الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رواية/ ممرات الانتظار .. شوق حارق الحلقات : 9-10-11-12 بقلم : ازدهار الانصاري

تاريخ النشر : 2010-06-25
-9-

بين خفقات القلب المتلهف للحياة, وصرخات الموت المجاني في شوارع المدينة, عمق يتحدى اشتعال القلب وانغماس الروح في عشق كبير أبدي في تلك المدينة التي أضاعت نفسها تحت معاطف الخريف.. تنتاب أحلام الوحشة والقهر كلما قررت الخروج لأداء عمل او زيارة أقارب او متابعة الطبيب..
كانت المدينة تمضي الى حتفها دون التفات من احد.. تتساءل أحلام ماذا أظنني فاعلة..؟؟ لم يعد هناك في الروح مكان لم يخدش.. ترتبك الحياة مجددا وتضيق فيها السبل..
"الدوامات تلفني والخوف يقتلني والشوارع ليست آمنة..! إنهم يقتلون بعضهم.. يأكلني الرعب على أولادي وقذائف الهاون تنثال فوق رؤوسنا بجنون..!! أجمع أولادي والأطفال في جحر صغير كالسرداب لنحتمي من القذائف وإطلاق الرصاص.. من يقتل من..؟؟؟ "
تعود ذاكرتها الى الوراء تجبرها على الانفلات على الرغم من الجنون الحاصل.. تبكي تذرف الدموع دما.. تحترق وهي تنظر الى الأخوة كيف يتقاتلون.. من يقتل من ولماذا؟؟ أوليس الأجدى مقاتلة العدو وطرده من الأرض العذراء..؟؟
من يتحدث هكذا لا يجوز أن يبقى فيها..!!

تتوه الصور وتتشتت.. قتلى في الشوارع.. منذ أيام لم يمر احد من هنا كي يحمل الجثث.. شباب في عمر الورود.. تصرخ بوجع:
-كفى.. كفاكم قتل الأخ لأخيه..
لكنهم "صم بكم عمي فهم لا يرجعون.."
دبابات العدو تعيث الخراب تقصف البيوت فوق رؤوس أصحابها بحجة وجود المقاومة.. والموت يصبح مجانيا لمن يريد.. الله عليك يا بلد.. بأي سكين مثلومة تنحر..!!
من الجزار ومن الضحية..
سكون يعم الشارع فالأوباش يمرون ولا احد يقاتلهم.. أنهم يختبئون في البيوت ويقتلون بعضهم بعضا..!
قالت لها امرأة تبكي ابن السابعة عشرة الذي ذهب لإصلاح الموّلد الكهربائي كي يشغله ولم يعد, كان يستعد لامتحانات الثانوية, ويحلم بدخول كلية الطب, وجدته بعد أربعة أيام مضنية هو وصلح المولدات في دائرة الطب العدلي تصرخ المرأة الثكلى:
- رفضوا تسليمه لي يا ويلي كيف ادفن جثة ولدي..!!ماذا افعل..!!
ومن بعيد امرأة أخرى تصرخ تسيل منها الدماء, تحمل بين يديها طفلا رضيعا تبحث عمن يوصلها الى المستشفى ولكن لا من مجيب..!! بعضهم غادر الحي خوفا من القتل على يد القناص.. وبعضهم اختبأ في جحر داخل بيته خوفا من القذائف والقتل، ونساء استبحن دون وازع من ضمير أو دين.. كل الأحياء في بغداد صارت مناطق ساخنة.. وفجأة!! يفزع أحلام انفجار مريع سيارة مفخخة تبعد عن بيتها اقل من خمسين متراً تصرخ:
- الأطفال.. آه أولادي اين انتم آه الجيران ماتوا..!!
زجاج البيت وأحجاره تتساقط اثر العصف الذي أحدثه الانفجار, بقايا السيارة المفخخة يتطاير فوق سطح البيت والحديقة مات كثيرون.. اطفال كانوا يلعبون في الشارع.. يقولون هي المقاومة لا أنهم يسيئون الى سمعة المقاومة بأعمالهم الدنيئة.. لم تحتمل خرجت بين الناس تصرخ:
- المحتلون هناك في ثكناتهم اذهبوا إليهم هم العدو لا نحن ولا انتم أفيقوا يا عرب أفيقوا يا أبناء الجلدة الواحدة..
والمخطط يظل مستمرا.. تلمح من بعيد عيون القطة الزرقاء وهي تبتسم قائلة:
- قلت لك لا تعودي.
ولكن كيف لا أعود ومن يبقى ان أنا أيضا رحلت..؟
لكن الرحيل كان معي على موعد آخر.. نظر الى عيني احمد وهما تبكيان بصمت, تصمت عن الكلام غير المباح فلا طائل من الحديث.. الألم يمزق الضلوع وينتهك الروح بنيران مستعرة ولكن..!

يتبع ..

----------------------------------------------
-10-

يظل الشك قابضا بيديه على قلب احمد, فقد أحب أحلام كما لم يحب امرأة من قبل.. لا يطيق اهتمام احد بها. لا يطيق سماع كلمة مديح مبطنة بالغزل ولا يطيق شيئا على الإطلاق..
تبدأ المعاناة ويبدأ استنزاف الروح لما فيها من قلق وغيرة واشتياق وجنون.. تقع أحلام فريسة الاتهام والتبرير, فكل ما يريده احمد هو المنطق, حتى لو كان كاذبا’ المهم سلسلة احداث ممنطقة.. لا تملك أحلام إلا البكاء وتكرار الحديث دون زلل, فهي تقول الحقيقة وقد لا تكون الحقيقة ممنطقة كما يجب, لكنها تظل الحقيقة الوحيدة التي تعرفها..
تصل حدا من الألم فتتوسل يكفي.. يكفي.. يكفي.. يشعر احمد لحظتها انه أساء إليها فيحنو عليها لكن عقله يصر على منطقة الأحداث وتسلسلها وهكذا وفي كل مرة.. ما يجعله مستغربا حقا هو أنها لك تمله.. لم تضجر منه, بل وتقدم له المبررات ببساطة هي مجنونة به.. فينتابها قلق شديد عليه فيعودان الى حوار مجنون آخر لا ينتهي الى صيغة معروفة..قالت:
- تغيرت لم تعد أنت..ترى ما الذي حصل؟
- لم أتغير أنا.. أنتِ فقط من لا تدرك كم تسبب لي الالم بقلقها..
- أنت تعرف أني امرأة قلقة حد الجنون وكنت تسعد حين تشعر باهتمامي بك..
- قلقك الدائم يسبب لي الألم يُشعرني بالتقصير معك
- أحبك..
- وأنا أيضا أحبك لكني لا أفعل مثلك..
- وماذا فعلت..؟
-تسببي لي الألم.. تحبينني حد التملك
- أنا.. اتملكك؟ وكيف..؟ لم أفكر هكذا أبدا..!
- قلقك المستمر.. ضرورة أن أكون معك دائما.. لا أستطيع الغياب لأية ظروف تخصني يسبب لك القلق ويسبب لي الألم..
- أنا أحبك.. هو شوقي الذي يدفعني للبحث عنك دائما.. فلماذا يزعجك..؟
- إنه لا يزعجني لكنه يسبب لي الالم عليك.. أرجوك امنحيني بعض حرية أتنفس خلالها..
- أمنحك؟ ومن أنا كي أمنحك.. هل تعرف أني لم أفكر مثلك.. ولم يخطر ببالي أن استحوذ عليك.. أنا.. اشتاقك فقط.. وانتظر لقاءاتنا على أحر من الجمر.. وغيابك عن اللقاء أمر يقلقني وهو شيء طبيعي..
- أيضا لا تقلقي.. ولا تجعليني أشعر بالتقصير..!
- نعم.. لك ذاك..!
- لي ماذا..؟
- سأقسو على قلبي كي لا يظل مجنونا قلقا بك.. سأمنع روحي من البحث عنك حتى تأتي أنت.. هل يرضيك هذا..؟
- لم أقصد القسوة على نفسك ولكن امنحيني حرية لبعض الوقت كي أشتاق إليك فأنا احبك أيضا ولكن لا تشدي الطوق حول عنقي..
- نعم معك حق.. أخطأت لعل حبي الذي لا أقاومه وشوقي الذي لا يعرف مدى إليك هما السبب..فسامحني
- تعتذري
- وماذا افعل إذاً؟
- لا شيء انتهى الامر..

يتبع ..
-------------------------------------------------
-11-

وحدها تبكي الزمن الذي يسيء إليها كل حين، ووحدها تدفع أثمان مصائب لا يد لها فيها.. يصبح أحمد كتلة من مرار وجنون مطلق, يتهمها بأبشع التهم, وكم من مرة كان سببا في إيصالها إلى المستشفى، كم من مرة أوجعها حتى أدمى قلبها.. لحظات يعبث شيطان الغيرة والشك برأسه, تقسم بكل الأيمان انه واهم ولكن دون جدوى, لا يتوقف حتى يشعر أن عليه التوقف وحينها تكون قد وصلت إلى في أسوء حالاتها ما بين بكاء وانهيار وخوف من القادم..
لكن حبه في قلبها يطغى على كل شيء, وكل مرة تنسى إساءاته إليها وتعود إليه قطة تتمسح في أذياله.. ولم تفكر يوما أن تلعن هذا الحب الذي سيقتلها ذات يوم.. لا تملك وهي في غمرة ألامها سوى اللجوء إلى دفتر مذكراتها, فهي لا تستطيع أن تسمح لأحد أن يعرف حكاية حبها, وأحمد أيضا لا يتكلم بالأمر, ولا يرغب في تدخل الآخرين فيه, فيروحان يحكيان إلى دفاتر يغلقانها متى شاءا ويفتحانها متى أحسا بوجع البوح فيهما, وقول ما لا يستطيعان قوله أحيانا..!

تلك الليلة لم يحضر احمد, جلست في الظلام فكثيرا ما تطفأ الكهرباء عندها حيث تحتفظ بشحن الجهاز للقائهما لو تم, وظلت تحلم بمجيئه.. بصوته يغافلها كما كل مرة وافيني الى عريشتنا وضعت يدها على خدها واستسلمت لأحلام اليقظة.. ماذا ستفعل حين يأتي.. وجاءت الكهرباء لكنه لم يأتِ.. فتحت دفتر مذكراتها وراحت تكتب :
"وجدتني ها هنا بلا حروف تكتبني.. سوى مشاعر محتدمة تريد الانفلات ولا تدري كيف..! الحروف تعاندني والشوق يبعثرني ورغبة ملحة في فيضان يغمرني تلوح في أفق أيامي الماضيات بتسارع غريب.. هل حقا كلما ازداد القرب صار البعد أقرب..؟ تخيفني هذه المفردات.. أتذكر.. كيف دفنت وجهي في عمق أحضانك وكيف ملأني شغفي بك إحساس بالانتماء والأمان..! ترى! أين أنت الآن..؟ هل مازلت على بالك أم تراني في درفة من درفات قلبك أغلقت عليها كي لا تحسني..! أشتاقك حدا لا يحتمل فلماذا تعاندني المواقيت..؟
تعرف:
أتساءل كثيرا : هل عليّ الانغماس في جنون الآخرين كي أنسى بعض قهري الذي لا يحسه الآخرون..؟ لماذا أنا مطالبة بأن أكون قلبا مستمعا لشجونهم..؟ الكل يطالبني أن أكون حضنا يحتمل مواجعهم.. الكل يطالبني بالعقل حين ينتابهم الجنون..!!!! وأنا..! من يسمعني من يحتضن ألمي.. من يلّم جنوني وبعثرتي..؟؟ لا أحد حتى أنت يا حب عمري لا تحتمل بعثرتي وجنوني.. لا تطيق لحظات الوجع التي تنتابني فتبكي بصمت ولكن أبقى تقتلني هواجسي وحدي..!!
اعترف لك: أني سأظل مجنونة بك وبحبك وشوقي إليك.واحبك أبداً..!!"

يتبع ..


--------------------------------------------------
-12-

في أحدى الليالي كان قريبين جدا من بعضهما وراحا يتخيلان عشهما المستقبلي, ولقائهما على ارض الواقع, وكأنه حاصل قريبا فتخيلا البيت على شاطئ البحر فهما يعشقان البحر وكم هو حكيم وبئر عميقة من الأسرار, وفجأة تحول حديثهما إلى سنوات طويلة مضت وراح أحمد يحكي لها عن أول حب شعر به قبلها وكان شبيها بحبهما لكنه قال فجأة:
- أميرتي ليس هناك مثلك أبدا فأنت كل النساء في واحدة
ابتسمت حينها ولم ترد.. لكنه كان مستعجلا ولا يستطيع السهر والبقاء معها, وكم أحزنها؟ وأنه أحيانا يتصرف بغرابة شديدة.. فهو يتابع لها كل حرف، وكلمة، ورد، وتعقيب وأحيانا يفسر على هواه فيوقعها في مطب التبرير, وهي تنسى أحيانا فترتبك وترتعب خوفا على حبهما, وبين حين وحين تشتعل تلك النيران التي تهلكها فلا تجد ردودا مقنعة أو منطقية كما يريد هو, وفي كل مرة تسقط في دوامة التبرير وكأنها المخطئة.. تلك الليلة لم يكن كان يتنقل من حديث إلى آخر بغرابة شديدة, وتركها منهكة العقل والقلب فلجأت إلى دفترها وراحت تكتب وتكتب:
" يحدثني عن حبه وشغفه الذي لا ينضب بي.. يحدثني عن عشقه لكل النساء بي أنا.. لكنه يغيب ويتركني فريسة لظنوني وجنوني فأحتار بيني وبيني.. يحبني بجنون.. يحبني ولكن!
تراودني الحروف على البوح فتنثال دموعي نازفة هنا ببكاء مر.. لا أعرف إلى أي مدى سأصل, ومتى سأفرغ كل هذه الشحنات المذبوحة من الوريد إلى الوريد..؟؟؟
لا أدري كيف وأين أجدني..؟ ضياع مبهم وصورة قهر لا يتورع عن قتلي..! ويظل يحدثني بمرارة ووجع..!
وكان ما توقعته انه يخبئ مفاجأة لها..
جملة قرأها في مكان ما, كتبتها هي ذات مرة ونسيت, فقد اعتادت أن تكتب بعضا من كتاباتها أو أي شيء يخطر ببالها, ويبدو انه اختار إحدى الفقرات ليسألها عنها بأسلوبه الإتهامي, في ذلك اليوم كانت تعاني توترا وألما شديدا فقلق عليها وألح على طلب الطبيب .. وجاء الطبيب وأكد إنها بداية هبوط للقلب، وقد تتعرض إلى جلطة .. أرسلت إليه تخبره لكنه لم يكن يسمع, فقد تغلغلت تلك الكلمات في عقله ويريد لها ردا منطقيا, وهي لا تملك الرد لأنها نسيت ماذا كتبت, وشعرت إنها لن تستطيع إجابته على السؤال لتعبها المفاجئ وقضت تلك الليلة وما بعدها في المستشفى, أصيبت بجلطة عابرة في الدماغ, لتترك لها أثرا أخر قد يذهب مع الزمن والعلاج, حيث انحرف فمها وثقلت يدها كما كل مرة ولكن هذه المرة أصيبت بالشلل, ولم يكن أحمد لم يكن معها, كان عقله مازال يبحث عن تلك الكلمات وماذا تعني ومن تعني..!!!
وفي المستشفى شعرت بمدى قسوته.. كان يتحدث ببرود حين يرسلون له بأخبارها:
- اطمئنوا ستعود وترد على رسائلي إنها قوية ستعود..!!
كان رده غريبا أفزعها, وجعلها تبكي طوال الوقت رغم أن الانفعال يزيد ألمها ومرضها توترا وسقوطا..
فهل كان أحمد واعيا لتصرفاته؟
ربما لم يكن! لكنها كانت تشعر بالقهر والحزن, وانه بعيد عنها, بعيد عن قلبه لا هيا في سموم الغيرة والشك.. وحين وجدت القدرة على الكتابة فتحت دفتر مذكراتها وكتبت تقول:
"تتراشق حروفي مع بعضها إيذانا ببدء مرحلة من الانطواء ربما.. الانعزال ربما..!! أجدني في متاهة أغرقتني حد الاختناق..!! فمتى أتوقف البوح..؟ لابد من نهاية ما ستأتي حتما لكن أمدها طال ووجعي ما عاد يحتملني..! أينا يحتمل الأخر ليس مهما.. حقا في هذه الدنيا ليس هناك شيء مهم..!! "
أعترف:
متعبة حد الإعياء لكني لا أملك التوقف, فقد وعدت على مواصلة المسير.. ولابد من إيفاء الوعد..!!! مازال الحزن يرتع في أعماقي.. يتقاذفني ككرة من المطاط.. تلاعبني الأيام وتلهو بي.. تخدعني الأحلام.. فأسهر ليلي لا أنام.. لا اعرف عن ماذا أتحدث ويبدو أني صرت لا افقه كثيرا مما حولي.. هل تراها حلت النهاية أم هي رغبة في الروح في المغادرة..؟؟
ما عدت ادري..!!
يظل شوق الانتظار حارقا.. وهي على سرير المرض, تنتظر النهاية في أية لجلطة قادمة فيما هو غارق في دوامة الشك والغيرة وكأنما انهار كل شيء بينهما دفعة واحدة.. ماذا جدث! وما المكتوب من اسطر جعله يقرر إنهاء قصة عظيمة, ولدت في زمن عقيم لا يلد غير المسوخ..؟؟
وبعد انقطاع رهيب موجع أرسل لها كلمات غير مفهومة, وإصرار على عدم التصديق وتأنيبها لسذاجتها!! هي لا تعرف عن ماذا يتحدث وهو يرفض تصديق أنها تعاني سوء المرض حقا..
وتعود للبكاء بمرارة ووجع لم تعد تشعر سوى بألم فقده, وضياع الحب الذي طالما حلمت به، وجاءها بعد طول انتظار.. ولكن ها هو الآن يتسرب من بين يديها راحلا, وها هي تقرر الرحيل أيضا, فلا حياة لها بدونه, فقد ظلت تقاوم طوال الوقت من أجله, وهاهو يتركها ودموع الألم تتساقط منهمرة تغسل وجهها, وقلبها وروحها بنزف الحزن والقهر, لا تملك غير الكتابة والبوح لوريقاتها المتكسرة فتقول:
"بي توق لا يهدأ إليك.. هل تسمعني..؟؟ بي لهفة تجعل خفقان قلبي مضطربا.. تجعل روحي هائمة..! يشدني حنين غريب.. موجع تارة ولذيذ أخرى وبين هذا وذاك تلتبس الصور مع بعضها فأبتسم إليك مرة.. وأخرى أبكي عليك.. "
أعترف:
أن البعد وجع كبير, والقرب في البعد ألم لا يحتمل.. لأظل منتظرة لحظات اللقاء المرتقب.. ترى هل ستجيء..؟؟؟؟
تغلق غلاف الذكريات على بوح انتظار وشوق ووداع.. وتقرر أخيرا إرسال خطاب إليه لعله يعود:
"أحمد حبيبي..
لن أقول أنك ظلمتني.. ولن أقول انك لم ترحمني.. بل أعترف لك أني ما أحببت غيرك, وما عشت إلا بانتظارك.. يحز في قلبي شي واحد أني كنت احلم بلقاء معك على الأرض.. في عمق روحي تسحقني ثرثرة غبية.. لم أعد بحاجة الى من يطلق صمتي.. لمن يوقف طوفان وجعي.. كنت احتاج أن ابدأ من جديد بروح نقية صافية.. وقلب بريء..

كنت احتاج إليك والى..حضن أمي كي يمسح عني جراحات الألم.. ليوقف مد طغيان الأسى الذي يحتلني.. احتاج أليك أمي حتى بعد أن دنا الموت مني.. احتاجك لعل عسى.. تنام الطفلة على هدهدة صوتك ودفء روحك.. لعلي حينها التزم السكون وارتدي معطف الهدوء..
ها نحن يا قلبي نعود فندور معا في تلك الدائرة المغلقة, بعد أن مررنا بتجربة مضنية موجعة.. نعود يا قلبي حيث لا حلول, ولا معالجات على أرض الواقع.. ولا في الخيال لعلنا ننتهي من دوامة الانتظار المقيت..!!

أيام كانت كالعذاب وربما أشد تناوشني مبضع الجراح قطع أجزاء مني ولفظها خارجا..! حين أفقت تساءلت أين اختفت أجزائي..؟هل تراك أحسست بي وبوجعي..؟
أدخلوا في جوفي معدات غريبة كاميرات تصور أحشائي باحثة عن الخبث الذي تسلل إليها ذات مرة, وخلد ساكنا ينتشر بصمت..
كانت آلامي لا توصف, ومع هذا عدت ثانية لانتظر أملا ما قد يمر صوبي ذات مرة..عدت إليك, أقسم لك أني ما خنتك يوما وما كتبت لسواك أبدا..!!
أعترف:
إليك يا من وهبت حياتي معنى يستحق أن تناضل روحي من أجله, وأنت من خنقت الأمل بيديك إشتقتك بشدة..
أعترف:
أني سأحمل حبك والأمل المزروع في حنايا الروح, لعله ينير ظلمة قبري.. أعترف أني أحبك!!.. كن بخير كي أكون.. وداعاً"
يجن جنون أحمد لا يصدق حرفا مما تقول, أو لعله لا يريد التصديق.. يجري إليها يرسل رسالة هاتفية يطلبها عبر الأثير.. يلتقيان وتذوب القلوب العاشقة شوقا ولهفة وحنانا, وتنثال دموع احمد وجعا على حبه الكبير, وتوقا لاحتضان حلمه وأمنيته تارة يعتذر لها وأخرى يبكي وجعها, فتلتصق روحيهما مع مداد الحروف والأحاسيس الثائرة المنتفضة في القلب, فما أجمل أن يعود العاشقين إلى ركنهما, ودفئهما ويبنيان حلمهما والأمنيات باللقاء الذي لابد له أن يأتي يوما..

يتبع ..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف