الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

تاريخ النشر : 2010-06-26
رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
صدر عن مؤتمر اليوم الواحد فى دورته السابعة لثقافة القليوبية كتابا بعنوان ( رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة ) ويقع فى 203 صفحة من القطع الكبير وضم شهادات ودراسات حول إبداعات الشاعر رفعت المرصفى لكل من :
محمد عبد الحافظ ناصف ( رفعت المرصفى شاعر مهم ) .
الدكتور حسن فتح الباب ( الفروسية لحن أساسى فى قيثارة رفعت المرصفى ) .
عبد المنعم عواد يوسف ( رفعت المرصفى ومنجزه الشعرى ) .
الدكتور محمد السيد إسماعيل ( شعرية المعادلات الموضوعية فى ديوان للعشق رائحة البحر ) .
يس قطب الفيل ( دراسة نقدية حول ديوان حروف على صفحة القلب ) .
الدكتور عبد المنعم خاطر ( بين أفراح الصفار وأتراح الكبار ) .
محمد الصادق جودة ( الحس الصوفى وتجلياته عند رفعت المرصفى) .
أحمد علوانى ( الشاعر المحتجب خلف اللغز ) .
يعقوب شيحا ( رؤية نقدية حول ديوان دماء على جدران التاريخ ) .
الدكتور أمجد ريان ( حول التجربة الرومانسية الجديدة .. قراءة فى ديوان حروف على صفحة القلب ) .
الدكتور يحيى خاطر ( البوح والصهيل فى شعر رفعت المرصفى ) .
عبد المجيد عسكر ( دراسة نقدية حول ديوان الله عليك يا زمان الطيبين ) .
إبراهيم خليل إبراهيم ( قصيدة الومضة وخصوصية البناء الشعرى والهم القومى فى شعر رفعت المرصفى ) .
عبد الناصر الجوهرى ( ثنائية الشعر والتواصل عند رفعت المرصفى ) .
بالإضافة إلى قصيدة شعرية بعنوان ( مقطع من نشيد الوفاء ) .
كما ضم الكتاب أيضا شهادات شعرية ونثرية لكل من المبدعين .. محمود خليفة غانم وطارق عمران ومحمد الشرنوبى شاهين ووليد دويكات ومحمود بطوش ومحمود أبو عيشة وسامى سرحان وعبد الشكور ضرار ورضا عبد الفتاح غنيم وعلى منصور فضة .. هذا بالإضافة إلى السيرة الذاتية للشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى .
فى تصدير الكتاب قال الأديب محمد عبد الحافظ ناصف مدير عام ثقافة القليوبية :
رفعت المرصفى شاعر مهم من شعراء السبعينيات أشاع حالة من الإبداع الشعرى والنقدى وأدب الأطفال فى القليوبية ومصر والعالم العربى .. قدره الأدباء العرب وحصل على عدة جوائز مهمة فى الشعر وأدب الطفل وأهم مايميز المرصفى أنه أديب يملك خاصية الشمولية والتنوع كما أنه يملك محبة الآخرين ومساعدتهم من خلال صالونه الثقافى الذى يذكرنى بصالون صديقى الأديب فريد معوض فى سامول .
إن إلقاء الضوء النقدى على أعماله الأدبية واجب مهم تجاه الإبداع الذى نقدره ونحبه وصدور كتاب عنه فى تصورى هو الغاية الكبرى التى يتمنى وجودها أى مبدع خصوصا فى حالة الفساد النقدى المنتشر الآن .. ونرجو أن نكون قد قدمنا شيئا يليق بإبداعه ومجهوده الثقافى فى القليوبية وفى أقاليم مصر المختلفة .
ومن الدراسة النقدية للشاعر الكبير الدكتور حسن فتح الباب حول ديوان ( هل ولى زمن الفرسان ) للشاعر رفعت المرصفى نذكر :
ليس سمو المضمون وحده هو الذى يميز ديوان ( هل ولى زمن الفرسان ) لشاعرنا رفعت المرصفى لأن هذا السمو لابد أن يقترن بخصائص أسلوبية تشى بالقدرة على تصوير المعانى التى يبثها الشاعر وهذا ماتدل عليه كثير من فصائد هذا الديوان ومن هذه الخصائص كثرة استعمال أدوات الاستفهام الدالة على الدهشة والحيرة والتقنية الفنية للتكرار والترديد مثل ختام القصيدة بالسطورالأولى كما يحدث فى الموسيقى السيمفونية وإستعمال تقنية الجناس مثل : فأذابنا .. وإذا بنا .. ومثل : سيرة .. وسورة وسرة .
ومن هذه الخصائص الفنية التى يتميز بها شاعرنا إستعمال الأسلوب القصصى كما فى قصيدة ( حالتان ) التى جاءت فى صورة حوارية وهى من روائع هذا الديوان وقصيدة ( زهرتان ) التى يحلق فيها الشاعر إلى ذروة جمالية ومن ثم فإن شاعرنا لايؤدى رسالة إجتماعية وإنسانية فقط بل يقدم لنا رسالة جمالية أيضا .
وقال الشاعر عبد المجيد عسكر : إن القارىء والمتأمل لشعر رفعت المرصفى يدرك أنه أمام شاعر كبير ممتلك لأدواته الشعرية ومتفرد فى صوره ومجدد فى تناوله لموضوعاته ومتمكن من زمام أوزانه وقوافيه .. مستحوذ على قاموس خاص به ومتجدد دائما .
وأضاف الشاعر عبد المجيد عسكر : إن قصيدة ( الله عليك يازمان الطيبين ) للشاعر رفعت المرصفى قد حلقنا وطفنا معها فى أجواء وعطر المكان والزمان وذكريات زمن الغناء الجميل وشهر رمضان المعظم .. فقد أستطاع شاعرنا أن يحول ذكرياته وسيرته الذاتية إلى ذكريات وسيرة ذاتية لكل إنسان فى كل مكان وزمان كما حول ذكرياته إلى جسد حى بث فيه الروح .
وفى نفس السياق يقول الشاعر محمود بطوش : يأتى الديوان ( الله عليك يازمان الطيبين ) كوحدة واحدة فهو ليس مجموعة شعرية متنوعة ولكنه دفقة واحدة اعتمدت على التفاصيل الحميمية والعلاقات النفسية .. سيرة لم تغرق فى ذاتيتها بقدر ذوبانها فى المجموع مما حقق للذات كينونتها فأصبحت صافية نقية .
وفى ختام كلمته قال : إن المدقق فى عناوين إبداعات الشاعر رفعت المرصفى يلحظ للمكان مكانة حية وأساسية ونذكر على سبيل المثال : مرصفا الشاعرة .. الله عليك يازمان الطيبين .. دماء على جدران التاريخ .. حروف على صفحة القلب .. للعشق رائحة البحر .. ألخ .. وهى عناوين كاشفة ودالة على رؤية رفعت المرصفى الخاصة لتجاربه الشعرية والحياتية .
وعن قصيدة الومضة فى شعر رفعت المرصفى قال الأديب الصحفى إبراهيم خليل إبراهيم :
تعتبر قصيدة الومضة هى قصيدة التكثيف الشديد والتلميح الأشد حيث تكون فيها مساحة المُصرَّح به أقل بكثير من مساحة المسكوت عنه وفى هذا النوع من القصائد يحيل الشاعر المتلقى إلى كل حرف من حروف قصيدته ومن ثم فهى تسمح للمتلقى بإعمال فكره واستخدام كل مهاراته الثقافية والأدبية واللغوية لفك طلاسم هذه القصيدة ، وقصيدة الومضة تعتبر قصيدة المثقفين ولا يمكن لأنصاف المثقفين أن يتعاملوا معها أو حتى يستمتعوا بها .
ويمكن أيضاً أن نقول أنها قصيدة النضج واكتمال المعين الشعرى لشاعرها ويمكن أيضا أن نقول أنها قصيدة الصمت الإيجابى أو الصمت المقروء .
قصيدة الومضة أيضاً هى قصيدة الدهشة فى أنقى معانيها ..
ويمكن القول باختصار أنها القصيدة التى تستنفر عقل وفكر المتلقى ليكون على قدر مستواها الفكرى والأدبى .
وقصيدة الومضة هذه مأخوذة عن " ابجرامات" الشعر الإنجليزى الحديث وقد كتب تحت هذا العنوان " إبجرامات " الشاعر الدكتور حسن فتح الباب و الشاعر والناقد الكبير د. عز الدين إسماعيل – رحمة الله عليه - العديد من قصائد الومضة فى التسعينات من القرن الماضى ومن الشعراء الذين يكتبونها باقتدار حتى الآن الشاعر والناقد الكبير د. كمال نشأت تحت عنوان " قصائد قصيرة " وقد صدر له ديوان كامل تحت هذا الاسم كما أن الشاعر والناقد الكبير عبد المنعم عواد يوسف يكتب هذه القصيدة أيضا بحكم نضجه وامتداد تجربته الشعرية والنقدية .
ومن الجدير بالذكر أن نؤكد على أن الذين يتصدون لكتابة هذه القصيدة يجب أن يتخرجوا أولا من كل المدارس الشعرية المختلفة قديمها وحديثها بدءا من المدرسة العمودية وحتى ما يسمى الآن بقصيدة النثر وللحق أؤكد أن شاعرنا رفعت المرصفى قد تصدى لكتابة هذا النوع من الشعر باقتدار فقد بدأ فى كتابتها ضمن ديوانه الثالث " حروف على صفحة القلب" الصادر عام 1998 وأيضاً كتبها ضمن ديوانه الرابع " دماء على جدران التاريخ" الصادر عام 2000 ثم أصدر ديوانه " للعشق رائحة البحر " 2003 الذى جاءت معظم قصائده من قصائد الومضة وبتصدى شاعرنا الكبير رفعت المرصفى لهذا النوع من الكتابة الشعرية يعلن بشكل غير مباشر عن اكتمال معينه الشعرى بكل أبعاده الفنية والإنسانية ويعلن بشكل غير مباشر عن وصوله إلى قمة الهرم الشعرى والمعرفى فشاعرنا له عشرات الإصدارات الشعرية والنقدية التى تخاطب الكبار والصغار .... ولما لا وشاعرنا يكتب فى معظم الدوريات المصرية والعربية منذ منتصف الثمانينات وحتى الآن .
نعود إلى قصيدة الومضة عند رفعت المرصفى ونختار بعض النماذج من إبداعاته لتكون الدليل والبرهان على ما قدمنا .

الومضة الأولى :
البحرُ كتابُ لجنونى / ينمو الجمرُ على أحرفِهِ
أُقرؤهُ ... حين تُجنُّ الشمسُ
وحين تُجنُّ الأسماكُ
يقرؤهُ المُصطافون
والنموذج السابق يتكون من ستة عشر كلمة تتحدث عن تجربة إنسانية شديدة الجمال وشديدة الإيحاء يمكن أن تفرد لها صفحات فى عالم النثر فكل سطر من سطورها يحتاج لمساحات كبيرة لشرحه وتحليله كما أن هناك مساحات كبيرة مسكوت عنها أو متوارية بين السطور وعلى المتلقى أن يبحث عنها كل حسب مخزونه المعرفى ومنظوره الجمالى .

الومضة الثانية :
الموجُ لا تهابهُ الشطوط / لكنّها تميلُ كى يفوتْ
فلا الشطوطُ قد طواها البحرُ يوما
ولا الهديرُ قد أصابهُ القُنوطْ
وهكذا نعيشُ أو نموتْ
إنها تجربة شعرية غاية فى العمق وآية فى الجمال صاغها شاعرنا فى إحدى وعشرين كلمة ولكن بين هذه الكلمات آلاف من الكلمات والمعانى مسكوتاً عنها.
وعلى المتلقى أن يتأمل ويبحث ويحلل حتى يصل إلى ذروة المتعة الشعرية والتأملية ... ألم أقل لكم أنها قصيدة المثقفين ؟
يطرح الشاعر تجربة الحياة والموت وما بينهما فيأتى بمعادل موضوعى للتجربة وهو البحر والشطوط وما بينهما ، تجربة عميقة وقوية تم رصدها فى كلمات قليلة تحمل كل معانى وعطاءات التجربة بين سطورها ، فالتجربة هنا كالومضة التى تلقى بأضوائها على من حولها ولمساحات بعيدة حسب ثقافة وفكر كل متلق .
وعن خصوصية البناء الشعرى عند رفعت المرصفى قال أيضا الأديب الصحفى إبراهيم خليل إبراهيم :
لكل شاعر مذاقه الخاص ونكهته الجاذبة التى تؤسس له التميز عن غيره وكلما تفرَّد الشاعر بالخصوصية كلما خط اسمه بحروف من نور على جبين الشعر الحديث وأستطيع أن أُجزم فى هذا البحث أن شاعرنا الكبير رفعت المرصفى إستطاع أن يفرض مذاقه الخاص فى هذا السياق فبالإضافة إلى معجمه الرومانسى المتميز الآخاذ وصوره الشعرية الطازجة الرفافة وأيضاً بالإضافة إلى لغته السلسة المُنسابة كل ذلك مجتمعاً أفرد له مكاناً متميزاً على الخريطة الشعرية ويمكن القول بأن هذا الرصيد من التميز الذى يحظى به الشاعر الكبير رفعت المرصفى لم يأت فجأة أو من فراغ وإنما تأكد على مدار تجربة حياتية وفنية ممتدة عبر عشرات الإصدارات الشعرية والنقدية للأطفال وللكبار التى استطاعت أن ترسخ وتؤكد خصوصية البناء الشعرى عند رفعت المرصفى ولنتأمل بعضاً من المقاطع الشعرية المرصفية التى تدلل على ما قدمنا ً :
هاأنذا.....أتوضأُ من طيفك كلَّ مساء
أستقبلُ محراب الذكرى / ألمحك على شاطئ
منفاى الأبدىّ / أغادر طوق الوقت
وجلباب العمرِ / أجوبُ ضفاف الحلمِ
وأصعدُ / وأصعدُ / وأصعدُ
يرتدُ بُراقى / محتضنا عينيك وذاكرتى
يا وجهاً.... قد بعثَ الفَجر بأنسجتي
والذى يتأمل هذا الطّرح الشعرى يستطيع أن يشتم عبق شاعرنا رفعت المرصفى ، فها هو معجمه الرومانسى الرفّاف يتماوج بين شطوط قصائده فكلمات الوضوء والطيف والمساء والمحراب والذكرى والشاطئ والضفاف والحلم والعيون .....إلخ هى من مفردات المعجم الرومانسى الخاص بشاعرنا المرصفى والمتأمل لشعره يستطيع أن يرصد هذا المعجم فى معظم إنتاجه .
هذا بالنسبة للمعجم الرومانسى الشفاف ، أما بالنسبة للصورة الشعرية نجدها هنا صورة رئيسية يتلوها عدد من الصور الجزئية التى تفسرها أو تستكملها ولكن فى وحدة عضوية واحدة وفى نسيج شعرى واحد حتى أن القارئ لا يستطيع التوقف إلا بعد انتهاء الدفقة الشعرية والتى تأتى بنهاية المقطع الشعرى .
والمتأمل لبداية الصور الجزئية المكونة للصورة الرئيسية المشار إليها يجد أنها تبدأ بالأفعال المضارعة مثل : أتوضأ – أستقبل – ألمحْ – أغادر – أجوب – أصعدُ ... وهذه الأفعال المضارعة إنما تدل على بداية الحدث واستمراره وبالتالى لا يستطيع القارئ أن يستريح فى الوقوف إلا عندما تكتمل الصورة فى ذهنه ويكتمل المعنى أيضاً وهذا الاكتمال فى الصورة والمعنى معا لا يتأتى إلا مع نهاية المقطع الشعرى أو الدفقة الشعرية عندما يقول :
يرتدُّ بُراقى / مُحتضنا عينيك وذاكرتى
يا وجهاً.... قد بعث الفجر بأنسجتي
ويمكن أن نؤكد أيضاً على هذه الخصوصية فى البناء الشعرى عند رفعت المرصفى إذا تأملنا المقطع الشعرى التالى أو الدفقة الشعرية التالية :
قصيدةُُ / راودتُّها عن نفسها / فاستعصَمتْ
بخّرتُها – فاستعصَمتْ / سكَّنتُها فى أُعينى
أشعلْتُ دمعى فوقها / هطلتُ فى رحابها
ألقيتُ بالشاى الخفيف / الذكريات
بالرحيل المُستضاء فى عروقها
فأومأتْ بسرّها وأشرقتْ
ثم استطالت فى وريدى أغنياتٍ للخلود
ونستطيع أن نرصد منهج البناء الشعرى ونتتبعه عند شاعرنا من خلال الصورة الكلية والتى تتشكل من مجموعة من الصور الجزئية ولكن فى نسيج واحد محكم فلا يمكنك الفصل بين الصورة الرئيسة والصور الجزئية المكونة لها فالجميع فى وحدة عضوية واحدة وفى نسيج شعرى واحد يتميز بالترابط والتماسك .
وتستطيع عزيزى القارئ أن تتأمل دور الأفعال الماضية التى تسبق الصور الجزئية المكونة للصورة الكلية لمقطعه الشعرى أو لدفقته الشعرية فمثلا الأفعال الماضية : راودتها – بخَّرتُها – سَّكنتها – أشعلت – هطلتُ – ألقيتُ ...إلخ .
هذه الجمل الفعلية المتلاحقة تجعل المتلقى لا يستطيع أن يقف بارتياح قبل أن يصل إلى نتيجة هذه الأفعال أى عند الجملة الشعرية التى يقول فيها :
فأومأت بسرها وأشرقت
ثم استطالت فى وريدى أغنيات للخلود
فالجملتان الأخيرتان هما المتممتان الأساسيتان للدفقة الشعرية الممتدة التى سبقتهما ومن هنا يتميز رفعت المرصفى بهذه الخصوصية فى البناء .فالصورة الممتدة والمركبة من عدد من الصور الجزئية والتى تمثل فى مجموعها وحدة عضوية واحدة كما تمثل أيضاً دفقة شعرية كاملة هى من أهم سمات البناء الشعرى عند شاعرنا رفعت المرصفى ويمكن للقارئ المتمرس أن يتعرف على شاعرنا من خلال هذه الخصوصية بصرف النظر عن وجود اسمه أعلى النص الشعرى أو عدم وجوده .وبنفس السياق التأملى نقرأ ما يقوله شاعرنا فى المقطع التالى :
ها أنتِ على نصل الموج
تَضُمّينَ أحاديث الماء وذاكرة البحر
تَبُثّينَ تراتيل فصول الأزمنةِ الأولى
تَقفِينَ بباب مضيق الحزِن .....
زهوراً تتغنى / ونزيفا يرسمنى
فالصور الجزئية التى أعقبت الصورة الرئيسة تبدأ بالأفعال الماضية كالتالى :
تضمين – تبثين – تقفين ...إلخ
إلى أن تصل بنا هذه الصور الجزئية إلى نهاية الدفقة الشعرية التى يقول فيها :
زهوراً تتغنى / ونزيفا يرسمنى
وبالتالى فقد أتى شاعرنا بصورة رئيسة يقول فيها : " ها أنتِ على نصل الموج " ثم أعقبها بنوع من التداعى الشعرى الجميل بمجموعة من الصور الجزئية التى تستكملها شرحاً ومعنىً فى سياق شعرى متماسك من البداية حتى النهاية .
وبنفس الطرح البحثى والتأملى نقرأ ما يقول شاعرنا رفعت المرصفى فى الدفقة الشعرية التالية :
أيتها المدينة التى دُخانها دمى
وعطرها رخامُُ مُستباح
مُشتتُ على حروف النزيفِ والرغيفِ والمُشتهى
تلوكُهُ الموائدُ المُرصّعات بالنهودِ
والنقودِ والعطايا
أيتُها المدينة ...... المدينةْ
الليل جدار الفقراء الشعراء العابدين
الذين ينامون على أرصفةِ الجمر
يلوكون حروف الجمر وحِنّاء الفجرِ
وطَمى الروح
أيتها المدينة التى .... عطورها جروح
وهنا بدأ شاعرنا الدفقة مخاطباً المدينة بصورة شعرية رئيسية متمثلة فى السطر الأول والثانى منها ثم أعقبها ببعض الصور الحزينة الموضحة لها تفسيراً ومعنى فالمدينة عطرها رخام مُستباح وهذه هى الصورة الرئيسة ثم يستكمل المعنى بقوله أن هذا العطر الرخام المستباح مشتت على حروف النزيف والرغيف والمشتهى ، تلوكه الموائد المرصعات بالنهود والنقود والعطايا وهكذا ... يتأكد التميز والتفرد والخصوصية فى البناء الشعرى وفى بناء الصورة عند شاعرنا منذ نشأتها امتدادها وتركيبها من عدد من الصور الجزئية التى تكون فى نهايتها الدفقة الشعرية الكاملة .
وأيضاً الإيجاز فى صورة رئيسية ثم التفصيل واستكمال المعنى فى عدد من الصور والمشاهد الجزئية .
ومن الخصائص الهامة فى البناء المعمارى للقصيدة عند شاعرنا خاصية التوظيف الدلالى للمفردات فكل لفظة لها مكانها المحدد بدقة بالغة وشاعرية محسوبة .
ولنتأمل ما يقوله فى هذا السياق من خلال الدفقة التالية :
أعترفُ الآن بأنّكِ / كُنتِ على حَق
وبأن مبادئ سُقراط / تاهت فى الأرض
وبأن زمان المُعجزة الكُبرى
لن يرجعَ ثانيةً قَطْ
أعترف الآن بأنكِ ... وبأنِّى لم نُولَدْ ..... بعد
ولنتأمل التوظيف الدلالى للمفردات التى أشرنا إليها فى كلمات " تاهت فى الأرض " حيث كلمة فى الأرض تؤكد معنى التوهان فى كلمة تاهت حيث أن مبادئ سقراط تاهت فى كل أنحاء الأرض بامتدادها ورحابتها ، كما أن كلمة سقراط جاءت رامزة إلى الحكمة المتمثلة فى شخص بطل النص أو الشاعر .
ثم تأتى خاتمة القصيدة لتشكل أروع ما فيها توظيفا وتوصيفاً
أعترف الآن بأنك ... وبأنى / لم نولد ..... بعد
وأنا اعترف الآن أيضاً عزيزى القارئ بعد هذا الطرح الموجز بخصوصية شاعرنا رفعت المرصفى المتفردة فى البناء الشعرى بأبعاده المختلفة وفى مذاقه الخاص الذى نشتم عبقه ونستشعره من مسافات بعيدة ومن زوايا مختلفة .
وعن الهم القومى فى شعر رفعت المرصفى قال الأديب الصحفى إبراهيم خليل إبراهيم :
الشاعر رفعت عبد الوهاب المرصفى يُسطر بقلبه قبل قلمه الكثير والكثير من قصائد الشجن حول هموم أمته العربية والإسلامية ..ففى قضية المسجد الأقصى السليب مسرى النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، وأولى القبلتين ، وثالث الحرمين ، ودعماً لانتفاضة الشعب الفلسطينى الباسل والتى يجاهد فيها بالصدر والحجر ضد ترسانة الأسلحة الإسرائيلية الغادرة الماكرة يقول شاعرنا فى قصيدة بعنوان ( قصائد حجرية ) :
يا أطفال الحُلم الآتى / يا أحفاد صلاح الدين
يا طرح معارك حطين
يا عنوان الدرس الأول / فى الزمن المُعتَل الآخر
الدرسُ .. ومفردهُ حجرُُ / والجمع يُصاغ حجارة
" صبرا صبرا .. آل ياسر"
فالجنة وعد وبشارة / فالجنة وعد وبشارة
وفى مذبحة " قانا " بالجنوب اللبنانى التى اقترفها الكيان الصهيونى الغاشم والتى راح ضحيتها عشرات الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ يقول الشاعر رفعت عبد الوهاب المرصفى فى قصيدة بعنوان " دماء على جدران التاريخ " والتى يحاول فيها الربط بين أحداث الماضى للاستفادة منها فى الحاضر فى منظومة شعرية رائعة حيث يقول :
من مجرى الجُرح " القانى "
ها آنذا ............
أنسلُّ حزينا بعروقِ قديم الأزمنةِ
أسافرُ
ممتطيا صهوة ذاكرتى
وحروف التاريخ دليلى
فيحطُّ جوادى بقبور الأندلس الأولى
يجذبنى بعضُُُ منى
أشتم روائح مجدٍ/ كان .... / ومات
تنبش ذاكرتى عن بعض رُفات
يهتز اللحدُ الماثل قُدّامى
تخرج قرطبة الأم أمامى
وتصيح عتاباً .......
"ما لك والأموات – مالك والأموات"
وتعود لحضن الكفن الدامى
وتتمتم .. آه يا لبنان آه ...آه ...آه
النزف شديد من دمنا والكل يراه
الدرس يعاود ثانية .. وا إسلاماه
وانفعل شاعرنا أيضا مع ما يعانيه الشعب العراقى الشقيق من دمار وخراب على يد قوات التحالف التى استباحت كل شئ ، فعلى لسان الطفل العراقى على إسماعيل عباس الذى فقد ذراعيه ببغداد بفعل القنابل الذكية الأمريكية تساءل شاعرنا فى قصيدته التى تحمل عنوان " هل من ضمائر تستحى ؟ " ونذكُر منها :
ماذا أقول إلى رفاقى
ماذا أقول إذا سُئلت عن الذراع ؟
من يا ترى قطع الذراع ....
أكل الذراع ؟
قلت أسألوهم وحدهم ..
من ذا الذى بعث الجحافل
كى ترَّوع أمننا ؟
من ذا الذى صنع القنابل
كى تدك بلادنا ؟
أو يقبلوَن لطفلهمْ
تقطيع أذرعهِ كما فعلوا بنا ؟
قلت اسألوهم وحدهم
من ذا الذى حرق البراءةَ
والطفولة والصباحْ ؟
من ذا الذى قتل العجائز
والصبايا والملاحْ ؟
وبأى حق نُستهان ونُستباح ؟
ومن الشهادت الشعرية التى ضمها الكتاب الصادر عن المؤتمر بعنوان ( رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة ) نذكر أيضا قول الشاعر عبد الناصر الجوهرى فى قصيدته ( مقطع من نشيد الوفاء ) قوله :
يامن أهديت وشاح الشدو نديا ..
أخبرنى بالله عليك .. فلقد عجزت كل طيوف قصيدى
أن تصف مقاما وإباء
هذا عرس الجنيات ( بوادى عبقر ) خضب بالحناء
ولقد أعيانى المعنى وأخذت لناصية ( والحافر فوق الحافر )
لكن غبار التشبيه تعرى وبدون استحياء
عذرا .. ماقصرت ولكن ..
أرهقنى البحث الدائم عن ملهمة الأشياء
هذى هاجرتى اليوم تقر بأنك رب الأصداء .
ويقول الشاعر طارق عمران :
ياشاعرنا الأبهى / ياصاحب هذا العرس الميمون
يامن تتربع فوق عروش الشعر مليكا
تتألق بالتاج المصنوع من الحب ومن ألق الأزمان
تسكن روح الفكر المقدام
تطحن كل عظام القهر وترفض كل حصار الظلم
وتكسر أنياب الذئب / وتقطع بالشعر رؤوس الجرذان
تتغنى بالعدل وبالحق
تناضل من أجل فلسطين وبغداد
ومن أجل جنوبك يالبنان
لاينسى شعرك آلام الأمة وحصار الأطفال
يامن تشدو دوما بعروبة مصر وعزتها
وتردد بالحب نشيد الوحدة للأخوان
لاينسى شعرك غزة والبوسنة ونضال الأفغان
يارفعتنا / ياشاعرنا الإنسان .
كما قال الشاعر على منصور فضة فى قصيدته التى بعنوان ( نسل الطيبين ) :
مرصفى انت نسل الطيبين
طيب الأوصاف وضاء الجبين
تعلو جواد الشعر خذ بذمامه
يأتى القصيد قوافيا يسرا ولين
يا نسل ( مرصفة ) التليدة سيره
اتيت مقتفيا سبيل الأولين
عفِّ اللسان وعذبه متحدثا
حلو الشمائل جامعا دنيا ودين
يا نهر حب فاضى فيك عذوبه
يروى قوافى الشعر من سحر الحنين
واستغذيت منك الحديت فساءلت
هل كل هذا الحب من ماء وطين ؟!
رفعت رفعت الشعر فوق رؤسنا
تاجا يكللنا فنزهوا باسمين
وبكيت مثل الطفل اشراقا وشدوا
فسكبت دمع الطهر يدوى العاشقين
وقفزت فوق حوائط التاريخ
ترنو للمدى
تستشرق الأيام تختزل السنين
أما الشاعر الزجال عبد الشكور ضرار فقد قال فى قصيدته التى بعنوان ( يامنارة القليوبية ) :
فى البداية الشكر واجب
للى قام ع الحفلة ديا
واللى فكر فى الحفاوة
باسم شاعر له مزية
أخ مخلص يكفى أنه
م السلالة المرصفية
له صالون أدبى فـ بلدنا
فيه منابع شاعرية
ياحسين (1) كرم حفيدك
خد بإيده لأعلى قمة
ياحسين رفعت طالع لك
كله نخوة وكله همة
شعره وافر بالمعانى
والمعانى به ملمة
قول له كمل عـ الرسالة (2)
يامنارة القليوبية .

وفى قصيدة بعنوان ( الحروف فرحانة بيك ) قال الشاعر والصحفى إبراهيم خليل إبراهيم :
يا للى فاتح لينا قلبك
للصُّغير والكبير
يا للى دارك هىَّ دارنا
والصالون أكبر دليل
الحروف فرحانة بيك
والشعر والفن الجميل
فــ احتضانك للمواهب
يا ما قدّمت الكتير
وابتسامتك ليها معنى
طرحها زى العبير
يا للى فاتح لينا قلبك
للصُّغير والكبير
أصل دراك هىّ دارنا
هىّ بيتنا من زمان
لما أسّست الصالون
واتفرش فرحة وأمان
وابتدا يبقى لنا دور
فى الثقافة والمكان
يا للى بنحس فـــ لقاك
بالأخوّة والحنان
ألف همسة شكر ليك
نهديها لك بامتنان
. . . . . . . . . . .
فى الشهامة ليك قصور
وفـ صالونك ألف نور
والحروف لو كات بتنطق
كات قالت لك يا أمير
والكرم لو له ملامح
كان فـ يوم منك يغير
يا للى فاتح لينا قلبك
للصُّغير والكبير
الحروف فرحانة بيك
والشعر والفن الجميل
. . . . . . . . . . .
يا للى بيتك بالحفاوة يضمنا
كل شهر فـ ندوتك بتلمنا
فى حوارى مرصفا
بين الحبايب والمنى
القصايد بينا تفرح
والموسيقى والغُنا
والحوارات الجميلة
والفكاهة والهنا
وفـ نهاية الأمسية
صار وداعك للجميع
زى أروع أغنية
وفــ نهاية الأمسية
صار وداعك للجميع كالتوصية
" اللُّقا دَيما هنا "
" اللُّقا دَيما هنا "

كما قال الشاعر رضا عبد الفتاح غنيم فى قصيدته التى بعنوان ( يانبع الصفا ) والتى وضعها فى برواز أنيق تصدر به منصة المؤتمر :
رفعت يامرصفى
يانيل بيجرى جوانا
ياشريان بيغذى قلوبنا
جوه ضلوعنا كمان قوانا
مهما تتوه فـ الدنيا فروعنا
عمر جدورنا ماهتنسانا
رفعت يانبع الصفا
قلبى فـ هواك معذور
علمتنى سر الوفا
والعطا اللى مش منظور
ياعلامة فـ القليوبية
بتشع منها النور
لو كل يوم هـ نكرمك
برضو مقصرين فى الدور .
_____________________
(1)حسين : هو الشيخ حسين المرصفى ابن قرية مرصفا وصاحب كتاب الوسيلة الأدبية .
(2)الرسالة : اسم رسالة الكلم الثمان للشيخ حسين المرصفى .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف