
سجن العطار ( قصة قصيرة )
دمعت عيونهم وأصابتهم الدهشة ، عند رؤيتهم المأساة ،أربع سيارات مصفحةتقل خمسين جنديا وخمسة ضباط من قوات الأمن ،توقفت أمام العمارة بعد منتصفليلة حزينة ،يصعد الجنود السلم مددجين بأسلحتهم ، خطواتهم تزلزل العمارةوالعمارات المجاورة فى الحى ،حركتهم الهمجية أيقظت السكان ، أقلقتمضاجعهم ، وفيهم المرضى وكبار السن والعجزة ،أرعبت الأطفال ، أخافتالنساء، اقتحموا الشقة التى تسكنها إمرأة ترعى أربعة من اليتامى .كبيرهم طالب فى السنة النهائية لإحدى الكليات الجامعية ، وهو المطلوبالقبض عليه ، والإتيان به حيا أو ميتا ، دون أن يعطوا الفرصة لمن فىالداخل أن يفتح ، كسروا باب الشقة ، دخلوا البيت عنوة دون مراعاة لحُرمةأو احترام لآدمية .بعد أكثر من ساعة، أجهزوا على كثير مما تحتويه الشقة ، تكسير ، تحطيم ،اتلاف ،مع السب والشتم والصوت الجهورى يسمعه القاصى والدانى مصحوبابأصوات صراخ متقطع لصبية صغار ، خرج الجنود منتشين مسرورين لأنهم انتصرواوبصحبتهم الشاب مكبلا بالقيود ، تهمته العظمى أنه يسير فى طريق الدعوة ،يعلم أطفال الحى قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، قصص الأبطال ،طاعة الوالدين ، حب الوطن ، العزة ، الكرامة ...........أصيب الجيران بالصدمة ، منهم من أُغمى عليهمن هول الموقف ، ومنهم من سألالله أن ينتقم من هؤلاء الجنود، ومنهم من وجه السباب والشتائم، وكثير منالنساء والصبية والشباب هتفوا ضدهم ، ذهب النوم عنهم تلك الليلة حتى أُذنللفجر ، عند سماع الآذان هُرع الناس إلى المسجد الذى اكتظ بالمصلين، وكانالقنوت ، الشاب الذى يحبه سكان الحى كان موعد امتحانه فى اليوم التالى،أرسل السكان العديد من البرقيات للمسئولين لإستعطافهم ليطلقوا سراحهليؤدى الإمتحان ، الا أن الرفض كان هو الرد عليهم ، دخل الشاب السجن ومعهالعديد من الرجال الأتقياء، هدفهم الذى يعملون من أجله هو اصلاح الأمةوازالة الغمة .فى زنزانته رافقه رجل فى الأربعينيات ، قالوا عنه أنه تاجر صدوق ، فتحالله عليه بالرزق الحلال ،فأصبح من أشهر تجار العطارة فى البلاد ، امتلكالمال الكثير ، فوضعه الله فى يده ولم يجعله فى قلبه ، اقترب العطار منالشاب ، عامله كابن له ، جعله الله سببا فى ثبات الشاب وصبره ، ونزولالسكينة على قلبه ، حدثه عن حياته ، خبراته ، تجاربه ، تجارته ....،أصبحا صديقين وكأنهما قد تعارفا منذ أمد بعيد ، خصص الرجل جزء من الوقتليُفضى للشاب بأسرار تجارة العطارة ،وعن دور عنصرى التجارة - الأمانةوالمهارة - فى الربح الوفير ، فى الدنيا ولآخرة ، وعده بأنه سيكون عوناله ، وسوف يمكنه من فتح محل للعطارة بمدينته ،يكون ملكا خاصا به ، وسيمدهبالبضاعة شريطة أن يلتزم بمبادىء التجارة بعيدا عن العشم أو الغشم .خرج العطار والشاب من السجن ، بعد أن أمضايا فيه عدة أشهر ، ومضتالأيام بحلوها ومرها، كان الشاب قد تحصل على مؤهله الدراسى بتقدير جيد،وفى أمسية جميلة وقف الشاب أمام دكانه الذى أصبح أكبر دكاكين العطارة فىالمدينة ، وقف وبجواره العطار الكبير رفيق السجن فى الماضى ، وهمايستقبلان المهنئين بمناسبة مرور ثلاث سنوات على انشاء الدكان.
كتبها : محمد شوكت الملط
[email protected]
دمعت عيونهم وأصابتهم الدهشة ، عند رؤيتهم المأساة ،أربع سيارات مصفحةتقل خمسين جنديا وخمسة ضباط من قوات الأمن ،توقفت أمام العمارة بعد منتصفليلة حزينة ،يصعد الجنود السلم مددجين بأسلحتهم ، خطواتهم تزلزل العمارةوالعمارات المجاورة فى الحى ،حركتهم الهمجية أيقظت السكان ، أقلقتمضاجعهم ، وفيهم المرضى وكبار السن والعجزة ،أرعبت الأطفال ، أخافتالنساء، اقتحموا الشقة التى تسكنها إمرأة ترعى أربعة من اليتامى .كبيرهم طالب فى السنة النهائية لإحدى الكليات الجامعية ، وهو المطلوبالقبض عليه ، والإتيان به حيا أو ميتا ، دون أن يعطوا الفرصة لمن فىالداخل أن يفتح ، كسروا باب الشقة ، دخلوا البيت عنوة دون مراعاة لحُرمةأو احترام لآدمية .بعد أكثر من ساعة، أجهزوا على كثير مما تحتويه الشقة ، تكسير ، تحطيم ،اتلاف ،مع السب والشتم والصوت الجهورى يسمعه القاصى والدانى مصحوبابأصوات صراخ متقطع لصبية صغار ، خرج الجنود منتشين مسرورين لأنهم انتصرواوبصحبتهم الشاب مكبلا بالقيود ، تهمته العظمى أنه يسير فى طريق الدعوة ،يعلم أطفال الحى قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، قصص الأبطال ،طاعة الوالدين ، حب الوطن ، العزة ، الكرامة ...........أصيب الجيران بالصدمة ، منهم من أُغمى عليهمن هول الموقف ، ومنهم من سألالله أن ينتقم من هؤلاء الجنود، ومنهم من وجه السباب والشتائم، وكثير منالنساء والصبية والشباب هتفوا ضدهم ، ذهب النوم عنهم تلك الليلة حتى أُذنللفجر ، عند سماع الآذان هُرع الناس إلى المسجد الذى اكتظ بالمصلين، وكانالقنوت ، الشاب الذى يحبه سكان الحى كان موعد امتحانه فى اليوم التالى،أرسل السكان العديد من البرقيات للمسئولين لإستعطافهم ليطلقوا سراحهليؤدى الإمتحان ، الا أن الرفض كان هو الرد عليهم ، دخل الشاب السجن ومعهالعديد من الرجال الأتقياء، هدفهم الذى يعملون من أجله هو اصلاح الأمةوازالة الغمة .فى زنزانته رافقه رجل فى الأربعينيات ، قالوا عنه أنه تاجر صدوق ، فتحالله عليه بالرزق الحلال ،فأصبح من أشهر تجار العطارة فى البلاد ، امتلكالمال الكثير ، فوضعه الله فى يده ولم يجعله فى قلبه ، اقترب العطار منالشاب ، عامله كابن له ، جعله الله سببا فى ثبات الشاب وصبره ، ونزولالسكينة على قلبه ، حدثه عن حياته ، خبراته ، تجاربه ، تجارته ....،أصبحا صديقين وكأنهما قد تعارفا منذ أمد بعيد ، خصص الرجل جزء من الوقتليُفضى للشاب بأسرار تجارة العطارة ،وعن دور عنصرى التجارة - الأمانةوالمهارة - فى الربح الوفير ، فى الدنيا ولآخرة ، وعده بأنه سيكون عوناله ، وسوف يمكنه من فتح محل للعطارة بمدينته ،يكون ملكا خاصا به ، وسيمدهبالبضاعة شريطة أن يلتزم بمبادىء التجارة بعيدا عن العشم أو الغشم .خرج العطار والشاب من السجن ، بعد أن أمضايا فيه عدة أشهر ، ومضتالأيام بحلوها ومرها، كان الشاب قد تحصل على مؤهله الدراسى بتقدير جيد،وفى أمسية جميلة وقف الشاب أمام دكانه الذى أصبح أكبر دكاكين العطارة فىالمدينة ، وقف وبجواره العطار الكبير رفيق السجن فى الماضى ، وهمايستقبلان المهنئين بمناسبة مرور ثلاث سنوات على انشاء الدكان.
كتبها : محمد شوكت الملط
[email protected]