الأخبار
(يسرائيل هيوم): هكذا حاولت حماس اختراق قاعدة سرية إسرائيلية عبر شركة تنظيفجندي إسرائيلي ينتحر حرقاً بعد معاناته النفسية من مشاركته في حرب غزةالهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينية
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية/ ممرات الانتظار .. شوق حارق الحلقات 16- 17 -18 بقلم : ازدهار الانصاري

تاريخ النشر : 2010-06-27
- 16 -

حين التقيا تلك الليلة كانت أحلام شاردة الفكر, دامعة العنين كانو يؤلمه رؤيتها تبكي تساءل:
-حبيبتي ما بك! ما سر دموعك وشرودك؟
- آه حبيبي انه الألم الذي يصر على مواجهتنا بصلافة وقهر..
- حبيبتي ما الامر احك لي؟
- نعم حبيبي سأحكي لك قصة رجل من حينا لم يفق من صدمة حتى وقع في أخرى سأحكي لك حكايته كلها.
في الأيام الماضية دأب على ممارسة عمله بنشاط كبير وحيوية كان يشعر أنها غادرته نتيجة كبر السن, او لعله واقع البلد المضني بمتاهاته المختلفة, غير أنه في أحدى اللحظات قرر أن يعيد حساباته ويبدأ حياته المليئة بالمفاجآت والصدف المختلفة بتخطيط أكثر دراية ودقة..
في ذلك الصباح وهو يخرج من بيته مصطحبا معه ولده البكر, وليد ليتشرب مهنة أبيه وجده لم يدر بخلده نوع الأحداث التي ستواجهه.. لعله كان يحسب حسابا للزحام الذي يملأ الطرق وصعوبة الوصول الى محل عمله..!
لعله كان يفكر بأن الناس وعلى الرغم من الأسى الذي يعيش بينهم إلا أنهم قرروا ان لا يتركوا الابتسامة والفرح، لذا فهم مازالوا يفرحون في أعراسهم ويشترون كل حسب إمكاناته لوازم العرس والفرح.. وكان اليوم موعدا لتسليم غرفة نوم عروس وعليه أن يصل مبكرا كي يكمل بعض أشياء ناقصة, ومن بينها التشطيبات النهائية فهم مستعجلون جدا على تزويج ولدهم لكي يأتي الحفيد سريعا، ذلك الامتداد الذي سيبقى أبدا أشجار مثمرة في زمن الجدب.. بعد لأي وجهد، وطرقات مليئة بدبابات الاحتلال ومدرعاته التي تغلق الشوارع كي تمر قوافل المحتلين وصل الى محل عمله, لم تكن هذه الصورة تفارق ذهنه على الرغم من تأكده أن لن يصيبه إلا ما كتبه الله لكنه!
في ذلك اليوم كان شديد القلق, ولا يعرف مبررا جديدا لقلقه سوى ما يعرف.. دخل محله وأرسل ولده لجلب الشاي من المقهى القريب, وحين عاد الولد وهو شاب يافع في السابعة عشرة من عمره الى المحل حاملا صينية الأكواب وبراد الشاي, سأله والده عما سيقوم به من عمل, وطلب إليه أن يهتم بالزبائن القادمين ريثما يشرب شايه وسيجارته التي لا تفارق شفتيه على الإطلاق..
كان نجارا ما هرا وعمله متقن على الدوام, والزبائن تأتيه من كل حدب وصوب لأمانته ودقته في العمل والمواعيد.. ذهب الولد لمتابعة العمل وجلس ساكنا محدقا في ثلة من الشباب.. دخلوا الشارع وهم يحملون أسلحة خفيفة في أحزمتهم.. داخله خوف شديد ورعب وتساءل بين نفسه:
- ترى على من أتى الدور اليوم?
وقفت العصابة أمام محله فترك الشاي وذهب يستطلع الامر، ووجدهم يسألون عن رجل يعمل قريبا منهم يسألون الشاب وليد الذي قرر أن لا يرد إلا بكلمة لا أعرف أو لا أدري.. وحين وصل إليهم راح يسألهم عن بغيتهم وماذا يريدون من الرجل حدجه أحدهم بنظرات شزرة وقال له:
- أجبنا ولا تسأل ثم من أي الأديان أنت.. ومن أي المذاهب..؟؟
أصابه هلع شديد, ونظر الى ولده الواقف بجانبه صامتا ينتظر رد أبيه وأجابهم:
-أنا مسلم..
فرد عليه ذات الشخص:
-نعم ومن أي المذاهب أنت..؟
أصر على أن لا يجيب سوى بأنه مسلم فقط..!! نظر أفراد العصابة بعضهم البعض وغادروا المحل.. حينها أ حس الرجل براحة يتخللها خوف رهيب عميق.. وعاد الى استكمال العمل الذي كان مقررا موعده اليوم ومضى النهار وهو غارق وولده في العمل حتى أنّ تناولهم لطعام الغداء كان سريعا, ولم يأخذ قسط الراحة الذي تعوده طوال حياته في هذا العمل..
قبل لحظات الغروب بقليل حضر العريس صاحب الغرفة وأعجب أيما أعجاب بالعمل المتقن الذي قام به الرجل, وفي أثناء تحميل الأغراض في سيارة النقل عادت ثلة العصابة وكان في المحل ما لا يقل عن سبعة أشخاص.. أما هو فكان جالسا عند طاولة في أقصى مكان من المحل، وولده وعاملين والعريس ومع آخرين يحمّلون الأثاث الى السيارة وفي طرفة عين انهال إطلاق الرصاص على المحل ويا للهول...!!!!!
فاجعة..!!!
كان يحاول الوقوف والوصول الى مكان المجزرة التي حدثت في محله وهو فيه, ولم يصبه خدش حتى كان أمرا صعبا.. قدماه لم تكن لتسعفه وهو يطلق العنان لصوته صارخا..
- وليد ولدي..!!!
كان بعض الضحايا قد اسلم الروح فورا, وكان وليد ساقطا على الأرض ينزف دمه القاني بغزارة مازال حيا, خرج الأب الى الناس الذين تجمهروا وهم يضربون كفا بكف على المجزرة التي حدثت ,وبعضهم يحمل الجرحى وهو يصرخ:
- خذوني معكم ابني وليد ابني..!!!

في الطريق الى المستشفى كانت روح وليد قد ارتدت حلة الشهداء ويدا بيد مع العريس تم زفافهما الى السماء..
أنهت أحلام حكايتها ونظرت الى احمد الذي غرق وجهه بالدموع.. قال:
- كلنا في الهم شرق لا تحزني حبيبتي هم أحياء عند ربهم يرزقون لابد للغد ان يأتي وحينها تنفرج السماء بشمس ساطعة ناصعة
تنهدت أحلام قائلة:
-لابد اذا من الانتظار ولكن حتى متى.. حتى.. متى..

يتبع..


---------------------------------------------------------

-17-

قال لها الطبيب: ا
- احذري, فأنت قاب قوسين أو أدنى من الموت
قالت لأحمد:
- وضعي الصحي يسوء لا ادري ما افعل..
جن أحمد:
- أنا السبب في تعبك.. كيف أنسَ انك مريضة حين يتملكني شيطان الغيرة الأعمى..
تؤكد له:
- لا حبيبي ليس أنت.. أنت عبق الحياة, أنت الهواء الذي أتنفس.. أنت بقائي لا تقل هذا مجددا ولأجلك حبيبي سأظل أقاوم لن أسمح للموت أن يقترب مني.. سأعاركه بقوة ولكن كن معي كن قريبا..كي أعيشك كي أتنفسك يا حبة القلب ومهجة الروح وعمق الوجدان.. احبك.. أحلامك عاشقتك مخلصتك الى الأبد..
- آآآه حبيبتي يا مرفأي وسكني ومرساي الاخير, يا حبي الكبير دوما أنا معك, سامحي جنوني لو تطاول في لحظات الغيرة, سامحيه كوني بخير, هل نسيت أمنياتنا في اللقاء وأمنياتنا بتحقيق الأمان والوصول اليه والحصول على السلام, كي نعيش أخيرا ونحقق أحلامنا.. أحلامي أنت رائعتي راقيتي الحبيبة الغالية.. الصبورة التي تحتملني حين افقد إحساسي بذاتي..
-احبك يا أناي أحبك, يا كل الحب وكل الحياة يا كلي وأغلى من حياتي..
تسرح أحلام.. يتساءل احمد ما بالك حبيبتي
تؤكد له ان لاشيء ويؤكد لها ان قلبه يشعر بها.. تقول:
- بغداد تحتضر.. تقتلها أياد خفية.. تقتلع قلبها وتفقأ عينيها.. موت مجاني على الأرصفة.. لعبة تعود الى الساحات، وعلى أبواب رمضان، تبكي الأمهات الثكالى .. تنوح الأرامل على أزواج كانوا السند والحب والعافية.. ويصرخ أيتام أين بيوتنا..؟ أين أمهاتنا..؟؟ من ذبح من..؟؟
القصف لا ينتهي وقتل الروح لا يغتفر.. بين الأنقاض تبحث الأم عن الرضيع الذي ألقمته ثديها قبل قليل.. هاهي تجد قطعة من ملابسه..!
تظل تنفش الأنقاض والأحجار بقلب مات منذ زمن.. وعينان ذابلتان..!!
تبحث عن الرضيع الذي رماه عصف الانفجار في الهاوية.. تبكي الدموع دما قانيا.. تتوجع الأجساد.. ممتهن أنت أيها المسكين لا قيمة لك في زمن أخرق.. تحتضر بغداد..تحكي هلوسات من نيران موقدة في الروح..!
النواح يزداد.. كل البيوت تعلن الحداد.. الموت مجاني.. يقتلون تحت مختلف المسميات.. الموت يزداد شراسة.. التفجيرات تتوزع في الأمكنة كلها والزمن واحد.. الساعة صفر..!! ورمضان يدق الأبواب الصدئة..!!
تحتكم أحلام الى الله.. ليس إلا هو من ينقذهم من قذارة وسفالة أكلة لحوم البشر.. لكنها لن تموت مازالت هناك أمنيات, وأحلام على الرغم من العفن الذي يترصد نفوسا بريئة تبدأ مشوار الحياة.. ستظل تحكي وتحكي في انتظار الزمن القادم..!!
فقأوا عينيها..! استباحوا جسدها..! اقتلعوا قلبها..! حاولوا اغتصاب الروح, لكنها ما تزال تنوح وتحكي بكل اللغات.. لعل كلمة ما تصل يوما نحو البدء
***
في صباح اليوم التالي كان الحي كله خامدا تحت وطأة وثقل انتشار الجنود في أركانه..
كانت تتابع بوجع جارها المسكين الذي يحاول الخروج الى عمله..
لكن الجيش يسد كل المنافذ..
البيوت تنام كقبور باردة والصباح هو أحد صباحات رمضان..
- أرجوك أخي لابد ان اذهب الأن إنه وقت دوامي.. لا أحد يرحم لو تأخرت
- ابتعد وعد الى منزلك إياك أن تغادره..!!
يتصل صادق بأحد الزملاء:
-المنطقة محاطة بالجيش ولا يسمحون لنا بالمغادرة ما العمل..؟
على الطرف الآخر صوت المدير:
- قل له ان لم يأت فسيخصم من راتبه الشهري, لا موانع للقدوم إنما هي حجج واهية..!!

يقسم صادق أنه صادق في ما يقول.. لكن المدير يصر هو الآخر على قطع مرتبه
يتوسل اليه:
- لدي عائلة والعيد قادم والمرتب لا يكفي للمعيشة فكيف تخصم منه أرجوك سيدي المدير لا تفعل سأحاول إقناع الجيش بالمجيء
يتوسل صادق الى الضابط:
- سيدي سيقطعون راتبي إن لم أذهب.. ماذا أفعل ساعدني أنت؟؟؟
يرق له قلب الضابط ويسمح له بالخروج ولكن!
قبل ذلك لابد من خروج العائلة من البيت
- سيدي لماذا؟؟
يبتسم الضابط وعلامات الحزن بادية على وجهه...
- أخي أرجوك ابتعد بعائلتك من هنا واخلِ البيت فورا بجواركم عبوّة ناسفة..!
ينسى العمل وقطع الراتب والمدير ويهرول ساعيا لإخراج أهله من البيت..
هناك صوت انفجار عاصف يهز المنطقة في الشارع الآخر.. وصادق يحمل أطفاله ويسحب أمه المقعدة للخروج من البيت..
الساعة الآن هي الثانية عشرة ظهرا.. يصل صادق منهكا الى العمل ويفاجأ بتغييبه لذلك اليوم.. يجلس منهكا واضعا رأسه بين كفيه صوت انفجار آخر يهز الجدران..!
صوت قادم اليه من البعيد..
- قم بني لا تيأس من رحمة الله
- قلق أنا على عائلتي وبيتي الذي قد ينهبه المتسللون..
وفوق هذا مغيب عن العمل والراتب لا يصمد عدة أيام قليلة من الشهر والإيجار والقهر والاحتلال والحصة التموينية التي لم يبق منها شيء لم يقتطع..
يضرب الرجل كفا بكف يصرخ صادق.. حسبي الله ونعم الوكيل.. تتصل زوجته.. الأطفال يبكون يريدون العودة الى البيت.. يقولون انه تم تفكيك العبوة فلماذا لا نعود..
-عزيزتي ومن يضمن لنا عدم وجود مفخخة بدل العبوة..؟؟؟؟؟؟
يتبع..

-------------------------------------------------------------

-18-
وتظل أحلام تستمع الى الحكايات وهي ترقد فوق سرير المرض، تستمع الى شكاوى النساء وبكائهن ونواحهن في زياراتهن المتواصلة, بعد ان فقدت قدرتها على الحركة وحيث لم يعد في هذه الأرض غير النواح والشكوى..
قالت المرأة:
- قررت الهجرة والابتعاد.. لم تعد لي قدرة على الاحتمال..
طاقتي انتهت وملّ الصبر من صبري.. تلوك القلب حسرات الفراق وتوجع الروح مساحات مظلمة ما بين السراب والعتمة تدور.. أدرك ان الوقت قد حان لانفلات بعيد.. العودة حيث اللا مكان جزء من الزمن المتاح..
تسرح أحلام تطالعها قطتها بحذر..!!
- هل نويت الهجرة فعلا..؟
- الى أين يا أحلام..؟ مازال هناك حديث لم ينته بعد.. تعرف أن الأحاديث والحكايات لا تنتهي.. لكنها مصابة الآن بخيبة كسائر الخيبات التي مرت..!
لم تعد حكاياتها تثير الفرح.. تمضغها آهات الألم المتصل.. عليها أن تغادر لعل في هجرتها نبع أخر جديد تنبض منه الحكايات.. تبحث عن سبيل للقاء أحمد لكن الطرق كلها محاطة بالعسس من كل مكان.. تمد يدها اليه عبر المديات لعله يأخذ بيدها نحو عالم سماوي بهي لا قتال فيه.. لا دمار.. لا خراب..!! عالم يحمل في جنباته أريج الحب والسلام..
القطة تحاورها:
- هلمي إليّ عودي حيثما التقينا هناك أول مرة..!!
-لا أملك سبيلا للذهاب.. الطرق مغلقة أمامي.. الدروب عليها عسس محتل.. أبحث عن سبيل لهجرتي.. أبحث عن سلام بين الحطام.. أبحث عن درب يوصلني ولكن..!
-هناك أمل بالوصول دائما لا تيأسي مازال المشوار طويلا.. استنهضي قوتك في زمن الخذلان والتيه..!
- هاأنذا أستنهضها لتعلن على الملأ أن الخير قادم ولاشك.. وأن الشمس مشرقة ولا ريب.. الأمل برعم صغير مازال يمتد جذورا.. ويحلق بجناحين يغلفهما زغب العصافير نعم هاأنذا قادمة الى هناك.. ولكن! حين أجد الطريق لن أقول وداعا.. مد يدك احمد ضمني أليك, احتوي عبراتي, احتويني لعلنا نلمس الواقع..
حبيبي لم اعد احتمل الانتظار..


يتبع ..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف