
من علـم العـذراء ... الهــوى ؟!!!
بقلم : سـليم فـوزي
لا زال يذكر تلك ألأيام الممتعة التي قضاها في بيروت برفقة زوجته ، فجمال تلك المدينة وطبيعتها الساحرة ، أطفيا على استجمامهما رونقا خاصا ، كم كانا سعيدين وقد بدا على صحة زوجته تحسنا ملحوظا في مرض ألم بها .
لم تدم سعادتهما طويلا ، كانا على موعد مع القدر ، أثناء عودتهما مستقلين مركبته متجهين في إحدى الشوارع الرئيسية إلي الفندق مقر إقامتهما ، وقد نفذ العدو الإسرائيلي عدوانه الغاشم على لبنان بوحشية ، استهدف المدنين بصفة خاصة بعد أن أخفق في القضاء على المقاومة ، في لحظات قلائل اختفت الشمس في سماء داكنة ، تتراقص فيها الغيوم المنبعثة من دخان القذائف والحرائق وكأنها قطعان هائجة من النيران السوداء ، لقد غاب الجمال عن مدينة الجمال واضطربت زرقة البحر ، سمع دوي الانفجارات في كل مكان ، فبدت كامرأة جميلة هشة اختطفها عملاق خرافي بين ذراعيه وهي ترتعش خوفا وبردا في آن واحد .
اقترب بمركبته من الفندق ، لم يستطع إيقافها أمامه بسبب تجمع أناس كثيرون أمام منزل بجوار الفندق قد تعرض لإصابة مباشرة بقذائف إحدى الطائرات الاسرائليه ، هدم على من فيه ، تحول إلي ركام بعد عيان ، هرعت مركبات الإسعاف لنقل الضحايا ، كان من بين الضحايا رجل عجوز وزوجته ، نقلا دون أن تتمكن ابنتاهما الوحيدة من وداعهما ، كانت بدورها راجعة إلى منزلها فوجئت بهذا الحدث الأليم الذي أودى بحياة سندها (والديها ) ، اتكأت برأسها على بقايا من حطام جدار منزلها ، بكتهم طويلا حتى جفت دموعها ، ما زال قلبها باكيا ، رآها وقد لفت انتباههما نحيبها المسموع ، اقتربا منها لمواساتها بفجيعتها، شعرت بوجودهما بجوارها ,رفعت رأسها ذو الشعر الأحمر الكثيف في اتجاههما بدا الإعياء عليها وقد شاب بياض عينيها الزرقاوات حمرة من أثر البكاء ، كانت في مثل عمر ابنتهما ، مما أثر فيهما هذا المشهد كثيراً ، احتضنتها زوجته بين ذراعيها ،اصطحباها إلي الفندق ، حيث قدما لها العون والمواساة ، ومما زادهم تأثرا بحالها أنها لم تكن لبنانية الأصل ، قدم والدها من المغرب العربي إلي بيروت منذ عشرين عاما ، لا تعلم كثيراً عن عائلة والدها ، تعلقا بها ، بموافقتها اصطحباها عائدين إلي وطنهما أملا أن يساعداها في العثور على عائلتها ثم اللحاق بهم
في وطنهما حيث الحياة الرغدة ومكانة الزوج المرموقة في المدينة ، قد كان مالكا لإحدى الشركات الكبرى ، استطاعا توفير الراحة والحياة الكريمة لها ، كما كانت ابنتهما نعم الصديقة ، إلا أنهما عبثا حاولا العثور على عنوان أقاربها في المغرب العربي ، بفضل إيمانها وسعة ثقافتها وتلك العائلة الكريمة ، تغلبت على محنتها ، بدت ابنة السابعة عشر ربيع، مشرقة فواحة الرائحة كزهرة الياسمين مما أطفت عليهم مزيدا من السعادة .
اشتدت حدة المرض على الزوجة الحنونة ، لم تمهلها نوبات القلب المتتالية كثيرا من العمر ، قضت نحبها بعد عام من عودتهما .خيمت على المنزل أجواء حزينة ، أثرت سلبا على كل فرد منهم ، فالأب شعر بوحدته بعد فقدانه رفيقة دربه ، والابنة أرقها حالة أبيها وحزنها على والدتها ولا سيما أنها ستغادر بيت أبيها وستزف إلي خطيبها بعد شهرين ، أما عن الفتاة فقد فكرت بعقل ناضج رغم تأثير الحدث عليها كثيرا ، ارتأت بان تلعب دورا لإخراج هذه الأسرة الكريمة من محنتها وبصفة خاصة رب الأسرة الذي بدت عليه أعراض الانطواء والاكتئاب النفسي ، لمست في ابنته ترحيبا لفكرتها ، حرصتا علا الاقتراب منه كل مساء للتسامر معه ، وها هو بدا يستجيب ويستمع ويشارك في تحاورهم ، وقد أفضت ابتسامة الفتاة وإطلالة وجهها المشرق فيضا من السرور عليه ، فقد أبدا اهتمامه بها و حرص على التقرب إليها ومعرفة المزيد عنها ، لمس فيها ثقافتها العالية ، وروحها المرحة ، فهي تجيد العديد من اللغات تحفظ من الأدب وفنون الشعوب الكثير ، قوية في عزيمتها ، قد تعالت على حزنها وانطلقت نحو الحياة رغم أنها لا تدري كثيرا عن مستقبلها ، أعجب بعذوبة صوتها ، علم أنها تجيد العزف على العديد من الآلات الموسيقية العصرية ، أهـداها ( جيتارة ) ، سرت بذلك كثرا ، أسمعتهما في أمسية لن ينساها الحان شجية وهي تغني أعذب عبارات الحب ، وهي ترتدي تنوره زرقاء وبلوزة بيضاء خفيفة زادتها فتنة ، كم بدت نضرة جميلة كأنها الفرح وشهية كحبة تفاح جبلي لحظة نضوجه .
منذ تلك الأمسية لم يستطع النوم لما لمس فيها من حيوية ، وانطلاقة نحو الحياة ، يعد الساعات منتظرا لقاءها في المساء وفي خلجاته سؤالا مدويا في قلبه ( من علم العذراء ...الهوى ؟ !!! ) ، تبادلا إعجابهما يبعضهما . فقد سحرته بجمالها ، رغم انه في نهاية العقد الرابع من عمره ، مازال وسيما ، لم يستطع الابتعاد عنها ، تزوجا فكانا أسعد زوجين .
......................................................................
بقلم : سـليم فـوزي
لا زال يذكر تلك ألأيام الممتعة التي قضاها في بيروت برفقة زوجته ، فجمال تلك المدينة وطبيعتها الساحرة ، أطفيا على استجمامهما رونقا خاصا ، كم كانا سعيدين وقد بدا على صحة زوجته تحسنا ملحوظا في مرض ألم بها .
لم تدم سعادتهما طويلا ، كانا على موعد مع القدر ، أثناء عودتهما مستقلين مركبته متجهين في إحدى الشوارع الرئيسية إلي الفندق مقر إقامتهما ، وقد نفذ العدو الإسرائيلي عدوانه الغاشم على لبنان بوحشية ، استهدف المدنين بصفة خاصة بعد أن أخفق في القضاء على المقاومة ، في لحظات قلائل اختفت الشمس في سماء داكنة ، تتراقص فيها الغيوم المنبعثة من دخان القذائف والحرائق وكأنها قطعان هائجة من النيران السوداء ، لقد غاب الجمال عن مدينة الجمال واضطربت زرقة البحر ، سمع دوي الانفجارات في كل مكان ، فبدت كامرأة جميلة هشة اختطفها عملاق خرافي بين ذراعيه وهي ترتعش خوفا وبردا في آن واحد .
اقترب بمركبته من الفندق ، لم يستطع إيقافها أمامه بسبب تجمع أناس كثيرون أمام منزل بجوار الفندق قد تعرض لإصابة مباشرة بقذائف إحدى الطائرات الاسرائليه ، هدم على من فيه ، تحول إلي ركام بعد عيان ، هرعت مركبات الإسعاف لنقل الضحايا ، كان من بين الضحايا رجل عجوز وزوجته ، نقلا دون أن تتمكن ابنتاهما الوحيدة من وداعهما ، كانت بدورها راجعة إلى منزلها فوجئت بهذا الحدث الأليم الذي أودى بحياة سندها (والديها ) ، اتكأت برأسها على بقايا من حطام جدار منزلها ، بكتهم طويلا حتى جفت دموعها ، ما زال قلبها باكيا ، رآها وقد لفت انتباههما نحيبها المسموع ، اقتربا منها لمواساتها بفجيعتها، شعرت بوجودهما بجوارها ,رفعت رأسها ذو الشعر الأحمر الكثيف في اتجاههما بدا الإعياء عليها وقد شاب بياض عينيها الزرقاوات حمرة من أثر البكاء ، كانت في مثل عمر ابنتهما ، مما أثر فيهما هذا المشهد كثيراً ، احتضنتها زوجته بين ذراعيها ،اصطحباها إلي الفندق ، حيث قدما لها العون والمواساة ، ومما زادهم تأثرا بحالها أنها لم تكن لبنانية الأصل ، قدم والدها من المغرب العربي إلي بيروت منذ عشرين عاما ، لا تعلم كثيراً عن عائلة والدها ، تعلقا بها ، بموافقتها اصطحباها عائدين إلي وطنهما أملا أن يساعداها في العثور على عائلتها ثم اللحاق بهم
في وطنهما حيث الحياة الرغدة ومكانة الزوج المرموقة في المدينة ، قد كان مالكا لإحدى الشركات الكبرى ، استطاعا توفير الراحة والحياة الكريمة لها ، كما كانت ابنتهما نعم الصديقة ، إلا أنهما عبثا حاولا العثور على عنوان أقاربها في المغرب العربي ، بفضل إيمانها وسعة ثقافتها وتلك العائلة الكريمة ، تغلبت على محنتها ، بدت ابنة السابعة عشر ربيع، مشرقة فواحة الرائحة كزهرة الياسمين مما أطفت عليهم مزيدا من السعادة .
اشتدت حدة المرض على الزوجة الحنونة ، لم تمهلها نوبات القلب المتتالية كثيرا من العمر ، قضت نحبها بعد عام من عودتهما .خيمت على المنزل أجواء حزينة ، أثرت سلبا على كل فرد منهم ، فالأب شعر بوحدته بعد فقدانه رفيقة دربه ، والابنة أرقها حالة أبيها وحزنها على والدتها ولا سيما أنها ستغادر بيت أبيها وستزف إلي خطيبها بعد شهرين ، أما عن الفتاة فقد فكرت بعقل ناضج رغم تأثير الحدث عليها كثيرا ، ارتأت بان تلعب دورا لإخراج هذه الأسرة الكريمة من محنتها وبصفة خاصة رب الأسرة الذي بدت عليه أعراض الانطواء والاكتئاب النفسي ، لمست في ابنته ترحيبا لفكرتها ، حرصتا علا الاقتراب منه كل مساء للتسامر معه ، وها هو بدا يستجيب ويستمع ويشارك في تحاورهم ، وقد أفضت ابتسامة الفتاة وإطلالة وجهها المشرق فيضا من السرور عليه ، فقد أبدا اهتمامه بها و حرص على التقرب إليها ومعرفة المزيد عنها ، لمس فيها ثقافتها العالية ، وروحها المرحة ، فهي تجيد العديد من اللغات تحفظ من الأدب وفنون الشعوب الكثير ، قوية في عزيمتها ، قد تعالت على حزنها وانطلقت نحو الحياة رغم أنها لا تدري كثيرا عن مستقبلها ، أعجب بعذوبة صوتها ، علم أنها تجيد العزف على العديد من الآلات الموسيقية العصرية ، أهـداها ( جيتارة ) ، سرت بذلك كثرا ، أسمعتهما في أمسية لن ينساها الحان شجية وهي تغني أعذب عبارات الحب ، وهي ترتدي تنوره زرقاء وبلوزة بيضاء خفيفة زادتها فتنة ، كم بدت نضرة جميلة كأنها الفرح وشهية كحبة تفاح جبلي لحظة نضوجه .
منذ تلك الأمسية لم يستطع النوم لما لمس فيها من حيوية ، وانطلاقة نحو الحياة ، يعد الساعات منتظرا لقاءها في المساء وفي خلجاته سؤالا مدويا في قلبه ( من علم العذراء ...الهوى ؟ !!! ) ، تبادلا إعجابهما يبعضهما . فقد سحرته بجمالها ، رغم انه في نهاية العقد الرابع من عمره ، مازال وسيما ، لم يستطع الابتعاد عنها ، تزوجا فكانا أسعد زوجين .
......................................................................