الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية / ممرات الانتظار.. شوق حارق الحلقات 19- 20-21-22 بقلم : ازدهار الانصاري

تاريخ النشر : 2010-06-29
- 19 -

تلك الليلة كانت أحلام تهذي.. متعبة منهكة من استغلال المرض لجسدها, ومن شغف الروح بتحقيق حلمها وأمنيتها في اللقاء بأحمد, حبيب العمر والروح الذي يسكن عمق وجدانها وكل كيانها.. مرهقة من أجواء تعيش فيها مجبرة مقهورة في بلد كان أروع البلاد وهاهو يرزح تحت الاحتلال والاغتصاب.. ووجدت نفسها تحكي وتحكي قصتها لأحمد من الألف الى الياء
".. ا اذكر أني كنت طفلة يوما.. أظنني خلقت هكذا.. لم أكن طفلة مدللة.. ولم املك أن أغير قدري..!! لكني كنت أحلم..! طموحات كثيرة وأمنيات لا تتعدى الروح تنسج خيوط أمل قد يأتي ذات يوم..!! ويتحقق فيه الحلم..!
كنت أرى الأطفال يلعبون بالدمى يتراكضون.. يتضاحكون.. لم يكن لدي دمية لألعب معهم.. كنت كبيرة في السابعة..!! لا يسمح لي باللعب..! علي كثير من المهام..!! كنت استغل بعض الوقت لأهرب منهم..!!
أمام بيتنا سكة يمر عليها القطار.. كنت أضع أذني عليها كي أسمع صوت القطار وهو قادم.. لعله يحملني يوما في إحدى العربات، مهاجرة الى عالم آخر عالم يسكن أحلامي وتسكنه..!! مجرد أحلام أكبر فتكبر معي..!!"
ينصت أحمد بكليته أليها متسمرة نظراته على ملامح وجهها.. يشعل السيجارة تلو الأخرى في إصغاء تام الى أحلامه التي تقص حكايتها فيغرق في حبها وعشقها أكثر وأكثر اعترف.. أني حين كنت أنتظر القطار.. كنت أحلم أن يحمل لي معه بعض أمنيات.. شيء من الحب والحنان والدفء.. كنت أحب الشتاء لأنه الزمن الوحيد الذي تحتوينا فيه أمي.. كنا نتحلق حول المدفأة.. ونتابع البلوط وهو يحترق فوقها, كنا ننتظر ان نذوق حلاوته المرّة.. كنت أعشقها.. وأثناء ذلك كانت أمي تحكي لنا حكايات عن السحرة والمردة.. وعن بنت السلطان بدر البدور التي عشقت حسن الحمّال.. أصغي بشغف.. وحين تكمل الحكاية نذهب الى النوم قسرا.. كانت تحتضن اختي الصغرى التي تبكي خوفا من العفاريت.. تحتضنها وتنام أختي الصغيرة في حجرها.. فأقول:
- أمي أنا أيضا أخاف العفاريت..!
فتقول لي:
- لا.. أنت كبيرة..
".. وأذهب الى النوم وحدي في الظلام..أتحسس الطريق خوفا من العفاريت.. أدخل رأسي تحت اللحاف وأنا أرتجف من البرد والخوف معا.. أبكي بنشيج لا يسمعه أحد.. ثم أعود وأتذكر بنت السلطان وحسن الحمّال.. فيسرح خيالي بعيدا, وأرى أني صرت بدر البدور..في برج القصر أقف منتظرة أن يأتي حبي الجميل وينتشلني من سجن البرج.. وأروح أغط في أحلامي التي كانت هي كل ما أملك من وجودي..!!"

يتبع ..

----------------------------------------------------------------------------
-20-

تظل أحلام منساقة في اعترافاتها كأنها تزيح عن كاهلها عبء زمن مضى, تاركا حلكته وظلامه وقهره فوق أكتافها, وفي حنايا روحها فتعترف إليه بصدقها وشفافيتها منذ التقيا..:
أعيش لحظات عجيبة.. نواقيس وأجراس تدق في متاهات روحي فأجدني متأثرة بها، وغير عابئة بصدى ارتجاجاتها الذي لا يعطيني فسحة للتأمل.. اندفاع ورغبة جامحة لا أجد أمامها سوى الرضوخ.. تمنعني أشياء كثيرة عن التساؤل ما اذا كانت ستأخذني الى الجنة أم الجحيم..!
الطفلة عادت للعبث.. مسها جنون الوقت والخوف من انسيابه منها، فراحت تجري في الأركان باحثة عن مكان اشد إيلاما لتقف عنده..!!
عبثها يتعبني.. لكنه في ذات الوقت يمنحني بعض نشوة ونشاط.. أظنني افتقر إليهما.. غير أني أخاف توهجها, ولعلي لم اعد راغبة في كبح جماحها الآن, فربما في هذا التوهج الذي طرأ عليها.. تستعيد بعضا من العافية المفقودة!!.. لعلها تستمد بعض الدفء لتقاوم به البرد الذي ينخر عظامي..

اعترف لك:
-اشتقت أليك كثيرا فأرجوك لا تبتعد اكثر..!!!
يبتسم أحمد فما يسمعه فعلا هو جنون طفلة حرمتها الأقدار ان تعيش كما يجب.. يتمنى لو يستطيع ان يحتضنها, لكن كيف وهما مازالا بانتظار لقاء يضمهما على الأرض مازالا حديثا عاشقا ومشاعر ملتهبة عبر الأثير.. كلاهما لا يستطيع الوصول الى الآخر..
تكمل أحلام سرد حكايتها وأحمد يشعل السيجارة تلو الأخرى والحديث لا ينقطع.. يهامس احمد ذاته:
" تأخذني مشاعري الى سنوات مضت.. زمن آخر أنا والبحر فيه عاشقين. قبالته أجلس تشدو في صدري ترانيم أمواجه الصاخبة يحتويني أفقه ومداه أنساب اليه كما تنساب مياهه في أمواجها أستكين لرغباته يملأني إحساس بالنقاء سعادة اللقاء تقتحمني..!
تتسارع نبضات قلبي تزداد سخونة ومع هدهدة أمواجه أغفو.. تأخذني أليها لحظات السكون.. في قمة لحظات استكانتي يغضب فجأة..! يطويني هيجانه العنيف..!
ينتابني رعب ورغبة في الفرار أحث نفسي بقوة لأبتعد لا ادري كيف ومتى وصلت الشاطيء انصبت نظراتي على صخب وعنف طوفانه الغريب, ازداد رهبة وخوفا أرتد راجعة أدراجي يؤلمني غدره وغضبه غير المبررين وأعد النفس على عدم العودة اليه لكني أبدا لا أنفذ وعدي ذلك أني لا أستطيع إلا أن أنزوي بين أمواج البحر.."
***

يص خ أحمد:
- البحر يا احلام ياااااه هو صديقي الحكيم هو متنفسي كلما شعرت بالاختناق لولاه لا اعرف ما كان حلّ بي أنت أيضا عاشقة للبحر.. البحر يا أحلام عالم عميق جدا يأخذ بلبي كلما هزني الوقت وأوجعتني متاهاته.. تسهم قليلا ثم تقول:
- كنت عاشقة للبحر لكني الآن عاشقة لك, لا سواك وان كنت أحب البحر إلا انك أنت عشقي الأبدي أحلامك عاشقتك مخلصتك الى الأبد
يبتسم احمد ابتسامته الساحرة ويرجوها ان تكمل, لكن الصباح قد حان, وفي الصباح يفترق كلاهما الى عالم واقعه المفروض, مع وعد للقاء جديد في الليل يسهران بين القمر والنجوم

يتبع ..

---------------------------------------------------------------------------
-21-

لم تنم لم تستطع النوم وراحت الى دفتر مذكراتها تعبث من جديد.. كتبت:
" كان الأمس رهيبا.. متعبا.. بكل ما فيه.. أشعر بوجع وقهر يحتويني.. بكيت حتى بت أشعر أن لا فائدة من الدموع..!! صرخت.. حتى لم يعد لي صوت كي أصرخ به..!!
كان حبيبي هنا مستمع مرهف الحس ولكن! لماذا أشعر بالاختناق..؟؟ أين أنت..؟ ترى هل تغيرت صورتي أمامك يا حبيبي بعد كل ما عرفته مني.. لا أظنك تفعل هذا, اشعر بتوق للقاء حقيقي بيننا لقد مللت الانتظار.. ومللت لحظاته المملوءة بالأمل الكاذب.. والرغبة الحارقة..!!
أن الحروف صارت تئن وجعا وضجرا وقهرا.. أي زمن هذا وأي وقت.. عقيم يحتل الأمكنة حولي كيف الخلاص إذاً ومتى..؟؟؟؟؟
أني على الرغم من جنوني بك.. ورغبتي الحارقة أن تكون معي بكل ذراتك.. أجدني خائفة من شيء ما يهدد حلمي يهددني بالإفاقة منه..!!!
مازالت اللغة مستعصية عليّ وحتى أدرك مفرداتها أظل أقول لك:
آآآآه حبيبي كم إشتقتك...!!!"

يتبع ..

-----------------------------------------------------------------------
-22-

وتأتي لجان أخرى ويستمر المسلسل.. التعذيب.. واستئصال الأعضاء. .ولا جدوى.. تشعر أحلام بأنها تذوي مثل شمعة.. تحارب عدوا خفيا يسكن في أحشائها.. كائن لا تعرف من اين أتى واستقر هناك داخلها.. لم يعد لديها ما تستطيع به المتابعة.. وهل تجدي..! لا فائدة ترتجى يأتيها صوت أحمد من البعيد..!!
ولكن لا يأس مع الحياة...فجأة يأتي الحل من السماء..
***
- أمي تقول الطبيب ان هناك أجراء وحيد.. عملية استئصال وزرع.. آخر تداخل جراحي..! ستتحسن حالتك امي.. ستكونين بخير..
- أنا بخير لا داعي للقلق..!
يقول الطبيب:
- ليس هناك إمكانية لإجراء العملية هنا.. هي فقط في الغرب الامريكي..!
- وكيف لنا ان نصل هناك..!!!
- الأمل ضعيف في تقبل أنسجة الجسم لزرع جديد..كما أنها مكلفة للغاية..
اسقط في يدها.. ماذا تفعل..؟
تجمع أوراقها.. تقاريرها.. تلجأ الى المنظمات الإنسانية مجددا..
البلد في حالة انهيار تام.. وهي تبحث عن أمل وسط الركام.. وتمر الأيام الألم يزداد وحشية.. ولا رد.. تنتكس حالتها الصحية.. تفقد مقاومتها للحصار.. وتفقد القدرة على الاستمرار, واحمد يبذل جهدا خارقا في رفع معنوياتها ويطالبها بالصمود والمقاومة أكثر..
يدافع بأقصى ما يستطيع من أجل حبه عشقه الاخير أحلامه.. بارقة أمل تلمع في الأجواء.. وأخيرا هناك من قرر احتواءها لإجراء آخر تداخل جراحي بنسبة 5 بالمائة..!
يصر أحمد على الرفض يعلنها صراحة هو لا يريد أن يفقدها لا يريدها أن ترحل:
- حبيبتي لا تجري هذه العملية قلبك لا يحتمل العملية خطرة لا أرجوك لا تفعلي..!
-حبيبي لماذا لا أحاول لقد تعبت مللت من الألم أريد ان أعيش لأجلك..
-التداخل الجراحي خطير جدا غاليتي, بل لا جدوى منه, صدقيني أرجوك قاومي المرض قاوميه, واقبليه كما هو تحديه بقوة الصبر والإرادة.. أحلامي الغالية يا شطر قلبي العاشق لا تجازفي..لا تغامري أتوسلك حبيبتي.. عديني انك لن تفعليها عديني غاليتي قلبك لا يحتمل هل نسيتِ لقاءنا المنتظر ماذا افعل دونك أنا..
- حبيبي ليتني قادرة على إسعادك.. كم احبك أنا يا حب عمري وعشقي الأبدي.. سنرى ما بعد الفحوصات ما سيقرره الأطباء لا تقلق حبيبي لا تقلق..!!
***
حين تأتي الموافقة.. يعلن الطبيب عدم إمكانية إجراء أي تداخل جراحي..القلب ضعيف لا يحتمل..الكائن الخبيث مازال ساكنا في مكانه ولم يمتد الى أماكن أخرى... اذا لا فائدة من التداخل الجراحي..
ماذا ننتظر.. والألم العضال لا ينتهي.. أنها مشيئة الله.. قدر الله وما شاء فعل..!!
يصر أحمد على أن حبيبته أحلام ستعيش, وسيلتقيان يوما قريبا على ارض الواقع فيلئم شمل قلبيهما وروحيهما معا في لقاء لابد ان يأتي مع الغد المشرق الذي ينتظره العاشقان....


يتبع ..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف