الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فوضى الاولويات بقلم عدنان زغموت

تاريخ النشر : 2010-07-01
فوضى الاولويات بقلم عدنان زغموت
فوضى الاولويات
من روحِ حكمةٍ قرأتُها جاءت كلماتي لتكون رداءً متواضعا أمامها

النص
عِجافُ السنين تزحفُ في حقلِ العمر فتلتهمُ ما تبقى من بعضِ أخضره وما تيسر لها من يابسه. أجولُ صعوداً وهبوطا في طلعاتٍ ونزلاتِ فكري بحثاً عني فلا أجدني إلا كحبةِ قمحٍ سقطتْ دون أن تدري بين حجري رحى, فأخرج طحينا جاهزا للعجن, فَأَنّا لي بعد ذلك من جمعي قبل أنْ أسقطَ على جمراتٍ حمراء في تنور لخَبْزي ؟. كنتُ أحيانا أصلُ متاخراً عن هدفي فتشدني خيبتي إلى بدايتي, فالهث ثانية للوصول إلى سرابٍ لأملأ منه فارغَ كأسي فاشرب هواءً ساخناً يزيدُ من حرارةِ جوفي المخنوقِ العاجزِ عن قذفِ حِمَمهِ.المشكلةُ أنني والصبر توأمان لا يفترقان, وهذا بحدِ ذاته يعجنُ عزيمتي بخيبتي فأكون أنا لا سوايَ راكعاً وساجداً في محرابِ هزيمتي. كان الصبرُ بعد أن ملَّني يحاول
الإفلاتَ مني بعد أن خذلتهُ, قلت في نفسي هذا هو الهلاكُ بعينهِ, أمسكت بتلابيبه ونظرتُ في عينيهِ وقلت له: لا فَكاكَ لك اليوم مني. نظرَ إلي نظرةً وقال مؤنباً :أما آن لك أنْ تقدحَ آخرَ عودِ ثقابٍ من زنادِ فكرك لتنير ظلمةَ دهاليزَ سعادتك؟ وبدون تردد جاء ردي: بلى يا سيدي , ولكن كيف وشؤون الكون تَكوَمتْ واحتلت جُلَّ فوقي وتحتي؟
قال: مُصيبتُك في فوضى ترتيبِ أولوياتك فلا تسمع إلا صدى اصواتِ صفيرٍ متحركٍ صغيرٍ تاركاً الرزين في ثابتها. كلامُه هزَّني فاستجمعت ما تناثر مني علني أفهمه ,فقرأ على رقعة وجهي حيرتي فإبتسم وأعاد على مسامعي ما بقَهُ : مصيبتُك في ترتيب أولوياتك. أولوياتك أولوياتك أولوياتك, وضعتُ كفي على فمِ صبري وقلت: كفى فكلامك نسف كل ارقامي ورماني من جديد في حضن صفري. ربت على كتفي وقال: هو كذلك فإنطلق منه إلى حياتك. وداعا ألقاك في إنطلاقك. جفا النومُ عينيَ , فتحت نافذة غرفتي فإذا بنسماتٍ رقيقاتٍ تُلامس وجهي ,نظرتُ إلى العلياء فإذا بي أمام لامع نجومها تجلس على عرشها . قلت كيف السبيل لقطف بعض وهجها ؟ لشهر وأنا أكرر معانقةَ النجوم فصفت النفسُ وتوضأت بنورها , أمسكت إحداها بيدي لتدلني على ناسكٍ أمسك في قنة الجبل . وصلت ولهاثي ينبيء بي ,أسند قامته ورد تحيتي بأحسن منها قال: ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قلت: أبحث عن أولوياتي وإعادة ترتيب أوراقٍ تاهتْ في أزقة الأفكار وفي زحمة الاماني. هَونْ عليك ,وإليك الآتي: نهض فأحضر حوجلةً ( برطمانا) زجاجيا وثلاثة أكياس, الأول فيه حصى كبيرة وفي الثاني حصى صغيرة وفي الثالث رمل. قام بوضع الحصى الكبيرة في الحوجلة وقال ماذا ترى قلت : حوجلة مملوءة بالحصى . قال:هل نستطيع وضع شيء آخر فيها : قلت لا . قال: أنظر! وضع الحصى الصغيرة في الحوجلة وهزَّها فأخذتْ مكانها بين الحصى الكبيرة. قال: ماذا ترى ؟ قلت حوجلة مملوءة بحصى كبيرة وأخرى صغيرة . قال: وهل نستطيع وضع شيء آخر فيها؟ قلت:لا . فأخذ كيس الرمل ووضعه في الحوجلة وهزَّها فإذا بالرمل يتسربُ بين الأحجار. نظر الناسك إلي وقال: الآن إمتلأت الحوجلةُ فلو وضعنا الرمل أولاً لما وجَدَتْ الحصى
مكاناً لها, ولو وضعنا الحصى الصغيرة في الحوجلة أولا لما وجدتْ الكبيرةُ مُتسعا لها. من هنا لا بد من ترتيب الأولويات وإلا طغى الصغيرُ عليها, وهذا ينطبق على الحياة.
الحقيقة, أصابتني الدهشةُ مما رأيت وتعلمتْ. وأردف مُضيفي شارحا: الحصى الكبيرة هي أنجالك , زوجتك , صحتُك والتي إنْ فقدتَها ستصير ركاما محطما. أما الحصى
الصغيرة فهي البيت والعمل والسيارة وكلُ شيء قريبٍ من ذلك. أما الرمل فهي المتطلبات اليومية مثل الطعام والعلاقات العابرة والحديث في السياسة والإقتصاد والإنتقاد والنميمة والتي تتبدل مع مطلع كل فجر. فهناك ثوابتٌ وأُخرُ متحركات.
وبعد أن صَمَتَ قليلا تابع الناسكُ حديثه : هذه هي مشكلةُ الإنسان يُعطي جُلَّ وقته للصغائر فتحتله ولا تجلب له حظوظه من السعادة. عليك أولا أن تهتم بصدقٍ بتعليم أولادك وإسعاد رفيقة دربك والإهتمام بصحتك وبصحتهم. بعد ذلك إنتقلْ للمرحلة الثانية ثم الثالثة. فكيف لك أن تدعو إلى حرية المرأة وزوجتُك مُكبلةٌ بأغلالك؟ وكيف تدعو للإرتقاء بالتعليم وأوبناؤك جهلة ؟ وكيف تنادى بحماية البيئة وأنت تقتلع أشجارَ وورودَ حديقتك؟ كُنْ صادقا في أعماقك ولا تثرثر بهواجس اليوم وإبنُك مريضٌ فهو أولى برعايتك, لا تثرثر في الألوان ونوع الأثاث وزوجتُك ينهشُها الملل, لا تحضرجدلا قبل مراجعة الطبيب ليساعدك في الشفاء من المرض. قس الأمورَ بهذا المنطق وسترى السعادة لأن في إستقامة الكبيرات يصغر بعينك ما تلاها لأنها كلها رمال تسكن هنا لحظة وفي أخرى هناك. أمسك بالرأس يأتي إليك الذيل, وأيا تختار سيبصمك مدى الحياة. إهبط إلى أرضك يا بني وبَلِغْ قومَك عني كلَّ التحيات, فالحياة لم ولن تكون يوما كالممات.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف