حيلة المكان ... بقلم دعاء الجيلاني
تبدأ حيل المكان علينا، عندما يهاجمنا بتياراته المضادة، ليرمي لنا فتات ذاكرة من ذاكرة تنضج في عقولنا وقلوبنا دوما، فنتخبط في تلك الذاكرة ونبحث فيها وكأننا نبحث عن رغيف ما بعد الفتات... ما بعد الحطام ، مكان اعتدنا عليه دوما، وكنا حريصين على تدليله بكل ما نحمل من حكايات، لم نشعر بذواتنا الا ونحن نعيش فيه، نسكنه ويسكننا، نشعر به بغيابه، نستحضره، ويشعر بنا في غيابنا ولكن عبثا لا يحرص على استحضارنا ، بل نحن من نستحضر انفسنا به، نحاول ابقاء كل اشياءنا حتى تلك البسيطة، كل تفاصيلنا به، نكتب على اشجاره اسماءنا، نحفر قلوبا لم نرسمها يوما الا على الاشجار وحنايا الكتب، والدفاتر، وفي مقدمة الاقلام ، وبين اسقف الاحلام التي بنيناها في باحاته الواسعة، دون ان تعترضها اية حدود، او زمن ما، لذلك فاني احقد على الساعة لانها دوما تفاجئني بلحظات صمت اطول من مساحات كلماتي، اطول مما احتويه من قدرة على التعبير، على الافصاح عما يجول بخاطري... وبين رقعة الصمت والكلمات تذوب ارواحنا في مكان تالفنا به مع ارواحنا ... فنخلص له، ونهبه كل ما نملك وما لا نملك، وبقدر اخلاصنا له فانه ايضا يخلص لنا، ولكنه يحتال على ذاكرتنا عندما يختزلها كذاكرة مؤقتة فيتخلى عنا، لنضطر الى هجره في وقت لا نستعد به للهجرة، ولا نملك جواز سفر يؤهلنا لعبور اماكن لا تشبه حدود ذلك المكان، فنتألم ... نسرق اجمل لحظات لنا فيه، لنحتفظ بها وبماديتها في صناديقنا الخاصة، فنحتال على انفسنا لان ذاكرتنا كانت قد اخترقت كل ما في صناديقنا المغلقة من اشياء، تلك الاشياء ليست الا ادلة مادية، تورطنا بما وراءها من افق توطدت صلتنا بها... وفي اثناء استعدادنا للرحيل، فاننا نختصر العمر في ذلك المكان بدقيقة حداد... على مكان لن يرتدي الحداد بعدنا ، فيمر الوقت، فنذكره ونذكر هؤلاء الذين لازالوا يسكنونا ويبسطون نفوذهم علينا ، تماما مثل المكان، هؤلاء معهم فقط تعلمت انه يمكننا استحضارهم متى شئنا حتى لو لم يكونوا حقا حاضرين ... يمكننا ان نبكي على اكتافهم دون ان نشعر بأننا قد بللنا ذلك المكان... يمكننا ان نضحك معهم دون ان نفكر بصدى ضحكتنا وموجات صوتها...معهم تعلمت ان ارسم احلامي واقعا وان انطلق الى حياة بعيدة عن الخيال الى واقع خيالي...
وفي يوم ما نعود للمكان كالاغراب... فيعود ليبرهن لنا اخلاصه... عندما يمنحنا رحيق الذاكرة التي لا زالت تنبض بنا، وعندما نستنشق تلك الرائحة...يعود المكان ليحيي لنا كل ما مضى من جديد ليؤكد لنا اخلاصه... لذلك احترم المكان لانه دائم الاخلاص !
تبدأ حيل المكان علينا، عندما يهاجمنا بتياراته المضادة، ليرمي لنا فتات ذاكرة من ذاكرة تنضج في عقولنا وقلوبنا دوما، فنتخبط في تلك الذاكرة ونبحث فيها وكأننا نبحث عن رغيف ما بعد الفتات... ما بعد الحطام ، مكان اعتدنا عليه دوما، وكنا حريصين على تدليله بكل ما نحمل من حكايات، لم نشعر بذواتنا الا ونحن نعيش فيه، نسكنه ويسكننا، نشعر به بغيابه، نستحضره، ويشعر بنا في غيابنا ولكن عبثا لا يحرص على استحضارنا ، بل نحن من نستحضر انفسنا به، نحاول ابقاء كل اشياءنا حتى تلك البسيطة، كل تفاصيلنا به، نكتب على اشجاره اسماءنا، نحفر قلوبا لم نرسمها يوما الا على الاشجار وحنايا الكتب، والدفاتر، وفي مقدمة الاقلام ، وبين اسقف الاحلام التي بنيناها في باحاته الواسعة، دون ان تعترضها اية حدود، او زمن ما، لذلك فاني احقد على الساعة لانها دوما تفاجئني بلحظات صمت اطول من مساحات كلماتي، اطول مما احتويه من قدرة على التعبير، على الافصاح عما يجول بخاطري... وبين رقعة الصمت والكلمات تذوب ارواحنا في مكان تالفنا به مع ارواحنا ... فنخلص له، ونهبه كل ما نملك وما لا نملك، وبقدر اخلاصنا له فانه ايضا يخلص لنا، ولكنه يحتال على ذاكرتنا عندما يختزلها كذاكرة مؤقتة فيتخلى عنا، لنضطر الى هجره في وقت لا نستعد به للهجرة، ولا نملك جواز سفر يؤهلنا لعبور اماكن لا تشبه حدود ذلك المكان، فنتألم ... نسرق اجمل لحظات لنا فيه، لنحتفظ بها وبماديتها في صناديقنا الخاصة، فنحتال على انفسنا لان ذاكرتنا كانت قد اخترقت كل ما في صناديقنا المغلقة من اشياء، تلك الاشياء ليست الا ادلة مادية، تورطنا بما وراءها من افق توطدت صلتنا بها... وفي اثناء استعدادنا للرحيل، فاننا نختصر العمر في ذلك المكان بدقيقة حداد... على مكان لن يرتدي الحداد بعدنا ، فيمر الوقت، فنذكره ونذكر هؤلاء الذين لازالوا يسكنونا ويبسطون نفوذهم علينا ، تماما مثل المكان، هؤلاء معهم فقط تعلمت انه يمكننا استحضارهم متى شئنا حتى لو لم يكونوا حقا حاضرين ... يمكننا ان نبكي على اكتافهم دون ان نشعر بأننا قد بللنا ذلك المكان... يمكننا ان نضحك معهم دون ان نفكر بصدى ضحكتنا وموجات صوتها...معهم تعلمت ان ارسم احلامي واقعا وان انطلق الى حياة بعيدة عن الخيال الى واقع خيالي...
وفي يوم ما نعود للمكان كالاغراب... فيعود ليبرهن لنا اخلاصه... عندما يمنحنا رحيق الذاكرة التي لا زالت تنبض بنا، وعندما نستنشق تلك الرائحة...يعود المكان ليحيي لنا كل ما مضى من جديد ليؤكد لنا اخلاصه... لذلك احترم المكان لانه دائم الاخلاص !