الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الفصل الثامن من رواية / يا من أحببت الروائية / فايزة شرف الدين

تاريخ النشر : 2010-06-25
الفصل الثامن من رواية / يا من أحببت 
الروائية / فايزة شرف الدين
8 - عش الزوجية :

تطلع إليها" بعينيه الواسعتين الدافئتين ، وقد أطل منهما الحب الجارف :
ـ لم أعد أطيق البعد عنك يا حبيبتى 0
قال "علاء" هذه العبارة ..ثم أضاف :
ـ إننى لا أتصور الحياة بدونك يا نها 0
خيم بينهما لحظات من الصمت .. التى كانت تحمل فى أحشائها ..انفعالات جياشة متدفقة 0
كان صمتهما أبلغ من أى كلام يقال 0
ثم 00
1. تعانقت عيناهما فى نظرة طويلة ممتعة .. كان كل منهما يبث لواعج حبه للأخر 0
سكنت الرياح من حولهما .. كفت الطيور عن التغريد فوق الأغصان .. لتنصت إلى حوارهما الصامت 0
جلسا على أريكة خشبية ،فى حديقة هادئة منعزلة تطل على النيل .. كانت هذه البقعة هى المفضلة لهما .. الشاهدة على لقاءتهما الدائمة 0
كانا يهبطان إليها عبر سلالم جرانتية .. ليسيرا خلال ممر صغير مغطى بالحصى الملون ، محفوف من جانبيه بأحواض الزهور ذات الألوان المبهجة ..فتملأ أنفيهما بعبقها المعطر .. ثم يجلسان على تلك الأريكة القابعة تحت شجرة زيزفون عتيقة .. أرسلت جذورها إلى ضفة النيل لتضرب جذورها فى تربته بقوة 0
فجأة00
هبت نسمة رقيقة حركت أغصان شجرة الزيزفون اللينة الممتدة إلى أمتار عديدة .. فداعبت وجهيهما 0
فقالت "نها" بصوت حالم :
ـ لقد أحببت الحياة من أجلك .. كل لحظة تمر و أنت لست فيها .. هى موت أكيد بالنسبة لى 0
هتف باسمها :
ـ "نها" .."نها" 0
تطلعت إليه باشتياق .. فأضاف يقول وقد لمعت عيناه ببريق أخاذ ..
ـ لقد أعددت لك مفاجأة مذهلة !
رمقته بفضول فعاد يقول 00
ـ لقد اشتريت شقة رائعة لتكون عشا للزوجية !
شعرت بحسرة مريرة تعتريها .. كأنها شجرة ضعيفة اجتثتها الريح من جذورها !
ارتجفت قسمات وجهها الجميل .. انتفض جسدها فى هزة عنيفة .. ثم صرخت بلوعة :
ـ شقة !!
رمقها ، وقد قطب ما بين حاجبيه .. ثم هتف بحيرة :
ـ كنت أظن أنك سوف تفرحين عند سماع هذا الخبر !
لم تنبس بكلمة لتزيل حيرته .. وحاولت أن تخفى لوعتها ، وحسرتها .. فانحنت على فرع جاف كان ملقى تحت أقدامها .. وأخذت ترسم دوائر على التراب الناعم !
أخذ يحدجها ويتطلع إلى وجهها الحزين تارة .. وإلى تلك الدوائر التى كانت تتسع وتتسع تارة أخرى 0
ثم هتف ، وصوته يشوبه نبرة الغضب :
ـ هل تلمحين إلى أن علاقتنا ما هى إلا دوائر مفرغة ..ليس لها نهاية ؟!
رفعت إليه طرفها ببطء .. ثم نظرت إليه مليا .. فجأة انسابت دموعها غزيرة .. فبللت بعضا من شعرها المتموج الناعم الذى انساب على جانبى وجهها 0
هتف بعصبية :
ـ لماذا تبكين إذن ؟!
صمت لحظات ، وقد زادت حيرته وقلقه .. ثم تساءل مرة أخرى ..
ـ أأنت نادمة على حبنا يا "نها" ؟
لاذت بصمتها .. بينما كان جسدها يرتجف بعنف .. ثم أخذت تجهش بصوت مرتفع ، وصوت شهيقها يتعالى من حين إلى آخر 0
اقترب منها .. ثم ضمها إلى صدره بحنو .. هتف :
ـ هل هناك شئ تخفيه عنى .. ولا تريدين البوح به ؟
ثم أردف بنبرة صادقة حارة :
ـ صدقينى يا حبيبتى .. سوف أغفر لك أى شئ .. أى شئ بدر منك قبل معرفتنا .
هتفت والدموع تشوب صوتها المرتجف :
ـ لقد نسيت أمرا هاما يا "علاء" .
تساءل بقلق :
ـ ما هو ؟
ارتفع صوتها بالبكاء مرة اخرى .. من بين دموعها الغزيرة .. هتفت :
ـ إننى مازلت فى حكم المتزوجة .
خيم الصمت المتوتر بينهما فترة من الزمن .. ثم تعالى صوت "علاء" يقول بهدوء تام :
ـ إننى لم أنس ذلك إطلاقا 00بالرغم من ذلك فإننا نمتلك الأمر .. فعاجلا أو آجلا سوف تحصلين على الطلاق إن شاء الله 0
تراجع حزنها فجأة .. شعرت بالطمأنينة تتسرب إلى وجدانها ، عاد إلى وجهها الشاحب الحياة 0
رفعت عينيها ، وقد تألقتا بالأمل الممزوج بالامتنان .. همست برقة :
ـ "علاء" .
أخذ يمسح على شعرها الذى انساب على صدره .. كانت خصلاته تلتمع فى الضوء الذهبى بلون رائع خلاب .
فى تلك اللحظة أدرك أن "نها" قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من كيانه ، وأنها له وحده 0
رغم أن "نها" لم تطأ الشقة بقدميها أبدا .. إلا أنها عرفت كل بوصة فيها 00بعد أن وصفها لها "علاء" بدقة بالغة .
بدأ الاثنان يخططان لبناء عشهما الجميل .. ثم أخذا فى التنفيذ .
تجولا بين معارض الأثاث ، لاختيار المناسب لذوقهما .. أيضا ابتاعا الأدوات الكهربائية ، ووجدا متعة كبيرة فى اختيار السجاد ، والمفروشات 0
انتهزت "نها" فرصة الإجازة الصيفية .. فابتاعت الكثير من الخيوط ، وعكفت على صنع ٍوتطريز مفارش رائعة بأناملها الرقيقة 0
كانت أمها ترقبها ، وقد زاد عجبها ودهشتها .. فقد أصبحت تصرفات ابنتها فى نظرها غامضة !
فى يوم صاحت فيها :
ـ ماذا دهاك يا بنيتى ؟ .. دائما أراك منشغلة فى التطريز !
ثم أضافت بحسرة ..
ـ أكاد أشك فى أنك تعدين جهازك !
ودت "نها" لو تشاركها أمها فى أحلامها ، وفى اختيار الأثاث ، والمفروشات لعش الزوجية .. كما تود كل فتاة أن تكون أقرب الناس إليها بصحبتها فى هذه اللحظة السعيدة .
لكنها كانت ترى دوما تلك النظرة التى تطفو فى بريق عينيها .. وذلك الاتهام الصامت ، الذى يصيح فيها موبخا "أنت بلا شك مخطئة .. عندما قررت الانفصال عن ذلك الشاب الوسيم الموسر ، الذى تتمناه كل فتاة 0"
بل .. كانت أمها كثيرا ما تلمح بهذا المضمون فى أحاديثها معها.
أخيرا ..
تم إعداد عش الزوجية .. الذى لم ينتقص منه شئ .. حتى الكماليات .
هذا العش الذى لم تطأه بقدميها أبدا .. فلم يكن لها الحق فى ارتياده والطواف به .. بينما أى شخص آخر غيرها يستطيع أن يجلس على مقاعده ، ويرقد على فرشه .. يأكل من آوانيه ، ويطأ سجاده !
كانت القيود التى تكبل حريتها ، وتمنعها من زيارة بيتها المرتقب كثيرة .. كرامتها .. التقاليد .. عقد الزواج الذى لم ينفصم بينها وبين "إيهاب" 0
عقد الزواج هذا .. الذى كان قفصا ذهبيا يوما .. الآن تحول إلى فولاذ صلب .. بدأت قضبانه تضيق .. وتضيق .. حتى أصبحت كالجدران 00 تمنع عنها الضوء والهواء 0
تكاد تختنق الآن .. ها هى تشعر الآن بأنها تكاد تلفظ آخر أنفاسها .. فعليها أن تحطم تلك الجدران الفولاذية 0
ومع ذلك طال أمد النظر فى قضية الطلاق 0
طال .. حتى فاض بها الكيل .. نفد صبرها ، ولم تعد تقوى على الاحتمال 0
ذهبت إلى صديقتها "هدى" لتبثها لواعج قلبها .. علها تجد متنفسا لتواصل الحياة .. غطت وجهها براحتيها .. قالت بصوت كالنحيب :
ـ إننى أتعذب .. أتعذب يا "هدى" 0
هتفت صديقتها بجزع :
ـ هل حدث بينك ، وبين "علاء" ما يسوء ؟
كشفت عن وجهها .. وأخذت تلوح بكفيها فى عصبية وهى تصيح :
ـ إن الأمر أخطر من ذلك .. فلقد انتهينا من تأسيس شقتنا .. لكن للأسف .. ينقصها العروس !
رفعت "هدى" حاجبيها باستغراب ، وهى تصيح :
ـ لكنك لم تحصل على الطلاق بعد !
تطلعت إليها "هدى" .. وقد زاد انفعالها :
ـ حتى أنت يا "هدى" !
استدركت "هدى" فى لهجة اعتذار :
ـ لم أقصد يا "نها" .. لكنك لم تخبرينى بهذا الأمر من قبل.
هتفت "نها" بصوت مشروخ :
ـ لأن ليس لى الحق أن أعلن عن هذه الخطوة .. إننى لست حرة .. لست حرة يا "هدى" .
تلقفت أنفاسا متلاحقة .. ثم صاحت كأنها تهذى :
ـ لماذا لا يطلقنى هذا الشخص ؟! ما الهدف الذى يسعى إليه ليتزوجنى بدون إرادتى ؟! .. إنه ليس له الحق فى سلب حريتى لمجرد عقد تم ، وأنا مازلت صغيرة قاصرة .. كأنه ابتاعنى جارية له ! .
ابتلعت دموعها المتحجرة فى مآقيها .. ثم قالت بصوت أجش أنهكه الانفعال :
ـ إننى كالتى رقصت على السلالم .. لا هى بلغت القمة ، أو حتى هوت إلى القاع !
شاركتها "هدى" سورة غضبها .. وهى تستشعر دقة موقفها 00فصاحت فى لهجة ثوربة :
ـ نعم 00إنك بالتأكيد على حق 00فمازال وضع المرأة فى مجتمعنا مهينا 0
أخيرا انسابت الدموع من مآقى "نها" ، وهى تغمغم :
ـ إننى أغار من كل شخص دخل شقتى .. بل أغار من كل نسمة هواء تداعب جدرانها أو أثاثها 0
ظلت "نها" واجمة ، ساهمة فترة من الوقت .. ثم عادت تقول بصوت مخنوق :
ـ إننى لم أعد أطيق البعد عن علاء .. فأرجو أن تتوسطى لدى والدك حتى يجد حلاً سريعاً لمشكلة الطلاق .

وتفاقم أمر قضية الطلاق 0
بل تلاشت أى بارقه أمل فى الحصول على حريتها خلال تلك السنة ..
مرت الإجازة الصيفية التى كانت إجازة للقضاء أيضاً ..
التحقت "نها"بالفرقة الرابعة ..بينما كان موقفها فى القضية يزداد سوء وتعقيدا .. فقد قال لها الأستاذ "مصطفى" :
ـ لقد أمر القاضى .. بإحضار حكما من أهلك .. كما أن الخصم سوف يحضر حكما من أهله أيضا 0
زمت "نها" ما بين حاجبيها بقلق ، وهى تغمغم :
ـ لا أفهم ما تقصد 0
قال الأستاذ "مصطفى" :
ـ يجب أن تحضرى أحدا من أقاربك .. حتى يبين الضرر الذى لحق بك من أثر تلك الزيجة .
بدا عليها عدم الاقتناع , وهى تقول :
ـ ولماذا لا أقف أنا أمام القاضى .. وأبين له هذا الضرر ؟‍!
ابتسم الأستاذ "مصطفى" ، قال بحنان :
ـ إن هذا الإجراء يا بنيتى ليس وليد العصر .. فلقد قال الله فى كتابه الكريم " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما حكيما ".. صدق الله العظيم 0
كانت "نها" تعلم تماما الموقف السلبى ..الذى يبديه أكثر أقاربها تجاه موقفها من "إيهاب" ..بل أن بعضهم كان يظهر امتعاضه ، ورفضه الواضح دون مورابة 0
أصبحت أكثر حيرة !
فهى لم تجد الشخص المناسب ..الذى يقوم بدور الحكم .. الذى يمكن أن يقوى موقفها من القضية .
أخيرا .. استطاعت أن تقنع أحد أقاربها غير المباشرين ، لأداء هذا الدور .
لكن الحكم لم يقم بدوره على خير وجه .. فقد كانت إجاباته فى مواجهة الخصم ضعيفة ، غير مقنعة 0
أجلت القضية إلى أجل آخر .. و"نها" تلاطمها الأحداث .. بينما كان "علاء" يساندها بقلبه ، وجميع مشاعره ، وكل ما يملك .. دون أن يبدى قلقه ، أو يبثها مخاوفه .. مع كل ذلك ، كان حبه لها يزداد عمقا واشتعالا 0
********
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف