الأخبار
الاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطا
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

قراءة في سلسلة (رحلة العمر) للقاص زياد صيدم عرض: ازدهار الانصاري

تاريخ النشر : 2010-07-02
على الرغم ان هناك واقع أغرب من الخيال وتسجيله مهمة صعبة على أي كاتب او أديب في مزجه للخاص والعام الا ان مهمة الكتابة في وقائع الخيال العلمي هي اكثر غرابة وصعوبة ذلك لان الكاتب الاديب يدخل عوالما ويصنعها دون سابق رؤية او المام خاصة فيما يختص بالمخلوقات المختلفة التي هي من صنع الخيال وحده لذا بعد عدة قراءات للمسلسل الخيالي (رحلة العمر) للكاتب والاديب القدير زياد صيدم الذي اختار النزوح الى داخل طبقات الارض والى اعماق سحيقة حيث من النادر جدا ان نكون قرأنا او شاهدنا عبر اشرطة الخيال العلمي حالات كهذه كان نقطة اولى في صالح الكاتب الذي اجاد الابحار في اعماق الخيال لخلق عالم متكامل موحد .. اعتمدت فكرة القاص صيدم على رسالة وهدف وكلاهما المكون الاصلي في تحريضه على كتابة النص .. الرسالة هي الوصول الى العالم المتكامل الموحد العادل وذلك من خلال البحث الغوص في هذا العالم وتسجيل كل صغيرة وكبيرة كي تصل الرسالة فيما بعد موثقة بالحدث الى سطح الارض ليعود تشكيلها وبنائها على أسس وأعتبارات عادلة ومنظمة وموحدة وقوية ..

في حلقته الاولى نقرأ:
"هو: فكر في صنع آلة لغرض ما في نفسه؟ مرت عليه سنوات وما يزال عاكفا على تنفيذ فكرته بصبر وأناة وإرادة.. عبقرية منقطعة النظير وان كانت غريبة الأطوار سيذكرها التاريخ على مر الأجيال.. انحدرت من دراسات معمقة وأبحاث افني جل شبابه على وضعها وبلورتها عمليا.. كان كلما مر عليه نفر سأله: لما هذا الشيء المهول الذي تصنع؟ لغرض ما في نفسي..كانت إجابته ويضيف: ستعلمون لاحقا عند انتهائي من بنائها!"
في وقفة هنا بدأ الكاتب بتحديد طبيعة الالة التي سيستخدمها لمشروعه بوصفها ناتجة عن فكرة غريبة الاطوار عبقرية فكان هذا التشكيل الاول في مكعب الهدف ..
ونقرأ :
"هم: يتبادلون الحديث عنه ليلا ونهارا.. حتى أصبح شغلهم الشاغل ..لقد أصاب عقله هوس من جنون.. لم يستبينوا طبيعته بعد؟ لكنهم تأكدوا وبالغوا الثرثرة عنه في مجالسهم.. حتى غزا حديثه عقر قلاعهم الحصينة، داخل جدرانهم المغلقة وعلى أسرة نومهم!.
هي: كانت تضحك مرة، وتبكى عشرات المرات.. لكن ما باليد حيلة..جملتها التي تكررها على نفسها.. فقد صدقت كلامه من كثرة ما كان يقنعها بمنطق لا يحتمل الهزل ..حتى أنهم تهامسوا عليها بالجنون تماما كزوجها.. لولا اعتراض النسوة على اتهاماتهم لها.. لأصبحت مضغة يعلكونها بألسنتهم التي تشبه المنشار.. كانت زوجته تحتمل الغمز واللمز والسخرية صابرة.. فلا غير الصبر لها.. قبل أيام زف إليها بشرى سعيدة.. عندما عاد من مزرعته حيث نصب فيها ورشته: الحفار يوشك أن يجهز لرحلة العمر!.. وسيكون حديث الأجيال لعدة قرون..قالها مزهوا بما أنجزه.. متفائلا بتحقيق أمنياته؟ واثقا من قدراته وعلمه وأبحاثه التي أمضى سنين طويلة عاكفا عليها لا يكل ولا يمل ."
نحن: لا يسعنا إلا الانتظار.. حتى يحين الميعاد المرتقب.. فنحكم على الأمور من حيث صدقها من عدمه.. وحتى نقيم مدى ما ذهب إليه عقله المجنون !أحقيقة أم خيال ما يفعله ؟ أوهى مجرد أوهام عصفت بعقله؟ فاردته في غياهب مظلمة من عبقرية العظمة المفقودة !."
كان لابد من استعادة المكون البشري الذي يحيط بالمفكر اوكيف نظروا اليه وهو يقوم بالعمل وهذا المكون هو المستفيد من الرحلة ولو بعد حين ..ويعتمد المكون البشري على هم ونحن وهي ، ويصور الكاتب الالة على انها حفار يحتمل كل خواص طبقات الارض وهذا بحد ذاته انجاز مبدع وعبقري في مكعب الفكر .. كان السرد موحيا يجعل المتلقي يعيش الحالة وهو يقرأها وهذا اسلوب جميل اعتمده القاص في سرده للحلقات بعمومها ..
ونقرأ في الحلقة الثانية :

هو: أغلق الكبينة بإحكام على نفسه، وأدار مفتاح التشغيل...

الآلة: بدأت في إصدار صرير وضوضاء كهدير البحر في يوم عاصف، بفعل دوران مقدمتها المعدنية المدببة الثقيلة على شكل حفار كبير، يستعر ضجيجها .. تزداد جلبة المتجمهرين من حوله.. كان صوت الحفار يخرق الأذان.. ويبعث على النفور مستفزا حاسة السمع بقوة.. دخان اسود يخرج بكثافة وقد حجب الجموع عن رؤية الآلة ..ما لبث أن تحول إلى لون رمادي داكن.. يهدأ صوتها قليلا ثم يستعر من جديد بصرير حاد.. كانت مقدمتها تتجه إلى أسفل عن طريق رافعات قوية منزلقة.. تبدأ في النزول إلى باطن الأرض.. وتختفي عن الأنظار شيئا فشيئا...

هنا صنع القاص الالة بحرفية المهندس مستخدما مصطلحات تميل الى العلمية عنها من الادب ولم ينس في حبكة الدخول عبر القشرة الارضية ان يشير الى رفيقة الدرب وما ستعانيه من الم الفراق .. كما بين مشاعر الاخرين ما بين مصدق ومكذب وهذا شأن الناس امام غرابة اي تصرف .. وهنا ايضا يجعلنا القاص نقرأ مشاعر البطل وهو في رحلته الى المجهول حين يقول :
"هو: يغوص متعمقا في باطن الأرض .. يقطع مسافات عميقة .. حتى اشتدت الحرارة من حوله، بالرغم من وجود عوازل حرارية للوقاية.. لم يفكر بالعودة.. وإنما في المضي قدما إلى باطن الأرض.. كان يريد الوصول إلى كنوز لا نهايات لها! ثم يعود بالمجد وظفر الاستكشاف .. لتغيير الواقع المستفحل فيه الفقر والجهل ..كان يريد تغيير الحال رأسا على عقب لأهله وبلده..الآن فقط ، يصرح معلنا بالحقيقة لنفسه! فلا احد سواه كان سيعلم غرض رحلته العجيبة..فقد احتفظ سرا داخل نفسه، بالأهداف الحقيقية من وراء رحلة المستحيل ،أو رحلة العمر كما سيكتشف لاحقا !"
"وفى ذات صباح يطرق بابها شخص غريب عن البلدة! يعطيها رسالة كتبت على ورق ليس كالورق المتعارف عليه ! كانت بخط يده.. فرحت، استبشرت، بكت، ثم تماسكت نفسها.. وبدأت تقرا رسالته بصمت: زوجتي العزيزة.. أنا بخير، وقد وجدت كائنات عاقلة ! يفرحون كثيرا بمن يأتي إليهم ضيفا.. ويقسمون بان لا يفارقهم حتى يزوجونه من احد بناتهم، وإلا فالموت المحتوم مصيره..وشرطهم أن يعيش معهم مدة خمسة أعوام متتالية.. قبل أن يتركوه حرا يعود من حيث أتى.. تطوى الرسالة بين يديها المرتجفتين ..تلطم خديها.. لكنها تتقبل قدرها .. تلتف بجسدها المتعب لتشكر ذاك الرجل.. فلا تجده؟ فقد تبخر تماما!!.."

في الفقرة السابقة بدأ الكاتب عرض او اعطاء الصورة الاولى للمخلوق الذي ارسل معه رسالة زوجته ويؤكد السرد انه ليس بشريا .. بينما تستمر الحلقة الثالثة بشرح تفاصيل الرحلة وما واجهها من اهوال كادت ان تقضي عليه لكن اصراره على البقاء والوصول الى كنزه المنتظر كانا عاملا مهما في استمراره ليصل عند قوم ذوي اشكال غريبة..!!
"تصعد إليه أجسام طائرة ، غريبة في تصميمها .. صغيرة في أحجامها، سريعة في حركاتها ..تقترب منه،تصبح على مسافة أمتار فقط.. يلمح فيها مخلوقات تشبه البشر، وما هي ببشر؟ .. "
ويبدأ القاص بوصف هذه المخلوقات بتصور سريالي جميل وسرد هادئ رصين يأخذ بتلابيب القارئ ويجعله يكتم انفاسه اندهاشة تارة وخوفا تارة اخرى
"هو: اعتلته حالة خوف شديد، وذهول ألجمه، وارتعاش في كامل جسده، مما يرى من أشكال لمخلوقات عجيبة قد التفت من حوله. فتح باب كبينته، واطل منها واقفا.. وقد اظهر نصف جسمه العلوي..مستسلما لقدره، يحاول أن يتمالك نفسه من هول الموقف.. ملقيا عليهم بتحيته: السلام عليكم..
المخلوق الغريب: دنا منه بمركبته، مشيرا إليه بالصعود معه..لم يبد عليه التوتر أو العصبية، بل كان هادئا مبتسما.. ما طمأنه وهدأ من روعه.. فجأة فُتح باب من جانب مركبته، وخرج منها ذراعا معدنيا يشبه السلم، وعلى جانبيه قواطع ارتكاز، حتى لامس سطح الحفار، ملتصقا بسطحه بواسطة كماشة لاقطة.. و كرر إشارته بكف يده، بالتقدم دون أن ينبس بأي كلمة حتى الآن. "

هنا تبدأ الرحلة تأخذ مسارها المرسوم حيث وصل الى عالم كالبشر لكنهم ليسوا بشرا وتبدأ المفاوضات والاتفاقات الامر الذي جعله يوافق على الزواج من مخلوقة تسمى الحورية على ان يبقى خمس سنوات بينهم .. ويستمر السرد موغلا في التفصيل عن طبيعة هذا العالم الغريب الذي يملك كل اصناف الكنوز واهمها ذلك الكنز الذي يبحث عنه وراح يسجل كل صغيرة وكبيرة يراها وعندما اقتربت السنوات الخمس من النهاية كان قد حمل رسالته ودونها في قلبه وعقله لكن هدف تزويجه من الحورية لم يتحقق حيث كان الهدف هو ان تنجب مخلوقا جديدا يجمع بين تلك المخلوقات والبشر وهنا يظهر عدم صحة الخرافات التي تقول ان هناك مخلوقات نصفها انسي لان طبيعة خلق.. كلها امم مختلفة وكل امة لها خاصيتها .. ويبدأ رحلة العودة شاكرا لتلك المخلوقات ما قدموه له من حب وتفان وتآخي كان يبحث عنها فوق الارض ولم تكن رحلة العودة صعبة فوصل الى داره سالما وسلم رسالته التي خاض من اجلها الاهوال املا ان تمسك بمفرداتها سواعد تعيد بناء الارض والانسان .. وبين فرحة وصوله والاهتمام به ينقضي اجله ويموت لكن الرسالة لن تموت ..
حاولت الاختصار قدر الامكان لان القراءة لا تحتاج الى اعادة نسخ القص.. هنا لنا وقفة مع فكر الكاتب الرافض للظلم والجبروت والتدليس والكذب والفرقة وقد حاول من خلال فكرة القص التي جاءت بسرد مفصل لكثير من الامور الهامة لحياتنا حاملة معها رسالة الى من يهمه امر الانسان على هذه الارض وهذا بحد ذاته ايثار وتضحية من اجل الكل ..

لست ناقدة وانتم تعلمون لكني حاولت ابراز تلك الرسالة التي اراد الكاتب والاديب المبدع زياد صيدم ايصالها من خلال عصارة تفكيره وجهده الكبير

كانت الرحلة رائعة بكل تفاصيلها وان كانت من الخيال لكنها فرصة حقيقية لاعادة بناء الانسان وتعمير الارض التي خربها ايضا ..

اسعدني اني قمت بهذا العرض المتواضع لعمل ادبي يستحق الكثير من الاهتمام والاشادة..

الكاتب والاديب المبدع زياد صيدم شكرا لك ..
واختم العرض الذي ارجو ان اكون قد وفقت فيه بالسطور التي أعلنها بطل النص على لسان الكاتب ليؤكد ان الحل دوما بأيدينا مع جزيل احترامي وتقديري :

"يا أهل قريتي.. عدت لأجلكم ولأجل كل الناس.. احمل هنا كنوزا مكتوبة بماء الذهب.. إنها مذكراتي التي سيحملها أمانة رجال منا .. يتصفون بالصدق والجد..لا تعادل اى كنوز تعلمونها.. إنها نهج حياتنا القادمة.. قوانين التآخي والرحمة فيما بيننا.. دستور الحكم وشرائع تنظم كل حياتنا.. ما لنا وما علينا تجاه الحاكم الذي نعينه نحن ولا يفرض علينا..تجاه أنفسنا.. هنا معادلات واختراعات وابتكارات.. بحاجة إلى عرق وجهد وعلم..إنها صناعات متطورة.. وخطط لكل صغيرة وكبيرة.. ابتكارات ستحيلنا إلى عالم متطور في الزراعة والصناعة.. ستغنينا عن الحاجة لأعداء البشرية.. سنمتلك زمام أمورنا.. سنكون رقما متقدما بين الأمم.. هنا اختراعات دفاعية متطورة..سنغلق سماء بلادنا أمام الغربان.. وستسقط محترقة لو فكرت في الاقتراب!!"
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف