الأخبار
معظمهم أطفال.. استشهاد وإصابة عشرات المواطنين في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بقطاع غزةالولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروط
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رجل المرحلة بقلم :سهام البيايضة

تاريخ النشر : 2010-07-17
رجل المرحلة بقلم :سهام البيايضة
رجل المرحلة
يقلم :سهام البيايضة

نظرت هدى الى الشارع الممتد أمام مبنى الشركة التي تعمل بها ، كان خاليا إلا من حراسه مشدده انتشرت منذ الصباح الباكر ،جنود مدججين بأسلحتهم الأوتوماتيكية وبخوذ عسكريه وكأنهم في مهمة قتالية وقد امتدت حولهم مساحات واسعة من الأرض الصحراوية لا تسمع بها إلا سكون يمتد الى الأفق الأصفر.
مساحات واسعة حوصرت بسلك شائك عريض يصعب الدخول إليه إلا من خلال وحدة حراسة مشددة وضعت على المدخل الرئيس، مستغربةً هدى هذا الكم الهائل من الحراسة واليقظة الشديدة التي تحاط بها هذه الأبنية التي بمعظمها ورش تصليح وصيانة لا أكثر.

الجميع على أهبة الاستعداد لاستقبال مدير المؤسسة الجديد في زيارته التفقدية الأولى لمشاغل المؤسسة وورشها ، ولشدة حرص المدير الجديد ،أرسل مجموعة أمن وحماية خاصة ، لتتفقد المكان، وقد انتشروا خارج البناء وداخله يلقون الأوامر ويراقبون حركة العاملين ويقيدونها ،يرتدون ملابس سوداء ومجهزين بأجهزة اتصالات حديثة ترصد المكان، غير مكترثين بأشعة شمس الصحراء الحارقة !
أجواء الترقب والحذر، تزداد مع اقتراب ساعة وصول المدير الجديد، تستطيع هدى أن تحس بها مع تحركات الحراسة الخاصة التي زادت من الأجواء المشحونة ،كل شيء حولها يدفعها للتساؤل والاندهاش، فهي لا تزال غريبة بعض الشيء عن هذه الأجواء التي لا تجد لها أي مبرر وهي ترى الجميع يعملون بجدية والتزام.
زميلها في الغرفة المهندس طارق، لا يزال منهمك بتحضير ملفات و مخططات المشاريع التي يعمل عليها والمتوقع أن يطلبها المدير كونها في غاية الأهمية وقد رصدت لها ملايين الدنانير ويشارك بها خبراء أجانب برواتب هائلة من اجل التوجيه والمتابعة.
قالت هدى:اشعر بتوتر شديد، وانتم تتدافعون بهذه الطريقة..انه مجرد مدير ،ونحن نقوم بواجباتنا وأعمالنا على خير ما يرام ..لماذا هذه الجلبة ولماذا هذا الارتباك؟؟
قال زميلها وهو منشغل بمخططاته :أنت لازلت جديدة هنا وستعرفين معنى هذه الأمور قريباَ،إنهم يصنعون لأنفسهم هالات من الرهبة والمظاهر يحصنون انفسهم خلفها و يروعون بها الموظفين الصغار !!
ضحكت هدى قائله :لقد فهمت :تقصد" البرستيج" ؟؟
أجاب زميلها المهندس:إنها ليست المراكز فقط، معظمهم مغيبون عن الهم العام، ولا علاقة لهم بأبناء البلد أو عاداتهم..إنهم يحتمون خلف عباءات السلطة، وبالقوانين التي تسمح لهم برواتب لا يتصورها عقل مواطن بسيط ! إنهم لا يعلمون أكثر مما نعلم ،لا بل ربما اقل منا بكثير لكن المراكز الكبيرة أصبحت لهم بالوراثة والمحسوبية هذه الأيام !
قالت هدى متعجبة :يا الله..ما هذا؟ ، حراسة، جنود، توتر، لم اسمع أو أشاهد مثل هذا من قبل،نظامنا الاجتماعي السائد بيننا يقرب الناس من بعضهم البعض لا يصنفهم كلنا أبناء عائلات ،كبيرنا يعطف على صغيرنا وصغيرنا يحترم كبيرنا وكلنا نخدم الوطن ونعشقه ..ما الذي تغير؟ ما الذي تبدل ؟
طارق :أشياء كثيرة تغيرت ،ولكل مرحلة رجالها ونساءها ،ينتقلون من إدارة الى إدارة ،ومن مؤسسة الى مؤسسة نفس الأشخاص.. من المؤسسات الى الوزارات ثم الى البرلمانات،ضمن توليفة منظمة ومحصورة ،ما أن يغيب احدهم حتى يعود أكثر وقعاً، اقتصادياَ أو استراتيجياً،وخلفهم من يلم فضائحهم ويحمي تخبط قراراتهم ويعطيهم الحق بحاشية من المقربين والأصدقاء بحجة فريق عمل منسجم، دون تغيير يذكر على تقدم العمل أو الإنتاج ،ينطبق عليهم قول: " اسمع جعجعةً ولا أرى طحناً!!".
سمعت هدى صوت هدير سيارات ، اقتربت من النافذة ..اعتقدت للوهلة الأولى إنها في مشهد سينمائي هوليودي!
أربع سيارات جيب من نوع "جيمس"سوداء اللون ،تتقدمها سيارة خامسة ،من نفس اللون لكنها أكثر فخامة واكبر حجما...في حركة موحده فتح المرافقون أبواب سياراتهم مترجلين، وبسرعة أحاطوا بسيارة المدير الذي أسرع احدهم ليفتح له الباب ،وقد أحاطوه كسوار حول معصم ،وقد ارتدى الجميع بذلات باللون الأسود، وربطات عنق موحده عليها شعار المؤسسة ،وعندما ترجل المدير كان هو الوحيد الذي يرتدي ، بنطال عسكري وقميص "تي شيرت" اسود، وحذاء عسكري طويل الساق ، وعندما استدار متوجهاً الى المدخل الرئيس انعكست أشعة الشمس على سلسله فضية اللون عريضة تدلت من رقبته فوق صدره ،وقد حلق رأسه تماما، وارتدى فوق عينيه نظارة شمسية سوداء أظهرت بياض وجهة واحمرار وجنتاه، ولمعان بشرته المتنعمة بحمامات البخار وكريمات المساج الباهظ الثمن !
بحركة سريعة متقنة التدريب ، ركض المرافقون ليلحقوا بخطوات المدير السريعة والخفيفة والتي تعكس رشاقته ولياقته البدنية التي ظهرت على شكله الخارجي القصير الممتلئ لكن ممارسته للرياضة وعنايته بنفسه كانت واضحة ولها أثارها من حيث شكله وحركته !..وفي لحظات اختفى الجميع داخل المبنى، لكن التوتر لا يزال يخيم على المكان الذي لا يزال يعج برجال الأمن.
قالت هدى متحمسة : دخل المدير الى البناء !!..وبسرعة توجهت الى باب مكتبها تريد أن تنظر الى حال الموظفين الذين التزموا مكاتبهم، وما أن وصلت الى الباب حتى شعرت بخروج الزائر من مكتب مدير الشركة متوجهاً الى الباب الرئيس من جديد ..
بذات الحركة السريعة المتقنة التدريب، استقل المدير سيارته الفخمة وبسرعة تحرك المرافقون معه مخليين المكان في لحظات، تلاها سكون وارتياح عام انتشر، وكأن رذاذ عبوة مخدر رشت على الجميع.
قالت هدى مستغربةً وغير مستوعبةً لما تراه:هل حقا يحصل هذا.. في بلدنا؟؟!!
رد زميلها:انه الحقيقية الواقعة.. بدون شك!!
قالت هدى :يا الله .. هذه زيارة استعراضية لا تفقدية !!كل هذا التوتر من اجل زيارة مدتها اقل من خمس دقائق ؟؟كل هذه السيارات وهذه المسافات من العاصمة الى هنا وكل هذه التكاليف من اجل زيارة مدتها اقل من خمس دقائق؟؟..يا خسارة حرق الأعصاب !!
احتضن المهندس طارق أوراقه ومخططاته بين ذراعية متوجها الى النافذة .
سألته هدى:ماذا ستفعل بهذه الملفات وهذه المخططات الآن ؟
قال طارق وهو ينظر الى الموكب المبتعد، بسرعة كبيرة :سأعيدها الى مكانها. في الخزانة!!..وفي لحظات غاب موكب المدير خلف سراب الأفق القاحل الممتد عبر صحراء الحماد القاسية!!
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف