قطرة ماء ، فحيوية الريق في الحلق ترياق الحياة ، وما سكن الجفاف في لسان ، الا وأسال في الوعي معرفة بقيمة الكلام ، ولا بدا الجفاف في وجه غصن ، الا وكان حاله ينطق بما هو آيل اليه من عجز عن انتاج الثمار . فالجفاف معرفة بقيمة الماء، واذا هو احتوى لسانا فهذا اللسان لن يجد الكلمات ، وترى الأرض في تشققها ، فتعرف بأن اللاربيع يصنعه اللاشتاء ، فكذلك الارادة اذا ساورها الجفاف ، أفرغها من كل نية وهم واتجاه . تتوه حائرة ، لا تعرف كيف تحدد الجهد بالاتجاه .
ولعله الجفاف رفيق القحط ، يفترش الأرض ، ليستبقي الشوك موفور العافية ، يحقق ذاته بدمعة تتندى من عين انسان ، ويعمل على انتاج كل مناخ لكل سقوط ، وذلك كي يتخذ من السقوط باعثا على السقوط ، ومعرفة ودربا الى اغتيال الكبرياء والشموخ . فكبرياء الحياة انتظام في دورتها ، وربيع يأتي من رحم الشتاء ، وعافية كامنة في الثمار ، وأمل في المستقبل كامن في بذور تنتظر فصلا آخر من الشتاء . فدورة الحياة كبرياء ، تبعث في رسالة الجفاف حقدا يفجر الغيظ الكامن نارا في وجه ربيع الحياة ، ويود لو يجف كل نبات ، فيبسط الصحراء فوق كل عود وجبل وسهل وواد .
وهذه هي الأحزان ، تغمر كل نفوسنا وتغلي بها ، بعد أن هيأ بالخراب والدمار وسفك الدماء لها نشأتها ، ويود لو يتحكم في سير غليانها ، فيقدر على جعلها مطحنة لكل ابتسامات المحبة التي لم تزل على موعد مع اطلالتها ، بعد الاغتسال بدموع الحياة .
قد تطحن الأحزان كل قش ، وتذروه رمادا ، ولكنها حين تلامس القلوب تريحها في مصابرة وعزم وهمة وشد ركاب .
فكم من جفاف حط في الحلق ، فكان الباعث الذي يبعث على البحث عن الماء ، وكم من صيب أصاب النبات والشجر ، فكان النذير بضرورة ابداع الدواء .
وكم من ظلم أقعد الظلمات بين عيون الناس وبسط الصحراء معاشا للحياة ، فكانت بتلك قيامة الحرية في أفئدة الناس ، فهبوا من أحزانهم الى امتلاك أمنهم ، وجعل الربيع حياة الحياة .
وقد تصوح نفس بها مرض ، فتفرغ من كل نبل وحياء . تجف فتسقط فتغدو يدا للحريق الذي يوقده الغرباء في أجنحة الحرية ونبض الحياة ، مثل غصن اعتراه الجفاف فلم تعد به فاعلية حياة . غادره الانتماء ، فهوية الشجرة ليست هويته ، وانما هويته الجفاف ، وانتماؤه الى ما هو عليه ويمثله ، فالى الحطب ، وكل حطب من شجر ، وليس الشجر من الحطب . يذهب الحطب ويبقى الشجر . تبقى الأرض والبذور ودورة الأيام .
وليس هناك أكثر ضلوعا في التوهم ممن ظن بأن الحريق اذا شب في أرض ، فان نباتها لن يعود اليها . ولا أجهل ممن رأى الأرض محروثة ، ولا نبات فيها ، ظن بأن بذور الحياة غير موجودة فيها . تبقى بذور النعناع في التراب . تبقى بذور البقاء في البقاء ، الى أن تتهيأ لها ظروفها فتنفلق النوى داخل التراب ، وتبني جذورا لها ، تمدها الى حيث وقودها في حبات التراب ، تعرف كيف تحركها ، وماذا تأخذه وماذا تتركه . تفعل كل ذلك في الخفاء ، وتطور عودها ، وتمده الى أعلى ، الى حيث النور والهواء ، وتعانق الشمس ، وتنمو وتورق وتثمر ، وهذا همس الحرية قد تعالى من بين الأوجاع والأحزان وتنامى ، فكل قطرة دم وكل دمعة تركت في العقل دلالة ومعنى .
واني أسمع الآن صدى الأمل رنانا وسط هذه الأجواء المتجهمة .. أما تسمعه ؟ أما ترى الأمل يحلق بأجنحة الحرية ، ويومىء الينا بأن أحزان الأحرار ما كان لها أن تجفف ارادة لهم ، وانما تضيف اليها تماسكا ومقدرة وحدة في الاتجاه ، فالضياع الذي ظنوه نتاجا تلقائيا للاقتلاع وسفك الدماء والتشريد والشتات ، قد استحال ارادة تجعل الفشل مأوى لكل ضياع يبدعونه لنا في كل ليل ونهار .
وها هي الارادة تتعذب وتشقى وتتخضب بالدماء ، وتقوم في كل مرة ، من عذابها ومن شقائها ، وهي أكثر مقدرة على الاستمرار في الطريق الى الأمل .
وها أنا كما الأرض أتمزق شوقا الى الحياة ، الى الفرح ، ويا طالما سألتني وأنت تنظر الى الشفق الأحمر ، متى ؟ متى نفرح ؟ ، متى تغني معنا الدنيا أنشودة الفرح ، متى تبتسم لنا هذه الدنيا ؟ . والى متى تظل كشرتها تملأ حياتنا ، وكنت كما القضية ترتعش من شدة الانفعال بما تؤمن به ، وحتى صرير أسنانك كان يقر في أذني وأنت تقول : متى يا أخي ؟ متى نفك أسر أحلامنا . كيف نفك أسر هذا الحلم الذي نحياه بكل ما بنا من فكر وشعور . متى نرى الحلم الرائع المحاصر بآلة الدمار وبالأشواك يفك بيديه هذا الحصار . متى نرى ابتسامة الحلم على شفاه الأطفال . متى ؟! . وكنت تدور حول نفسك مرة واثنتين ، ثم تحضنني وتجهش في البكاء ، ثم تقول ما أقوله لك الآن ، وأنت في هذا الحال الذي يمزق القلب ، أقول اني أريد لهذه الدموع التي تجري سواقي على خدك ، أن تسقي الخطى تسارعا ، فعلى أكتافنا الرواسي الجبال .. صحيح يا أخي ، بأني لا أخشى على الأحرار اذا همت عيونهم بالدموع في يوم مثل الجمعة الحمراء ، لكني أعرف ، وكما تعلمت بين يديك ، بأن سيادتنا على أرضنا تحتاج منا أن نحمل الأرض على أكتافنا . فقم من بين هذه الأحزان ، واجعل الدموع عزيمة ، تحيل الأوزان الثقال الى خفة القطن ، حين نقله من مكان الى مكان ، وليس مثل الدموع عهدا على الوفاء لسيرة الوفاء ، في هذا الوقت الذي ينحني فيه الوفاء أمام آيات الوفاء . فهذا ألق الشهداء في الأنفاس ايذان بارتكاس عصا الظلم وراء حواجز اليأس والانطواء ، فدماء الشهداء حياة وثابة ، مثل طوفان جارف ، لا يترك حطبا ولا شوكا ، ولا سيد الشوك والحطب ، أن يظل قابضا على حبة تراب ، ذاب في حبها الشهداء .
هي صيرورة يصير بها الحاقد مائدة الحقد ، بعد أن كان الحقد يأكل من لحوم الأبرياء ، وذلك مصير كل شر ، اذا ما ظل الخير يمد الحرية بزاد الحياة .
هي سقاية الحرية من وريد كل حر . وكل ربيع يأتي على أكف شتاء ، وكل زهر يفوح عطرا بعدما ارتواء .
فاذا أعز الناس ذابوا في الضياء ، فهم في وعينا ، في هموم ارادتنا ، في شفق الصبح الذي يبشر بأن النهار وشيك الزفاف الى حدقات عيوننا .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف