حكايات من التراث نقل : احلام الجندى
3-وصف امرأة طلبا للزواج
قيل لخالد بن صفوان
" ما يمنعك من الزواج و إنا نستقبح لك أن لا يكون لك امرأة عربية، و أنت أيسر أهل البصرة؟
فقال للقائل:
" ابغني امرأة .."
فقال:
" أي امرأة تريد؟ "
فقال خالد:
" أريدها بكرا كثيب أو ثيبا كبكر، لا ضرعاء صغيرة، و لا عجوزا كبيرة، لم تقرأ فتحنن و لا تفت فتمجن. قد كانت في نعمة و أدركتها حاجة،فخُلُق النعمة معها. و ذَل الحاجة فيها، حسبي من جمالها أن تكون فخمة من بعيد، مليحة من قريب، و حسبي من حُسنها أن تكون واسطة في قومها، إن عشتُ أكرمتها و إن مت ورّثتها، لا ترفع رأسها إلى السماء رفعا و لا تضعه في الأرض وضعا..."
فقال له:
" يا أبا صفوان إن الناس في طلب هذه منذ قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ليجعلوها خليفة"
ـــــــــــــــ
الشهد المذاب فيما لذ و طاب
2-أبو العباس والجاريتين
قالوا:...لم يكن أحد أحسن خلقا من أبي العباس إذا خلى مع أهله...
قال بعض مواليه:
لعهدي به ليلة و أنا صغير ، و هو على سريره مع أم سلمة، إذ مر به جاريتان صغيرتان لم أر أحسن منهما قط، قد اختمرتا كما تختمر الحرائر. فاستدعى بهما و قال لهما:
ـ إماء أم حرائر؟
فقالتا:
ـ بل إماء.
فسألهما عن سبب اختمارهما كما تختمر الحرائر.
قالتا:
ـ إن ذلك شأننا في بلادنا.
و كانت أم سلمة أوصتهما بذلك قصدا ألا ينظر إلى محاسنهما، فقال:
ـ انزعا خماريكما..
فتأبتا فرقا من أم سلمة، فأمر بعض الخصيان فنزعهما، و إذا هما أجمل النساء شعرا و سهولة خد و تمام قد، و قد نهدت الثدي في صدورهما كأنهما حقان.
قال:
فنظر إليهما مليا ثم قال لغلام من خدمه:
ـ اذهب بهما إلى فلان و فلان و قل لهما يتخذانهما لأنفسهما و يستوصيان بهما خيرا، فإني مسائلهما عن حالهما.
و كل ذلك رضى لأم سلمة.
ــــــــــــــــــــ
تحفة العروس و نزهة النفوس/ص:163، ط: مكتبة التراث الإسلامي (القاهرة).
إعداد: المحلاج.
3- المتنبى وبائع البطيخ
قيل للمتنبي:
قد شاع عنك من البخل في الآفاق، ما قد صار سمَرا بين الرفاق. و أنت تمدح في شعرك الكرمَ و أهله.
أ لست القائل:
و من ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة فقر، فالذي فعل الفقرُ
و معلوم أن البخل قبيح، و منك اقبحُ، فإنك تتعاطى كبر النفس، و علو الهمة، و طلب الملك، و البخل ينافي ذلك.
فقال:
إن للبخل سببا. و ذلك أني أذكر أني وردتُ في صباي من الكوفة إلى بغداد، فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلي، و خرجت أمشي في أسواق بغداد، فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهةَ، و رأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة. فاستحسنتها ، و نويت أن أشتريها بالدراهم التي معي.
فتقدمت إليه و قلت:
ـ بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ؟
فقال بغير اكتراث:
ـ اذهب، فليس هذا من أكلك !
فتماسكت معه و قلت:
ـ يا هذا ، دع ما يغيظ و اقصِدِ الثمن.
قال:
ـ ثمنها عشرة دراهم !
فلِشِدة ما جبَهَني* به ما استطعت أن أخاطبه في المساومة. فوقفت حائرا، و دفعت له خمسة دراهم فلم يقبل. و إذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان* ذاهبا إلى داره. فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان، و دعا له، و قال:
ـ يا مولاي، هذا بطيخ باكورة . بإجازتك* أحمله إلى البيت؟
فقال الشيخ:
ـ ويحك، بكم هذا؟
قال:
ـ بخمسة دراهم.
قال:
ـ بل بدرهمين !
فباعه الخمسة بدرهمين، و حملها إلى داره، و عاد إلى دكانه مسرورا بما فعل.
فقلت:
ـ يا هذا، ما رأيت أعجب من جهلك.اِسْتَمْتَ * عليَّ في هذا البطيخ، و فعلت فعلتك التي فعلت، و كنتُ قد أعطيتك في ثمنه خمسة دراهم، فبعته بدرهمين محمولا !
فقال:
ـ اسكتْ ! هذا يملك مئة ألف دينار!
فعلمتُ أن الناس لا يُكرمون أحدا إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مئة ألف دينار. و أنا لا أزال على ما تراه حتى أسمعَ الناس يقولون إن أبا الطيب قد ملك ألف دينار.
ــــــــــــــــــــــــــــ
جبهني: صدمني
الخان: كلمة فارسية و معناها إما الحانوت أو محل نزول المسافرين (الفندق)
بإجازتك: بعد إذنك
استام البائع على المشتري: غالى في الثمن المطلوب.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( الحكاية من كتاب " الصبح المُنْبي عن حيثية المتنبي" ليوسف البديعي)
من كتاب " الف حكاية و حكاية من الأدب العربي القديم" إعداد: حسين أحمد أمين
3-وصف امرأة طلبا للزواج
قيل لخالد بن صفوان
" ما يمنعك من الزواج و إنا نستقبح لك أن لا يكون لك امرأة عربية، و أنت أيسر أهل البصرة؟
فقال للقائل:
" ابغني امرأة .."
فقال:
" أي امرأة تريد؟ "
فقال خالد:
" أريدها بكرا كثيب أو ثيبا كبكر، لا ضرعاء صغيرة، و لا عجوزا كبيرة، لم تقرأ فتحنن و لا تفت فتمجن. قد كانت في نعمة و أدركتها حاجة،فخُلُق النعمة معها. و ذَل الحاجة فيها، حسبي من جمالها أن تكون فخمة من بعيد، مليحة من قريب، و حسبي من حُسنها أن تكون واسطة في قومها، إن عشتُ أكرمتها و إن مت ورّثتها، لا ترفع رأسها إلى السماء رفعا و لا تضعه في الأرض وضعا..."
فقال له:
" يا أبا صفوان إن الناس في طلب هذه منذ قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ليجعلوها خليفة"
ـــــــــــــــ
الشهد المذاب فيما لذ و طاب
2-أبو العباس والجاريتين
قالوا:...لم يكن أحد أحسن خلقا من أبي العباس إذا خلى مع أهله...
قال بعض مواليه:
لعهدي به ليلة و أنا صغير ، و هو على سريره مع أم سلمة، إذ مر به جاريتان صغيرتان لم أر أحسن منهما قط، قد اختمرتا كما تختمر الحرائر. فاستدعى بهما و قال لهما:
ـ إماء أم حرائر؟
فقالتا:
ـ بل إماء.
فسألهما عن سبب اختمارهما كما تختمر الحرائر.
قالتا:
ـ إن ذلك شأننا في بلادنا.
و كانت أم سلمة أوصتهما بذلك قصدا ألا ينظر إلى محاسنهما، فقال:
ـ انزعا خماريكما..
فتأبتا فرقا من أم سلمة، فأمر بعض الخصيان فنزعهما، و إذا هما أجمل النساء شعرا و سهولة خد و تمام قد، و قد نهدت الثدي في صدورهما كأنهما حقان.
قال:
فنظر إليهما مليا ثم قال لغلام من خدمه:
ـ اذهب بهما إلى فلان و فلان و قل لهما يتخذانهما لأنفسهما و يستوصيان بهما خيرا، فإني مسائلهما عن حالهما.
و كل ذلك رضى لأم سلمة.
ــــــــــــــــــــ
تحفة العروس و نزهة النفوس/ص:163، ط: مكتبة التراث الإسلامي (القاهرة).
إعداد: المحلاج.
3- المتنبى وبائع البطيخ
قيل للمتنبي:
قد شاع عنك من البخل في الآفاق، ما قد صار سمَرا بين الرفاق. و أنت تمدح في شعرك الكرمَ و أهله.
أ لست القائل:
و من ينفق الساعات في جمع ماله
مخافة فقر، فالذي فعل الفقرُ
و معلوم أن البخل قبيح، و منك اقبحُ، فإنك تتعاطى كبر النفس، و علو الهمة، و طلب الملك، و البخل ينافي ذلك.
فقال:
إن للبخل سببا. و ذلك أني أذكر أني وردتُ في صباي من الكوفة إلى بغداد، فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلي، و خرجت أمشي في أسواق بغداد، فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهةَ، و رأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة. فاستحسنتها ، و نويت أن أشتريها بالدراهم التي معي.
فتقدمت إليه و قلت:
ـ بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ؟
فقال بغير اكتراث:
ـ اذهب، فليس هذا من أكلك !
فتماسكت معه و قلت:
ـ يا هذا ، دع ما يغيظ و اقصِدِ الثمن.
قال:
ـ ثمنها عشرة دراهم !
فلِشِدة ما جبَهَني* به ما استطعت أن أخاطبه في المساومة. فوقفت حائرا، و دفعت له خمسة دراهم فلم يقبل. و إذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان* ذاهبا إلى داره. فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان، و دعا له، و قال:
ـ يا مولاي، هذا بطيخ باكورة . بإجازتك* أحمله إلى البيت؟
فقال الشيخ:
ـ ويحك، بكم هذا؟
قال:
ـ بخمسة دراهم.
قال:
ـ بل بدرهمين !
فباعه الخمسة بدرهمين، و حملها إلى داره، و عاد إلى دكانه مسرورا بما فعل.
فقلت:
ـ يا هذا، ما رأيت أعجب من جهلك.اِسْتَمْتَ * عليَّ في هذا البطيخ، و فعلت فعلتك التي فعلت، و كنتُ قد أعطيتك في ثمنه خمسة دراهم، فبعته بدرهمين محمولا !
فقال:
ـ اسكتْ ! هذا يملك مئة ألف دينار!
فعلمتُ أن الناس لا يُكرمون أحدا إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مئة ألف دينار. و أنا لا أزال على ما تراه حتى أسمعَ الناس يقولون إن أبا الطيب قد ملك ألف دينار.
ــــــــــــــــــــــــــــ
جبهني: صدمني
الخان: كلمة فارسية و معناها إما الحانوت أو محل نزول المسافرين (الفندق)
بإجازتك: بعد إذنك
استام البائع على المشتري: غالى في الثمن المطلوب.
ــــــــــــــــــــــــــــ
( الحكاية من كتاب " الصبح المُنْبي عن حيثية المتنبي" ليوسف البديعي)
من كتاب " الف حكاية و حكاية من الأدب العربي القديم" إعداد: حسين أحمد أمين