الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في رواية (يا من أحببت) للروائية فايزة شرف الدين بقلم عزام أبو الحمـام

تاريخ النشر : 2010-07-08
قراءة في رواية (يا من أحببت) للروائية فايزة شرف الدين بقلم عزام أبو الحمـام
أتقدم بهذه القراءة المتواضعة من منظور سوسيولوجي ، فالراوية، أية رواية، غالبا من تتعدد جوانبها وتتنوع محاورها وتتنوع رسائلها أيضا، ورواية الأديبة فايزة شرف الدين، هي من النوع المتعدد رسائلها الاجتماعية وإيحاءاتها الأدبية ولا شك، لكنها – على الأرجح – رغبت في بسط قضية أساسية تتسم بأبعادها الاجتماعية، وتحديدا ظاهرة اجتماعية تتعلق بمسألة الخطوبة والزواج للفتاة في سن مبكرة، والظاهرة مركبة ولها أبعاد أخرى، تبدأ من الزواج المبكر للفتاة أو حتى خطوبتها على الأقل، مرورا بالقرارات الآنية المتسرعة التي تقرر مصير الفتاة بناء على الرغبة في المال أو الرغبة في التخفف من أحمال الفتاة وقطع الطريق على تعليمها، ومرورا بعقد كتاب النكاح أو العقد الشرعي قبل اتضاح مستقبل العلاقة، وليس انتهاء بمعالجة العلاقة بين الطرفين، الخاطب والمخطوبة، أو الزوج والزوجة، حينما تصل إلى طريق مسدود.

الرواية يمكن تلخيصها مع أن في ذلك كثير من التعسف الأدبي والسوسيولوجي بشكل أقل، فتاة تمر في مرحلة المراهقة، تواظب على الذهاب إلى مدرستها، يلحظها احد الشباب الذي يسكن في زاوية من بيت الأسرة، (الطابق الأرضي) يميل إليها وتميل إليه، ينسجا علاقة إعجاب ويتبادلا التعبير عن المشاعر، فالفتاة تمر في مرحلة المراهقة المبكرة أو المتوسطة، وفي هذه المرحلة لا يمكن أن نتوقع سلوكا قويما في مسألة مصير الفتاة وفي الموافقة على اختيار شريكها. كانت تلك هي الرسالة الأساسية - حسب فهمي – التي رغبت الروائية بإبرازها والبرهنة عليها.
من ناحية أخرى، فإن الشاب يتقدم لخطبتها فيحظى بالموافقة السريعة ، ذلك لأنه يعمل في التجارة ويتمتع بوضع مادي حسن جدا، مما يشكل "عريس لقطة" من منظار والديها والمجتمع المحيط أيضا، الذي يبدو أنه مجتمع محدود الإمكانيات ويغلب عليه الفقر عموما، وهذا حال معظم فئات المجتمعات العربية إجمالا.
المشكلة بدأت تبرز بين الطرفين بعد التحاق الفتاة " نها" بالجامعة ، فالخطيب يريد أن يحدد سلوكها هناك وهو لا يريد لها أن تواصل تعليمها الجامعي، هنا نبدأ بالتعرف على سلوكيات الشاب ، وكذلك الفتاة، من خلال الواقع المعاش والتجربة حيث نستطيع كشف توجهات الأفراد من خلال وضعهم على المحكات. الشاب، لا شك أنه يحب الفتاة ، يستعجل الزواج، لذلك كتب كتابهما في وقت مبكر، وبالتالي فهي شرعا وقانونا زوجته ويترتب عليها الخضوع والطاعة، لكن الفتاة بدأت تحس أن حب خطيبها "إيهاب" لم يكن حبا خاصا، إنه حب التملك، تملك شيء ثمين وجميل يزين به حياته ومنزله، لم ينظر " الزوج" لزوجته باعتبارها شريك، بل باعتبارها ملكية خاصة، باعتبارها شيئا يجب أن يراقب وأن يوجه وأن يتلقى الأوامر فحسب، وتلك المشاعر، هي التي نزعت آخر قطرة حب من قلب "نها" وترك فيه جرحا نازفا لأن كل همها صار استرجاع كرامتها وشخصيتها من الرغبة الطاغية للطرف الآخر بالاستحواذ عليها كما لو كانت عمارة أو سيارة أو ربما بهيمة، مثل هذه المشاعر كانت تتعمق في نفسها فتزيد من ماساتها خصوصا أنها باتت أوسع أفقا نتيجة التحاقها بالجامعة والاحتكاك بالمجتمع الواسع.
وكان الأمر قاسيا عليها حينما تأكد أن والديها لا يقيمان وزنا لمشاعرها أو لكرامتها، فكل همهما ينحصر في عدم خسارة " عريس اللقطة" الثري، بصرف النظر عن الكيفية التي يكتسب فيها أمواله، ونتيجة لموقفهما السلبي هذا، فقد فقدت "نها" كل معين من أسرتها ومحيطها الاجتماعي، فالجميع استغرب واستنكر عزوفها عن "عريس لؤطة" في زمن يعز فيه المال ويطلب فيه الثراء لذاته وليس لغرض أكثر سموا.
الكاتبة، خلال مراحل الرواية، تواصل نسج أحداثها بحذاقة أدبية بالغة وإمتاع لا مراء فيه، وهي تستخدم تقنيات روائية متعددة منها الحوار والسرد والاسترجاع (المونولوج) والتصوير ، وهي تتقن فن أرجحة الأحداث وتوتيرها وبالتالي المشاعر والأفكار والتوقعات، فالأزمة تتصاعد إلى ذروة تحسب عندها أن لا مجال للعودة فيها أو تحقيق الانعطاف بعدها مما يوتر القارئ أو يحفزه، لكن الكاتبة سرعان ما تنعطف بأحداث القصة لتجد انفراجة منطقية تجعل القارئ يلتقط أنفاسه ، لكنه قبل أن يستكمل تنفس الصعداء، ما يلبث أن يجد نفسه في صعيد جديد لا يدري كيف سينتهي، وهكذا دواليك حتى آخر الرواية، التي انتهت بنجاح "نها" بالانفصال عن خطيبها – زوجها ، ثم بتحقيق أمنياتها وتطلعاتها بالزواج من "علاء" ذلك الشاب التي التقته صدفة، وتلاقى قلباهما وتحابا ووقف بجانبها طوال فترة محنتها، وظل بالنسبة لها مصدرا حيويا يمدها بالصبر والأمل والثبات ويجنبها الوقوع في اليأس القاتل والتهور الذي لا تحسب عواقبه. وفي هذا النطاق، وجدنا كذلك أن "هدى" صديقة "نها" كانت قبل "علاء" وبعده، طاقة مهمة جدا، من خلالها كانت "نها" تتنفس وتزفر بالضغوطات، ومن خلالها ومن خلال والدها المحامي ، كانت تتلقى الدعم المعنوي والفكري المهمان جدا لمن يقع في محنة من هذا المستوى. وأحسب هنا أن الروائية الكريمة فايزة إنما كانت تتحدث بلسان هدى، أو أنها وضعت نفسها في مكانها شاهدة للأحداث ومستودعا للأسرار، أو بمعنى آخر، فإن هدى هذه ما هي إلا الروائية نفسها، وهذا التركيب يدل على خبرة كبيرة للكاتبة، لأنها لا بد لها أن تبرر معرفتها بكل تلك التفاصيل التي تجتمع لها كراوية تطلع على جوانب متعددة من الموضوع، أما المحامي، فهو أيضا ذو صلة بالروائية مثلما فهمنا من احد المداخلات للروائية.
ما ورد في الفقرة الأخيرة، أو ما ورد حتى الآن، يقودنا لطرح سؤال تحضري من مستويين:
- هل يعني أن الرواية يجب أن تعتمد على أحداث واقعية من بيئتها؟ وأحب أن لا أخوض في هذا لأنه يعتبر بديهيا أن تنهل الروائية من موضوعات بيئتها الاجتماعية. وهذه المسألة، تذكرنا بضرورة الأدب الملتزم بقضايا المجتمع العربي ، خصوصا في هذه الحقبة الزمنية بالذات، حيث تستورد الكثير من التقاليد والسلوكيات دون تمحيص بسبب ما نعيشه من ثورة تكنولوجية واتصالية متواصلة جعلت بيوتنا مسرحا لكل جديد ومستحدث ، أي أننا على وشك فقدان الحصانة إن لم نكن قد فقدناها فعلا.
- المستوى الثاني من السؤال: هل نجحت الروائية في بسط قضية روايتها من الناحية السوسيولوجية (الاجتماعية) ، أم أن اللغة الرومانسية والمعالجة السردية مالت إلى الإمتاع والتشويق على حساب القضية؟ ومثل هذا التساؤل جاء مبطنا في تعقيبات الزملاء وأذكر مثلا أن الزميل زياد صيدم فضل إنهاء الرواية على صدمة وليس على نهاية سعيدة ، أي أن تنتهي بعدم نجاح قضية الفتاة بحيث تعود صاغرة إلى بيت الزوجية ليكون ذلك صدمة للقراء كي يتعمق فهم الخطأ،(في هذه اللحظات أجد من المتعذر فتح التعليقات ولا أعرف لماذا).
ورأيي أن الأمران يستويان، اقصد النهاية السعيدة أو التعسة، لأن الروائية أشبعت القراء بالتداعيات التي ترتبت على قرار قبولها للخطوبة في سن مبكرة، ويكفي مشاهد المحكمة و(المرمطة) التي تجشمتها الفتاة على مدى ربما سنوات أو شهور، وكم تعاطفنا مع الفتاة وهي تعاني الألم والأرق ، وأحسب أن الروائية أجادت هنا وأطلقت رسائل نافذة للفتيات وذويهن لأن الفتاة "نها" أو شكت على الجنون أو الهستيريا.
لا شك أن جوانب للموضوع متعددة ويمكن الإسهاب فيها لولا محددات النشر التي لا تنصح بذلك، لكن يجب التأكيد على ما يلي من نصائح سوسولوجية للرواية:
1- على الفتيات أن يحاذرن الوقوع في خدعة "الحب" ما دمنً على مقاعد الدراسة، خصوصا المدرسية، لأن العواطف ستتغير حينما نواجه الحياة الحقيقية.
2- إياكم وتقييد الفتاة بالخطوبة، فإن حصل النصيب، فلا لكتب الكتاب في بداية الخطوبة، بل لنعط الطرفين فرصة التعارف والتفاهم المتوازن دون ضغوط كتب الكتاب.
3- فإن وقعت الواقعة، أي حصل الشقاق بين الخطيبين أو الزوجين، فلا تتركوا فتياتكم نهبا للضغوطات والابتزاز والهواجس ، لأنها قد تنتهي بها إلى نهايات غير محمودة. لكن بعد إعطائهن فرص متعددة لتحمل المسؤولية وعدم التهور بأي اتجاه.
4- لا يجوز أن تجد الفتاة نفسها بدون مُعين أو نصير من أحد أفراد الأسرة، ولو كان ذلك من غير قناعة، لأن تموضع كافة أفراد الأسرة ضد عضو فيها لصالح فرد من خارجها قد يدفع الفرد (خصوصا الفتاة) إلى سلوك غير محمود، والضغط يولد الانفجار.
كثيرة هي العبر الاجتماعية في الرواية، وراقياً كان السرد ، ومتقناً كان البناء، ومبدعة كانت الروائية فايزة شرف الدين. ولا بد أنني قصرت في بعض الجوانب المهمة لأنني أكتب الآن من حصيلة الذاكرة دون أن أعود لقراءة النصوص مرة أخرى. فالتمس العذر لأي سهو أو خطأ أو إغفال.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف