
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
================
(( سيدتي الجميلة 4 ))
" زواج ؟؟!! "
مقدمة لا بد منها :
لتأذن لي أختي الفاضلة .. ابنتي الكريمة .." المتمردة " .. لتأذن لي بأن أستعير كلماتي لها .. والتي كانت في معرض ردي على تعليقها على نصي ( سيدتي الجميلة ) " الجزء الثاني ".. فأرجو المعذرة وأرجو قبول هذا الجزء من النص كإهداء متواضع لها :
....
ولن أكتمك القول
ولن أحتفظ بالسر
بأنني عندما أكتب كلمات هذا النص المتواضع
أكتب بآلام غزة
بآلام بنات غزة
نساء غزة ..
أتصور غزة الحبيبة هي " سيدتي الجميلة "
أبثها لواعج الكلم .. وجراح الحرف .. ونزيف القلب ..
أحاول أن أجسد الأشياء والأشياء .. فأعجز وأعجز ..
وأحس بأنني لم أقل ما أريد .. كل ما أريد ..
لن أدعي بأني نصير المرأة فيما كتبت هنا وما كتبت سابقاً ..
فهذا الحكم متروك للآخرين البت فيه ..
ولكني أزعم بأنني أكتب عن جراحات بلدي .. نزيف بلدي .. وبنات بلدي ..
هذه غزة الحبيبة ..
التي لا أدعي الذكاء بالمطلق بأن " متمردة " هي إحدى بناتها الكريمات ..
والتي أزعم بأنها .. أطيب من الطيبة ذاتها .. وأرق من الرقة عينها ...
التسميات والمسميات أشياء من الممكن استعارتها لوقت .. بعض الوقت .. ولكن الأصالة .. العراقة .. الجذور .. هل التي تبقى كل الوقت .. وعلى مدار الزمن ..
يا ابنة غزة الحبيبة
بطلة النص
يا ابنة غزة الحبيبة
" متمردة " النص
هل يكفي أن أرفع قبعتي عالياً تقديراً واحتراماً لك ؟؟
هل يكفي أن أنحني بشدة حتى تلامس جبهتي الأرض احتراماً وتقديراً ..
ووفاءً للوطن ..
ولابنة الوطن ..
مهما أوتيت من براعة الحرف .. القلم .. فلن أجاريك سيدتي رقتك .. ذوقك .. وأدبك الجم .
أفتخر بك كثيراً سيدتي " المتمردة "
تماماً كما أفتخر بـ " غزة " المحبة والصمود التي أنجبتك ..
-------------------------------
" الانتقام " هو الأمر الذي فكرت فيه عمتي .. بل هو " الانتقام الرهيب " .
فبعد وفاة أبي .. بدأت تُظهر عدوانيتها الغريبة وبشكل أوضح وأوسع .. وتسلطها الأحمق وبشكل جنوني .
لا تسلني يا سيدي عن دور أمي في الأمر .. فهي امرأة مسالمة إلى أبعد الحدود .. طيبة إلى أقصى الدرجات .. تخشى مجرد الاحتكاك بأي إنسان في الوجود .. فما بالك والأمر يتعلق بامرأة مثل عمتي ؟؟!! وقد رأت بأم عينيها تنكيلها بي وبأبي .
عمتي المتسلطة .. كانت تتهجم عليّ وعلى أمي .. وبدون أي سبب على الإطلاق .. يدها تسبق لسانها بضربنا بقسوة وبلا رحمة .. في كل مناسبة وبدون مناسبة .
راحت تتفنن في إيذائي وتعذيبي وتنغيص حياتي .. وكان أول ما فعلته على الصعيد العملي أن أجبرتني على ترك المدرسة ..وذلك إمعاناً في الإذلال والتنكيل .. ثم فرضت عليّ الإقامة الجبرية في المنزل وعدم مغادرته على الإطلاق .. ولا بأي حال من الأحوال .
أمي .. لم يكن لها من دور سوى مشاركتي البكاء المر الأليم .. بدوري .. لم أكن أدري .. هل كانت تشاركني البكاء أم تراني أنا التي كنت أقوم بذلك ؟؟!! .. خاصة وأن الإيذاء من ضرب وإهانة وتجريح كان يطالها أيضاً .
العديد والعديد من الشباب تقدموا لخطبتي .. لطلب يدي .. الجميع كانوا يعرفون بأنني فتاة جميلة .. بل جميلة جداً ..
بعضهم كان يتقدم لطلب يدي والزواج مني لجمالي الذي ذاع صيته في الحيّ والأحياء الأخرى ..
آخرون .. وخاصة ممن كانوا من الجيران أو المعارف والذين كانوا يعرفون جيداً مدى معاناتي وشدة آلامي .. كانوا يتقدمون للزواج مني شفقة عليّ .. ورغبة منهم في محاولة تخليصي من السجن الرهيب .. والسجان المجنون .. أقصد السجانة المجنونة بالطبع .
كل هؤلاء وأولئك كانوا يرجعون خائبين .. بعد أن ترفض عمتي طلباتهم وقد نَصَبَت من نفسها ولية أمري .. رغم الإغراءات المادية العديدة التي كان الكثير منهم يتقدم بها .
أخيراً .. أخيراً جداً .. جاء الحل .. الفرج .. ولا تعجب يا سيدي بأن الحل كان على يد عمتي ذاتها ؟؟!! .
الحل .. كان بالشكل والصيغة التي أرادتها هي .. عمتي .. ومن الزاوية التي رأتها مناسبة .
فرضت عليّ الحل بأن أقبل الزواج من أحد أبنائها .. وهددتني إذا أنا رفضت ذلك بالويل والثبور ومصائب الأمور والتي لا تحمد عقباها .
وافقت .. وافقت على مضض .. مكرهة .. طالما أنها ترفض كل من تقدم لخطبتي .. وعلى أمل أن يكون في زواجي من أحد أبنائها الحل والخلاص من السجن والسجان .. ولعل في ذلك إدخال بعض الشفقة والرأفة إلى قلب العمة المتسلطة .
لست أدري .. لماذا كانت أمي تبكي بحرقة .. وبشكل غير طبيعي وهي تُعِدُني وتُجَهِزني للزواج ..
كانت تنظر نحوي طويلاً .. ثم تبكي كثيراً .. وأنا في حيرة من أمري .. فأعلل بأن ذلك الأمر مرده إلى شعورها بالوحدة والفراغ والغربة بعد زواجي وتركها وحيدة .
وفي اليوم المحدد للزواج .. كنت أجلس في " الكوشة " وأنا أرتدي ثوب الزفاف وقد تزينت بأبهى زينة .. وكنت محطاً لأنظار جميع الحاضرات والحاضرين .
شاركت الجميع الرقص والغناء .. التصفيق والضحك .. حتى أخذ مني التعب والإرهاق كل مأخذ .. وأخيراً .. كنت أجلس على المقعد المخصص لي بانتظار وصول العريس .. الزوج .. ابن عمتي .. لكي يجلس إلى جانبي .. على الجزء المتبقي والشاغر من المقعد في انتظار وصوله .
وطال الانتظار كثيراً .. وأخيراً .. أخيراً جداً .. كان العريس يصل إلى المكان .. طأطأت رأسي خجلاً وحياءً قبل أن يطل من أقصى المكان .. كما تفعل العذارى عند اقتراب موعد وصول العريس المنتظر .. شعرت به يقترب من المكان .. أحسست به وهو يجلس إلى جانبي .. شعرت بالسعادة الطاغية .. ارتفعت " الزغاريد " تدوي وتجلجل في جميع الأرجاء والأركان .. ارتفع ضجيج الطبل والزمر .. الرقص والغناء والصخب والضجيج .. وجلجلت في المكان الضحكات الغريبة ؟؟!! .
رفعت عيناي عن الأرض شيئاً فشيئاً .. بدأت أرفع ببصري رويداً رويداً .. نحو العريس المنتظر .
وما إن استقر بصري على الوجه .. وجه العريس .. حتى كنت أسقط على الأرض مغشياً عليّ .. ولكن قبل أن أغيب عن الوعيّ تماماً .. كنت أتمتم بحشرجة الموت :
- مَن ؟؟ .. " المبروك " ؟؟!!
... يتبع ..
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
================
(( سيدتي الجميلة 4 ))
" زواج ؟؟!! "
مقدمة لا بد منها :
لتأذن لي أختي الفاضلة .. ابنتي الكريمة .." المتمردة " .. لتأذن لي بأن أستعير كلماتي لها .. والتي كانت في معرض ردي على تعليقها على نصي ( سيدتي الجميلة ) " الجزء الثاني ".. فأرجو المعذرة وأرجو قبول هذا الجزء من النص كإهداء متواضع لها :
....
ولن أكتمك القول
ولن أحتفظ بالسر
بأنني عندما أكتب كلمات هذا النص المتواضع
أكتب بآلام غزة
بآلام بنات غزة
نساء غزة ..
أتصور غزة الحبيبة هي " سيدتي الجميلة "
أبثها لواعج الكلم .. وجراح الحرف .. ونزيف القلب ..
أحاول أن أجسد الأشياء والأشياء .. فأعجز وأعجز ..
وأحس بأنني لم أقل ما أريد .. كل ما أريد ..
لن أدعي بأني نصير المرأة فيما كتبت هنا وما كتبت سابقاً ..
فهذا الحكم متروك للآخرين البت فيه ..
ولكني أزعم بأنني أكتب عن جراحات بلدي .. نزيف بلدي .. وبنات بلدي ..
هذه غزة الحبيبة ..
التي لا أدعي الذكاء بالمطلق بأن " متمردة " هي إحدى بناتها الكريمات ..
والتي أزعم بأنها .. أطيب من الطيبة ذاتها .. وأرق من الرقة عينها ...
التسميات والمسميات أشياء من الممكن استعارتها لوقت .. بعض الوقت .. ولكن الأصالة .. العراقة .. الجذور .. هل التي تبقى كل الوقت .. وعلى مدار الزمن ..
يا ابنة غزة الحبيبة
بطلة النص
يا ابنة غزة الحبيبة
" متمردة " النص
هل يكفي أن أرفع قبعتي عالياً تقديراً واحتراماً لك ؟؟
هل يكفي أن أنحني بشدة حتى تلامس جبهتي الأرض احتراماً وتقديراً ..
ووفاءً للوطن ..
ولابنة الوطن ..
مهما أوتيت من براعة الحرف .. القلم .. فلن أجاريك سيدتي رقتك .. ذوقك .. وأدبك الجم .
أفتخر بك كثيراً سيدتي " المتمردة "
تماماً كما أفتخر بـ " غزة " المحبة والصمود التي أنجبتك ..
-------------------------------
" الانتقام " هو الأمر الذي فكرت فيه عمتي .. بل هو " الانتقام الرهيب " .
فبعد وفاة أبي .. بدأت تُظهر عدوانيتها الغريبة وبشكل أوضح وأوسع .. وتسلطها الأحمق وبشكل جنوني .
لا تسلني يا سيدي عن دور أمي في الأمر .. فهي امرأة مسالمة إلى أبعد الحدود .. طيبة إلى أقصى الدرجات .. تخشى مجرد الاحتكاك بأي إنسان في الوجود .. فما بالك والأمر يتعلق بامرأة مثل عمتي ؟؟!! وقد رأت بأم عينيها تنكيلها بي وبأبي .
عمتي المتسلطة .. كانت تتهجم عليّ وعلى أمي .. وبدون أي سبب على الإطلاق .. يدها تسبق لسانها بضربنا بقسوة وبلا رحمة .. في كل مناسبة وبدون مناسبة .
راحت تتفنن في إيذائي وتعذيبي وتنغيص حياتي .. وكان أول ما فعلته على الصعيد العملي أن أجبرتني على ترك المدرسة ..وذلك إمعاناً في الإذلال والتنكيل .. ثم فرضت عليّ الإقامة الجبرية في المنزل وعدم مغادرته على الإطلاق .. ولا بأي حال من الأحوال .
أمي .. لم يكن لها من دور سوى مشاركتي البكاء المر الأليم .. بدوري .. لم أكن أدري .. هل كانت تشاركني البكاء أم تراني أنا التي كنت أقوم بذلك ؟؟!! .. خاصة وأن الإيذاء من ضرب وإهانة وتجريح كان يطالها أيضاً .
العديد والعديد من الشباب تقدموا لخطبتي .. لطلب يدي .. الجميع كانوا يعرفون بأنني فتاة جميلة .. بل جميلة جداً ..
بعضهم كان يتقدم لطلب يدي والزواج مني لجمالي الذي ذاع صيته في الحيّ والأحياء الأخرى ..
آخرون .. وخاصة ممن كانوا من الجيران أو المعارف والذين كانوا يعرفون جيداً مدى معاناتي وشدة آلامي .. كانوا يتقدمون للزواج مني شفقة عليّ .. ورغبة منهم في محاولة تخليصي من السجن الرهيب .. والسجان المجنون .. أقصد السجانة المجنونة بالطبع .
كل هؤلاء وأولئك كانوا يرجعون خائبين .. بعد أن ترفض عمتي طلباتهم وقد نَصَبَت من نفسها ولية أمري .. رغم الإغراءات المادية العديدة التي كان الكثير منهم يتقدم بها .
أخيراً .. أخيراً جداً .. جاء الحل .. الفرج .. ولا تعجب يا سيدي بأن الحل كان على يد عمتي ذاتها ؟؟!! .
الحل .. كان بالشكل والصيغة التي أرادتها هي .. عمتي .. ومن الزاوية التي رأتها مناسبة .
فرضت عليّ الحل بأن أقبل الزواج من أحد أبنائها .. وهددتني إذا أنا رفضت ذلك بالويل والثبور ومصائب الأمور والتي لا تحمد عقباها .
وافقت .. وافقت على مضض .. مكرهة .. طالما أنها ترفض كل من تقدم لخطبتي .. وعلى أمل أن يكون في زواجي من أحد أبنائها الحل والخلاص من السجن والسجان .. ولعل في ذلك إدخال بعض الشفقة والرأفة إلى قلب العمة المتسلطة .
لست أدري .. لماذا كانت أمي تبكي بحرقة .. وبشكل غير طبيعي وهي تُعِدُني وتُجَهِزني للزواج ..
كانت تنظر نحوي طويلاً .. ثم تبكي كثيراً .. وأنا في حيرة من أمري .. فأعلل بأن ذلك الأمر مرده إلى شعورها بالوحدة والفراغ والغربة بعد زواجي وتركها وحيدة .
وفي اليوم المحدد للزواج .. كنت أجلس في " الكوشة " وأنا أرتدي ثوب الزفاف وقد تزينت بأبهى زينة .. وكنت محطاً لأنظار جميع الحاضرات والحاضرين .
شاركت الجميع الرقص والغناء .. التصفيق والضحك .. حتى أخذ مني التعب والإرهاق كل مأخذ .. وأخيراً .. كنت أجلس على المقعد المخصص لي بانتظار وصول العريس .. الزوج .. ابن عمتي .. لكي يجلس إلى جانبي .. على الجزء المتبقي والشاغر من المقعد في انتظار وصوله .
وطال الانتظار كثيراً .. وأخيراً .. أخيراً جداً .. كان العريس يصل إلى المكان .. طأطأت رأسي خجلاً وحياءً قبل أن يطل من أقصى المكان .. كما تفعل العذارى عند اقتراب موعد وصول العريس المنتظر .. شعرت به يقترب من المكان .. أحسست به وهو يجلس إلى جانبي .. شعرت بالسعادة الطاغية .. ارتفعت " الزغاريد " تدوي وتجلجل في جميع الأرجاء والأركان .. ارتفع ضجيج الطبل والزمر .. الرقص والغناء والصخب والضجيج .. وجلجلت في المكان الضحكات الغريبة ؟؟!! .
رفعت عيناي عن الأرض شيئاً فشيئاً .. بدأت أرفع ببصري رويداً رويداً .. نحو العريس المنتظر .
وما إن استقر بصري على الوجه .. وجه العريس .. حتى كنت أسقط على الأرض مغشياً عليّ .. ولكن قبل أن أغيب عن الوعيّ تماماً .. كنت أتمتم بحشرجة الموت :
- مَن ؟؟ .. " المبروك " ؟؟!!
... يتبع ..