الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من مغامرات البلعاوي في أنقرة بقلم عزام أبو الحمـام

تاريخ النشر : 2010-07-06
من مغامرات البلعاوي في أنقرة بقلم عزام أبو الحمـام
خرج البلعاوي نهاية شهر حزيران في سفرة إلى تركيا تستغرق أسبوعين مندوبا عن المؤسسة التي يعمل بها مديرا ، وكان غرض الزيارة المشاركة في حلقة بحث من عشرة ايام يشارك بها تسعة وعشرون مندوبا من دول مختلفة يمثلون مؤسساتهم التي يعملون بها كمدراء، وكان البلعاوي وشاب مغربي هما العربيان الوحيدان إلى جانب مندوبين من دول أروبية وآسيوية وأفريقية وبعض دول الاتحاد السوفييتي السابق، فيما كان الشاب الألباني هو المسلم الثالث إلى جانب البلعاوي والمغربي.
ابتدأت الأمور وسارت على أحسن ما يرام في أحد الفنادق الممتازة في احدى الضواحي الجميلة لمدينة أنقرة، كان محمد البلعاوي يعتبر نفسه سفيرا لشعبه وهي فرصة طيبة له أن يشرح بعض جوانب قضيته ومعاناة شعبه، هاله أن بعض المندوبين بالكاد قد سمعوا باسم فلسطين، وهاله أكثر أن كثيرا منهم لا يعرف إلا الشيء القليل عن حقيقة المعاناة التي يسببها الاحتلال، ولذلك فقد حرص على بناء علاقات ثقة معهم جميعا ليتسنى له شرح قضيته.
كان قد لاحظ أن الفتاتين اللتين تمثلان روسيا وبلاروسيا تقوقعتا على بعضهما بعضا وراحتا تمضيان معظم وقتهما معا يساعدهما اللغة المشتركة بينهما، فنجح في جرهما إلى مائدة الأكثرية وجلساتها، ولاحظ أن الألباني المسلم يظهر اهتماما إضافيا فحرص على تخصيص وقت إضافي له عقب انتهاء أعمال الحلقة الدراسية ليشرح له الكثير من جوانب قضيته وقصص كثيرة لمعاناة الناس العاديين على الحواجز وعلى الطرقات وفي مختلف المجالات، وكان الألباني يصر في اليوم التالي على قيام محمد بقص بعض القصص البارزة أمام المجموعة كي يعرفها الجميع.
مضت ثلاثة أيام من الدورة التي كانت تستمر حتى الساعة الثانية ظهرا، ثم يتبع ذلك
استراحة الغداء لتعاود المجموعة النشاط قبيل ساعات المساء في برامج ينظمها الأتراك لزيارة بعض المناطق السياحية والطبيعية .
في اليوم الرابع كان محمد البلعاوي يشكل القاسم المشترك بين جميع المشاركين، لذلك فقد كانت اقتراحاته تلاقي قبولا طيبا من الجميع.
في اليوم الخامس ، وكان يوم استراحة من البرنامج الدراسي، اقترح البلعاوي أن يكسروا الروتين الذي يحصرهم في ردهات الفندق، وذلك بأن يخرجوا صباحا جميعا في رحلة حرة مشيا على الأقدام في بعض شوارع المدينة التي تمتلئ بالورود والمناظر الطبيعية الخلابة، وأن يتناولوا فطورا حرا خارج ردهات الفندق، وكان محمد قد شاهد في احد الجولات المنظمة بالحافلة حقولا جميلة من المشمش فعزم في سره أن يحاول وصولها لجمالها الذي يأخذ بالألباب.
سار الوفد الكبير من شباب وشابات على الأرصفة النظيفة للشارع يتقدمهم محمد في مشيته التي تشبه مشية العسكري الذي يحمل السيف في حرس الشرف، وكانت عيناه تسابقانه نحو الحقول التي بدأت تظهر من بعد مئات الأمتار.
- لقد بدأنا نبتعد عن زحمة المدينة ونقترب من الطبيعة الساحرة. صاح محمد بلغة إنكليزية تشوبها اللكنة العربية من أجل أن يشحن همم الفريق لمزيد من المشي.

وصلوا اخيرا الحقول وهالهم منظرها الرائع وقد تزاحمت أغصان الشجر بثمار المشمش الشهي التي نائت أغصانه لفرط ما تحمل من الثمر الكبير. قال محمد لزميله المغربي ، إنها السنة الوحيدة التي لم اشبع فيها من مشمش بلادنا، إن قريتنا فيها الكثير من شجر المشمش لكنها لم تثمر هذه السنة دون السنوات. ويبدو أنني سأعوض الأمر هنا.
قرروا جميعا أن الأمر يستحق المغامرة، وقرروا الانتظار قليلا وتفحص البستان علهم يجدوا صاحبه فيستأذنوه لقطف بعض الثمر والجلوس تحت الشجر لتناول فطورهم في تلك البيئة الرائعة الجمال. انتظروا وتفحصوا إلى أن عال صبرهم وبسرعة، كان البلعاوي أول من يقفز في بستان المشمش، قالت له الروسية، وماذا لو جاء صاحب البستان؟ قال، لا شيء، ندفع ما يطلبه ونضاعف له.
بداوا في تذوق حبات المشمش بشهية بادية، وفي غمرة فرحهم برز صاحب البستان وزوجته من عمق البستان، وهما فلاحان مسنان، كان الرجل يفتح ذراعيه فيما هو يتحدث بلغته التركية مما يفهم منه الاستغراب والغضب، وزوجته تسانده بصوت أقل حدة فيما يبدو أنها تكرر ما يقوله زوجها.

- تشاليندم ، تشاليندم ، تشاليندم. لقد سرقنا لقد سرقنا.

اسقط في أيدي المجموعة، وامتقعت وجوههم وكأن على رؤوسهم الطير، فيما توجه البعض بعيونه إلى محمد الذي خطا متقدما إلى العجوزين، وبسرعة خاطفة استل محفظته، وراح يصيح في وجههما رافعا محفظته بتردد:

- سبيك انجلش، عربي .

- ، هاير هاير هاير، يوك يووك يوك، صاح الرجل هازا برأسه نفيا.

أدرك محمد أنه لم يبق أمامه غير لغة الإشارة، فراح يحرك يديه ويشير بإصبعه:
- هذا فرنسا، هذا روسيا، هذا مروكو، هذا ألبانيا، طاجكستان، تشاينا،،،
بدأ الرجل العجوز يومئ برأسه دلالة على التفهم فيما بدأ الغضب يتلاشى من وجهه ليحل محله الاستغراب.
- انا،،فلستين،،،فلستين.
- فلستينا ..فلستينا..فلستينا،،كان العجوز يصيح إلى زوجته فيما اغرورقت عيناهما بالدموع وصاحا معا بتأثر:
- فلستينا أوزكنم أوزكنم ( آسف آسف). خطا الرجل العجوز نحو محمد وقبض على معصميه الاثنتين طالبا منه إعادة محفظته إلى جيبه ثم عاود احتضانه.
تغيرت الأجواء العاطفية وانقلبت رأسا على عقب، وعاد المرح والحبور للجميع مما شجعهم على استئذانه بان يتناولوا فطورهم تحت ظلال الأشجار .
أصر محمد على أن يجلس العجوزان معهما ليشاركهما طعام الإفطار، وتحت ظلال الشجر ومع صوت هديل الحمام، كان الجميع يتناول الطعام وكانت دموع العجوزان تفضح تأثرهما بالموقف.

* علمت بالقصة من محمد البلعاوي نفسه هذا اليوم، وأتمنى أن يكون قد وصل مساء هذا اليوم إلى أحضان اسرته الدافئة.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف