شبح العوز
في واحة الزمان اختبأ بالقرب من بركة يئن فيها نقيق الضفادع، وفي حفرة خلف نخلتي المريضة دفن أسراره وثيابه القديمة، استتر وأخفى تلك العورة ولبس الجناحان، وطار معلناً السلام، غطى سواد قلبه بنعومة كلماته وبكلمات المصابرة...
حجب عني الشمس عندما سمعني أتمتم ببعض الحروف، خشي أن تصعد همساتي السماء، فأرهبني حتى فتّتَ الصمت ما بقي من شتات كلمات، فوضعت يديّ المتعبتين على شفاه قلبي الجريح لأسكته إلا أنه استمر سراً بلعن ذلك الأسود...
جمعت أمتعتي وقلمي وبقايا وريقات متناثرة فوق طاولتي الصغيرة، هذه الطاولة هي الشيء الوحيد الذي بقي معي من ذاكرتي القديمة، أهداني إياها جدي عندما نجحت في الصف الثالث الإعدادي بدرجات عالية، أفرحتُه كثيراً ووعدني بأن يُهديَني حاسوباً في الثالث الثانوي إذا طال به العمر بشرط أن أثابر على تفوقي، ولسوء حظي مات جدي، ليس لأنه لم يجلب لي ما وعدني به لكن لأنه كان رمز العطاء والحب وملهمي حروفي وكلماتي، آهٍ كم اشتاق له... فتلك الطاولة تساوي أكثر من نصف حياتي، أما النصف الآخر فلِمَا تبقى من أشياء الحياة. وأخذت أيضاً سريري الخشبي المتنقل - الذي أكل عليه الدهر وشرب لكنه يحتمل حماقتي وجنوني عندما أغضب، فقد اطلع على أسراري وكتاباتي- والمحبرة الفارغة والريشة المبللة التي تكتب حوالي ثلاثة أسطر فقط. عزمت الرحيل طالبة الأمان الى بلدٍ خلا من حروف ذلك اللعين، حلّقت...ركبت...مشيت ومشيت ومشيت...، جُلتُ أكثر البلاد وطالت رحلتي الشاقة فاسترحت قليلا على ذلك السريرفي حضن طفلتي الصغيرة، إذ بي أرى الذي فررت منه يسابقني ويلاحقني ويلازمني مسيرتي حتى في لذة نومي يهاجمني، وبلعب أطفالي وقبضة بابي وتجاعيد وجهي، فأعلنت استقالة الحياة ووضعت قلمي تحت وسادتي وأخذت إجازة من الحب وكسّرت أجنحة قلبي، فتطايرت شظاياه على دفوف الفرح في الساحات، إلى حين أن يولي هاربا أو ميتاً، واسترحت استراحة المحارب المنهك الذي أتعبه الجوع والظمأ وشدة القتال، وفجأة سمعت صوتاً يناديني مادلين مادلين انتصرنا.... فخلعت ثوبي الأسود ونهضت من حفرتي الصغيرة ودفنته فيها.
في واحة الزمان اختبأ بالقرب من بركة يئن فيها نقيق الضفادع، وفي حفرة خلف نخلتي المريضة دفن أسراره وثيابه القديمة، استتر وأخفى تلك العورة ولبس الجناحان، وطار معلناً السلام، غطى سواد قلبه بنعومة كلماته وبكلمات المصابرة...
حجب عني الشمس عندما سمعني أتمتم ببعض الحروف، خشي أن تصعد همساتي السماء، فأرهبني حتى فتّتَ الصمت ما بقي من شتات كلمات، فوضعت يديّ المتعبتين على شفاه قلبي الجريح لأسكته إلا أنه استمر سراً بلعن ذلك الأسود...
جمعت أمتعتي وقلمي وبقايا وريقات متناثرة فوق طاولتي الصغيرة، هذه الطاولة هي الشيء الوحيد الذي بقي معي من ذاكرتي القديمة، أهداني إياها جدي عندما نجحت في الصف الثالث الإعدادي بدرجات عالية، أفرحتُه كثيراً ووعدني بأن يُهديَني حاسوباً في الثالث الثانوي إذا طال به العمر بشرط أن أثابر على تفوقي، ولسوء حظي مات جدي، ليس لأنه لم يجلب لي ما وعدني به لكن لأنه كان رمز العطاء والحب وملهمي حروفي وكلماتي، آهٍ كم اشتاق له... فتلك الطاولة تساوي أكثر من نصف حياتي، أما النصف الآخر فلِمَا تبقى من أشياء الحياة. وأخذت أيضاً سريري الخشبي المتنقل - الذي أكل عليه الدهر وشرب لكنه يحتمل حماقتي وجنوني عندما أغضب، فقد اطلع على أسراري وكتاباتي- والمحبرة الفارغة والريشة المبللة التي تكتب حوالي ثلاثة أسطر فقط. عزمت الرحيل طالبة الأمان الى بلدٍ خلا من حروف ذلك اللعين، حلّقت...ركبت...مشيت ومشيت ومشيت...، جُلتُ أكثر البلاد وطالت رحلتي الشاقة فاسترحت قليلا على ذلك السريرفي حضن طفلتي الصغيرة، إذ بي أرى الذي فررت منه يسابقني ويلاحقني ويلازمني مسيرتي حتى في لذة نومي يهاجمني، وبلعب أطفالي وقبضة بابي وتجاعيد وجهي، فأعلنت استقالة الحياة ووضعت قلمي تحت وسادتي وأخذت إجازة من الحب وكسّرت أجنحة قلبي، فتطايرت شظاياه على دفوف الفرح في الساحات، إلى حين أن يولي هاربا أو ميتاً، واسترحت استراحة المحارب المنهك الذي أتعبه الجوع والظمأ وشدة القتال، وفجأة سمعت صوتاً يناديني مادلين مادلين انتصرنا.... فخلعت ثوبي الأسود ونهضت من حفرتي الصغيرة ودفنته فيها.