الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحلة إلى الأعماق - رواية من الخيال العلمي بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2010-07-15
رحلة إلى الأعماق - رواية من الخيال العلمي بقلم:نزار ب. الزين
رحلة إلى الأعماق
رواية من الخيال العلمي
نزار ب. الزين*
الفصل الخامس
كانوا جميعا منشغلين بالمراقبة ، و كعادتهم ، كان يراقب عبر المناظير كل من د.حمود و د.مجدي و د .هشام ، في حين آثر متابعة المشاهد المتلاحقة عبر شاشات الرادار و كاميرات الفيديو كل من د.عبد الله و د. رياض .
تلال ، وهاد ، هضاب ، سهول ، و وديان تعج بالحياة الحيوانية المائية منها العملاق كبعض أنواع الأخطبوط و الحبار ، و قناديل البحر و الربيان و الديدان الأنبوبية ، فلقد أدهشهم قنديل بحر عملاق بقطر ثلاثة أمتار و لا يقل وزنه عن الطن و النصف ، و شاهدوا كذلك ديدان أنبوبية يصل طولها إلى حوالي خمسة أمتار تبدو و كأنها مغروسة في رمال إحدى الهضاب القاعية ، كما شاهدوا قواقع عملاقة تتسع الواحدة منها لإنسان .
و منها كذلك المخلوقات المتناهية الصغر التي لا يتجاوز طولها الملليمتر ؛ أما الحياة النباتية فهي أشد غرابة : غابات من شجيرات طحلبية و أخرى تتكون من سوق عملاقة يتلاعب بها الماء ، و غابات أخرى من الإسفنجيات و المرجانيات ..بينما تناثرت القواقع في كل مكان ... أما الألوان فهي أكثر تنوعا و زهوا من تلك التي تغطي سطح الأرض .
قال الدكتور عبد الله :
- أتدرون يا إخوان ، أشعر أنني على متن طائرة تحلق فوق سطح الأرض بتضاريسها المتنوعة ، على علو منخفض يسمح لي برؤية كل التفاصيل ، لولا أن ما يحيطنا هنا أشد ظلمة ، و لولا أن كشافاتنا لا تغطي إلا مساحات محدودة .
لا يجيبه أحد فقد بهرتهم جميعا هذه المناظر العجيبة ، و لكن بعد دقائق أجابه الدكتور مجدي :
= و نحلق أيضا فوق البراكين و أنهار اللافا المشتعلة ، نحن نطفئ النار بالماء ، و هنا نار تنبثق في قلب الماء فلا يطفئها !...
ذلك أنهم كانوا يرصدون – من حين لآخر - شقوقا بركانية أو فوهات بركانية تنبعث منها الصهيرة الملتهبة ، بثبات و استمرار مشكلة جداولا نارية ، و أحيانا أخرى تنبثق من الوديان مادة سوداء شبيهة بدخان المصانع تتصاعد لمسافات عالية .
يعلق الدكتور حمود :
- قرأت ذات مرة لأحد العلماء :" أن الإنسان يعلم عن المريخ أكثر مما يعلم عن المحيطات " و ما ترونه يا أعزائي هو توكيد لكلام ذلك العالم .
يعلو صوت الدكتور عبد الله قائلا :
- نحن الآن على عمق سبعة آلاف متر ، الم تلاحظوا أن الحركة هدأت من حولنا ، أي لا أسماك و لا نباتات ..مجرد صحراء قاحلة .
يجيبه الدكتور مجدي :
= حتى التلال و الهضاب و الوديان تجردت من النباتات و لم يبق ظاهرا غير الصخور بأشكالها الغريبة ..
يعلق الدكتور حمود :
__ حتى الكشافات الضوئية لم تعد تكشف إلا مزيدا من الظلام ..
يردد الدكتور عبد الله :
- ثمانية آلاف متر ...
- تسعة آلاف متر ..
- عشرة آلاف متر
يصيح الدكتور حمود فرحا :
__ عشرة آلاف متر ، عمق لم يصل إليه بشر من قبل ، إنه لفتح مبين في دنيا العلوم يا أحبائي ..
أجابه الدكتور هشام :
= الله و أكبر ، مركبتنا لم تتأثر حتى في هذا العمق الكبير ، حيث يوازي الضغط هنا وزن دايناصور فوق صرصور ، إنه فتح مبين في عالم السبائك المعدنية أيها الإخوان ، إننا نرتقي من نصر إلى نصر و من نجاح إلى نجاح ..
ثم التفت إلى الدكتور حمود قائلا و قد تملكته الفرحة :
= أخبر والدك يا حمود بأننا بلغنا هذا العمق غير المسبوق .. أخبره بكل ما شاهدناه فلسوف يبتهج ..و دعه يتصل بأهلنا و يطمئنهم عنا كالعادة و اسأله ما إذا كان لديه رسائل لنا ...

بعد دقائق من حديث د. حمود إلى والده ، التفت إلى زملائه مبشرا :
- لقد دعا والدي من يشاء من عائلاتكم للحضور إلى دبي و النزول في أفخم الفنادق ، على حسابه الخاص ، و من الفندق سوف يتصلون بكم و تتصلون بهم عن طريق الصوت و الصورة ..
و لكن مجدي و هشام قاطعاه صائحين في صوت واحد : " يا الله .. ما هذا الذي نراه ؟!!"
أجسام مضيئة تحوم حول المركبة ، تتخذ شكل البشر و لكن بدون ملامح ، فلا عيون و لا أفواه و لا أنوف مجرد أجسام و رؤوس بأحجام متشابهة ..
تتكاثر الآن .. و تقترب أكثر من المركبة
يصيح مجدي بصوت مرتعش :
- هدئ السرعة يا رياض ( يا خويا ) ، لنتأكد أننا لسنا نحلم أو نتوهم ..!
يجيبه د.حمود و قد استبد به الفضول :
= مخلوقات - أيا كانت - في هذا العمق ؟!! يا للدهشة .. يا للعجب .. سبحان مالك الملك !!!
رد عليه د.عبد الله :
- قلت لكم في السابق أننا زرنا جمهورية أتلنتيا ، خلال الزمن المفقود ، فظننتموني أتوهم ، و الآن هل نحن جميعا متوهمون ، أم لعل حمى جديدة ، فلنسمها حمى الأعماق ، قد أصابتنا جميعا ؟؟!
انبرى د.هشام للإجابة قائلا :
= تعاودني من حين لآخر ومضات عن مجتمع شاهدناه و عشنا بين أفراده لفترة ، مجتمع يعيش ضمن منظومة يوتيبية ، مجتمع يشبه جمهورية أفلاطون المثالية التي طالما قرأنا عنها عندما كنا في المدرسة الثانوية ، مجتمع يعيش في الأعماق ؛ فلعلك على صواب يا عبد الله في كل ما ذهبت إليه ، و لكن دماغي حتى الآن غير قادرة على تجميع تلك الومضات .
يعقب الدكتور حمود منبها :
- دعونا الآن من تجربة الزمن الضائع ، و لنتأمل تجربتنا المدهشة التي نعايشها الآن ، و لكن كيف لنا أن نتواصل مع هذه المخلوقات العجيبة ؟
ثم أضاف في رجاء :
= هل تسجل كل شيء يا أخي عبد الله ؟
ضحك عبد الله ، ثم أجابه :
- في الزمن الضائع كنت أسجل كل شيء حتى بلوغنا الزمن الضائع ، و لكن يدا خفية مسحت كل ما سجلته كما مسحت كل ما سجلته أدمغتنا ، و إن كنا – على مايبدو – قد بدأنا نسترجع ما سجل فيها !
- و قبل أن يجيبه هشام صاح مجدي منفعلا هلعا :
= إنهم هنا .. انهم هنا ..إنهم هنا ..

جمدتهم المفاجأة ، فجحظت عيونهم و فغرت أفواههم و تدلت ألسنتهم ، ذلك أن اثنين من تلك المخلوقات المشعة التي لا زالت تحوم حول مركبتهم ، تسربا إلى الداخل ..
بدأ أحدهما يرطن بعدة لغات و مع كل لغة كان لون جبينه يتغير ، و كأنه يبغي التعرف على لغتهم ، فوفر عليه الدكتور حمود المشقة قائلا بصوت مرتبك : " نحن عرب " ، و فجأة تغير لون جبينيهما معا إلى اللون البرتقالي ، و سرعانما نطق أحدهما بلغة عربية فصحى ، و لكن بصوت رفيع هامس ، بالكاد يمكن سماعه :
- إذًا أنتم عرب ؟؟!! و ماذا أتى بكم إلى هذه الأعماق التي لم يسبقكم إليها أحد ، يا عرب ؟
= نحن مجموعة من العلماء العرب ، في رحلة استكشافية .
أجابه الدكتور حمود ، الذي فوجئ و الآخرين بهما يضحكان ، مما استفز الدكتور هشام ، فصاح بهما غاضبا :
= و ما المضحك في الأمر ؟ هل أصبح العرب مادة للسخرية حتى لغير البشر ؟ و لكنكما حتى الآن لم تخبرانا من أنتما ، و بأي حق دخلتما هنا دون استئذان ، و كيف اقتحمتما مركبتنا و تسللتما إليها ؟
اعتذرا بصوت واحد ، ثم أضاف أحدهما قائلا :
- دوما أنتم سريعو الغضب يا عرب ، نحن لم نكن نسخر و لكننا كنا نبدي استغرابنا ، فنحن نعلم أن العرب دخلوا عصر الظلمات منذ انهيار الخلافة العباسية في المشرق و الأموية في الأندلس ...أي منذ تحررت أوربا من عصر الظلمات !
أجابه الدكتور عبد الله بمزيج من الهدوء و الدهشة :
= أنتم تعرفون تاريخنا أيضا ؟ و لكن لك الحق فيما ذهبت إليه ... إلا أن الأمور تتبدل ، فهناك الكثير الكثير من العلماء العرب من جميع التخصصات ، منتشرين في كل مكان فوق المعمورة ، للأسف لم يجمعهم جامع في جهد عربي مشترك ، و لعلنا قد ابتدأنا – نحن - مسيرة علمية عربية من جديد ، كما ترى .
تناول الدكتور حمود الحديث مجددا قائلا بجدية و حزم :
- لم تجبانا حتى الآن على تساؤلاتنا ؛ من أنتما و هؤلاء المحيطين بالمركبة من كل صوب ، و كيف اخترقتما دروع المركبة التي لم يخترقها الضغط الهائل أو الماء المحيط ، كيف دخلتما إلينا ، و كبف تعيشون في عمق أحد عشر ألف مترا ....
- - نحن من أسميتمونا بالجن ، و أسمانا الآخرون بالأشباح ، و غيرهم بالأرواح الهائمة ، نحن مخلوقات من " المادة المعتمة ! " .
و أكمل زميله قائلا :
= كنا - و لا زال بعضنا - نتجول على سطح الأرض دون أن يرانا أحد فنحن غير مرئيين فوق السطح ، و لكننا هنا في الأعماق السحيقة ، و تحت ظروف الضغط الهائل ، فإن قدرتنا على التخفي تزول .
يلتفت الدكتور هشام إلى الدكتور عبد الله سائلا :
- هل سمعت أو قرأت عن المادة المعتمة ؟
يجيبه :
= في السنوات الأخيرة بدأ العلماء يتحدثون عنها و يحاولون اكتشاف كنهها ، و قرأت مؤخرا أنها تشكل النسيج الجامع غير المرئي لمجرات الفضاء ، و أن %90 من المادة الموجودة في مجرة نموذجية هي مادة غير مرئية ؛ هذا كل ما أعرفه .

يتجاهل أحد المخلوقين الحوار الدائر بين الدكتور عبد الله و الدكتور هشام ، ليستأنف حديثه قائلا :
- نحن نعيش في مملكة كبيرة و نتكاثر بطريقة التناسخ ، يستطيع الواحد منا أن يصدر نسخة عنه كل ثلاثة أعوام ، و لكننا لا نحتاج إلى الغذاء مثلكم و بالتالي نحن لا نتصارع من أجل الغذاء و الماء العذب كما تفعلون ، فغذاؤنا نستخلصه من أحد أنواع الأملاح و لسنا بحاجة للماء العذب ، أما هواؤنا فنستخرجه من ماء المحيط ، و كلاهما - الملح و الماء - عنصران متوفران بكثرة كما ترون ..
أجابه الدكتور مجدي و قد بدا عليه الإنفعال :
- إذاً ، فالأساطير التي حيكت عن الجن و الأشباح ، ليست مجرد أساطير و أوهام .
= كلها ، لها أساس من الصحة و لكن البشر يميلون إلى المبالغة فيما يشاهدونه و ينسجون حوله من بنات أفكارهم ،
أجابه أحدهما ، ثم أضاف :
= كنا نظهر في الغالب لمساعدة الناس المحتاجين في أزماتهم الحادة ، فكان يصدق تجاربهم البسطاء منهم ، و يكذبها من يدعون أنهم أكثر ذكاء ، و كثيرا ما كانوا يتهمون ذوي التجربة بالهلوسة أو الجنون أو ممارسة السحر أو محالفة الشيطان..و كلها أقاويل ظالمة لا أساس لها ..
يضيف المخلوق الآخر :
= كنا نظهر أحيانا لمداعبة إنسان يائس لنشفيه من يأسه ، أو رجل مصاب بمرض الخوف لنحرره من خوفه .
يصمت الجميع و كأن على رؤوسهم الطير ، ثم يرفع الدكتور هشام رأسه و قد استبد به الفضول ، ليسأل الزائرين :
- و ماذا عن التقمص في أجساد بعض المدعين ؟
ضحكا معا ، و لكن سرعانما عقب أحدهما :
= عفوك ، نحن لا نسخر منك أو من سؤالك ، بل كان سؤالك مفاجئا ، و إجابته فيها بعض طرافة ؛ في حقيقة الأمر فإن بعضنا يشعر بميل كبير لإنسان ما أو يجتذبه مجاله المغناطيسي – أنتم تعلمون طبعا أن لكل إنسان مجاله المغناطيسي - فإذا بقي أحدنا فوق السطح مدة طويلة قد يتفاعل عاطفيا مع مجموعة بشرية أو فرد بشري ، أو ربما يدفعه الفضول الشديد ليعرف عن البشر أكثر ، فيتقمص أحدهم ليتعرف على أسلوب حياته و طريقة تفكيره ، و هناك الكثير من حالات التقمص كانت تساعد البعض و تجعل حياتهم أكثر إشراقا و يسرا .
يسأله الدكتور حمود :
- كيف تتعرفون على بعضكم بعضا و أنتم متشابهون ؟ هل لديكم أسماء مثلا ؟ ، فأنا لم أستطع حتى الآن التمييز بينكما !
يجيبه أحدهما :
= كل منا لديه علامة مميزة على صدره ، اقترب مني قليلا فستجد فوق صدري بقعة صغيرة بلون مغاير ، فكل منا لديه لونه الخاص فهو اسمه و علامته الفارقة ، فأنا إسمي ( ميمون ) و لون علامتي أخضر مصفر ، و إن كل من يحمل هذا اللون في المملكة فإسمه ميمون ، و أنا بالمناسبة أحد مستشاري ملك المملكة المعتمة ؛ أما زميلي فإسمه ( زينون ) و تميزه البقعة الوردية و كل من يحمل البقعة الوردية إسمه زينون ، و زميلي هذا هو وزير العمران في المملكة .
يسأله الدكتور رياض :
- ألاحظ أنكما تستخدمان كلمة كنا و كنا ، هل تعنيان ، أن شعبكم أقلع عن زيارة سطح الأرض و ما عليها من بشر ؟
يجيبه ( زينون ) :
= منذ أن بدأ الإنسان بتجارب السلاح النووي و استخدامه في اليابان علنا و في مناطق أخرى سرا ، و منذ حرصت بعض الدول على تخزينه و التهديد به ، و منذ أن تكاثرت المفاعلات النووية لصناعة القنابل النووية أو لتوليد الطاقة ، أو تسيير مركبات بحرية باستخدامها ، تكاثرت في الجو الإشعاعات ، التي أخذت تضر بنا و تحد من تكاثرنا ، فآثرنا العزلة في الأعماق لتجنب هذا الخطر الوبيل ، و مع ذلك فإن بعضنا لا زال يجازف بالذهاب إلى السطح لسبب أو لآخر ليفقد بالتالي قدرته على الاستنساخ ، و لكن أصبح نادرا ما يحدث ذلك .
بعد أن اطمأن الجميع إلى سلامة نية ميمون و زينون ، و أنهما من علية هذه المخلوقات ، بدؤوا يتداولون معهما حول بعض الأحداث الأسطورية و تفسيراتها ؛ و فجأة تذكر الدكتور مجدي أمرا هاما ، فقطع النقاش سائلا :
- حدثتمونا عن ماهيتكم و عن أسلوب حياتكم و لكن لم تخبرونا ما إذا كنتم تتعرضون للموت مثلنا أم أنكم خالدون ؟
يجيبه زينون :
= يعيش واحدنا حوالي ثلاثة آلاف سنة ، ثم يختفي ، و نعتقد أنه مع أرواح البشر التي هي أيضا من المادة المعتمة ، يسافر عبر الثقوب السوداء أو ما تسمونه بالبرزخ إلى عالم آخر ، تسوده المحبة و السلام .
يصمت الجميع مفكرين بهذه المعلومات التي تفسر الكثير ، و لكن الدكتور رياض لا يلبث أن يطرح سؤالا آخر :
- هذا يعني أن الروح حقيقة مؤكدة !
يجيبه :
= طبعا هي حقيقة ، و أبسط برهان على ذلك ، أن ملايين من خلايا المخ تموت يوميا ، و لكن وعي الإنسان يظل كما هو ، فالوعي هو الروح .
يسأله الدكتور رياض :
- و ماذا عن قدرتكم على التحول ؟ كما تتداولها الساطير ؟!
و لدهشتهم الكبيرة ، تصدى ميمون للإجابة عمليا ، فتحول إلى حصان عربي أصيل ، ثم إلى قط شيرازي جميل ، ثم إلى فأر أبيض من فئران التجارب ، ثم إلى فتاة في ريعان الصبا و أوج الجمال ، ثم عاد كما كان ..

كان ذهول الأصدقاء العلماء كبيرا لدى رؤيتهم ميمون يتحول من شكل إلى آخر ، و كان ذهولهم أكبر عندما تولى زينون قيادة المركبة ، متجها بهم نحو المملكة ، في رحلة سياحية إستكشافية لم يكونوا ليحلموا بمثلها ..
بعد الولوج في نفق طويل يزيد طوله عن المائة كيلومتر ، التفت ميمون إليهم قائلا :
- لن تتمكن مركبتكم من المضي قدما فبقية النفق أضيق من أن يتسع لها ، و لا بد لكم من الخروج منها .
يجيبه الدكتور هشام :
= هذا مستحيل يا أخي ميمون ، فإن أجسامنا لن تحتمل الضغط الهائل ، و بمجرد أن نفتح باب المركبة العلوي ، فإن كل شيء بما فيه المركبة و أجسادنا ، ستنفجر و تتناثر أشلاء ..
يضحك ميمون و يقهقه زينون ثم كالعادة يعتذران مبررين ضحكهما ؛ فيقول ميمون :
- و من قال أننا سنترككم لهذه النهاية المأسوية ؟؟
سنحيط مركبتكم بفقاعة من المادة المعتمة ، و عندما تكتمل الفقاعة حول المركبة ، يمكنكم حينئذ ، فتح الباب العلوي و الخروج من المركبة . و فوق سطح المركبة سنحيط كل منكم بفقاعة من المادة المعتمة ذاتها تناسب حجمه ، و عندئذ يمكنكم التحرك داخل المملكة بحرية ، و يسرني أن أظل مرشدكم السياحي .
===========
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف