27/7/2005 طموح فرات مازن فاروق عبود
كانت الأوضاع في الشارع ما تفتأ أن تسوء بين الفينة والأخرى , ثم تنحدر الى أسوأ بسبب الأفكار المتضاربة والأفعال البعيدة عن رغبات السواد الأعظم , ولم يكن هناك من بصيص أمل في حل قريب , ولكن كان يبقى هناك دائما الأمل في حل ما على المستوى البعيد .
ففي فجر يومٍ جميل , وفي أرض العراق كانت النسائم الشمالية الباردة تهب بصورة متقطعة على الأشجار والمنازل الآمنة , تحرك أتربتها تدغدغها وتلامسها , ولم يكن هنالك من صوت إلا صوت حفيف الأشجار التي تنفض عنها تعب السنين المتلاحقة والأزمنة الغابرة , وزقزقة العصافير تعزف لحنها المعهود , وهديل الحمام ترنوا بلغة متقطعة , تعطي بهاءا" ورونقا" للمكان كأنه لوحة من أرض الجنان ,
ووسط هذا كله كان الناس ينامون في بيوتهم آمنين , تفصلهم الحيطان والأسيجة المختلفة عن بعضهم بنظام عرفيُ منتظم , وبسبب النسيم المنعش اللطيف , بالإضافة الى نوم مبكر سبق هذا الفجر الرائع , نهضت السيدة فرات من نومها مرتاحة جدا" , وفتحت نافذة غرفة نومها المطلة على حديقة بيتها , ومتعت نظرها في هذه اللوحة أمامها , ثم أحضرت إبريق ماء وأخذت تسقي الأوعية المزروعة المنتظمة التي يفوح منها عطر الورد المزروع فيها والتي تملاء شرفتها .
وأخذت روح فرات تحس بالبهجة والسعادة التي ملئتها , جراء صفاء ذهنها في تلك اللحظة , التي أتتها هبة من الرحمن , ونظرت للأشجار لدقائق بعيونها الجميلة التي تشبه عيون المها , فأحست بالنسائم الجميلة تداعب وجهها ذو القسمات المتناسقة , وتقدح ذكاءها المهمل بفعل مصاعب الحياة وروتينها وأخرجها من عالمها المحدود المشدود بحبال التعب الى أرض الوهم التي طالما حاولت التخلص منه نحو فضاء أوسع وجاءتها فكرةً جميلة , تبلورت من طموحها الواسع وعصارة تفكيرها بالحال الأفضل , واكتشفت أنها بفكرتها هذه يمكن أن تحقق طموحها المنشود .
ثم جاءتها بعد عدة اشهر الفرصة التي كانت تسعى لها لتحقيق هذا الطموح , إذ خلال تحول المجتمع العراقي الحديث بعد انهيار الدكتاتورية وتحول طريقة تفكيره من المباديء العسكرية الجافة وإلزامية التفكير من قبل جميع أفراد المجتمع بشكل ومضمون وهدف واحد , الى طريق المجتمع المدني المعاصر والذي أعطى الجميع الحق باختلاف الرأي والتفكير والأهداف نحو مستقبل أبهى متنوع القوى .
وكانت الفرصة قد سنحت عندما سهل أحد الأصدقاء المخلصين الاتصال بإحدى منظمات المجتمع المدني والتي أعلنت عن إعطاءها منحة مالية لمن لديه فكرة مشروع جيد , على أن يكون في خدمة وتثقيف المجتمع وذو مردود مادي جيد .
فكان أن قدمت فرات أوراقها وأسست مدرسة صغيرة للموسيقى والباليه وتعلم مباديء اللغات الحية , وبتلاحق نجاح فرات وبفضل الإقبال الكبير من قبل الأطفال على الدراسة في هذه المدرسة النادرة , وبعد عدة سنين أصبحت فرات من أعلام الثقافة المدنية وجمعت ثروة من القلوب المحبة بالإضافة الى الثراء المادي .
وتطور حال المدرسة من مكان صغير وإمكانيات محدودة الى بناية فارهة ذات عدة قاعات بالإضافة الى حدائق وملاعب ومسرح واسع .
وبفضل شخصية فرات الجذابة فأن أصدقاءها من كلا الجنسين كانوا يزدادون , وكانوا يمدونها بالنصائح الأخوية والدعم والذين طورا بالنتيجة مستوى المدرسة نحو الأفضل , وفي احد الأيام وفي يوم عيد ميلاد فرات أصطف الأطفال على غير العادة بترتيب عفوي , وحالما دخلت فرات الى باحة المدرسة الأنيقة حتى بدأ الأطفال بهتاف نشيد جميل يحيي فرات , مما بعث بالسعادة الى قلب فرات , وأخذت تقبلهم طفلا" طفلا" وتعانقهم بحنان كأنهم فلذة كبدها , وقالت :-
-(أحبكم من كل قلبي يا أجمل شيء في حياتي , أنتم أولادي ) .
ومن يومها أصبح الأطفال يسمونها ماما فرات .
وعندما رجعت الى بيتها , لاحظت الشجرة الميتة المزروعة في حديقتها قد أخضرت من جديد بأوراق خضراء فاتحة , نتيجة ماء المطر , وبفعل فيض العاطفة الجياشة من نفسها .
كانت الأوضاع في الشارع ما تفتأ أن تسوء بين الفينة والأخرى , ثم تنحدر الى أسوأ بسبب الأفكار المتضاربة والأفعال البعيدة عن رغبات السواد الأعظم , ولم يكن هناك من بصيص أمل في حل قريب , ولكن كان يبقى هناك دائما الأمل في حل ما على المستوى البعيد .
ففي فجر يومٍ جميل , وفي أرض العراق كانت النسائم الشمالية الباردة تهب بصورة متقطعة على الأشجار والمنازل الآمنة , تحرك أتربتها تدغدغها وتلامسها , ولم يكن هنالك من صوت إلا صوت حفيف الأشجار التي تنفض عنها تعب السنين المتلاحقة والأزمنة الغابرة , وزقزقة العصافير تعزف لحنها المعهود , وهديل الحمام ترنوا بلغة متقطعة , تعطي بهاءا" ورونقا" للمكان كأنه لوحة من أرض الجنان ,
ووسط هذا كله كان الناس ينامون في بيوتهم آمنين , تفصلهم الحيطان والأسيجة المختلفة عن بعضهم بنظام عرفيُ منتظم , وبسبب النسيم المنعش اللطيف , بالإضافة الى نوم مبكر سبق هذا الفجر الرائع , نهضت السيدة فرات من نومها مرتاحة جدا" , وفتحت نافذة غرفة نومها المطلة على حديقة بيتها , ومتعت نظرها في هذه اللوحة أمامها , ثم أحضرت إبريق ماء وأخذت تسقي الأوعية المزروعة المنتظمة التي يفوح منها عطر الورد المزروع فيها والتي تملاء شرفتها .
وأخذت روح فرات تحس بالبهجة والسعادة التي ملئتها , جراء صفاء ذهنها في تلك اللحظة , التي أتتها هبة من الرحمن , ونظرت للأشجار لدقائق بعيونها الجميلة التي تشبه عيون المها , فأحست بالنسائم الجميلة تداعب وجهها ذو القسمات المتناسقة , وتقدح ذكاءها المهمل بفعل مصاعب الحياة وروتينها وأخرجها من عالمها المحدود المشدود بحبال التعب الى أرض الوهم التي طالما حاولت التخلص منه نحو فضاء أوسع وجاءتها فكرةً جميلة , تبلورت من طموحها الواسع وعصارة تفكيرها بالحال الأفضل , واكتشفت أنها بفكرتها هذه يمكن أن تحقق طموحها المنشود .
ثم جاءتها بعد عدة اشهر الفرصة التي كانت تسعى لها لتحقيق هذا الطموح , إذ خلال تحول المجتمع العراقي الحديث بعد انهيار الدكتاتورية وتحول طريقة تفكيره من المباديء العسكرية الجافة وإلزامية التفكير من قبل جميع أفراد المجتمع بشكل ومضمون وهدف واحد , الى طريق المجتمع المدني المعاصر والذي أعطى الجميع الحق باختلاف الرأي والتفكير والأهداف نحو مستقبل أبهى متنوع القوى .
وكانت الفرصة قد سنحت عندما سهل أحد الأصدقاء المخلصين الاتصال بإحدى منظمات المجتمع المدني والتي أعلنت عن إعطاءها منحة مالية لمن لديه فكرة مشروع جيد , على أن يكون في خدمة وتثقيف المجتمع وذو مردود مادي جيد .
فكان أن قدمت فرات أوراقها وأسست مدرسة صغيرة للموسيقى والباليه وتعلم مباديء اللغات الحية , وبتلاحق نجاح فرات وبفضل الإقبال الكبير من قبل الأطفال على الدراسة في هذه المدرسة النادرة , وبعد عدة سنين أصبحت فرات من أعلام الثقافة المدنية وجمعت ثروة من القلوب المحبة بالإضافة الى الثراء المادي .
وتطور حال المدرسة من مكان صغير وإمكانيات محدودة الى بناية فارهة ذات عدة قاعات بالإضافة الى حدائق وملاعب ومسرح واسع .
وبفضل شخصية فرات الجذابة فأن أصدقاءها من كلا الجنسين كانوا يزدادون , وكانوا يمدونها بالنصائح الأخوية والدعم والذين طورا بالنتيجة مستوى المدرسة نحو الأفضل , وفي احد الأيام وفي يوم عيد ميلاد فرات أصطف الأطفال على غير العادة بترتيب عفوي , وحالما دخلت فرات الى باحة المدرسة الأنيقة حتى بدأ الأطفال بهتاف نشيد جميل يحيي فرات , مما بعث بالسعادة الى قلب فرات , وأخذت تقبلهم طفلا" طفلا" وتعانقهم بحنان كأنهم فلذة كبدها , وقالت :-
-(أحبكم من كل قلبي يا أجمل شيء في حياتي , أنتم أولادي ) .
ومن يومها أصبح الأطفال يسمونها ماما فرات .
وعندما رجعت الى بيتها , لاحظت الشجرة الميتة المزروعة في حديقتها قد أخضرت من جديد بأوراق خضراء فاتحة , نتيجة ماء المطر , وبفعل فيض العاطفة الجياشة من نفسها .